الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
73 - باب الوضُوءِ مِنْ مَسِّ اللَّحْمِ النيء وغَسْله
185 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْن العَلاءِ وَأَيّوب بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقِّيُّ وَعَمْرُو بْنُ عُثْمانَ الِحمْصِيُّ -المَعْنَى- قالُوا: حَدَّثَنا مَرْوانُ بْنُ مُعاوِيَةَ، أَخْبَرَنا هِلَالُ بْنُ مَيْمونٍ الجهَنِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ -قالَ هِلالٌ: لا أَعْلَمة إلَّا عَنْ أَبي سَعِيدٍ. وقالَ أَيُّوبُ وَعَمْرو: أُراهُ- عَنْ أَبي سَعِيدٍ، أَنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِغُلامٍ وَهُوَ يَسلُخُ شاةً، فَقالَ لَه رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"تَنَحَّ حَتَّى أُرِيَكَ" فَأَدْخَلَ يَدَهُ بَيْنَ الجِلْدِ واللَّحْمِ، فَدَحَسَ بِها حَتَّى تَوارَتْ إِلَى الإِبْطِ، ثمَّ مَضَى فَصَلَّى لِلنّاسِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.
قالَ أَبُو داودَ: زادَ عَمْرٌو فِي حَدِيثِهِ: يَعْنِي لَمْ يَمَسَّ ماءً. وقالَ: عَنْ هِلالِ بْنِ مَيْمُونٍ الرَّمْلِيِّ.
وَرَواهُ عَبْد الواحِدِ بْنُ زِيادٍ وَأَبُو مُعاوِيَةَ، عَنْ هِلالٍ، عَنْ عَطاءٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا، لم يَذْكُرا أَبا سَعِيدٍ (1).
* * *
باب في الوضوء من مس اللحم النيء وغسله
(النِّيء) بكسر النون والهمزة آخره بوزن حمل، كل شيء شأنه أن يعَالج بطبخ أو شيٍّ، ونحوه، والإبدال والإدغَام مشهور.
[185]
(ثَنا مُحَمَّدُ (2) بْنُ العَلَاءِ) بن (3) كريب الهمداني الكوفي (4)
(1) رواه ابن ماجه (3179)، وابن حبان (1163).
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(179).
(2)
كتب في (د): فوقها: ع.
(3)
في (د): أبو.
(4)
سقطت من (ص، ل).
(وَأَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقِّيُّ" الوزان حجَّة (1)(وَعَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ) بن سعيد بن كثير (الْحِمْصِي) حَافظًا صَادقًا (2)(المعنى).
(قَالُوا: ثَنا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ) بن الحَارث، الفزاري، كوفي، حَافظ واسع الرواية جدًّا، جَاور بمكة ثم (3) قدم دمشق وسكنها، قال (أنبَأنا هِلَالُ بْنُ مَيمُونٍ) الرملي (الْجُهَنِي) صدُوق (4).
(عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ الليثي (5) قَالَ هِلَالٌ) بن ميمون (لَا أَعْلَمُهُ) رواه (إلَّا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ) الخدري. (وَقَالَ أَيوبُ) بن محمد (وَعَمْرٌو) بن عثمان (أُرَاهُ) بضَم الهَمزة، أي: أظنه.
(عَنْ أَبِي سَعِيدٍ) وهو الخدري رضي الله عنه (أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِغُلَامٍ وَهُوَ) الابن الصَّغير (يَسْلَخُ) بفتح اليَاء واللام بوزن ينفع، وقد تضم اللام كيقتل قَالوا: ولا يقالُ في البَعير: سَلخت جلده. وإنما يُقَالُ: كشطتهُ ونحوتهُ وانحَيتهُ.
(شَاة) قد يُؤخذ منهُ جواز ذبح الصَّبي وسلخه، فإنَّ الظاهر أنهُ لم يسلخها إلا وقد ذبحها، وهذا في الصَّبي المميِّز؛ لأنَّ قصدهُ صَحيح بدَليل صحة العبَادَة منه، وكذا يصحُّ ذبح غير المُميِّز وذبح المجنون والسَّكران في الأظهر؛ لأن لهم قصدًا في الجملة.
وقال أحمد (6) ومَالك (7): لا يصح؛ لأن من لا عقل له لا يصح منه القَصد.
(1)"الكاشف" 1/ 262 (524).
(2)
"الكاشف" 2/ 83 (4192).
(3)
سقطت من (ص، س، ل).
(4)
"الكاشف" 2/ 342 (6056).
(5)
في (ص): (ل): الدقلي.
(6)
"الكافي" لابن قدامة 2/ 503.
(7)
"التلقين في الفقه المالكي" 1/ 106 - 107، "البيان والتحصيل" 3/ 270.
(فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: تَنحَّ عنها حَتَى أُرِيَكَ) معناهُ: أعلمك، ومنه قوله تعَالى:{وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا} (1) فهو من الرؤية بمعنى (2) العلم، فيتعدى إلى مفعولين والمفعول الثاني في الحديث محذوف، أي: أريك السلخ المشروع، وفيه فَضيلة تعليم الجَاهِل إذا رَآهُ يَفعل ما لا يُحسنُهُ، وإن لم يسأل وفيه التعليم بالفعْل؛ إذ هو أبلغ من القول.
