المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌50 - باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ٢

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌50 - باب صِفةِ وُضُوءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌51 - باب الوضُوء ثَلاثًا ثَلاثًا

- ‌52 - باب الوضُوءِ مَرَّتَينِ

- ‌53 - باب الوضُوءِ مَرَّةً مرَّةً

- ‌54 - باب فِي الفرْقِ بيْن المضْمَصَةِ والاسْتِنْشاقِ

- ‌55 - باب فِي الاسْتِنْثارِ

- ‌56 - باب تَخْليل اللِّحْيَةِ

- ‌57 - باب المَسْحِ عَلى العمامَةِ

- ‌58 - باب غَسْلِ الرِّجْلَيْن

- ‌59 - باب المَسْحِ على الخفَّيْن

- ‌60 - باب التَّوْقِيتِ فِي المَسْحِ

- ‌61 - باب المَسْحِ عَلَى الجَوْربَيْنِ

- ‌62 - باب

- ‌63 - باب كَيْفَ المَسْحُ

- ‌64 - باب فِي الانْتِضاحِ

- ‌65 - باب ما يَقولُ الرَّجُلُ إِذا تَوَضَّأَ

- ‌66 - باب الرَّجُل يُصلِّي الصَّلَواتِ بِوضوءٍ واحِدٍ

- ‌67 - باب تَفْرِيق الوضوءِ

- ‌68 - باب إِذا شَكَّ فِي الحَدَثِ

- ‌69 - باب الوضُوء مِنَ القُبْلَةِ

- ‌70 - باب الوضُوءِ منْ مَسِّ الذّكر

- ‌71 - باب الرُّخْصة في ذَلِك

- ‌72 - باب الوضُوء منْ لُحومِ الإِبلِ

- ‌73 - باب الوضُوءِ مِنْ مَسِّ اللَّحْمِ النيء وغَسْله

- ‌74 - باب تَرْكِ الوضوءِ منْ مَسِّ المَيْتةِ

- ‌75 - باب في ترْك الوضوءِ مِمّا مَسَّتِ النّار

- ‌76 - باب التَّشْدِيدِ فِي ذلِكَ

- ‌77 - باب فِي الوضُوءِ منَ اللَّبَنِ

- ‌78 - باب الرُّخْصةِ في ذَلِكَ

- ‌79 - باب الوضُوءِ منَ الدَّمِ

- ‌80 - باب الوضُوء مِن النَّوْمِ

- ‌81 - باب فِي الرَّجُلِ يَطَأُ الأَذى بِرِجْلِهِ

- ‌82 - باب منْ يُحْدِثُ فِي الصَّلاةِ

- ‌83 - باب فِي المَذْي

- ‌84 - باب فِي مُباشَرَةِ الحائِضِ وَمُؤاكَلتِها

- ‌85 - باب فِي الإِكْسالِ

- ‌86 - باب فِي الجُنبِ يَعود

- ‌87 - باب الوضوءِ لمَنْ أَرادَ أَنْ يعُودَ

- ‌88 - باب فِي الجُنُبِ ينام

- ‌89 - باب الجُنُبِ يأكلُ

- ‌90 - باب مَنْ قال: يتَوَضَّأُ الجُنُبُ

- ‌91 - باب فِي الجُنُب يُؤَخّرُ الغُسْلَ

- ‌92 - باب في الجُنُبِ يَقْرأُ القُرْآنَ

- ‌93 - باب فِي الجُنُبِ يُصافحُ

- ‌94 - باب فِي الجُنب يَدْخُلُ المَسْجِد

- ‌95 - باب فِي الجُنُبِ يُصَلّي بالقَوْمِ وَهو ناسٍ

- ‌96 - باب في الرّجُلِ يَجِدُ البِلَّةَ فِي مَنامِهِ

- ‌97 - باب فِي المرْأَةِ تَرَى ما يَرَى الرَّجُلُ

- ‌98 - باب في مِقْدارِ الماءِ الذي يُجْزِئُ فِي الغُسْلِ

- ‌99 - باب الغُسْلِ مِنَ الجَنابَةِ

- ‌100 - باب فِي الوضُوءِ بعْدَ الغُسْل

- ‌101 - باب فِي المرْأةِ هَلْ تنْقُضُ شَعَرَها عِنْدَ الغسْل

- ‌102 - باب في الجنبِ يغْسِلُ رَأْسَهُ بالخِطْمِيّ أيُجْزِئهُ ذَلِكَ

- ‌103 - باب فيما يَفِيض بَينَ الرَّجل والمَرْأةِ من الماءِ

- ‌104 - باب فِي مؤاكَلَةِ الحائِضِ وَمجامَعَتِها

- ‌105 - باب فِي الحائِضِ تُناولُ مِنَ المَسْجِدِ

- ‌106 - باب في الحائضِ لا تَقْضِي الصّلاة

- ‌107 - باب في إتْيانِ الحائضِ

- ‌108 - باب في الرَّجُل يُصِيبُ منْها ما دُونَ الجِماعِ

- ‌109 - باب في المرْأَةِ تُسْتَحاضُ، ومنْ قالَ: تَدَعُ الصَّلاة فِي عِدَّة الأَيّامِ التي كانتْ تَحِيضُ

- ‌110 - باب مَنْ رَوى أنَّ الحَيضَةَ إِذا أَدْبرَتْ لا تَدَعُ الصَّلاة

- ‌111 - باب مَنْ قال: إِذا أَقْبَلَتِ الحَيضَة تَدَعُ الصَّلاةَ

- ‌112 - باب مَنْ رَوَى أَنَّ المُسْتَحاضَةَ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلاةٍ

- ‌113 - باب مَنْ قال تَجْمَعُ بيْن الصَّلاتيْن وَتَغْتسِلُ لَهُما غُسْلًا

- ‌114 - باب مَنْ قالَ: تَغْتَسِلُ مَنْ طُهْرٍ إِلَى طُهْرٍ

- ‌115 - باب مَنْ قالَ: تَغْتسِلُ مَنْ ظُهْرٍ إِلَى ظُهْرٍ

- ‌116 - باب مَنْ قال تَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّة وَلَمْ يَقُلْ: عِنْدَ الظُّهْرِ

- ‌117 - باب منْ قالَ: تغْتَسِلُ بَيْنَ الأَيّامِ

- ‌118 - باب مَنْ قالَ: تَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلاةٍ

- ‌119 - باب مَنْ لَمْ يَذْكرِ الوضُوء إلَّا عِنْدَ الحَدَثِ

- ‌120 - باب فِي المَرْأةِ تَرَى الكُدْرَةَ والصُّفْرَة بعْدَ الطُّهْرِ

- ‌121 - باب المُسْتَحاضَةِ يَغْشاها زَوْجُها

- ‌122 - باب ما جاءَ فِي وقْتِ النُّفَساءِ

- ‌123 - باب الاغتِسالِ مِنَ المحَيْضِ

- ‌124 - باب التَّيَمُّمِ

- ‌125 - باب التَّيَمُّمِ فِي الحَضَرِ

- ‌126 - باب الجُنُبِ يَتيَمَّمُ

- ‌127 - باب إِذا خاف الجُنُبُ البَرْدَ أَيَتَيَمَّمُ

- ‌128 - باب فِي المَجْرُوح يَتَيَمَّمُ

- ‌129 - باب فِي المُتَيَمِّمِ يجِدُ الماءَ بَعْد ما يُصَلِّي في الوَقْتِ

- ‌130 - باب فِي الغُسْلِ يَوْمَ الجُمُعَةِ

- ‌131 - باب فِي الرُّخْصَةِ فِي تَرْكِ الغُسْلِ يوْمَ الجُمُعَةِ

الفصل: ‌50 - باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم

‌50 - باب صِفةِ وُضُوءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

-

106 -

حَدَّثَنا الَحسَن بْنُ عَلِيٍّ الحُلْوانِيُّ، حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّزّاقِ، أَخْبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عَنْ حُمْرانَ بْنِ أَبانَ - مَوْلَى عُثْمانَ بْنِ عَفّانَ - قال: رأيْتُ عُثْمانَ بْنَ عَفّانَ تَوَضَّأَ فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ ثَلاثًا فَغَسَلَهُما، ثمَّ تَمَضْمَضَ واسْتَنْثَرَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثًا وَغَسَلَ يَدَة اليُمْنَى إِلَى الِمرْفَقِ ثَلاثًا، ثُمَّ اليسْرى مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ، ثُمَّ غَسَلَ قَدَمَهُ اليُمْنَى ثَلاثًا، ثمَّ اليُسْرى مِثْلَ ذَلِكَ، ثمَّ قال: رأيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ مِثْلَ وضُوئِي هذا، ثمَّ قالَ:"مَنْ تَوَضَّأَ مِثْلَ وُضُوئِي هِذا ثُمَّ صَلَّى رَكعَتَيْنِ لا يُحَدِّثُ فِيهِما نَفْسَهُ، غَفَرَ اللهُ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"(1).

107 -

حَدَّثَنا محَمَّد بْنُ المثَنَّى، حَدَّثَنا الضَّحّاك بْن مَخْلَدٍ، حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْن وَرْدانَ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنِي حُمْرانُ قالَ: رَأَيْت عُثْمانَ بْنَ عَفّانَ تَوَضَّأَ. فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَلَمْ يَذْكرِ المضْمَضَةَ والاستِنْشاقَ، وقالَ فِيهِ: وَمَسَحَ رَأْسَهُ ثَلاثًا ثمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلاثًا. ثمَّ قال: رأيْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ هَكَذا، وقالَ:"مَنْ تَوَضَّأَ دُونَ هذا كفاهُ". وَلم يَذْكُرْ أَمْرَ الصَّلاةِ (2).

108 -

حَدَّثَنا مُحَمَّد بْن داوُدَ الإِسْكَنْدَرانِيُّ، حَدَّثَنا زِيادُ بْن يُونُسَ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ زِيادٍ المُؤَذِّن، عَنْ عُثْمانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِيِّ، قالَ: سُئِلَ ابن أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ الوُضُوءِ، فَقالَ: رَأَيْتُ عُثْمانَ بْنَ عَفّانَ سُئِلَ عَنِ الوُضُوءِ، فَدَعا بِماءٍ، فَأُتِيَ بِمِيضَأَةٍ، فَأَصْغَى عَلَى يَدِهِ اليُمْنَى، ثُمَّ أَدْخَلَها فِي الماءِ، فَتَمَضْمَضَ ثَلاثًا، واسْتَنْثَرَ ثَلاثًا،

(1) رواه البخاري (159، 164)، ومسلم (226). وانظر ما سيأتي بالأرقام (107 - 110).

(2)

رواه البزار في "مسنده"(418) وقال الألباني في "صحيح أبي داود" 1/ 179: إسناده حسن صحيح.

ص: 5

وَغَسَلَ وَجْهَهُ. ثَلاثًا، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ اليُمْنَى ثَلاثًا، وَغَسَلَ يَدَهُ اليُسْرى ثَلاثًا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَأَخَذَ ماءً فَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأذنَيْهِ، فَغَسَلَ بُطُونَهُما وَظُهُورَهُما مَرَّةً واحِدَةً، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ قالَ: أَيْنَ السّائِلُونَ عَنِ الوُضُوءِ؟ هَكَذا رَأَيْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأ.

قالَ أَبُو داوُدَ: أَحادِيثُ عُثْمانَ رضي الله عنه الصِّحاحُ كُلُّها تَدُلُّ عَلَى مَسْحِ الرَّأْسِ أَنَّهُ مَرَّةٌ، فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا الوُضُوءَ ثَلاثًا، وَقالُوا فِيها: وَمَسَحَ رَأْسَهُ. وَلَمْ يَذْكُرُوا عَدَدًا كَما ذَكَرُوا فِي غَيْرِهِ (1).

109 -

حَدَّثَنا إِبْراهِيم بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنا عِيسَى، أَخْبَرَنا عُبَيْدُ اللهِ - يَعْنِي: ابن أَبِي زِيادٍ - عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ، أَنَّ عُثْمانَ دَعا بِماءٍ، فَتَوَضَّأَ، فَأَفْرَغَ بِيَدِهِ اليُمْنَى عَلَى اليُسْرى، ثُمَّ غَسَلَهُما إِلَى الكُوعَيْنِ، قالَ: ثمَّ مَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ ثَلاثا، وَذَكَرَ الوُضُوءَ ثَلاثًا، قالَ: وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ، وَقال: رأيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ مِثْلَ ما رَأَيْتُمُونِي تَوَضَّأْت. ثمَّ ساقَ نَحْوَ حَدِيثِ الزُّهْرِي وَأَتَمَّ (2).

110 -

حَدَّثَنا هارُون بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنا إِسْرائِيلُ، عَنْ عامِرِ بْنِ شَقِيقِ بْنِ جَمْرَةَ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ قال: رأيْتُ عُثْمانَ بْنَ عَفّانَ غَسَلَ ذِراعَيْهِ ثَلاثًا ثَلاثًا وَمَسَحَ رَأْسَه ثَلاثًا، ثمَّ قالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ هذا (3).

قالَ أَبُو داوُدَ: رَواهُ وَكِيعٌ عَنْ إِسْرائِيلَ، قالَ: تَوَضَّأَ ثَلاثًا فَقَطْ.

111 -

حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا أَبُو عَوانَةَ، عَنْ خالِدِ بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ قالَ: أَتانا عَلِيٌّ رضي الله عنه وَقَدْ صَلَّى، فَدَعا بِطَهُورٍ، فَقُلْنا: ما يَصْنَعُ بِالطَّهُورِ وَقَدْ صَلَّى؟ ما يُرِيدُ

(1) قال الألباني في "صحيح أبي داود" 1/ 181: إسناده حسن صحيح.

(2)

رواه الدارقطني 1/ 85، والبيهقي في "الكبرى" 1/ 47، وقال الألباني في "صحيح أبي داود" 1/ 184: إسناده صحيح.

(3)

رواه الدارقطني 1/ 91، وقال الألباني "صحيح أبي داود" 1/ 185: إسناده حسن صحيح.

ص: 6

إلَّا أَنْ يُعَلِّمَنا، فَأُتِيَ بِإناءٍ فِيهِ ماءٌ وَطَسْتٍ فَأَفْرَغَ مِنَ الإِناءِ عَلَى يَمِينِهِ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثَلاثًا، ثُمَّ تَمَضْمَضَ واسْتَنْثَرَ ثَلاثًا فَمَضْمَضَ وَنَثَرَ مِنَ الكَفِّ الذِي يَأْخُذُ فِيهِ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَه ثَلاثًا، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ اليُمْنَى ثَلاثًا وَغَسَلَ يَدَه الشِّمالَ ثَلاثًا، ثُمَّ جَعَلَ يَدَهُ فِي الإِناءِ فَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّةً واحِدَةً، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَه اليُمْنَى ثَلاثًا وَرِجْلَهُ الشِّمالَ ثَلاثًا، ثمَّ قالَ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَعْلَمَ وُضُوءَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فهُوَ هذا (1).

112 -

حَدَّثَنا الْحَسَنُ بْن عَلِيٍّ الْحُلْوانِيُّ، حَدَّثَنا الحسَيْنُ بْن عَليٍّ الجُعْفِيُّ، عَنْ زائِدَةَ، حَدَّثَنا خالِدُ بْن عَلْقَمَةَ الهَمْدانِيّ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ قالَ: صَلَّى عَلِيٌّ رضي الله عنه الغَداةَ، ثُمَّ دَخَلَ الرَّحْبَةَ، فَدَعا بِماءٍ، فَأَتاهُ الغُلامُ بإناءٍ فِيهِ ماءٌ وَطَسْتٍ، قالَ: فَأَخَذَ الإِناءَ بِيَدِهِ اليمْنَى، فَأَفْرَغَ عَلَى يَدِهِ اليُسْرى وَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلاثًا، ثمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ اليُمْنَى فِي الإِناءِ فَتَمَضْمَضَ ثَلاثًا واسْتَنْشَقَ ثَلاثًا.

ثمَّ ساقَ قَرِيبًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَوانَةَ، قالَ: ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ مُقَدَّمَة وَمُؤَخَّرَهُ مَرَّةً. ثمَّ ساقَ الَحدِيثَ نَحْوَهُ (2).

113 -

حَدَّثَنا محَمَّد بْن المُثَنَّى، حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن جَعْفَرٍ، حَدَّثَنِي شُعْبَةُ، قالَ: سَمِعْتُ مالِكَ بْنَ عُرْفطَةَ، سَمِعْت عَبْدَ خَيْرٍ قال: رأيْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه أتي بِكُرْسِيٍّ فَقَعَدَ عَلَيْهِ، ثمَّ أُتِيَ بِكُوزٍ مِنْ ماءٍ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثَلاثًا، ثُمَّ تَمَضْمَضَ مَعَ الاسْتِنْشاقِ بِماءٍ واحِدٍ. وَذَكَرَ الحَدِيثَ (3).

114 -

حَدَّثَنا عُثْمانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنا رَبِيعَة الكِنانِيُّ، عَنِ

(1) رواه الترمذي (49)، والنسائي 1/ 67، 68 وابن ماجه (404)، وأحمد 1/ 115، 122، 123، 135، 139، 154. وانظر ما سيأتي بالأرقام (112 - 116).

وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(100).

(2)

رواه الترمذي (249)، ولم يسق متنه، والنسائي 1/ 68، وابن ماجه (454)، وأحمد 1/ 154. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" (101).

(3)

رواه أحمد 1/ 139، والبيهقي 1/ 85.

صححه الألباني في "صحيح أبي داود"(102).

ص: 7

الِمنْهالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، أنَّه سَمِعَ عَلِيًّا رضي الله عنه وَسُئِلَ عَنْ وُضُوءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ الحَدِيثَ، وقالَ: وَمَسَحَ عَلَى رَأْسِهِ حَتَّى لمَّا يَقْطُرْ، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلاثًا ثَلاثًا، ثُمَّ قالَ: هَكَذا كانَ وُضُوءُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم (1).

115 -

حَدَّثَنا زِيادُ بْنُ أَيُّوبَ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنا عُبَيْدُ اللهِ بْن مُوسَى، حَدَّثَنا فِطْرٌ، عَنْ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قال: رأيْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه تَوَضَّأَ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثًا، وَغَسَلَ ذِراعَيْهِ ثَلاثًا، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ واحِدَةً، ثُمَّ قالَ: هَكَذا تَوَضَّأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم (2).

116 -

حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ وَأَبُو تَوْبَةَ قالا: حَدَّثَنا أَبُو الأحوَصِ (ح)

وَحَدَّثَنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنا أَبُو الأحوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحاقَ، عَنْ أَبِي حَيَّةَ قال: رأيْت عَلِيًّا رضي الله عنه تَوَضَّأَ، فَذَكَرَ وُضُوءَهُ كُلَّهُ ثَلاثًا ثَلاثًا، قالَ: ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ إِلَى الكَعْبَيْنِ، ثُمَّ قالَ: إِنَّما أَحْبَبْت أَنْ أُرِيَكمْ طُهُورَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم (3).

117 -

حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيزِ بْن يَحْيَى الحرّانِيُّ، حَدَّثَنا مُحَمَّد - يَعْنِي: ابن سَلَمَةَ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكانَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ الخَوْلانِيِّ، عَنِ ابن عَبّاسٍ قالَ: دَخَلَ عَليَّ عَليٌّ - يَعْنِي: ابن أَبِي طالِبٍ - وَقَدْ أَهْراقَ الماءَ، فَدَعا بِوَضُوءٍ، فَأَتَيْناهُ بِتَوْرٍ فِيهِ ماءٌ حتَّى وَضَعْناه بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقالَ: يا ابن عَبّاسٍ أَلا أريكَ كَيْفَ كانَ يَتَوَضَّأ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قُلْتُ: بَلَى.

قالَ: فَأَصْغَى الإِناءَ عَلَى يَدِهِ، فَغَسَلَها، ثمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ اليُمْنَى فَأَفْرَغَ بِها عَلَى الأخرى، ثمَّ غَسَلَ كَفَّيْهِ، ثمَّ تَمَضْمَضَ واسْتَنْثَرَ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَيْهِ فِي الإِناءِ جَمِيعًا، فَأَخَذَ

(1) رواه أحمد 1/ 157، والنسائي 1/ 70، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(103).

(2)

رواه ابن أبي شيبة 1/ 253 (54)، أحمد 1/ 157، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(104).

(3)

انظر ما سلف برقم (111). وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(105).

