الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثعلبان برأسه
…
البيت. ثم قال السيوطي: وضبط الحافظ شرف الدين الدمياطي الثعلبان في البيت بضم المثلثة واللام، وقال: هو ذكر الثعالب، وهو ما ذكره الكسائي وجماعة. ونقل عن المرزباني في "معجم الشعراء" أن اسمه كان غويًا فسماه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم راشدًا، وقال أيضًا: وأخرجه ابن أبي حاتم بسند له بلفظ: إنه كان عند الصنم يومًا إذا أقبل ثعلبان، فرفع أحدهما رجله فبال على الصنم.
والحاصل أن الاختلاف كثير، فجماعة روته بإفراده، وفرقة نقلته بالتثنية. واختلف أيضًا في اسمه قبل إسلامه، والله تعالى أعلم بحقيقة الحال.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد السادس والأربعون بعد المائة:
(146)
شربن بماء البحر ثمَّ ترفَّعت
تمامه:
متى لجج خضر لهنَّ نئيج
على أن الباء فيه للتبعيض بمعنى من، وقال الفراء في تفسيره عند قوله تعالى:(يَشْرَبُ بِهَا) من سورة الدهر: [الآية/ 6] يشرب بها ويشربها سواء في المعنى، وكأن يشرب بها يروى بها وينقع، وأما يشربونها فبيّن، وقد أنشدني بعضهم: شربن بماء البحر
…
البيت. ومثله: إنه يتكلم بكلام حسن ويتكلم كلامًا حسنًا. انتهى. فأشار إلى أن الباء زائدة أو أنها على بابها، وشربن مضمن معنى روين. وجزم بزيادتها ابن جني في "سر الصناعة" قال: الباء فيه زائدة، إنما معناه: شربن ماء البحر، هذا هو الظاهر من الحال، والعدول عنه تعسف وقال بعضهم: معناه: شربن من ماء البحر، فأوقع الباء موقع من. انتهى. وحكى في "المحتسب"
قول من زعم أنها بمعنى في، قال فيه: الباء زائدة، أي: شربن ماء البحر، وإن كان قد قيل: إن الباء هنا بمعنى في، والمفعول محذوف معناه: شربن الماء في جملة ماء البحر، وفي هذا التأول ضرب من الإطالة والبعد. انتهى. أورده عند قوله تعالى:(يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ)[النور/ 43] قال: قرأ أبو جعفر يزيد "يذهب" بضم الياء، والباء زائدة، ثم قال: واعلم أن هذه الباء إنما تزاد في هذا النحو لتوكيد معنى التعدي كما زيدت اللام لتوكيد معنى الإضافة كقوله:
يا بؤس للجهل [ضرَّارًا لأقوام]
وكما زيدت الياءان لتوكيد معنى الصفة في نحو: أشقريّ، وكما زيدت التاء لتأكيد معنى التأنيث في فرسة وعجوزة، فاعرف ذلك. ولا ترين الباء [في:(يذهب بالأبصار)] مزيدة زيادة ساذجة، وإن شئت حملته على المعنى حتى كأنه قال: يكاد سنا برقه يلوي بالأبصار، أو يستأثر بالأبصار. انتهى.
وقوله: متى لجج، أي: من لجج، أو وسط لحجج، ويأتي الكلام إن شاء الله تعالى عليه في بحث "متى" وهذا على ما اشتهر في كتب النحو.
ورواه القاري:
تروَّت بماء البحر ثم تنصَّبت
…
على حبيشّيات لهنّ نئيجُ
قال القاري: تزوت يعني الحناتم، وتنصبت: ارتفعت، وعلى حبشيات: على سحائب سود، ونثيج: مَر سريع، ويروي: شربن بماء البحر ثم ترفعت .. الخ.
وقبله:
سَقَي أم عَمرو كل آخر ليلةٍ
…
حناتمُ سود ماؤهنَّ ثجيجُ
وهما مطلع قصيدة عدتها تسعة وعشرون بيتًا لأبي ذؤيب الهذلي في رواية أبي بكر القاري وأبي حنيفة الدينوري في كتاب "النبات".
قال القاري: الحناتم: السحاب في سواده، والحنتمة: الجرة الخضراء، شبه السحاب بها، والحناتم: الجرار الخضر، وثجيج: سائل. انتهي. وقال ابن السيد: الحناتم: سحاب سود واحدها حنتم، وأصل الحناتم جرار خضر، ولكن العرب تجعل كل أخضر أسود، وإنما يفعلون ذلك الخضرة إذا اشتدت صارت سوادًا، ولذلك قالوا لليل: قال ذو الرمة:
في ظلِّ أخضرَ يدعو هامه البومُ
وأم عمرو: مفعول مقدم، وحناتم: فاعل مؤخر، وكل آخر ليلة: ظروف، قال
الأصمعي: يريد أبدًا، ومثله: لا أكلمك آخر الليالي، أي: لا أكلمك ما بقي علي من الزمن ليلة، والثج والثجيج: السيل الشديد، فيجوز أن يكون معني ثجيج بمعني ثاج، ويجوز أن يكون أراد ذو ثجيج، فحذف المضاف، ويجوز أن يكون أوقع المصدر موقع اسم الفاعل مبالغة في المعني، قاله ابن السيد.
وقوله: شرين بماء البحر، النون ضمير الحناتم، قال ابن السيد: هذيل كلها تصف أن السحاب تسقي من البحر، ثم تصعد في الجو. وهذا ما عليه الحكماء من أن السحاب ينعقد من البخار، أعني الأجزاء الهوائية المائية المتحللة بالحرارة من الأشياء الرطبة، وذلك أن البخار المذكور إذا تصاعد ولم يتلطف بتحليل الحرارة أجزاؤه المائية حتى يصير هواه؛ فإنه إذا بلغ الطبقة الزمهريرية، تكاثف فاجتمع سحاباً وقاطر مطراً إن لم يكن البرد شديداً.
واللجج: جمع لجة، وهو معظم الماء، ونتيج، فعيل مهموز العين: المر السريع بصوت، من نأجت الريح تنأج نتيجًا، تحركت فهي نؤوج، وللريح نئيج، أي: مر سريع، وجملة "لهن نئيج" في موضع الحال من فاعل ترفعت العائد على حناتم، وأثبت العيني أول القصيدة، وتبعة السيوطي هذا البيت:
صبا قلبُهُ بل لجَّ وهو لجوج
…
وزالت له بالأنعمين حدوج
مع ستة أبيات أخر إلى البيت الشاهد، وليست تلك الأبيات من القصيدة، ولا أعلم من أين أتي بها، فإن النسخة التي هي نسخة ابن فارس صاحب