المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السابع والثلاثون بعد المائة: - شرح أبيات مغني اللبيب - جـ ٢

[عبد القادر البغدادي]

فهرس الكتاب

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثاني والثمانون:

- ‌وأنشد بعده وهو، الإنشاد الثالث والثمانون:

- ‌وأنشد بغده، وهو الإنشاد الرابع والثمانون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الخامس والثمانون:

- ‌وأنشد في "أو" وهو الإنشاد السادس والثمانون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السابع والثمانون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثامن والثمانون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد التاسع والثمانون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد التسعون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الواحد والتسعون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثاني والتسعون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثالث والتسعون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الرابع والتسعون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الخامس والتسعون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السادس والتسعون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السابع والتسعون:

- ‌أنشد بعده في "ألا" بفتح الهمزة وتخفيف اللام، وهو الإنشاد الثامن والتسعون:

- ‌وأنشد بعده وهو الإنشاد التاسع والتسعون:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الموفي مائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الواحد بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثاني بعد المائة:

- ‌وأنشد في "إلا" بالكسر والتشديد، وهو الإنشاد الثالث بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الرابع بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الخامس بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السادس بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السابع بعد المائة:

- ‌وأنشد في "ألا" بالفتح والتشديد، وهو الإنشاد الثامن بعد المائة:

- ‌وأنشد في "إلى" وهو الإنشاد التاسع بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد العاشر بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الحادي عشر بعد المائة:

- ‌وأنشد في "أي" بالفتح والسكون، وهو الإنشاد الثاني عشر بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثالث عشر بعد المائة:

- ‌وأنشد في "أيّ" بالتشديد، وهو الإنشاد الرابع عشر بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الخامس عشر بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السادس عشر بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السابع عشر بعد المائة:

- ‌وأنشد في "إذ"، وهو الإنشاد الثامن عشر بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد التاسع عشر بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد العشرون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الواحد والعشرون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده للأخطل، وهو الإنشاد الثاني والعشرون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثالث والعشرون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الرابع والعشرون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الخامس والعشرون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السادس والعشرون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السابع والعشرون بعد المائة:

- ‌وأنشد في "إذا" وهو الإنشاد الثامن والعشرون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد التاسع والعشرون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثلاثون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الواحد والثلاثون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثاني والثلاثون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثالث والثلاثون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الرابع والثلاثون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الخامس والثلاثون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السادس والثلاثون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السابع والثلاثون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثامن والثلاثون بعد المائة:

- ‌حرف الباء المفردة

- ‌أنشد فيه، وهو الإنشاد التاسع والثلاثون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده وهو الإنشاد الأربعون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الواحد والأربعون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثاني والأربعون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثالث والأربعون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الرابع والأربعون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الخامس والأربعون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السادس والأربعون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السابع والأربعون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثامن والأربعون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد التاسع والأربعون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الخمسون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الواحد والخمسون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعدـ، وهو الإنشاد الثاني والخمسون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثالث والخمسون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الرابع والخمسون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الخامس والخمسون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده وهو الإنشاد السادس والخمسون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السابع والخمسون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثامن والخمسون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد التاسع والخمسون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده وهو الإنشاد الستون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الواحد والستون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثاني والستون بعد المائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثالث والستون بعد المائة:

- ‌بجل

- ‌أنشد فيها، وهو الإنشاد الرابع والستون بعد المائة:

الفصل: ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السابع والثلاثون بعد المائة:

وسكون النون بينهما: نسبة إلى سنبس بن معاوية بن جرول بن ثعل بن عمرو بن الغوث ابن طي.

‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السابع والثلاثون بعد المائة:

(137)

آليت حبَّ العراق الدَّهر أطعمه

تمامه:

والحبُّ يأكله في القرية السُّوس

على أن سيبويه جعل انتصاب "حب" على نزع الخافض، وهو "على" إلى آخر ما ذكره، وأورده سيبويه في أول كتابه في باب الفاعل الذي يتعداه فعله إلى مفعولين أورده فيه، وقال: يربد: على حب العراق. وكذا أورده ابن السراج في "الأصول" وحكاه عنه وقال: قد خولف في ذلك، قال محمد بن يزيد: إنما معناه: آليت أطعم حب العراق، أي: لا أطعم. انتهى. يريد المبرد أنه من باب الاشتغال، لا من باب الحذف والإيصال، وقال ابن خلف: الشاهد فيه حذف حرف الجر من حب العراق، وهو في الأصل: آليت على حب العراق، وهذا كما تقول: أقسم زيد على طعامه أنه لا يأكله أحد، قال محمد بن يزيد: وهذا خطأ، وإنما هو آليت أطعم حب العراق، أي: لا أطعم، كما تقول: والله أبرح من هنا، أي: لا أبرح، قال أحمد بن محمد بن الوليد: آليت، وحلفت، وأقسمت: أفعال تتعدى إلى المحلوف عليه بحرف الجر، فتقول: حلفت على زيد لا أكلمه، وإن شئت قلت: حلفت على زيد، ولم تأت بجواب، لأن "حلفت" جملة مكتفى بها، فإذا قلت: حلفت لا أفعل، فهو كقولك: والله لا أفعل، إلا أنك إذا قلت: والله، فلابد من جواب القسم، وإلا لم يكن كلامًا. انتهى.