ص: 8

بِهِما حَفْنَةً مِنْ ماءٍ فَضَرَبَ بِها عَلَى وَجْهِهِ، ثمَّ ألقَمَ إِبْهامَيْهِ ما أَقْبَلَ مِنْ أُذُنَيْهِ، ثمَّ الثّانِيَةَ، ثمَّ الثّالِثَةَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثمَّ أَخَذَ بِكَفِّهِ اليُمْنَى قَبْضَةً مِنْ ماءٍ فَصَبَّها عَلَى ناصِيَتِهِ فَتَرَكَها تَسْتَنُّ عَلَى وَجْهِهِ، ثمَّ غَسَلَ ذِراعَيْهِ إِلَى الِمرْفَقَيْنِ ثَلاثًا ثَلاثًا، ثمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ وَظُهُورَ أُذُنَيْهِ، ثمَّ أَدْخَلَ يَدَيْهِ جَمِيعًا فَأَخَذَ حَفْنَةً مِنْ ماءٍ فَضَرَبَ بِها عَلَى رِجْلِهِ وَفِيها النَّعْل فَفَتَلَها بِها، ثُمَّ الأُخْرى مِثْلَ ذَلِكَ.

قالَ: قُلْتُ: وَفِي النَّعْلَيْنِ؟ قالَ: وَفِي النَّعْلَيْنِ.

قالَ: قُلْتُ: وَفِي النَّعْلَيْنِ؟ قالَ: وَفِي النَّعْلَيْنِ.

قالَ: قلْت: وَفِي النَّعْلَيْنِ؟ قالَ: وَفِي النَّعْلَيْنِ.

قالَ أَبُو داوُدَ: وَحَدِيثُ ابن جُرَيْجٍ عَنْ شَيْبَةَ يُشْبِه حَدِيثَ عَلِيٍّ، لأَنَّهُ قالَ فِيهِ: حَجّاجُ بْن مُحَمَّدٍ، عَنِ ابن جُرَيْجٍ: وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّةً واحِدَةً.

وقالَ ابن وَهْبٍ فِيهِ: عَنِ ابن جُرَيْجٍ: وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ ثَلاثًا (1).

118 -

حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مالِكٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى المازِنيِّ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قالَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عاصِمٍ - وَهُوَ جَدُّ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى المازِنيِّ: هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُرِيَنِي كَيْفَ كانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ؟ فَقالَ عَبْدُ اللهِ بْن زيدٍ: نَعَمْ. فَدَعا بِوَضُوءٍ فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ تَمَضْمَضَ واسْتَنْثَرَ ثَلاثًا، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثًا، ثمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ إِلَى الِمرْفَقَيْنِ، ثمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِما وَأَدْبَرَ، بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِما إِلَى قَفاهُ، ثُمَّ رَدَّهُما حَتَّى رَجَعَ إِلَى المكانِ الذِي بَدَأَ مِنْهُ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ (2).

(1) رواه أحمد 1/ 82، والبزار 2/ 110 - 111 (463، 464)، وأبو يعلى (600)، وابن خزيمة (153)، وابن حبان (1585)، والبيهقي 1/ 74. وانظر ما سلف برقم (111).

وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود"(106).

(2)

رواه البخاري (185)، ومسلم (235). وانظر ما بعده.

ص: 9

119 -

حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا خالِدٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى المازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عاصِمٍ، بهذا الَحدِيثِ قالَ: فَمَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ مِنْ كَفٍّ واحِدَةٍ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاثًا. ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ (1).

120 -

حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْن عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، حَدَّثَنا ابن وَهْب، عَنْ عَمْرِو بْنِ الحارِثِ، أَنَّ حَبّانَ بْنَ واسِعٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ أَباهُ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ زَيْدِ بْنِ عاصِمٍ المازِنِيَّ يَذْكُرُ أَنَّهُ رَأى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ وُضُوءَهُ، وقالَ: وَمَسَحَ رَأْسَه بِماءٍ غَيْرِ فَضْلِ يَدَيْهِ، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ حَتَّى أَنْقاهُما (2).

121 -

حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْن مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنا أَبُو المُغِيرَة، حَدَّثَنا حَرِيزٌ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَيْسَرَةَ الحَضْرَمِيُّ، سَمِعْتُ الِمقْدامَ بْنَ مَعْدِيكَرِبَ الكِنْدِيَّ قالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ، فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلاثًا، ثُمَّ تَمَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ ثَلاثًا، وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثًا، ثُمَّ غَسَلَ ذِراعَيْهِ ثَلاثًا ثَلاثًا، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأذنَيْهِ ظاهِرهِما وَباطِنِهِما (3).

122 -

حَدَّثَنا مَحْمودُ بْنُ خالِدٍ وَيَعْقُوبُ بْنُ كَعْبٍ الأنطاكِيُّ - لَفْظُهُ - قالا: حَدَّثَنا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ حَرِيزِ بْنِ عُثْمانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنِ الِمقْدامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ قال: رأيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ، فَلَمّا بَلَغَ مَسْحَ رَأْسِهِ وَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى مُقَدَّمِ رَأْسِهِ، فَأَمَرَّهُما حَتَّى بَلَغَ القَفا، ثمَّ رَدَّهُما إِلَى المَكانِ الذِي بَدَأَ مِنْهُ.

قالَ مَحْمُودٌ: قالَ: أَخْبَرَنِي حَرِيزٌ (4).

(1) رواه البخاري (191)، ومسلم (235). وانظر ما قبله وما بعده.

(2)

رواه مسلم (236). وانظر ما قبله.

(3)

رواه ابن ماجه (442، 457) وأحمد 4/ 132، والطبراني 20/ 277. وانظر الطريقين الآتيين.

وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(112).

(4)

انظر السابق والتالي. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(113).

ص: 10

123 -

حَدَّثَنا مَحْمُودٌ بْنُ خالِدٍ وَهِشامٌ بْنُ خالِدٍ - المَعْنَى - قالا: حَدَّثَنا الوَلِيدُ بهذا الإِسْنادِ، قالَ: وَمَسَحَ بِأُذُنَيْهِ ظاهِرِهِما وَباطِنِهِما.

زادَ هِشامٌ: وَأَدْخَلَ أَصابِعَهُ فِي صِماخِ أُذُنَيْهِ (1).

124 -

حَدَّثَنا مُؤَمَّلُ بنُ الفَضْلِ الحَرّانِيُّ، حَدَّثَنا الوَليدُ بْن مُسْلِمٍ، حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْن العَلاءِ، حَدَّثَنا أَبُو الأزْهَرِ المُغِيرَة بْنُ فَرْوَةَ وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي مالِكِ، أَنَّ مُعاوِيَةَ تَوَضَّأَ لِلنّاسِ كَما رَأى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأ، فَلَمّا بَلَغَ رَأْسَهُ غَرَفَ غَرْفَةً مِنْ ماءٍ، فَتَلَقّاها بِشِمالِهِ حَتَّى وَضَعَها عَلَى وَسَطِ رَأْسِهِ حَتَّى قَطَرَ الماءُ أَوْ كادَ يَقْطُرُ، ثمَّ مَسَحَ مِنْ مُقَدَّمِهِ إِلَى مُؤَخَّرِهِ وَمِنْ مُؤَخَّرِهِ إِلَى مُقَدَّمِهِ (2).

125 -

حَدَّثَنا مَحْمُودُ بْنُ خالِدٍ، حَدَّثَنا الوَلِيدُ بهذا الإسْنادِ، قالَ: فَتَوَضَّأَ ثَلاثًا ثَلاثًا وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ بِغَيْرِ عَدَدٍ (3).

126 -

حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا بِشْرْ بْنُ المُفَضَّلِ، حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْن محَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بنِ عَفْراءَ قالَتْ: كانَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْتِينا فَحَدَّثَتْنا أنَّهُ قالَ: "اسْكُبِي لِي وَضُوءًا". فَذَكَرَتْ وُضُوءَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قالَتْ فِيهِ: فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلاثًا، وَوَضَّأَ وَجْهَهُ ثَلاثًا، وَمَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ مَرَّةً، وَوَضَّأَ يَدَيْهِ ثَلاثًا ثَلاثًا، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّتَيْنِ: يَبْدَأ بِمُؤَخَّرِ رَأْسِهِ ثُمَّ بِمُقَدَّمِهِ، وَبِأُذُنَيْهِ كِلْتَيْهِما ظُهُورِهِما وَبُطُونِهِما، وَوَضَّأَ رِجْلَيْهِ ثَلاثًا ثَلاثًا. قالَ أَبو داودَ: وهذا مَعْنَى حَدِيثِ مُسَدَّدٍ (4).

(1) انظر الطريقين السالفين قبله. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(114).

(2)

رواه أحمد 4/ 94، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 30، والطبراني 19/ 384 (900)، والبيهقي 1/ 59. وانظر ما بعده.

وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(115).

(3)

انظر السابق. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(116).

(4)

رواه الترمذي (33، 34) ابن ماجه (390، 418، 438، 440) وأحمد 6/ 358.

وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود"(117).

ص: 11

127 -

حَدَّثَنا إِسْحاقُ بْنُ إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا سُفْيانُ، عَنِ ابن عَقِيلٍ بهذا الحَدِيثِ، يُغَيِّرُ بَعْضَ مَعاني بِشْرٍ، قالَ: فِيهِ وَتَمَضْمَضَ واسْتَنْثَرَ ثَلاثًا (1).

128 -

حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَيَزِيدُ بْنُ خالِدٍ الهَمْدانِيُّ قالا: حَدَّثَنا اللَّيْثُ، عَنِ ابن عَجْلانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ محَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بنِ عَفْراءَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ عِنْدَها فَمَسَحَ الرَّأْسَ كلَّهُ مِنْ قَرْنِ الشَّعْرِ، كلَّ ناحِيَةٍ لِمُنْصَبِّ الشَّعْرِ، لا يُحرِّكُ الشَّعْرَ عَنْ هَيْئَتِهِ (2).

129 -

حَدَّثَنا قُتَيْبَةُ بْن سَعِيدٍ، حَدَّثَنا بَكْرٌ - يَعْنِي: ابن مُضَرَ - عَنِ ابن عَجْلانَ، - عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ محَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، أَنَّ رُبَيِّعَ بِنْتَ مُعَوِّذِ بنِ عَفْراءَ أَخْبَرَتْهُ قالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يتَوَضَّأ، قالَتْ: فَمَسَحَ رَأسَهُ وَمَسَحَ ما أَقْبَلَ مِنْهُ وَما أَدْبَرَ وَصُدْغَيْهِ وَأذُنَيْهِ مَرَّةً واحِدَةً (3).

130 -

حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْنُ داوُدَ، عَنْ سُفْيانَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ ابن عَقِيلٍ، عَنِ الرُّبَيِّعِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مسَحَ بِرَأْسِهِ مِنْ فَضْلِ ماءٍ كانَ فِي يَدِهِ (4).

131 -

حَدَّثَنا إِبْراهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنا وَكِيعٌ، حَدَّثَنا الْحَسَنُ بْنُ صالِحٍ، عَنْ عَبدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيل، عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بن عَفْراءَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم توَضَّأَ فَأَدْخَلَ إِصْبَعَيْهِ فِي جُحْرى أُذُنَيْهِ (5).

(1) انظر السابق. وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود" 1181).

(2)

رواه أحمد 6/ 359، 360، والطبراني 24/ 271 (688)، والبيهقي 1/ 60. وانظر ما سلف برقم (126). وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود"(119).

(3)

انظر ما سلف برقم (126). وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود"(120).

(4)

رواه ابن أبي شيبة 1/ 307 (212)، وأحمد 6/ 358، والطبراني 24/ 269 (681)، والدارقطني 1/ 87، والبيهقي 1/ 237.

وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود"(121).

(5)

رواه ابن ماجه (441)، وأحمد 6/ 359.

وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود"(122).

ص: 12

132 -

حَدَّثَنا محَمَّد بْن عِيسَى وَمُسَدَّدٌ قالا: حَدَّثَنا عَبْدُ الوارِثِ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قال: رأيْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ رَأْسَة مَرَّةً واحِدَةً حَتَّى بَلَغَ القَذالَ - وَهُوَ أَوَّلُ القَفا - وقالَ مُسَدَّدٌ: وَمَسَحَ رَأْسَهُ مِنْ مُقَدَّمِهِ إِلَى مُؤَخَّرِهِ حَتَّى أَخْرَجَ يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِ أُذُنَيْهِ.

قالَ مُسَدَّدٌ: فَحَدَّثْتُ بِهِ يَحْيَى فَأَنْكَرَهُ.

قالَ أَبُو داوُدَ: وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقول: ابن عُيَيْنَةَ - زَعَمُوا - كانَ يُنْكِرُه، وَيَقولُ: أَيْشِ هذا: طَلْحَةُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ؟ (1).

133 -

حَدَّثَنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنا يَزِيدُ بْنُ هارونَ، أَخْبَرَنا عَبّادُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خالِدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عَبّاسٍ رَأى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ، فَذَكَرَ الحَدِيثَ كلَّه ثَلاثًا ثَلاثًا، قالَ: وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأذنَيْهِ مَسْحَةً واحِدَةً (2).

134 -

حَدَّثَنا سُلَيْمانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنا حَمّادٌ (ح)

وَحَدَّثَنا مُسَدَّدٌ وَقُتَيْبَةُ، عَنْ حَمّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سِنانِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَب، عَنْ أَبِي أُمامَةَ، وَذَكَرَ وُضُوءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قالَ: كانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ الَمأْقَيْنِ، قالَ: وقالَ: "الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ".

قالَ سُلَيْمانُ بْنُ حَرْبٍ: يَقُولُها أَبُو أُمامَةَ.

قالَ قُتَيْبَة: قالَ حَمَّادٌ: لا أَدْرِي هُوَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ مِنْ أَبِي أُمامَةَ. يَعْنِي قِصَّةَ الأُذُنَيْنِ. قالَ قُتَيْبَةُ: عَنْ سِنانٍ أَبِي رَبِيعَةَ.

(1) رواه ابن أبي شيبة 1/ 291 (150)، وأحمد 3/ 481، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 30، والطبراني 19/ 180 (407)] (458)] (409)، والبيهقي 1/ 60. وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" (15).

(2)

رواه ضمن حديث مطول أحمد 1/ 369، ورواه أيضا الطبراني 12/ 70 (12504) وذكر فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثا ثلاثا، ولم يذكر مسح الرأس مرة.

وقال الألباني في "ضعيف أبي داود"(16): إسناده ضعيف جدًّا.

ص: 13

قالَ أَبُو داوُدَ: وَهُوَ ابن رَبِيعَةَ، كُنْيَتُهُ أَبُو رَبِيعَةَ (1).

* * *

باب صِفَةِ وُضُوءِ رسُول الله صلى الله عليه وسلم

[106]

(ثَنَا الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ) الهذلي (الْحُلْوَانِيُّ) الخلال الحَافظ نزيل مكة شيخ الشيخين، قال:(ثَنَا عَبْدُ الرَّزاقِ) قال: (ثنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ (2)، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيثِيِّ، عَنْ حُمْرَانَ) بِضَم الحَاء المهملة، والزهري عن عطاء عن حمران هؤلاء ثلاثة (3) تابعيُّون يروي بَعضهم عن بعض (بْنِ أَبَانَ) وقيل: ابن أبي، توفي سَنة خمس وسبعين، وهو من سبي عين التمر، وهو أول سَبي دَخل المدينة في خلافة أبي بكر رضي الله عنه سَبَاهُ خالد بن الوليد فرآه غلامًا أحمرَ محبوبًا كيسًا (مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ) أعتقهُ عُثمان وأقطعهُ عَين التمر، وأقطعه أيضًا أرضا على ثلاث (4) فراسخ من الأيلة مما يَلي البَحر.

(قال: رأيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ) بن أبي العَاص بن أميَّة أمير المؤمنين رضي الله عنه (تَوَضَّأَ) أتى بالوُضوء أولًا مجملًا ثم أتى به مُقسمًا مفصّلًا.

(فَأَفْرَغَ) أي: صب وفيه: دليل على غسل اليَدين قبل إدخالهما في الإناء في ابتداء الوُضوء مُطلقًا احتياطًا، والحَديث المتقدم يعطي

(1) رواه الترمذي (37) ببعضه، وابن ماجه (444)، وأحمد 5/ 258.

وقال الألباني في "صحيح أبي داود"(123): حديث صحيح دون (مسح المأقين).

(2)

زاد هنا في (ص): حمدان.

(3)

في (د): الثلاثة.

(4)

من (م).

ص: 14

استحبابه عند القيام منَ النَّوم، وتقدم التفصيل بينهما عن ابن دَقيق العيد.

(عَلَى يَدَيْهِ) ظاهره الإفراغ عليهما مغا، وقد جاء في رواية أُخرى: أفرغ بيده اليُمنى على اليُسرى.

(ثلاثا فَغَسَلَهُمَا) تقدم أنَّ غسلهما مُسْتَحب أو سُنة، وهل يفتقر غسلهما إلى نية.

قال البَاجي (1) ما مَعْنَاهُ: إن من جعلهما من سُنن الوُضوء كابن القاسم اشترط النية في غسْلهما، ومن رأى النظافة كأشهب ويحيى بن يحيى لم يشترطها.

(ثُمَّ مَضْمَضَ) أصْل المَضمَضة مُشعر بالتحريك، ومنهُ مَضمَض النعاس في عينَيه، واستعمل هُنا لتَحريك الماء في الفَم، هذا (2) مَوْضوعها في اللغة. قال أصحابنا: كمالُ المضمَضة أن يجعَل الماء في فيه ويُديرُه ثم يمجّه (3)، وأقلها (4) أن يجعَل الماءَ في فيه ولا يشترط المجّ، ولا يشترط الإدارة في الأصحِ.

(وَاسْتَنْثَرَ) سَيأتي في حَديث عُثمان أيضًا مضمض (5) واستنشق. وفي رواية الصحيحين: فمضمض واستنشق واستنثر (6). وفرق بينهما بأن الاستنشاق إيصال الماء إلى الأنف، والاستنثار إخراج مَا فيه من

(1)"المنتقى شرح الموطأ" 1/ 38.

(2)

زاد هنا في (ص): هو.

(3)

من (م).

(4)

في (م): أقله.

(5)

في (د): تمضمض.

(6)

"صحيح البخاري"(164)، و"صحيح مسلم"(236)(19).

ص: 15

مخاط وغَيره. قال شَيخنا ابن حجر - مَتع الله ببقائه -: ولم أرَ في شيء من طرق هذا الحَديث تَقييد ذلك (بعدد، نعم)(1) ذكرهُ ابن المنذر من طريق يُونس عن الزهري، وكذا ذكرهُ أبو داود من وجهين آخرين عن عثمان (2).

[(ثم غسل) ورواية الخطيب: وغسل (وجهه)](3) ورواية: (ثم) أكثر، وفيه دلالة على تأخير غسْل الوَجه عن المضمضة والاستنشاق.

وقد ذكرُوا أن حكمة ذلك اعتبَار أوصَاف الماء، لأن اللون يدرك بالبَصر، والطعم يدرك بالفم، والرِّيح يدرك بالأنف، وسَيأتي ذكر حكمة الاستنثار فيما بَعده، وقدمت المضمضة والاستنشاق وهما سُنتان على الوَجْه وهو مفروض؛ احتياطًا للعَبادة.

(ثَلاثًا) فيه أن السُّنة تثليث غسل الوَجه بالإجماع، بل أوجبهُ بَعض العُلماء (وَغَسَلَ يَدَهُ اليُمْنَى) فيه أن السُّنة تقديم اليد اليُمنى.

وزَعَمَ المرتضى الشيعي أنَّ الشافعي في القديم كانَ يُوجب تقديم اليُمنى (4) للحَديث الآتي: "إذا توضأتم فابدؤوا بميامنكم"(5)(إِلَى المرْفقِ) بفتح الميم وكسر الفاء (6) كمسجد، وبالعكس لغتان سُمي بذلك؛ لأن الإنسان يرتفق به بالاتكاء عليه (ثَلاثًا) فإن شك في عدد

(1) في (ص): بعددهم.

(2)

"فتح الباري" 1/ 312.

(3)

بياض في (ل).

(4)

"الشرح الكبير" 1/ 127.

(5)

سيأتي تخريجه برقم (4141).

(6)

في (ص، س، ل): الراء.

ص: 16

منها أخذ بالأقل؛ لأنه الأصل كما في عدد الركعات.

