الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الشعر، وقوله: وكل قرينة، أي: كل نفس مقرونة بأخرى ستفارقها، ولو ضنت بها، أي: وإن بخلت بها. والفرقدان: نجمان قريبان من القطب.
وعمرو بن معدي كرب الزَّبيدي: هو الفارس المشهور صاحب الغارات والوقائع في الجاهلية والإسلام، أسلم مع وفد زبيد في سنة تسع، ومات في سنة إحدى وعشرين من الهجرة، وعمره مائة وعشرون، وقيل مائة وخمسون، وقد ترجمناه بأبسط مما هنا في الشاهد الرابع والخمسين بعد المائة.
وكذا بسطنا الكلام في ترجمة حضرمي بن عامر الأسدي الصحابي في الشاهد الأربعين بعد المائتين من شرح شواهد المحقق الرضي. وحضرمي، بفتح الحاء، وسكون الضاد المعجمة، وبعد الراء ميم بعدها ياء مشددة.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد السادس بعد المائة:
(106)
حراجيج ما تنفكُّ إلَّا مناخةً
…
على الخسف أو يرمى بها بلدًا قفرا
على أن "إلا" فيه زائدة عند الأصمعي، وابن جني، قال السيرافي: الأصمعي وأبو عمر الجرمي ومن تبعهما، كانوا يقولون: أخطأ ذو الرمة، لأنه لا يقال: لا يزال زيد إلا قائمًا، كما لا يقال: يزاد زيد قائمًا، لأن ذلك لا يستعمل إلا بلفظ الجحد، وإذا استثنينا، صار الجحد إيجابًا؛ فلذلك لم يجز الاستثناء منه، ولا ينفك، بمعنى: لا يزال. انتهى.
ونقل ابن يعيش في شرح "المفصل" أن المازني خرجه على زيادة "إلا" والمازني قد روى من الأصمعي، وابن جني تابع لشيخه أبي علي، فإنه قال في
"القصريات": إلا، ههنا، زائدة، لولا ذلك لم يجز هذا البيت، لأن تنفك في معنى تزال، "ولا يزال" لا يتكلم به إلا منفيًا عنه.
وقول المصنف: فقيل غلط منه، والمنبه على غلطه أبو عمرو بن العلاء. قال المرزباني في "الموشح": أخبرني محمد بن يحيى، قال: حدثنا الفضل بن الحباب، قال: حدثنا بكر بن محمد المازني، قال: حدثني الأصمعي قال سمعت أبا عمرو بن العلاء يقول: أخطأ ذو الرمة في قوله:
حراجيج ما تنفكُّ إلّا مناخةً
…
البيت
وقول المصنف: وقيل: من الرواة، وأن الرواية "آلًا"[بالتنوين] فيكون آلًا خبر تنفك، ومناخة: صفة، وأنث الصفة: لأن الشخص مما يؤنث ويذكر، وقال ابن الملا: مناخة: خبر ثان لا نعت. انتهى. ويرد هذا القول: أنّ ذا الرمة لما قرأ البيت عند ابن العلاء غلطه فيه، وقال ابن عصفور في كتاب "الضرائر": إن ذا الرمة لما عيب عليه قوله: حراجيج ما تنفك إلا مناخة
…
فطن له: فقال: إنما قلت: آلًا مناخة، أي: شخصًا.
ونقل المرزباني عن الصولي أنه قال: حدثنا محمد بن سعيد الأصم، وأحمد بن يزيد، قالا: حدثنا يزيد المهلبي عن إسحاق الموصلي: أنه كان ينشد هذا البيت لذي الرمة:
حراجيج ما تنفكُّ آلًا مناخة
…
والآل: الشخص، ويحتج ببيته الذي ذكر فيه الآل في غير هذه القصيدة، وهو قوله:
فلم نهبط على سفوان حتّى
…
طرحن سخالهنَّ وصرن آلا
انتهى. وقال ابن الأنباري في كتاب "الإنصاف" الآل: الشخص، يقال: هذا آل قد بدا، أي: شخص، وبه سمي الآل؛ لأنه يرفع الشخوص أول النهار وآخره. وتوقف ابن الملا في تفسير الآل بالشخص، بأن صاحب "القاموس" مع تبحره لم يذكره بهذا المعنى، وقول المصنف: وقيل: تنفك تامة، بمعنى: ما تنفصل .. إلخ، فيكون تنفك مطاوع فكه، إذا خلصه أو فصله.
