المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌127 - باب إذا خاف الجنب البرد أيتيمم - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ٢

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌50 - باب صِفةِ وُضُوءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌51 - باب الوضُوء ثَلاثًا ثَلاثًا

- ‌52 - باب الوضُوءِ مَرَّتَينِ

- ‌53 - باب الوضُوءِ مَرَّةً مرَّةً

- ‌54 - باب فِي الفرْقِ بيْن المضْمَصَةِ والاسْتِنْشاقِ

- ‌55 - باب فِي الاسْتِنْثارِ

- ‌56 - باب تَخْليل اللِّحْيَةِ

- ‌57 - باب المَسْحِ عَلى العمامَةِ

- ‌58 - باب غَسْلِ الرِّجْلَيْن

- ‌59 - باب المَسْحِ على الخفَّيْن

- ‌60 - باب التَّوْقِيتِ فِي المَسْحِ

- ‌61 - باب المَسْحِ عَلَى الجَوْربَيْنِ

- ‌62 - باب

- ‌63 - باب كَيْفَ المَسْحُ

- ‌64 - باب فِي الانْتِضاحِ

- ‌65 - باب ما يَقولُ الرَّجُلُ إِذا تَوَضَّأَ

- ‌66 - باب الرَّجُل يُصلِّي الصَّلَواتِ بِوضوءٍ واحِدٍ

- ‌67 - باب تَفْرِيق الوضوءِ

- ‌68 - باب إِذا شَكَّ فِي الحَدَثِ

- ‌69 - باب الوضُوء مِنَ القُبْلَةِ

- ‌70 - باب الوضُوءِ منْ مَسِّ الذّكر

- ‌71 - باب الرُّخْصة في ذَلِك

- ‌72 - باب الوضُوء منْ لُحومِ الإِبلِ

- ‌73 - باب الوضُوءِ مِنْ مَسِّ اللَّحْمِ النيء وغَسْله

- ‌74 - باب تَرْكِ الوضوءِ منْ مَسِّ المَيْتةِ

- ‌75 - باب في ترْك الوضوءِ مِمّا مَسَّتِ النّار

- ‌76 - باب التَّشْدِيدِ فِي ذلِكَ

- ‌77 - باب فِي الوضُوءِ منَ اللَّبَنِ

- ‌78 - باب الرُّخْصةِ في ذَلِكَ

- ‌79 - باب الوضُوءِ منَ الدَّمِ

- ‌80 - باب الوضُوء مِن النَّوْمِ

- ‌81 - باب فِي الرَّجُلِ يَطَأُ الأَذى بِرِجْلِهِ

- ‌82 - باب منْ يُحْدِثُ فِي الصَّلاةِ

- ‌83 - باب فِي المَذْي

- ‌84 - باب فِي مُباشَرَةِ الحائِضِ وَمُؤاكَلتِها

- ‌85 - باب فِي الإِكْسالِ

- ‌86 - باب فِي الجُنبِ يَعود

- ‌87 - باب الوضوءِ لمَنْ أَرادَ أَنْ يعُودَ

- ‌88 - باب فِي الجُنُبِ ينام

- ‌89 - باب الجُنُبِ يأكلُ

- ‌90 - باب مَنْ قال: يتَوَضَّأُ الجُنُبُ

- ‌91 - باب فِي الجُنُب يُؤَخّرُ الغُسْلَ

- ‌92 - باب في الجُنُبِ يَقْرأُ القُرْآنَ

- ‌93 - باب فِي الجُنُبِ يُصافحُ

- ‌94 - باب فِي الجُنب يَدْخُلُ المَسْجِد

- ‌95 - باب فِي الجُنُبِ يُصَلّي بالقَوْمِ وَهو ناسٍ

- ‌96 - باب في الرّجُلِ يَجِدُ البِلَّةَ فِي مَنامِهِ

- ‌97 - باب فِي المرْأَةِ تَرَى ما يَرَى الرَّجُلُ

- ‌98 - باب في مِقْدارِ الماءِ الذي يُجْزِئُ فِي الغُسْلِ

- ‌99 - باب الغُسْلِ مِنَ الجَنابَةِ

- ‌100 - باب فِي الوضُوءِ بعْدَ الغُسْل

- ‌101 - باب فِي المرْأةِ هَلْ تنْقُضُ شَعَرَها عِنْدَ الغسْل

- ‌102 - باب في الجنبِ يغْسِلُ رَأْسَهُ بالخِطْمِيّ أيُجْزِئهُ ذَلِكَ

- ‌103 - باب فيما يَفِيض بَينَ الرَّجل والمَرْأةِ من الماءِ

- ‌104 - باب فِي مؤاكَلَةِ الحائِضِ وَمجامَعَتِها

- ‌105 - باب فِي الحائِضِ تُناولُ مِنَ المَسْجِدِ

- ‌106 - باب في الحائضِ لا تَقْضِي الصّلاة

- ‌107 - باب في إتْيانِ الحائضِ

- ‌108 - باب في الرَّجُل يُصِيبُ منْها ما دُونَ الجِماعِ