(ثُمَّ اليُسْرى) فعَلَ فيها فعلًا (مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ) هو بحذف الباء في الرواية، وفيه حَذف تقديره: مسَح رأسه بالماء. فمسح متعد لمفعُولين: أحَدُهما: بِنَفسه، والثاني: بالباء، ولم تخير العرب بين المفعولين في هذِه الباء بل عينتها لما هُو آلة المسح، فإذا قلتَ: مسحتُ يدي بالحائط، فالرطوبة الممسوحَة على يدك والحائط هو الآلة التي أزلت بهَا عن يدك، وإذا قلتَ: مَسَحتُ الحائط بيدي. فالشيء المزالُ هو على الحائط، ويدك هي الآلة المزيلة، وكذلك: مَسَحت يدي بالمنديل، المنديل: الآلة؛ لأن (1) التنشف إنما وقع في المنديل لا في يَدك هذِه قاعدة عربيَّة، ولم تجز العرب في ذلك حَيث قال (2): مَسَحْتُ رأسي، فالشيء المزَال إنما هو عن (3) الرأس، وحيث قال برأسي، فالشيء المزال عن غَيرها (4) وقد أزيل.

(ثُمَّ غَسَلَ قَدَمَهُ اليُمْنَى ثَلاثًا) فيه دليل على ما قال أكثر أهل العلم أن الوَاجب في الرجلين غسلهما، وفعل النَّبي صلى الله عليه وسلم مُبين للآية.

وقال ابن أبي ليلى: أجمع أصحاب رسُول الله صلى الله عليه وسلم على غسل القدمين (5).

(ثُمَّ) غسْل (الْيُسْرى مِثْلَ ذَلِكَ) أي: ثلاثًا (ثُمَّ قال: رأيْتُ رَسُولَ اللهِ

(1) في (ص، س، ل، م): والمنديل بيدي.

(2)

في (م): قالت.

(3)

في (م): على.

(4)

في (م): غيرهما.

(5)

"المغني" 1/ 184.

ص: 17

- صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ مِثْلَ) وفي رواية الصحيحين: نحو (وُضُوئِي هذا).

قال الفاكهي: ينبغي أن يشاهد الفرق بين لفظ (نحو) ولفظ (مثل) فإنه لا مطابقة بينهما؛ إذ كانت لفظة مثل (تقتضي بظاهرها)(1) المسَاواة من كل الوجوه إلا من الوجه الذي به يقع الامتياز بين الحقيقتين بحيث يخرجهما عن الوحدة، ولفظة نحو تقتضي المقاربة دون المماثلة من كل وجه، وإنما ترَجَّحت هُنا لفظة (نحو) دون (مثل)؛ لأن مثل وضوئه لا يقدر عليه غيره فيكونُ الثوابُ المذكور في هذا الحَديث مترتبًا (2) على المقاربة لا على المماثلة، وهذا ما تقتضيه الشريعَة السَّمحة، وقد ورد التعبير بمثل وضوئي في البخاري في كتاب الرقاق من طريق مُعَاذ بن عَبد الرحمن عن حمران عن عثمان، ولفظه:"من توضأ مثل هذا الوُضوُء"(3).

وله في الصيام من رواية معمر: "من توضأ وُضوئي"(4)، ولمُسلم من طريق زيد بن أسلم:"توضأ مثل وضوئي هذا"(5). وعلى هذا فالتعبير بـ (نحو) من تصرُّف الرواة؛ لأنها تطلق على المثلية جَوَازًا؛ ولأن (مثل) وإن كانت تقتضي المسَاواة ظاهِرًا، لكنها تطلق على الغالب، فبهذا تلتئم الروايتان، ويكون المتروك بحيث لا يخل بالمقصُود.

(ثُمَّ قَالَ: مَنْ تَوَضَّأَ مِثْلَ وُضُوئِي هذا و (6) صَلَّى رَكْعَتَيْنِ) فيه استحبَاب

(1) في (ص): بمقتضى تظاهرها.

(2)

في (ص، س، ل، م): تقريبا.

(3)

"صحيح البخاري"(6433).

(4)

"صحيح البخاري"(1934).

(5)

"صحيح مسلم"(229)(8).

(6)

في (م): ثم.

ص: 18

صَلاة ركعتين فأكثر، كما سيأتي في تحية المسجد عقيب كل وضوء، وذلك عند الشافعي ومن تابعهُ (1) من السُّنَن المؤكدة حَتى يفعل في أوقات النهي؛ لأن لها سببًا، ودليلنا على ذلك حَديث بلال المخرج في الصحيحين (2) وغَيره.

قال الفاكهي: لا يتنفل في مذهبنَا في أوقات النهي مطلقًا، وليست هاتان الركعتان عندنا مِنَ السُّنَن، وإنَّما تُستحب في غَير أوقات النهي.

وإنما (3) حديث بلال فيجوز أن يكون مخصُوصًا بغَير أوقات النَّهي، وليس ذلك بأول عَام خَصّ، وذلك [جمعًا بين](4) حَديثه وحَديث النهيَ عن الصلاة في أوقات النَّهي، وإن ذلك أولى من إلغاء أحد الحديثين.

(لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ) فيه إثبات حَديث النفس، وهو مَذْهب أهل الحق، والمرادُ بحديث النفس هنا مَا يكون من كَسْب العَبد واجتلابه له، يشهد لذلك إسناد الفعل إليه في قوله: لا (5) يُحدث فيهما نفسه فإنه يقتضي تكسبًا منه، وأما الخواطِر التي ليست مِن جنس يقدر عليه فليست داخلة في هذا الحَديث، وقد عفي لهذِه الأمة عن الخواطر التي تعرض ولا تستقر في الصَّلاة وغَيرها حتى لو كان كفرًا والعياذ بالله تعَالى، هذا كلهُ فيما كان من أمُور الدُّنيا وما لا يتعَلق بالصلاة.

(1)"المجموع" 1/ 93، 4/ 170.

(2)

في (د، س، ل، م): البخاري.

(3)

في (د، س، ل، م): أما.

(4)

في (ص، س، ل): ثبت.

(5)

سقط من (د، س، ل، م).

ص: 19

أما ما يتعلق بالصَّلاة فلا بد من حَديث النفس فيما يتعلق بأمر الآخرة من مَعَاني المتلو والدَعوَات والأذكار وغَير ذلك، ونقل عيَاض عن بَعضهم أن المراد من لم يحَصُل له حَديث النفس أصْلًا ورأسًا، وردَّهُ النووي (1) فقال: الصَّواب حُصُول هذِه الفضيلة مع طرءان الخوَاطر العَارضة (2) غير المُستقرة، نعَم من اتفق أن يحصُل لهُ عدم حَديث النفس أصْلًا أعلى درجة بلا ريب، ثم إن تلك الخَواطِر مِنهَا ما يتعَلق بالدنيا، والمراد دَفعهُ مُطلقًا.

ووقع في رواية للحكيم الترمذي في هذا الحَديث: لا يُحدث نفسه بشيء من الدنيا ومِنها مَا يتعلق بالآخِرَة، فإن كانَ أجنبيًّا أشبه أحَوال الدُّنيا، وإن كانَ مِن متَعلقات تلك الصَّلاة فلا، وقد روي (3) عن عمر: إني لأجهز الجيش وأنا في الصَّلاة (4). وهذِه قربة، إلا أنها أجنبية عن مَقصُود الصَّلاة، وإنما هذِه الفَضيلة في هذا الحَديث [لمن يجاهدُ](5) نفسهُ من خطرات النفس ونفيها عنه.

(غَفَرَ الله لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) ظاهره يعم الصَّغائر والكبائر، لكن العُلماء خصوهُ بالصَّغائر، لوروده مقيدًا بقوله:"ما اجتنبت (6) الكبَائر".

وهذا في حَق من لهُ صغائر وكبائر، أما من ليس له إلا صغائر فيكفر عنهُ، ومن لهُ كبائر ليس إلا خفف عنهُ منها بمقدار ما لصَاحِب

(1)"شرح النووي على مسلم" 3/ 108 - 109.

(2)

في (م): المعارضة.

(3)

في (د، م): ورد.

(4)

"إحكام الأحكام" 1/ 86.

(5)

في (ص، س، ل): من جاهد.

(6)

في (م): اجتنب.

ص: 20

الصَّغائر، ومن ليسَ له صَغائر وكبائر يزَادُ في حسناته بنظير ذلك، وللبخاري في الرقاق في آخر هذا الحَديث قال النَّبي صلى الله عليه وسلم:"لا تغتروا"(1) أي: فتستكثروا مِنَ الأعمال السَّيئَة بناء على أن الصَّلاة تكفرها، فإن الصَّلاة التي تكفر بها (2) الخَطايَا هي التي يتقبلها (3) اللهُ، وأنى للعَبد بالاطلاع عَلى ذلك.

[107]

(ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، ثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ) بن الضحاك الشيباني، أبو عَاصِم النبيل قيل: سُمي النَّبِيل؛ لأن الفيل قَدم البْصرة فذهَب الناس يَنظرون إليه، فقال لهُ ابن جريج: مَا لك لا تنظر إليه؟ فقال: لا أجد منك عوضًا، فقال لهُ: أنت نَبيل، وقيل: لأنهُ كانَ يلبس فاخر الثياب، فإذا أقبَل قال ابن جريج: جَاء النبيل، وقيل: لأن شعبة حَلف أن لا يُحدث أصحاب الحَديث شهرًا، فبَلغ ذلك أبا عَاصم فدَخل عَليه، وقال: حدث وغُلامي العَطار حُر لوَجْه الله كفارة عن يمينك فأعجبه ذلك، وقال: أنت نبيل، وقيل: لأن أنفه كان كبيرًا، وأنه تزوج امرأة فدنا منها لِيُقَبلها فقالت: نح ركبتك، فقال: بَل أنفي. قال: (ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ (4) بْنُ وَرْدَانَ) أبو بكر الغفاري المؤَذن، [قال أبو حَاتم (5): ما به بأس وقال ابن معين (6): صَالح] (7) ذكرهُ ابن

(1)"صحيح البخاري"(6433).

(2)

من (د، م).

(3)

في (د، ل، م): يقبلها.

(4)

كتب فوقها في (د، م): د.

(5)

"الجرح والتعديل"(1401).

(6)

"تهذيب الكمال"(3988).

(7)

سقط من (م).

ص: 21

حبان في "الثقات"(1). قال: (حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ) قال ابن عَبد البر: قيل: اسمه عَبد الله، وهو الأصَح عند أهل النسب (2)(ابْنُ عَبْدِ (3) الرَّحْمَنِ) بن عَوف الزهري، أحَد فقهاء المدينة، قال:(حَدَّثَنِي حُمْرَانُ) مَولى عثمان (قَالَ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ تَوَضَّأَ) فأفرغ على يَديه.

(فَذَكَرَ نَحْوَهُ) أي: نَحو الحَديث المتقدم، وفي هذا الحَديث دَليل على التعليم بالفعل، لكونه أضبَط للمتعلم.

(وَلَمْ يَذْكُرِ) في هذِه الرواية (الْمَضْمَضَةَ وَالاِسْتِنْشَاقَ (4) وَقَالَ فِيهِ: وَمَسَحَ رَأسَهُ ثَلاثًا) هَكذا رواهُ البزار والدارقطني (5) من طريق أبي سَلمة، عن حمران [عنه به](6) وفي إسناده عَبد الرحمن بن وردان، قال ابن معين: صَالح، وتابعهُ هشام بن عروة، عن أبيه، عن حمران. أخرجهُ البزار، وأخرجه أيضًا من طريق عبد الكريم عن حمران (7)، ومِن حَديث أبي علقمة مولى ابن عَباس عَن عُثمان (8)، وفيه دليل على التثليث في مَسْح الرأس كما سيأتي.

(ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلاثًا) وتكرار الثلاث في الغَسلات لا يكُون إلا بماء

(1)"الثقات" 5/ 114.

(2)

في (ص): التثبيت.

(3)

كتب فوقها في (د): د.

(4)

في (د): الاستنثار.

(5)

"مسند البزار"(418)، و"سنن الدارقطني" 1/ 91.

(6)

سقط من (ص).

(7)

"مسند البزار"(441).

(8)

"مسند البزار"(443).

ص: 22

جديد، ولهذا لا يقالُ في رد اليَدين في مَسْح الرأس أنه تكرار، وإن لم يكن على رأسه شعر.

(ثُمَّ قال: رأيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضأَ هَكَذَا) فيه التعليم بالفعل كما تقدم، وذكر الدليل على الحكم.

(وَقَالَ: مَنْ تَوَضأَ دُونَ هذا كفَاهُ) أي: كفَاهُ دون الثلاث وهو مرتان ومرة، لما روى ابن السكن في "صَحيحه" عن أنس: دَعَا رسُول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء فغسَل وجهه ويديه مَرة ورجليه مرة، وقال:"هذا [وُضوء من] (1) لا يقبل الله فيه غيره"، ثم مكث سَاعة ودَعَا بوُضوء فغسَل وجهه ويديه مرتين مَرتين، ثم قال:"هذا وُضوء من يُضاعف الله له الأجر"، ثم مكث سَاعة ودَعَا بوضوء فغسَل وجهه ثلاثًا ويديه ثلاثًا ثم قال:"هذا وضوء نَبيكم ووضوء النبيين قبله" أو قال: "قبلي"(2).

(وَلَمْ يَذْكُرْ فيه أَمْرَ الصَّلَاةِ) يَعني: الركعتين اللتين لم يحدث فيهما نفسه.

[108]

(ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ) بن رزق بن داود بن ناجية أبُو (3) عَبد الله المهري (الإسْكَنْدَرَانِي) وثقه النسَائي، وروى عنه في "اليوم والليلة" مات سنة 251 (4)، قال:(ثَنَا زِيَادُ بْنُ يُونُسَ) الحَضرمي الإسكندراني، قرأ القرآن على نافع، ثقة، توفي سنة 211 (5).

(1) في (م): وضوئي.

(2)

في (س، ل، م): قبل.

(3)

في (م): ابن.

(4)

"الكاشف" للذهبي 3/ 40.

(5)

"الكاشف" للذهبي 1/ 235.

ص: 23

(حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ زِيَادٍ) المدني (الْمُؤَذِّنُ) بالنون آخِره، وذكرهُ الذهبي: المؤدب. بالبَاء مِنَ الأدَب، المكتب مَولى جهينة، ذكرهُ ابن حبان في "الثقات"(1).

(عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيمِيِّ) وثقه أبُو حَاتم (2) ولأبيه صحبة، (قَالَ: سُئِلَ) عَبد الله بن عبيد الله بالتصغير ابن زهير بن جدعان (ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ) أبُو مليكة جَدّهُ التيمي المؤَذن مؤَذن ابن الزبَير وقاضيه.

(عَنِ) صِفة (الْوُضُوءِ) فيه احتراص السَّلَف الصَّالح على الدين وسُؤالهم عن أحكام الميَاه والوضُوء والصَّلاة وغير ذلك مِنَ العبَادات دُون أهل هذا الزمَان، فإنهم لا يسألونَ إلا عن حق تَعين (3) عليه فيسأل عن حيلة يبطل بها حق الغير أو يسأل عن كلمة وقعت [ممن وقَعت](4) في الخصُومات بينه وبين آخر، مَاذا يجب على قائلهَا وغير ذلك قليلًا.

(فَقَالَ: رَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يسأل) ورواية الخَطيب: "سُئِلَ"(عَنِ الوُضُوءِ فَدَعَا بِمَاء) فيه الاستعانة بإحضَار مَاء الوُضُوء بلا كراهة [كما تقدم](5)(فَأُتِيَ بالميضأة) بكسر الميم مهموُز الآخر، يمَد ويقصر، هو المطهرة يتوضأ منها (6) (فَأَصْغَى) بفتح الهمزة والغَين. أي: أمَال الإناء.

(1)"الثقات" لابن حبان 6/ 356.

(2)

"الجرح والتعديل" 6/ 156.

(3)

في (د، م): يتعين.

(4)

سقط من (م).

(5)

سقط من (م).

(6)

زاد في (د): خاصة.

ص: 24

ورواية الخطيب: فَأُتِيَ بِمِيضَأَةٍ فَأَصْغَاها (عَلَى يَدِهِ اليُمْنَى) فيه أن الإناء إذا كانَ ضيق الفم يكون على يساره ويميله على يده اليمنى، وإن كان واسعًا يكون عن (1) يمينهِ يغترف منه بيمينه، لكن لا يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها ثلاثًا كما تقدمَ.

وفي الكلام حَذف تقديره: فغسل يَديه ثلاثًا. كما تقدم.

(ثُمَّ أَدْخَلَهَا) يعني: يمينه بعد غسلها ثلاثًا (فِي المَاءِ فَتَمَضْمَضَ)(2) بفتح المثَناة والميمين (ثَلاثًا وَاسْتَنْثَرَ) الاستنثار: استفعَال مِنَ النثر بِفَتح النُّون وإسْكان المثلثة، وهو طرح الماء الذي يَستَنشقه المتوضئ أي: يُجذبه المُتوضئ (3) بريح أنفه، وتنظيف ما في منخره فيخرجه بريح أنفه، سَواء كان بإعانة يده أم لا.

وحُكي عَن مَالك (4) كراهيَّة فعله بغَير اليد، لكونه يُشبهُ فعل الدابة، والمشهور عَدَم الكراهة، وإذا استنثر بيَده فالمُستحبُّ أن يكُون باليسرى، بوَّبَ عليه النسائي، وأخرجه مقيدًا بها مِنْ حَديث علي، ولفظهُ: عن علي أنهُ دعا بوُضوء فمضمض واستنشق وَنثر بيَده اليُسرى يفعَل هذا (ثَلاثًا)(5).

وفي رواية النسَائي أيضًا مِنْ حَديث أبي هُريرَة رضي الله عنه: "إذا استيقظ أحَدكم مِن مَنامه فليَستَنثر ثلاثًا، فإن الشيطَان يبيت على خيشومه"(6).

(1) سقط من (م)، وفي (د): على.

(2)

زاد في (م): بيمينه.

(3)

ليست في (د، س، ل، م).

(4)

"مواهب الجليل" 1/ 356 - 357.

(5)

"سنن النسائي" 1/ 67 (90).

(6)

"سنن النسائي" 1/ 67.

ص: 25

(وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثًا، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ اليُمْنَى ثَلاثًا، وَغَسَلَ يَدَهُ اليُسْرى ثَلاثًا) فيه التثليث في الغسل، فإن شك أخذ بالأقل كما تقدم.

وقال الجوَيني (1): يأخذ بالأكثَر؛ لأن ترك سُنة أولى من اقتحام بدعَة، وردَّهُ الأصحاب عليه بأنه إنما يكونُ بدعة عند التَّعمد بلا سبب، مع أنها ليست بمَعصية.

(ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ) في الإِناء (فَأَخَذَ مَاءً) أي: بيَده اليُمنى، ووضعهُ في كفيه، ثم أرسلهُ، ويدل على الإرسال قوله بعدهُ:(فَمَسَحَ) لأن المسح لا يكون إلا بالبَلَل (2)، فإن كان بماء أخذه بِيَده (3) فهو غسل (بِرَأْسِهِ) يُقال: مسَح برأسه، ومسح رأسه (وَأُذُنَيْهِ) ظاهُره أنهُ مسَحَ رأسه وأذنيه بماء واحِد، وهو مذهب أحمد (4).

قال ابن قدامة في "المغني": الأذنان مِن الرأس، فقياس المذهب وجُوب مسحهما مع مسحه. وقال الخلال: كلهم حَكوا عن أبي عبد الله فيمن ترك مسحهما عامدًا أو ناسيًا أنه يجزئه. وذلك؛ لأنهما تبَع للرَّأس، ولا يفهم من إطلاق اسم الرأس دخُولهما فيه، ولا يشبهان بقية أجزاء الرأس، ولذلك لم يجزئ مسحهما عن مسحه عند من اجتزأ بمسح بَعضه، قال: والأولى مَسحهما معهُ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم مَسَحَهُما مع رَأسه، وروى الترمذي وصحح عن ابن عَباس أن النبي صلى الله عليه وسلم مَسَح برأسه

(1)"المجموع" 1/ 440 - 441.

(2)

في (س): بالبل.

(3)

في (د، م): في.

(4)

"مسائل أحمد وإسحاق رواية الكوسج"(13).

ص: 26

وأذنيه ظاهرهما وباطنهما (1).

(فَغَسَلَ) أي: مَسَح (بُطُونَهُمَا وَظُهُورَهُمَا) بدليل رواية ابن عَباس: مسَح برأسه وأذنيه ظاهِرهما وباطنهما، وصححهُ، وللنسَائي: مَسَح برأسه وأذنيه باطنهما بالسّباحتَين وظاهرهما بإبهَاميه (2). والروَاية الآتية رواية المقدام: ثم مَسَح برأسه وأذنَيه ظاهِرهما وباطنهما.

(مَرَّةً وَاحِدَةً) هذا وجه عندنا، وهو أن السنة في مَسح الرأس مرة. وحكاهُ الترمذي عن الشافِعي (3)، واختاره ابن المنذر (4)، وفي وجه أيضًا: أن مسَحْ الأذنين مرة، والمشهُور التثليث في الجَميع.

(ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيهِ، ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ السَّائِلُونَ عَنِ الوُضُوءِ) وكيفيته (هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ)(5) فيه العمل بخَبر الواحد وأنه حجَّة.

(قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أَحَادِيثُ عُثْمَانَ) التيمي (الصِّحَاحُ كُلُّهَا) ويحتمل أن يرَاد به عثمان بن عَفان رضي الله عنه (تَدُلّ عَلَى) أنه أي (مَسْحِ الرَّأْسِ أنه مَرَّة فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا الوُضُوءَ ثَلاثًا قَالُوا) رواية الخَطيب: وقالوا. بزيَادة الوَاو و (فِيهَا وَمَسَحَ رَأْسَهُ) استدل به بَعض أصحابنا على أن مَسح الرأس مرة.

وقد تقدم أن الترمذي حَكاهُ في "جَامعه"(6) عن الشافعي، وبه قالَ

(1)"سنن النسائي" 1/ 113.

(2)

"المغني" 1/ 183.

(3)

"الأم" 1/ 80.

(4)

"الأوسط" 1/ 397.

(5)

قال الألباني في "صحيح أبي داود" 1/ 181: إسناده حسن صحيح.

(6)

"جامع الترمذي" 1/ 50.

ص: 27

مالك (1) وأبُو حنيفَة (2) وأحمد (3) في المشهوُر عنهما، وهو قوي [من جهة الدليل](4) فإن المسح ورد في بعض الروايات مُطلقًا وفي بعضها مقيدًا بمرة، فيتعين حمل المُطلق على المقيد بالمرة، ومن جهَة المعنى أن المسح مَبني على التخفيف (5)، والتكرار تثقيل (6) فلا يناسبهُ ولا يحسن قياسه على بقية الأعضاء المغسُولة لتعَارض الحقيقتين.

لَمْ يَذْكُرُوا وفي رواية: (وَلَمْ يَذْكُرُوا عَدَدًا) يعني: في المسح (كَمَا ذَكَرُوا فِي غَيرِهِ) بل سَكتوُا عن ذكر العَدَد فيه، والسُّكوت مَفهُومه أنه لا عدَد فيه، وإذا انتفَى العَدد تعيَّنت المرة كما ذكر المصَنف.

[109]

(ثَنَا إِبْرَاهِيمُ (7) بْنُ مُوسَى) الرازي، قال:(أَنَا عِيسَى)(8) بن يُونس، قال:(ثنا [عبيد الله] (9) بْنَ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيدِ بْنِ عُمَيرٍ) بن قتادة الليثي الجندعي (عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ) مولى ابن عَباس، ذكرهُ ابن عَبد البر فيمن لم يذكر لهُ اسم سَوى كنيَته (أَنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه دَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ فَأَفْرَغَ) أي: صبّ (بِيَدِهِ اليُمْنَى عَلَى اليُسْرى ثُمَّ غَسَلَهُمَا إِلَى الكُوعَينِ) الكوع: طرف الزَّند (10) بفتح الزاي مما يلي الإبهام،

(1)"المدونة الكبرى" 1/ 13، 124.

(2)

"المبسوط" للسرخسي 1/ 192، 182.

(3)

"المغني" 1/ 178.

(4)

في (م): بالمرة.

(5)

في (ص، م): التحقيق.

(6)

في (ص، س، ل): تبعًا قيل.

(7)

و (8) كتب فوقها في (د، م): ع.

(9)

من (د).

(10)

زاد في (م): والزند.

ص: 28

والكرسُوع مما يلي الخنصر.

(قَالَ: ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلاثًا ثم ذَكَرَ الوُضُوءَ ثَلاثًا) ثَلَاثًا (قَالَ: وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ) أي: مَرة (ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيهِ) ثلاثًا (ثم (1) قال: رأيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ مِثْلَ مَا رَأَيْتُمُونِي تَوَضَّأْتُ) الآن (ثُمَّ سَاقَ نَحْوَ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ وأتم)(2) منه.

[110]

(ثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ) بن مروان البَغدادي، البزار، الحافظ (3) أخرج لهُ مُسلم في غير (4) موضع، قال:(ثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ) قال: (ثنا (5) إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَامِرِ بْنِ شَقِيقِ (6) بْنِ جَمْرَةَ) بفتح الجيم الأسدي صَدُوق ضَعيف (7). قال النسَائي: ليس به بَأس (8). وذكرهُ ابن حبَّان في "الثقات"(9).

(عن) أبي وائل (شَقِيقِ (10) بْنِ سَلَمَةَ) الأسدي أسد خزيمة الكوفي، أدَرَك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يرَهُ، قيل لهُ: أيما أحب إليك علي أو عثمان؟ قالَ: كان علي أحَب إلي من عُثمان ثم صَار عُثمان أحَب إليَّ من علي، مَات في

(1) في (د، م): و.

(2)

من (د، م).

(3)

من (د، س، ل).

(4)

و (5) من (د، م).

(6)

كتب فوقها في (م): ع.

(7)

"الكاشف" للذهبي 2/ 55 ولفظه: صدوق ضعف.

(8)

انظر: "تهذيب الكمال" 14/ 42.

(9)

"الثقات" 7/ 249.

(10)

كتب فوقها في (د، م): ع.

ص: 29

خلافة عُمر بن عَبد العزيز (قال: رأيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ غَسَلَ ذِرَاعَيهِ ثَلاثًا ثَلاثًا وَمَسَحَ رَأْسَهُ ثَلاثًا) استدل به على تثليث مسح الرأس، وهو المشهوُر من مَذهب الشافعي (1) كَما تقدم.

(ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَعَلَ هذا) قال أبو عُبيد القَاسم بن سَلام: لا نعلم أحدًا مِنَ السَّلف جَاء عنهُ استكمال الثلاث في مسح الرأس إلا عن إبراهيم التيمي (2).

قال شَيخنا ابن حجر: وقد رواهُ ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير وعطاء وزاذان وميسرة، وأوردهُ أيضُا من طريق أبي العَلاء عن قتادة عن أنس، وأغرب ما يذكر هنا أن الشيخ أبا حَامد الأسفرايني، حكى عن بعضهم أنهُ أوجب الثلاث، وحَكاهُ صَاحب "الإبانة" عن ابن أبي ليلى (3).

و(رَوَاهُ وَكيعٌ) بن الجَراح (عَنْ إِسْرَائِيلَ)(4) بن يُونس بن أبي إسحاق السبيعي، عَن عَامر بن شقيق إلى آخره و (قَالَ فيه: تَوَضَّأَ ثَلاثًا) ثلاثًا (فَقَطْ) بفتح القاف وسُكون الطَاء أي: حسب وأكثر ما تستعمل مع الفاء، يقال: رَأيته مَرة فقط. وفي هذِه الرواية دليل على حذف الفاء.

[111]

(ثَنَا مُسَدَدٌ) قال: (ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ) الوَضاح (عن) أبي حَية (خَالِدِ بْنِ عَلْقَمَةَ) الوادعي وثق (5).

(1)"الأم" 1/ 80.

(2)

"الطهور" 1/ 361.

(3)

"التلخيص الحبير" 1/ 272.

(4)

كتب فوقها في (د): ع.

(5)

"الكاشف" للذهبي 2/ 272.

ص: 30

(عَنْ عَبْدِ خَيرٍ) ضد شر، ابن يزيد ويقال: ابن محمد الهمداني الكوفي، أدرك الجَاهلية وثقه ابن معين (1) والعجلي (2)، قال مُسهر (3) بن عبد الملك، حَدثني أبي قال: قلت لعَبد خير: كم أتى عليك؟ قال: عشرون ومائة سنة، وكنتُ غُلامًا ببلادنا فجاءنا كتاب النَّبي صلى الله عليه وسلم.

(قَالَ: أَتَانَا عَلِيٌّ رضي الله عنه وَقَدْ صَلَّى فَدَعَا بِطَهُورٍ) بفَتح الطاء وهو الإناء الذي يتطهرُّ منه كما تقدم.

(فَقُلْنَا: مَا يَصْنَعُ بِالطَّهُورِ، وَقَدْ (4) صَلَّى مَا يُرِيدُ) بوضوئه (إلَاّ ليُعَلِّمَنَا) كيف الوُضُوء، فيه جواز الوضُوء، وهو لا يُريد إلا أن يُعلمهم وضوء النبي صلى الله عليه وسلم وسُننه (5). كما جَاء في البُخاري عن أبي قلابة قال: جَاءنا مَالك بن الحويرث في مسَجدنا هذا فقال: إني لأصَلي (6) بكم وما أرُيدُ الصَّلاة، أُصلي كيف رأيتُ النَّبي صلى الله عليه وسلم يُصلي (7)(فَأُتِيَ بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ وطست) بالجرَ عَطف على إناء تقديرهُ وأتي (8) بطست.

(فَأَفْرَغَ مِنَ الإِنَاءِ عَلَى يَمِينِهِ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثَلاثًا) إلى الكُوعَين كما تقدم.

(ثُمَّ مضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلاثًا) لم يذكر هَاهنا الاستنشاق؛ لأن ذكر الاستنثار

(1)"تاريخ ابن معين براوية الدارمي"(517).

(2)

"تاريخ الثقات" للعجلي (924).

(3)

في (م، س): شهر.

(4)

في (د، م): فقد.

(5)

في (د، م): سنته.

(6)

في (م): لأصل.

(7)

"صحيح البخاري"(677).

(8)

في (م): فأتي.

ص: 31

دليل عليه؛ لأن الاستنثار لا يكونُ إلَّا بعد الاستنشاق. وذكر في هذِه الرواية أنهُ مضمض واستنثر ثلاثًا بخلاف رواية عُثمان المتقدمة في صفة وُضوء رسُول الله صلى الله عليه وسلم ولم يذكرُ فيها ثلاثًا (1) ولا مرتين، فدَل ذلك على أنَّ المرة الوَاحدة تجزئ، وإنما اختلف فعلهُ في ذلك ليرى أمته التيسير فيه.

(فَمَضْمَضَ وَنَثَرَ) نثر المتَوضئ واستنثر بمعَنى (مِنَ الكَفِّ الذِي يَأْخُذُ فِيهِ) يَعني: الماء الذي اغترفه، والمراد أنه مضمض واستنشق واستنثر من غرفة واحدة، أو حفنة واحِدة فيه دلالة على استحباب الجَمع بين المضمضة والاستنشاق مِن كل غرفة، ونصَّ عليه في "الأم"(2) و"المختصر"(3) وصَحت به الأحَاديث كحديث عبد الله بن زيد في الصحيحين (4).

(ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثًا وغسل) وفي بَعضها: ثم غسل (يَدَهُ اليُمْنَى ثَلاثًا) فيه تقديم اليُمنى كما تقدم.

(ثم غَسَلَ يَدَهُ الشِّمَالَ ثَلاثًا) فيه: الترتيب في السُنن شرط كما في الفرائض.

(ثُمَّ جَعَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ فَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً) ورواهُ أبُو عبيد في كتاب الطهَارة ولفظه: ومسح برَأسه مرة بيديه جَميعًا (5). وهو من رواية

(1) من (د، م).

(2)

في "الأم": 1/ 77.

(3)

"مختصر المزني" ص 4.

(4)

"صحيح البخاري"(191)، و"صحيح مسلم"(235)(18).

(5)

في (م): جمعًا.

ص: 32

عن زائدة، عَن خالد بن علقمة، عن عَبد خَير (1).

(ثُمَّ [غَسَلَ رِجْلَهُ] (2) اليُمْنَى ثَلاثًا) لا يجب الترتيب بين اليُمنى واليُسرى، ولا نعلم فيه خلافًا؛ لأن مخرجَهما في كتاب الله تعالى واحِد، قال اللهُ تعالى:{أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} (3) والفقهاء يعدون اليَدين عضوًا، والرجلين عضوًا ولا يجبُ الترتيب في العضو الوَاحد، وقد دَلَّ على ذلك قَول علي وابن مسعود (وَرِجْلَهُ الشِّمَالَ ثَلاثًا ثُمَّ قَالَ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَعْلَمَ وُضُوءَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ هذا).

فيه أنَّ الصَحابة رضي الله عنهم[كانوا يسألونَ](4) عن أفعَال النَّبي صلى الله عليه وسلم وتعبُّداته ليقتدُوا بهَا، وكانوا يَحصُل لهُمُ السُّرور بسَمَاع شيء من أقواله أو (5) أفعَاله ويزدادون بها إيمانًا.

[112]

(ثَنَا الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الحُلْوَانِيُّ) بضَم الحَاء المُهملة الخلال نزيل مَكة، أخرجَ لهُ الشَّيخان.

قال: (ثَنَا حُسَينُ (6) بْنُ عَلِيٍّ) بن الوَليد (الْجُعْفِي) قالَ يحَيى بن علي: إن بقي أحَد من الأبدال فهو هُو (عَنْ زَائِدَةَ) بن نشيط (7) ثقة (8)، قالَ: (ثَنَا

(1)"الطهور"(335).

(2)

في (ص، ل): غسله رجليه.

(3)

الأعراف: 124.

(4)

في (د، م): كان من دأبهم البحث.

(5)

في (د، م): و.

(6)

كتب فوقها في (د، م): ع.

(7)

في (د، س): بسيط. وفي (م): بسط. وصوابه: نشيط.

(8)

"الكاشف" 1/ 400.

ص: 33

خَالِدُ بْنُ عَلْقَمَةَ) أبُو (1) حية (الْهَمْدَانِي) بإسْكان الميم الوَادعي وثق (2).

(عَنْ عَبْدِ خَيرٍ قَالَ: صَلَّى عَلِيٌّ رضي الله عنه الغَدَاةَ) فيه تسمية صَلاة الصبح الغداة (ثُمَّ دَخَلَ الرَّحْبَةَ) رحبَة المسجد: السَّاحَة المنبسطة، قيل: بسُكون الحَاء، والجمع رحاب (3) مثل كلبة وكلاب وقيل: بالفتح وهو أكثر والجمعَ رحب ورحبَات مثل قصبة وقصَب وقصَبات.

([فدَعَى بِمَاءٍ فَأَتَاهُ الغُلَامُ بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ وطِست) بالجر كما تقدم. وفي رواية أبي عبيد في كتاب "الطَّهُور"(4) بلفظ: صَلينا الغداة فأتينا فجلسنا إليه فَدَعى بركوة] (5) فيهَا (6) ماء وطست.

(قَالَ: فَأَخَذَ الإِنَاءَ بيَدِهِ اليُمْنَى فَأَفْرَغَ) أي: صُبَّ منهُ (7)(عَلَى يَدِهِ اليُسْرى وَغَسَلَ كَفَّيهِ ثَلاثًا) ثُمَّ أخذ الإناء بيده اليمنى فأفرغ على يده فغسَل كفيه ثلاثًا.

وفي نُسخة الخَطيب: ليس فيها تكرار أخذ الإناء والإفراغ منه وعلى تقدير صحتها فالمرة الأُولى دَاخلة في الثلاث.

(ثم أدخل يَدَهُ اليُمْنَى فِي الإِنَاءِ) فأخذ منه ماء (فَتمَضْمَضَ ثَلاثًا

(1) في (م): ابن.

(2)

تقدم قريبًا.

(3)

في (ص، س): رحبات.

(4)

"الطهور"(132).

(5)

في (ص، ل)، وفي رواية أبي عبيد في كتاب "الطهور" بلفظ: صلينا فأتينا فجلسنا فدعا بركوة فيها ماء وطست فدعا بماء فأتاه الغلام بإناء فيه ماء وطست بالجر كما تقدم.

(6)

ليست في (م).

(7)

ليست في (م).

ص: 34

وَاسْتَنْشَقَ ثَلاثًا) ذهَبَ أحمد (1) وأبو ثور (2) إلى أن المضمضة غَير واجبة والاستنشاق واجب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعَل المضمضة ولم يأمر بها وفعَل الاستنشاق وأمر به وأمرهُ صلى الله عليه وسلم أقوى من فِعله.

(ثُمَّ سَاقَ قَرِيبًا مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَوَانَةَ) المتقدم و (قَالَ) فيه: (ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ) فيه التفصيل بعد الإجمَال (مُقَدَّمَهُ وَمُؤَخَّرَهُ مَرَّة) فيه دليل على ما قاله أصحابنا أن السُّنة في مَسْح الرأس أن يذهبَ بيديه (3) من مقدمه إلى مُؤخره ثم يَرجع وإذا رجع فالذهاب في مسَح الرأس من مقدمه إلى مُؤخره والرجوع إلى مقدمه كلاهما يحسب مرة واحَدة بخلاف السَّعي بين الصَّفا والمروة، فإنه يحسب الذهاب مِنَ الصفا إلى المروة مرة والرجوع مِنَ المروة إلى الصفا مرة ثانية على الصَّحيح خلافًا لأبي بكر الصَّيرفي وغيره.

(ثُمَّ سَاقَ الحَدِيثَ نَحْوَهُ) أي: نحو ما تقدم.

[113]

(ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى) قال: (ثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ) غندر ابن امرأة شعبة، جَالسَهُ عشرين سَنة.

(ثنا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ عُرْفُطَةَ) بِضم العَين والفاء والعُرفطة شجرة الطلح، وسَماه شعبة خالدًا قال:(سَمِعْتُ عَبْدَ خَيرٍ قال: رأيْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه أُتِيَ بِكُرْسِيٍّ فَقَعَدَ عَلَيهِ) ليتوضأ، فيه فضيلة قعوُد المتوضئ على شَيء مُرتفع ليَكون أمكن في غسل الأعضاء والرجلَين إذا رَفعهما ودَلكهُما ولئلا

(1)"مسائل أحمد وإسحاق رواية الكوسج"(11)، وانظر:"المغني" 1/ 166.

(2)

"الأوسط" 1/ 379.

(3)

ليست في (د، م).

ص: 35

يرتجع (1) إليه الماء ولا يترشش، وعَدَّهُ المحاملي من آداب الوُضوء العَشرة (2).

(ثُمَّ أُتِيَ بِكُوز) قيل: الكوز الإناء الذي لهُ عروة والكوب (3) ليسَ (4) لهُ عروة ولفظ النسَائي: أتَى بكُرسي فقَعَد عليه ثم دعا بتور فيه مَاءٍ (ماء) على الإضافة، رواية الخَطيب: بكوز من مَاء (فَغَسَلَ يَدَه) رواية النسَائي: فكَفَأ على يديه (5)(ثَلَاثًا ثُمَّ (6) تَمَضْمَضَ مَعَ الاسْتِنْشَاقِ) لعَل المراد: جَمَع بينهما من غرفة واحِدة كما تقدم ولهذا قال (بِمَاءٍ وَاحِدٍ. وَذَكَرَ الحَدِيثَ) المتقدم.

[114]

(ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيبَةَ) قال (ثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ) الفضل بن دكين، ودكين لقَب عَمرو والد الفضل وهو أصْغَر من وكيع بسنة.

(قال: ثَنَا رَبِيعَةُ) ابن عتبة، ويقالُ:[ابن عُبيد](7)(الْكِنَانِيُّ) بكسر الكاف ونون مكررة بينهما ألف وثقه ابن معين (8).

(عَنِ المِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو) الأسدي مَولاهم الكوفي أخرجَ له البخاري في الأنبياء والتفسير.

(عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيشٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيًّا رضي الله عنه وقد سُئِلَ عَنْ وُضُوءِ رَسُولِ الله

(1) في (د، س): يرجع.

(2)

"اللباب" للمحاملي (ص 61).

(3)

في (م): الكوز.

(4)

في (د، م): ليست.

(5)

"سنن النسائي" 1/ 68.

(6)

من (د).

(7)

في (س): أبا عتيب.

(8)

"تهذيب الكمال" 9/ 131.

ص: 36

-صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ الحَدِيثَ) المذكُور.

(وَقَالَ) فيه (وَمَسَحَ عَلَى رَأْسِهِ حَتَّى لَمَّا) هي بمعنى (لم) والفرق بينهما من ثلاثة أوجُه الأول: أنَّ النفي بـ لم لا يلزمُ اتصاله بالحَال بل قد يكُون مُنقطعًا نحو {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1)} (1) وقد يكُون مُتَّصلًا بالحال نحو {وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} (2) بخلاف لما فإنهُ يجب اتصَال نفيهَا بالحَال.

الثَّاني: أن الفِعْل بَعد (لما) يَجُوز حَذفه اختيارًا ولا يجُوز حذفه بعد (لم) إلا في الضَّرُورة.

الثالث: إن (لم) تصاحب أدوات الشرط نحو: إن لم، و {لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا} (3).

(يَقْطُرْ) مجزوم بلما وستأتي رواية مُعاوية الموضحة للمقصُود ولفظه: حَتى قطر الماء أو (4) كاد يقطر.

ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ من مُقَدَّمه إلى مؤخَّره مَرَّةً ومن مُؤَخَّره إلى مقدَّمه ويحسب الذهاب والرجُوع مرة واحِدة بخلاف السَّعي [بين الصفا والمروة فإنه يحسب الذهاب](5) من الصَّفا إلى المروة مَرة والرجوع مِنَ المروة إلى الصَّفا مرة ثانية على الصحيح خلافًا لأبي بكر الصَّيرفي

(1) الإنسان: 1.

(2)

مريم: 4.

(3)

يس: 18.

(4)

في (ص، س، ل): و.

(5)

من (د، م).

ص: 37

وغيره كما تقدم والفرق بينهما أن تمام المَسْحَة الواحِدة لا يحصُل على جميع الشعر إلَاّ بالذهاب والرجوع فإنهُ في رجوعه مَسح ما لم يمسحهُ في ذهابه بخلاف السَّعي فإنهُ قطع المسَافة بتمامهَا.

(وَغَسَلَ رِجْلَيهِ ثَلاثًا ثَلاثًا، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا كَانَ وُضُوءُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم) فيه التعليم بالفعل وذكر الحجة في ذلك.

[115]

(ثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ) بن زياد (الطُّوسِيُّ) كان يقال لهُ: دلويه سَكنَ بغداد، روى عنه البخاري في باب إتيان اليَهود النبي صلى الله عليه وسلم حينَ قدم المدينة (1)، قال:(ثَنَا عُبَيدُ الله)(2) بالتصغير (بْنُ مُوسَى) العبسي (3) أبو محمد أحَد الأعلام، قال:(ثَنَا فِطْرٌ) بكسر الفاء وإسْكان الطاء المهملة ابن خليفة المخزومي مولاهُم الحَناط (4) أخرجَ له البخَاري في "الأدَب"، (عَنْ أَبِي فَرْوَةَ) بفتح الفاء والواو، اسمه مُسلم بن سَالم الجهَني الكوفي أخرج له الشَيخان.

(عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيلَى قال: رأيْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه تَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَغَسَلَ ذِرَاعَيهِ ثَلَاثًا) ثلاثًا (وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَاحِدَةً) فيه حجة لمن رَجح المرة وبه قال بَعض أصحابنا (5) كذلك لأن (6) عبد الله بن زيد وصف

(1)"صحيح البخاري"(3943، 3945).

(2)

كتب فوقها (د، م): ع.

(3)

في (د): التيسي. وانظر: من "التهذيب"(3689) و"الثقات" 7/ 152. "الجرح والتعديل" (1582).

(4)

في (م): الخياط.

(5)

"فتح العزيز" للرافعي 1/ 408.

(6)

في (ص، س، ل): لا.

ص: 38

وضوء رسُول الله صلى الله عليه وسلم قال: ومسَح برأسه مرة واحدة. مُتفق عليه (1).

وكذلك وصف عَبد الله بن أبي أوفي، وابن عباس، وسَلمة بن الأكوعَ، والربيع كلهم قالوا: مسح برأسه مرة واحِدة وحكايتهم لوضوء رسُول الله صلى الله عليه وسلم إخبار عن الدوام ولا يداوم إلا على الأفضل والأكمل.

(ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا تَوَضَّأَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم) والصَّحَابي أعرف بحَال النبي صلى الله عليه وسلم وما يحكى من (2) فعل رسُول الله صلى الله عليه وسلم إلا على ما واظب عليه.

[116]

(ثَنَا مُسَدَّدٌ وَأَبُو تَوْبَةَ) بفتح المثناة اسمه الربيع بن نافع الحلبي، أخرج لهُ الشيخان (قَالَا:[ثَنَا أَبُو الأحوَصِ، ح]) (3) ورواية التستري والخَطيب (وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ) الواسطي البزاز، وهو شيخ البخاري وأبي داود، قال:(أنا أبو (4) الأحوص) سَلام بن سُليم الحنفي الكوفي الحَافظ (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ) عَمرو بن عَبد الله السّبيعي (عَنْ أَبِي حية) بتشديد المثناة تحت ابن قيس الوادعي، حكى ابن عبد البر، عن أبي زرعة قال: أبُو حية الوادعي لا يُسمى بغير كنيته (5).

(قال: رأيْتُ عَلِيًّا تَوَضَّأَ فَذَكَرَ وُضُوءَهُ كُلَّهُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا)(6) رواهُ الترمذي، وقال: حديث علي أحسَن شيء في هذا البَاب وأصحُّ، والعَمل على هذا عند عامة أهل العِلم أن الوُضُوء يُجزئ مرة مرة،

(1)"صحيح البخاري"(186)، و"صحيح مسلم"(235)(18).

(2)

في (ص، س، ل): عن.

(3)

ساقطة من (م).

(4)

كتب فوقها في (د، ل، م): ع.

(5)

"الجرح والتعديل"(1635)، و"التهذيب"(7334).

(6)

سبق تخريجه.

ص: 39

ومرتَين أفضَل وأفضلهُ ثلاث وليس بعده شيء.

(قَالَ: ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيهِ إِلَى الكَعْبَينِ) الكَعْب هو العَظم الناشز عند ملتقى السَّاق والقدَم، وذهبَ (1) الشيعة إلى أن الكعب (2) في ظهر القدَم، وأنكرهُ أئمة اللغة.

(ثُمَّ قَالَ: إِنَّمَا أَحْبَبْتُ أَنْ أُرِيَكُمْ) بوضوئي هذا (طُهُور) بالنَّصب مفعُول ثان لـ (أريكم) وهو بضم (3) الطاء بدَليل الرواية المتقدمة: من سَرهُ أن (4) يَعلم وضوء رسُول الله صلى الله عليه وسلم فهو هذا، وللنسَائي (5) زيَادة من هذِه الرواية ولفظه: ثم غسَل كعبَيه (6) إلى القَدمين، ثم قام فأخذ فضل طهوره فشرب وهو قائم، ثم قالَ: أحبَبت أن أريكم كيفَ طهور (رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم)(7) وكذا رواية الترمذي (8)، وله في رواية أخرى: أنَّ عَبد خَير قال (9): كان إذا فرغ مِنْ طهوره أخذ مِنْ فضل طهُوره بكفه فشربهُ (10)، وفي حَديث:"إن فيه شفاء من سَبعين داء أدنَاهُ الهم"(11). لكنهُ واهٍ.

(1) في (م): ذهبت.

(2)

في (م): الكعبين.

(3)

في (ص، س، ل): بفتح.

(4)

في (د): أي.

(5)

"سنن النسائي" 1/ 70.

(6)

في (س، م): كفيه.

(7)

سبق تخريجه.

(8)

"جامع الترمذي"(48).

(9)

زاد في (د): إذ.

(10)

"جامع الترمذي"(49).

(11)

"الترغيب في فضائل الأعمال" لابن شاهين (536).

ص: 40

[117]

(ثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ يَحْيَى) أبو الأصَبغ (الْحَرَّانِيُّ) ثقة (1)، روى عنهُ النسَائي بواسطة (قال: حَدَّثَنَي مُحَمَّد بْنُ سَلَمَةَ) بن عبد الله البَاهلي الحراني مَولى ابن (2) قتيبة، ويقالُ: مَولى باهلة، أخرج له مُسلم في الحج (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ) صَاحب المغازي (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ) بضم الراء وتخفيف الكاف وبعد الألف نون، ابن عبد يزيد بن المُطلب بن عَبد مَناف المطلبي؛ وثقه ابن معين (3) وأبُو داود (4) (عَنْ عُبَيدِ الله) بالتصغير ابن الأسود (الْخَوْلَانِي) ربيب مَيمونة أم المؤمنين رضي الله عنها (عَنِ ابن عَبَّاسٍ) رضي الله عنهما (قَالَ: دَخَلَ عَلَيَّ عَلِي بْن أَبِي طَالِب رضي الله عنه وَقَدْ) هذِه الواو الدَّاخلة على قد هي واو الحال (أَهْرَاقَ) بفَتح الهمَزة وسُكون الهاء، والمُضارع منهُ يهريقه بسُكون الهَاء تشبيهًا لهُ باستطاع يستطيع كأنَّ الهَاء زيدت عن حركة الياء (5) التي كانتَ في الأصل، ولهذا لا يضر بهذِه (6) الزيَادة.

(الْمَاءَ) الظاهر أن المراد بالماء هنَا البَول، وفيه دليل على جواز قول: أرقت الماء، وإن كانَ مكروهًا؛ لما روى الطَبراني في "الكبير" عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَقُولن أحَدكم أهرقت الماء، ولكن ليقُل أبُول"(7) وفي إسَناده عنبسَة بن عَبد الرحمن

(1)"الكاشف" للذهبي 2/ 203.

(2)

في (د، م): بني.

(3)

"تاريخ ابن معين" برواية الدارمي 1/ 290.

(4)

"تهذيب الكمال" 25/ 421.

(5)

في (ص، ل): الهاء.

(6)

في (م): لهذِه.

(7)

"المعجم الكبير"(150).

ص: 41

ابن عنبسَة وقد أجمعوا على ضعفه (1).

(فَدَعَا بِوَضُوءٍ) بفتح الواو، أي: بماء يتوضأ به (فَأَتَينَاهُ بِتَوْرٍ) بفتح المثناة. قال في "النهاية": هو إناء مِنْ صفر أو حجارة (2) كالإجانة. (3)(فِيهِ مَاءٌ حَتَّى وَضَعْنَاهُ بَينَ يَدَيْهِ) فيه خدمة أهل العِلم وإكرامهم بإحضار ما يَحتَاجُون إليه.

(فَقَالَ: يَا ابن عَبَّاسٍ، أَلَا أُرِيكَ كَيفَ كَانَ يَتَوَضأُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: فَأَصْغَى الإِنَاءَ) أي: أمَاله (عَلَى يَدِهِ فَغَسَلَهَا) قبل أن يدخلها الإناء (ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ اليُمْنَى) يعني: التي غسَلها (فَأَفْرَغَ بِهَا عَلَى) يده (الأخرى ثُمَّ غَسَلَ كفَّيهِ) ثلاثًا (ثُمَّ تمَضْمَضَ)(4) واستنشق (وَاسْتَنْثَرَ، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَيْهِ فِي الإِنَاءِ جَمِيعًا فَأَخَذَ بِهِمَا حَفْنَةً) الحفنة بفتح الحَاء: ملء الكفين، والجمع حَفنات مثل: سجدة وسَجدات.

(مِنْ مَاء فَضَرَبَ بِهَما (5) عَلَى وَجْهِهِ) وفي قوله: وأخذ بهمَا دليل لما قاله صَاحب "الحاوي"(6): أنَّ المُستحب في غَسل الوجه أن يأخذ الماء بيديه جميعًا، لأنه أمكن وأسبغ، وقوله: فَضرب بهَا يدل على أنه يلطم بالماء وجهه، هاذا وضع الماء على وجهه فيبدأ بأعلى وجهه ثم يحدره؛ لأن رسُول الله صلى الله عليه وسلم كانَ يَفعَل ذلك" ولأن أعلى الوجه

(1) انظر: "تهذيب الكمال"(4536).

(2)

في (ص، س): حجار.

(3)

"النهاية": (تور).

(4)

في (د، م): تمضمض.

(5)

في (د، م): بها.

(6)

"الحاوي" 1/ 111.

ص: 42

أشرف؛ لكونه مَوضع السُّجود؛ ولأن الماء يجْري بطبعه.

(ثُمَّ أَلْقَمَ إِبْهَامَيْهِ مَا أَقْبَلَ مِنْ أُذُنَيْهِ) أي: جَعل إبهاميه للبياض الذي بَين الأذن والعِذار كاللقمة للفم توضع فيه، وقد أستدل به الماوردي (1) على أن البيَاض الذي بين الأذن والعذار من الوجه كما هُو مَذهبنا.

وقال مَالك (2): ما بين اللحْية والأذن ليس من الوجه قال ابن عَبد البَر (3): لا أعلم أحدًا من فقهاء الأمصار قال بقول مَالك. وعن أبي يوسُف (4): يجب على الأمرد غسله دُون الملتحي.

(ثُمَّ الثَّانِيَةَ) مثل ذلك (ثُمَّ الثَّالِثَةَ مِثْلَ ذَلِكَ) على الوجه، (ثُمَّ أَخَذَ بِكَفِّهِ اليُمْنَى قَبْضَةً مِنْ مَاء فَصَبَّهَا) أي: صب قبضة المَاء (عَلَى نَاصِيَتِهِ) الناصَية: شعر مقدم الرأس (فَتَرَكَهَا (5) تَسْتَنُّ) أي: تَسيل وتنصبُّ (عَلَى وَجْهِهِ)(6) يقالُ: سننت (7) الماء على الوَجه أي: صببته صَبًّا سَهلًا، وقد استدل به عَلى أنهُ يُستحبُّ أن يزيد في مَاء الوَجْه؛ لأن فيه غضوُنًا وشعُورًا (8) كثيرة خفيفة وكثيفَة.

قال الإمام أحمد (9): يُؤخذ للوَجه أكثر ما يُؤخذ لعضو منَ الأعضاء،

(1)"الحاوي" 1/ 110.

(2)

"التمهيد" 20/ 118.

(3)

"التمهيد" 20/ 118.

(4)

"المبسوط" للسرخسي 1/ 76.

(5)

في (م): فيتركها.

(6)

ذكرت في (م) في غير موضعها؛ بعد قليل.

(7)

في (ص): يستن.

(8)

في (م): شعوبا.

(9)

"المغني": 1/ 166.

ص: 43

ويتعاهَد ما فيه منَ الغضون والدواخِل والخَوارج؛ ليصل الماء إلى جَميعه.

(ثُمَّ غَسَلَ ذِرَاعَيهِ إِلَى المِرْفَقَينِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) أي: كل واحد (1) ثلاثًا. (ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ وَظُهُورَ أُذُنَيهِ) وكيفيته على ما قالوهُ أن يَبل يَديه، ثم يضع سبابتيه على مقدم رأسه [ويمر بهما](2) إلى قفاه، ثم إلى ظهور أذنيه وهو ما أدبر منهما، فيمسَح ظاهر الأذنين مَعَ الرأس بماء واحِد.

ولهذا استدل به الشعبي والحسَن بن صالح وغيرهما على أن ظاهر الأذنين مِنَ الرأس يمسحان معهُ، وأن بَاطن الأذنين وهو ما أقبل منهما مِنَ الوجه يغسلان معهُ، قالا: ولأن الوَجه مَا يحصُل به المَواجهة وهي حَاصلة بما أقبل (3). وأجاب أصحابنا عن هذا الحَديث بأنه ليسَ فيه دليل على مقدم الرأس ومُؤخرها، وبأنه محمُول على أنه استوعب الرأس، فالمسح (4) مؤخر الأذُن معهُ ضمنًا لا مقصودًا ولا يتأتى الاستيعَاب غالبًا إلا بِذَلك.

(ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَيْهِ جَمِيعًا) في الماء (فَأَخَذَ حَفْنَةً) بفتح الحَاء المهملة (5) كما تقدمَ.

(مِنْ مَاءٍ فَضَرَبَ بِهَا (6) عَلَى رِجْلِهِ) اليُمنَى (وَفِيهَا النَّعْلُ).

قال الخطابي: يحتمل أن تكون تلك الحفنة مِنَ الماء قدَ وصلت إلى

(1) في (ص، س، ل): واحدة.

(2)

في (ص، س، ل): ويجريهما.

(3)

في (ص، س، م): أدبر.

(4)

في (س): ما يمسح.

(5)

ساقطة من (د، س، ل، م).

(6)

في (م): بهما.

ص: 44

ظاهِر القدم وباطنه، وإن كانت الرجْل في النَعل، ويدل على ذلك قوله:(ففتلها (1) بِهَا) يحتمل أن يراد ففتل (2) الحفنة التي بيديه على رجليه (3) في النعل، فيدير يده في الغسل على الرجل ليَصِل الماء إلى جَميعها.

قال الخطابي: والحفنة إنما كفت مع (4) الرفق (5) في مثل هذا، فأما من أرَادَ المسح على بعض القدم فقد يكفيه ما دُون الحفنة، قالَ: وقد روي في غَير هذِه الرواية عن عَليّ أنه توضأ ومسحَ على نَعليه، وقال: هذا وضُوء من لم يحدث، وإذا احْتمل الحَديث وجهًا من التأويل فوافق قول (6) الأمة فهو أولى مِن قول (7) يكون فيه مُفارقتهم والخروج مِن مذاهبهم (8) (ثُمَّ) فعل في (الأُخْرى مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ) علي (9) رضي الله عنه:(قُلْتُ: وَفِي النَّعْلَينِ؟ ) أي: غسْل رجليه في النعْلين (قَالَ: وَفِي النَّعْلَينِ. قَالَ: قُلْتُ: وَفِي النَّعْلَينِ؟ قَالَ: وَفِي النَّعْلَينِ. قَالَ: قُلْتُ: وَفِي النَّعْلَينِ؟ قَالَ: وَفِي النَّعْلَينِ (10) قيل: يحتمل إن ثبت الحَديث أن تكون تلك

(1) في (ص، س، ل): يقتلها. وفي (م): فغسلها.

(2)

في (ص، س، ل) بفتل، وفي (م): قعيل.

(3)

في (م): رجله.

(4)

زاد هنا في (د): في.

(5)

في (ص، د، م): المرفق.

(6)

من "معالم السنن".

(7)

في (ص) كفعل، وفي (م): قوله.

(8)

"معالم السنن" 1/ 51.

(9)

السابق.

(10)

الحديث رواه أحمد 1/ 82، وابن خزيمة (153) من طريق محمد بن إسحاق به، وحسَّن الألباني إسناده في "صحيح أبي داود"(106).

ص: 45

الحَفنة من الماء قد دخلت (1) إلى ظاهِر القدَم وباطنه، وإن كانت في النَّعل فالحفنة من الماء تكفي مع الرفق.

([قَالَ أَبُو دَاوُدَ: ] (2) وَحَدِيثُ) عبد الملك بن عبد العزيز (ابْنِ جُرَيْجٍ) نُسب لجده (عَنْ شَيبَةَ) ابن نصاح بكسر النون وتخفيف الصَّاد المهملة ابن سَرجس المخزومي المدَني القارئ مولى أُم سَلمة زوج النَّبي صلى الله عليه وسلم أتي به إليها وهو صغيرٌ فمسحتْ رأسهُ ودَعَت لهُ بالخَير والصَّلاح. قال البخَاري: حَدثني الأويسي حَدَّثني الدراوردي، قال: رأيتُ شيبة بن (3) نصاح قاضيًا بالمدِينة (4) وثقه النسَائي، وروى (5) له حَديثًا واحدًا (6) وهو هذا (7)(يشبه حَدِيثَ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ فِيهِ حَجَّاجُ (8) بْنُ مُحَمَّدٍ) المصيصي الأعوَر الحَافظ، روى له الجماعة.

قال أبو داود: بلغَني أن (9) ابن معين كتب عنهُ خَمسين ألف حَديث (10)، ولفظه: أخبرنا إبراهيم بن حُسين (11) المقسمي، قالَ: ثنا

(1) في (د، م): وصلت.

(2)

ليست في (د، م).

(3)

في (ر): وأبو.

(4)

"التاريخ الكبير" للبخاري 4/ 241 ترجمة (2662).

(5)

في (ر): ورد.

(6)

انظر: "تهذيب الكمال" 12/ 609.

(7)

زاد هنا في (ر): سند.

(8)

كتب فوقها في (د): ع.

(9)

زاد في (ص): شبه.

(10)

"تهذيب الكمال" 5/ 455.

(11)

في (د، م): الحسين.

ص: 46

حجاج، قال: قال عن ابن جُرَيْجٍ حَدثني شيبة أن محمد بن علي أخبرهُ، قال: أخبرني أبي علي أن (1) الحُسين بن علي قال: دعَاني أبي عليّ بوضوء فقربته إليه، فبدأ فَغَسَل (2) كفيه ثلاث مَرات قبل أن يدخلهما في وضوئه، ثم تمضمض ثلاثًا، واستنثر واستنشق ثلاثًا، ثم غسَل يده اليُمنى إلى المرفق ثلاثًا، ثم اليُسرى كذلك، وَمَسَحَ بِرَأسِهِ مَرَّة وَاحِدَة -رواية النسَائي: مسحة واحدة (3) - ثم غسَل رجله اليُمنى إلى الكعبين ثلاثًا، ثم اليُسرى كذلك، ثم قام قائمًا (4) فقال: ناولني. فَنَاوَلته الإناء الذي فيه فضل وضوئه فشربَ من فضل وضوئه قائمًا، فعَجبت، فلما رآني قال: لا تعجب؛ فإني رَأيت أباك النبي صلى الله عليه وسلم يَصْنَع مثل ما رأيتني صَنعت.

