الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
131 - باب فِي الرُّخْصَةِ فِي تَرْكِ الغُسْلِ يوْمَ الجُمُعَةِ
352 -
حَدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنا حَمّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: كانَ النّاسُ مُهّانَ أَنْفُسِهِمْ فَيَرُوحُونَ إِلَى الجُمُعَةِ بِهَيْئَتِهِمْ فَقِيلَ لَهُمْ لَوِ اغْتَسَلْتُمْ (1).
353 -
حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْن مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنا عَبْدُ العَزِيزِ -يَعْنِي ابن مُحَمَّدٍ- عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ أُناسًا مِنْ أَهْلِ العِراقِ جاءوا فَقالُوا يا ابن عَبّاسٍ أَتَرَى الغُسْلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ واجِبًا قالَ: لا وَلَكِنَّهُ أَطْهَرُ وَخَيْرٌ لَمِنِ اغْتَسَلَ وَمَنْ لَمْ يَغْتَسِلْ فَلَيْسَ عَلَيْهِ بِواجِبٍ وَسَأُخْبِرُكُمْ كَيْفَ بَدْءُ الغسْلِ كانَ النّاسُ مَجْهُودِينَ يَلْبَسُونَ الصُّوفَ وَيَعْمَلُونَ عَلَى ظُهُورِهِمْ وَكانَ مَسْجِدُهُمْ ضَيِّقًا مُقارِبَ السَّقْفِ إِنَّما هُوَ عَرِيشٌ فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي يَوْمٍ حارٍّ وَعَرِقَ النّاسُ فِي ذَلِكَ الصُّوفِ حَتَّى ثارَتْ مِنْهُمْ رِياحٌ آذَى بِذَلِكَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَلَمّا وَجَدَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم تِلْكَ الرِّيحَ قالَ: "أَيُّها النّاسُ إِذا كانَ هذا اليَوْمُ فاغْتَسِلُوا وَلْيَمَسَّ أَحَدُكُمْ أَفْضَلَ ما يَجِدُ مِنْ دُهْنِهِ وَطِيبهِ". قالَ ابن عَبّاسٍ ثُمَّ جاءَ اللهُ بِالخَيرِ وَلَبِسُوا غَيْرَ الصُّوفِ وَكُفُوا العَمَلَ وَوسِّعَ مَسْجِدُهُمْ وَذَهَبَ بَعْضُ الذِي كانَ يُؤْذِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا مِنَ العَرَقٍ (2).
354 -
حَدَّثَنا أَبُو الوَلِيدِ الطَّيالِسِيُّ، حَدَّثَنا هَمّامٌ، عَنْ قَتادَةَ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَوَضَأَ يَوْمَ الجُمُعَةِ فَبِها وَنِعْمَتْ وَمَنِ اغْتَسَلَ فَهُوَ أَفْضَلُ"(3).
(1) رواه البخاري (903)، ومسلم (847). وانظر ما سيأتي برقم (1055).
(2)
رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 116، والطبراني 11/ 219 (11548)، والحاكم 1/ 280، 4/ 189، والبيهقي 1/ 295، وابن عبد البر في "التمهيد" 10/ 85 - 86 من طريق أبي داود. وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود"(380).
(3)
رواه الترمذي (497)، والنسائي 3/ 94، وأحمد 5/ 8، 11، 15، 16، 22، وابن خزيمة (1757)، وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود"(381).
باب الرخصة في ترك الغسل يوم الجمعة
[352]
(ثَنَا مُسَدَّدٌ، قال: ثَنَا حَمَادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَىَ بْنِ سَعِيدٍ) ابن قيس، عالم المدينة (عَنْ عَمْرَةَ) بنت عَبد الرحمن بن سَعْد بن زرارة من فُقَهاء التابعين أخذَت (عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ النَّاسُ مُهَّانَ) بِضَم الميم وتشديد الهَاءِ جَمع مَاهِن، وَرُوِيَ "مَهَنةُ" بفتح الميم والهَاء للبخاري (1) وهما جمع مَاهن ككاتب (2) وكُتَّاب (3) وكَتَبة.
قال الحَافظ أبو مُوسَى: مِهَان بكسر الميم وتخفيف الهَاء جَمْع مَاهِن، كقائم وقيام وصَائم وصيَام، والماهن الخادم أي: كانوا يخدمُون أنفسهم ويعملون أعمالهم بأنفسُهم ولم يكن لهُم من يخدمُهم، قالَ: ويجوز أن يكون مهانًا (4) وهوَ قياسي (5).
