الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
99 - باب الغُسْلِ مِنَ الجَنابَةِ
239 -
حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْليُّ، حَدَّثَنا زُهَيرٌ، حَدَّثَنا أَبُو إِسْحاقَ، أَخْبَرَنِي سلَيْمانُ بْنُ صُرَدٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطعِمٍ، أنَّهُمْ ذَكَروا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الغُسلَ مِنَ الجَنابَةِ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"أَمّا أَنا فَأُفِيضُ عَلَى رَأْسِي ثَلاثا" وَأَشارَ بِيَدَيْهِ كِلْتَيْهِما (1).
240 -
حَدَّثَنا محَمَّد بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنا أَبُو عاصِمٍ، عَنْ حَنْظَلَةَ، عَنِ القاسِمِ، عَنْ عائِشَةَ، قالَتْ: كانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذا اغْتَسَلِ مِنَ الجَنابَةِ دَعا بِشَيءٍ نَحْوِ الِحلابِ، فَأَخَذَ بِكَفِّهِ، فَبَدَأَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الأيْمَنِ ثُمَّ الأيْسَرِ، ثُمَّ أَخَذَ بِكفَّيْهِ فَقالَ بِهِما عَلَى رَأْسِهِ (2).
241 -
حَدَّثَنا يَعقوبُ بْنُ إِبْراهِيمَ، حَدَّثَنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ -يَعْنِي ابن مَهْدِيٍّ- عَنْ زائِدَةَ بْنِ قُدامَةَ، عَنْ صَدَقَةَ، حَدَّثَنا جميْعُ بْن عُمَيْرٍ -أَحَدُ بَنِي تَيْمِ اللهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ- قالَ: دَخَلْتُ مَعَ أمِّي وَخالَتِي عَلَى عائِشَةَ، فَسَأَلتْها إِحْداهُما: كَيْفَ كنْتُمْ تَصْنَعُونَ عِنْدَ الغُسْلِ؟ فَقالَتْ عائِشَةُ: كانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ وضُوءَة لِلصَّلاةِ، ثمَّ يُفِيضُ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاثَ مَرّاتٍ، وَنَحْنُ نُفِيضُ عَلَى رُءوسِنا خمسًا مِنْ أَجْلِ الضَّفْرِ (3).
242 -
حَدَّثَنا سلَيْمانُ بْنُ حَربٍ الواشِحِيُّ وَمُسَدَّد قالا: حَدَّثَنا حَمّاد، عَنْ هِشامِ بْنِ عُروَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: كانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنابَةِ، قالَ سلَيْمان: يَبْدَأُ فَيُفْرِغُ مِنْ يَمِينِهِ عَلَى شِمالِهِ. وقالَ مُسَدَّدٌ: غَسَلَ يَدَيْهِ يَصبُّ الإِناءَ عَلَى يَدِهِ اليُمْنَى. ثمَّ اَتَّفَقا: فَيَغْسِل فرجَهُ. قالَ فسَدَّد: يُفْرِغُ عَلَى شِمالِهِ، وَرُبَّما كَنَتْ
(1) رواه البخاري (254)، ومسلم (327).
(2)
رواه البخاري (258)، ومسلم (318).
(3)
رواه ابن ماجه (574)، وأحمد 6/ 188. وانظر ما بعده.
وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(33)، قال: إسناده ضعيف جدا.
عَنِ الفَرْجِ، ثُمَّ يَتَوَضَّأ وضُوءَهُ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِي الإِناءِ فَيُخَلِّلُ شَعْرَة، حَتَّى إِذا رَأَى أنَّهُ قَدْ أَصابَ البَشَرَةَ، أَوْ أَنْقَى البَشَرَةَ، أَفْرَغَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاثًا، فَإِذا فَضَلَ فَضْلَةٌ صَبَّها عَلَيْهِ (1).
243 -
حَدَّثَنا عَمْرُو بْن عَلِيٍّ الباهِلِيُّ، حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْن أَبِي عَدِيِّ، حَدَّثَنِي سَعِيدٌ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنِ النَّخَعِيِّ، عَنِ الأسوَدِ، عَنْ عائِشَةَ، قالَتْ: كانَ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا أَرادَ أَنْ يَغْتَسِلَ مِنَ الجَنابَةِ بَدَأَ بِكَفَّيْهِ فَغَسَلَهُما، ثمَّ غَسَلَ مَرافِغَهُ وَأَفاضَ عَلَيْهِ الماءَ، فَإِذا أَنْقاهُما أَهْوَى بِهِما إِلَى حائِطٍ، ثمَّ يَسْتَقْبِل الوضُوءَ ويُفِيضُ الماءَ عَلَى رَأْسِهِ (2).
244 -
حَدَّثَنا الحَسَن بْنُ شَوْكَرٍ، حَدَّثَنا هُشَيم، عَنْ عُرْوَةَ الهَمْدانِيِّ، حَدَّثَنا الشّعبِيُّ قالَ: قالَتْ عائِشَةُ رضي الله عنها: لَئِنْ شِئْتُم لأرُيَنَّكُمْ أَثرَ يَدِ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الحائِطِ حَيْثُ كانَ يَغْتَسِلُ مِنَ الجَنابَةِ (3).
245 -
حَدَّثَنا مُسَدَّدُ بْن مسَرهَدٍ، حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْنُ داودَ، عَنِ الأعمَشِ، عَنْ سالِمٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، حَدَّثَنا ابن عَبّاسٍ، عَنْ خالَتِهِ مَيْمُونَةَ، قالَتْ: وَضَعْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم غُسْلًا يَغْتَسِلُ بِهِ مِنَ الجَنابَةِ، فَأَكْفَأَ الإِناءَ عَلَى يَدِهِ اليُمْنَى فَغَسَلَها مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا، ثمَّ صَبَّ عَلَى فَرْجِهِ فَغَسَلَ فَرْجَهُ بِشِمالِهِ، ثمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ الأرضَ فَغَسَلَها، ثُمَّ تَمَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ ويدَيْهِ، ثمَّ صَبَّ عَلَى رَأْسِهِ وَجَسَدِهِ، ثمَّ تَنَحَّى ناحِيَةً فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ، فَناوَلْتُهُ الِمنْدِيلَ فَلَمْ يَأْخُذْهُ، وَجَعَلَ يَنْفضُ الماءَ عَنْ جَسَدِهِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لإِبْراهِيمَ، فَقالَ: كانُوا لا يَرَوْنَ بِالِمنْدِيلِ بَأْسًا، ولكن كانُوا يَكْرَهُونَ العادَةَ.
قالَ أَبُو داودَ: قالَ مُسَدَّدٌ: فَقُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ داودَ: كانُوا يَكْرَهُونَهُ لِلْعادَةِ، فَقالَ:
(1) رواه البخاري (248)، ومسلم (316). وانظر ما بعده.
(2)
رواه أحمد 6/ 171.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(243).
(3)
رواه أحمد 6/ 236 بنحوه، ورواه البيهقي 1/ 173 من طريق أبي داود.
وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(34).
هَكَذا هُوَ، ولكن وَجَدْتُهُ فِي كِتابِي هَكَذا (1).
246 -
حَدَّثَنا حُسَيْنُ بْن عِيسَى الخُراسانيُّ، حَدَّثَنا ابن أَبي فُدَيْكٍ، عَنِ ابن أبي ذِئْبٍ، عَنْ شُعْبَةَ قالَ: إِنَّ ابن عَبّاسٍ كانَ إِذا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنابَةِ يُفْرِغ بِيَدِهِ اليُمْنَى عَلَى يَدِهِ اليُسْرَى سَبْعَ مِرارٍ، ثُمَّ يَغْسِل فَرْجَهُ، فَنَسِيَ مَرَّةً كَمْ أَفْرَغَ، فَسَأَلنِي: كَمْ أَفْرَغْتُ؟ فَقُلْتُ: لا أَدْرِي. فَقالَ: لا أمَّ لَكَ، وَما يَمْنَعُكَ أَنْ تَدْرِيَ؟ ثمَّ يَتَوَضَّأُ وضُوءَهُ لِلصّلاةِ، ثُمَّ يُفِيضُ عَلَى جِلْدِهِ الماءَ، ثُمَّ يَقُولُ: هَكَذا كانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَطَهَّرُ (2).