(قَالَ) عَبد الله (ابْنُ وَهْبٍ فِيهِ عَنِ ابن جُرَيْجٍ) عَن محمد بن علي (وَمَسَحَ) أيضًا (5)(بِرَأْسِهِ ثَلَاثًا) هذا ممَّا احتج به الشافِعي على التثليث في مَسح الرأس (6).

قال البيهقي: كذا قال ابن وَهب عن ابن جريج عنه (7). قال ابن الجَوزي في "كشف المشكل": وقد ورد تكرار المَسْح في حَديث علي

(1) في (ص، س، ل، م): ابن.

(2)

في (ر): بغسل.

(3)

"سنن النسائي" 1/ 69.

(4)

في (ر): بالماء.

(5)

ليست في (د، م) وذكرت فيهما في غير موضعها.

(6)

"الأم" 1/ 80.

(7)

"السنن الكبرى" للبيهقي 1/ 105.

ص: 47

منها: عند الدارقطني (1) من طريق عَبد خير وهو من رواية أبي يوسُف القاضي، عن أبي حنيفة، عن خالد (2) بن علقمة عنه.

[118]

(ثَنَا عَبْدُ الله بْنُ مَسْلَمَةَ) ابن قعنب القعنبي (عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى المَازِنِيِّ (3)، عَنْ أَبِيهِ) يحيى بن عمارة بن أبي حسَن المازني.

(أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ الله بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ وَهُوَ جَدُّ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى المَازِنِيِّ) قال ابن حجرَ: قوله جدّ عمرو بن يحيى فيه تجوز؛ لأنه عَم أبيه، وسَماهُ جَدًّا، لِكَوْنه في منزلته، وأما قول صاحب "الكمال" ومن تبعهُ في ترجمة عمرو بن يحيى أنهُ ابن بنت عَبد الله بن زَيْد فغلط بوَهمه من هذِه الرواية. وقد ذكر ابن سَعد أن أم عمرو بن يحيى هي حميدَة بنت محمد بن إياس (4)، وقال غَيرهُ: هي أُم النعمان [بنت أبي](5) حنة، فالله أعلم (6).

وقد اختلف في ذلك، والذي يجتمعُ من هذا الاختلاف أن يقال: اجتمع عند عَبد الله بن زَيد أبُو حسَن الأنصَاري وابنه عمرو وابن ابنه (7) يحيى بن عمارة بن أبي حسَن فسَألوهُ عن صفةِ وضُوء النبي صلى الله عليه وسلم

(1)"السنن" 1/ 89.

(2)

في (م): مجالد.

(3)

في (ر): المدني.

(4)

"الطبقات الكبرى" ط العلمية 5/ 405.

(5)

في (ص، س، ل): بنت. وفي (م): بن أبي.

(6)

"الطبقات الكبرى" ط العلمية 5/ 405.

(7)

في (ص، س، ل) أمية.

ص: 48

وتوَلى السُّؤال منهم له عَمرو بن أبي حَسَن فحيث (1) نسب إليه السؤال كان على الحقيقة ويُؤيدهُ رواية سُليمان بن بلال عند البخاري في باب: الوُضوء مِنَ التور، قال: حَدثني عَمرو بن يَحيى عن أبيه قال: كانَ عَمي (2) يَعني: عَمرو بن أبي حسَن يكثر الوُضُوء فقال لعَبد الله بن زيد: أخبرني فذكره. [وحيث نسب](3) السُّؤال إلى أبي حسَن فعَلى المجاز؛ لكونه كانَ الأكبرَ وكانَ حاضرًا، وحيثُ نسبَ السُّؤال ليحيى بن عمارة فعَلى المجَاز أيضًا؛ لكونه ناقل الحَديث وقد حضر السُّؤال (4).

(هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُرِيَنِي كَيفَ كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ؟ ) فيه فضيلة السُّؤال عن أفعَال النَّبي صلى الله عليه وسلم ليقتدى به ومُلاطفة الطَّالب للشيخ.

(فَقَالَ عَبْدُ الله بْنُ زَيْدٍ: نَعَمْ. فَدَعَا بِوَضُوءٍ) بفتح الواو (فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ) وفي رواية للبخاري: فأكفأ (5) بهمزتين، وفي رواية له: فكفأ (6) بفتح الكاف وهُما لُغتان بمعنىً. يقالُ: كفأ الإناء وأكفأهُ إذا أمَاله. وقالَ الكسائي (7): كفأت الإناء قلبته (8) وأكفأته: أملته. والمرادُ

(1) في (ص، س) فحين.

(2)

"صحيح البخاري"(199).

(3)

في (ص): وخير ويثبت.

(4)

"الفتح" 1/ 348.

(5)

"صحيح البخاري"(186).

(6)

"صحيح البخاري"(192).

(7)

من (د، م، ل)، وفي (س): الطفلي الكفائي، والمثبت من "الصحاح"، و "لسان العرب"(كفأ).

(8)

كذا في الأصول الخطية، وفي "الصحاح"، و"لسان العرب": كببته.

ص: 49

بالجَميع إفراغ (1) المَاء مِنَ الإناء على اليَد دُون وضع اليد فيه قبل غسلها.

(فَغَسَلَ يَدَيْهِ) وتقدم في الرواية المتقدمة: على يده بالإفراد وهي محمولة (2) على جنس اليد، وقد ذكر مُسلم من طريق بَهز عن وُهيب أنه سَمع هذا الحَديث مَرتين مِن عَمرو بن يحيى إملاء (3) فتأكد ترجيح الروايتين [ولا يقال: يحمل على واقعتين، لأنا نقول: المخرج متحد والأصل عدم التعدد فيه دليل على غسل اليد قبل] (4) إدخَالها (5) الإناء، ولو كانَ من غَير نَوم، والمرادُ باليدين هاهنا الكفان لا غير لما تقدم.

(ثُمَّ تَمَضْمَضَ (6) وَاسْتَنْثَرَ ثَلَاثًا) فيه تقديم غسل الكفين على المضمضة والمضمضة على الأستنشاق والاستنثار (ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا) لم تختلف الروَايات في ذلك (ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَينِ مَرَّتَينِ) كذا رواية البخاري بتكرار مَرتين (7)، ولم تختلف الروايات عن عمرو بن يَحيى في غسل اليدين مرتين، لكن في رواية مُسلم من طريق حبان بن واسع، عن عبد الله بن زَيد، أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم توضأ، وفيه: ويده اليُمنى ثلاثًا ثم الأخرى ثلاثًا (8) فيحمل على أنهُ وضوء آخر لكون

(1) في (م): إفراغي.

(2)

زاد في (م): له.

(3)

"صحيح مسلم"(235).

(4)

من (د، م).

(5)

في (ص، س، ل) إدخالهما.

(6)

في (د): مضمض.

(7)

"صحيح البخاري"(185).

(8)

"صحيح مسلم"(236)(19).

ص: 50

مخرج الحَديثَين غير متحد (1)(إِلَى المِرْفَقَينِ) وقد اختلف العُلماء هَل يدخل المرفقان في غسْل اليدَين أم لا؟ فقالَ المعظم: نعم، وخالف زفر، وحكاهُ بَعضهم عن مَالك (2).

قال ابن القصَّار: اليَد يتناولها (3) الاسم إلى الإبط لحديث عَمار أنه تيمم إلى الإبط، وهو من أهل اللغة، فلما جَاء قوله تعالى:{إِلَى الْمَرَافِقِ} (4) بقي المرفق مَغسُولًا مع الذرَاعين بحق الاسم (5). ويمكن أن يستدل لدُخولهما بفعله صلى الله عليه وسلم، ففي الدارقطني بإسَناد حَسَن مِن حَديث عثمان في صفة الوُضوء: فغسَل يديه إلى المرفقين حَتى مسّ أطراف العَضدين (6).

وفي البزار والطبرَاني من حَديث وائل بن حجر في صفة الوضوء: وغسل ذراعيه حتى جَاوز المرفق (7).

قال الشافعي في "الأم"(8): لا أعلم مخالفًا في إيجاب دُخول المرفقَين في الوُضوء. فعَلى هذا فَزفر محجوج بالإجماع قبله، وكذا من قال بذلك مِن أهل الظاهِر بعدهُ، ولم يثبت ذلك عَن مَالك صَريحًا

(1) في (ص، ل): متحدث.

(2)

"الاستذكار" 1/ 128.

(3)

في (ص)(س، ل): تناولها.

(4)

المائدة: 6.

(5)

"شرح صحيح البخاري" لابن بطال 1/ 287.

(6)

"سنن الدارقطني" 1/ 143.

(7)

"مسند البزار"(4488)، و"المعجم الكبير" للطبراني 22/ 49 (118).

(8)

"الأم" 1/ 78.

ص: 51

(ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ) وفي رواية ابن خزيمة: مسَح رَأسَه كله (1) ثم بيَّن كيفية المَسح (فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ بدأ (2) بِمُقَدَّمِ رَأسِهِ) الظاهر أنه من الحَديث، وليس مدرجًا من كلام مالك (ثُمَّ ذَهَبَ بِهِمَا إِلَى قَفَاهُ) فيه حُجة على من قالَ: السُّنة أن يَبدأ بُمؤخر الرأس إلى أن ينتهي إلى مقدمه لظاهر رواية البخاري في باب الوضوء مِن التور: فمسَحَ رأسه فأدبر به وأقبل (3). وليس فيه حجة؛ لأن الإقبال والإدبار من الأمور الإضافية ولم يعين ما أقبل إليه ولا ما أدبر عنه (4)، ومخرج الطريقين متحد فهُما بمعنى واحد، وعينت رواية مَالك البدَأة بالمقدم، فيحمل قوله:(أقبل) على أنه مِن تسمية الفِعل بابتدائه أي: بدأ بمقبل الرأس.

(ثُمَّ رَدَّهُمَا حَتَى رَجَعَ إِلَى المَكَانِ الذِي بَدَأَ مِنْهُ) والحكمة في هذا الإقبَال والإدبار استيعَاب جهَتي الشَّعر بالمسْح، فعَلى هذا يختص هذا الإدبار بمن لهُ شَعر، أما مَن لا شعر لهُ أو حَلق رأسه وطلع منهُ يَسير فلا يُستحب له الرد؛ لأنهُ لا فائدة فيه، وكذا لا يُستحب الردّ لمن لهُ شعر كثير مظفور، فلو فَعَلهُ في هذِه الحَالة قال في "التهذيب": لا تستحبُ له مَرة ثانية؛ لأنَّ المَاء صَارَ مُستعملًا.

(ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيهِ)(5) أي: ثلاثًا، وفي هذا الحَديث دليل على أن

(1)"صحيح ابن خزيمة"(157).

(2)

في (ص، س، ل): يبدأ.

(3)

"صحيح البخاري"(199).

(4)

من (د، م).

(5)

الحديث رواه البخاري (185)، والنسائي 1/ 71 من طريق مالك وابن ماجه من طريق عمرو بن يحيى (434)، ومالك 1/ 47، وأحمد 4/ 38.

ص: 52

الوُضوء الوَاحد يكون بَعضه بمرة (1) وبعضه بمرتين (2) وبَعضه بثلاث (3)، وأن الاغتراف مِن الماء القليل للتطهير لا يصير الماء مستعملًا.

[119]

(ثَنَا مُسَدَّدٌ، قال: ثَنَا خَالِد) بن عَبد الله الوَاسِطي الطحان (عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى المَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ) يحيى بن عمارة المازني (عَنْ عَبْدِ الله بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ) حَدث (بهذا الحَدِيثِ قَالَ) فيه: (فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ) واحِدَة، كذا للبخاري (4)، ورواية أبي داود عند الخَطيب.

(مِنْ كَفٍّ وَاحِدَة يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثًا) وهو صَريح في الجَمع في كل مَرة بخلاف الروَاية المتقدِّمة، وقد استدل به على (5) الجمع بين المضمضة والاستنشاق بغَرفَة واحدة يمضمض من كل غرفَة، ثم يستنشق منهَا فيتمضمض ويستنشق ثلاثًا بثلاث غرفات، وهذا ما صححهُ النووي (6) للأحاديث الصَّحيحة فيه، والوَجه الثاني الذي استحسنهُ الرافِعي (7) في "الشَّرح الصَّغير" أنه لا يجمع بينهما.

(ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ) أي: قريبًا ممَّا تقدم.

[120]

(ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ)(8) قال: (ثَنَا عَبد الله ابن

(1) في (س، ص، ل): مرة.

(2)

في (س، ص، ل): مرتين.

(3)

في (س، ص، ل): ثلاث.

(4)

"صحيح البخاري"(191).

(5)

زاد في (م): ذلك استدل به على.

(6)

"شرح النووي على مسلم" 3/ 106.

(7)

انظر: "الشرح الكبير" 1/ 397.

(8)

سقط في (م).

ص: 53

وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الحَارِثِ) بن الضحاك الحِمْصي وثق (1)(أَنَّ حَبَّانَ) بفتح الحَاء المهملة والبَاء الموَحَّدة (بْنَ وَاسِع حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَاهُ) واسِع بن حَبان بفتح المُهملة والموَحدة أيضًا المازني، أخرج له مُسلم والترمذي أَنَّهُ (سَمِعَ عَبْدَ الله بْنَ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ) الأنصَاري (المَازِنيَّ) له ولأبيه (2) صحبة ولأخيه حَبيب بن زَيد المدَني (3) الذي قطعهُ مُسيلمة (4)، وقَد شهد عَبد الله أحُدًا هو وأمُه أم عمارة نسيبَة بِنت كعب. قال الذَهَبي: وهِمَ ابن عيينة فادعى أنهُ هوَ الذي أري الأذان أقتل بالحرة، (5) وكانت الحرة آخِر ثلاث وستين (6).

(يَذْكُرُ أَنَّهُ رَأى رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ وُضُوءَهُ) بضَم الواو أي: صفة وضوئه (قَالَ) فيه (وَمَسَحَ رَأْسَهُ بِمَاءٍ) جَديد (غَيرِ) بالجر (7)(فَضْلِ) أي: غير الماء الفاضِل من (يَدَيْهِ) أي: ذراعَيه، فيه دَليل عَلى أنه لا يجوز أن يمسَح رأسَهُ بالماء الفَاضل عَن ذرَاعَيه، وهو قول أبي حَنيفة (8) والشافعي (9) وأحمد (10)، قال الترمذي بعَد ما روى الحَديث: حَديث

(1)"الكاشف" للذهبي 2/ 325.

(2)

في (د، م): ولأبويه.

(3)

ليست في (د، م).

(4)

في (ص، ل): مسلمة.

(5)

في (ص): قبل الحرة.

(6)

"الكاشف" للذهبي 2/ 88.

(7)

في (ص): الحر.

(8)

"المبسوط" للسرخسي 1/ 77.

(9)

"الأم" 1/ 80.

(10)

"مسائل أحمد" رواية عبد الله (95)، و"مسائل أحمد" رواية الفضل (55).

ص: 54

حَسَن صَحيح، وقد روي من غير وجه هذا الحَديث عن عبد الله بن زَيد وغَيره، أن النَّبي صلى الله عليه وسلم أخذ لرَأسِهِ ماءً جَديدًا، والعَملُ على هذا عند أكثر أهل العِلم؛ رأوا أن يأخُذ لِرَأسِه ماءً جديدًا. انتهى (1). وجَوَّزَهُ الحَسَن وعُروة والأوزاعي (2) لظاهر حَديث عُثمان، ويتخرج لنا مثل ذَلك إذا قلنا: المُستَعمل لا يخرج عن طهُوريته سيَّما الغسْلَة الثانية والثالثة (3)(4).

(وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ حَتَّى أَنْقَاهُمَا)(5) فيه دَليل على تنظيف الرجلين؛ لأنهما يكثر مُلاقاتهما الأوسَاخ والأقذار بقربهما (6) مِنَ الأرض لا سيَّما من يمشي حَافيًا، وقد يُؤخذ منه دَلك الرجلين، ويُقَاسُ عليه بقية الأعضاء.

[121]

(ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، قال: ثَنَا أَبُو (7) المُغِيرَةِ) عَبد القُدوس بن الحجاج الخولاني الحمصي؛ روى عنهُ البخاري في جزاء الصَّيد وبدء الخلق (8)، قال (ثَنَا حَرِيزٌ) بفتح الحاء المهملة وآخِره زَاي، ابن عثمان الرحبي الحمصي، ورحبة: بَطن مِن حمير تابعي، قال:(حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَيْسَرَةَ) أبو سَلمة الحمصي ثقة (9)

(1)"جامع الترمذي" 1/ 50 - 52.

(2)

من (د، ل، م)، و"المغني" 1/ 181.

(3)

سقط من (د).

(4)

"المغني" 1/ 181.

(5)

رواه مسلم (582) من طريق ابن وهب به، والترمذي (35)، وأحمد 4/ 39 من طريق حبان بن واسع عن أبيه فذكره.

(6)

في (د، ل، م): لقربهما.

(7)

كتب فوقها في (د، م): ع.

(8)

"صحيح البخاري"(1837، 3292)، وكذا في الأدب (6107).

(9)

"الكاشف" للذهبي 2/ 646.

ص: 55

(الْحَضْرَميُّ) روى لهُ ابن مَاجه أيضًا، قال:(سَمِعْتُ المِقْدَامَ بْنَ مَعْدِي كَرِبَ)[معدي كرب](1) مُركب من كلمتَين تركيبَ (2) مَزج، وفيه ثلاثة أوجُه أفصحها أن يسكن آخِر الجُزء الأول وهو اليَاء المثَناة مِن (3) معدي، وإنما لم تفتح وإن كانت تفتح قَبل تاء التَّأنيث؛ لأن للتركيب مَزيد ثقل فَخص بِمزيد خفة، وأمَّا آخِر الجُزء الثاني [فالباء الموحدة مفتوحة](4)؛ لأنه غير منصَرف بتَنزيل الجُزء الثاني مَنزلة هَاء التأنيث فأعطي حكمهَا في مَنع الصَّرف. (الْكِنْدِيَّ) نزيل حمْص، مات سَنة سَبع وثَمانين، ولهُ إحدى وتسعُون سنة.

(قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِوَضُوء) بفتح الواو (فَتَوَضَّأ) به (فَغَسَلَ كفَّيهِ ثَلَاثًا) فيه التثليث في (5) غسل الكفين (وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ) إلى المرفقين (ثَلَاثًا ثَلَاثًا، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا) استدل به على جواز تأخير المضمَضة والاستنشاق عَن غسل الوَجه واليدين، واستدل أيضًا بما روى الدارقطني عن العَباس بن يزيد، عن سُفيان بن عيَينة، عَن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن الرُّبيع بنت المعوذ بن عفراء قال: أتيتها فأخرجت إليَّ إناء، فقالت: في هذا كنتُ أخرج الوَضوء لِرسُول الله صلى الله عليه وسلم فيَبدأ فيغسل يديه قبل أن يدخلهما ثلاثًا، ثم يتوضأ فيغسل وجهه ثلاثًا، ثم يتمضمض ويَستنشق ثلاثا، ثم يغسل يدَيه، ثم

(1) من (د، س، ل).

(2)

في (ص، ل، م): التركيب.

(3)

في (م): في.

(4)

في (ص، ل) ثالث المفتوحة، وفي (م): فالباء للتوحد.

(5)

في (ص): و.

ص: 56

يمسح برأسه مُقبلًا ومُدبرًا، ثم يغسل رجليه. قال العَباس بن يزيد: هذِه المرأة التي حَدثَت عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنهُ بدأ بالوَجْه قبل المضمَضة والاستنشاق، وقد حَدث أهل بدر، مِنهم: عُثمان وعَلي أنهُ بدَأ بالمضمَضة والاستنشَاق والنَّاس عليه (1). انتهى.

وبِهَذا قال أحمد وأصحابه (2)، ومع القول بالجَواز يُستحب أن يبدأ بهما قبل الوجه، لأن كل من وصف وضوء رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ذكر أنه بدأ بهما إلا شَيئًا نادرًا قالوا (3): وهَل يجبُ الترتيب والموَالاة بينهما وبين سَائر الأعضاء غَير الوجه؟ على روايتَين:

إحداهما: يجب وهو ظاهِر كلام الخرقي؛ لأنهما مِنَ الوَجْه، فوَجَب غَسلهما قبل غسل اليَدين للآية، وقياسًا على سائر أجزائه.

والثانية: لا يجب، بل لو تركهما (4) في وُضوئه وصَلى فإنهُ يتمضمض ويَستنشق ويُعيد الصَّلاة ولا يعيد الوُضوُء (5).

(ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ) ظَاهرُه أن الأذنين يمسحَان مع الرأس كما تقدَّم (ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا) جَميعًا، وزاد أحمد في روايته: وغَسل رجليه ثلاثًا ثلاثًا (6).

