الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كان في محل رفع على الخبرية، لا في موضع نصب باستقرار مقدر، فإذا ذهب الجار ظهر ما كان للمحل. انتهى. وعندي أن يكون من قبيل تأويل من قرأ:(وَنَحْنُ عُصْبَةٌ)[يوسف/ 8] بالنصب، أي: نرى عصبةً، والظاهر أن هذا أسهل.
وروى ابن جني في "المحتسب" عند قراءة ابن مسعود: في (وَإِنَّ كُلًا لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) من سورة هود [الآية/ 111] كذا:
أرى الدهّر إلّا منجنونا بأهله
…
وما طالب الحاجات إلّا معلَّلا
قال: معنى هذه القراءة: ما كل إلا والله ليوفينهم، كقولك: ما زيد إلا لأضربنه، أي: ما زيد إلا مستحق لأن يقال فيه هذا، ويجوز فيه وجه ثان، وهو أن تكون إن مخففة من الثقيلة، ونجعل إلازائدة، وقد جاء عنهم ذلك، قال: "أرى الدهر إلا منجنونًا بأهله
…
البيت" أي: أرى الدهر منجنونًا بأهله يتقلب بهم، فتارة يرفعهم، وتارة يخفضهم. انتهى.
والمنجنون: الدولاب الذي يستقى عليه، قال ابن جني في كتاب "القد" وهو كتاب جمعه من كلام شيخه أبي علي: هذا البيت لبعض العرب.
[ألّا]
وأنشد في "ألا" بالفتح والتشديد، وهو الإنشاد الثامن بعد المائة:
(108)
ونبِّئت ليلى أرسلت بشفاعة
…
إليَّ فهلَاّ نفس ليلى شفيعها
على أن كان الشأنية بعد هلاّ محذوفة، وقيل: نفس: فاعل لفعل محذوف يفسره شفيعها، والتقدير: فهلا شفعت نفس ليلى، ويكون شفيعها خبر مبتدأ محذوف، أي: هي شفيعها. قال أبو حيان في شرح "التسهيل": ظاهر هذا البيت أنه وليها الجملة الاسمية، وهي قوله: نفس ليلى شفيعها، وقد تأوَّل أصحابنا هذا البيت على أن نفسًا فاعل بفعل محذوف، وتأوله أبو بكر بن طاهر على إضمار كان التي فيها ضمير الأمر والشأن، وتكون في موضع خبرها، وذهب بعض النحويين إلى جواز مجيء الابتداء بعد هذه الحروف مستدلًا بهذا البيت، ذكر ذلك شيخنا الأستاذ أبو الحسن الأبَّدي. انتهى.
وحكم المحقق الرضي بشذوذه تبعًا لابن جني، فإنه قال في "إعراب الحماسة": هلا من حروف التحضيض، وبابه الفعل، إلا أنه في هذا الموضع استعمل الجملة المركبة من المبتدأ والخبر في موضع المركبة من الفعل والفاعل، وهذا في نحو هذا الموضع عزيز جدًا. انتهى. وهذا البيت أورده أبو تمام في أول باب النسيب من "الحماسة" مع بيت ثان، وهو:
أأكرم من ليلى عليَّ فتبتغي
…
به الجاه أم كنت امرءًا لا أطيعها
ونبئ: يتعدى إلى ثلاثة مفاعيل؛ المفعول الأول: وهو التاء، صار نائب
الفاعل، وليلى: المفعول الثاني، وجملة: أرسلت .. إلخ، في موضع المفعول الثالث، وقوله: بشفاعة، قال المرزوقي والتبريزي والطبرسي: أي: خبرت أن ليلى أرسلت إلي ذا شفاعة في بابها، تطلب به جاهًا عندي، مستكفية من ذكرها في الشعر، وعن إتيانها، أو ما يجري مجراه، ثم قال: هلا جعلت نفسها شفيعها، فقوله بشفاعة: فيه حذف المضاف، وإقامة المضاف إليه مقامه. انتهى. يريد بالمضاف المحذوف "ذو"، أي: بذي شفاعة، وذو الشفاعة: هو الشفيع، وهو تعسف. والجيد تقدير مفعول لأرسلت، أي: أرسلت رجلًا بشفاعة، وهو الشفيع، فإن أرسل يتعدى بنفسه إلى المرسل، وبالباء إلى ما يصحب المرسل كالخبر والهدية، كقوله تعالى:(أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى)[الفتح/ 28].
وقوله: أأكرم من ليلى: الاستفهام إنكار وتقريع، أنكر منها استعانتها عليه بالغير، وقوله: فتبتغي، منصوب في جواب الاستفهام، لكنه سكّنه ضرورة، و"أم" متصلة. يقول: أيُّ هذين توهمت؟ أطلب إنسان أكرم علي منها، أم اتهامها لطاعتي لها؟ وخبر أكرم محذوف، والتقدير: أأكرم من ليلى موجود، أو في الدنيا. قال ابن الشجري في "أماليه": في البيت إعادة الضمير من أطيعها ضمير متكلم وفاقًا لكنت، ولم يعد ضمير غائب وفاقًا لامرئ، على حد قوله تعالى:(بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ)[النمل/55]. والبيتان للصمة بن عبد الله القشيري، قال أبو رياش: كان من خبر هذه الأبيات أن الصمة بن عبد الله كان يهوى ابنة عم له تسمى ريا، فخطبها إلى عمه، فزوجه على خمسين من الإبل، فجاء إلى أبيه فسأله فساق عنه تسعًا وأربعين، فقال أكملها. فقال: هو عمك، وما يناظرك بناقة ناقصة، فساق الإبل إلى عمه، فقال: إنما ههنا تسع وأربعون! فقال: سألت أبي إكمالها، فقال: هو عمك،
وما يناظرك في ناقة. فقال: والله ما قال هذا إلا استخفافًا بابنتي، والله لا أقبلها إلا كمّلا! فلج عمه، ولج أبوه، فقال: والله ما رأيت ألأم منكماّ وأنا ألأم منكما إن قمت معكما! فرحل إلى الشام، واستتبع رفيقين له من بني قشير، فنزولا منزلًا بالشام، فبينا هو مؤتزر بثوبه يعجن لأصحابه إذ مر الخليفة في موكبه، فوثب إليه وهو على حاله تلك، فكلمه فأعجب به، ففرض له فرضًا، وألحقه بالفرسان، وكان يتشوق إلى نجد، وقال هذا الشعر. انتهى.
والصمة بن عبد الله القشيري: شاعر إسلامي بدوي، من شعراء الدولة الأموية، ولجده قرة بن هبيرة صحبة بالنبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن دأب: أخبرني جماعة من بني قشير أن الصمة خرج في غزي للمسلمين إلى الديلم، فمات بطبرستان، كذا في "الأغاني" للأصبهاني ومن شعره:
إذا ما أتتنا الرِّيح من نحو أرضكم
…
أتتنا برياَّكم وطاب هبوبها