ص: 259

وأورده أبو حيان في أول تذكرته، وقال: أورده سيبويه على أنه مما حذف منه حرف الجر، وأن تقديره: على حب العراق، وخطأه الجرمي والمبرد، فزعما أن حب العراق منصوب بإضمار فعل، وهو من باب الاشتغال يفسره أطعمه، أي: لا أطعم حب العراق الدهر لا أطعمه، وإنما ذلك على مذهب من أجاز أن يعمل ما بعد لا فيما قبلها على الإطلاق، والصحيح التفصيل بين أن تقع "لا" جوابًا للقسم، فيمنع إجراؤها مجرى ما يتلقى به القسم، أو لا تقع جوابًا له، فيجوز ذلك، ومن النحويين من منع ذلك مطلقًا، فما بعد "لا" لا يعمل فيما قبلها. وزعم بعضهم أن تقدير سيبويه:"على حب العراق" تقدير معنى، وإنما تقدير اللفظ: آليت في حب العراق، وإنما أحتاج إلى هذا لأن آليت فيك أكثر من آليت عليك، وهذا غير لازم، بل جاء السماع بهما، فذكر أحدهما، وليس تقديره بتقدير معنى. انتهى.

وأورد ابن عصفور مثل هذا في "الضرائر" قال: ومنه حذف حرف الخفض من المعمول، ووصول العامل إليه بنفسه للضرورة، تشبيهًا له بالعامل الذي يصل بنفسه. انتهى.

وقوله: آليت، بفتح التاء: خطاب لعمرو بن هند ملك الحيرة، وآليت: حلفت وأقسمت، وأراد بالحب: الحنطة والقمح، وأطعمه. آكله، ولا النافية مقدرة، كقوله تعالى:(تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ)[يوسف/ 85] أي: لا تفتأ، والحب: مبتدأ، وجملة "يأكله" خبر المبتدأ. وأراد بالقرية: الشام، والسوس: قمل الحنطة، يقول: إن حلفت على أني لا آكل حنطة العراق، ومنعتني من المقام به، فأنا لا أبالي بذلك، فالحب في الشام كثير، ومن كثرته يأكله السوس، وأنا مقيم هناك، ولا حاجة لي إلى حب العراق والإقامة فيه.

والبيت من قصيدة للمتلمس، وكان هجا – مع ابن أخته طرفة ابن العبد – ملك

ص: 260

الحيرة عمرو بن هند، فكره قتلهما عنده لمكان قومهما، وبعد مدة كتب لهما إلى عامله بالبحرين يأمره بإعطاء جائزة لكل منهما، وكان أمره فيما كتب لهما بقتلهما، وأوهمها أنه كتب لهما بجائزة، ولما كان في الطريق، اقرأ المتلمس ورقته، فإذا فيها الأمر بقتله، فمزقها ورماها بنهر الحيرة، وهرب إلى الشام، وأبى طرفة أن يفتح ورقة الملك، وقال للمتلمس: إن كان اجترأ عليك، فلن يجترئ علي. وذهب إلى عامله، فقتل هناك، وبقي المتلمس في الشام مدة، وكلموا الملك في رجوع المتلمس إلى العراق والعفو عنه، فقال الملك: واللات لا يذوق حب العراق ما حييت! فبلغه ذلك، فقال هذه القصيدة وهو بمكة، يحرض بكرًا على عمرو، ومطلعها:

يا آل بكر ألا لله أمُّكم

طال الثَّواء وثوب العجز ملبوس

أغنيت شأني لأغنوا اليوم شأنكم

واستحمقوا في ذكاء الحرب أو كيسوا

إلى أن قال:

حنَّت قلوصي بها والَّليل مطَّرق

بعد الهدوِّ وشاقتها النَّواقيس

يقول: حنت ناقتي إلى الشام، لأن بها غسان، وكانوا نصارى، وكان يمدحهم، فلذلك قال: وشاقتها النواقيس.

وقد أضاء سهيل بعد ما هجعوا

كأنَّه ضرب بالكفِّ مقبوس

إلى أن قال يخاطبها:

أمِّي شاميَّة إذ لا عراق لنا

قومًا نودُّهم إذ قومنا شوس

أمّي: اقصدي الشام، وشوس: أعداء، والأشوس: الذي ينظر إلى صاحبه شزرًا، كأنه يريد أن يبطش به من البغضاء.

