الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبي ذؤيب تقدمت في الإنشاد الخامس من أول الكتاب.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد السابع والعشرون بعد المائة:
(127)
أمن ازديارك في الدُّجى الرُّقباء
…
إذ حيث كنت من الظَّلام ضياء
على أن "إذ" فيه تحتمل الظرفية والتعليلية. وشرح هذا البيت جميعه من "أمالي ابن الحاجب".
وقوله: وفي متعلقة به لا بأمن
…
إلخ، قال ابن الحاجب: وفي الدجى: متعلق بازديارك لا بأمن، لأنه لو تعلق بأمن لكان المعنى تقييد الأمن بزمان الظلام، وهم آمنون في كل وقت من زيارتها في الظلام، وإذا تعلق بازديارك قيد الزيارة المأمونة بأنها في الظلام، وهو المقصود، ولا يقال: إنه يفهم منه أن زيارتها في غير الظلام غير مأمونة، فإنه يجاب عنه أن ذلك كالمعلوم من باب الأولى. انتهى.
وقوله: أن تزوري في الدجى، أشار إلى أن ازديارك مصدر مضاف إلى فاعله، وكان أوضح منه للمراد لو قال: أن تزوريني، كما قال لواحدي، وفيه رد على ابن الحاجب في فهمه أنه مصدر مضاف إلى مفعوله، فإنه قال: معناه أن الرقباء حكموا بانتفاء ما يخافونه من حصول زيارتك في الدجى، لما اشتملت عليه من النور الذي يظهر زوارك لو زاروك، فهم يمتنعون من زيارتك لذلك، كما يمتنعون من زيارتك في النهار، فأمنوا لذلك. انتهى.
وقوله: "وإذ" إما تعليل، أي: لقوله: أمن، وهذا هو الظاهر عند ابن
الحاجب. وقوله: أو ظرف مبدل من محل "في الدجى"، لأن موضع الجار والمجرور النصب على الظرفية، ولم يجعله بدلًا من الدجى والمجرور، لأن "إذ" من الظروف غير المتصرفة. واقتصر الواحدي على التعليل، وهو الظاهر.
وقوله: وضياء: مبتدأ خبره حيث وأجاز ابن الحاجب العكس أيضًا، قال: ويجوز أن يكون حيث مبتدأ، وضياء: خبره، أي: إذ المكان الذي تحلين فيه ضياء، أو على تأويل: ذو ضياء. انتهى. وكلا الوجهين مبني عى تصرف حيث، وهو خروجها من الظرفية إلى الفاعلية والمفعولية ونحوهما، وقد خرجت إلى المفعولية في قوله تعالى:(اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ)[الأنعام/ 124] وعند ابن مالك تصرفها نادر. وصحح أبو حيان عدم تصرفها، وهو مذهب الواحدي، ولهذا جعل ضياء مبتدأ محذوف الخبر، وتقديره عنده، حيث كنت من الظلام ضياء هناك. وقوله: لتقدم خبرها عليها؛ هذا المسوّغ هو المشهور عند النحويين، وقد أنكره في الباب الرابع في مسوغات الابتداء بالنكرة، ذكره في المسوغ الرابع.
وقوله: ومن للبدل متعلقة بمحذوف
…
إلخ، قال في بحث "من": وأنكر قوم مجيء من للبدل فقالوا: التقدير: أرضيتم بالحياة الدنيا بدلًا من الآخرة فالمفيد للبدلية متعلقها المحذوف، وأما هي فللابتداء، انتهى.
وجوز ابن الحاجب وجوهًا أخر، قال: ومن الظلام، يجوز أن يكون متعلقًا بمحذوف متعلق بحيث لبيان الجنس، أي: إذا المواضع التي تحلين فيها التي هي مواضع الظلام، فيقدر حذف مضاف، أو يجعل الظلام كأنه للموضع، أو تجعل الأمكنة كأنها ظلام. ومثل
هذا الجار متعلقة صفة لما هو بيان له، أي: إذ الأمكنة التي تحلين بها الحاصلة من موضع الظلام. ويجوز أن يكون متعلقًا بكنت، لأنها كانت التامة، أي: إذ حيث حللت من مواضع الظلام ضياء. ويجوز أن يكون من الظلام على تقدير أن يكون "إذ" بدلًا من قوله: في الدجى، لبيان إذ، أي: في الزمان الذي هو الظلام الذي حيث حللت فيه ضياء. هذا كلامه، ولا يخفى تكلفه ونعسفه.
ونعم ما فعل المصنف من اقتصاره على معنى البدلية كالواحدي، والمقدار الذي أخذه من كلام ابن الحاجب في شرح البيت أصله من كلام الواحدي. قال الواحدي: ولم يفسر أحد من إعراب هذا البيت ما فسرت، وكان هذا البيت بكرًا إلى هذا الوقت، والمعنى: أنها لكونها نورًا وضياء لا تخرج ليلًا، لأن الرقباء يشعرون بخروجها حين يرون الظلام ضياء. انتهى.
قال أبو اليمن الكندي في شرحه: تكلم الناس في إعراب هذا البيت كثيرًا، وأصح ما قيل فيه كلام الواحدي. وروي المصراع الثاني كذا أيضًا:
إذ حيث أنت من الظلام ضياء
وبها صدر الواحدي شرحه، قال: يقول: أمن رقباؤك أن تزوريني ليلًا إذ حيث أنت ضياء بدلًا من الظلام، يعني في الليل. وأنت: مبتدأ، وضياء: خبره، وهما جملة أضيفت حيث إليها، و"من" ههنا للبدل، لأن الضياء لا يكون من جنس الظلام، ويروى:"إذ حيث كنت" وعلى هذا ضياء مبتدأ، وخبره