247 -
حَدَّثَنا قُتَيْبَة بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنا أَيّوبُ بْن جابِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُصْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ قالَ: كانَتِ الصَّلاةُ خمسِينَ والغُسْلُ مِنَ الجَنابَةِ سَبْعَ مِرارٍ وَغَسْلُ البَوْلِ مِنَ الثَّوْبِ سَبْعَ مِرارٍ، فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسْأَل، حَتَّى جُعِلَتِ الصَّلاةُ خَمْسًا، والغسْلُ مِنَ الجَنابَةِ مَرَّة، وَغَسْل البَوْلِ مِنَ الثَّوْبِ مَرَّةً (3).
248 -
حَدَّثَنا نَصْرُ بْن عَلِيٍّ، حَدَّثَنِي الحارِثُ بْنُ وَجِيهٍ، حَدَّثَنا مالِك بْنُ دِينارٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِن تَحْتَ كُلِّ شَعْرَةٍ جَنابَة، فاغْسِلُوا الشَعْرَ وَأَنْقُوا البَشَرَ".
قالَ أَبُو داودَ: الحارِثُ بْنُ وَجِيهٍ حَدِيثُهُ مُنْكَر، وَهُوَ ضَعِيفٌ (4).
249 -
حَدَّثَنا مُوسَى بْنُ إِسْماعِيلَ، حَدَّثَنا حَمّاد، أَخْبَرَنا عَطاءُ بْنُ السّائِبِ، عَنْ زاذانَ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ:"مَنْ تَرَكَ مَوْضِعَ شَعْرَةٍ مِنْ جَنابَةٍ لَمْ يَغْسِلْها، فُعِلَ بِهِ كذا وَكذا مِنَ النّارِ" قالَ عَلِيٌّ: فَمِنْ ثَمَّ عادَيْتُ رَأْسِي، فَمِنْ ثَمَّ
(1) رواه البخاري (249)، ومسلم (317).
(2)
رواه أحمد 1/ 307.
وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(35).
(3)
رواه أحمد 2/ 109.
وضعف إسناده الألباني في "ضعيف أبي داود"(36).
(4)
رواه الترمذي (106)، وابن ماجه (597).
وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(37).
عادَيْتُ رَأْسِي ثَلاثًا، وَكانَ يَجِزُّ شَعْرَهُ (1).
* * *
باب الغسل من (2) الجنابة
[239]
(ثَنَا) عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ (النُّفَيلِيُّ، قال ثَنَا زُهَيرٌ) بن معَاوية الجَعفي، قال:(ثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ) عَمرو (3) بن عَبد الله السبيعي سَمِعَ سُبيعَة الأسْلميَّة، أخرجَ له الشيخان حَديثًا واحِدًا.
(قال: حدثني سُلَيْمَانُ بْنُ صُردٍ) بِضَم الصَّاد وفتح الراء ابن الجون بن منقذ الخزاعي الكوفي، لهُ صُحبة روى عن النبي صلى الله عليه وسلم كانَ اسمه في الجاهلية يسارًا (4) فسَماهُ النبي صلى الله عليه وسلم سُليمان وشهدَ مع علي صفين، وهوَ الذي قَتَل حوشبًا (5).
(عَنْ جُبَيرِ بْنِ مُطْعِمٍ رضي الله عنه أَنَّهُمْ ذَكَرُوا عِنْدَ النَّبي صلى الله عليه وسلم الغُسْلَ مِنَ الجَنَابَةِ فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: أَمَّا أَنَا فَأُفِيضُ) بِضَم الهمزة، وقَسيمُ أمَّا محذوف، وقد ذكرهُ أبُو نعيم في "المُستخرج" سببه من هذا الوجه، وأوله عنده ذكروا عند النَّبي صلى الله عليه وسلم الغسْل مِن الجَنابَة فذكره (6)، ولمُسْلم مِنْ طريق
(1) رواه ابن ماجه (599)، وأحمد 1/ 94، 101.
وضعف إسناده الألباني في "ضعيف أبي داود"(38).
(2)
زاد هنا في (ص، س، ل): ماء.
(3)
في (د): عمر.
(4)
في (ص، د، س، ل): سيَّار.
(5)
انظر: "الإصابة" 3/ 144.
(6)
"مستخرج أبي نعيم"(731).
أبي (1) الأحوص عن أبي إسحاق، تَمارَوْا في الغسْل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال بَعض القوم أمَّا أنا فأغسل رأسي بكذَا وكَذا فذكر الحَديث (2) وهذا هو القسيم المحذوف.
(عَلَى رَأْسِي ثَلاثًا) قوله ثلاثًا يَدُل على أن المراد بكذا وكذَا في الروَاية المذكورة أكثَر من ذلك، والسّياق مشعر بأنه صلى الله عليه وسلم كان لا يفيض على رَأسه إلا ثلاثًا ويحتمل أن يكونَ ثلاثًا للرأس فقط، ويقويه رواية البخاري من حَديث جَابر كانَ النبي صلى الله عليه وسلم يفرغ على رأسهِ ثلاثًا (3).
قال ابن حجر: ويحتمل أن يكون للتوزيع عَلى جَميع البَدَن غرفة للرأس وغرفة للشق الأيمن، وغَرفَة للأيسَر، وزَاد الإسماعيلي في روايته ثلاثًا مِن غسْل الجنَابة، وفيه فقالَ رجُل من بَني هَاشم: إن شَعري كثير. فقال جَابِر: شَعر رسُول الله صلى الله عليه وسلم أكثَر مِنْ شَعرك وأطيب (4).
(وَأَشَارَ بِيَدَيْهِ كِلْتَيهِمَا (5)(6) كذَا للخَطيب وهي الأكثر في روَاية البخاري ورواية أبي عَلي التُستري (كلتاهما) وفي روَاية للبخاري (كلاهما) ورواية أبي على (كلتاهُما) مخرجة على أن ألف كلتا لا تتغير كالمقصور وكذا في المثنى كقول الشاعر:
(1) سقط من (ص، س، ل).
(2)
"صحيح مسلم"(327)(54).
(3)
"صحيح البخاري"(255).
(4)
"فتح الباري" 1/ 437 - 438.
(5)
في (م): كليهما. وفي (س): كلتاهما.
(6)
أخرجه البخاري (254)، ومسلم (327)، والنسائي 1/ 135، 207، وابن ماجه (575)، وأحمد 4/ 84، 85.
إن أبَاهَا وأبَا أبَاها قَد
…
بَلغا في المَجْد غَايتَاهَا
فَغَايتاهَا جَاء بالألف وهو منصُوب على المفعُولية، ويمكن أن يُخرَّجَ الرفعُ على اللغة الفصحى، وعلى القطع تقديرُه: وأشار بيديه (1) هُما كلتاهما.
[240]
(ثَنَا مُحَمَّدُ [بن المثنى] (2)، قال: ثَنَا أَبُو عَاصِمٍ) (3) الضحاك بن مخلد الشيباني عُرف بالنبيل، (عَنْ حَنْظَلَةَ)(4) بن أبي سُفيان الجمحي (عَنِ القَاسِمِ) بن محمد.
(عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ) أي: (5) [إذا أرادَ أن يغتسل (دَعَا) أي: طلبَ (بِشَيءٍ نَحْوَ) بالنصب صفة لشيءٍ على المعنى؛ فشيء وإن كان مجرورَ اللفظ فهو مفعُول في المعنى وضمنت (6) دعا معنى الطلب.
ورواية البخاري: نحو (7) بالجَرِّ صفة على اللفظ، فإن قلتَ شيءٌ نكرة ونحو مُضاف إلى المعرفة فكيف يكونُ صفة للنكرة فالجواب أن نحو بمعنى مثل وشبْه (8). وشبه ومثل، كما قال ابن السراج وغَيره أن
(1) في (د): بيده.
(2)
سقط من (ص).
(3)
وضع فوقها في (د): ع.
(4)
وضع فوقها في (د): ع.
(5)
بداية سقط من (م)، وسنشير إليه عند نهايته إن شاء الله.
(6)
في (ص، ل): ضمير. والمثبت من (د، س).
(7)
"صحيح البخاري"(258).
(8)
من (د).
