الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
128 - باب فِي المَجْرُوح يَتَيَمَّمُ
336 -
حَدَّثَنا مُوسَى بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأنطاكِيُّ، حَدَّثَنا مُحَمَّد بْن سَلَمَةَ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ خُرَيْقٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جابِرٍ قالَ: خَرَجْنا فِي سَفَرٍ، فَأَصابَ رَجُلًا مِنّا حَجَرٌ، فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ، ثُمَّ احْتَلَمَ فَسَأَلَ أَصْحابَهُ فَقالَ: هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ؟ فَقالُوا: ما نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الماءِ، فاغْتَسَلَ، فَماتَ، فَلَمّا قَدِمْنا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أُخْبِرَ بِذَلِكَ، فَقالَ:"قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ الله، أَلَاّ سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا، فَإِنَّما شِفاءُ العِيِّ السُّؤالُ، إِنَّما كانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِرَ -أَوْ: يَعْصِبَ، شَكَّ مُوسَى- عَلَى جُرْحهِ خِرْقَةً، ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيها وَيَغْسِلَ سائِرَ جَسَدِهِ"(1).
337 -
حَدَّثَنا نَصْرُ بْن عاصِمٍ الأَنْطاكِيُّ، حَدَّثَنا محَمَّد بْن شعَيْبٍ، أَخْبَرَنِي الأَوْزاعِيُّ، أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عَطاءِ بْنِ أَبِي رَباحٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبّاسٍ قالَ: أَصابَ رَجُلًا جُرْحٌ فِي عهدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ احْتَلَمَ، فَأُمِرَ بِالاغْتِسالِ، فاغْتَسَلَ، فَماتَ، فَبَلَغَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقالَ:"قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ الله، أَلَمْ يَكُنْ شِفاءُ العِيِّ السُّؤالَ"(2).
* * *
باب فِي المَجْدُورِ يَتَيَمَّمُ
المجدُور بالجيم والدَال المهملة، ويقالُ له (3): الجدري وهي قُرُوح
(1) رواه الدارقطني 1/ 189 - 190، والبيهقي 1/ 227 - 228، والبغوي في "شرح السنة"(313).
وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود"(364) دون قوله: "إنما يكفيك كذا".
(2)
رواه ابن ماجه (572)، وأحمد 1/ 330، وابن خزيمة (273)، وابن حبان (1314).
وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود"(365).
(3)
سقط من (ص، س، ل). والمثبت من (د، م).
تنفط عن الجلد ممتَلئة مَاء، ثم تفتح ويقال: أول مَن عُذِّب به قَومُ فرعَون.
[336]
(ثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بن زياد الحَلَبِي (الأنطاكِيُّ) قال أبو حَاتم: صَدُوق (1)(ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ) بن (2) عبد الله البَاهِلي مَولَاهم الحراني، أخرجَ له مُسلم والأربعَة [عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الخُرَيْق (3)] بِضَم الخاء المعجَمَة وَفتح الراء مُصغر، القشيري، الجزري (4) وثق (5).
(عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ فَأَصَابَ رَجُلًا مِعنا) هذِه الروَاية الصَحيحة (6) وفي بَعْض النسَخ: رَجُلًا مِنَّا.
(حَجَرٌ فَشَجَّهُ)[الضمير في فشجه يعود إلى: رَجُلًا، والفاعِل يعود إلى حجر](7) الشجة: الجرَاحَة، وإنما تسمّى بِذَلك إذا كانَت في الوجه أو الرأس.
(فِي رَأْسِهِ ثُمَّ احْتَلَمَ) وفي بَعض النسَخ: واحتلم. أي: أصَابته جَنَابة وخاف أن يقع الماء في الجراحة لو اغتسَل.
(1)"الجرح والتعديل" 8/ 150.
(2)
في (س): عن.
(3)
في (س): الحربي.
(4)
في (س): الحروي.