(فَيَرُوحُونَ إِلَى الجُمُعَةِ) بَوب عليه البخاري: وقت الجُمعَة إذا زَالت الشمس، ووَجْهه أنَّ (6) لفظ الروَاح حَقيقةٌ عند الأكثر للذهَاب بعد الزوَال، فكَانُوا يَكونونَ في أشغالهم فإذَا زَالت الشمس ودَخلَ وقت الصَّلاة ذهبوا إلى الجُمعَة.
(بِهَيْئَتِهِمْ) أي: بِحَالتهِم التي كانُوا عَليهَا رواية البخَاري: "في
(1)"صحيح البخاري"(903).
(2)
في (ص، س، ل): ككتاب.
(3)
في (ص): كتب. والمثبت من (د، م).
(4)
في (ص، س، ل): محانًا. والمثبت من (د، م).
(5)
"شرح سنن أبي داود" للعيني 2/ 175، و"لسان العرب"(مهن).
(6)
في (د): إلى.
هيئتهم" (1).
(فَقِيلَ لَهُمْ: لَوِ اغْتَسَلْتُمْ)(2) أي: لكان أفضَل، وفيه دَليل على أَنَّهُ يُندَبُ لمن أرَادَ المَسْجد، أوْ مُجالسَة الناس أن يجتنب الريح الكريهة في بَدَنه وثيابه.
[353]
(ثَنَا عَبْدُ الله بْنُ مَسْلَمَةَ) القعنبي (قال: ثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ (3) بْنَ مُحَمَّدٍ) الدراوردي (4)(عَنْ عَمْرِو (5) بْنِ أَبِي عَمْرٍو) اسْمهُ مَيْسَرة، مَولى آل المطلب بن عَبد الله المخزومي المدَني.
(عَنْ عِكْرِمَةَ؛ أَن أُنَاسًا مِنْ أَهْلِ العِرَاقِ جَاءُوا) إليه (فَقَالُوا: يَا ابن عَبَّاسٍ أَتَرَى) أي: أتذهب وتعتقد.
(الْغُسْلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَاجِبًا قَالَ: لَا) فيه سُؤال المجتهد عَمَّا ترجح عندهُ في المسَائل الاجتهادية؛ لتعَارض الأدلة، فكأنهم سَألوهُ عَن العَمل بظاهِر (6) حديث:"غسْل الجُمعَة واجِب" فأجَابَهُم بأنهُ (7) لم يأخُذهُ (8) بِظَاهِره؛ للأحَاديث المعَارضَة لهُ كحَديث عُثمان المتقدم (9):
(1)"صحيح البخاري"(903).
(2)
أخرجه البخاري (903)، ومسلم (847)، وأحمد 6/ 62، وابن حبان في "صحيحه"(1236) من حديث عمرة عن عائشة وألفاظهم متقاربة.
(3)
كتب فوقها في (د): ع.
(4)
في (ص، ل): الدراوودي، والمثبت من (د، س، م).
(5)
كتب فوقها في (د): ع.
(6)
في (ص، ل): فظاهر، وفي (س): وظاهر. والمثبت من (د، م).
(7)
في (ص): فإنه. والمثبت من (د، س، م، ل).
(8)
في (د، م): يأخذ.
(9)
تقدم.
ما زِدتُ (1) على أن توضأت (2). والحَدِيث الآتي "منْ تَوضأ فبهَا ونعمت، ومَن اغتسل فالغسْل أفضل" رَوَاهُ أصحَاب السُّنَنْ وصححهُ ابن خزَيمة، وحَسَّنهُ الترمذي (3).
(وَلَكِنَّهُ أَطْهَرُ) أي: أكثر نظافة فإنَّ الطَهَارة في اللغة النظافة.
(وَخَيرٌ) أي: أفضَل وأكثر أجرًا.
(لِمَنِ اغْتَسَلَ) فيه دَليل عَلَى أنهُ يُسْتحبُّ للعَالم أو (4) للمفتي إذا سُئل عن شيء، وعلم أنَّ الأفضَلَ للسَّائل غَيرَ الحكم الذي سَأَلَ عَنْه، ممَّا يَتعَلق بالمسئول عنهُ، ولم يذكرهُ السَّائل أن ينبههُ عليه ويعلمه إياةُ؛ لأنه سَأل عَن وجُوب الغسْل للجُمعَة؛ فأجَابه بأنه غير واجب، ثم زَادهُ على سُؤَاله أن الغسْل إذا لم يَكن واجِبًا؛ فالأفضَل لهُ أن يغتسل؛ لأن فيه إزَالة الرَّائحَة الكَريهةِ عن حَاضري الجُمعَة مِنَ المَلائكة والآدميِّين، وهذا من نُصح المُسْلمين والمعَاونة على البِّر والتقوى والدلَالة على الخَير وفقَنَا الله -تعالى- لذلك.