مثلك وشبهك وغيرك لا يتعرف بالإضافة فتقول مَرَرتُ برَجل مثلك وشبهك وغيرك فلو لم تكن نكرات ما وصف بهن النكرات وإنما نكَّرَهُنَّ معانيهن ألا ترى أنك إذا قلتَ: مثلك، جَاز أن يَكون مثلك في طولكَ أو في قوتك أو في عِلمكَ ولن يحَاط بالأشياء التي يكون بهَا الشيء مثل الشيء لكثرتها (1).
(الْحِلَاب) أي: قريب من الإناء الذي يُسمى الحِلاب، وقد وصَفَهُ أبُو عَاصِم بأنه أَقل من شبر في شبر أخرجَهُ أبُو عوَانة في "صحيحه"(2) عنهُ.
وفي رواية لابن حبان (3): "وأشارَ أبُو عَاصم بكفيه"(4) فكأنهُ حَلق بشبريه يصف به دَوره لأعلى. وفي روَاية للبيهقي: "كقَدْر كوز (5) يسع ثمانية أرطَال"(6)، والحِلاب بكسْر الحَاء المهملة.
قال القرطبي: لا يصح غَيرها (7) وقد أشكل تبويب البُخاري عليه: بَاب من بدأ بالحلاب أو الطيب عند الغسْل (8)، فأول من تكلم في ذلك الإسماعيلي فإنهُ قال في "مُستَخرجه": رَحم اللهُ أبَا عبد الله يعني: البخَاري من ذا الذي يسلم من الغَلط سَبق إلى قلبه أن الحِلاب
(1)"الأصول في النحو" لابن السرَّاج 1/ 153.
(2)
"صحيح أبي عوانة"(853).
(3)
"صحيح ابن حبان"(1197).
(4)
سقط من (ص، س، ل).
(5)
ليست في (س).
(6)
"سنن البيهقي الكبرى" 1/ 184.
(7)
"المفهم" 1/ 579.
(8)
"صحيح البخاري" قبل حديث (258).
طيب وأيُّ مَعنى للطيب عندَ الاغتسَال؛ وإنما الحِلاب إناء وهو ما يُحلبُ فيه يسُمَّى (1) حلابًا ومحلبًا، وقال الأزهري في "التهذيب": الجلاب ضَبَطَهُ جماعة بالحاء المهملة واللام الخفيفة أي: مَا يُحلبُ فيه كالمحلب فصحفوهُ وإنما هُو الجلاب بضم الجيم وتشديد اللام وهو مَاء الوَرد فارسي مُعرب (2)، وقد أنكر جَماعة هذا على الأزهري من جهة أن المعرُوف في الروَاية بالمهملة والتخفيف ومن جهَة المعنى أيضًا.
وقال الحميدي في "الكلام على غريب الصحيح": ضَمَّ مُسلم هذا الحَديث مع حَديث الفرق، وحَديث قدر الصَاع، في مَوضع واحِد فكأنهُ تَأَوَّلَه على الإناء (3).
(فَأَخَذَ بِكَفِّهِ) أي: من الماء الذي في الحِلاب، وفي رواية للبخاري: بكفيه على التثنية (فَبَدَأَ) بهَمز آخره أي: ابتدَأ (بِشِقِّ) بكَسْر الشين وهو الجَانب أو النصف.
(رَأْسِهِ الأَيْمَنِ ثُمَّ الأَيْسَرِ) فيه استحباب البَدَأة بالميامن (4) في الغُسْل والوضوء والتيمم، وبذَلك ترجم عليه ابن خزيمة والبيهقي (5)(ثُمَّ أَخَذَ بِكَفَّيهِ) جَميعًا مِنَ الماء (فَقَالَ بِهمَا (6) عَلَى رَأْسِهِ) (7).
(1) في (ص، س، ل): سمي.
(2)
"تهذيب اللغة"(جلب).
(3)
"فتح الباري" 1/ 440.
(4)
في (س): بالماء. وهو خطأ.
(5)
"صحيح ابن خزيمة" 1/ 122، "السنن الكبرى" 1/ 284.
(6)
في (ص، س): بها. وبياض في (ل).
(7)
أخرجه البخاري (258)، ومسلم (318)، والنسائي 1/ 206 من حديث القاسم عن عائشة رضي الله عنها فذكره.
فيه أن (قالَ) بمعنى: فعَل، أي: غسَل. وقد وقع إطلاق الفعل على القول، عكس ما هنا في حَديث:"لا حسَد إلا في اثنتين" قال في الذي يتلو القرآن لو أُوتيت مثل ما أوتي هذا لفعلتُ ما يفعَل (1).
(بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ) الضمير في بهما (2) عَائد على الكَفين. فيه دليل على اجتزاء الغسْل بثلاث غرفات خلافًا لما يفعلهُ بعض الموسوسين من الإسراف في الغَرفات الكثيرةِ العدد بلا فائدة ويتَوهَّمُ أنَّ ذَلك عبَادَة فنسْأل اللهُ السَّلامة من ذلك.
[241]
(ثَنَا يَعْقُوبُ (3) بْنُ إِبْرَاهِيمَ) بن كثير الدورقي الحَافظ، قال:(ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن مَهْدِيٍّ) البَصْري (4)(عَنْ زَائِدَةَ بْنِ قُدَامَةَ) أبُو الصَّلت الثقفي، (عَنْ صَدَقَةَ) بن عيسى الحَنفي (5).
قال المزِّي (6) في "التهذيب": هكَذا ذكرهُ وهو وهم والذي يروي عن جميع بن عمير هو صَدقة بن سَعيد الحنفي الكوفي (7)، قالَ أبُو حَاتم: شيخ (8). وذكرهُ ابن حبان في "الثقات"(9)(ثنا (10) جُمَيْعُ) بضم الجيم
(1) أخرجه البخاري (5026) بهذا اللفظ.
(2)
في (ص): مهما.
(3)
وضع فوقها في (د): ع.
(4)
في (س): البغوي. وهو خطأ.
(5)
الصواب أنه صدقة بن سعيد الحنفي، وقد بين ذلك المزي بيانًا شافيًا في "التهذيب" 13/ 132، 142 - 143.
(6)
في (ص، س، ل): المزني.
(7)
"تهذيب الكمال" 13/ 142، والتعقيب هنا على عبد الغني المقدسي صاحب "الكمال".
(8)
"الجرح والتعديل"(1890).
(9)
"الثقات" 6/ 466.
(10)
في (ص، س، ل): قال.
مُصغر (بْنُ عُمَيرٍ) مُصغر التَّيمِي (أَحَدُ بَنِي تَيمِ الله بْنِ ثَعْلَبَةَ) ابن عكابة بالموَحدة، ومعنى تيم الله عَبد الله أصله من قولهم تيمه الحبُّ أي: عَبَّده وذَلَّلهُ فهوَ متيم.
(قَالَ دَخَلْتُ مَعَ (1) أُمِّي وَخَالَتِي عَلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها فَسَأَلَتْهَا) بإسْكان تاء التأنيث.
(إِحْدَاهُمَا) أي: إحدَى أُمِّي وخالتي (كَيفَ كنْتُمْ تَصْنَعُونَ عِنْدَ الغُسْلِ) من الجنابة (فَقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ) قبل الغسْل (كما يتوَضأ لِلصَّلَاةِ) فيه احتراز عَن الوضوء اللغوي.
قال ابن بَطال: أجمع العُلماء على استحباب الوضوء قبل الغسْل اقتداء برسُول الله صلى الله عليه وسلم وأما الوضوء بعَد الغسْل فلا وجه لهُ عندهم، وما رُوي عن علي أنه كانَ يتوضأ بعد الغسْل لو ثبت لكانَ، إنما فعَلهُ لانتقاض وضوءٍ، أو شك فيه (2).
(ثُمَّ يُفِيضُ) الماء (عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) روَاية الخَطيب: "ثلاث مرار". فيه استحباب التثليث في الغسْل.
قال النَّووي: لا نعلم فيه خلافًا إلا ما انفردَ به الماوردي فإنه قالَ: لا يُستحب التكرار في الغُسْل (3).
وكذا (4) قال القرطبي، وحَملَ التثليث في هذِه الروَاية على روَاية
(1) في (س): على. وهو خطأ.
(2)
"شرح صحيح البخاري" لابن بطال 1/ 368 - 369 بتصرف.
(3)
"شرح النووي على مسلم" 4/ 9.
(4)
سقط من جميع النسخ. والمثبت من "فتح الباري" حتى يستقيم السياق.