(فَأَدْخَلَ يَدَهُ) الكريمة (بَيْنَ الجِلْدِ وَاللَّحْمِ، فَدَحَسَ) بفتح الحَاء والسِّين المهملتَين، أي: دَسَّ يده بين الجلد واللحم بذراعها كما يفعل السَّلاخ، وكل شيء ملأتَه فقد دَحَسْتَهُ، والدحْس والدس متقاربَان، ومنهُ حَديث عطاء: حق على الناس أن يَدْحسُوا الصُّفُوفَ (3). أي: يزدحموا فيها ويدُسُّوا أنفسهم بين فرجها ويروى بالخاء المعجمة، وهو بمعناهُ.
(بِها حَتَى تَوَارَتْ) بين الجلد واللحْم (إِلَى الإِبْطِ) فيه دَليل على فضيلَة سَلخ الجلد عن اللحم بإدخَال اليَد بيَنهما قليلًا قليلًا إلى أن يدخل إلى الإبط على السلخ بالسكين؛ لأنهُ أسرع وأنظف لِلَّحم هازالة الزهُومَة وكلاهما جَائزٌ، إلا أنَّ هذا محمول على أن الغُلام كانَ لا يُحسن السَّلخ بالسكين، ويبقي على الجلد شَيء من اللحم.
وهذا السَّلخ إنما يتَأتى غَالبًا في الصَّغير أما الكبير فلا يصلح فيه السلخ بإدْخَال اليَد، وفي الحَديث دلالة على ما نقلهُ النووي في "شرح
(1) البقرة: 128.
(2)
سقطت من (ص، س، ل).
(3)
رواه الخطابي في "غريب الحديث" 1/ 211.
المهذب" عن أبي إسَحاق الثعلبي المفَسر (1)، من أصحابنا أنَّ الدم البَاقي على اللحم طَاهِر أو معفو عنهُ؛ لأن الله تعالى لم ينَه عن كل دَم، وإنما نَهى عن المسفوح خاصة وهو السَّائل (2)، انتهى.
ووجه الدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم أدخَل يدهُ بين الجلد واللحم مع ما بينهما من الدم الحَاصل من العُروق التي في اللحم، ولا يخلو الجلد من اتصَاله بهذا الدَّم كما رأيته مُشاهدًا على الجلد ولو كان نجسًا أو الزهومة التي عليه نجسًا لما أدخل النبي صلى الله عليه وسلم يدهُ فيه، ولَغسل يده منه حين أخرَجَهَا، ولم ينقل، ولو فعَلهُ لنُقل، ويُكره سَلخ الحَيَوان قَبل أن يبرد؛ لأنَّ فيه تعذيبًا للحيوان فهو كقطع العضو.
ويُكرهُ النفخ في اللحم الذي يريدهُ للبيع وكذا صب الماء بَين الجلد واللحم الذي يُريدهُ للبيع، لما فيه من الغش.
(ثُمَّ مَضَى إلى الصّلاة فَصَلَّى لِلناسِ وَلَمْ يَتَوَضَّأ)(3) أي: لم يغسل يده (4).
(زَادَ عَمْرُو) بن عُثمان (فِي حَدِيثِهِ يعني (5): لَمْ يَمَسَّ مَاءً) قَبل الصَّلاة، وقد يُستدل بهذا الحَديث على أن (6) الدم البَاقي على اللحم والعَظم (7)
(1) سقطت من (م).
(2)
"المجموع شرح المهذب" 2/ 557 - 558.
(3)
الحديث رواه ابن ماجه (3179) من طريق محمد بن العلاء به، وابن حبان (1163) من طريق مروان بن معاوية به، وقال الألباني: إسناده صحيح.
(4)
في (د، س، ل، م): يديه.
(5)
سقطت (س، ل).
(6)
سقطت (س، ل).
(7)
ليست في (م).
والجلد يعفى عنهُ ولا يغسل ما أصَابهُ منه.
قالهُ الإمَامُ أبُو إسحاق الثعلبي المفَسر، من أصحابنَا، وقل (1) من يعرض له منهم، وعلله بمشقة الاحتراز منهُ؛ ولأن الله تعالى لم ينه عن كل (2) دم، بَل عن المسفوح خَاصَّة، وهو السَّائل، انتهى.
قالَ ابن قدامة (3): أكثر أهل العِلم يرون العَفو عن يَسير الدم، وممن رُوي عنه: ابن عباس وأبو هُريرة وجَابر.
(وَقَالَ: عَنْ هِلَالِ بْنِ مَيمُونٍ) قال ابن معين: ثقة (الرَّمْلِي).
(وَرَوَاهُ عَبْدُ الوَاحِدِ (4) بْنُ زَيادٍ) العبدي مولاهم البصري (وَأَبُو مُعَاوِيَةَ) محمَّد بن خَازم الضَّرير السَّعدي (عَنْ هِلَال) بن ميمون (عن (5) عَطَاء) بن يزيد (عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا) و (لَمْ يَذْكُر أَبا سَعِيدٍ) الخدري، والمشهُور عند المحَدثين أن المرسَل ما رفعهُ التابعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، سَوَاء كان من كبَار التابعين كعبد الله بن عَدي بن الخيار، وقيس بن أبي حازم، وسَعيد بن المُسيب أو من صغَار التابعين (6) كالزهري، ويحيى بن سَعيد الأنصَاري، وقيده بعضُهم بكبار التابعين؛ وعلى هذا فمراسيل صغار التابعين لا تُسمى مُرسَلة، بل مُنقطعة؛ كما هو مُقرر عند أهله.
* * *
(1) في (م): وقيل.
(2)
سقطت من (د، س، ل، م).
(3)
"المغني" 2/ 481.
(4)
كتب في (د) فوقها: ع.
(5)
سقط من (ص).
(6)
سقطت من (ص، س، ل).