(5)
ذكره ابن حبان في "الثقات"(2827)، وقال الدارقطني: ليس بالقوي. انظر: "الضعفاء والمتروكون" لابن الجوزي (1261).
(6)
كتب حاشية في (د): ......... ابن خريق هذا قشيري جزري انفرد به د، وهو صدوق. وقال الدارقطني: ليس بالقوي. كذا ضبطه بلا تعريف في متن (ص) وحاشيته هذه.
(7)
تأخرت هذه العبارة في (د) بعد كلمة: أو الرأس.
(فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ؟ ) فيه دَليل على طلب الرخصَة والسُؤال عَنها عند الاحتياج إليهَا، أما تتبُّع الرُّخص: بأن يختار من كل مذهب مَا هُو الأهون (1) لغَير حَاجَة فلا يجوز، وقال بَعض المحتاطين: مَن بُلي بوسْوَاس أو شك أو قنوط أو بأس فالأولى أخذه بالأخَف والرخص؛ لئلا يزداد مَا به ويخرج عَن الشرع.
(فَقَالُوا مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَة وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى) استعمال (الْمَاءِ، فَاغْتَسَلَ) بالماء (فَمَاتَ) لما وصَل المَاء إلى شجته.
(فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أُخْبِرَ بِذَلِكَ فَقَالَ: قَتَلُوهُ قتلهم الله) تعالى، يقال قتلهُ: اللهُ [وقاتلهُ اللهُ](2) إذا دَعَا عَليه بالقتل أو الهلاك (3) كما قال تعَالى: {قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ} (4).
(1) في (د): الأهون عليه، وفي (م) أهون عليه، وفي (س): إلا هو.
(2)
في (د، م): وقاتله.
(3)
وضع هنا في (م) حاشية:
القتل هنا يحمل على المعنى الحقيقي، الذي هو بمعنى الهلاك ليس إلا، وقد جاء معنى:(قتلهم الله) في مثل قوله عليه السلام "قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"، ومثل قول ابن عباس رضي الله عنهما وقد أوردت عليه أحكام شرعية منسوبة إلى على كرَّم الله وجهه فقرأ بعضها وأنكر بعضها فقال: والله ما يكون قضى بهذا عليٌّ إلا أن يكون قد ضل، قال أبو إسحاق لما أحدثوا بعد على ما أحدثوا قال رجل من أصحاب على: قتلهم الله! أيَّ علم افسدوا؟ ! . رويناه في مسلم أعنى كلام ابن عباس، والأول أيضا، ويجيء أيضا بمعنى المدح مثل أن يقال للرجل الشاعر الطلق: قاتله (الله ما) أشعره! أو أبلغه! أو، ( .. ) والله أعلم.
(4)
المنافقون: 4.
(ألَّا)[بتشديد اللام](1) قال ابن خروف في "شرح كتاب سيبويه": يَجوز تخفيف ألَا وتشديدهَا، فمن شدد فيَجوز أن تكون مُغَيرة من هلا، أو هلا مغيرة منها، أبدلت الهَاء مِنَ الهَمزة، أو الهَمزة مِنَ الهاء قال ابن يعيشَ في "شرح المفصل": ألَّا المشَددَة إذا وليت المَاضي، يعني: كقوله: أَلَاّ (سَأَلُوا) كانَ مَعْنَاهَا لومًا وتوبيخًا فيما تركه المخَاطبون (2) انتهى. كما تركُوا (3) هُنَا السُّؤال.
(إذ (4) لَمْ يَعْلَمُوا) حكم الله تَعالى فيما سُئلوا عنهُ، وفيهِ الذم وكرَاهة الجوَاب عن السّؤال فيمَا لم يعلموا كما في "صحيح البخاري":"فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلوا"(5) .. الحَديث.
(فَإِنمَا شِفَاءُ العِيِّ) بكسر العَين هو: التحير في الكلام، قيل هو: ضد البَيَان.