القاسمِ، عن عائشة؛ فإِنَّ مُقتضاها أن كل غَرفة كانت في جهَةٍ من جهَات الرأس (1).
(وَنَحْنُ نُفِيضُ عَلَى رؤوسِنَا خَمْسًا) استظهارًا (مِنْ أَجْلِ الضَّفْرِ)(2) بفتح الضاد المعجمة وإسْكان الفاء هذا هو المشهور في روَاية الحَديث، والمُستفيضُ عند المحَدثين والفقهاء وغَيرهم أي: من أجل إحكام فتل شعري.
قال ابن بري في الجُزء الذي صنَّفهُ في "لحن الفقهاء" من ذلك قولهم: أشد ضَفْر رَأسي يقولونه بفتح الضاد، وسُكون الفاء وصوَابهُ ضَم الضاد والفاء جَمع ضفيرة كسَفينة وسفن (3).
قالَ النووي: وهذا الذي أنكرهُ ليسَ كما زعمهُ بل الصواب جواز الأمرين ولكل واحد منهما مَعنى صَحيح، ويترجح (4) الوَجه الأول لكَونه المَسمُوع (5).
[242]
(ثَنَا سُلَيمَانُ (6) بْنُ حَرْبٍ) أبُو أيوب (الْوَاشِحِيُّ) بالشين
(1)"المفهم" للقرطبي 1/ 576.
(2)
أخرجه ابن ماجه (574)، وأحمد 6/ 188، والنسائي في "الكبرى"(242)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده"(1622). وفي إسناده جميع بن عمير، قال البخاري: فيه نظر. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه، وصدقة بن سعيد قال البخاري: عنده عجائب. قال الألباني: هو حديث باطل وإسناده ضعيف جدًّا.
انظر: "الكامل" 2/ 418، "ضعيف سنن أبي داود"(33).
(3)
"غلط الفقهاء" لابن بري (78).
(4)
في (ص): لنرجح.
(5)
"شرح النووي على مسلم" 4/ 11.
(6)
وضع فوقها في (د): ع.
المعجمة والحَاء المهملة البَصري قاضي مكة (وَثنا مُسَدَّدٌ قَالَا، ثَنَا حَمَّادٌ) ابن سَلمة (1)(عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ) عروة بن الزبَير (عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها [قَالَتْ: كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ] (2) أي: بسبب الجنَابة (قَالَ سُلَيمَانُ) بن حَرب (يَبْدَأُ) بهمز آخره أي: يبتدئ (فَيُفْرِغُ) بِضَم أوله أي: يصب (بيَمِينِهِ) أي: عَلَى شِمَالِهِ كما سَيَأتي في روَاية مسَدد.
(وَقَالَ مُسَدَّدٌ) في روَايته: إذا (غَسَلَ يَدَيْهِ يَصُبُّ الإِنَاءَ) أي: بشماله (عَلَى يَدِهِ اليُمْنَى) وهذا الأدب إذا كانَ فَمُ الإناء ضيقًا كالإبريق ونحوه، يكون الإناء من جهة يسَاره ويَصبُ بيَسَاره على يَمينه، وإذا كانَ فم الإناء واسعًا كالقدَحَ يَكونُ الإناء على يَمينه.
(ثُمَّ اتفَقَا) أي: مُسَدد وسليمان (3) قالا (فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ) يُطلق كما قَال أصحابنَا على القبل والدبر مِنَ الرجُل والمرأة وأصله الخلل بين شيئين.
(قَالَ مُسَدَّدٌ) في روَايته (يُفْرِغُ) بيَمينه (عَلَى شِمَالِهِ) أي: في غَسْل فَرجه بالنصِّ، وأمَّا في غَيره فالمعرُوفُ من شأنه أنه (4) كانَ يجب التَّيامن في طُهوره وفي شأنه كله (5).
(1) بل هو ابن زيد، فقد أخرج الحديث البخاري في "صحيحه" من حديث مسدد عن حماد، والبخاري لم يخرج لابن سلمة في "صحيحه"، ولأن مسددا لم يسمع من ابن سلمة. كذا قال الحافظ في "الفتح".
(2)
إلى هنا انتهى السقط الذي في (م)، وكنا قد نبهنا عليه سالفًا.
(3)
في (ص، س، ل، م، ظ): حماد.
(4)
في (س، م، ظ): إذا.
(5)
أخرجه البخاري (168) وغيره من حديث عائشة وسيأتي تخريجه إن شاء الله تعالى.
(وَرُبَّمَا كَنَتْ) بتخفيف النُون يَعني: عائشَة في روايتها (عَنِ الفَرْجِ) ولم تُصرح بأنَّ إفراغ اليَمين عَلى الشمال كانَ في الفَرج (1) كراهية لذِكْره والقاعِدَة المُستمرَّة في الشرح أنَّ مَا كانَ من بَاب التَّكريم والتشريف كلبْس السَّراويل والنعل والخفِّ وغَسْل أعضاء الطهَارة والمصَافحة وما في معناهُ كانَ باليمَين، وما كانَ بضِدِّهِ كدخُول الخلاء والامتخاط والاستنجاء وخلع الخفّ فيُسْتحب التياسر فيه.
(ثُمَّ يَتَوَضأُ كوضُوءه لِلصَّلاة) فيه أنه لا يؤخِّر (2) غسْل قدمَيه كما هو الظاهِر.
(ثم يُدْخِلُ) بضَم اليَاء (يَدَهُ فِي الإِنَاءِ) أي: الذي فيه ماء الغسْل؛ لأنها غسلت في الوضوء، ولا يحتَاج إلى غسْلها مَرة ثانية قَبل إدخَالها الإناء.
في روَاية للبخَاري (3): فأخَذ بكفيه.
قال الأصحَاب: يُستَحبُّ بعد وضوئه أن يدخل يَديه في الإناء بأصابعه العَشر.
(فيخللَ) بأصَابعه مَبلولةً (شَعْرَهُ) كذَا قالهُ القاضِي أبُو الطيب، والمَاوردي (4)، والقاضِي حُسَين. قال ابن الرفعَة: وهو صَريح في أنه لا يخللهُ بماء يقبضه يَعني في يدَيه، وقال ابن الصبَّاغ (5) يُدْخل أصَابعه
(1) في (س): القدح. وهو خطأ.
(2)
في (ص، ل): يوجب.
(3)
في (ص، س، ل): البخاري.
(4)
"الحاوي الكبير" للماوردي 1/ 220.
(5)
في (ظ، م): الصباح.
العَشر في الإناء فيَأخذ المَاء [بيَده فيشرب به أصُول الشعَر](1) من رأسه ولحيته أي: ليسْهل إيصَال (2) الماء إليه.
ولفظ مُسْلم: ثم يَأخُذ الماء فيدخل أصَابعه في أصُول الشعر (3). وللترمذي والنسَائي من طَريق ابن عيينة ثم يُشرب شَعره الماء (4)، وللبَيهقي من طَريق حَماد عن هشام يخلل بهَا شق رَأسه الأيمَن فيتبع (5) بهَا أصُول الشعر، ثم يفعَل بشق رَأسه الأيسَر كذَلك (6).
قالَ القاضي عيَاض: احتج به بعضهم على تخليل شعر اللحية في الغسْل، إمَّا لعمومه وإمَا بالقياس على شَعر الرأس (7).
(حَتَّى إِذَا رَأَى) أي: ظَنَّ (أَنَّهُ قَدْ أَصَابَ) الماء الشعر ووصَلَ إلى (الْبَشَرَةَ أَوْ) قال الراوي (أَنْقَى البَشَرَةَ) كما سَيَأتي (أَفْرَغَ) أي: صبَّ (عَلَى رَأْسِهِ) من الماء (ثَلًانا) أي: ثلاث غرفَات فيه التكرَار في الغسْل كما هو (8) في الوضوء.
(فَإِذَا فَضَلَ) قالَ النووي: فيه لغتان مشهورتان فتح الضاد وكسرها (9).
(1) في (د): بيديه فيشرب منه أصول شعره.
(2)
في (س): أيضًا.
(3)
"صحيح مسلم"(316)(35).
(4)
"جامع الترمذي"(104)، و"سنن النسائي" 1/ 135.
(5)
في (ص): فسقى.
(6)
"سنن البيهقي الكبرى" 1/ 175.
(7)
"إكمال المعلم بفوائد مسلم" 2/ 156.
