الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
93 - باب فِي الجُنُبِ يُصافحُ
230 -
حَدَّثَنا مسَدَّدٌ، حَدَّثَنا يحيى، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ واصِلٍ، عَنْ أَبِي وائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَقِيَة فَأَهْوَى إِلَيْهِ، فَقالَ: إِنِّي جنبٌ. فَقالَ: "إِنَّ المُسْلِمَ لا يَنْجُسُ"(1).
231 -
حَدَّثَنا مسَدَّدٌ، حَدَّثَنا يحيى وَبِشْرٌ، عَنْ حَميْدٍ، عَنْ بَكْرٍ، عَنْ أَبِي رافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قالَ: لَقِيَنِي رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي طَرِيق مِنْ طرُقِ المَدِينَةِ وَأَنا جُنُبٌ، فاخْتَنَسْت، فَذَهَبْت فاغْتَسَلْتُ، ثُمَّ جِئْتُ فَقالَ:"أَيْنَ كُنْتَ يا أَبا هُرَيْرَةَ؟ " قالَ: قلْت: إِنِّي كُنْتُ جُنبًا، فَكَرِهْت أَنْ أجالِسَكَ عَلَى غَير طَهارَةٍ. فَقالَ:"سبْحانَ الله، إِنَّ المُسْلِمَ لا يَنْجُسُ"
وقالَ فِي حَدِيثِ بِشْرٍ: حَدَّثَنا حُمَيْدٌ، حَدَّثَنِي بَكْرٌ (2).
* * *
باب في الجنب يصافح
[230]
(ثَنَا مُسَدَّدٌ، قال: ثَنَا يَحْيَى) القطان، (عَنْ مِسْعَرٍ) (3) بكسر الميم ابن كدام الهلالي الكوفي كانَ سُفيان وشعبة إذا اختلفا قالا:
اذهب بنَا إلى الميزان مسعر.
(عَنْ وَاصِلٍ) ابن حيان الأسدي الأحدب.
(عَنْ أَبِي وَائِلٍ) شقيق بن سَلمة.
(عَنْ حُذَيْفَةَ) بن اليَمان (أَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَقِيَهُ) في بَعض طُرق المدينة
(1) رواه مسلم (372).
(2)
رواه البخاري (283)، ومسلم (371).
(3)
فوقها في (د): ع.
(فَأَهْوَى إِلَيهِ) بيده أي: مدَّها إليه ليُصَافحه نحوه وأمالها إليه (1) يُقال: أهوى يدهُ، وبيده إلى الشيء.
(فَقَالَ: إِنّي جُنُبٌ) تكريمًا وتعظيمًا ليده صلى الله عليه وسلم أن يمسّه وهو جُنب.
(قَالَ: إِنَّ المُسْلِمَ ليسَ يَنْجُسُ) بفتح الجيم وضمهَا لغتان مشهورتان وذكر البخاري في "صحيحه" عن ابن عَباس رضي الله عنهما تَعليقًا: المُسْلم لا ينجسُ حَيًّا ولا ميتًا (2). هذا حُكم المُسْلم، وأمَّا الكافر فحكمهُ في الطهارة والنجاسَة حُكم المُسْلم هذا مَذهبنَا (3) ومذهب مَالك (4)، وجُمهور العُلماء مِنَ السَّلَف والخلف، وأما قوله تعالى:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} (5) فالمراد نجاسَة الاعتقاد والاستقذار وليس المراد أن أعيانهم (6) نجسَة كنجاسة البَوْل والغَائط ونحوهما.
[231]
(ثَنَا مُسَدَّدٌ، قال: ثَنَا يَحْيَى) القطان (وَبِشْرٌ) بكسْر الموَحدة ابن المفضل (7) بن لاحق (عَنْ حُمَيدٍ) الطويل (عَنْ بَكْرٍ) بن عَبد الله البَصري.
(عَنْ أَبِي رَافِعٍ) الصَّائغ مدني سكن البَصرة. وحميد وبكر وأبُو رافع ثلاثة مِنَ التابعين في نسق (8) (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ لَقِيَنِي رَسُولُ الله
(1) من (ظ، م).
(2)
ذكره البخاري معلقًا -كتاب الجنائز- باب غسل الميت ووضوءه بالماء والسدر.
(3)
"المجموع" 2/ 562.
(4)
"الشرح الكبير" للدردير 1/ 53.
(5)
التوبة: 28.
(6)
في (ص، د، س، ل): أعضاءهم.
(7)
في (ظ، م): الفضل.
(8)
فحميد من صغار التابعين، وبكر من أوساطهم، وأبو رافع من كبارهم.
- صلى الله عليه وسلم فِي طَرِيقٍ مِنْ طُرُقِ المَدِينَةِ) كذا للنسَائي (1).
(وأنا جُنُبٌ فَاخْتَنَسْتُ) بِفَتح المثَناة فوق والنون ورواية الصحيحين: فانخنست (2) بنون ثم خاء مُعجمة، ثم نُون ثم سين مُهملة أي: تأخرت عنهُ وانقبضتُ وذَهَبتُ مستخفيًا، ومنهُ: خنسَ الشيطان فهوَ الخنَّاس، ويؤيدهُ الروايةُ الأخرى: فانسَللتُ (3)، ولابن السَّكن: فانبجَسْتُ بالنون وبعدها مُوَحَّدة أي: جَريْت واندفعتُ من قَوله تعالى: {فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} (4) أي: جَرَتْ، وروي: فانتجسْتُ بفتح النون (5)، وفتح (6) المثناة فوق، والجيم أي: اعتقدت نفسي نجسًا.