(السُّؤَالُ) يعني: لم (6) لم يسألوا، ولم لم يتعلموا ما لا يعلمون؟ فإنَّه لا شفَاء لداءِ الجَهْل إلا التعلم.
(إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ)(7) بفتح الهَمْزَة وتخفيف النون، وهي مَصْدَرية تُقدَّر هي وما بعدها بالمصدر (يَتَيمَّمَ) تقديره: إنما كانَ يكفيه التيمم.
(1) من (د، م).
(2)
"شرح المفصل" لابن يعيش 5/ 89.
(3)
في (م): يدكرا.
(4)
في (ص): أو. والمثبت من (د، م).
(5)
"صحيح البخاري"(100).
(6)
سقط من (م).
(7)
سقط من (م).
(وَيَعْصِرَ) بفتح (1) اليَاء وكسْر الصَّاد المهملة، يحتمل أن يراد أنَّه (2) يعصر يشد الخرقة على الجراحة مَعَ الربط (أَوْ) للشك مِن الراوي.
(يَعْصِبَ) بفتح أوله وكسر ثالثه ونصب الباء، عَطفًا على مَا قَبلهُ.
(شَكَّ) مِن (مُوسَى) بن عبد الرحمن الأنطاكي، الراوي عنه أبو داود (عَلَى جَرْحهِ) بفتح الجيم.
(خِرْقَةً) أي: يشد خرقة (3) على جرحه لئلا يصل الماء إليه.
(ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيهَا) أي: يمسَح الماء على وجه الخرقة ولم يقع في روَاية عَطَاء هذِه (4) ذكر التيمم فيه، فثبت أن الزبَيرَ بن خريقٍ تَفّردَ بسيَاقه، نَبَّهَ على ذلك ابن القطان (5)؛ لكن روى ابن خزيمة (6) وابن حبان (7) والحاكم (8) مِن حَديث الوَليد بن عُبيد الله (9) بن أبي ربَاح عَن عَمه عَطَاء بن أبي ربَاح، عَن ابن عَباس: أن رَجُلًا أجنَب في شتاء، فَسأل فأمِرَ بالغُسْل فَماتَ. فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَا لهمُ قتلوهُ،
(1) في (م): بكسر.
(2)
من (د، م).
(3)
من (د، م).
(4)
أي: الآتية.
(5)
"بيان الوهم والإيهام" لابن القطان 2/ 238.
(6)
"صحيح ابن خزيمة"(273).
(7)
"صحيح ابن حبان"(1314).
(8)
"مستدرك الحاكم" 1/ 165. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح.
(9)
في جميع النسخ: عبد الله. والصواب كما أثبتنا. والوليد هذا ضعفه الدارقطني، وذكره ابن حبان في "الثقات"(11414).
قتلَهُمُ الله -ثلاثًا- قد جعَل الله الصَّعيد أو التيمم طَهُورًا".
(وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ) وقد اختلفَ العُلماء في تقديم التيمم وتَأخيره عن استعمال الماء، ومَذهَب الشافعي أن الغسْل لا ترتيبَ فيهِ، فيَبْدَأ بأيهما شاء، وتقديم الغسْل أولًا أوْلى (1)، وأما الوضوء فالأصَح اشتراط التَيمم وقت غسل العَليل رعَايةً للترتيب غسلًا وتيممًا وإن كان على العضو (2) الجريح سَاتر (3) كجبيرة لا يمكن نزعهَا أو لصُوقًا على الجرح (4) غسَل الصحيح، وتيمم كما سبق، ويجبُ مَع ذلك مَسْح كل جَبيرته (5) المستورة بماء كالتيمم، وقيل بَعضها كالخف، ولو كان الجَرح بمحَل التيمم أمَر التراب على مَوضعه لعدم الضرر فيه.
[337]
(ثَنَا نَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ الأَنْطَاكِيُّ) لهُ رحلة ومَعرفة (ثَنَا مُحَمَّدُ (6) بْنُ شُعَيْب) بن شابُور الدمشقي، مَولى الوَليد بن عَبد الملك الأمَوي، منْ كبَار محدثي الشام.