(8)
من (ظ، م).
(9)
"المجموع" 2/ 190.
ومعناهُ بَقِيَ من الماء (فَضْلَةٌ صَبَّهَا عَلَيهِ)(1) أي: على باقي جسَده يبدأ بالشق الأيمَن ثم الأيسَر، ومفهُوم إذا الشرطية، أنهُ إذا لم يفضل منه شيء، وقد عمَّ الماء جَميع جِسْمه أنهُ كاف.
[243]
(ثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيّ البَاهِلِي)[أبُو حفص](2) الفلَّاس.
(قال ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ) إبراهيم بن (3)(أبي عَدِيّ)(4) السلمي البَصري.
(قال: ثنا سَعِيدٌ) بن أبي عروبة (عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ) زياد بن كليب التميمي الحافظ المتقن (5)(عَنِ) إبراهيم (النَّخَعِي عَنِ الأَسْوَدِ) بن (6) يزيدَ النَّخعي كان يصُوم حَتى يخضر.
(عَنْ عَائِشَةَ) رضي الله عنها (قَالَتْ: كانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَغْتَسِلَ مِنَ الجَنَابَةِ بَدَأَ) بهمز آخره (بِكَفَّيهِ فَغَسَلَهُمَا ثُمَّ غَسَلَ مَرَافِقَهُ) بالقاف كما في نسخة أبي علي والخطيب، ويشبه (7) أن المراد غسْل وجهه في وضُوئهِ ثم (8) مرافقه مع يديه ثم رأسه ثم رجليه وعلى هذا، ففيه دليل على تقديم الوضوء على الغسْل وفي نسخة من رواية ابن العبد: غسْل مرافِغَهُ بالغَين المعجمة بدل القاف وكَذَلك في نُسخة بخَط القرشي.
(1) أخرجه البخاري (248، 272)، ومسلم (316)، وغيرهما وقد سبق تخريج ألفاظه أثناء شرحه.
(2)
في (س): أبو جعفر. وهو تصحيف.
(3)
سقط من (ص، ل).
(4)
وضع فوقها في (د): ع.
(5)
"الكاشف" للذهبي 1/ 334.
(6)
تكررت في (ص، ل).
(7)
في (ص، ل): وسببه.
(8)
في (ص، س، ل): من.
قال أبو زيد: أي أصْل الفخذَين، وقال غَيره: المرافغ: أصُول المغابن كما تحت الآباط والأفخاذ، ومما قد يغفل عنهُ في الغُسْل باطن الأليتَين، والإبط، والعكن، والسرة، فليتعهد كلُّ ذلك، فإنه يَجِبُ إيصَال الماء في الغسْل إلى غُضُون البَدَن كداخِل السُّرَّةِ وباطن الأذنَين، والإبطين وما بين الأليتَين، وأصَابع الرجلين وغَيرهما فإنه [في حكم الظاهِر وهذا كله](1) متفق عليه.
(وَأَفَاضَ) أي: أسَال (عَلَيهِ المَاءَ) واستَدل به من لم يشترط الدلك.
قال المازري (2): لا حجة فيه؛ لأن أفَاضَ بمعنى غَسَل، والخلاف في الغسْل قائم.
(فَإِذَا أَنْقَاهُمَا) يَعني: الكفين مِنَ الوَسَخ وعلى هذا فيقوي ما قَالهُ الليث أن الرُّفغَ بالمعجمة هو الوسَخ بين الظفر والأنملة.
قال الهروي: أرَاد صلى الله عليه وسلم إنكم لا تقلمون أظفاركم ثم تحكُّون بهَا أرفاغكم فيعلق بهَا ما في الأرفاغ (3).
(هوَى بِهِمَا إِلَى حَائِطٍ) وروى الطبرَاني في "الكبير" ورجَاله مُوثقون إلا عبد الله بن محمد بن العباس الأصبهَاني، عَن عَبد الله بن مسعُود قالَ: السُّنَّةُ في الغُسْل مِنَ الجنَابة أن تغسل كفك حتى ينقى، ثم تدخل يَمينك في الإناء فتغسل فَرجك حتى ينقى، ثم تضرب يسَارك على الحَائط أو الأرض فتدلُكها ثم تَصُبُّ عليها بيمينك فتَغسلهَا ثم تَوضَّأ
(1) تكررت في (ص، ل).
(2)
في (س، م): الماوردي ..
(3)
"الغريبين" للهروي: رفغ.
وضوؤك للصَّلاة (1).
(ثم يَسْتَقْبِلُ الوضُوءَ)(2) فيتوضأ وضوءهُ للصَّلاة مع غسل الرجلين (وَيُفِيضُ المَاءَ عَلَى رَأْسِهِ)(3) ثلاثًا.
[244]
(ثَنَا الحَسَنُ (4) بْنُ شَوْكرٍ) بفَتح الشين المُعجمة والكَاف البَغْدَادي الثقة.
(قال: ثَنَا هُشَيْمٌ) بن بشير السلمي مَولاهم الواسطي.
(عَنْ عُرْوَةَ) بن الحَارث (الْهَمْدَانِيِّ) بإسكان الميم أخرج له الشيخان، (قال: ثَنَا الشَّعْبِي، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ) رضي الله عنها والشعبيُّ (5) لم يسمع منها (6)
فهوَ مُرسَلٌ (لَئِنْ) بفتح لام القسَم بَعدها إن الشرطية.
(شِئْتُمْ لأرُيَنَّكُمْ) بِضَم همزة أُرِي وتشديد نُون التوكيد.
(أَثَرَ يَدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي الحَائِطِ حَيثُ كَانَ) رسُول الله صلى الله عليه وسلم (يَغْتَسِلُ
(1)"المعجم الكبير" 10/ 187 (10411)، وقال الهيثمي في "المجمع" 1/ 272 ما نقله الشارح. وعبد الله بن محمد بن العباس شيخ الطبراني قال عنه أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" 2/ 62: صاحب أصول.
(2)
في هذا ما يدل على أن رواية: مرافقه. وهم، والصواب: مرافغه. كما هي رواية ابن العبد والقرشي.
(3)
أخرجه أحمد 6/ 171، وعنده: مَرَاقَّهُ بدل مرافغه، والمراق هي المواضع الرقيقة في الجلد كتحت الإبطين وأصول الفخذين.
وأخرجه أبو يعلى الموصلي (4855)، كما عند المصنف، وقال الألباني: إسناده صحيح على شرط مسلم. انظر: "صحيح أبي داود"(243).
(4)
وضع فوقها في (د): د.
(5)
في (ص، س، ل): الشعبي. دون الواو.
(6)
في (ظ، م): منه.
مِنَ الجَنَابَةِ) (1) فيه اتخاذ أمكنة معرُوفة لإيجاد العبادة والعَادَة (2) والمبَاحَة وغَيرها مِن صَلاة ووضوء واغتسال لا يُجاوزُه حَتى لقد بلغني عن بعض مشايخنا رحمهم اللهُ تعالى أَنَّ الإبريق الذي كان يستنجى به، أثر في الحجر مكانه حَيث يلازم وضعه وتحريكه للاستنجاء ولا يجاوزه إلى غَيره.
[245]
(ثَنَا مُسَدَّد قال: ثَنَا عَبْدُ الله بْنُ دَاودَ) بن عامر الهمداني ثم الشعبي الخُرَيْبِي، والخُريبة بالخاء المُعجمة محلة بالبصرة، أخرجَ لهُ البخَاري والأربعة، (قال: ثنا الأَعْمَش، عَنْ سَالِمٍ) بن أبي الجعْد، (عَنْ كُرَيْب) مَولى ابن عَباس، (قال: ثَنَا) عبد الله (بْنُ عَبَّاسٍ، عَنْ خَالَتِهِ مَيمُونَةَ) بنت الحارث الهلالية زَوْج النبي صلى الله عليه وسلم (قَالَتْ: وَضَعْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم غُسْل) بِضَم الغَين هُو ما يغتسل (3) به من الماء ونحوه وأمَّا بفتحها فهو فعل المغتسل.
(يَغْتَسِلُ بِهِ مِنَ الجَنَابَةِ) زادَ البخاري: وسَتَرتُه (4) زاد ابن فضَيل عن الأعمش: بثوب (فَأكفَأَ) رواية البخَاري: فصب (5)، وهو بمعناهُ مِنَ (الإِنَاءَ عَلَى يَدِهِ) والمرادُ باليَد (الْيُمْنَى) يعني: باليُسرى؛ لأن فم الإناء كان ضَيقًا.