ص: 261

لن تسلكي سبل النُّوباز منجدة

ما عاش عمرو وما عمِّرت قابوس

النوباز: أرض معروفة نحو نجد، وعمرو وقابوس: ابنا المنذر بن ماء السماء، وقابوس: منادى، تقديره: يا قابوس.

آليت حبَّ العراق الدهر آكله

والحبُّ يأكله في القرية السُّوس

لم تدر بصري بما آليت من قسم

ولا دمشق إذا ديس الكداديس

هذا كله خطاب له، وبصرى: قرية بدمشق، والكداديس: جمع كدس، وهو ما يكدس من الحنطة فيكوم. قال جامع "ديوان المتلمس" أبو الحسن الأثرم: قال أبو عبيدة: كان سبب هجاء المتلمس – واسمه جرير بن عبد المسيح، أخو بني ضبيعة بن ربيعة بن نزار، وكان في أخواله بني يشكر، ولد عندهم، ومكث فيهم حتى كادوا يغلبون على نسبه – أن عمرو بن هند سأل يومًا الحارث ابن التوأم اليشكري عن نسب المتلمس، فقال: يزعم أنه من بني ضبيعة أضجم، قال عمرو: ما هو إلا كالساقط بين الفراشين، فبلغ ذلك المتلمس فقال:

يعيِّرني أمِّي رجال ولا أرى

أخا كرم إلا بأن يتكرَّما

ومن كان ذا عرض كريم فلم يصن

له حسبًا كان اللئيم المذَّمما

ص: 262

أحارث إنَّا لو تساط دماؤنا

تزايلن حتى ما يمسّ دم دما

أمنتقلًا من آل بهثة خلتني

ألا إنَّني منهم وإن كنت أينما

وبهثة: ابن حرب بن وهب بن جلّي بن أحمس بن ضبيعة.

ألا إنَّني منهم وعرضي عرضهم

كذي الأنف يحمي أنفه أن يهشَّما

وإنَّ نصابي إن سألت وأسرتي

من الناس حتَّى يقتنون المزنَّما

وكنا إذا الجبّار صعَّر خدَّه

أقمنا له من صعره فتقوَّما

لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا

وما علِّم الإنسان إلَّا ليعلما

ولو غير أخوا لي أرادوا نقيصتي

جعلت لهم فوق العرانين ميسما

وهل لي أمٌّ غيرها إن تركتها

أبى الله إلاّ أن أكون لها ابنما

مع أبيات تركناها. ثم إن المتلمس انقبض عن عمرو، وشكاه فأطرده، أي: حمله وألجأه إلى الانطراد، وقال المتلمس يهجوه:

ص: 263

أطردتني حذر الهجاء ولا

واللات والأنصاب ما تئل

ورهنتني هندًا وعرضك في

صحف تلوح كأنَّها الخلل

مع أبيات أخر، فبلغت عمرًا، فكتمها في نفسه، فقرنه إلى طرفة وكتب لهما. وأما طرفة فإنه بعث إليه عمرو بن هند، فقال له: ما لك لا تلزمني؟ فقال: إني ترعية في إبلي - أي: لازم لها - وأخاف عليها الإغارة! فقال لأخيه قابوس، ولخال أبيه قيس من بني النمر بن قاسط ممم وقال لطرفة: أنا جار من أجارا، فأقام معه، فانقضَّ ذؤبان من أهل اليمن، فذهبوا بها جميعًا، وفيها معبد بن العبد أخو طرفة، فبلغ طرفة الخبر، فقال له: أبيت اللعن! إن أبلي أني دونها في حبلك، فجعل يسوفه حتى فاتت، وخرج طرفة بعلة طلب إبله، فلما أيس منها ومن الثواب عليها؛ قال يهجو عمرًا:

ملك يلاعب أمَّه وقطينها

رخو المفاصل أيره كالمرود

والقطين: وكذلك العطين: الفرج، وكان طرفة قد هجا عبد عمرو ابن مرثد ابن عمه بقوله:

يا عجبًا من عبد عمرو وبغيه

لقد رام شتمي عبد عمرو فأنعما

ص: 264

ولا خير فيه غير أنَّ له غنىً

وأنَّ له كشحًا إذا قام أهضما

ثم إن عبد عمرو وفد على عمرو، وقد فارقه طرفة، فأصابتهم سماء في ربيع، فخرج في غبها، فلما حجبت الشمس قال لحبائه، وهو أكرم أصحابه عليه، ولعبد عمرو: ضعوا ثيابكم، وانقعوا في الماء، فلما نظر إلى عبد عمرو، ورأى خلقًا عجيبًا فقال: قاتل الله طرفة! لقد أصاب الوصف حيث قال:

تظلُّ نساء الحيِّ يعكفن حوله

يقلن عسيب من سرارة ملهما

فقال عبد عمرو: أبيت اللعن، ما قال فيك أشد من هذا! ثم ندم فجحد مقالته لأنه ابن عمه، فأبى أن يدعه، فاستعهده ثم أنشده:

ملك يلاعب أمَّه بقطينها

فأضمرها عمرو في نفسه، وأراغ طرفة، فلم يزل يطمعه في رفده حتى أتاه، فأراد قتله، فراقب فيه قومه بني ثعلبة بن عكابة، وكانوا جنده، فكتب له وللمتلمس إلى أحد أخوال أبيه من النمر بن قاسط، وكان عامله على جباية ما كان للعرب في البحرين؛ أن يقطع أيديهما ويقتلهما، وقال لهما: إني كتبت لكما

ص: 265

بالحباء والكرامة. فلما بلغا محلمًا، وهو خليج بين الصفا والمشقر، ألقيا ثيابهما في سفينة وانحدرا، وكان المتلمس أسن من طرفة، فقال: ويحك يا طرفة، قد أنكرت نفسي أمر هذا الرجل، أما كان عنده ما يحبونا به حتى رمى بنا ما بين الحيرة وهجر؟ ! إنه ليريبني أمره! فأطعني، وفض خاتم كتابك وكتابي، ونعطيهما بعض الحاضرة، فإن يك فيهما ما نحب، وإلا ألقيناهما. فأبى طرفة أن يفعل، وأبى المتلمس إلا ارتيابًا له، وكان داهية، فمر به فتى، فقال له المتلمس: أتقرأ الكتب؟ قال: نعم، فدفع كتابه إليه، فإذا فيه ما يتخوف المتلمس، فقال لطرفة: ويلك أعطه كتابك يقرأه، فإن فيه مثل ما في كتابي، قال طرفة: ما حالي والله مثل حالك، لأن بني ثعلبة ليسوا كبني ضبيعة، فأخذ المتلمس كتابه فرمى به في الخليج وقال:

ألقيتها بالثِّني من جنب كافر

كذلك أقنو كلَّ قطٍّ مضلَّل

الثني: منثنى النهر، وهو جانبه، والكافر هنا: النهر. ونجا المتلمس، فمضى هاربًا، وقال في ذلك:

من مبلغ الشعراء عن أخويهم

نبًا فيصدقهم بذاك الأنفس

أودى الذي علق الصحيفة منهما

ونجا حذار حبائه المتلمِّس

ألقى صحيفته ونجَّت كوره

وجناء ليِّنة المفاصل عرمس

ص: 266

ثكلتك يا ابن العبد أمُّك سادرًا

أبساحة الملك الهمام تمرَّس

ألق الصحيفة لا أبالك إنَّه

يخشى عليك من الحباء النِّقرس

الكور بالضم: أداة الرحل، والعرمس: الصخرة، والحباء: العطية، والنقرس: داء يأخذ في الرِّجل، وهو هنا المكر والداهية. قال: ومضى طرفة حتى دخل بكتابه على صاحبه، فلما قرأ النمري كتابه قال: أتدري ما فيه؟ قال: نعم، فيه الحباء والكرامة لي، فحبسه، وكتب إلى عمرو: أبيت اللعن، جعلتني بهذا الموضع لأقتل لك بكر بن وائل؛ فاضممني إليك وابعث إلى موضعي من أحببت، فبعث عمرو رجلًا من بني تغلب، وأمره أن يقتل طرفه. فلما قدم التغلبي قال له طرفة: لي إليك حاجة؛ اسقني خمرًا حتى ترنحني الكأس، ثم تقطع رواهشي، ففعل به ذلك. فقبره بهجر يأتيه الفتيان فيطيفون به حتى الآن، ويشربون عنده حتى ينتهي إليه الكأس فيصبوها على قبره.

فغبر المتلمس زمينًا، فكلّم فيه عمرو، فقال: واللات لا يذوق حب العراق ما حييت، فبلغه ذلك، فقال وهو بمكة يحض بكرًا على عمرو:

يا آل بكر ألا لله أمُّكم

القصيدة؛ فلحق المتلمس بالشام يختلف بين دمشق ومصر، وتغنّى الركبان بقوله:

طال الثَّواء وثوب العجز ملبوس

والمتلمس: شاعر مشهور جاهلي مفلق مقل، ذكره ابن سلام في الطبقة السابعة من شعراء الجاهلية مع سلامة بن جندل، والحصين بن الحمام، والمسيب ابن علس. وقد اتفق علماء الشعر على أن هؤلاء الثلاثة أشعر المقلين في الجاهلية، وأن المتلمس أشعرهم. ولقب بالمتلمس لقوله من قصيدة:

ص: 267