(مِنْهُ) أي: من أجله أي رَأيتُ نفسي نجسًا بالإضافة إلى جلالة النبي صلى الله عليه وسلم وطهَارة ذاته الكريمة، وكذا رواية: انبَخَسْتُ (7)، بالموحَّدة والخاء المُعجمة أي: ظهر لي نقصَان نفسي بجنابَتي عن مجَالسة رسُول الله صلى الله عليه وسلم.
وفيه استحبَاب احترام أهل الفضل وتوقيرهم ومُصَاحَبتهم على أكمل الحَالات.
(1)"سنن النسائي" 1/ 145.
(2)
"صحيح البخاري"(283)، وليست هي في مسلم، ورواية مسلم: فانسلَّ فذهب فاغتسل. انظر: "صحيح مسلم"(371).
(3)
رواها البخاري (285).
(4)
الأعراف: 160.
(5)
الصواب أن النون ساكنة، وهي في رواية المستملي للبخاري. انظر:"فتح الباري" 1/ 390.
(6)
من (د).
(7)
انظر: "شرح ابن بطال" 1/ 398.
(فَذَهَبْتُ فَاغْتَسَلْتُ)؛ لأن النَّبي صلى الله عليه وسلم كانَ إذا لقي أحدًا من أصحابه صَافحهُ ودَعَا لهُ هَكذَا رواهُ النسَائي وابن حبَّان من حَديث حُذيفة (1) فلما ظنَّ أبُو هُريرة أن الجُنب ينجس، خَشيَ أن يُصافحهُ وهو جُنبُ كعَادَته فبَادَرَ إلى الاغتسَال، وفيه استحباب الطهَارة عند مُلابسَة الأمورِ العَظيمة.
(ثُمَّ جِئْتُ) إلى النبي صلى الله عليه وسلم (فَقَالَ: أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ. فقَالَ قُلْتُ: إني (2) كنْتُ جُنُبًا فَكَرِهْتُ أَنْ أُجَالِسَكَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ) استدل به بَعض العُلماء على أنه يُستحب لطالب العِلم أن يحسن حَاله لمجَالسَة (3) شَيخه فيَكون مُتَطهِّرًا مُتَنظِّفًا بإزَالة الشعور المأمور بإزالتها وقص الأظفار وإزالة الرائحة الكريهَة، فإن ذلك من إجلال العُلماء لا (4) ما يفعَلهُ أكثَر فقهاء العَصر من تكبير العَمائم وتوسيع [الثياب و] (5) الأكمام وإطالتها وصقالها (6) لقصد المبَاهَاة بَينهم حَتى يخرُجُوا في ذلك إلى أن يتجاوزا بهَا الكعبين وينسَون قوله صلى الله عليه وسلم:"إزرة المؤمن إلى نصف السَّاق فما كانَ أسفل من الكعَبين فهوَ في النَّار"(7).
(فَقَالَ: سُبْحَانَ الله) تعجب من اعتقاد أبي هُريرة النَّجَس بالجنَابة أي:
(1)"سنن النسائي" 1/ 145، و"صحيح ابن حبان"(1258).
(2)
من (د، م)، وبياض في (ل).
(3)
في (ص، ظ، م): بمجالسة.
(4)
في (س): إلا.
(5)
ساقطة من (ص).
(6)
في (م): وصفائها.
(7)
سيأتي برقم (4093).
كيف يخفَى عليه (1) هذا الظاهر.
(إِنَّ المُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ) تمسَّك بمفهومه بَعضُ أَهْل الظَّاهِر (2) فقال: إن الكافِر نجس العَين [وقوَّاه بقوله](3) تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} (4) وحجَّة القائلين بِطَهَارة الكافر أن الله أباحَ نكاح أهل الكتاب ومَعلوم أن عرفهن لا يسلم منه من يضَاجعُهُنَّ ومع ذلك فلم (5) يجب من غسل الكتَابيَّة (6) إلا مثل مَا يجب عليه من غسْل المُسْلمة ولا فرق بينَ الرجَال والنسَاء، وأغرب القُرْطبي في الجنَائز من "شرح مسلم" فنسب القول بنجاسَة الكافِر إلى الشافعي (7).
(وَقَالَ فِي حَدِيثِ بِشْرٍ) ابن المفضل (قال: ثَنَا حُمَيدٌ قال: حَدَّثَنِي بَكْر) فصَرحَ بالتحديث المزيل إيهَام الروَاية الأولى المعَنعَنة (8) لوجُود الخلاف في (9) الاحتجاج بِهَا.
* * *
(1) في (د) عليك.
(2)
انظر: "المحلى" 1/ 137.
(3)
في (ص، س): وقوله.
(4)
التوبة: 28.
(5)
في (د): لم.
(6)
في (د): المكاتبة.
(7)
"المفهم" 2/ 630.
(8)
في (م): المضعفة.
(9)
في (ص، س، ل): من.