(وَمَنْ لَمْ يَغْتَسِلْ فَلَيْسَ) ذلك (عَلَيهِ بِوَاجِب) فيعاقب على تَرْكه.
(وَسَأُخْبِرُكُمْ كَيفَ بَدَأ) بِهَمْز آخِره (الغسل)(5) أي: كيفَ ابتدأ أمره.
(1) في (ص، ل): فأردت، والمثبت من (د، س، م).
(2)
في (ص، ل): توضأ، والمثبت من (د، س، م).
(3)
"سنن أبي داود"(354)، و"جامع الترمذي"(497)، والنسائي 3/ 94، وابن خزيمة في "صحيحه"(1757) من حديث الحسن عن سمرة.
قال الترمذي: حديث حسن. وحسنه الألباني في "صحيح سنن أبي داود"(381).
(4)
في (د، م): و.
(5)
سقط من (ص، س، ل)، والمثبت من (د، م).
(كَانَ النَّاسُ مَجْهُودِينَ) أي: أصَابَهمُ الجَهْد وهوَ المشقة والعنَاء يَقالُ: أجهدني (1) الأمر إذَا بَلَغَ مني غاية المشقة.
(يَلْبَسُونَ) بفتح البَاء الموَحَّدة ثيَاب (الصُّوفَ) يَعني: كانَ أكثر لُبْسِهمُ العبَاءَ مِنَ الصُوف، وفي الحَديث:"إنما أنا (2) عَبد آكل بالأرض وألبس الصوف وألعَق أصَابِعي (3) "(4) وروي أنَّ (5) أبا مُوسَى الأشعَري قيل لهُ: إنَّ قومًا يتخلفون عن الجُمعَة بِسَبَب ثيَابهم؛ فلبسَ عبَاءةً فصَلى فيها بالناس (6). يَعني: ليسَاويهم في لبْسهم العَبَاء مِنَ الصُّوف.
(وَيَعْمَلُونَ عَلَى ظُهُورِهِمْ) أي: يحملُون عَلَى ظهُورهم وبأيديهم كما قَال ثابت بن أبي مالك: رَأيتُ أبَا هُريرة أقبَل منَ السُوق وهوَ يحمل حزمة حطَب وهو يَومَئذ خَليفة لمروَان، فَقَالَ: أوْسع الطريق للأمير يا ابن أبي مَالك (7)، وفيه أبلغ دلالَة على مَا كانَ عليه الصَّحَابة رضي الله عنهم مِنَ التواضع، والتخشُّن والتقلل منَ الدُنيا، وَمُعَاناة الحرَف (8) والصَّنَائع وحمل الأشياء (9) على رؤوسهم وظهورهم بالأجرة، ومُعانَاتهم الأعَمال الشَّاقة حرْصًا على تَحصيل الحَلال والاستغناء عن الناس.
(1) في (ص): أجهد لي. والمثبت من (د، س، م، ل).
(2)
ليست في (م).
(3)
في (د، م): بياض قدر كلمتين.
(4)
لم أقف عليه مسندًا، وذكره الغزالي في "إحياء علوم الدين" 3/ 368.
(5)
ليست في (م).
(6)
"إحياء علوم الدين" 3/ 368.
(7)
لم أقف عليه مسندًا، وذكره الغزالي في "إحياء علوم الدين" 3/ 355.
(8)
في (س): الحرب.
(9)
سقط من (ص، س، ل)، والمثبت من (د، م).
(وَكَانَ مَسْجِدُهُمْ) بالمدينَة (1)(ضَيِّقًا) على المصَلين فعَن خارجة بن زَيد أحَد فقهاء المدَينَة السَّبعة قالَ: بنى رسُول الله صلى الله عليه وسلم مَسْجده سبعين في ستين ذراعًا، وعرضه مائة وخَمسين ذراعًا (2)(3).
