الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
75 - باب في ترْك الوضوءِ مِمّا مَسَّتِ النّار
187 -
حَدَّثَنا عَبْدُ اللهِ بْن مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنا مالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسارٍ، عَنِ ابن عَبّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أكل كَتِفَ شاةٍ، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ (1).
188 -
حَدَّثَنا عُثْمان بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمانَ الأنبارِيُّ -الْمَعْنَى- قالا: حَدَّثَنا وَكِيعٌ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ أَبي صَخْرَةَ جامِعِ بْنِ شَدّادٍ، عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ المغِيرَة بْنِ شُعْبَةَ، قالَ: ضِفْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ذاتَ لَيْلَةٍ، فَأَمَرَ بِجَنْبٍ فَشُوِيَ وَأَخَذَ الشَّفْرَةَ، فَجَعَلَ يَجُزُّ لِي بِها مِنْهُ، قالَ: فَجاءَ بِلالٌ فَآذَنَهُ بِالصَّلاةِ، قالَ: فَألقَى الشَّفْرَةَ، وقالَ:"ما لَهُ؟ تَرِبَتْ يَداهُ" وَقامَ يُصَلِّي.
زادَ الأنبارِيُّ: وَكانَ شارِبي وَفَى، فَقَصَّهُ لِي عَلَى سِواكٍ. أَوْ قالَ: أقُصُّهُ لَكَ عَلَى سِواكٍ (2).
181 -
حَدَّثَنا مُسَدَّد، حَدَّثَنا أَبُو الأحوَصِ، حَدَّثَنا سِماك، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عَبّاسٍ، قالَ: أَكَلَ رَسول اللهِ صلى الله عليه وسلم كَتِفًا، ثُمَّ مَسَحَ يَدَهُ بِمِسْحٍ كانَ تَحْتَهُ، ثمَّ قامَ فَصَلَّى (3).
110 -
حَدَّثَنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ النَّمَرِيُّ، حَدَّثَنا هَمّامٌ، عَنْ قَتادَةَ، عَنْ يحيى بْنِ يَعْمرَ، عَنِ ابن عَبّاسٍ، أَنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم انْتَهَشَ مِنْ كَتِفٍ، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ (4).
(1) رواه البخاري (207)، ومسلم (354).
(2)
رواه أحمد 4/ 252، 255، والنسائي في "السنن الكبرى"(6655).
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(183).
(3)
رواه ابن ماجه (488)، وأحمد 1/ 267، 320، 326. وانظر ما سلف برقم (187) وما سيأتي بعده. وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(184).
ورواه البخاري (5405)، دون قوله:(ثم مسح يده بمسح كان تحته).
(4)
انظر ما سلف برقم (187).
191 -
حَدَّثَنا إِبْراهِيم بْنُ الحَسَنِ الْخَثْعَمِي، حَدَّثَنا حَجّاج، قالَ ابن جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المنْكَدِرِ، قالَ: سَمِعْتُ جابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقولُ: قَرَّبْت للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خُبْزًا وَلْحَمًا فَأكلَ، ثمَّ دَعا بِوَضوءٍ فَتَوَضَّأَ بِهِ، ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ، ثمَّ دَعا بِفَضْلِ طَعامِهِ فَأَكَلَ، ثمَّ قامَ إِلَى الصَّلاةِ وَلم يَتَوَضَّأْ (1).
193 -
حَدَّثَنا مُوسَى بْن سَهْلٍ أَبو عِمْرانَ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنا عَلِيُّ بْنُ عَيّاشٍ، حَدَّثَنا شعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المنْكَدِرِ، عَنْ جابِرٍ قالَ: كانَ آخِرُ الأمْرَيْنِ مِنْ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَركَ الوضوءِ مِمّا غَيَّرَتِ النّارُ.
قالَ أَبو داودَ: هذا اخْتِصارٌ مِنَ الحَدِيثِ الأوَّلِ (2).