وهذا القول نسبه ابن الأنباري في كتاب "الإنصاف" إلى الكسائي، قال: رواه عنه هشام، وتبعه تلميذه الفراء في تفسيره عند قوله تعالى:(لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ)[البينة/ 1] قال: قد يكون الانفكاك على جهة "يزال" ويكون الانفكاك الذي تعرفه، فإذا كانت على جهة "يزال" فلابد لها من فعل، وأن يكون معها جحد، فتقول: ما انفككت أذكرك، فإذا كانت على غير معنى يزال قلت: قد انفككت منك، وانفك الشيء من الشيء، فيكون بلا جحد، وبلا فعل، وقد قال ذو الرمة:
قلائص لا تنفكُّ إلا مناخة
…
البيت
فلم يدخل فيها "إلا" إلا وهو ينوي بها التمام وخلاف يزال، لأنك لا تقول: ما زلت إلا قائمًا. انتهى.
وبه قال الزمخشري في حواشي "المفصل" قال: وفي تصحيح البيت وجيه، وهو أن يريد: لا تنفك عن أوطانها، أي لا تنفصل عنها إلا ولها بعد الانفصال هاتان الحالتان، إما الإناخة على الخسف في المراحل، أو السير في البلد القفر. انتهى.
وقول المصنف: وقال جماعة كثيرة: هي ناقصة، والخبر على الخسف .. إلخ. أقول: أول من ذهب إلى هذا أبو الحسن الأخفش، سعيد بن مسعدة المجاشعي، قال في كتاب "المعاياة": أراد: لا تنفك على الخسف أو يرمى بها بلدًا قفرًا إلا وهي مناخة، لأنه لا يجوز لا تنفك إلا مناخة كما لا تقول: لا تزول إلى مناخة. انتهى.
وقد تبعه جماعة منهم السيرافي قال: ولقول ذي الرمة: وجهان صحيحان:
أحدهما: أن يكون من انفك الشيء من الشيء: إذا انفصل عنه، وفي هذا الوجه يجوز دخول الاستثناء، لأنه فعل تام.
والوجه الثاني: أن يكون على الخسف خبر "تنفك" وإلا مناخة استثناء مقدم، فكأنا قلنا: لا تنفك مجهودة، كما تقول: لا تزال مجهودة إلا في حال إناختها، فإنها تستريح إذا أنيخت، انتهى.
ومنهم الزجاج، قال ابن جني في بعض أجزائه: وقد قال فيه بعض أصحابنا قولًا، أراه أبا إسحاق، ورأيت أبا علي قد أخذ به؛ وهو أن يجعل خبر ما تنفك الظرف، كأنه قال: ما تنفك على الخسف، ومناخة نصب على الحال، وقدم "إلا" عن موضعها، وقد جاء في القرآن والشعر نقل "إلا" عن موضعها. انتهى.
ومنهم أبو البقاء، قال: يجوز أن تكون "تنفك" الناقصة، يكون "على الخسف" الخبر، أي: ما تنفك على الخسف إلا إذا أنيخت، وعليه المعنى. انتهى. وقد رده جماعة، منهم صاحب"اللباب" وهو محمد بن محمد
وقال المحقق الرضي: جعل الخسف كالأرض التي يناخ عليها كقوله:
تحيَّة بينهم ضرب وجيع
يريد أن الإناخة إنما تكون على العلف، فجعل الخسف بدلًا منه، كما جعل الضرب الوجيع بدلًا من التحية، ونرمي: بالنون مع البناء للمعلوم، وروي:"يرمى" بالمثناة التحتية مع البناء للمجهول، وبها: نائب الفاعل، وبلدًا: ظرف للرمي، وهو بمعنى الأرض، والمكان.
