الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وترجمة المتنبي تقدمت في الإنشاد التاسع.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد التاسع والخمسون بعد المائة:
(159)
أليس عجيبًا بأنَّ الفتى
…
يصاب ببعض الذي في يديه
على أن الباء قد زيدت في اسم ليس المؤخر، وهو:"أن الفتى يصاب" فإنه في تأويل مفرد مرفوع، وتقديره: أليس مصاب الفتى ببعض ما في يديه عجيبًا؟ ! وأنشده المبرد في قريب من النصف من "الكامل" لمحمود الوراق مع بيتين بعده، وهما:
فمن بين باكٍ له موجعٍ
…
وبين معزِّ مغذِّ إليه
ويسلبه الشَّيب شرخ الشَّبا
…
ب فليس يعزّيه خلق عليه
وكذا رواهما القالي في أوائل "أماليه"، عن أبي محمد، عبد الله بن جعفر النحوي، عن أبي العباس، محمد بن يزيد المبرد، لمحمود الوراق، وأنشدها الجاحظ أيضًا له في كتاب "البيان" وذكرها السيد المرتضى أيضًا في "أماليه" وقال: وتروى لمحمد بن حازم، يقول: أتعجَّب من أن الرجل يعزى على تلف ماله، ولا يعزى على فقد شبابه. وأنشد المبرد لمحمود الوراق أيضًا:
يا خاضب الشَّيب الذي
…
في كلِّ ثالثة يعود
إنَّ النُّصول إذا بدا
…
فكأنَّه شيب جديد
وله بديهة لوعةٍ
…
مكروهها أبدًا عتيد
فدع المشيب كما أرا
…
د فلن يعود كما تريد
وقال أيضًا:
يا خاضب الشَّيبة نح فقدها
…
فإنَّما تدرجها في كفن
أما تراها منذ عاينتها
…
تزيد في الرَّأس بنقص البدن
وقال أيضًا:
اغتنم غفلة المنيَّة واعلم
…
أنَّما الشَّيب للمنَّية جسر
كم كبير يوم القيامة يقصى
…
وصغيرٍ له هنالك قدر
هذا ما أورده له المبرد في "كامله".
وقوله فمن بين باك له موجع، بفتح الجيم، أي: متوجع، يعني: أن الناس بعضهم يبكي على فقد ماله ويتوجع له، وبعضهم يعزبه ويغذ إليه، من أغذ إليه، بالغين والذال المعجمتين، أي: أسرع إليه بالتعزية، وشرخ الشباب: أوله المستلزم لطراوته ونعومته، والنصول: ذهاب الخضاب.
وأنشد السيد المرتضى لمحمد بن حازم:
عهد الشباب لقد أبقيت لي حزنًا
…
ما جدَّ ذكرك إلا جدَّ لي ثكل
سقيًا ورعيًا لأيَّام الشباب وإن
…
لم يبق منك له رسم ولا طلل
لا تكذبنَّ فما الدنيا بأجمعها
…
من الشباب بيومٍ واحدٍ بدل
كفاك بالشيب ذنبًا عند غانيةٍ
…
وبالشباب شفيعًا أيُّها الرجل
ومحمود الوراق بن الحسن توفي في خلافة المعتصم في حدود الثلاثين والمئتين، وأكثر شعره في الوعظ، ومن شعره:
ما إن بكيت زمانًا
…
إلاّ بكيت عليه
ولا ذممت صديقًا
…
إلاّ رجعت إليه
قال الخطيب في "تاريخ بغداد": يقال: إنه كان نخاسًا يبيع الرقيق، وطلب المعتصم منه جارية، وأعطاه سبعة آلاف دينار، فامتنع من بيعها، فلما مات اشتراها المعتصم من ميراثه بسبعمائة دينار. فلما دخلت إليه، قال: كيف رأيت؟ تركتك حتى اشتريتك من سبعة آلاف بسبعمائة دينار! قالت: أجل إذا كان الخليفة ينتظر لشهواته المواريث، فإن سبعين دينارًا كثير في ثمني فضلاً عن سبعمائة، فأخجلته. انتهى.
والوراق: معناه الناسخ بالأجرة. قال أحمد بن عبد الله بن الحارث المعروف بأبي هفان: سألت وراقًا – يعني: ناسخًا – عن حاله، فقال: عيني أضيق من محبرة، وجسمي أرق من مسطرة، وجاهي أوهى من الزجاج، وحظي أشد سوادًا من العفص إذا خلط بالزاج، وسوء حالي ألزم بي من الصمغ، وطعامي أمرّ من الصبر، وشرابي أكدر من الحبر، والهم والألم يجريان في علقة قلبي مجرى المداد في شقِّ القلم. فقلت: يا أخي لقد عبرت ببلاء عن بلاء! فأنشد:
المال يستر كلَّ عيبٍ في الفتى
…
والمال يرفع كلَّ وغدٍ ساقط
فعليك بالأموال فاقصد جمعها
…
واضرب بكتب العلم بطن الحائط