المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌14 - عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما - الأساس في السنة وفقهها - السيرة النبوية - جـ ٤

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌عثمان بن عفان رضي الله عنه

- ‌قصة استخلافه:

- ‌ذكر زوجاته وبنيه وبناته رضي الله عنهم:

- ‌ثم دخلت سنة خمس وعشرين:

- ‌ثم دخلت سنة ست وعشرين:

- ‌ثم دخلت سنة سبع وعشرين:

- ‌غزوة الأندلس:

- ‌وقعة جرير والبربر مع المسلمين:

- ‌فتح قبرص:

- ‌ثم دخلت سنة تسع وعشرين:

- ‌ثم دخلت سنة ثلاثين من الهجرة النبوية:

- ‌ثم خلت سنة إحدى وثلاثين:

- ‌ثم دخلت سنة ثنتين وثلاثين:

- ‌ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثين:

- ‌ثم دخلت سنة أربع وثلاثين:

- ‌ثم دخلت سنة خمس وثلاثين ففيها مقتل عثمان:

- ‌ثم دخلت سنة خمس وثلاثين ففيها مقتل عثمان:

- ‌ذكر مجيء الأحزاب إلى عثمان للمرة الثانية في مصر:

- ‌ذكر حصر أمير المؤمنين عثمان بن عفان:

- ‌تعليقات

- ‌شرح مختصر لأسباب الفتنة في اجتهادي:

- ‌1 - ظهور الورع الجاهل:

- ‌2 - تآمر الحاقدين:

- ‌3 - طموح الطامحين:

- ‌4 - العفوية:

- ‌5 - عدم مراعاة الرأي العام السائد:

- ‌على بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌ثم دخلت سنة ست وثلاثين من الهجرة:

- ‌ثم دخلت سنة تسع وثلاثين:

- ‌ذكر مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب:

- ‌صفة مقتله رضي الله عنه:

- ‌تعليقات

- ‌عبد الله بن الزبير رضي الله عنه

- ‌تعليقات

- ‌الوصل الثالثفينماذج من أصحابه

- ‌تمهيد

- ‌1 - أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه

- ‌2 - طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه

- ‌3 - الزبير بن العوام رضي الله عنه

- ‌4 - عبد الرحمن ابن عوف رضي الله عنه

- ‌5 - سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

- ‌6 - سعيد بن زيد رضي الله عنه

- ‌7 - زيد بن حارثة حِبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولاه رضي الله عنه

- ‌8 - أسامة بن زيد الحِبُّ بن الحِبُّ رضي الله عنه

- ‌9 - عمار بن ياسر رضي الله عنه

- ‌10 - عبد الله بن مسعود رضي الله عنه

- ‌11 - أبو ذر الغفاري رضي الله عنه

- ‌12 - حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما

- ‌13 - سعد بن معاذ رضي الله عنه

- ‌14 - عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما

- ‌15 - بلال بن رباح رضي الله عنه

- ‌16 - أبي بن كعب رضي الله عنه

- ‌17 - أبو طلحة الأنصاري رضي الله عنه

- ‌18 - المقداد بن عمرو (المشهور بابن الأسود) رضي الله عنه

- ‌19 - أبو قتادة الأنصاري السلمي رضي الله عنه

- ‌20 - سلمان الفارسي رضي الله عنه

- ‌21 - عبد الله بن قيس (المشهور بأبي موسى الأشعري) رضي الله عنه

- ‌22 - عبد الله بن سلام رضي الله عنه

- ‌23 - جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه

- ‌24 - 25 - جابر بن عبد الله وأبوه عبد الله بن عمرو بن حرام

- ‌26 - البراء بن مالك رضي الله عنه

- ‌27 - أنس بن مالك رضي الله عنه

- ‌28 - ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه خطيب رسول الله صلى الله عليه وسلموخطيب الأنصار

- ‌29 - أبو هريرة رضي الله عنه

- ‌30 - حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه

- ‌31 - جليبيب رضي الله عنه

- ‌32 - حارثة بن سراقة رضي الله عنه

- ‌33 - قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنهما

- ‌34 - خالد بن الوليد رضي الله عنه

- ‌35 - عمرو بن العاص رضي الله عنه

- ‌36 - أبو سفيان بن حرب رضي الله عنه

- ‌37 - معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما

- ‌38 - عباد بن بشر رضي الله عنه

- ‌39 - ضماد رضي الله عنه

- ‌40 - عدي بن حاتم رضي الله عنه

- ‌41 - ثمامة بن أثال رضي الله عنه

- ‌42 - عمرو بن عبسة السلمي رضي الله عنه

- ‌43 - خباب بن الأرتِّ رضي الله عنه

- ‌44 - سالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنهما

- ‌45 - عامر بن ربيعة رضي الله عنه

- ‌46 - عبد الله بن جحش رضي الله عنه

- ‌47 - صهيب بن سنان رضي الله عنه

- ‌48 - عثمان بن مظعون رضي الله عنه

- ‌49 - معاذ بن جبل رضي الله عنه

- ‌50 - عمرو بن الجموح رضي الله عنه

- ‌51 - حارثة بن النعمان رضي الله عنه

- ‌52 - عبد الله بن رواحة رضي الله عنه

- ‌53 - عبد الله بن عبد الله بن أبي رضي الله عنه

- ‌54 - قتادة بن النعمان رضي الله عنه

- ‌55 - عبادة بن الصامت رضي الله عنه

- ‌56 - خزيمة بن ثابت رضي الله عنه

- ‌57 - خالد بن زيد المشهور بأبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه

- ‌58 - زيد بن ثابت رضي الله عنه

- ‌59 - سلمة بن الأكوع رضي الله عنه

- ‌60 - أبو الدرداء رضي الله عنه

- ‌61 - عبد الله بن الأرقم رضي الله عنه

- ‌62 - عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه

- ‌63 - أبو زيد عمر بن أخطب رضي الله عنه

- ‌64 - أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه

- ‌65 - عبد الله بن بسر رضي الله عنه

- ‌66 - السائب بن يزيد رضي الله عنه

- ‌67 - ورقة بن نوفل رضي الله عنه

- ‌68 - حكيم بن حزام رضي الله عنه

- ‌69 - قيس بن عاصم المنقري رضي الله عنه

- ‌70 - عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه

- ‌71 - عبد الله بن حذافة السهمي

- ‌72 - عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه

- ‌73 - محمد بن مسلمة رضي الله عنه

- ‌74 - حسان بن ثابت

- ‌75 - حجر بن عدي رضي الله عنه

- ‌76 - عمران بن حصين رضي الله عنه

- ‌77 - سهيل بن عمرو رضي الله عنه

- ‌78 - أبو سعيدٍ الخدري رضي الله عنه

- ‌79 - المغيرة بن شعبة رضي الله عنه

- ‌80 - النجاشي رضي الله عنه

- ‌81 - أسيد بن حضير رضي الله عنه

- ‌82 - عبد الله بن أم مكتوم رضي الله عنه

- ‌83 - أسعد بن زرارة رضي الله عنه

- ‌84 - أبو دجانة سماك بن خرشة الخزرجي رضي الله عنه

- ‌85 - أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما

- ‌86 - أم حرامٍ رضي الله عنها

- ‌87 - أمُّ سُلَيْمٍ رضي الله عنها

- ‌88 - هند بنت عتبة رضي الله عنها

- ‌89 - نسيبةُ بنتُ كعب رضي الله عنها

- ‌90 - أم أيمن بركة بنت ثعلبة رضي الله عنها

- ‌91 - أم عطية الأنصارية رضي الله عنها

- ‌92 - أم سَلِيط رضي الله عنها

- ‌93 - بريرة مولاة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها

- ‌94 - الربيع بنت معوذ رضي الله عنها

- ‌95 - أسماء بنت عُميْس رضي الله عنها

- ‌تعليقات على هذا الباب

- ‌خاتمة القسم الأول

الفصل: ‌14 - عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما

‌14 - عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما

قال ابن كثير في ترجمته:

عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي. أبو عبد الرحمن المكي ثم المدني، أسلم قديماً مع أبيه ولم يبلغ الحلم وهاجرا وعمره عشر سنين، وقد استصغر يوم أحد، فلما كان يوم الخندق أجازه وهو ابن خمس عشرة سنة فشهدها وما بعدها، وهو شقيق حفصة بنت عمر أم المؤمنين، أمهما زينب بنت مظعون أخت عثمان بن مظعون، وكان عبد الله بن عمر ربعة من الرجال آدم له جمة تضرب إلى منكبيه جسيما يخضب بالصفرة ويحفى شاربه، وكان يتوضأ لكل صلاة ويدخل الماء في أصول عينيه، وقد أراده عثمان على القضاء فأبى ذلك، وكذلك أبوه، وشهد اليرموك والقادسية وجلولاء وما بينهما من وقائع الفرس، وشهد فتح مصر، واختلط بها داراً، وقدم البصرة وشهد غزو فارس وورد المدائن مرارا وكان عمره يوم مات النبي صلى الله عليه وسلم ثنتين وعشرين سنة، وكان إذا أعجبه شيء من ماله يقرب إلى الله عز وجل وكان في مدة الفتنة لا يأتي أمير إلا صلى خلفه، وأدى إليه زكاة ماله، وكان أعلم الناس بمناسك الحج، وكان يتتبع آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم، يصلي فيها، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم نزل تحت الشجرة وكان ابن عمر يتعاهدها ويصب في أصلها الماء، وكان إذا فاتته العشاء في جماعة أحيا تلك الليلة، وكان يقوم أكثر الليل، وقيل إنه مات وهو في الفضل مثل أبيه، وكان يوم مات خير من بقي، ومكث سنة يفتي الناس من سائر البلاد. اهـ.

وقال ابن حجر: وقال الزبير بن بكار: وكان ابن عمر يتحفظ ما سمع من رسول الله ويسأل من حضر عن قوله وفعله وكان يتبع آثاره في كل مسجد.