193 -
حَدَّثَنا أَحْمَد بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، حَدَّثَنا عَبْد الْمَلِكِ بْن أَبي كَرِيمَةَ -قالَ ابن السَّرْحِ: ابن أَبِي كَرِيمَةَ مِنْ خِيارِ المسْلِمِينَ- قالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ ثُمامَةَ المُرادِيُّ، قالَ: قَدِمَ عَلَيْنا مِصْرَ عَبْدُ اللهِ بْن الحارِثِ بْنِ جَزْءٍ مِنْ أَصحابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَسَمِعْتهُ يُحَدِّث فِي مَسجِدِ مِصْرَ، قالَ: لَقَدْ رَأَيْتنِي سابعَ سَبْعَةٍ، أَوْ سادِسَ سِتَّةٍ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في دارِ رَجُلٍ، فَمَرَّ بِلالٌ، فَناداهُ بِالصَّلاةِ، فَخَرَجْنا فَمَرَرْنا بِرَجلٍ وَبُرْمَتُهُ عَلَى النّارِ، فَقالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"أَطابَتْ بُرْمَتُكَ؟ ". قالَ: نَعَمْ بِأَبي أَنْتَ وَأمِّي. فَتَناوَلَ مِنْها بَضْعَةً، فَلَمْ يَزَلْ يَعْلِكُها حَتَّى أَحْرَمَ بِالصَّلاةِ وَأَنا أَنْظُرُ إِلَيْهِ (3).
(1) رواه الترمذي (80)، وابن ماجه (489) بنحوه، ورواه أحمد 3/ 322، وابن حبان (1130). وانظر ما بعده.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(186).
وأخرج ترك الوضوء مما غيرت النار بسياق آخر البخاري (5457).
(2)
رواه النسائي 1/ 108، وابن حبان (1134). وانظر ما قبله.
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(187).
(3)
رواه ابن عبد الحكم في "فتوح مصر" ص 333، والضياء في "المختارة" 9/ 203 - 205 (187، 188)، والمزي في ترجمة عبد الملك بن أبي كريمة من "تهذيب الكمال" 18/ 396. =
باب في ترك الوضوء مما مسته النار
[187]
(ثَنا عَبْدُ الله بْنُ مَسْلَمَةَ) القعنبي، قال:(ثَنا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابن عَبّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم أَكَلَ كتِفَ شَاةٍ) أي: لحمه، وأفادَ القاضي إسماعيل (1) أن ذلك كانَ في بيت ضبَاعة بنت الزبَير بن عبد المُطلب، وهي بنت عم النبي صلى الله عليه وسلم ويحتمل أنه كانَ في بيت ميمونة؛ كما في رواية البخاري، وهي خالة ابن عَباس، كما أن ضبَاعة بنت عمه.
(ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ) وفيه حجة لمذهب الشافِعي، وأحمد، ومالك، وأهل الكُوفة، والأوزاعي في (2) أهل الشام: أنه لا يتوضأ مما مسَّت النار (3).
وبه قال أبُو بكر، وعمر، وعلي، وابن مَسْعود، وابن عَباس، وقالوا: هذا كان آخِر الأمرين مِن رسُول الله صلى الله عليه وسلم.
[188]
(ثَنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيمَانَ) وهو محمد بن أبي
= ورواه بنحوه ابن ماجه (3300، 3311)، وأحمد 4/ 190، 191، وابن حبان (1657).
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"(188)، قال: إنما يصح من حديثه بلفظ: قال: كنا يومًا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصُّفَّةِ، فوُضِعَ لنا طعام؛ فأكلنا، فأقيمت الصلاة، فصلينا ولم نتوضأ. أخرجه أحمد بسند صحيح. أنتهى كلام الألباني.
(1)
"فتح الباري" 1/ 311.
(2)
في (د): و.
(3)
"الاستذكار" 2/ 150.
داود (الأَنْبَارِيُّ المعنى)(1) وثقهُ الخَطيب (2)(قَالا (3): ثَنا وَكيعٌ، عَنْ مِسْعَرٍ) ابن حَبيب الجرمي (4) ثقة (5).
(عَنْ أَبِي صَخْرَ (6): جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ) المحاربي، ثقة (7).
(عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الله) بن أبي عقيل اليشكري (8) الكُوفي، أخرجَ لهُ مُسْلم (9).
(عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه، قَالَ: ضِفْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيلَةٍ فَأَمَرَ لي بِجَنْبٍ) شَاة (فَشُوِيَ) فيه تهيئة الطعَام (10) للضيف إذا قدم، وتأخيرهُ بالأكل إلى أن يستوي ما صُنع له، هذا إذا لم يكن مُوجودًا ما يصلح؛ فإن وجد فالإسراع أولى وأعظم إكرامًا.
(وأخذ الشفرة) وهي المديَة والسِّكين العريض، جمعها: شفار، مثل كلبة وكلَاب (فجَعَلَ يَحُزُّ لِي بِها مِنْهُ) والحزة: القطعة مِنَ اللحم تقطع طولًا، فيه أن من إكرام الضيف تقديم الأكل لهُ وتقطيع الجيد (11) لهُ،
(1) من (م).
(2)
"تاريخ بغداد" 5/ 292.
(3)
في (د): قال.
(4)
الصواب: مسعر بن كدام العامري.
(5)
"الكاشف" 3/ 137.
(6)
كذا في النسخ الخطية الثلاث. وفي متن أبي داود: صخرة.
(7)
"الكاشف" 1/ 178.
(8)
في (ص، س): اليسكيني.
(9)
(2663/ 32، 33).
(10)
في (د، م): طعام.
(11)
في (ص، ل، م): الخبز. وفي (س): الخير.
ومناولته اللحم ونحوه من البطيخ والفاكهة وغَير ذَلك (قال (1): فَجَاءَ بِلَالٌ) المؤَذن (فَآذَنَهُ بِالصَّلَاةِ) فيه إعلام الإمام باجتماع الناس للصَّلاة.
(قَالَ: فَأَلْقَى الشفرة) من يده (وَقَال: ما لَهُ تَرِبَتْ يَدَاهُ؟ ) أصْلهُ الدعاء عليه بالفَقر مِنَ المتربة، أي: التصقت يده بالتراب من الفقر، هذا الأصل، ثم صَار يستعمل في مَوَاضع اللوْم والتعجُّب مِنَ الإنسَان والإنكار عليه، وإن لم يرد الدعاء عليه.
(وقامَ)(2) إلى الصَّلاة، وليس إلقاء الشُّفرة، وقيامه إلى الصَّلاة، وترك الأكل مخالفًا لقوله:"إذا حَضَر العَشاء وأُقيمت الصَّلاة فابدؤوا بالعَشاء"(3) لأن البدَاءة بالعَشاء إنما هُو للصَّائم الذي أصَابهُ الجوع وتاقت نفسه، وفيه أن الأمر بالوضوء مما غيرت النار أمر استحبَاب؛ إذ لو كان واجبًا لما تركه هُنا.
(زاد) ابن سُليمان (الأنبَاري: وَكانَ شَارِبِي وَفَى)[بتخفيف الفاء](4) أي: طَالَ وكثر، وروي مشددًا، وفي الحَديث:"مررت بقوم تقرض شفاههم (5) كلما قرضت (6) وفت"(7) أي: نمت وطَالت.
(فَقَصَّهُ لِي عَلَى سِوَاكٍ) فيه النظر في مصالح الضَّيِف، وتفقد أحوَاله،
(1) ساقطة من الأصول، والمثبت من مطبوع "السنن".
(2)
في (ص): ودام. وبياض في (ل).
(3)
رواه البخاري (5465).
(4)
من (د، م).
(5)
في (ص): شفاتهم.
(6)
في (ص): قرض.
(7)
رواه البيهقي في "شعب الإيمان" 3/ 270 (1637).
