الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"هيه يا خناس" واتفق أهل العلم بالشعر أنه لم يكن امرأة قبلها ولا بعدها أشعر منها.
وقيل لجرير: من أشعر الناس؟ فقال: أنا، لولا الخنساء! قيل: بم فضلتك؟ قال بقولها:
إنَّ الزمان وما يفنى له عجب
…
أبقى لنا ذنبًا واستؤصل الرَّاس
إنَّ الجديدين في طول اختلافهما
…
لا يفسدان ولكن يفسد النَّاس
وقد بسطنا ترجمتها في الشاهد السبعين من شواهد الرضي.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الخامس والعشرون بعد المائة:
(125)
نحن الألى فاجمع جمو
…
عك ثمَّ جهِّزهم إلينا
على أن صلة الموصول محذوفة، تقديرها: نحن الألى عرفوا، وقدرها بعضهم: عرفتهم، فحذفت الصلة لادعاء شهرتها. قال ابن الشجري في المجلس الخامس من "أماليه" بيت للسيد الرضي، من قصيدة مدح بها الطائع:
قد كان جدُّك عصمة العرب الأُّلى
…
فاليوم أنت لهم من الإعدام
قوله: الألى، يحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون اسمًا ناقصًا بمعنى: الذين، أراد: الذين سلفوا، فحذف الصلة للعلم بها، كما حذفها عبيد بن الأبرص في قوله:
نحن الألى فاجمع جمو
…
عك ثمّ وجِّههم إلينا
أراد: نحن الألى عرفتهم.
والوجه الثاني: أن يكون أراد: الأولى، فحذف الواو التي هي عين "الفعلى" كما حذفها الأسود بن يعفر في قوله:
واتبعت أخراهم طريق ألاهم
…
كما قيل نجم قد خوى متتابع
قيل: إنه أراد: هجوت آخرهم كما هجوت أولهم، أي: ألحقت آخرهم بأولهم في الهجاء، ويدلك على أنه أراد ذلك أمران، أحدهما: معادلتها لأخراهم، ومثله قول أمية بن أبي الصلت.
وقد علمنا لو أنَّ العلم ينفعنا
…
أن سوف تلحق أخرانا بأولانا
ومثله في التنزيل: (قَالَتْ أُولاهُمْ لأُخْرَاهُمْ)[الأعراف/ 39] والثاني: أنها لا تخلو من أن يكون المراد بها ما ذكرته، أو تكون ألى المبهمة التي في قول الأعشى:
هاؤلى ثمّ هاؤلى كلاّ أعطيت
…
نعالًا محذوَّةً بنعال
أو تكون التي بمعنى الذين، كقول بشر بن أبي خازم:
ونحن ألى ضربنا رأس حجر
…
بأسياف مهنَّدة رقاق
فلا يجوز أن تكون المبهمة، ولا الموصولة، لأن تينك لا تضافان، فثبت أن المراد بها أولاهم، وإنما استجازوا مثل هذا الحذف في المعتل الأصلي تشبيهًا له بالزائد. انتهى باختصار. وكذا قال في المجلس الثاني والستين.