وقد ذكر الذهبي بعض من أخذ عنهم العلم غير رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد منهم خمسة عشر، وذكر مئتين وسبعة وعشرين ممن أخذوا عنه العلم ورووا عنه، وقال: ولابن عمر في مسند بقي ألفان وست مائة وثلاثون حديثاً بالمكرر، واتفقا له على مئة وثمانين وستين حديثاً، وانفرد له البخاري بأحد وثمانين حديثاً، ومسلم بأحد وثلاثين، وتكلم الذهبي عن يوم التحكيم بين علي ومعاوية فقال: كاد أن تنعقد البيعة له [لابن عمر] يومئذ مع وجود

ص: 1821

الإمام علي وسعد بن أبي وقاص ولو بويع لما اختلف عليه اثنان ولكن الله حماه وخار له، والظاهر أنه توفي في آخر سنة ثلاث وسبعين. وقال مالك: بلغ ابن عمر سبعاً وثمانين سنة، ورجح الذهبي أنه عمر خمساً وثمانين سنة ودفن في فخ من مكة (وفخ: حي الزاهر) في مقبرة المهاجرين. اهـ.

قال الذهبي:

وأولاده من صفية بنت أبي عبيد بن مسعود الثقفي: أبو بكر، وواقد، وعبد الله، وأبو عبيدة، وعمر، وحفصة، وسودة.

ومن أم علقمة المحاربية: عبد الرحمن وبه يكنى.

ومن سُريةٍ له: سالم، وعبيد الله، وحمزة.

ومن سُريةٍ أخرى: زيد، وعائشة.

ومن أخرى: أبو سلمة، وقلابة.

ومن أخرى: بلال، فالجملة ستة عشر. اهـ.

قال الحافظ في الإصابة:

وأخرج أبو سعيد بن الأعرابي بسند صحيح وهو في الغيلانيات والحامليات عن سالم بن أبي الجعد عن جابر: ما منا من أحد أدرك الدنيا إلا مالت به ومال غير عبد الله بن عمر. وفي تاريخ أبي العباس السراج بسند حسن عن السدي: رأيت نفراً من الصحابة كانوا يرون أنه ليس أحد فيهم على الحالة التي فارق عليها النبي صلى الله عليه وسلم إلا ابن عمر. وفي الشعب للبيهقي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: مات ابن عمر وهو مثل عمر في الفضل. ومن وجه آخر عن أبي سلمة: كان عمر في زمان له فيه نظراء، وكان ابن عمر في زمان ليس له فيه نظير. وفي معجم البغوي بسند حسن عن سعيد بن المسيب: لو شهدت لأحد من أهل الجنة لشهدت لابن عمر. ومن وجه صحيح: كان ابن عمر حين مات خير من بقي. اهـ.

ص: 1822

قال الذهبي: قال ابن حزم في كتاب (الإحكام) في الباب الثامن والعشرين: المكثرون في الفتيا من الصحابة؛ عمر وابنه عبد الله، علي، عائشة، ابن مسعود، ابن عباس، زيد بن ثابت، فهم سبعة فقط يمكن أن يجمع من فتيا كل واحد منهم سفر ضخم. وقد جمع أبو بكر محمد بن موسى بن يعقوب بن أمير المؤمنين المأمون فتيا ابن عباس في عشرين كتاباً. وأبو بكر هذا أحد أئمة الإسلام.

1934 -

* روى ابن سعد عن سليمان بن بلال: عن زيد بن أسلم: أن بن عمر كان يصفر حتى يملأ ثيابه منها، فقيل له: تصبغ بالصفرة؟ فقال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ بها.

1935 -

* روى ابن سعد عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو تركنا هذا الباب للنساء» . قال نافع: فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات.

وذكر الذهبي في السير (1) عن نافع: أن ابن عمر كان إذا فاتته العشاء في جماعة، أحيا بقية ليلته.

وذكر أيضاً (2) أن ابن عمر كان له مهراس فيه ماء، فيصلي فيه ما قدر له، ثم يصير إلى الفراش، فيغفي إغفاءة الطائر، ثم يقوم، فيتوضأ ويصلي، يفعل ذلك في الليل أربع مرات أو خمساً.

وذكر أيضاً (2) عن عطاء مولى ابن سباع، قال: أقرضت ابن عمر ألفي درهم، فوفانيها بزائد مئتي درهم.

1934 - الطبقات الكبرى (4/ 179) وسنده صحيح.

1935 -

انظر: سير أعلام النبلاء. للذهبي (3/ 213).

وقال محققه: رجاله ثقات.

الباب: يعني أحد أبواب المسجد النبوي.

(1)

السير (3/ 213). وقال محققه. رجاله ثقات.

السير (3/ 235). وقال محققه: رجال ثقات.

المهراس: حجر منقور ويتوضأ منه.

(2)

السير (3/ 215) وقال محققه رجاله ثقات.