(1) هو مرسل كما قال المصنف، فالشعبي يروي عن مسروق عن عائشة ولم يسمع منها على قول الأكثرين.
(2)
سقط من (ص، س، ل، م).
(3)
في (ظ، م): يغسل.
(4)
"صحيح البخاري"(266).
(5)
"صحيح البخاري"(266).
(فَغَسَلَهَا مَرَّتَينِ أَوْ ثَلاثًا) الشك من سُليمان كما في البخاري وهو الأعمش أحد الرواة، ولابن فضَيل، عن الأعمش فصَبَّ على يَديه ثَلاثًا ولم يشك، أخرجَهُ أبُو عوَانة في "مُستَخرجه"(1). فيحمل على إن الأعمش شَكَّ أوَّلًا ثم تذكر فجزَم بالثلاث؛ لأن سَمَاع ابن فُضَيل منه مُتأخِّر.
(ثُمَّ صَبَّ عَلَى فَرْجِهِ فَغَسَلَ فَرْجَهُ بِشِمَالِهِ) أي: غسَل مَا على قُبُلِه ودبره مِنَ الأذى نَجاسَة كانت، كأثر الاستنجاءِ وغَيره، وكذَا يغسل ما على الذكر من مَنِيٍّ ورُطُوبة فَرج وغَير ذلك (ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ) اليُسرى (الأَرْضَ).
قال ابن بَطال: هذا محمُول على أنه كانَ في يَده أذى من جَنابةٍ أو غَيرهَا فلذلك (2) ضَرَب بيده الأرض (3).
(فَغَسَلَهَا) كما يَغسلها عند الاستنجاء (ثُمَّ مَضْمَضَ) وفي رواية البخَاري وغَيره: "ثم تمضمض"(4). بزيَادَة التاء أوله وهو الأصل.
(وَاسْتَنْشَقَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ) فيه مَا تقدم (وَيَدَيْهِ) زادَ البخَاري: "وغسَل رأسَه"(5) أي: مَسَحَهُ بالماء يَعْني ولم يغسل رجليه بل أخرهما.
(ثُمَّ صَبّ عَلَى رَأْسِهِ) وباقي (جَسَدِهِ ثُمَّ تَنَحَّى) يَعْني مِن مكانه إلى
(1)"مستخرج أبي عوانة"(864).
(2)
في (س، ظ، م): فكذلك.
(3)
"شرح صحيح البخاري" لابن بطال 1/ 379.
(4)
"صحيح البخاري"(259).
(5)
"صحيح البخاري"(265).
(نَاحِيَةً) أُخرَى.
(فَغَسَلَ رِجْلَيهِ) استدل به بَعض العُلماء على أن تأخير غَسْلِ الرجلين أفضل؛ ليَكونَ الافتتاح والاختتام بأعضاء الوضُوء، وقد رُوي عَن مَالك (1) وأحمد (2)، ولكن الغسْل والوضوء (3) كاملًا أفضَل؛ لأن ما وقع هُنا لما نالهُ في تلك البُقعة.
(فَنَاوَلْتُهُ المِنْدِيلَ) بكسر الميم مأخُوذ مِنَ الندل وهو النقل، وقيل: هو الوسَخ [لأنه يندل](4) به أي: يُزال به الوَسَخ.
(فَلَمْ يَأْخُذْهُ) ورواية عفان (5) عن أبي عوَانة فقال: "هكذا وأشار بيده أن لا أريدهَا"(6). وفي رواية البخَاري (7): "فناولته ثوبًا فلم يأخذهُ"(8).
وفيه دليل على تَرك التنشف بالخرقة ونَحوهَا.
وبه قال أنس (9): إنهُ مَكرُوه في الغسْل والوضُوء (10).
(1)"المنتقى" للباجي 1/ 80، 93.
(2)
"المغني" 1/ 160.
(3)
في (ظ، م): قالوا.
(4)
في (ص، س): لا يندل. وفي (م): لا يدل.
(5)
في (ص، س، ل، م): عقال.
(6)
"مسند أحمد" 6/ 336.
(7)
في (د، م): للبخاري.
(8)
"صحيح البخاري"(276).
(9)
في (ل): الليث.
(10)
كذا ذكره الشارح أنه مكروه عند أنس رضي الله عنه والمعروف من قول أنس أنه لا بأس به في الغسل والوضوء، وأما الكراهة فمنقولة عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وبالجملة فلم يصح في النهي عنه شيء. انظر: "الأوسط" 2/ 63 بتحقيقنا.
وفيه دَليل على خدمة الزوجات للأزوَاج.
(وَجَعَلَ يَنْفُضُ المَاءَ عَنْ جَسَدِهِ) استدل به النووي وغَيره على إبَاحَة النفض في الغسْل والوضُوء قال: وهو الأظهَر عند المحققين لهذا الحَديث (1).
ووجه من منعه؛ لأن النافض لماء الوضُوء كالمتَبرم (2) مِنَ العبَادَة.
قال سُليمَان بن مهران الأعمش: (فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لإِبْرَاهِيمَ) النخعي (فَقَالَ: كَانُوا لَا يَرَوْنَ بِالْمِنْدِيلِ بَأْسًا)(3) أن يتنشفوا به.
(ولكن كَانُوا يَكْرَهُونَ العَادَةَ) الناشئة عن التَرَفُّهِ إذا جرى عليهَا الآدَميُّ استهوته واستعبدته (4) وتملكتهُ فالحزم قطعهَا وتركهَا ومخالفتهَا.
فأما العَادة التي اعتادهَا المُسْلمون وَرَأوْهَا حَسَنة فهي عند الله تعالى حسنة، كما قال عَبد الله بن مَسْعُود في الحَديث الموقوف عليه:"ما رآهُ المُسْلمون حسنًا فهو عندَ الله حَسَن"(5) كما قال الله تعالى: {لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ} (6) فأمر الله تعالى بالاستئذان في هذِه الأوقات التي جَرَت العَادَة فيهَا بالابتذال ووضع
(1)"شرح النووي" 3/ 232.
(2)
في (ص): كالمتندم.
(3)
"التمهيد" 22/ 94.
(4)
في (ص، س، ل): استبعدته.
(5)
أخرجه أحمد 1/ 379، والحاكم في "المستدرك" 3/ 79، وقال: صحيح الإسناد.
وصححه الألباني موقوفًا. انظر: "الضعيفة"(533).
(6)
النور: 58.
الثياب فابتنى (1) الحكم الشرعي على ما كانوا يعتادونه واعتبر نومهم (2) الذي يَألفونهُ وكذلك جرى تقديم الطعَام إلى الضِّيفان على ما جَرَت به العَادَة في إبَاحَة الأكل منهُ للضّيفَان تنزيلًا للدلالة الفعليَّة منزلة الدلالة القَولية.
(قَالَ مُسَدَدٌ: قُلْتُ لِعَبْدِ الله بْنِ دَاودَ) الهَمْدَاني (كَانُوا يَكْرَهُونَهُ) أي: التنشف بالمنديل.
(لِلْعَادَةِ) التي ألفوها في الجَاهلية (فَقَالَ: هَكَذَا هُوَ ولكن) هذا (وَجَدْتُهُ فِي كِتَابِي هَكَذَا)(3).
قال أصحَابُ الحَديث: إذا وَجَدَ الحافظ الحَديث في كتابه خلاف ما يحفظه فإن كان إنما حفظ من كتابه فليرجع إلى كتابه، وإن كانَ حفظه من فم المحَدث أو مِنَ القراءة على المحَدث وهو غَير شاك في حفظه فليعتمد حفظه، والأحسن أن يجمع بينهما كما فَعَلَ المصَنف فيَقول في حفظي كذا (4) وفي كتَابي كذَا، وكذَا فعَل شعبَة وغير واحد من الحفاظ (5).
[246]
(ثَنَا حُسَينُ بْنُ عِيسَى الخُرَاسَانِي) ابن حمران الطَّائي البسْطَامي، أخرجَ لهُ البخاري حَديثًا في الوضوء مَرتين (6)، ومسلم (7)
(1) في (ص): فأنسي. وفي (س): فانتفى.
(2)
في (ص): يومهم.