- ‌109 - باب في المرْأَةِ تُسْتَحاضُ، ومنْ قالَ: تَدَعُ الصَّلاة فِي عِدَّة الأَيّامِ التي كانتْ تَحِيضُ

- ‌110 - باب مَنْ رَوى أنَّ الحَيضَةَ إِذا أَدْبرَتْ لا تَدَعُ الصَّلاة

- ‌111 - باب مَنْ قال: إِذا أَقْبَلَتِ الحَيضَة تَدَعُ الصَّلاةَ

- ‌112 - باب مَنْ رَوَى أَنَّ المُسْتَحاضَةَ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلاةٍ

- ‌113 - باب مَنْ قال تَجْمَعُ بيْن الصَّلاتيْن وَتَغْتسِلُ لَهُما غُسْلًا

- ‌114 - باب مَنْ قالَ: تَغْتَسِلُ مَنْ طُهْرٍ إِلَى طُهْرٍ

- ‌115 - باب مَنْ قالَ: تَغْتسِلُ مَنْ ظُهْرٍ إِلَى ظُهْرٍ

- ‌116 - باب مَنْ قال تَغْتَسِلُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّة وَلَمْ يَقُلْ: عِنْدَ الظُّهْرِ

- ‌117 - باب منْ قالَ: تغْتَسِلُ بَيْنَ الأَيّامِ

- ‌118 - باب مَنْ قالَ: تَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلاةٍ

- ‌119 - باب مَنْ لَمْ يَذْكرِ الوضُوء إلَّا عِنْدَ الحَدَثِ

- ‌120 - باب فِي المَرْأةِ تَرَى الكُدْرَةَ والصُّفْرَة بعْدَ الطُّهْرِ

- ‌121 - باب المُسْتَحاضَةِ يَغْشاها زَوْجُها

- ‌122 - باب ما جاءَ فِي وقْتِ النُّفَساءِ

- ‌123 - باب الاغتِسالِ مِنَ المحَيْضِ

- ‌124 - باب التَّيَمُّمِ

- ‌125 - باب التَّيَمُّمِ فِي الحَضَرِ

- ‌126 - باب الجُنُبِ يَتيَمَّمُ

- ‌127 - باب إِذا خاف الجُنُبُ البَرْدَ أَيَتَيَمَّمُ

- ‌128 - باب فِي المَجْرُوح يَتَيَمَّمُ

- ‌129 - باب فِي المُتَيَمِّمِ يجِدُ الماءَ بَعْد ما يُصَلِّي في الوَقْتِ

- ‌130 - باب فِي الغُسْلِ يَوْمَ الجُمُعَةِ

- ‌131 - باب فِي الرُّخْصَةِ فِي تَرْكِ الغُسْلِ يوْمَ الجُمُعَةِ

الفصل: ‌127 - باب إذا خاف الجنب البرد أيتيمم

‌127 - باب إِذا خاف الجُنُبُ البَرْدَ أَيَتَيَمَّمُ

334 -

حَدَّثَنا ابن المُثَنَّى، أَخْبَرَنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، أَخْبَرَنا أَبِي قالَ: سَمِعْت يَحْيَى بْنَ أَيُّوبَ، يُحَدِّثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عِمْرانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ الِمصْرِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ العاصِ قال: احْتَلَمْتُ فِي لَيْلَةٍ بارِدَةٍ فِي غَزْوَةِ ذاتِ السَّلاسِلِ، فَأَشْفَقْتُ إِنِ اغْتَسَلْتُ أَنْ أَهْلِكَ، فَتَيَمَّمْتُ، ثُمَّ صَلَّيْتُ بِأَصْحابِي الصُّبْحَ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقالَ:"يا عَمْرُو، صَلَيتَ بِأَصْحابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ؟ " فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي مَنَعَنِي مِنَ الاغْتِسالِ، وَقُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ اللهَ يَقُولُ: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} ، فَضَحكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا.

قالَ أَبُو داودَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْن جُبَيرٍ مِصْرِيٌّ، مَوْلَى خارِجَةَ بْنِ حُذافَةَ، وَلَيْسَ هُوَ ابن جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ (1).