والبيت من قصيدة لذي الرمة يقال لها: أحجيَّة العرب، ومطلعها:
لقد جشأت نفسي عشيَّة مشرف
…
ويوم لوى حزوى فقلت لها صبرا
تحنُّ إلى ميٍّ كما حنَّ نازع
…
دعاه الهوى فارتاد من قيده قصرا
جشأت: نهضت، ومشرف وحزوى: موضعان، واللوى: منقطع الرمل، واصبري صبرًا. والنازع: البعير الذي يحن إلى وطنه. فارتاد من قيده قصرًا، أي: طلب السعة، فوجده مقصورًا، ويقال: ارتاد جدبًا، وارتاد خيرًا، أي: طلب الخصب، فوقع على جدب، إلى أن قال:
فيا ميُّ ما أدراك أين مناخنا
…
معرَّفة الألحي يمانيةً سجرا
والآخر، وعلى أن يكون مقطوعًا من الأول، قال تعالى:(سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ)[الفتح/ 16] إن شئت على الإشراك، وإن شئت كان على: أو وهم يسلمون. وقال ذو الرمة:
حراجيج ما تنفكُّ إلّا مناخةً
…
.. البيت
فإن شئت كان على: لا تنفك نرمي بها، أو على الابتداء. انتهى. يريد بالأول: العطف على خبر تنفك، وبالثاني: القطع.
قال النحّاس: سألت عنه عليًا – يعني: الأخفش الصغير – فقال: لك أن تجعل "نرمي" معطوفًا، ولك أن تقطعه، ولك أن تقدر "أو" بمعنى إلى أن، وتسكن الياء في موضع نصب. انتهى.
وقال السيرافي: وقوله: أو نرمي بها بلدًا قفرًا، فيه وجهان:
أحدهما: أن يكون معطوفًا على خبر تنفك، وهو على الخسف. كأنك قلت: لا تزال على الخسف، ولا تزال نرمي بها بلدًا قفرًا، ويجوز أن يكون على الابتداء، أي: ونحن نرمي بها بلدًا قفرًا، وكذا قال الأعلم، قال: الشاهد فيه رفع نرمي على القطع. ويجوز حمله على خبر تنفك، والتقدير: ما تنفك تستقر على الخسف أو نرمي بها القفر. انتهى.
والحراجيج: جمع حرجوج – كعصفور -: الناقة الضامرة، قاله أبو زيد، وروي بدله:"قلائص" جمع قلوص، وهي الناقة الشابة. وقوله: ما تنفك إلا مناخة، يريد أنها تناخ معدَّة للسير عليها، فلا ترسل من أجل ذلك في المرعى، والخسف بفتح الخاء المعجمة النقيصة، يقال: رضي بالخسف، أي: بالنقيصة، وبات على الخسف، أي: جائعًا، وربطت الدابة على الخسف، أي: على غير علف. وعلى بمعنى الباء.
وقال المحقق الرضي: جعل الخسف كالأرض التي يناخ عليها كقوله:
تحيَّة بينهم ضرب وجيع
يريد أن الإناخة إنما تكون على العلف، فجعل الخسف بدلًا منه، كما جعل الضرب الوجيع بدلًا من التحية. ونرمي: بالنون مع البناء للمعلوم، وروي:"يرمى" بالمثناة التحتية مع البناء للمجهول، وبها: نائب الفاعل، وبلدًا: ظرف للرمي، وهو بمعنى الأرض، والمكان.
والبيت من قصيدة طويلة لذي الرمة يقال لها: أحجيّة العرب، ومطلعها:
لقد جشأت نفسي عشيَّة مشرف
…
ويوم لوى حزوى فقلت لها صبرا
تحنُّ إلى ميٍّ كما حنَّ نازع
…
دعاه الهوى فارتاد من قيده قصرا
جشأت: نهضت، ومشرف وحزوى: موضعان، واللوى: منقطع الرمل، واصبري صبرًا. والنازع: البعير الذي يحن إلى وطنه. فارتاد من قيده قصرًا، أي: طلب السعة، فوجده مقصورًا، ويقال: ارتاد جدبًا، وارتاد خيرًا، أي: طلب الخصب، فوقع على جدب، إلى أن قال:
فيا ميُّ ما أدراك أين مناخنا
…
معرَّقة الألحي يمانيةً سجرا