(3)
أخرجه البخاري (249، 257) وفي مواضع بنحوه، ومسلم (317).
(4)
سقط من (ص).
(5)
"مقدمة ابن الصلاح" 1/ 120.
(6)
(158).
(7)
في (ص، ل): مسلمة.
حَديثًا واحدًا (1)(قالَ: ثَنَا) محمد بن إسماعيل (ابْنُ أَبِي فُدَيْك)(2) الديلي (3) مَوَلاهم (عَنِ) محَمد بن عَبد الرحمن (ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ) العَامري المدَني، (عَنْ شُعْبَةَ) (4) بن دينَار (أن) (5) عَبد الله (بن (6) عَبَّاسٍ رضي الله عنهما كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ يُفْرِغُ) بِضَم أوله أي: يصبّ (بِيَدِهِ اليُمْنَى عَلَى يَدِهِ اليُسْرَى سَبْعَ مِرَارٍ ثُمَّ يَغْسِلُ فَرْجَهُ) فكل مرَّة مِنَ السَّبعِ يَغسِل فَرجه بيده اليسرى كما تقدم (فَنَسِيَ مَرَّة كَمْ أَفْرَغَ) الماء مرة.
رواية الخَطيب: كَمْ أَفْرَغْتُ؟ يَعني: مَرة (فسألني (7) فَقُلْتُ: لا أَدْرِي. فَقَالَ: لا أُمَّ لَكَ) قال في "النهاية": هُو ذمٌّ وسَبٌّ أي: أنت (8) لقيطٌ لا تعرف لك أمٌّ، انتهى ولا يظن بابن عَبَّاس أنهُ يقصِد حَقيقة هذا بَل هو من بَاب التأديب لهُ، وقيل: قد يقع مثل هذا مَدْحًا بمعنَى التعجب منه (9).
(وَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَدْرِيَ) فيه التأديب على إِهمال التلميذِ أَمْرَ شيخه، وعَدَم اعتنائه بأمره.
(ثُمَّ يَتَوَضَّأُ (10) وضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ) وضُوءًا كاملًا وهو سُنة للغُسْل،
(1) "صحيح مسلم (1542/ 74).
(2)
وضع فوقها في (د): ع.
(3)
في (ص، س، ظ، م، ل): الديلمي.
(4)
في (س): سعيد.
(5)
في (ص): بن.
(6)
سقط من (ص).
(7)
سقط من (ص، س، ل).
(8)
في (ص، س): ابن.
(9)
انظر: "النهاية في غريب الحديث"(أمم).
(10)
في (ص، س، ل): توضأ.
خلافًا لأبي ثور حَيثُ قالَ: الوضُوء شَرط للغسْل، وهو خلاف الإجماع كما نقلهُ ابن جرير.
(ثُمَّ يُفِيضُ عَلَى جِلْدِهِ) بعد الإفاضَة (1) على رأسه كما تقدم.
(ثُمَّ يَقُولُ هَكَذَا كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَتَطَهَّرُ)(2) مِنَ الجنَابَة فيه التعليم بالفعل كما هو بالقَول.
[247]
(ثَنَا قُتَيبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قال: ثَنَا أَيُّوبُ بْنُ جَابِر) اليمامي (عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُصْمٍ)(3) بضَم العَين وإسْكان الصَّاد المهمَّلَتَين النصيبي ويقال: ابن عصمَة، أبُو علوَان العجلي الحنفي، وثقه ابن معين. قال أبُو زُرعة: ليس به بَأس (4).
قال أبُو داود: قال إسرائيل: عصمة، وقالَ شريك: عصم (5) فسَمعت أحمد يقول: القول مَا قَال شريك (6)(عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ كَانَتِ الصَّلاة (7) خَمْسِينَ) صَلاة، وكانت أمّة مُوسَى مكلفينَ بهَا.
قالَ القُرطبي (8): ولم يكلف بها غيرها، منَ الأمم السَّالفَة وكَانَت قَد
(1) في (ظ، م): الإضافة.
(2)
أخرجه أحمد 1/ 307، والطيالسي في "مسنده"(2851)، وضعفه الألباني في "ضعيف سنن أبي داود"(35) لسوء حفظ شعبة مولى ابن عباس رضي الله عنهما.
(3)
في (د): عصيم.
(4)
"الجرح والتعديل"(582).
(5)
في الأصول الخطية: عصمة. والمثبت من المصادر.
(6)
"سؤالات أبي داود للإمام أحمد"(76).
(7)
في (ص، س): الصلوات.
(8)
انظر: "المفهم" للقرطبي 1/ 393.
ثقلت عليهم وعَالجهم مُوسى عليه السلام على إقامَتها فخافَ مُوسى عليه السلام على أمة محمد صلى الله عليه وسلم أن تثقل الصَّلاة عَليهم، كما ثقلت على قَومه؛ فيعجزُوا عنَها ويدل على هذا قوله: فإني قَد بَلوت بَني إسرَائيل قبلك (1).
(و) كانَ (الْغُسْلُ مِنَ الجَنَابَةِ سَبْعَ مِرَارٍ) كما أنَّ الغسْل مِن نجَاسَة الكلب والخنزير (2) سَبع مرَار.
(وَغَسْلُ البَوْلِ مِنَ الثَّوْبِ سَبْعَ مِرَارٍ) وهي روَاية عَن أحمد بن حنبل: أنهُ يجب الغسْل من نجاسَة البَوْل والغائط والدَم منَ النجاسَات التي هي غَير نجاسَة الكلب والخنزير سَبع مرار قياسًا على نَجاسَة الولوغ لما روي عَن ابن عُمر أنهُ قال أمرنَا بِغَسْل الأنجاس سَبعًا. يعني سَبْع مَرات فيَنصرف إلى أمر النبي صلى الله عليه وسلم. والروَاية الثانية: لا يجبُ العَدَد (3)، كما قال الشافعي رضي الله عنه (4).
(فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم) حينَ أمرهُ موسى عليه السلام بالرجُوع إلى ربه يَسْأله التخفيف عن أُمته.
(يَسْأَلُ) ربه التخفيف عن أُمته وَيرجع بين (5) مُناجَاة ربه في الموضع الذي نَاجَاهُ فيه أولا وبين مُوسى عليه السلام (حَتَى جُعِلَتِ الصَّلاةُ خَمْسًا) فيه نصٌّ على وقوع النسخ للحُكم قَبل التَّمكُّنِ من الامتثال بفعله وهو قَول
(1)"صحيح مسلم"(162)(259) باللفظ، وهو في "صحيح البخاري"(7517).
(2)
سقطت من الأصل.
(3)
"المغني" 1/ 75.
(4)
"نهاية المطلب" للجويني 2/ 301.
(5)
في (س): إلى.
الجمهور، والمرادُ به نَسْخُ الخِطاب الذي لم يتقدم به عَمل البتة.
ونقل ابن السَّمعَاني عن الصَّيرفي، وأكثر الحنفية عَدَم جَوَازه، ونقلهُ القرطبي عن المُعتزلة (1)، ومِنَ النسْخ قبل التمكن ما رَوَاهُ البخَاري عَن أبي هريرة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بَعَثَ بَعثًا فقال:"إنِ وَجدتم فُلانًا وفلانًا فأحرقوهما بالنَّار" ثم قال: حين أردنا الخروج "إنِّي أمَرتكم أن تَحرقوا فلانًا وفلانًا و (2) إِنَّ النَّارَ لا يُعَذِّبُ بهَا إلا الله"(3).
([وَغُسْلُ الجَنَابَةِ] (4) مَرَّةً) فرض، واثنتَان سُنة (وَغَسْلُ البَوْلِ مِنَ الثوْبِ مَرَّة)(5) ورواية الخَطيب [والغسْل منَ الجنَابة وغُسْلُ البَوْلِ مِنَ الثَّوْبِ مَرَّةً](6)، وفيه حجة للشافعي ومن تبعَهُ أنهُ يكفي في غسْل غَير نجاسَة الكلب والخنزير مَرة واحِدَة إن كانت حُكميَّة (7) أو زالتْ عَينها بالمرة الوَاحِدة ويُستحب التثليث.
[248]
(ثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ) الجَهْضمي (قالَ: حَدّثَنِي الحَارِثُ بْنُ وَجِيه) بِفَتح الواو [وكسْر الجيم](8) وسُكون المثناة تحت الراسبي، روى عنه
(1)"المفهم" للقرطبي 1/ 393.