335 -

حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ المُرادِيُّ، أَخْبَرَنا ابن وَهْبٍ، عَنِ ابن لَهِيعَةَ وَعَمْرِو بْنِ الحارِثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عِمْرانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ العاصِ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ العاصِ كانَ عَلَى سَرِيَّةٍ، وَذَكَرَ الحَدِيثَ نَحْوَهُ، قالَ: فَغَسَلَ مَغابِنَهُ وَتَوَضَّأَ وضُوءَهُ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَلَمْ يَذْكرِ التَّيَمُّمَ.

قالَ أَبُو داودَ: وَرُوِيَتْ هذِه القِصَّةُ عَنِ الأَوْزاعِيِّ، عَنْ حَسّانَ بْنِ عَطِيَّةَ قالَ فِيهِ: فَتَيَمَّمَ (2).

* * *

(1) رواه أحمد 4/ 203، والحاكم 1/ 177 - 178، وعلقه البخاري مختصرا قبل الحديث (345). وانظر ما بعده.

وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(361).

(2)

انظر السابق، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(362).

ص: 630

باب إذا خاف الجنب البرد أيتيمم (1)

[334]

(ثَنَا) محمد (ابْنُ المُثَنَّى) العَنزيّ الحَافظ الزَّمِنْ.

(ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ) قالَ (حَدثني أَبِي)(2) جرير بن حَازم الأزدي، حضر جَنازة أبي الطفيل بمكة.

(قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى (3) بْنَ أَيُّوبَ) الغافقي (يُحَدِّثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسِ) العَامري أخو بني عَامر، أخرجَ له مُسْلم في مَوَاضِع.

(عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ) المِصْرِيِّ المؤذن، أخرج له مُسْلم ولهُ عند الجَماعة أربَعَة أحَاديث، قال ابن يُونس: كان فقيهًا عَالمًا بالقراءة شهدَ فتح مصر (4).

(عَنْ عَمْرِو بْنِ العَاصِ قَالَ: احْتَلَمْتُ فِي لَيلَةٍ بَارِدَةٍ فِي غزاة) غزاة (5) بفتح الزاي، ويقال فيه: غزوة، بِسكون الزاي وفتح الواو.

(ذَاتِ السَّلاسِلِ) وهي وراء وادي القُرى التي بينها وبينَ المدينة عَشرَة أيام، قيل: سُميت بماء (6) بأرض جذام [يقال له](7) السَلسل، بفتح

(1) في (د، س): يتيمم.

(2)

كتب فوقها في (د): ع.

(3)

كتب فوقها في (د): ع.

(4)

"تهذيب الكمال" 17/ 29.

(5)

في (د): غزوة غزوة. وفي (م): غزوة غزاة.

(6)

في (س): بها.

(7)

ليست في (د، س، م).

ص: 631

السينين المهملتَين (1) وضمهما، وكانت هذِه الغزاةُ في جمادى الأولى سَنة ثمان (فَأَشْفَقْتُ) أي: حَذِرْتُ وخفتُ (إِنِ اغْتَسَلْتُ) في شدة البرد.

(أَنْ أَهْلِكَ) بِكَسْر اللام، كما قالَ تعَالى:{لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ} (2)(فتيممت)(3) وَروَاية الطبراني في "الكبير" مِنْ طَريق عَبد الله بن عَمرو العَاص؛ أنَّ عَمرو بن العَاصِ أصَابته جَنَابة وهو أمير الجيش (4) فترك الغسْل مِن أجل أنه قال: إن اغتسلُت متُّ مِنَ البَرد فَصَلَّى بمن معه جُنبا (5).

(ثُمَّ صَلَّيتُ بِأَصْحَابِي الصُّبْحَ) فلما قدمَ عَلى النَّبي صلى الله عليه وسلم عَرَّفه (6) وأنبأه بعُذره، فأقره وسَكت كذا للطبرَاني المذكور.

(فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) فيحَتمل أنهم ذكروا ذلك للنَّبي صلى الله عليه وسلم فسَأله فَعَرفه بعُذرهِ ليَكون فيه الجَمْع بَيْنَ الروَايتين.

(فَقَالَ: يَا عَمْرُو أصَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ. فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي مَنَعَنِي مِنَ الاغْتِسَالِ) وهو العُذر وسَببه (7).

(1) ليست في (د).

(2)

الأنفال 42.

(3)

من (د، م).

(4)

في (ص): الجيوش، والمثبت من (د، ل، م).