وقال أبو علي في "كتاب الشعر": "ألى": اسم موصول بمنزلة اللائي، والألف اللام زائدة، فإن جعلتها غير زائدة لم يستقم، لأنه يلزم من ذلك أن يجتمع في الاسم تعريفان، أحدهما: من جهة الألف واللام، والآخر: من اتصال الصلة بها، ويدل على زيادتها سقوطها فيما سقط منه من قول بشر:
ونحن ألى ضربنا رأس حجر
…
البيت
انتهى. والبيت من قصيدة لعبيد بن الأبرص الأسدي، قال الأصبهاني في "الأغاني": لما قتل بنو أسد حجر بن الحارث، أبا امرئ القيس، اجتمعوا إلى امرئ القيس، فعرضوا عليه الصلح بأن يعطوه ألف بعير دية أبيه، أو يقيدوه بأي رجل شاء من بني أسد، أو يمهلهم حولًا. فقال أما الدية؛ فما ظننتكم تعرضونها على مثلي! وأما القود؛ فلو قيد لي ألف رجل من بني أسد ما رضيتم، ولا رأيتهم أكفاء لأبي! وأما النَّظرة؛ فلكم، وستعرفونني في فرسان قحطان أحكّم فيكم ظبا السيوف،
وشبا الأسنة، حتى أشفي نفسي، وأنال ثأري، فقال عبيد بن الأبرص في ذلك:
ياذا المخوِّفنا بقتل أبيه
…
إذلالا وحينا
أزعمت أنّك قد قتلت
…
سراتنا كذبًا ومينا
هلَاّ على حجر بن أمِّ
…
قطام تبكي لا علينا
إنَّا إذا عضَّ الثِّقا
…
ف برأس صعدتنا لوينا
نحمي حقيقتنا وبعض القوم يسقط بين بينا
هلا سألت جموع كندة يوم ولَّوا أين أينا
نحن الألى فاجمع جمو
…
عك ثمّ وجِّههم إلينا
واعلم بأنَّ جيادنا
…
آلين لا يقضين دينا
ولقد أبحنا ما حميت
…
ولا مبيح لما حمينا
لا يبلغ الباني ولو
…
رفع الدَّعائم ما بنينا
كم من رئيس قد قتلناه ومن ضيم أبينا
ولربَّ سيِّد معشر
…
ضخم الدَّسيعة قد رمينا
عقبانه بظلال عقبان
…
تيمِّمم ما نوينا
حتى تركنا شلوه
…
جزر السِّباع وقد مضينا
وأوانس مثل الدُّمى
…
حور العيون قد استبينا
إنَّا لعمرك ما يضا
…
م حليفنا أبدا لدينا
قوله: ياذا المخوفنا، استشهد به على إضافة الوصف المقرون بأل إلى الضمير، وإذلالًا: مفعول ثان، وهو مصدر: أذله الله، والحين، بالفتح: الهلاك، والمين: الكذب، وحجر، بضم الحاء المهملة وسكون الجيم: هو أبو امرئ القيس، نسبه إلى أمه، ولم ينسبه إلى أبيه تحقيرًا له. والثقاف، بكسر المثلة، ما يسوى به الرماح، والصعدة: بالفتح: القناة المستوية، تنبث كذلك لا تحتاج إلى تثقيف، وقيل: الرمح القصير، ولوينا: من لواه، ثناه وأماله، ومفعوله محذوف، وهو ضمير الثقاف، والحقيقة: ما يحق على الرجل أن يحميه، كالأهل والولد والجار. قال الجوهري: هذا الشيء بين بين، أي: بين الجيد والرديء، وأنشد هذا البيت، وقال: أي: يتساقط ضعيفًا غير معتد به، وألف "بين" الثاني إشباع، وبنيا لتضمنهما لواو العطف.
واستشهد به المصنف في شرح "الشذور" على تركيب الظرف وبنائه. وكندة: قبيلة امرئ القيس، من قبائل اليمن، والبواتر: جمع باتر، وهو السيف القاطع، وآلين: بمعنى حلفن من الألية، وهي اليمين، والدسيعة: العطية الجزيلة، والعقبان: جمع عقاب، قال الأزهري في "تهذيب اللغة": العقاب: العلم الضخم، واللواء الذي يعقد للولاة، شبه بالعقاب الطائر والشلو بالكسر: العضو، وجزر السباع بفتحتين: مأكلة السباع. وأوانس جمع آنسة طيبة الأنس، والدمى جمع دمية: الصورة المنقوشة. استباه: كسباه سبيًا.
وعبيد بن الأبرص: بفتح العين وكسر الموحدة، ينتهي نسبه إلى أسد بن