ص: 1823

قال محقق السير: وإنما تحل له الزيادة فيما إذا لم يكن ذلك على شرط منهما أو عادة، أما إذا شرط في القرض أن يرد أكثر أو أفضل، فهو حرام لا خير فيه وفعل ابن عمر هذا له سند من السنة، ففي الموطأ ومسلم من طريق زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استلف من رجل بكراً فقدمت عليه إبل من إبل الصدقة، فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكرة، فرجع إليه أبو رافع، فقال: لم أجد فيها إلا خياراً رباعياً، فقال:«أعطه إياه إن خيار الناس أحسنهم قضاء» . وأخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة.

وذكر أيضا (1)، عن عاصم، أن مروان قال لابن عمر - يعني بعد موت يزيد-: هلم يدك نبايعك، فإنك سيد العرب وابن سيدها. قال: كيف أصنع بأهل المشرق؟ قال: نضربهم حتى يبايعوا. قال: والله ما أحب أنها دانت لي سبعين سنة، وأنه قتل في سيفي رجل واحد.

قال: يقول مروان:

إني أرى فتنة تغلي مراجلها

والملك بعد أبي ليلى لمن غلبا

وذكر أيضاً (2) عن بن محمد بن زيد، عن أبيه: أن ابن عمر كاتب غلاماً له بأربعين ألفاً، فخرج إلى الكوفة، فكان يعمل على حمر له، حتى أدى خمسة عشر ألفاً، فجاءه إنسان، فقال: أمجنون أنت؟ أنت ها هنا تعذب نفسك. وابن عمر يشتري الرقيق يميناً وشمالاً، ثم يعتقهم؛ ارجع إليه، فقل: عجزت. فجاء إليه بصحيفة، فقال: يا أبا عبد الرحمن! قد عجزت، وهذه صحيفتي، فامحها. فقال: لا، ولكن امحها أنت إن شئت. فمحاها، ففاضت عينا عبد الله، وقال: اذهب فأنت حر. قال: أصلحك الله، أحسن إلى ابني. قال: هما حران. قال: أصلحك الله، أحسن إلى أمي ولدي. قال: هما حرتان.

(1) السير (3/ 316). وقال: محققه إسناده حسن. وأخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (4/ 169).

(2)

السير (3/ 217) وقال محققه رجاله ثقات.

المكاتبة: أن يكتب السيد لمولاه وثيقة يتعهد له فيها بالعتق إذا أعطاه يسميه من المال، فإذا جمعه العبد، ودفعه لسيده، أصبح حرا.

ص: 1824

وذكر أيضا (1) عن عاصم بن محمد العمري: عن أبيه، قال: أعطى عبد الله بن جعفر ابن عمر بنافع عشرة آلاف، فدخل على صفية امرأته، فحدثها، قالت: فما تنتظر؟ قال: فهلا ما هو خير من ذلك، هو حر لوجه الله: فكان يخيل إلي أنه كان ينوي قول الله {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} (2).

وقال ابن شهاب: أراد ابن عمر أن يلعن خادماً، فقال: الهمم الع، فلم يقها، وقال: ما أحب أن أقول هذه الكلمة.

وعن سالم، قال: ما لعن ابن عمر خادماً له قط إلا واحداً، فأعتقه (3).

وذكر الذهبي في السير (4) عن عمر بن محمد العمري، عن نافع قال: ما مات ابن عمر حتى أعتق ألف إنسان، أو زاد.

وذكر أيضاً (5): عن نافع، قال: بعث معاوية إلى ابن عمر بمئة ألف، فما حال عليه الحول وعنده منها شيء.

وذكر أيضا (6) عن حمزة بن عبد الله، قال: لو أن طعاماً كثيراً عند أبي ما شبع منه بعد أن يجد له آكلاً، فعاده ابن مطيع، فرآه قد نحل جسمه، فكلمه، فقال: إنه ليأتي علي ثمان سنين، ما أشبع فيها شبعة واحدة - أو قال؟: إلا شبعة - فالآن تريد أن أشبع حتى لم يبق من عمري إلا ظم حمار.

1936 -

* روى الطبراني عن مطعم بن المقدام قال: كتب الحجاج إلى ابن عمر: بلغني أنك طلبت الخلافة وأنها لا تصلح لعي ولا بخيل ولا غيور. فكتب إليه: أما ما ذكرت من

(1) السير (3/ 217). وقال محققه: إسناده صحيح.

(2)

آل عمران: 93.

(3)

رواه عبد الرزاق في مصنفه (10/ 413) وإسناده صحيح.

(4)

السير (3/ 218). وقال محققه: إسناده صحيح.

(5)

السير (3/ 219). قال محققه: إسناده صحيح.

(6)

السير (3/ 218). وعبد الرازق في مصنفه (11/ 312). وقال محقق السير: إسناده صحيح.

ظمء حمار: أي شيء يسير وخص الحمار لأنه أقل الدواب صبراً على الماء.

1936 -

المعجم الكبير (12/ 262).=

ص: 1825

الخلافة فما طلبتها، وما هي من بالي، وأما ما ذكرت من العي، فمن جمع كتاب الله، فليس بعيي. ومن أدى زكاته، فليس ببخيل. ومن أدى زكاته، فليس ببخيل. وإن أحق ما غرت فيه ولدي أن يشركني فيه غيري.