(5)

عزاه الهيثمي في "المجمع" 2/ 216 للطبراني في "الكبير"، ولم أجده فيه. وقال: فيه أبو بكر بن عبد الرحمن الأنصاري عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف ولم أجد من ذكره وبقية رجاله ثقات.

(6)

زاد هنا في (د، م): بعذره.

(7)

في (د): وبيَّنْتُه.

ص: 632

(قُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ الله) تعالى (يَقُولُ: {وَلَا تَقْتُلُوا}) قرأ الحَسَن (تُقَتِّلوا) بتَشديد التاء المكسُورة على التكثير ({أَنْفُسَكُمْ}) أي: بَعْضكم مِنَ النَاس [قال القرطبي: أجمع أهل التأويل على أن المراد بهذِه الآية النهي أن (1) يقتل بعض الناس](2) بَعضًا، ثم لفظهَا يتناوَل أن الرجُل يقتل نَفسه بقصد منه للقتل في الحرْص على الدُنيا وطَلَب المال بأن يحمل نفسه على الغَرَر المؤدي إلى التَلَف (3).

قالَ: ويحتمل أن يراد: ولا تقتلوا أنفسَكُم في حَال ضجر أو غضب فهذا كلهُ يتناوَل النَهي كما قد احتج عمرو بن العَاص بهذِه الآية حينَ امتنع مِنَ الاغتسَال بالماءِ البَارد خوفًا عَلى نفسه مِنَ الهَلاك (4)({إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا})(5) ومِن رَحمته بهم أن نهَاهُم عن قتل أنفسُهم وأباحَ لمن خَاف على نفَسْه مِن (6) الهَلاك لشدة البرَد أو الجرح (7) أو المرض الذي به، أو يخاف (8) على نفسه عَطشًا أو لصًّا أو سَبْعًا إذا طَلبَ الماء أن يتيمَم ويُصَلي، والحَديث حجة لذَلك كله، لكن لا يتَيمم لشدة البرد مَن أمكنهُ أن يُسَخن الماء أو يستَعمله عَلى وجه يأمَن

(1) من (د، ل).

(2)

من (د، س، م، ل).

(3)

"الجامع لأحكام القرآن" 5/ 156 - 157.

(4)

"الجامع لأحكام القرآن" 5/ 156 - 157.

(5)

النساء: 29.

(6)

ليست في (د، س، م، ل).

(7)

في (د، م): للجرح.

(8)

في (د، م): خاف.

ص: 633

الضرر مثل أن يغسل عضوًا فيستره (1) وكلمَا غسل عضوًا سَتَرهُ وَدَفّاهُ مِنَ البَرد لزمَهُ ذَلك، وإن لم يقدر تيمم وصَلى في قَول أكثر أهل العِلم (2).

وقال عَطَاء والحَسَن: يغتسل وإن مات ولم يجعَلا لهُ عذرًا (3) ومُقتضَى قول ابن مَسْعود المتقَدم: لَوْ رخصنا (4) لهُم لأوشك إذَا بَرد عليهم الماء أن يتيممُوا؛ أنه لا يتَيمم لشدَّة البرد.

(فَضَحكَ) أي: تبسَّم (5)(رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَقُلْ شَيئًا) فيه دَليلان على الجَوَاز: أحَدُهما: التبسمُّ والاستبشار بذَلك.

والثاني: عَدَم الإنكار عَليه؛ لأن النَّبي صلى الله عليه وسلم لا يقر على باطل، وقَد تمسَّك الشافعي (6) في القيَافة واعتبَارهَا في النسَب بكلَا الأمرين الاستبشار وعَدَم الإنكار في قصة المدلجي (7) عندَ رؤية الأقدام، والتبسُّم والاستبشار أقوى دلالة مِنَ السُّكُوت عَلى الجوَاز، فإن الاستبشار دلالته عَلَى الجَواز بطَريق الأولى.

(1) ليست في (ص، ل)، وفي (م): يستره. والمثبت من (د).

(2)

هذا قول سفيان، ومالك، وكذا أبو حنيفة رحمهم الله جميعًا. انظر:"المدونة الكبرى" 1/ 147، و"المبسوط" للسرخسي 1/ 265.

(3)

"الأوسط" لابن المنذر 2/ 145.

(4)

في (ص): رخصا. والمثبت من (د، م).

(5)

في (س): للتيمم.

(6)

"الأم" 6/ 344 - 345.

(7)

في (ص): المديحي، والمثبت من (د، م)، وهذا الحديث سيأتي برقم (2267)، ورواه البخاري (6771)، ومسلم (1459).