(1)"سنن الدارقطني" 1/ 96.

(2)

انظر: "الإنصاف" 1/ 103.

(3)

من (د، م).

(4)

في (د): تركها.

(5)

"المغني" 1/ 171.

(6)

"مسند أحمد" 4/ 132.

ص: 57

[122]

(ثَنَا مَحْمُودُ (1) بْنُ خَالِدٍ) بن يزيد السلمي الدّمشقي، وثقهُ النسَائي (2)، وقالَ أبُو حاتم: ثقة رضي (3)(وَيَعْقُوبُ بْنُ كعْبٍ) الحَلبي (الأَنطَاكِيُّ) ثقة صَالح سُني (4) وهذا (لَفْظُهُ قَالَا: ثَنَا الوَلِيدُ (5) بْنُ مُسْلِمٍ) أبُو العَباس عَالم أهل الشام، صَنف سَبعين كتابًا، ويقالُ: من كتب مُصنفات الوليد صَلح للقضاء (6)(عَنْ حَرِيزِ بْنِ عُثْمَانَ) الرحبي كما تقدم.

(عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنِ المِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ رضي الله عنه قال: رأيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ (7) فَلَمَّا بَلَغَ مَسْحَ رَأْسِهِ وَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى مُقَدَّمِ) بفتح القاف والدال المشَددة، هذِه أفصح اللغات الست الجاريات في المؤخر (رَأْسِهِ) لعَل المراد بالكفين كما قال أصحَابنا وغيرهم: إبهاميه، فإن المستحب في مَسْح الرأس أن يلصق طرف سَبابته بطرف سَبابته الأخرى ويضعهما على مقدم رأسه ويضع إبهاميه على صدغيه.

(فَأَمَرَّهُمَا حَتَّى بَلَغَ القَفَا) مقصور، وهو مؤخر العُنق.

قال ابن السِّكيت: القفا مذكر (8) وقد يؤنث، وألفه واو، ولهذا يُثنى

(1) كتب فوقها في (د، م): د س ق.

(2)

"تهذيب الكمال" 27/ 297.

(3)

"الجرح والتعديل" 8/ 292.

(4)

"الكاشف" للذهبي 2/ 395.

(5)

كتب فوقها في (د): ع.

(6)

"الكاشف" 2/ 355.

(7)

في (م): يتوضأ.

(8)

في (د، ل، م): يذكر.

ص: 58

قفوين (1)(ثُمَّ رَدَّهُمَا إِلَى المَكَانِ الذِي بَدَأَ مِنْهُ)(2) أي: إذا كانَ له شعر يُقيمه وينيمهُ في الذهَاب والإياب، وإذا مَسَح جَميع رأسه، فالأصَح عندنا أن الفرض منه ما يقع عليه أسْم المَسْح والبَاقي سُنة، والثاني: أن الجميع يَقع فَرضًا فعلى هذا يكون حكمه حكم خصال الكفارة في اليَمين فأي خصلة فعَلهَا حكم بأنها الواجب.

(قَالَ مَحْمُودٌ: أَخْبَرَنِي حَرِيزٌ) بهذا كله.

[123]

(ثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ) ابن يزيد السلمي (وَهِشَامُ بْنُ خَالِدٍ، المعنى) الأزرَق الدمشقي، ثقة (3).

(قَالَا: ثَنَا الوَلِيدُ) ابن مُسلم، عن حريز (بهذا الإِسْنَادِ) قَالَ: قال كذا في رواية أبي عَلي التستري ورواية الخطيب (قَالَ: وَمَسَحَ أذنَيه ظَاهِرهما وَبَاطنهما) و (زَادَ هِشَامٌ) ابن خالد في روايته: (وَأَدْخَلَ أَصَابِعَهُ) أي: أصْبَعَيْه.

(فِي صِماخِ) بالإفراد عَلى تأويل الجنس (4) والمرادُ في صماخي (أُذُنَيْهِ) والصماخ بكسر الصَّاد، ويُقالُ: السِّماخ بالسِّين لغتان الصَّاد أفصَح وأشهر كما في الحَديث فيه دَليل لما قالهُ الشافِعِي في "الأم"(5) والبُوَيطي (6): أنه يُستحبُّ لمن مَسَح أُذنَيه أن يأخذ لصماخيه ماء جَديدًا

(1)"المصباح المنير" للفيومي 2/ 512.

(2)

قال الألباني في "صحيح أبي داود"(113): إسناده صحيح.

(3)

"الكاشف" للذهبي 2/ 336.

(4)

في (ص، ل، م): الحسن.

(5)

"الأم" 1/ 80.

(6)

"الحاوي الكبير" 1/ 123.

ص: 59

غَير الماء الذي مَسَح به ظاهِر الأذن وباطنها للحَديث؛ ولأن الصِّماخ في الأذن كالفَم والأنف في الوَجْه كما انفرد الفم والأنف عَن الوَجْه بالماء؛ فكذلك الصِّماخ (1) في الأُذن، فإنْ ترك مَسح الأذن جَاز لحَديث الأعرابي:"توَضأ كما أمرك (2) الله"(3)، وليس فيما أمر الله مَسْح الأذنين.

[124]

(ثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ الفَضْلِ الحَرَّانِيُّ) أبُو سَعيد قالَ أبو حَاتم: ثقة رضي (4)، قال (ثَنَا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ) عَالم أهل الشام، قال (ثَنَا عَبْدُ الله بْنُ العَلَاءِ)[بن زبر](5) بن عَطارد الربعي الدمشقي، أخرج له البخاري في الجزية (6) وتفسير الأعراف (7)، قال:(ثَنَا أَبُو الأزهَرِ المُغِيرَةُ (8) بْنُ فَرْوَةَ) الثقفي الدّمشقي، ويقالُ: فروة بن المغيرة ذكرهُ ابن حبان في "الثقات"(9) مَات قبل مَكحوُل (وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ) هَانئ الهَمداني قاضي دمشق.

(أَنَّ مُعَاوِيَةَ تَوَضَّأَ لِلنَّاسِ كَمَا رَأى رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ فَلَمَّا بَلَغَ) في وضوئه (رَأْسَهُ غَرَفَ غَرْفَةَ) بفتح الغَين هي المرة، وبضمها الماء المغروف باليَد (مِنْ مَاءٍ فَتَلَقَّاهَا) أي: تلَقَّى غرفة المَاء (بِشِمَالِهِ) فرَفَعَها (حَتَّى وَضَعَهَا

(1) في (م): الصماع.

(2)

في (م): أمر.

(3)

سيأتي برقم (861).

(4)

"الجرح والتعديل" 8/ 375.

(5)

في (ص): يزيد، (س)، وفي (ل): بن زيد.

(6)

في (ص): الحديث.

(7)

"صحيح البخاري"(3176، 4640).

(8)

وضع في (م) فوقها: د.

(9)

"الثقات" لابن حبان 5/ 410.

ص: 60

عَلَى وَسَطِ) بفتح السِّين وأصله ما تساوت أطرافه مِن كل جهة، والسُّكون فيه لغة فيقال: ضربَ وسَط رَأْسِهِ، وجَلس وسَط الحلقة، وسَال على جوانب (رَأسه حَتَّى قَطَرَ المَاءُ أَوْ كَادَ) يَعني: قارَب (يَقْطُرُ) من رأسه، اسْتدل به على أن المتَوضئ لو غَسَل رَأسَه بَدَل مَسْحِه؛ جَاز كما لو انغمسَ في مَاء أجزأهُ إذا نوى الطَّهَارتين، وإن لم يمسح، أمَّا لو أَمَرَّ (1) يدهُ على رأسه مع صب الماء أو بَعدَهُ فأولى بالجوَاز، وفي وجه لا يجزئه؛ لأنهُ لا يُسمى مسحًا، وحَكى إمامُ الحَرمين: إجزاء الغسْل بالاتفاق، قال: لأنه فوق المَسْح، فإذا قلنا بالمذْهَب وهو إجزاء الغسل، واتفق الأصحَاب عَلى أنه لا يُستحب، وهَل يكره؟ قالَ الأكثرون: هو مكروه؛ لأنه سَرف، كالغسلة الرابعَة، وصَحح الغزالي والرافعي عَدم الكراهة والحَديث يدل عليه (2)(ثُمَّ مَسَحَ رأسهُ مِنْ مُقَدَّمِهِ إِلَى مُؤَخَّرِهِ وَمِنْ مُؤَخرِهِ إِلَى مُقَدَّمِهِ) وهذا محمُول على أنهُ كان له (3) شعر يقيمه وينيمه كما تقدم، وسَيَأتي في الحَديث.

[125]

(ثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، قال: ثَنَا الوَلِيدُ) بن مُسلم (بهذا الإِسْنَادِ) المذكورُ، و (قَالَ) فيه:(فتوضأ (4) ثَلَاثًا ثَلَاثًا و) قال فيه: (غَسَلَ رِجْلَيهِ بِغَيرِ عَدَدٍ) أي: لم يذكر في غسْل الرجلين عددًا، بل أطلقهُ، والمُطلق يحمل على المقيد المتقدّم في الروايات قبله.

(1) في (ص، س، ل): مر.

(2)

"المجموع" 1/ 410.

(3)

سقطت من (د، س، ل، م).

(4)

في (ص): يتوضأ.

ص: 61

[126]

(ثَنَا مُسَدَّدٌ، قال: ثَنَا بِشْرُ) بكسْر الموَحَّدَة وسُكون المُعجمة (بْنُ المُفَضَّلِ)(1) بن لاحق (2)، الإمَام الحُجة، كانَ يصلي كل يَوم خَمسمائة ركعة، قال (ثَنَا عَبْدُ الله بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ) بفتح المهملة ابن أبي طالب.

(عَنِ الرُّبَيِّعِ) بضم الراء [وتشديد ياء](3) التصغير (بِنْتِ مُعَوِّذِ) بكسْر الواو المشَدَّدَة، ويجوُز الفَتح (بْنِ عَفْرَاءَ) بفتح المهملة وسُكون الفاء والمدّ، الصّحابية الأنصارية (4).

(قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَأْتِينَا) فيه إتيَان الإمَام إلى بَعض رعيته لزيَارة ونحوها تواضعًا (فَحَدَّثَتْنَا) الرُّبيع (أَنَّهُ قَالَ) لهَا: (اسْكُبِي لِي وَضُوءًا) أي: مَاء أتوضأ به (فَذَكَرَ) عبد الله بن محمد عنها (وُضُوءَ النبي صلى الله عليه وسلم وقَالَ فِيهِ: فَغَسَلَ كفَّيهِ ثَلَاثًا وَوَضَّأ) أي: غسل (وَجْهَهُ) سُمِّي بذلك؛ لأن الغسْل يحصُل به الوضَاءة وهي النظافة، والحُسن والبَهجة (ثَلَاثًا وَتمَضْمَضَ (5) وَاسْتَنْشَقَ) فيه جَوَاز تأخير المضمضة والاستنشاق عَن غسْل الوَجه كما تقدم، من رواية الدارقطني، عَن العَباس بن يزيد، عن ابن عيينة، عن عَبد الله بن محمد بن عَقيل، في الحَديث الذي رواهُ المقدام بن معدي كرب.

(مَرَّةً) ولا تعَارضه الروَاية المتقدمة "أنه تمضمض واستنشق ثلاثا"؛

(1) في (م): الفضل.

(2)

في (ص): لاحف.

(3)

في (ص): تشديدها.

(4)

في (م): الأنصاري.

(5)

في (ص): مضمض.

ص: 62

لأن (مَرة) مِن مفهوم العَدد وليس هُو حجة، وفي "المُستدرك" و"سُنن أبي مُسلم الكجي": عن بشر بن المفضل (1) عن ابن عقيل عن الرُّبيع صَببت (2) على رسُول الله صلى الله عليه وسلم فتوضأ، وقال لي:"اسْكبي عليَّ" فسَكبتُ.

(وَوَضَّأَ يَدَيْهِ) إلى المرفقين (ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّتَينِ) هَكذا (3) رواهُ الترمذي وقال في (4)(يَبْدَأُ): بدأ (بِمُؤَخَّرِ رَأْسِهِ ثُمَّ بِمُقَدَّمِهِ وَبِأُذُنَيهِ كِلْتَيهِمَا) بسكون المثناة تحت (ظُهُورِهِما وَبُطُونِهِما) بالجَر فيهما عَلى البَدَل، وهَكذا للترمذي، ولم يَذكر ما بعده مِنَ الرِّجلين، وقال: حَديث حسَن. قال: وحَديث عَبد الله بن زيد أصح مِن هذا، وأجود إسنادًا (5).

ولفظ حَديث عَبد الله بن زَيد الذي أشارَ إليه عند مَسْحِ رأسِهِ بيديه: فأقبل بهما وأدبَر، بدأ (6) بمقدم رَأسه ثم ذَهب بهما إلى قفاه ثم ردَّهما حَتى رَجَعَ إلى المكان الذي بدأ منه ثمَّ غسل رجليه. ثم قالَ بعده: حَديث عَبد الله بن زَيد أصَح شيء في هذا البَاب وأحسن (7). وبه يقول الشافعي (8)، وأحمد، وإسحاق (9)، وحَديث عَبد الله بن زَيد المتفق

(1) في (م): الفضل.

(2)

في (د، م): صبَّت.

(3)

في (ص): هذا.

(4)

سقط من الأصل.

(5)

"جامع الترمذي"(33).

(6)

في (ص، ل): يريد.

(7)

"جامع الترمذي"(32).

(8)

"الأم" 1/ 79.

(9)

"مسائل أحمد وإسحاق" رواية الكوسج (16).

ص: 63

عليه: ومسَحَ برأسه مَرة واحدة (1). وفي حديث الرُّبيع دليل على جواز غسْل بَعض الأعضاء مرة وبَعضها مرتَين وبَعضها ثلاثًا، ويستَدل به على جواز مَسح الرأس والابتداء بِمؤخَّرِه قَبل مقدمه، كما تقدم عن بعضهم أنه قال به (وَوَضَّأَ رِجْلَيهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا)(2) فيه ما تقدَّم.

(وهذا مَعْنَى حَدِيثِ مُسَدَّدٍ) الذي رواهُ.

[127]

(ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ) الطالقاني، ثقة (3)، قال (ثَنَا سُفْيَانُ) الثوري (عَن) عَبد الله (4) بن محمد (ابْنِ عَقِيلٍ) بن أبي طالب (بهذا الحَدِيثِ) لكنَّهُ (يغَيّر فيه بَعْضَ مَعَانِي) حَديث (بِشْبر) بكسْر الموَحدة، و (قَالَ فيه (5): وَيُمَضْمِض) بضم المثناة تحت وكسر الميم الثانية (وَيسْتَنْثَرَ) ورواية الخَطيب: وتمضمض. بفتح المثناة فوق والميم وَاسْتَنْثَرَ (ثَلَاثًا) إلى آخره.

[128]

(ثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَيَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ الهَمْدَانِي) بسُكون الميم نسبة إلى قبيلة مِنَ اليمن، وهو رملي زاهِد ثقة (6) (قالا (7): ثَنَا اللَّيثُ، عَنِ) محمد (ابْنِ عَجْلَانَ) المدني الفقيه الصَّالح، وثقه أحمد وابن معين (8)

(1)"صحيح البخاري"(186)، و"صحيح مسلم"(235).

(2)

الحديث رواه الترمذي (33)، قال الألباني في "صحيح أبي داود": إسناده حسن.

(3)

"الكاشف" للذهبي 1/ 234.

(4)

في (م): عبيد الله.

(5)

ساقط من (ص، س).

(6)

"الكاشف" للذهبي 3/ 276.

(7)

في (ص، س، ل): قال.

(8)

"الكاشف" للذهبي 2/ 200.

ص: 64

(عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ) بفتح العَين المهملة (عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ) تقدم.

(أَنَّ (1) رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم توَضَّأَ عِنْدَهَا فَمَسَحَ الرَّأْسَ كله (2) مِنْ قَرْنِ) فيه روايتان:

إحداهما: من فوق بإسْكان الواو وقاف بَعدها أي: مسَح بيَده من فَوق (الشَّعْرِ) إلى (كُلِّ نَاحِيَةٍ) يعني: لنَاحِيَة (3) مقدم رَأسه وناحيَة مؤخره.

والرواية الثانية: مِن قرن بإسْكان الواو ونون بعَدها أي: مَسَحَ الشعر من ناحيَة انصباب الشعر، والقرن: الناحِيَة، ومنه حَديث قيلة:"وأصَاب (4) ظبته طائفة من قرون رأسي (5) " أي: بَعض نواحي رأسي، والقرن: الضَفيرَة من ضَفَائر الشعَر، ومنه حَديث غسل الميت: ومشطنا رأسها ثلاثة قرون (6). وفي بَعض النُسخ: "مِن فرق الشعر". بإسكان الراء وقاف بعدها أي: من مرفق الشعر، ويدل على الرواية الأولى رواية أبي عبيد في كتاب "الطهارة": فمسح رأسَه كلهُ فوق الشعر من كل ناحِيَة (7).

(1) كتب فوقها في (ص، م) مقدم، وكتب في (د): مقدم من قوله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى: حدثنا مسدد.

(2)

في (ص): كلا.

(3)

في (م): ناحية.

(4)

في (ص، د): أصابت. والمثبت من "المعجم الكبير" 8/ 25 (1).

(5)

في "الأصول الخطية": رأسه. والمثبت من "المعجم الكبير".

(6)

رواه البخاري (1254)، ومسلم (939/ 37) من حديث أم عطية.

(7)

"الطهور"(332).

ص: 65

(لِمُنْصَبِّ) بضم الميم وتشديد الموحدة آخره، أي: للناحِية التي ينصب (الشَّعْرِ) ويسْترسَل بحيث (لَا يُحَرِّكُ الشَّعْرَ عَنْ هَيئَتِهِ) التي هو عليها، ولا يستنشر شعره، وهذِه الكيفية مَخصُوصة بِمَن له شَعر طويل إذا رد يده عليه ليَصل الماء إلى أصُوله ينتفش ويتضرر صَاحبه بانتفاشه وانتشار بَعضه، ولا بأس بهذِه الكيفية للمحْرِم، فإنهُ تلزمهُ الفدية (1) بانتشار شعره وسُقوُطه. ويدُل على الرواية الثانية (2) ما رُوي عن أحمد أنهُ سُئل: كيف تمسح المرأة -يَعني: ومن له شعر كشَعرها- فقالَ: إن شاء مَسَحَ كما روي عَن الربيع .. وذكر الحديث، ثم قال: هكذا ووضع يديه على وسط رأسه ثم جرها إلى مقدمه، ثم رفعهَا فوضعها حَيث بدأ منهُ، ثم جَرها إلى مُؤخره (3). وكيف مسح بَعد استيعَاب [قدر الواجب أجزأه] (4) (5) أي: بالسّنة أو الوَاجب على الخلاف، لكن إذا لم يحصُل به ضَرر فالأفضَل أن يَبدأ بمقدم رأسِه كما في أكثر الروايات الصَّحيحة.

[129]

(ثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قال: ثَنَا بَكْرٌ يعني: (6) بْنَ مُضَرَ) بن محَمد بن حكيم بن سَلمان القرشي المصري، أخرج له الشيخان.

(عَنِ ابن عَجْلَانَ)(7) [عن عبد الله بن محمد بن عقيل أن ربيع بنت

(1) سقطت من (د، م).

(2)

في (د، م): الثالثة.

(3)

انظر: "مسائل الإمام أحمد" رواية أبي داود (13 - 14).

(4)

في النسخ الخطية: رأسه. والمثبت من "المعجم الكبير".

(5)

"المغني" 1/ 178.

(6)

من (د).

(7)

كتب بعدها في النسخ: إلى. إشارة إلى التقديم والتأخير التي سبقت الإشارة إليه.

ص: 66

معوذ بن عفراء]) (1).

(أَخْبَرَتْهُ (2) قَالَتْ: رَأَيْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ. [قالت: فمسح](3) رأسه وَمَسَحَ مَا أَقْبَلَ مِنْهُ وَأَدْبَرَ) رواية الخَطيب: (وَمَا أَدْبَرَ) وهي أصَح.

(وصُدغَيه) بضَم الصَاد وهو ما بين لحظ العَين إلى أصْل الأذُن ويُسمى الشعر الذي تدَلى علي هذا الموضَع صُدغًا، واللحظ مُؤخر العَين مما يَلي الأذن، ويَستدل بذكر الصّدغ مع الرأس أنهُ منه. قال الشافعي في "مُختَصر المزني": أحَبّ إليَّ أن يتَحرى جَميع رأسه وَصُدْغَيْهِ (4).