وذكر الذهبي في السير (1) عن نافع: أن المختار بن أبي عبيد كان يرسل إلى ابن عمر بالمال، فيقبله، ويقول: لا أسأل أحداً شيئاً، ولا أرد ما رزقني الله.

وذكر أيضاً (2) عن الثوري: عن أبي الوازع: قلت لابن عمر: لا يزال الناس بخير ما أبقاك الله لهم. فغضب، وقال: إني لأحسبك عراقياً، وما يدريك ما يغلق عليه ابن أمك بابه.

1937 -

(3) وروى ابن سعد عن نافع، أن ابن عمر كان يقبض على لحيته، ويأخذ ما جاوز القبضة.

1938 -

* روى البخاري عن نافع قال: وكان ابن عمر إذا اعتمر، قبض على لحيته، فما فضل أخذه.

وذكر الذهبي في السبر: (3) عن ابن سيرين أن رجلاً قال لابن عمر: أعمل لك جوارش؟ قال: وما هو؟ قال: شيء إذا كظك الطعام، فأصبت منه، سهل. فقال: ما شبعت منذ أربعة أشهر، وما ذاك أن لا أكون له واجداً، ولكني عهدت قوماً يشبعون مرة، ويجوعون مرة.

= قال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 347): رواه الطبراني ورجاله ثقات إلا أنه مرسل، فإن المطعم لم يسمع من ابن عمر.

(1)

السير (3/ 220) وقاله محققه: إسناده صحيح.

ورواه ابن سعد في الطبقات الكبرى (4/ 150).

(2)

السير (3/ 220). وقال محققه: إسناده حسن.

ورواه ابن سعد في الطبقات الكبرى (4/ 161).

1937 -

الطبقات الكبرى (4/ 178).

1938 -

البخاري (10/ 349) 77 - كتاب اللباس - 64 - باب تقليم الأظفار.

(3)

السير (3/ 222). وقال محققه: أخرجه أبو نعيم (1/ 300) ورجاله ثقات.

جوارش: نوع من الأدوية المركبة يقوي المعدة ويهضم الطعام وليست اللفظة عربية.

إذا كظك الطعام: إذا امتلأت منه وأثقلك.

ص: 1826

وذكر أيضاً: (1) عن ابن عمر: قال بعث إلي علي، يا أبا عبد الرحمن! إنك رجل مطاع في أهل الشام، فسر فقد أمرتك عليهم. فقلت: أذكرك الله، وقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبتي إياه، إلا ما أعفيتني. فأبى علي، فاستعنت عليه بحفصة، فأبى، فخرجت ليلاً إلى مكة، فقيل له: إنك قد خرج إلى الشام. فبعث في أثري، فجعل الرجل يأتي المربد، فيخضم بعيره بعمامته ليدركني. قال: فأرسلت حفصة: إنه لم يخرج إلى الشام، إنما خرج إلى مكة. فسكن.

وذكر أيضا: (2) عن ابن عمر قال دومة جندل: جاء معاوية على بختي عظيم. طويل، فقال: ومن الذي يطمع في هذا الأمر ويمد إليه عنقه؟ فما حدثت نفسي بالدنيا إلا يومئذ، هممت أن أقول: يطمع فيه من طربك وأباك عليه، ثم ذكرت الجنة ونعيمها، فأعرضت عنه.

وذكر أيضاً: (3)، عن نافع؛ أن معاوية بعث إلى ابن عمر بمئة ألف، فلما أراد أن يبايع ليزيد، قال: أرى ذاك أراد، إن ديني عندي إذا لرخيص.

وذكر أيضاً: (4) قال: حلف معاوية على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتلن ابن عمر، يعني وكان ابن عمر بمكة. فجاء إليه [أي إلى ابن عمر] عبد الله بن صفوان، فدخلا بيتاً، وكنت على الباب، فجعل ابن صفوان يقول: أفتتركه حتى يقتلك؟! والله لو لم يكن إلا أن وأهل بيتي، لقاتلته دونك فقال: ألا أصير في حرم الله؟ وسمعت نحيبه مرتين، فلما دنا معاوية تلقاه ابن صفوان، فقال: إيها جئت لتقتل ابن عمر. قال: والله لا أقتله.

1939 -

* روى ابن سعد عن ميمون بن مهران قال: دس معاوية عمراً وهو يريد أن

(1) السير (3/ 224). وقال محققه: رجاله ثقات.

(2)

السير (3/ 334). وقال محققه: رجاله ثقات.

(3)

السير (3/ 225). وقال محققه: إسناده صحيح.

(4)

السير (3/ 335). وقال محققه: إسناده صحيح.

إيها: اسم فعل لأمر بمعنى اسكت وكف.

1939 -

الطبقات الكبرى (4/ 164) وسنده صحيح.