(مُقَارِبَ) بِكَسْر الراء (السَّقْفِ) أي: [قَريب مِنَ سقفه](4) يُقَال: قارَبت الشيء مُقَارَبة فأنا (5) مقارِبٌ بكسْر الراء اسْم فاعِل، وروي: مُقارَب السَّقف بفتح الراء.
(إِنَّمَا هُوَ عَرِيشٌ) أي: عيدَان تنصَب ويظلل عَلَيهَا.
قالَ ابن الأثير: العَريش: مَا يُستظلّ به من سَقف يُعمل عَلى جُذوع ونحوه (6)، وفي "صَحيح البخَاري" عَن ابن عُمرَ رضي الله عنهما قالَ: كانَ المَسْجد على عهَد رسُول الله صلى الله عليه وسلم مَبنيًا باللبن، وسَقفه الجرَيد، وعمدهُ خَشب النخل فلم يَزد فيه أبو بَكر شَيئًا (7).
(فَخَرَجَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي يَوْمٍ حَارٍّ) بتشديد الراء.
(و) قد (عَرِقَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ الصُّوفِ) الذي هُم لابسُوه.
(حَتَّى ثَارَتْ) أي: فاحَت (8).
(1) ليست في (م).
(2)
ليست في (د، م).
(3)
ذكره النووي في "المجموع" 8/ 277.
(4)
في (د، م): سقفه قريب منه.
(5)
من (د، س، م، ل).
(6)
"النهاية في غريب الحديث والأثر"(عرش).
(7)
"صحيح البخاري"(446).
(8)
في (د، م): هاجت.
(مِنْهُمْ رِيَاحٌ) جَمع ريح والريح بمَعنى الرائحة وهي عرض يَدرك بحاسة الشَّم مؤنثة (1).
قال الجَوهري: يُقال: ريح وريحة كما يقال: دَار ودارة (2).
قالَ في "المُحْكَم" الريحَة: طَائفة مِنَ الريح عَن سيبويه (3)(آذَى) بمَد الهمزة.
(بِذَلِكَ) أي: بالرائحَة الكريهة.
(بَعْضُهُمْ بَعْضًا) وروَاية النسَائي من روَاية القاسِم بن محمد بن (4) أبي بكر أنهم ذكروا غسْل يوم الجمُعة عندَ عَائشة، فقالت: إنما كانَ الناس [يسْكنون العالية](5) فَيَحضرونَ الجمعَة وبهم وَسَخ فَإذَا أصابَهم الروح سَطَعَت أروَاحهم (6) فيَتأذى بهم (7) الناس (8).
(فَلَمَّا وَجَدَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم تِلْكَ الرِّيحَ قَالَ): يا (9)(أَيُّهَا النَّاسُ إِذَا كَانَ) كانَ هُنَا تامة بمَعنى وجِدَ أو حَدَث.
(هذا اليَوْمُ) بالرفع أي: مثل هذا اليَوم وهو يوم الجمعة.
(1) من (د، م).
(2)
"الصحاح في اللغة"(روح).
(3)
"المحكم والمحيط الأعظم"(روح).
(4)
في (ص، س، ل): عن. والمثبت من (د، م).
(5)
في (ص، م): يسكبون الغالية. والمثبت من (د، س، ل).
(6)
في (ص، ل، س): رواحهم. والمثبت من (د، م).
(7)
في (د، م): به.
(8)
"سنن النسائي" 3/ 93.
(9)
ليست في (م).
(فَاغْتَسِلُوا) فيه أمر الإمام الرعية بإزَالة مَا علم أنهم يتأذونَ به، كما يُؤمر الجار بإزالة مَا يحصلُ لَجَاره الضَرر منه من رَائحَة كريهة ونَحوهَا.
(وَلْيَمَسَّ) بفتح اليَاء والميم.
(أَحَدُكُمْ) أي: قبل أن يأتي إلى الجُمعَة.
(أَفْضَلَ مَا يَجِدهُ) يعني (1): في بَيته قبل الخَرُوج منه (2).
(مِنْ دُهْنِهِ) أي: يطلي بالدهن الذي فيه طيب إن كان مَائعًا كالغالية ونحوهَا ويمسَ من (وطِيبِهِ) إن كانَ جَامِدًا وهذِه الروَايَة جَاءت بِوَاو الجَمْع فَيستَعمل منهما ويحتمل أن يَراد بالدهن دهن الشعر ونحوه وهذِه الروَاية مُوضحة لروَاية البخاري بلفظة "أو" الموضوعَةُ في الأصل لأحدهما.