وعمل ما يحتاج إليه من غَسْل ثيابه، وتقليم أظفاره، وقصّ شاربه، وكذا الشيخ مع التلميذ، ولقد قَدمْت على بعض مشايخنا لزيارته في غَزة، وكان نعلي قد تَخرق بَحيث يصلهُ تُراب الشوَارع، فَأخَذه من غَير أن يُعلمني وأرسَلهُ إلى الصَّانِع، وأرسَل لهُ أجرة، فلما فَرغ منهُ وأتي به. قال: خَشيتُ أن يصل إلى رجلك نجاسَة من الأرض؛ فتفسد عليك صلاتك.
وفيه استحباب قص الشارب على شيء مُستقيم من أراك أو قلم أو غير ذلك، وفيه ما كانت الصحابة عليه من استعمال الشيء في مَنافع، فالسِّواك (1) تارة يستَاك به، وتارة يقص عليه.
(أَوْ قَالَ: أَقُصُّهُ لَكَ) فيه استئذان الحالق والقاص ومن أزال أذى (2) عن الإنسَان قبل أن يفعل (على سواك) أو غيره، ولعله إنما استعمل السوَاك دون غَيره؛ لأنه الموجود في ذلك الوقت.
[189]
(ثَنا مُسَدَّدٌ، قال: ثَنا أَبُو الأَحْوَصِ) سلام بن سليم الحنفي الكُوفي، قال:(ثَنا سِمَاكٌ) بن حرب.
(عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عَبَّاسٍ قَالَ: أَكَلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم كتِفًا) روى أبو الشيخ من حَديث ابن عَباس: كانَ أحَب اللحم إلى رسُول الله صلى الله عليه وسلم الكتف (3).
ومن حَديث أبي هريرة لم يعجبه من الشاة إلا الكتف (4) (ثُمَّ مَسَحَ يَدَهُ
(1) في (ص، م): بالسواك.
(2)
من (د، م).
(3)
"أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم"(627).
(4)
"أخلاق النَّبي صلى الله عليه وسلم"(626).
بمِسْحٍ) (1) بكسْر الميم.
قال الجوهري: المسح البلاس (2) جمعه مسُوح مثل حمل وحُمول. (كَانَ تَحْتَهُ)(3) وللترمذي في "الشمائل" من رواية حفصَة وسُئلت: ما كان فِراشه؟ قالت: مسح نثنيه (4) ثنيتين فينَام عليه (5). لكنهُ (6) منقطع، وروى أبُو الشيخ مِنْ حَديث عَائشة: دَخَلت عليَّ امرأة من الأنصَار فَرأت فراش رسُول الله صلى الله عليه وسلم عباءة مثنية (7).
(ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى) أي: ولم يتَوضأ ولا غسَل رجليه.
[190]
(ثَنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ) بن الحَارث بن سخبرة الحوضي (النَّمَرِيُّ) بفتح النون والميم، قالَ:(ثَنا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ) بفتح الميم، ويقال بضمها، وهو غير مَصرُوف لوزن الفعل قالَ الحاكم أبُو عَبد الله في "تاريخ نيسَابُور": يحيى بن يعمر فقيه أديب نَحوي مبرز (8)، أخذ النحو عن أبي الأسود، ولاه قتيبة بن مُسْلم قضاء خراسَان.
(عَنِ ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم انْتَهَسَ) بفتح الهَاء
(1) في (ص): مسح.
(2)
"الصحاح"(مسح).
(3)
سقط من (ل).
(4)
في (د): تثنية تثنيه. وفي (م): يثنيه يفتقر.
(5)
"الشمائل المحمدية"(312).
(6)
في (د): لكن.
(7)
"أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم" 2/ 500 (475).
(8)
في (ص، س): منذر.
والسين المهملة.
قالَ في "النهَاية"(1) وغَيره: النهس أخذ اللحم بأطراف الأسنَان، والنهش -يَعني: بالمعجمة- أخذ اللحم بجَميع الأسنَان، وكذا قال ثعلب (2): النهس بالمهملة بأطراف الأسنان وبالمعجمة بالأسنان والأضراس، وسيأتي من روَاية المُصنف عَن عَائشة أن رسُول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تقطعُوا اللحم بالسّكين، فإنهُ من صنيع (3) الأعاجِم [وانهسوهُ نهسًا] (4) فإنه أهنَأ وأمْرَأ"(5).