ص: 1827

يعلم ما في نفس ابن عمر، فقال: يا أبا عبد الرحمن! ما يمنعك أن تخرج تبايعك الناس، أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن أمير المؤمنين، وأنت أحق الناس بهذا الأمر. فقال: قد اجتمع الناس كلهم على ما تقول؟ قال: نعم، إلا نفر يسير. قال: لو لم يبق إلا ثلاثة أعلاج يهجر لم يكن لي فيها حاجة. قال: فعلم أنه لا يريد القتال. فقال: هل لك أن تبايع من قد كاد الناس أن يجتمعوا عليه ويكتب لك من الأرضين والأموال؟ فقال: أف لك! اخرج من عندي، إن ديني ليس بديناركم ولا درهمكم، وإني أرجو أن أخرج من الدنيا ويدي بيضاء نقية.

1940 -

* روى ابن سعد عن نافع، قال: كان ابن عمر يسلم على الخشبية والخوارج وهم يقتتلون وقال: من قال (حي على الصلاة) أجبته، ومن قال (حي على قتل أخيك المسلم وأخذ ماله) فلا.

1941 -

* روى ابن سعد عن نافع، قال: أصابت ابن عمر عارضة محمل بين أصبعيه عند الجمعة، فمرض فدخل عليه الحجاج، فلما رآه ابن عمر، غمض عينيه، فكلمه الحجاج، فلم يكلمه، فغضب، وقال: إن هذا يقول إني على الضرب الأول.

وذكر الذهبي في السير: (1) عن ابن عمر، أنه قام إلى الحجاج، وهو يخطب فقال: يا عدو الله! أستحل حرم الله، وخرب بيت الله. فقال: يا شيخنا قد خرف. فلما صدر الناس، أمر الحجاج بعد مسودته، فأخذ حربة مسمومة، وضرب بها رجل ابن عمر، فمرض، ومات منها ودخل عليه الحجاج عائداً، فسلم فلم يرد عليه، وكلمه، فلم يجبه.

1942 -

* روى البخاري عن سعيد بن عمرو، قال: دخل الحجاج على ابن عمر وأنا عنده، فقال: كيف هو؟ فقال: صالح. قال: من أصابك؟ قال: أصابني من أمر بحمل السلاح في يوم لا تحل فيه حمله. يعني الحجاج.

1940 - الطبقات الكبرى (4/ 196) وإسناده حسن.

الخشبية: هم أصحاب المختار بن أبي عبيد.

1941 -

الطبقات الكبرى (4/ 186) وإسناده صحيح.

(1)

السير (3/ 230)

1942 -

البخاري (2/ 55) 13 - كتاب العيدين - 9 - باب ما يكره من حمل السلاح في العيد والحرم.

ص: 1828

1943 -

* روى ابن سعد عن سعيد بن جبير، قال: لما احتضر ابن عمر، قال: ما آسي على شيء من الدنيا إلا على ثلاث؛ طمأ الهواجر، ومكابدة الليل، وأني لم أقاتل الفئة الباغية التي نزلت بنا. يعني الحجاج.

وذكر الذهبي (1) في السير: عن نافع أو غيره، أن رجلاً قال لابن عمر: يا خير الناس، أو ابن خير الناس. فقال: ما أنا بخير الناس، ولكني عبد من عباد الله، أرجو الله، وأخافه، والله لن تزالوا بالرجل حتى تهلكوه.

1944 -

* روى ابن سعد عن عروة قال: خطبت إلى ابن عمر ابنته، ونحن في الطواف، فسكت ولم يجبني بكلمة، فقلت: لو رضي، لأجابني، والله لا أراجعه بكلمة. فقدر له أنه صدر إلى المدينة قبلي، ثم قدمت، فدخلت مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، فسلمت عليه، وأديت إليه حقه، فرحب بي، وقال: متى قدمت؟ قلت: الآن. فقال: كنت ذكرت لي سودة ونحن في الطواف، نتخايل الله بين أعيننا، وكنت قادرا أن تلقاني في غير ذلك المواطن. فقلت: كان أمراً قدر. قال: فما رأيك اليوم؟ قلت: أحرص ما كنت عليه قط. فدعا ابنتيه سالماً وعبد الله. وزوجني.

1945 -

* روى ابن سعد عن ابن عمر، قال: إنما مثلنا في هذه الفتنة كمثل قوم يسيرون على جادة يعرفونها، فبينا هم كذلك، إذ غشيتهم سحابة وظلمة، فأخذ بعضهم يميناً وشمالاً، فأخطأ الطريق، وأقمنا حيث أدركنا ذلك، حتى جلا الله عنها، فأبصرنا طريقنا الأول. فعرفناه، فأخذنا فيه. إنما هؤلاء فتيان قريش يقتلون على هذا السلطان وعلى هذه الدنيا، ما أبالي أن لا يكون لي ما يقتل عليه بعضهم بعضاً بنعلي هاتين الجرداوين.

1946 -

* روى ابن سعد عن أبي جعفر القارئ: خرجت مع ابن عمر من مكة، وكان

1943 - الطبقات الكبرى (4/ 185). وذكره الذهبي في السير (3/ 232) وقال: محققه إسناده صحيح.

(1)

السير (3/ 236). وقال محققه: سنده صحيح.

1944 -

الطبقات الكبرى (4/ 171). وذكره الذهبي في السير (3/ 237). وقال محققه: رجاله ثقات.

1945 -

الطبقات الكبرى (4/ 171). وذكره الذهبي في السير (3/ 237). وقال محققه: إسناده صحيح.

