الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وروى البيت الأزهري في "التهذيب":
حتَّى سقوا آبالهم بالنّار
وكلهم لم يذكر قائله، والمبرد أيضًا أورده في "الكامل" ولم ينسبه إلى أحد، والله أعلم. وذكر في موضع آخر ما يضاهيه، قال: والملاغم: العوارض، قال الفرزدق:
سقتها خروق في المسامع لم تكن
…
علاطًا ولا مخبوطةً في الملاغم
يقول: علم أرباب الماء لمن هي، فسقاها ما سمعوه من ذكر أصحابها لعزهم ومنعتهم، ولم تحتج إلى أن تكون بها سمة، والعلاط: وسم في العنق، والخباط في الوجه، وأصل الملاغم: ما حول الفم مما يدركه اللسان. انتهى.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الرابع والأربعون بعد المائة:
(144)
فليت لي بهم قومًا إذا ركبوا
…
شدُّوا الإغارة فرسانًا وركبانا
على أن الباء فيه للبدل، وكان الأصل: فليت لي قومًا بهم، أي: يدلهم، على الوصفية، فلم قدم الظرف على الموصوف صار حالًا منه، ولي: خبر ليت مقدم، وجملة "إذا ركبوا" مع جوابها صفة لقوم، قال ابن جني في "إعراب الحماسة": ليست الإغارة هنا مفعولًا به، ولا انتصابها على ذلك، لكن انتصابها انتصاب المفعول له، أي: شدوا للإغارة، كقولهم: حملوا للإغارة فرسانًا وركبانًا، أي: في هذه الحال، فهو كقول الآخر:
شددنا شدَّة فقتلت منهم
أي: حملنا حملة، وشددت هذه غير متعدية، وإذا أريد تعديها وصلت بعلى قال:
أشدُّ على الكتيبة لا أبالي
…
احتفي كان فيها أم سواها
انتهى. وأراد بالتعدي التعدي بحرف الجر، لا التعدي بنفسه، قال الأزهري في "التهذيب": قال ابن المظفر: الشد: الحمل، تقول: شد عليه في القتال، وشددت الشيء أشده شدًا: إذا أوثقته. انتهى. ويجوز أن يكون ما في البيت من المتعدي بنفسه، ويكون الإغارة مفعولًا به، كما يكون الإعراب كذا في رواية "شنوا الإغارة" قال "الأزهري": شن عليهم الغارة، أي: فرقها، وقد شن الماء على شرابه، أي: فرقه عليه. انتهى. والمراد بالغارة: الخيل المغيرة على العدو من هنا ومن هنا، قال صاحب "المصباح": وأغار الفرس إغارة، والاسم: الغارة، مثل: أطاع إطاعة، والاسم الطاعة؛ إذا أسرع في العدو، وأغار القوم إغارة: أسرعوا في السير، ثم أطلقت الغارة على الخيل المغيرة، وشنوا الغارة، أي: فرقوا الخيل. انتهى.
والبيت آخر أبيات ثمانية أوردها أبو تمام في أول "حماسته" لقريط بن أنيف العنبري، تقدم بيتان منها في الإنشاد العشرين، وهو شكاية من قومه لتقاعدهم عن نصرته، وتخليص إبله ممن أغار عليها من ذهل بن شيبان وقبله:
لكنَّ قومي وإن كانوا ذوي عدد
…
ليسوا من الشرِّ في شيءٍ وإن هانا