قالَ الكرمَاني: وأو في كلام البخَاري لا ينَافي الجمعَ بينهما (3).
(قَالَ ابن عَبَّاسٍ: ثُمَّ جَاءَ الله) أي: جَاء التوسُّع (4) مِنَ الله تعالى (بِالْخَيْرِ) أي: بكثرة الرزق واتسعَت عَليهْم الدُنيَا مِنَ الجِهَاد بكثرة الغنائم والفيء وفتوح المدن والقرى.
(وَلَبِسُوا) بِكسْر البَاء (غَيرَ الصُّوفِ) مِنَ الثيَاب الفَاخِرة (وَكُفُوا) بِضَم الكاف والفاء المخففَة، مِنَ (الْعَمَلَ) ممن (5) يخدمهم ويكفيهم مؤونته بما
(1) ليست في (م).
(2)
ليست في (م).
(3)
"عمدة القاري شرح صحيح البخاري" 6/ 252.
(4)
في (م): التوسيع.
(5)
في (ص، ل): فمن. والمثبت من (د، س، م).
فتح الله تعالىَ عليهم (1).
(وَوسِّعَ) بضَم الوَاو الثانية مَبْني للمفعُول.
(مَسْجِدُهُمْ) بما زادَ فيه عمر رضي الله عنه، لكنَّهُ بنَاهُ على بُنيَانه (2) في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم باللبن والجَريد، وأعَادَ عُمُدَه خَشَبًا، ثم غَيرهُ عُثمانُ فزادَ فيه زيَادَة كثيرة (3) وبنى جَدَارهُ بالحجَارة المنقوشة والقصة (4) وجَعَل عُمُدَهُ مِنْ حجَارة مَنقوشة، وسَقفهُ بالسَّاج هذا لفظ روَاية البخاري (5) والقصة (6) بفتح القاف (7) وتشديد الصَّاد المُهملَة هي الجصّ، ثمُ زَادَ فيه الوليد بن عَبدِ الملك فجعَل طولَه مائتي ذراع، ثم زادَ فيه المهْديُّ مائة ذرَاع مِنْ جهَة الشام فَقَط دُونَ الجهَات الثلاثة.
(وَذَهَبَ بَعْضُ الذِي كَانَ يُؤْذِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا مِنَ العَرَقِ)(8)(9) والمعنى: أن إيجَاب (10) غسْل الجُمعَة لعلة الأذى الذي كانَ حَصَل
(1) من (د، م).
(2)
في (م): بنائه.
(3)
في (د): كبيرة.
(4)
في (ص): الفصة. والمثبت من (د، س، م، ل).
(5)
"صحيح البخاري"(446).
(6)
في (ص): الفصة. والمثبت من (د، س، م، ل).
(7)
في (ص): الفاء. والمثبت من (د، م، ل).
(8)
سقطت من (ص). والمثبت من (د، س، م، ل).
(9)
وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 116، وقال الحافظ في "الفتح" 2/ 422: إسناده حسن، لكن الثابت عن ابن عباس خلافه. وحسنه الألباني في "صحيح سنن أبي داود"(380).
(10)
في (ص): استحباب. والمثبت من (د، س، م، ل).
على ما تقدم، فإذا انتفت العلة انتَفى المَعْلُول وسَقط الوجوب بسُقوط التأذي، وإذا سَقَط الوجوب بقي (1) الاستحباب كما في صَوم عَاشوراء وغَيره، وارتفع حُكم الوجُوبِ لارتفاع علَّتِه، لا لنَسخ الحكم.
قال القرطبي: الفرق بَينَ رفع الحكم بالنَسخ وَرفعه لارتفَاع علته أن المرفوع بالنَسخ لا يحكم به أبدًا والمرفوع لارتفاع علته يعود الحكم لعود (2) العلة انتهى (3).
وعلى هذا؛ فلو وَجدَ نظير الأذى المذكور في الحَدِيث أو أعلى منه، وحَصَل للمصلين المشقة بسببه (4)؛ لتعين الاغتسال وتأكد أمره، كما فعل النَّبي صلى الله عليه وسلم، وفي هذا الحَديث دَليل لمسألة (5) أصُولية وهي (6) أنَّ الشَّرع يُراعي المصَالح، حَتى ادَّعى بَعضهم أن الشارع مَهما حَكَمَ إنما يحكم بمَصلحة (7)، ثم قد يجدون في كلام الشارع مَا يدل عَلى المصْلحة وقد لا يجدون فيسبرون أوصَاف المحَل الذي حكم فيه الشارع، فيَقولون ليسَ في أوصَافه مَا يصلح للاعتبار إلا هذا فتعَين (8) ومحَل هذا أصُول الفقه.
