الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ورثته ليلى الأخيلية بمراث جيدة، ومن ذلك:
فإن تكن القتلى بواءً فإنَّكم
…
فتىً ما قتلتم آل عوف بن عامر
فتىً كان أحيا من فتاةٍ حييَّةٍ
…
وأشجع من ليث بخفقَّان خادر
فتى لا تخطّاء الرِّفاق ولا يرى
…
لقدر عيالًا غير جار مجاور
فتىً كان للمولى سناءً ورفعةً
…
وللطارق السَّاري قرىً غير باسر
فنعم الفتى إن كان توبة فاجرًا
…
وفوق الفتى إن كان ليس بفاجر
وفي "الشعراء": توبة بن مضرس، وهو شاعر إسلامي أيضًا، ومعاصر لتوبة بن الحمير، وينتهي نسبه إلى سعد بن زيد مناة بن تميم، ذكره الآمدي في "المؤتلف والمختلف".
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثامن والثمانون:
(88)
جاء الخلافة أو كانت له قدرًا
…
كما أتى ربَّه موسى على قدر
على أن "أو" فيه أيضًا بمعنى الواو، قال أبو حيان، أجيب بأن أو فيه للشك، كأنه قال: نال الخلافة لما رآها لاستحقاقه لها، أو قدرت له من غير إرادة لها ولا طلب، اعتناء من الله تعالى به، على أن الرواية المشهورة:"إذ كانت" وقال المصنف في "شرح بانت سعاد" عند قوله: "أو لو أنّ النُّصح مقبول"
أما البيت الأول فمعناه: لنفسي تقاها إن كنت متقيًا، أو عليها فجورها إن كنت فاجرًا، فأو فيه لأحد الشيئين، وليست بمعنى الواو. وأما البيت الثاني فالذي وقفت عليه في إنشاده في كتب الشعر والأدب "إذ كانت" فلعل الذال تصحفت بالواو، وهو تصحيف قريب. انتهى.
وأنا أقول: عندي نسختان صحيحتان قديمتان من ديوان جرير، وفي كليهما "إذ" لا "أو" ولكن في إحداهما:"جاء الخلافة إذ كانت له قدرًا" وفي الثانية "نال الخلافة إذ كانت له قدرًا" وقال جامع ديوانه وهو محمد بن حبيب: ويروى: "عز الخلافة إذ كانت له قدرًا" وكأن هذه الرواية اشتهرت، وتلك الرواية تركت، ولا تؤثر هذه الرواية طعنًا في ما رواه الجماعة، لأنهم ثقات، والله تعالى أعلم.
والبيت من قصيدة لجرير، مدح بها عمر بن عبد العزيز بن مروان الخليفة الأموي. وروى صاحب "الأغاني" وغيره أن عمر لما استخلف وفد الشعراء إليه، وأقاموا ببابه أيامًا لا يؤذن لهم، فبيناهم كذلك وقد أزمعوا على الرحيل، إذ مر بهم عدي بن أرطاة، فقال له جرير:
يا أيُّها الرَّجل المرخي عمامته
…
هذا زمانك إنِّي قد مضى زمني
أبلغ خليفتنا إن كنت لاقيه
…
أنِّي لدى الباب كالمصفود في قرن
لا تنس حاجتنا لقيِّت مغفرة
…
قد طال مكثي عن أهلي وعن وطني
فدخل عدي على عمر، فقال: الشعراء ببابك، وسهامهم مسنونة، وأقوالهم نافذة، فقال: ويحك يا عدي! مالي وللشعراء؟ قال: أعز الله أمير المؤمنين،
إن رسول الله، صلى الله تعالى عليه وسلم؛ قد امتدح وأعطى، ولك في رسول الله، صلى الله تعالى عليه، أسوة. قال: من بالباب منهم؟ قال: عمر ابن أبي ربيعة، والفرزدق، والأخطل، والأحوص، وجميل. قال: أليس هذا قائل كذا، وهذا قائل كذا؟ وذكر لكل واحد منهم أبياتًا تشعر بعدم ديانته. والله لا يدخل علي أحد منهم! فهل سوى من ذكرت؟ قال: نعم جرير، قال: أما إنه الذي يقول:
طرقتك صائدة القلوب وليس ذا
…
وقت الزيارة فارجعي بسلام
فإن كان ولابد فهو، فأذن لجرير فدخل وهو يقول:
إنَّ الذي بعث النَّبيَّ محمَّدًا
…
جعل الخلافة للإمام العادل
وسع الخلائق عدله ووفاؤه
…
حتى أرعوى وأقام ميل المائل
إنِّي لأرجو منك خيرًا عاجلًا
…
والنَّفس مولعة بحبِّ العاجل
والله أنزل في الكتاب فريضةً
…
لابن السَّبيل وللفقير العائل
فلما مثل بين يديه قال: ويحك يا جرير! اتق الله تعالى ولا تقل إلا حقًا، فأنشأ جرير يقول:
أأذكر الجهد والبلوى التي نزلت
…
أم قد كفاني ما بلِّغت من خبري
كم باليمامة من شعثاء أرملةٍ
…
ومن يتيم ضعيف الصَّوت والنَّظر
يدعوك دعوة ملهوف كأنَّ به
…
خبلًا من الجنِّ أو مسًّا من البشر
إلى أن قال:
إنّا لنرجو إذا ما الغيث أخلفنا
…
من الخليفة ما نرجو من المطر
نال الخلافة إذ كانت له قدرًا
…
كما أتى ربَّه موسى على قدر
هذي الأرامل قد قضَّيت حاجتها
…
فمن لحاجة هذا الأرمل الذَّكر
فقال: يا جرير، ما أرى لك فيما ها هنا حقًا! قال: بلى يا أمير المؤمنين، أنا ابن السبيل ومنقطع بي، فأعطاه من صلب ماله مائة درهم، وقال: ويحك يا جرير! لقد ولينا هذا الأمر وما نملك إلا ثلاثمائة درهم، فمائة أخذها عبد الله، ومائة أخذتها أم عبد الله، يا غلام أعطه المائة الباقية. فأخذها وقال: والله إنها لأحب ما اكتسبت إليّ، وإني عنه لراض، وأنشأ يقول:
رأيت رقى الشَّيطان لا تستفزُّه
…
وقد كان شيطاني من الجن راقيا
انتهى ما أورده الأصفهاني. وقوله: إذ مر بهم عدي بن أرطاة، رأيت في ديوانه في موضعين: وقال: لعون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود:
يا أيُّها القارئ المرخي عمامته
…
إلى آخر الأبيات الثلاثة
وقوله:
إنَّ الذي بعث النَّبيَّ محمدًا
…
إلخ