قال المنذري: هذا الحَديث مما أنكر عليه، وقد صَح أن النبي صلى الله عليه وسلم احتز من كتف شاة.
(مِنْ كتِفٍ) شاة (ثُمَ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأُ) وبوَّب عليه البَخاري باب من لم يتَوضأ من لحم الشاة والسويق وليس في الحَديث ذكر السّويق لكنهُ فهم من باب الأولى؛ لأنه إذا لم يتَوضأ من اللحم مع دسومته وزهومَته فعدم التوضؤ من السّويق أولى بذلك، وفي الحَديث دليل (6) على أن الشهَادة على النفي تقبل إذا كانَ النفي محَصُورًا كما في الحَديث.
[191]
(ثَنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الحَسَنِ) بن إبَراهيم (الْخَثْعَمِيُّ) المصيصي ثقة
(1)"النهاية"(نهس).
(2)
في (ص، س): نقلت.
(3)
في (س، م). صنع.
(4)
في (ص، س): وانهشوه نهشًا. وفي (م): وانهسوه.
(5)
سيأتي برقم (7377).
(6)
في (ص، ل): دليلًا.
ثبت (1)، قال:(ثَنا حَجَّاجٌ)(2) بن محمد المصيصي الأعور الحَافِظ.
(قَالَ) عَبد الملك (ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُنْكَدِرِ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ الله رضي الله عنه يَقُولُ: قَرَّبْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خُبْزًا وَلَحْمًا فَأَكَلَ يشبهُ أن يكون اللحم مَشويًّا، ورَوى الإمام مالك (3) في "الموَطأ" أن عُثمان بن عَفان أكَل خُبزًا ولحمًا ثم مضمضَ وغسَل يديه ومَسَحَ بهما وجهه ثم صَلى ولم يتَوضَّأ (4).
(ثُمَّ دَعا بِوَضُوءٍ) بفتح الواو، وهو الماء الذي يتوضأ به.
(فَتَوَضَّأَ بِهِ) لعَل (5) هذا الوضُوء هو وضوؤه الذي يتوضأ لكُل صَلاة (ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ دَعا بِفَضْلِ طَعَامِهِ) وهو الخبز واللحم (فَأَكَلَ) منه (ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ) فصَلى (وَلَمْ يَتَوَضَّأْ) من أكل الخُبز واللحم اللذين مستهما النار.
[192]
(ثَنا مُوسَى بْنُ سَهْلٍ) أخو علي بن سهل (أَبُو عِمْرَانَ الرملي) نسَائي الأصْل، روى عنهُ النسائي في "اليَوْم والليلة"، قالَ أبُو حَاتم: صَدُوق (6). مَاتَ بالرملة سنة 262.
قال: (ثَنا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ) بالمثناة تحت، والشين المُعجمَة الألهاني
(1)"الكاشف" 1/ 79.
(2)
كتب فوقها في (د): ع.
(3)
من (د، م).
(4)
"الموطأ" 2/ 36.
(5)
في (ص، س، ل): بعد.
(6)
"الجرح والتعديل" 8/ 146.
أبو الحسَن البكاء أخرج له البخاري.
قالَ يحيى بن أكثم: أدخلته على المأمون فتبسَّمَ ثمُ بَكى، فقال: أدخَلت عليَّ مجنونًا. قلت: هذا خَير أهل الشَام وأعلمهم بالحديث.
قال: (ثَنا شُعَيبُ (1) بْنُ أَبِي حَمْزَةَ) بالحَاء المهملة (2) والزاي واسْمه دينار القرشي الأموي مَولاهُم (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِر قَالَ: كَانَ آخِرَ) بنَصب آخر (الأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم تَرْكُ) بالرَّفع اسمُ كَانَ (الْوضُوءِ مِمّا غَيَّرَتِ النارُ) أي (3): بالطبخ والنضج والشيِّ وغَير ذلك، ويبينه رواية:"ترك الوضوء مما مَسته النار"(4). وتأوله بَعضهم على أن آخر الأمرين معَناه آخِر الأمرين مِنَ الصَّلاتين لا مُطلقًا وممن قَال بهذا القَول أبُو داود وغَيره فعندهم أن أحَاديث ترك الوضُوء مَنسُوخة بأحَاديث الأمر به.