(2)
من (د، ظ، م).
(3)
"صحيح البخاري"(3016).
(4)
في (د، ظ، م): والغسل من الجنابة.
(5)
أخرجه أحمد 2/ 109، والبيهقي في "الكبرى" 1/ 244، والطبراني في "المعجم الصغير"(182)، وضعفه الألباني في "ضعيف سنن أبي داود"(36) لضعف أيوب بن جابر.
(6)
سقط من (د).
(7)
في (س): من حُكمية.
(8)
سقط من (د).
الترمذي وابنُ مَاجه أيضًا (1)، ويقال فيه: الحارث بن وَجْبَة بفتح الواو وإسْكان الجيم ثم بَاء موحَّدة حكاهُ الترمذي (2)[وسُكون الحاء المهملة](3).
(قالَ: ثَنَا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ مُحَمَدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ تَحْتَ كُلِّ شَعَرَةٍ) بفتح العَين من شَعَرِ بَدَن الآدَمي.
(جَنَابَةً) بالنصب بمعنى (4) لو بقيت من شعَر الآدَمي شعرةٌ واحِدَةٌ لم يصل إليها الماء لبَقيت الجنَابة بحَالها. وأحكامهَا؛ فلا يَجوز له الصلاة ولا غَيرها مما يفتقر إلى الغُسْل.
(فَاغْسِلُوا الشَّعْرَ) شعر الرأس واللحيَة وغَيرهما منَ الشعُور كلهَا وأوْصلوا الماء إليه.
(وَأَنْقُوا) بفتح هَمزة القطع؛ لأن مَاضِيَهُ رُباعي كما تقدم في قوله: "فَإذَا أنقاهُما"(5) ومعنى أَنْقُوا أي: طهرُوا.
(الْبَشَرَ) جَمع بَشرة، كذَا روايَة الترمذي وهي ظاهِر الجِلد مِنَ الوَسخ والقذر وأوصلوا إليه الماء فلو كان في مَوضع منه وسَخ بحيث لا يصل الماء إلى مَا تحته لم ترتفع الجنابة.
(قَالَ أَبُو دَاودَ: الحَارِثُ بْنُ وَجِيهٍ) ويقالُ ابن وَجْبَة بفتح الوَاو كما
(1)"سنن الترمذي"(106)، "سنن ابن ماجه"(597).
(2)
"جامع الترمذي" عقب حديث (106).
(3)
كذا في جميع النسخ، وغالب ظني أنها عبارة مقحمة وإلا فلم أر من سماه وحبة بسكون الحاء المهملة.
(4)
في (د، م): يعني.
(5)
في (م، ظ): فإذا نقاهما.
تقدم عَن الترمذي (حَدِيثُهُ مُنْكَرٌ وَهُوَ ضَعِيفٌ).
قال الترمذي: حَديث الحَارث بن وجيه حديث (1) غريب، لا أعرفه إلا من حَديثه وهو شيخ (2)، وذكر الدارقطني أنه غريب من حَديث محمد بن سيرين عَن أبي هُريرة تفردَ به مَالك بن دينار، وذكر الترمذي أيضًا أن الحَارث تفرد به عَن مَالك. وقال الدَّارقطني في "العلل": إنما يروى هذا عَن مَالك بن دينَار عَن الحسن مُرسلًا (3).
ورواهُ سَعيد بن منصور، عن هشيم، عن يُونُس، عن الحَسَن قال: ثبت أن رسُول الله صلى الله عليه وسلم فذكرهُ (4) وَرَوَاهُ ابن مَاجَه في حَديث فيه: "أدَاء الأمَانة غُسْل الجنَابة فإن تحت كل شعرَة جَنابة"(5).
[249]
(ثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ) التبوذكي (قال: ثَنَا حَمَّادٌ) ابن سَلمة (قال: أَخْبَرَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ) وثقهُ أيوب (6) السختياني، وأخرج له البخاري حَديثًا مقرونًا بأبي بشر (7).
(عَنْ زَاذَانَ) بفتح الزَّاي والذَّال المعجمتين [أبي عمر](8) الكِنْديِّ مولاهم الضرير (9).
(1) من (د، م).
(2)
"جامع الترمذي"(106).
(3)
"علل الدارقطني"(1427).
(4)
في (ص): قد ذكره.
(5)
"سنن ابن ماجه"(598).
(6)
في (س): أبو ثور. خطأ.
(7)
"صحيح البخاري"(6578).
(8)
في (ص، ل): أي عمرو. وفي (م، ظ): أي عن.
(9)
في (ص): العزيز.
(عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَنْ تَرَكَ مَوْضِعَ شَعَرَةٍ مِنْ جَنَابَةٍ) يُستثنى منه الشَّعرُ النَابت في العَين، لا يجبُ غسْله ولا فرق بَيْنَ الشعر الخَفيف والكثيف بخلاف الوضوء لكثْرَةِ تكرار الوضوء.
قالَ السُّبْكِي: يجبُ قطع الشعرات المنعَقدَة ولا يسَامح ببَاطِن عقدهَا وهو ظاهر النَّص (1). قالَ: والجمهُور على خِلافه.
(لَمْ يَغْسِلْهَا فُعِلَ) بِضَم أوله، مَبنيٌّ لما لم يُسَمَّ فاعله.
(بِهِا كذَا وَكذَا) أي: فعل بتلك الشعرة مِنَ العَذاب.
(مِنَ النَّارِ) أي: عذابًا شَديدًا.
(قَالَ عَلِيٌّ) رضي الله عنه (فَمِنْ ثَمَّ) بفتح المثلثة أي: من أجل أنِّي (2) سَمعت هذا التهديد.
(عَادَيْتُ) شَعر (3)(رَأْسِي) أي: فعَلتُ بِشَعر رأسي فعل العَدُوِّ بالعَدُوِّ (فَمِنْ ثَمَّ عَادَيْتُ رَأْسِي) قالها (ثَلاثًا).
قال شارح "المصَابيح": (و) قد صَح أن عليًّا رضي الله عنه (كان يَجُزُّ)(4) بِضَمّ الجِيم (شَعَرَهُ)(5) الجزُّ: قصُّ الشَّعَرِ والصُّوف ونحوهما، والمرادُ أنه قطعَ
(1) من (د، م، ظ).
(2)
في (ص، س، د، ل): أن.
(3)
سقط من (د).
(4)
في (س): يجني.
(5)
أخرجه ابن ماجه (599)، وأحمد 1/ 94، والبيهقي في "الكبرى" 1/ 175، وصحح الحافظ وقفه على علي رضي الله عنه. قال الألباني في "ضعيف سنن أبي داود" (38): إسناده ضعيف؛ لأن عطاء بن السائب اختلط بأخرة، وحماد بن سلمة سمع منه قبل الاختلاط وبعده وليس ثمة دليل بين هل كان هذا الحديث مما سمعه قبل الاختلاط أو بعده. أهـ. بتصرف.
شَعر رَأسه مخَافة أن لا يَصِلَ الماءُ إلى جَميع شعره، ورُوِىَ أيضًا أنَّ حُذَيفة كَانَ يَجُز شعره خَوْفًا مِنْ ذَلك (1)، ورَوَى الطبرَاني في "الكبير" عن ميمونَة بنت سعد؛ أنهَا قالت: يا رسول الله أفتنا عن الغُسْل مِنَ الجنَابة؟ فقال: "تبلي (2) أصُول الشعر وتُنْقِي البَشر فإن مثل الذين لا يحسِنُونَ الغُسْلَ كمَثَلِ شجرة أصَابهَا مَاءٌ فلا ورَقها ينبت ولا أصْلهَا يروى، فاتَّقُوا اللَّه وأَحسِنُوا الغسْل فإنَّها مِنَ الأمَانَةِ التي حُمّلْتُم والسَّرائر التي استودعتم"، قلتُ: كم يَكفي الرَّأس [مِنَ الماء؟ ](3) قالَ: "ثلاث حَفنات"(4).
* * *
(1) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(1072).
(2)
في (الأصل، س، ظ، م): يبل.
(3)
ليست في (م، ظ).
(4)
أخرجه الطبراني في "الكبير" 25/ 36 (64) قال الهيثمي في "المجمع" 1/ 272: فيه عثمان بن عبد الرحمن عن عبد الحميد بن يزيد. ولم أر من ترجمهما.