قالَ أبو دَاود: هوَ في روايته عن الأوزاعي ثبت، ووثقه دحيم (7) (أَخْبَرَنِي الأوزَاعِيُّ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ الله بْنَ
(1)"الأم" 1/ 106 - 107، وانظر:"المجموع" 2/ 289.
(2)
في (م): العصر.
(3)
في (م): سائر.
(4)
في (م): الجراح.
(5)
في (ص، س، ل): جبيرة. والمثبت من (د، م).
(6)
كتب فوقها في (د): ع.
(7)
"تهذيب الكمال" 25/ 371.
عَبَّاسٍ) وصَرَّحَ الحاكم بالتحديث في روَايته مِن حَديث بشر بن بكر عَن الأوزاعي، قال: حَدثني عَطاء، عَن ابن عَباس به (1).
(قَالَ: أَصَابَ رَجُلًا جُرْحٌ) أي: شّجة في رَأسِهِ كما تقدم.
(فِي عَهْدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم[ثُمَّ احْتَلَمَ] (2) فَأُمِرَ بِالاِغْتِسَالِ) منَ الجنابة.
(فَاغْتَسَلَ) فَدَخل الماء جُرحَه (3)[فَمَاتَ فَبَلَغَ ذَلك رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم) [بالنصب مفعول](4)(فَقَالَ: قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ الله) تَعَالى حكم عليهم بقتله؛ لكونهم كانُوا سَبَبًا لذَلك ولذلك دَعَا عليهم.
قالَ ابن الصَلاح: إذا عمل المُستفتي بفتيا للمفتى (5) في إتلاف شَيء فَتلف ثم بان خطؤه وأنهُ خَالفَ في ذَلك القاطع فعَن الأستَاذ أبي إسْحَاق الإسفرايني أنهُ يَضمن إن كانَ أهلًا للفتوى ولا يضمَن إن لم يَكُن أهْلًا؛ لأن المستفتي قَصَّرَ واللهُ أعلم (6)، والظاهِر أن مَن نصَّب نفسَهُ للفتوى واشتهرَ بهَا، أو تولى وظيفةَ الإفتاء بذلك القُطِر، وأتلفَ شَيئًا بفتواهُ أنه يضمَن، إذ لا تقصير مِنَ المُستفتي، ونظير هذا من دَفع إلى صَيْرَفي درهمًا أو دينارًا لينظرهُ فنظره وقال مَليح وظهر [زيفًا ولم يوجد](7) دافعه.
(أَلَمْ يَكُنْ) أي: ألم يكونوا سَألوا إذ لم يعلموا فإنما.
(1)"المستدرك" للحاكم 1/ 178.
(2)
سقط من (د).
(3)
في (س): جوفه.
(4)
من (د، م).
(5)
في (د، م): المفتى.
(6)
"فتاوى ابن الصلاح" 1/ 46.
(7)
في (ص): زيف أو لهم يؤخذ. والمثبت من (د، س، م).
(شِفَاءُ العِيِّ السُّؤَالَ)(1) تقدمَ، وفيه أن الجهَل داء عضال، فينبغي أن يَطلب دَوَاؤه وهو سُؤَال أهْل العلم وأي داء أدوى مِنَ الجهَل؟ ! قَالَ اللهُ تعالى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (2) ونظير مسألة المستفتي سُؤَال الطَبيب إذا أتلفَ (3) بطبه (4) واللهُ أعَلَم.
* * *
(1) سقط من (د، م).
(2)
الأنبياء: 7.
(3)
في (ص): تلف. والمثبت من (د، ل).
(4)
في (م): بظلمه. وسيرد عليه المصنف برقم (4586) ما يدل على ذلك وهو حديث عبد الله بن عمرو مرفوعًا: "من تطبب ولا يعلم منه طب فهو ضامن".