(1) في (ص، س، ل): في. والمثبت من (د، م).
(2)
في (ص، س، ل): بعود. والمثبت من (د، م).
(3)
"الجامع لأحكام القرآن" 12/ 48.
(4)
في (ص، ل): بسنته. والمثبت من (د، س، م).
(5)
في (ص): بمسألة. والمثبت من (د، م).
(6)
في (د): وهو.
(7)
في (د، م): لمصلحة.
(8)
في (م): فتعتبر.
[354]
(ثَنَا أَبُو الوَلِيدِ) هشام بن عَبد الملك (الطَّيَالِسِيُّ) شيخ البخَاري (ثَنَا هَمَّامٌ) ابن يحيى بن دينار العوذي، وعوذ هو ابن الحجر ابن عمْران بن عَامِر أخرجَ له [البُخَاري وغَيره](1).
(عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ) بن جندب رضي الله عنه (قَالَ: قال (2) رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: مَنْ تَوَضَّأَ) قالَ في "الإلمام" من حمل روَاية الحَسَن عن سَمرة على الاتصَال يصحح هذا الحَديث (3).
وهوَ مَذهَب علي بن المديني كما نَقَلَهُ عنهُ الترمذي والبخاري والحَاكم وغَيرهم (4)، وقيل لم يسْمع منه شيئًا (5) أصْلًا إنما يحدث من كتابه.
([يوم الجمعة] (6) فبها) أي: فَبالسُّنة (7)[أو بالشريعة](8) أخذ.
(وَنِعْمَتْ) إنما ظهَرَت [تاء التأنيث](9) لإضمار السُّنة، وقيلَ تقديره ونعمت الخصلة. وقال أبو حامد الشاركي (10): ونعمت الرخصة، قال: لأن السُّنة الغسْل، وقال بَعضهمُ مَعْنَاه: فبالفريضَة أخذ ونعمت
(1) في (د، م): الشيخان وغيرهما.
(2)
من (د).
(3)
"الإلمام بأحاديث الأحكام" لابن دقيق العيد 1/ 98.
(4)
"التلخيص الحبير" 2/ 164.
(5)
في (ص، س، م، ل): شيء. والمثبت من (د).
(6)
من (د).
(7)
في (م): فبالسند.
(8)
من (د، م).
(9)
في (س): بالتأنيث.
(10)
في (ص): البتاركي.
الفَريضَة (1).
قال ابن الأثير: البَاء في قوله: فبها متعلقة بفعل مُضمر أي: فبهذه الفعلة أو الخصلة يَعْني الوضوء (2) ينال (3) الفضل (4) ونعمت الخصلة هي فحذف المخصُوص بالمدَح.
(وَمَنِ اغْتَسَلَ) للجُمعَة (فَهُوَ أَفْضَلُ)(5) وهذا مِن أدلة عَدَم الوجُوب ومن أقوى مَا يَستدل به مَا روَاهُ مُسْلم عَقب أحَاديث الأمر بالغسْل عَن أبي هُريرَة مرفوعًا "مَن توضأ فأحسَن الوضوء، ثمَّ أتى الجُمُعَة فاستمعَ وأنصت غفر الله (6) له مَا بيَن الجمعة والجمعة وزيادَة ثلاثة أيام"(7) والله أعلم.
* * *
(1)"التلخيص الحبير" 2/ 167.
(2)
"النهاية في غريب الحديث والأثر" 5/ 83.
(3)
في (ص): يقال. والمثبت من (د، م).
(4)
سقطت من كافة النسخ. والمثبت من "النهاية" لابن الأثير.
(5)
أخرجه الترمذي (497)، والنسائي 3/ 94، وابن خزيمة في "صحيحه"(1757)، وأحمد 5/ 8، والدارمي (1540) قال الترمذي: حسن، وقال النسائي: لم يسمع الحسن من سمرة إلا حديث العقيقة. وأعله البخاري في "علل الترمذي"(141) برواية سعيد بن أبي عروبة، وأبان بن يزيد، عن الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإنهما لم يذكرا سمرة. لكن صحح أبو حاتم الروايتان كما في علل ابنه (575). وحسنه الألباني في "صحيح سنن أبي داود"(381).
(6)
من (د).
(7)
"صحيح مسلم"(857)(27).