الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله: رددن تحية .. إلخ، قال ابن الأنباري: أي أظهرن السلام، ورددنه، وكتمن، أي: سترن وهو ما يرد من السلام بعين أو بيد، وروي "ظهرن بكلة وسدلن أخرى" والكلة: ما يرى على الهودج، وهو شبيه بالسور، والوصاوص: البراقع الصغار أراد أنهن حديثات الأسنان، فبراقعهن صغار.
ومن لطائف الدماميني، أورده في "المزج" أنه قال لشريف أنشد هذه القصيدة:
يا أيُّها السَّيِّد أنشدتنا
…
قصيدة العبديّ كالعقد
فقلت للقوم اسمعوا واعجبوا
…
لسيّد يروي عن العبد
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الخامس والثمانون:
(85)
تلمُّ بدار قد تقادم عهدها
…
وإمّا بأموات ألم خيالها
على أن إما الأولى محذوفة، والتقدير: تلم إما بدار، وإما بأموات، وكذا قدره أبو علي في "كتاب الشعر" وخص ابن عصفور تبعًا لأبي علي حذفها بالشعر، وقول المصنف: والفراء يقيسه الخ، أقول: الفراء يجعل "إما" الثانية نائبة عن أو، ولا يقول: إنها محذوفة من أول الكلام، وهذا كلامه عند تفسير قوله تعالى:(إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ)[الأعراف 115] قال: أدخل "أن" في "إما" لأنها في موضع أمر بالاختيار، فهي في موضع نصب، كقول القائل: اختر ذا أو ذا، فإن قلت: إن أو في المعنى بمنزله "إما [وإما] فهل يجوز أن تقول: يا زيد أن تقوم أو تقعد، تريد: اختر أن تقوم أو تقعد؟ قلت: لا يجوز ذلك لأن أول الاسمين في "أو" يكون خبرًا يجوز السكوت عليه، ثم
تستدرك الشَّكُّ في الاسم الآخر، فتمضي الكلام على الخبر، ألا ترى أنك تقول: قام أخوك، وتسكت. وإن بدا لك قلت: أو أبوك؛ فأدخلت الشَّكُّ، والاسم الأول مكتف يصلح السكوت عليه، وليس يجوز أن تقول: ضربت إما عبد الله. وتسكت. فلما آذنت إما بالتخيير من أول الكلام، أحدثت لها أن. ولو وقعت إمّا وإمَّا مع فعلين قد وصلا باسم معرفة أو نكرة ولم يصلح الأمر بالتخيير في موقع إمَّا؛ لم يحدث فيها "أن" كقوله تعالى:(وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ)[التوبة/ 106].
ولو جعلت أن في مذهب كي وصيرتها وصلة لمرجؤون تريد: أرجئوا لأن يعذبوا أو يتاب عليهم؛ صلح ذلك في كل فعل تام، ولا يصلح في كان وأخواتها ولا في ظننت وأخواتها من ذلك أن تقول: آتيك إما أن تعطي، وإما أن تمنع، وخطأ أن تقول: أظنك إما أن تعطي، وإما أن تمنع، ولا أصبحت إما أن تعطي، وإما أن تمنع. ولا تدخل أو على إما ولا إما على أو، وربما فعلت العرب ذلك لتآخيهما في المعنى على التوهم. فيقولون: عبد الله إما جالس أو ناقض، ويقولون: عبد الله يقوم، وإما يقعد، وفي قراءة أبي:(وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ)[سبأ/ 24]. فوضع "أو" في موضع إما. وقال الشاعر:
فقلت لهنَّ امشين إمَّا نلاقه
…
كما قال أو نشف الصُّدور فنعذرا
وقال آخر:
فكيف بنفس كلما قلت أشرفت
…
على البرء من دهماء هيض اندمالها
تهاض بدار قد تقادم عهدها
…
وإمَّا بأموات ألمَّ خيالها
فوضع "إما" في موضع "أو" وهو على التوهم إذا طالت الكلمة بعض الطول، أو فرقت بينهما بشيء، هنالك يجوز التوهم كما تقول: أنت ضارب زيد ظالمًا وأخاه، حين فرقت بينهما بظالم جاز نصب الأخ، وما قبله مخفوض. انتهى كلام الفراء.
فجعل إما نائبة عن "أو" لا أن مثلها محذوف من أول الكلام، ونقله المرادي في "الجنى الداني" فقال: وأجاز الفراء أن لا تكرر وأن تجري مجرى "أو". قال الدماميني في "المزج": ظاهره أنه لا يحتاج إلى تقدير إما قبل المعطوف، وظاهر قول المصنف: والفراء يقيسه؛ يأباه، إذ ضمير "يقيسه" عائد على الاستغناء عنها لفظًا، والفراء يرى أنها مستغنى عنها لفظًا وتقديرًا. انتهى.
والبيتان اللذان أنشدهما قد أوردهما أبو علي في كتاب "الشعر" ونسبهما إلى الفرزدق وكذا ابن يعيش في "شرح المفصل" وهو الصحيح، وقال العيني تبعًا للمرادي في "شرح التسهيل": هما لذي الرمة، ولم أرهما في ديوانه.
وقوله: فكيف بنفس، أي: كيف نأمل بصحة نفس هذه صفتها، وقال ابن الملا:"كيف" في محل رفع خبر مقدم، وبنفس مبتدأ مؤخر، والباء زائدة، وأشرفت: أقبلت، والبرء بالضم: الخلاص من المرض. وقوله: "من دهماء" أي: من حبها، أو من تعليلة، دهماء: اسم امرأة، وروي بدله "حوصاء" وهيض: مجهول هاض العظم يهيضه هيضًا؛ إذا كسره بعد الجبر، وقوله: اندمالها،