1946 -

الطبقات الكبرى (4/ 148). وذكره الذهبي في السير (3/ 239). وقال محققه: إسناده حسن.=

ص: 1829

له جفنة من ثريد يجتمع عليها بنوه، وأصحابه، وكل من جاء حتى يأكل بعضهم قائماً، ومعه بعير له، عليه مزادتان، فيهما نبيذ وماء، فكان لكل رجل قدح من سويق بذلك النبيذ.

1947 -

* روى ابن سعد عن عبد الله بن دينار قال: لما اجتمعوا على عبد الملك كتب إليه ابن عمر: أما بعد: فإني قد بايعت لعبد الله عبد الملك أمير المؤمنين بالسمع والطاعة على سنة الله وسنة رسوله فيما استطعت وإن نبي قد أقروا بذلك.

1948 -

* روى البزار عن ابن عمر أنه كان يأتي شجرة بين مكة والمدينة فيقيل تحتها ويخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك.

1949 -

* روى الطبراني عن ابن عمر قال: لم أجدني آسى على شيء إلا إني لم أقاتل الفئة الباغية مع علي.

1950 -

* روى الطبراني عن نافع قال: إن كان ابن عمر ليقسم في المجلس ثلاثين ألفاً ثم يأتي عليه شهر ما يأكل فيه مزعة لحم. قال برد: قلت لنافع هل كان يأكل اللحم؟ قال: كان إذا صام أو سافر فإنه أكثر طعامه.

1951 -

* روى الطبراني عن زيد بن أسلم قال: مر ابن عمر براعي غنم فقال: يا راعى الغنم هل من جزرة؟ قال: ما ههنا ربها. قال: تقول أكلها الذئب؟ فرفع الراعي رأسه

= النبيذ: يعمل في الأشربة من التمر والزبيب ولا يسكر.

1947 -

الطبقات الكبرى (4/ 183). وذكره الذهبي في السير (3/ 231). وقال محققه إسناده قوي.

1948 -

رواه البزار ورجاله موثقون.

1949 -

رواه الطبراني بأسانيد وأحدها رجاله رجال صحيح.

1950 -

المعجم الكبير (12، 260، 261).

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 347): رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير برد من سنان وهو ثقة. مزعة لحم: قطعة لحم؟

1951 -

المعجم الكبير (12/ 263).

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 347): رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن الحارث الحاطبي وهو ثقة.

جزرة: جمل للذبح.

ص: 1830

إلى السماء ثم قال: فأين الله؟ فقال ابن عمر: فأنا والله أحق أن أقول فأين الله. فاشترى ابن عمر واشترى الغنم فأعتقه وأعطاه الغنم.

أقول: كان فعل ابن عمر امتحانًا للراعي.

1952 -

* روى الطبراني عن مكحول قال: بينا أنا مع ابن عمر وهو يمشي إذ مر به رجل أسود معه رمح فوضع زج الرمح بين السبابة والإبهام من قدم ابن عمر، فحمل الشيخ فأدخل، فورمت ساقه، فأتاه الحجاج يعوده فقال: يا أبا عبد الرحمن من أصابك بهذا حتى آخذ لك منه؟ قال: الله ليأخذن منه؟ الله ليأخذن منه؟ قال: ما بال حرم الله وأمنه يحمل فيه السلاح؟ قال: فمات فيه.

أقول: في الحديث إشارة إلى أن القاتل الحقيقي هو الحجاج الذي سمح بإدخال السلاح إلى حرم الله.

قال الحافظ ابن حجر في الإصابة: في الزهد للبيهقي بسند صحيح عن عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر: سعت أبي يقول: ما ذكر ابن عمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا بكى، ولا مر على ربعهم إلا غمض عينيه. وأخرجه الدارمي من هذا الوجه في تاريخ أبي العباس بسند جيد عن نافع: كان ابن عمر إذا قرأ هذه الآية: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} يبكي حتى يفنيه البكاء. وعند ابن سعد بسند صحيح، قيل لنافع: ما كان ابن عمر يصنع في منزله؟ قال: الوضوء لكل صلاة والمصحف فيما بينهما. وعند الطبراني وهو في الحليلة بسند جيد عن نافع؛ أن ابن عمر كان يحيى الليل صلاة ثم يقول: يا نافع أسحرنا. فيقول: لا. فيعاود فإذا قال: نعم. قعد يستغفر الله حتى يصبح اهـ.

والمقصود بربعهم: دار الرسول صلى الله عليه وسلم.

1952 - المعجم الكبير (12/ 259). وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 247): رواه الطبراني بإسنادين ورجال هذا ثقات.

الزج: حربة الرمح.

ص: 1831

1953 -

* روى ابن سعد عن نافع أن ابن عمر كان لا يصوم في السفر ولا يكاد يفطر في الحضر.

