الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أرباب الحواشي لعمرو بن معدي كرب، ونسبه العيني والسيوطي إلى حميد بن ثور، والصاغاني، رحمه الله تعالى، قد التزم في "العباب" بذكر قائل الأبيات، وتكميل ما اختصره الجوهري، فرجعت إلى "العباب" فوجدته قد أورد البيت كاملًا، ولم يذكر اسم قائله، فرجعت إلى "تهذيب اللغة" للأزهري، فوجدته "كالعباب" وأنشد ابن فارس عجزه في "مجمل اللغة" ثم فتشت الحماسات، فلم أجده فيها، ثم رجعت إلى ديوان عمرو بن معدي كرب، وديوان حميد بن ثور، فلم أجده فيهما.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثالث والتسعون:
(93)
ماذا ترى في عيال قد برمت بهم
…
لم أحص عدَّتهم إلَاّ بعدَّاد
كانوا ثمانين أو زادوا ثمانية
…
لولا رجاؤك قد قتَّلت أولادي
على أن "أو" فيه بمعنى "بل" للإضراب الانتقالي، وقيل: للشك، كأن كثرتهم أوجبت الشك في عدتهم، ومن ثم احتاج في عدتهم إلى عداد، وقال الكوفيون:"أو" هنا بمعنى الواو.
والبيتان آخر قصيدة لجرير، أوردهما بعد المديح من غير مناسبة، مدح بها معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان، ذكر فيها هروب عباد الجحافي الخارجي باليمن إلى أن قتله يوسف بن عمر الثقفي، قال بعد أن ذكر منازل الحبيبة على وجه الاقتضاب:
الله دمَّر عبَّادًا وشيعته
…
عادات ربِّك في أمثال عبَّاد
قد كان قال أمير المؤمنين لهم
…
ما يعلم الله من صدق وإجهاد
من يهده الله يهتد لا مضلَّ له
…
ومن أضلَّ فما يهديه من هاد
لقد تبَّين إذ غبَّت أمورهم
…
قوم الجحافيّ أمرا غبُّه باد
لاقوا بعوث أمير المؤمنين لهم
…
كالرِّيح إذ بعثت نحسًا على عاد
فيهم ملائكة الرحمن مالهم
…
سوى التوكُّل والتسبيح من زاد
أنصار حقٍّ على بلق مسوَّمة
…
إمداد ربِّك كانوا خير إمداد
إلى أن قال مخاطبًا للممدوح:
إنّ العدوَّ إذا راموا قناتكم
…
يلقون منها صميمًا غير مناد
إنّ الكرام إذا عدُّوا مساعيكم
…
قدمًا فضلت بآباء وأجداد
بالأعظمين إذا ما خاطروا خطرًا
…
والمطعمين إذا هبَّت بصرَّاد
ما البحر مغلولبًا تسموغوا ربه
…
يعلو السَّفين بآذيٍّ وإزباد
يومًا بأوسع سيبًا من سجالكم
…
عند العناة وعند المعتفي الجادي
إلى معاوية المنصور إنَّ له
…
دينًا وثيقًا وقلبًا غير حيَّاد
من آل مروان ما ارتدَّت بصائرهم
…
من خوف قوم ولا همُّوا بإلحاد
حتّى أتتك ملوك الرُّوم صاغرةً
…
مقرَّنين بأغلال وأصفاد
يوم أذلَّ رقاب الرُّوم وقعته
…
بشرى لمن كان في غور وأنجاد
يا ربما ارتادكم ركب لرغبتهم
…
فأحمدوا الغيث وانقادوا لروَّاد
سيروا فإنَّ المؤمنين لكم
…
غيث مغيث بنبت غير مجحاد
ماذا ترى في عيال قد برمت بهم ..
…
إلى آخر البيتين
ومعاوية بن هشام كان جوادًا ممدحًا ولي غزو الصائفة في زمن أبيه غير مرة، وكان البطال على طلائعه، وقد افتتح عدة حصون، ومات في سنة تسع عشرة ومائة، وهو والد عبد الرحمن بن معاوية الداخل إلى الأندلس عند غلبة بني العباس على الخلافة. كذا في "تاريخ الذهبي".
والصائفة غزوة الروم، لأنهم يغزون صيفًا لمكان البرد والثلج. وقوله: إن العدو إذا راموا، العدو: يكون مفردًا ويكون جمعًا كما هنا، بدليل رجوع ضمير الجمع إليه، والمنآد: المعوج، وزنه منفعل من الأود، مصدر أود كفرح: إذا اعوج، وقوله: إذا هبت بصراد، أي: هبت الريح، فأضمر لدلالة هبت عليه، وصراد جمع صارد من صرد من باب فرح: إذا وجد البرد سريعًا، وهذا كناية عن الجدب والقحط في الشتاء، والغوارب جمع غارب: وهو أعالي الموج، والسفين جمع سفينة، والآذي: الموج، والإزباد، مصدر أزبد البحر، والسيب: العطاء والعرف. والسجال: جمع سجل، بفتح السين وسكون الجيم: الدلو العظيمة، والعناة: جمع عان، كقضاة جمع قاض، وهو الأسير والذليل، والمعتفي والعافي: طالب الإحسان، والجادي والمجتدي: طالب الجدوى، أي: العطية والنفع، وحياد: من حاد يحيد، يريد أنه شجاع لا يحيد عن العدو. والإلحاد: ما لا يعرف في الدين، وأصله أن يعوج عن الإسلام، والأصفاد: القيود، جمع صفد بفتحتين، وأنجاد: جمع نجد، وهو المكان المرتفع، وضده الغور. وقوله: وانقادوا لرواد: أراد: انقاد الناس خلف الرواد إليكم. ومجحاد: بكسر الميم وسكون الجيم بعدها حاء مهملة: قليل الخير. وقوله: ماذا ترى، هو من الرأي في الأمر، يتعدى إلى واحد، والعيال: جمع عيل – كسيد – وهم الأتباع الذين تلزم نفقتهم، وبرمت: ضجرت وسئمت، من باب فرح، وجملة "قد برمت بهم" في موضع الصفة لعيال، وكذا جملة "لم أحص عدتهم
…
إلخ"