ص: 634

وَقد اسْتدلَّ بهذا الحَديث الثوري (1) ومَالك (2) وأبو حَنيفة (3) وابن المنذر (4) عَلى أن مَن تيمَّم لِشدة البرد وصلى لا يجبُ عَليهِ الإعَادَة؛ لأن النَّبي صلى الله عليه وسلم لَمْ يأمرهُ بالإعادة، ولو وَجَبتْ الإعادَة لأمرهُ بهَا، ولأنه أتى بما أمر به وقدر عليه فأشبه سَائر من يصَلى بالتيمم والأظهر عندَ الشافعي (5) أنه لا يَقضي في السَّفَر لندور (6) مَا يسَخن بهِ ومَا يدفئ به وأما المقيم فإنه (7) يقضي، وفيه وجه ضَعيف لا يقضي.

[335]

(ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ) بن عبد الله الجمليُّ مَولاهم المصري المُرَادِيُّ، شَيخ مُسْلم (ثنا) عَبْد الله (بْنُ وَهْب، عَنِ) عبد الله (ابْنِ لَهِيعَةَ) قاضي مصر، بفتح اللام (وَعَمْرِو (8) بْنِ الحَارِثِ) ابن يعقوب المصري أحَد الأعلام (عن يحيى بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ) تقدمَا (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيرٍ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ العَاصِ) ذكرهُ ابن عبَد البر فيمن لم يذكر له اسْم سوى كنيَته، وقال (9) حديثه في أهل مصر (10) (أَنَّ عَمْرَو بْنَ العَاصِ كَانَ عَلَى سَرِيَّةٍ) أي:

(1) في (م): النووي.

(2)

"المدونة الكبرى" 1/ 147 - 148.

(3)

انظر: "المبسوط" للسرخسي 1/ 250 - 251.

(4)

"الأوسط" لابن المنذر 2/ 145 - 146.

(5)

"الشرح الكبير" للرافعي 2/ 357.

(6)

زاد هنا في (د): فقد.

(7)

في (ص): أنه. والمثبت من (د، م).

(8)

كتب فوقها في (د): ع.

(9)

"الاستغنا"(2327).

(10)

زاد في (ص، ل): بعضهم عبد الرحمن بن سند. وفي (م): بعضهم وعبد الرحمن بن أسد. وقد ضبب عليها المؤلف في (د)، وفي (س): عبد الله بن شيبة.

ص: 635

سرية ذات السلاسل، والسَّرية: قطعة من الجَيش تبلغ أربعَمائة ينفذون في مقصد (فَذَكَرَ الحَدِيثَ نَحْوَهُ. وقَالَ) فيه (فَغَسَلَ مَغَابِنَهُ) بِفَتح الغين المعجمة وكسر (1) البَاء الموَحَّدة، وهي: مكاسر الجلد والأمَاكِن التي يَجْتَمع فيهَا الوَسَخ والعَرَق كأصُول الفخذين (2) وتَحت الإبط.

(وَتَوَضَّأَ وضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ) كاملًا (ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ فَذَكَرَ) الحديث (نَحْوَهُ) كما تقدم. وَ (لَمْ يَذْكُر) فيه (التَّيَمُّمَ) ورجح الحاكم إحدى الروَايتَين عَلى الأخرى (3)، والظاهر أن المرجحة روَاية التيمم كما ذكرها (4) البخاري (5).

قال البيهقي: يحْتمل أن يكون فعل مَا في الروَايتَين جَميعًا فيَكونُ قد غَسل مَا أمكنه وتيمم للبَاقي وَلهُ شواهد (6).

(وَرُوِيَتْ هذِه القِصَّةُ عَنِ الأَوزَاعِيِّ عَنْ حَسَّانَ (7) بْنِ عَطِيَّةَ قال فيه يتيمم) (8) أبي بكر المحاربي عَابد لكنهُ قَدَرِي.

* * *

(1) سقط من (س، م، ل).

(2)

في (د، م): الفخذ.

(3)

رجح الحاكم رواية الوضوء على رواية التيمم، قائلا: إن أهل مصر أعرف بحديثهم من أهل البصرة وانتقد الشيخين في تعليلهما رواية الوضوء برواية التيمم. انظر: "المستدرك" 1/ 177.

(4)

في (ص، س، ل): ذكره. والمثبت من (د، م).

(5)

ذكره البخاري معلقا عقب حديث (344).

(6)

"السنن الكبرى" للبيهقي 1/ 226.

(7)

وضع فوقها في (د): ع.

(8)

جاءت في (ص، س، ل) في غير موضعها، قبلها بسطر، والمثبت من (د، م).

ص: 636