1954 -

* روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: كان الرجل في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى رؤيا قصها على النبي صلى الله عليه وسلم، فتمنيت أن أرى رؤيا أقصها على النبي صلى الله عليه وسلم، وكنت غلامًا شابًا عزبًا، أنام في المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيت في المنام كأن ملكين أخذاني فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطي البئر، وإذا لها قرنان كقرني البئر، وإذا فيها ناس قد عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، فلقيهما ملك آخر، فقال لي: لم ترع. فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"نعم الرجل عبد الله، لو كان يصلي من الليل". قال سالم: فكان عبد الله لا ينام من الليل إلا قليلاً.

وللبخاري (3) أيضًا، أن ابن عمر قال: رأيت في النوم: كأن في كفي سرقة من حرير، لا أهوى بها إلى مكانٍ في الجنة إلا طارت بي إليه، فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"إن أخاك رجل صالح". أو قال: "إن عبد الله رجل صالح".

وفي أخرى (4) له قال: إن رجالاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يرون الرؤيا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقصونها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقول فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله وأنا غلام حديث السن، بيتي المسجد قبل أن أنكح، فقلت في نفسي: لو كان فيك

1953 - الطبقات الكبرى (4/ 148) وسنده جيد.

1954 -

البخاري (3/ 6) 19 - كتاب التهجد -2 - باب فضل قيام الليل.

مسلم (4/ 1927) 44 - كتاب فضائل الصحابة -31 - باب فضائل عبد الله بن عمر.

(1)

البخاري (12/ 403) 11 - كتاب التعمير -25 - باب الاستبراق ودخول الجنة في المنام.

سرقة: السرقة بفتحتين: الحرير، وجمعها: سرق.

أفرى: بيده إلى الشيء: مدها إليه ليأخذه.

(2)

البخاري (13/ 418) 91 - كتاب التعبير -35 - باب الأمن وذهاب الروع في المنام.=

ص: 1832

خير، لرأيت ما يرى هؤلاء، فلما اضطجعت ليلة قلت: اللهم إن كنت تعلم في خيرًا، فأرني رؤيا. فبينا أنا كذلك إذ جاءني ملكان، في يد كل واحدٍ منهما مقمعة حديد، فحملاني إلى جهنم، وأنا بينهما أدعو الله: اللهم إني أعوذ بك من جهنم، ثم أراني لقيني ملك في يده مقمعة من حديدٍ، فقال: لم ترع، نعم الرجل أنت، لو تكثر الصلاة. فانطلقوا بي، حتى وقفوا بي على شفير جهنم، فإذا هي مطوية كطي البئر، ولها قرون كقرون البئر بين كل قرنين ملك بيده مقمعة من حديد، وأرى فيها رجالاً معلقين بالسلاسل، رؤوسهم أسفلهم، عرفت فيها رجالاً من قريش، فانصرفوا بي عن ذات اليمين، فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن عبد الله رجل صالح". قال نافع: فلم يزل بعد ذلك يكثر الصلاة.

وفي رواية لمسلم (1): رأيت في المنام كأن في يدي قطعة استبرق، وليس مكان من الجنة أريد إلا طارت بي إليه، فقصصته على حفصة، فقصته على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أرى عبد الله رجلاً صالحًا".

(لو كان يصلي من الليل) هي هنا للتمني، لا للشرط، ولذلك لم يذكر الجواب.

قال المهلب: إنما فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الرؤيا في قيام الليل من أجل قول الملك. "لم ترع". أي لم تعرض عليك النار، لأنك مستحقها، وإنما ذكرت بها، ثم نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحواله، فلم ير شيئًا يغفل عنه من الفرائض فيدني من النار، وعلم مبيته في المسجد، فعبر ذلك بأن تنبيه له على قيام الليل فيه.

1955 -

* روى الحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: لما فرض عمر لأسامة بن زيد ثلاثة آلاف وفرض لي ألفين وخمس مائة، فقلت له: يا أبت لم تفرض لأسامة بن زيد ثلاثة

=لم ترع: أي لم تفزع.

مقمعة: واحدة المقامع، وهي سياط تعمل من حديد رؤوسها معوجة.

شفير جهنم: شفير الوادي: جانبه وحرفة.

(1)

مسلم (4/ 1927) 44 - كتاب فضائل الصحابة -31 - باب من فضائل عبد الله بن عمر.

استبرق: الاستبرق: ما غلظ من الديباج.

1955 -

المستدرك (2/ 559). وصححه ووافقه الذهبي.

ص: 1833

آلاف وتفرض لي ألفين وخمس مائة؟ والله ما شهد أسامة مشهدًا غبت عنه، ولا شهد أبوه مشهدًا غاب عنه أبي. قال: صدقت يا بني، ولكني أشهد: لأبوه كان أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أبيك، ولهو أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منك. قال الحاكم: فإن توهم متوهم أن هذه الفضيلة لأسامة فليعلم أني إنما خرجت هذا الحديث لأمرين: أحدهما شهادة عمر لابنه أنه لم يشهد أسامة مشهدًا إلا شهدته، وهذه من أجل فضائل ابن عمر، والثاني أن الشيخين رضي الله عنهما قد خرجا أكثر ما روي من فضائل ابن عمر على شرطهما من المسانيد فأنا أجتهد في تحصيل خبر مسند صحيح لم يخرجاه.

ص: 1834