قال صَاحِب "الحَاوي"(5) وغَيره: فَمن جَعَل الصُّدغَين مِنَ الرأس قال: قال الشافِعي ذلك؛ لاستيعاب الرأس. ومن جعلهما مِنَ الوَجْه، قال: قال الشَافعي ذلك ليَصير بالابتداء منهما محتَاطًا في استيعَاب (6) الرأس، فإنه إذا لم يفعل هَكذا ترك جزءًا مِنَ أول (7) الرأس لا يمر المسح عليه، فتفوت السُّنة في مَسح جَميع الرأس (وأذُنَيه) استدل بذكر الأذنَين مع الرأس أنهما منه، قال ابن قدامة في "المغني": وقياس المذهَب وُجوب مسحهما مع مسحه، وقال الخلال: كلهم حَكوا عن

(1) من (د).

(2)

كتب في (ص، م) فوقها: مؤخر. وفي (د): مؤخر من هنا إلى قوله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(3)

في (ص): وثلث بمسح.

(4)

"مختصر المزني" المطبوع مع "الأم"(ص 4).

(5)

"الحاوي الكبير" 1/ 117.

(6)

في (د، س، م): استيفاء.

(7)

سقطت من (ص، ل).

ص: 67

أبي عبد الله فيمن ترك مَسْحهما عَامدًا أو ناسيًا أنهُ يُجزئه (1)؛ لأنهما تبع للرأس. قال: والأولى مَسْحهُما مَعَهُ؛ لأن النَّبي صلى الله عليه وسلم مَسَحَهما مع رأسه (2).

(مَرَّة وَاحِدَة) مَسَح النَّبي صلى الله عليه وسلم مرة ليبين الجواز، ومَسَح ثلاثًا ليُبين الفضل (3) كما فعَل في غسل بقية الأعضاء، فنقل الأمران نقلًا صحيحًا من غير تعارض بينَ الروايات.

[130]

(ثَنَا مُسَدَدٌ، قال: ثَنَا عَبْدُ الله بْنُ دَاوُدَ) بن عَامر بن الربيع الهمداني ثم الخريبي، والخريبة محلة بالبَصرة، أخرجَ له البخاري.

(عَنْ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ) بن مسروق الثوري الحافظ، قال عَبد الله بن المبَارك: كتبت عن ألف ومَائة شيخ ما كتبت عن أفضَل من سُفيان (عَنْ) عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ.

(ابْنِ عَقِيلٍ بن أبي طَالب، عَنِ الرُبَيِّعَ) بِنْتَ مُعَوِّذِ رضي الله عنها (أَنَّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ بِرَأْسِهِ مِنْ فَضْلِ مَاء كَانَ فِي يَدِهِ)(4) فيه دليل لما ذَهَبَ إليه الحَسَن وعُروة والأوزاعي أنه يجوز مسح الرأس بالفاضل من غسل ذرَاعَيه، إذا قلنا أن المُستعمل لا يخرج عن طهوريته بالاستعمال لا سيَّما الغَسْلة الثانية والثالثة.

قال المنذري (5): وابن عقيل هذا اختلفَ الحفاظ في الاحتجاج

(1)"المغني" 1/ 177 - 178.

(2)

"المغني" 1/ 183.

(3)

في (ص): الفعل.

(4)

الحديث رواه الدراقطني 1/ 87، وقال الألباني في "صحيح أبي داود" 1/ 216 إسناده حسن.

(5)

"مختصر سنن أبي داود" 1/ 100.

ص: 68

بحَديثه؛ ولأنه روي عن عَبد الله بن زيد وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ لرأسِهِ ماءً جَديدًا، وتقدم الخلاف فيه.

[131]

(ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ) الجوهري البَغدادي الحَافظ، روى عنه مُسلم، وقال في "دلائل النبُوة": وممن روي ذلك عنهُ إبراهيم بن سَعيد (1).

قال عبد الله بن جَعفر بن خاقان: سَألته عَن حَديث لأبي بكر الصِّديق فقال لجَاريته: أخرجي لي الجزء الثالث والعِشرين من مُسند أبي بكر. فقلت له: أبُو بكر لا يصح له خمسُون حَديثًا، فمن أين هذا؟ قال: كل حَديث لا يَكونُ عندي من مائة وَجْه فأنا فيه يتيم (2).

قال: (ثَنَا وَكِيعٌ، قال: ثَنَا الحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ) بن صالح، أخرجَ لهُ مُسلم.

(عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مُحَمَّدِ بن (3) عَقِيلٍ، عن الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ) عندها (فَأَدْخَلَ إِصْبَعَيهِ فِي جُحْرى) بتقديم الجيم [وإسكان الحاء](4) وهو الثقب الذي داخل الأذُن، وتقدم في الرواية المتقدَمة: في صماخي (أُذُنَيْهِ) وهو تفسير له، وفيه دليل على إدخَال الإصبعين بَعد مسح الأذنين ظاهرهما وباطنهما في صماخي أُذنَيه.

قال الشافعي والأصحاب (5): يَأخُذ للصماخين مَاءً غَير ماء ظاهر (6)

(1)"دلائل النبوة" 3/ 77.

(2)

"تاريخ بغداد" 6/ 94، "تهذيب الكمال" 2/ 97.

(3)

في (د، س، ل، م): عن.

(4)

من (د، م).

(5)

من (د، م).

(6)

"الشرح الكبير" 1/ 129، "المجموع" 1/ 413.

ص: 69

الأذن وباطنه، ويكوُن المأخوذ للصّماخ ثلاثًا كسَائر الأعضاء.

وحَكى المارودي (1) وجهًا أنه يكفي مَسْح الصماخ ببقية ماء الأذن لكونه مِنها.

[132]

(ثَنَا مُحَمَدُ بْنُ عِيسَى وَمُسَدَّدٌ قَالَا: ثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، عَنْ لَيْثٍ) ابن أبي سليم بن أبي زنيم القرشي (2)، واسم أبي سليم أنس، مولى (عتبة)(3) بن أبي سُفيان، أخرج له مُسلم عَن أشعث بن أبي الشعثاء في الأطعمة (4)، مَولده بالكوفة وكانَ مُعلمًا بها مِنَ العباد.

(عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ أَبِيهِ) مُصرف (عَنْ جَدِّهِ) كعب بن عمرو اليامي من بني يام بن رَافِع.

قال المنذري (5): كعب له صُحبة، ومنهم من ينكرُها (قال: رأيْتُ النبي صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ رَأْسَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً حَتَّى بَلَغَ القَذَالَ) بفتح القاف والذال المعجمة: جماع مؤخر الرأس (وَهُوَ أَوَّلُ القَفَا) والقفا أوَّل العُنق، وقد اسْتدلَّ به على ما قالهُ البغوي والغزالي (6) أنه يُستحب مَسْح الرقبَة ببلل (7) مَسْح الرأس والأذن، وصَحح الرافِعي في "الشَرح الصَغير" أنه

(1)"الحاوي الكبير" 1/ 122 - 123.

(2)

"تاريخ بغداد" 6/ 94، "تهذيب الكمال" 2/ 97.

(3)

"الشرح الكبير" 1/ 129، "المجموع" 1/ 413.

(4)

ما وقفت عليه في "صحيح مسلم" أن هذِه الرواية برقم (2066) كتاب اللباس والزينة، وليس الأطعمة.

(5)

"مختصر سنن أبي داود" 1/ 100.

(6)

"المجموع" 1/ 463 - 464.

(7)

في (م): يقال.

ص: 70

سُنة، ومقتضى كلام الحَمَوي أن فيه قولين فإنهُ قال: مَسْح الرقبة ليس بسُنة على الجَديد (1).

وروى الإمام أحمد هذا الحَديث، وقال فيه:"حَتى بَلغَ القذال وما يليه مِن مقدم العُنُق"(2)، وإسنَاده ضَعيف (3)، ويَعضده ما رَوَاهُ أبو عَبيد في كتاب "الطهور" عن عَبد الرحمن بن مَهدي عن المَسْعُودي، عن القاسِم بن عَبد الرحمن، عَن مُوسى بن طلحة قال: من مَسَحَ قفاهُ مَعَ رأسه وُقي الغل يَوم القيامة (4). وهذا الحَديث وإن كان مَوقوفًا فلهُ حكم المرفوع؛ لأن هذا لا يقال من قِبَل الرأي، فَهو على هذا مُرسَل (5). وروى الدَيلمي في "مُسْنَد الفردَوس" عن ابن عُمر أنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَسْح الرقبة أمَان مِنَ الغل"(6)، وروى الحَافظ [أبو نعيم] (7) في "تاريخ أصْبهان" عَن ابن عمر أنه كانَ إذا توضأ مَسَحَ عُنقه ويقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ["من توضأ ومسح عنقه](8) لم يغل بالأغلال يَوم القيَامَة" (9). قال ابن حجرَ:

(1)"كفاية الأخيار" 1/ 30.

(2)

"مسند أحمد" 3/ 481.

(3)

"البدر المنير" 2/ 224 - 225.

(4)

"الطهور" لأبي عبيد (368).

(5)

"التلخيص الحبير" 1/ 162 - 163.

(6)

لم أجده في "مسند الفردوس"، وقال ابن الملقن في "البدر المنير" 2/ 221: هذا الحديث غريب جدًّا لا أعلم من خرجه بعد البحث عنه. وانظر كلام الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" 1/ 162.

(7)

في (ص، س، ل) إبراهيم.

(8)

من (د، م).

(9)

"تاريخ أصبهان" 2/ 78.

ص: 71

وقرأت جُزءًا رَوَاهُ أبُو الحُسين ابن فارس بإسناده عن فليح بن سُليمان، عَن نافِع، عن ابن عُمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَن توضأ ومَسَح بيديْه على عُنقه وقي الغل يَوم القيامة"، وقال (1): هذا إن شاء الله تعالى صَحيح. ثم قال: وبين ابن فارس وفليح مَفازة، فلينظر فيها (2).

(قَالَ مُسَدَّدٌ: وَمَسَحَ رَأْسَهُ مرة (3) مِنْ مُقَدَّمِهِ إِلَى مُؤَخَّرِهِ حَتَّى أَخْرَجَ [يَدَه نسخة: يَدَيه (4) مِنْ تَحْتِ أُذُنَيهِ] يَحتمل أن يراد باليَد السباحة والإبهَام، فتجوز باليَد عَنهُما، والمراد أنه (5) مسح رأسه حتى أخرجَ الإبهَام مِنْ ظَاهِر أذُنه تحتها وَالسَّباحة من باطنها، ويدل على ذلك ما رَوَاهُ ابن حبَّان في "صَحيحه" عن ابن عَباس أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم أمسَك سَبابتَيه وأذنَيه على الرأس (6) فمسح الأذنَين فمسَح بِسَبَّابتَيه باطنهما وبإبهَامَيه (7) ظاهرهما (8). وصَححهُ ابن خزيمَة (9)، وابن منده، ورواهُ أيضًا النسائي وابن ماجه وابن خزيمة والحاكم والبيهقي (10)، ولفظ النسائي: ومَسَحَ

(1) من (د، م).

(2)

"التلخيص الحبير" 1/ 163.

(3)

من (د، م).

(4)

سقط من (د، م).

(5)

في (ص، س، ل): به. وسقط من (م).

(6)

في (م): الناس.

(7)

ساقط من (م).

(8)

"صحيح ابن حبان"(1086).

(9)

"صحيح ابن خزيمة"(148).

(10)

"سنن النسائي" 1/ 74، و"سنن ابن ماجه"(439)، وابن خزيمة (148)، و"المستدرك" 4/ 197، والبيهقي في "السنن الكبرى" 1/ 128.

ص: 72

برأسه وأذنيه باطنهما بالسَّباحَتين وظاهِرهما بإبهاميه. ولفظ ابن ماجه: مَسَح أذنيه [داخلهما بالسَّبابتين](1) وخالف إبهَاميه إلى ظاهِر أذنَيه فمسَح ظاهِرهما وباطنهما.

قال الأصحاب: كأنهُ يعزل مِن كل يد إصبعين يمسح بهما الأذنَين.

(قَالَ مُسَدَّدٌ: فَحَدَّثْتُ بِهِ يَحْيَى) بن سَعيد القطان التميمي، قال أبُو حَاتم الرازي: مُسَدَّد، عن يَحيى بن سَعيد، عَن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر كأنها الدنانير كأنك تسمعها مِنَ النَّبي صلى الله عليه وسلم (2).

(فَأَنْكَرَهُ) ولم يثبته.

(قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَسَمِعْتُ أَحْمَدَ) بن حنبل (يَقُولُ) إن (3) سُفيان (ابْنُ عُيَينَةَ) فيما زَعَمُوا أنه (كَانَ يُنْكِرُهُ وَيَقُولُ: أَيْشٍ) بإسْكان اليَاء وكسْر الشين مع التنوين أصْلهُ: أي شيء، ثم خففت الياء الأولى، ووصلت بالشين.

(هذا طَلْحَةُ بن مصرف، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ) كعب بن عمرو اليامِي، ولعَلهُ كان ممن يرى أنه ليسَ بصَحابي.

[133]

(ثَنَا الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ) الحلواني، قال:(ثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ) السلمي الحافظ أحَد الأعلام، كانَ يُصَلي الضحى ست عَشرة ركعة (4) وعمي، قال: ثنا (عَبَّادُ (5) بْنُ مَنْصُورِ) البَاجي البَصري، ولي قضاء

(1) في النسخ: فأدخلهما السبابتين. والمثبت من "سنن ابن ماجه".

(2)

"تهذيب الكمال" 27/ 447.

(3)

من (د، م).

(4)

"تاريخ الثقات" للعجلي (1859).

(5)

كتب فوقها في (د، م): ع.

ص: 73

البصرة خَمس مَرات، استشهد به في "الصحيح" تعليقًا (1).

(عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ) بن العَاص المخزومي، أخرج له الشيخان.

(عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير (2)، عَنِ ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أنهُ رَأى النَّبي صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ .. فَذَكَرَ الحَدِيثَ) وذكر الغَسل (كُلَّهُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا قال:(3) وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيهِ مَسْحَةً وَاحِدَةً) (4) وكذا رواية الصحيحين في حديث عَبد الله بن زَيد ذكر الأعضاء ثلاثًا ثلاثًا (5) إلا مَسْح الرأس فأطلقهُ، وفي رواية: ومَسَحَ رأسَهُ مَرة واحدة.

[134]

(ثَنَا سُلَيمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قال: ثَنَا حَمَّاذ وَثَنَا مُسَدَّدٌ وَقُتَيبَةُ) بن سَعيد (عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سِنانِ بْنِ رَبِيعَةَ) البَاهلي البَصري، روى له البخاري في "الجامع" حَديثًا واحِدًا مقرونًا بغيره، وفي "الأدب"(6)(عَنْ شهر (7) بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ) صدي بن عجلان البَاهلي، نسبة إلى بَاهلة وهو مَالك بن يعصر (8)، سكن مصر، ثم انتقل إلى حمص، ومَات بها، أكثر حَديثه في الشاميين، توفي سَنة إحدى وثمانين، وهو آخِر من مَات بالشام من الصحَابة.

(1)"صحيح البخاري" عقب حديث (5721).

(2)

في (ص): حبيب.

(3)

من (د، م).

(4)

قال الألباني في "ضعيف أبي داود" 1/ 41: إسناده ضعيف جدًّا.

(5)

من (د، م).

(6)

"صحيح البخاري"(5450)، "الأدب المفرد"(634).

(7)

في (ص): سهل.

(8)

في (ص): يعفر.

ص: 74

(قَالَ: كان (1) رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ المَأْقَيْنِ) (2) المأق بِسُكوُن الهَمزَة لغة في الموق.

قال الأزهري (3): أجمع أهل اللغة أن الموق والماق مُؤخر العَيْن الذي يَلي الأنف، وأن الذي يلي الصُدغ يقال له: اللحاظ، وجمَع الموق أمْآق بسُكون الميم، ويجوُز القلب فيقال: آماق مثل أبآر وآبار، ورواية الإمام أحمد عن أبي أمامة أيضًا أن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كانَ يتعاهَد المأقين (4).

وروى الدارقطني بإسنَاد ضعيف، أن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال:"أشربُوا الماء أعينكم"(5).

قال الغزالي: ويدخل المتوضئ الإصبع في محاجر العيْنين (6) ومَوْضع الرمص ومجتمع (7) الكحْل وينقيهما، فقد روي أنهُ عليه السلام فعَل ذلك، ويتأمل عند ذلك خروج الخطايا مِنْ عينَيْه (8).

(قَالَ: وَقَالَ: الأُذُنانِ مِنَ الرَّأْسِ)(9) رواهُ الترمذي وابن مَاجه قال

(1) في (ص، س، ل): رأيت.

(2)

قال الألباني في "صحيح أبي داود"(123): حديث صحيح دون (مسح المأقين).

(3)

"تهذيب اللغة"(ماق).

(4)

"مسند أحمد" 5/ 258 بلفظ: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح المأقين.

(5)

لم أجده في "سنن الدارقطني"، ولا "علل الدارقطني". وعزاه العراقي في تخريجه لـ"الإحياء" 1/ 157 قال: ورواه الدارقطني من حديث أبي هريرة بإسناد ضعيف.

(6)

"إحياء علوم الدين" 1/ 258.

(7)

في (د): مجمع.

(8)

في (م): العين.

(9)

سبق تخريجه.

ص: 75

الترمذي: قال قتيبة: لا أدري هذا مِنْ قَول النَّبي صلى الله عليه وسلم أو مِن قَول أبي أمَامَة؟ (1).

قال ابن حجر: قد بيّنت (2) أنهُ مدرَج [في كتابي](3)، وفي ذلك حَديث عَبد الله بن زَيد، وقواهُ المنذري وابن دقيق العيد (4) وقد بينت (5) أيضًا أنهُ مدرج (6).

قال الترمذي: العَمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النَّبي صلى الله عليه وسلم ومنْ بعدهم أن الأذنَين من الرأس، وبه يقول سُفيان الثوري وابن المبارك، وأحمد (7).

وعلى هذا فيجب مسحهما مع مسحه، ومذهبنَا أنهما ليسَا مِنَ الوَجه ولا مِنَ الرأس بل عضوان مُستقلان يُسَن مَسحهما على الانفراد ولا يجب، وأجَابُوا عن هذا (8) الحَديث بأنه ليسَ فيه دليل على أنه (9) مَسحهما بماء الرأس المُستعمل في الرأس.

قال البيهَقي: قال أصحابنا: كأنهُ كانَ يَعزل مِن كل يَد إصبعَين، فإذا

(1)"جامع الترمذي" 1/ 53.

(2)

في (ص، س، ل) ثبت، وفي (م): تعينت، والمثبت من "التلخيص الحبير".

(3)

من (د، ل، م)، و"التلخيص الحبير".

(4)

من (د، م).

(5)

في (ص، س، ل): ثبت.

(6)

"التلخيص الحبير" 1/ 283 - 284.

(7)

"جامع الترمذي" 1/ 53 - 55.

(8)

ليست في (م).

(9)

في (ص): أن.

ص: 76

فرَغَ مِن مَسْح الرأس مَسَح بهما أذنَيه (1).

(قَالَ سُلَيمَانُ بْنُ حَرْبٍ: يَقُولُهَا) يعني: الكلمة التي هي: الأذنان مِن الرأس (أَبُو أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ قُتَيبَةُ: قَالَ حَمَّادٌ) بن زَيد (لَا أَدْرِي هُوَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ مِنْ) قول (أبي (2) أُمَامَةَ رضي الله عنه) يَعْنِي: قِصَّةَ الأُذُنَيْنِ، فإن قلنا: إنه من قول أبي أمامة فهو مدرج كما تقدم.

قال الدارقطني (3) في هذا الحَديث: رفعهُ وهم، والصوابُ أنه موقوف (4).

(قَالَ قُتَيبَةُ) في الإسناد عَنْ سِنان بْن ربِيعةَ، عَنْ (سِنَانٍ أَبِي رَبِيعَةَ) وقال مُسَدد: سنان بن رَبيعة، والاختلاف إنَّما هُو في لفظ السَّنَد وإلا فهو سنان بن ربيعَة (وكنيته أبو ربيعة) البصري (5)[كذا قال](6) الذهبي (7) وغيره، ورواية الترمذي: سِنان بن رَبيعَة. فقط.

* * *

(1)"السنن الكبرى" 1/ 67.

(2)

في (ص): أبو. والمثبت من (د، س، ل، م).

(3)

"سنن الدارقطني" 1/ 103، 104.

(4)

انظر: "علل الدارقطني" 12/ 263 (2690).

(5)

من (د، م).

(6)

في (ذ): كذا قاله. وفي (م): هذا قال.

(7)

"الكاشف"(2154)، "ميزان الاعتدال"(3559).

ص: 77