الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولابن صارة الأندلسي:
أمّا الوراقة فهي أيكة حرفةٍ
…
أغصانها وثمارها الحرمان
شبهت صاحبها بإبرة خائطٍ
…
تكسو العراة وجسمها عريان
وأنشد بعده وهو الإنشاد الستون بعد المائة:
(160)
ومنعكها بشيء يستطاع
وصدره:
فلا تطمع أبيت اللَّعن فيها
على أن الباء قد زيدت في خبر المبتدأ الموجب، والأولى تعليقها بمنعكها. والمعنى: ومنعكها بشيء ما يستطاع، زاد "ما" للإبهام، قال الزمخشري: و"ما" هذه إبهامية، وهي التي إذا اقترنت باسم نكرة أبهمته إبهامًا، وزادته شياعًا، كقولك: أعطني كتابًا ما، تريد: أي كتاب كان، ويتفرع على الإبهام الحقارة والفخامة والنوعية.
وشرحه ابن جني، وكلام المصنف مأخوذ منه؛ قال في "إعراب الحماسة": الباء في "بشيء" زائدة في خبر المبتدأ، وقد جاء ذلك، ألا ترى إلى قول أبي الحسن في قول الله تعالى: } وجزاء سيئتةٍ بمثلها {[يونس/ 27] أن تقديره: جزاء سيئة سيئة مثلها، اعتبارًا لقوله عز اسمه: } وجزاء سيئةٍ سيئة مثلها {[الشورى/ 40] فكأنه قال: ومنعكها شيء يستطاع، أي: أمر مطاق غير باهظ ولا معجز، أي: فاله عنها ولا تعلق فكرك بها. ويجوز وجه آخر، وهو أن يريد: ومنعكها بمعنى من المعاني مما يستطاع، وذلك المعنى إما غلبة ومعازَّة
لك، وإما فداء تفديها به منك، أو غير ذلك، فيكون المعنى قريبًا من الأول، إلا أنه ألين جانبًا منه، فالباء على هذا متعلقة بنفس المنع وفي صلته، ويجوز أن تكون معلقة أيضًا بنفس يستطاع بمعنى من المعاني، ويقدر عليه به. انتهى.
ولقد أجاد ابن الملا في الرد على الشمني حيث قال عند قول المصنف: بشيء ما يستطاع؛ أي: ومنعك إياها بشيء أي شيء كان مطاق، فليس الأولى أن لا يأتي بكلمه ما، كما قال المحشّي، أي: الشمني. وعلله بأنها تزاد مع كلمة شيء للدلالة على التقليل والتحقير، وليس المعنى على ذلك، لأن المخاطب ملك، ألا ترى أنه حياه بتحية الملوك؟ بل المعنى على التكثير أو التعظيم، وهو يستفاد منن تنكير شيء، أي: فلا حاجة إلى زيادة ما، بخلاف التقليل أو التحقير، أي: لو كان أحدهما مرادًا. وأنت خبير أن التنكير صالح لإفادة كل من التقليل والتحقير والتكثير والتعظيم، وكون الخطاب مع ملك لا يستلزم كون تنكير شيء للتعظيم لأن الشاعر متحمس على مخاطبه ولو ملكًا. وقد افتتح كلامه بالنهي عن الطمع في هذه الفرس، أي: أنهاك عن الطمع فيها، والحال أن منعك عنها بشيء حقير يستطاع، وإذا كان بالحقير يستطاع، فما الظن بغيره؟ ! ويجوز تعلقها بيستطاع، أي: ومنعك عنها متأت بشيء. انتهى كلام ابن الملا.
والبيت آخر أبيات أربعة أوردها أبو تمام في "الحماسة" لرجل من بني تميم، وطلب منه ملك من الملوك فرسًا يقال لها سكاب، فمنعه إياها:
أبيت اللَّعن إنَّ سكاب علق
…
نفيس لا يعار ولا يباع
مفدّاة مكرَّمة علينا
…
يجاع لها العيال ولا تجاع
سليلة سابقين تناجلاها
…
إذا نسبا يضمَّهما الكراع
فلا تطمع أبيت اللَّعن فيها
…
ومنعكها بشيءٍ يستطاع
قال الطبرسي في شرحه: أبيت اللعن، أي: أبيت الأمر الذي يلعن عليه إذا فعلته، وكان هذا القول تحية الملوك عندهم، قال الشاعر:
ولكلُّ ما نال الفتى
…
قد نلته إلاّ التَّحيَّه
يعني: إلا أن يقال لي: أبيت اللعن، وكأنه قال: نلت كل شيء إلا الملك. وأصل اللعن: الطرد. وسكاب إذا أعربته كان غير منصرف، للتعريف والتأنيث، والشاعر تميمي، وهذا لغة قومه، فإذا بنيته على الكسر فهي لغة أهل الحجاز، والعلق: ما فيه علاقة للقلب لجودته، ومفداة: يقول لها صاحبها: بأبي أنت وأمي، فيفديها بوالديه. وسليلة: من سل: إذا نزع، وألحق الهاء بها، وإن كان فعيل بمعنى مفعول؛ لأنه جعل اسمًا كالذبيحة، أي: هي مهرة فرسين سابقين. وتناجلاها: كنجلاها، أي: ولداها. وكراع: اسم فحل معروف.
وقوله: فلا نطمع
…
الخ، يقول: ارفع طمعك، ودفعك عنها بوجه ما وبحيلة ما ممكن، يقال: منعته كذا، ومنعته عن كذا.
وظفر الصاغاني باسم قائلها، وزيادة أبيات، قال في "العباب": وقال محمد أبو عبد الله بن زياد الأعرابي عند ذكره خيل عمرو بن تميم: ومن بني تميم عبيدة ابن ربيعة بن قحفان بن ناشرة بن رزام بن مازن، يقال لفرسه: سكاب، وهو فارس سكاب، وقال فيها: أبيت اللعن إن سكاب علق
…
البيت. مفداة مكرمة علينا
…
البيت. سليلة سابقين تناجلاها .. البيت.
وفيها عزَّة من غير نفرٍ
…
نحيِّدها إذا حرَّ القراع