الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وترجمة زهير تقدمت في الإنشاد الخمسين.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الرابع والثلاثون بعد المائة:
(134)
متى تردن يومًا سفار تجد بها
…
أديهم يرمي المستجيز المعوَّرا
لما ذكره. وجميع ما ذكره المصنف من بحث العامل في إذا إلى هنا عبارة أبي حيان في "شرح التسهيل" ونقلها تلميذه ناظر الجيش في شرحه.
وأما بيت الفرزدق، فلم ينشده سيبويه في "كتابه" ولا السيرافي في شرحه، وإنما أنشده ابن عصفور في "شرح الجمل" فإن هذا الكلام جميعه أخذه أبو حيان منه، ومنه أخذ المصنف.
وقوله: متى تردن يومًا؛ متى ويومًا منصوبان على الظرفية، وعاملهما ترد، وجاز تعددهما من غير إتباع، لأن متى زمان عام يشمل اليوم وغيره، فإن قلت: لا يجوز تقدم معمول للفعل المؤكد بالنون، قلت:"متى" لتضمنه حرف الشرط صار له الصدارة، وهو مقدم على عامله أبدًا فنون التوكيد إنما لحقت عامله بعد اعتبار تقدمه عليه، على أن الرواية كما في "صحاح الجوهري" وغيره:"متى ما ترد يومًا". والورود: الإتيان إلى الماء، وسفار، بفتح السين المهملة بعدها فاء وآخره راء مهملة، قال أبو عبيد البكري في "معجم ما استعجم": هو ماءة لبني مازن بن مالك بن عمرو بن تميم، وزاد ياقوت: هو بوزن قطام،
اسم معدول عن سافر؛ منهل قبل ذي قار بن البصرة والمدينة، وفي كتاب ابن الفقيه: سفار: بلد بالبحرين. انتهى. وهو مبني على الكسر باتفاق تميم وأهل الحجاز، لأن آخره راء. وقوله: تجد بها، أي: بقربها، وأديهم: على وزن مصغر أدهم، قال الآمدي في "المؤتلف والمختلف": ومنهم أديهم بن مرداس: أخو عتيبة بن مرداس المعروف بابن فسوة، أحد بني كعب بن عمرو بن تميم، وكان أديهم شاعرًا خبيثًا، وفيه يقول الفرزدق:
متى ما ترد يومًا سفار تجد بها
…
البيت
والمستجيز: الذي يأتي القوم يستسقيهم ماء أو لبنًا، وسفار: ماء لهم. وكان يهاجي اللعين المنقري، وفيه يقول:
يذكِّرني سبالك أسكتيها
…
وأنفك بظر أمِّك يا لعين
انتهى. والمستجيز بالجيم والزاء المعجمة، قال الجوهري: الجواز: السقي، والجوزة: السقية، واستجزت فلانًا فأجازني: إذا أسقاك ماء لأرضك أو ماشيتك، والمعور، بالعين والراء المهملتين وتشديد الواو المفتوحة: من عورته عن الأمر تعويرًا، إذا صرفته عنه. قال الجوهري: يقال للمستجيز الذي يطلب الماء إذا لم يسقه: قد عوَّرت شربه، وأنشد البيت.
وهو مطلع قصيدة، قال جامع ديوانه ابن حبيب: أراد أديهم بن مرداس أخا عتيبة بن مرداس، وعتيبة هو ابن فسوة. والمعور: المطرود الممنوع حاجته.
وروي "المغور" بالغين معجمة، وهو الذي أورد إبله في الهاجرة فأقام ليبرد، والمستجيز: المستسقي، وبعده:
يظلُّ إلى أن تغرب الشَّمس قائمًا
…
تشمُّس حرباء الصُّوى حين أظهرا
يطرِّد عنها الجائزين كأنَّه
…
غراب على أنباثها غير أعورا
الأنباث: جمع نبيثة، وهو ما أخرج من تراب البئر والنهر إذا حفر.
أأسقيتها والعود يهتزّ في الندَّى
…
كأنَّ بجنبيه زرابيَّ عبقرا
يقول: أسقيتها في الربيع في وقت استغنائها عن الماء، والرياض مزهرة كأنها زرابي، وهي الطنافس الرقاق.
فلما رجعنا للَّذي قلت قائظًا
…
أبيت وكانت علَّة وتعذُّرا
يقول: وعدت جوازها في القيظ، فلما أتيناك للموعد، تعذرت واعتللت.
فلما احتضرنا للجواز وقوَّمت
…
على الحوض راموها من الشِّرب منكرا
فقالوا ألا قبر الهذيل مجازها
…
فقلت لهم لم تصدروا الأمر مصدرا
مجازها: مسقاها.
أتشرب أسلاب امرئ كان وجهه
…
إذا أظلمت سيما امرئ السَّوء أسفرا
مدح هذيلا وقال: إذا أظلم وجه الرجل السوء كان وجهه مشرقا.
كذبتم وآيات الهدى لا تذوقه
…
لبوني وإن أمست خوامس ضمَّرا
أقسم بأن إبله لا تذوق ماء من البئر التي هي قبر الهيل.
أنفت له بالسَّيف لمَّا رأيتها
…
تدكُّ بأيديها الرَّكيَّ المعوَّرا
يقول: أنفت لقبر الهذيل أن تدوسه إبل، فذدتها عنه بالسيف.
يفضُّ عراقيب اللِّقاح كأنَّه
…
شهاب غضا شيَّعته فتسعَّرا
مدحه بأن يعقر اللقاح للضيوف، وهي أكرم إبل عند العرب، لأنها ذات ألبان، وتشييع النار: أن يلقى عليها من دق الحطب فتلتهب، وصفه بسرعة عقرها، كأنه نار ملتهبة.
أليس امرًا ضيفًا وقد غاب رهطه
…
ولو سيم حيًّا مثل هذا لأنكرا
جعل الهذيل ضيفًا، لأنه دفن في غير دار قومه، يقول: لوسيم وهو حي خسفًا لأنكره، فأنا أذود عن قبره الضيم.
أجادت به من تغلب ابنة وائل
…
حصان لقرم من ربيعة أزهرا
فمن مبلغ فتيان تغلب أنني
…
عقرت على قبر الهذيل ليذكرا
وبقي منها ستة عشر بيتًا. قال أبو عبيد البكري في "معجم ما استعجم": كان الهذيل التغلبي قد أغار على إبل نعيم بن ثعلب الرياحي، فمر يوم وردها بسفار، فتقارّ أهلها من بني مازن، وجعل أعوان الهذيل يوردون تلك الإبل قطعة قطعة، والهذيل قاعد على سفير البئر، فلما تشاغل من معه، رأى منه حباشة المازني غرة، فاستدبره بسهم فأقصده، وخر في الركية، فهالوا عليه إلى اليوم. وقال عتبة بن مرداس أحد بني كعب بن عمرو بن تميم:
فمن مبلغ فتيان تغلب أنَّه
…
خلا للهذيل من سفار قليب
إذا طرَّب الأصداء طرَّب وسطها
…
صدى تغلبيٍّ في القبور غريب