قال النووي بعَد حكاية هذا عنهم: وهذا الذي قالوهُ ليس كما زعَموهُ، وتأويلهم حَديث جَابر خلاف الظاهِر بغَير دليل فلا يقبل (5).
قالَ: والجمهُور على أن ترك الوضوء منسوخ بحديث جَابر (6) هذا، وهو حديث صحيح رواهُ النسَائي، وغَيره من أهل السنن (7) بالأحاديث
(1) كتب فوقها في (د): ع.
(2)
من (د، م).
(3)
من (د، م).
(4)
رواه النسائي 1/ 108، وابن خزيمة (43)، وابن حبان (1134).
(5)
"المجموع شرح المهذب" 2/ 58.
(6)
"شرح النووي على مسلم" 4/ 43.
(7)
في (ص) السير.
الصحيحة، وذهبَ قَوم ممن تكلم في غَريب الحَديث أن قوله عليه السلام:"توضؤوا ممّا غَيرت النار"(1) أن المراد بالوضوء المأمُور به غسْل اليَد.
قال ابن بَطال (2): وهذا لا معنى له، ولو كان كما ظن لكان دسم ما لم تغيرهُ النار لا يغسل منهُ اليَد، وهذا يدُل على قلة علمه بما جَاء عن السَّلف (وهذا اخْتِصَارٌ مِنَ الحَدِيثِ الأَوَّلِ) كذا رواية أبي عَلي وروايَة الخَطيب: من حَديث الأول.
[193]
(ثَنا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، قال: ثَنا عَبْدُ المَلِكِ بْنُ أَبِي كَرِيمَةَ) المقرئ مَات عَام 204.
(قالَ) أحمد (ابْنُ السَّرْحِ: هو من خيَار الناس (3) قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيدُ (4) بْنُ ثُمَامَةَ) بضَم المثلثة كذا في نُسَخ أبي داود.
وكذا (5) ذكرهُ الذَّهبي [في "الكاشف" وقال: لا يعرف (6)](7)[عُبيد الله وهو](8)[مصغر فيه](9)(الْمُرَادِيُّ) بِضَم الميم.
(قَالَ: قَدِمَ عَلَينا مِصْرَ) غَير مُنصرف (عَبْدُ الله بْنُ الحَارِثِ بْنِ جَزْء) بفتح الجِيم، وإسْكان الزاي، وهمَزة بعدهَا، كذا في نُسخة (10) أبي
(1) سيأتي برقم (15).
(2)
شرح البخاري" لابن بطال 1/ 315.
(3)
في (د، م): المسلمين.
(4)
كتب في (د) فوقها: ع.
(5)
من (د)، وفي بقية النسخ: والذي.
(6)
"الكاشف" 2/ 236.
(7)
من (د).
(8)
ليست في (د).
(9)
من (م).
(10)
من (د، م)، وفي باقي النسخ: نسخ.
علي، وفي رواية الخَطيب: بتشديد الزاي ابن عَبد الله بن معدي كرب بن عَمرو الزبيدي حليف أبي وداعة السهمي، سَكن مصر، ومَات بها بعَد أن عمر عُمرًا طويلًا.
قالَ في "الاستيعَاب": وهوَ ابن أخي محمية بن جزء الزبيدي (1)، وهو (مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ فِي مَسْجِدِ مِصْرَ) غَير مُنصَرف قَالَ:(لَقَدْ رَأَيْتُنِي) بِضم التاء (سَاجَ) بالنَّصب مفعُول ثان لرأيت (2)، (سَبْعَةٍ) بالجر عَلى الإضافة لا غَير ولا يجُوز النصب، (أَوْ سَادِسَ سِتَّةٍ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي دَارِ رَجُل (3)، فَمَرَّ بِلَالٌ فَنَادَاهُ بِالصَّلَاةِ) فيه إعلام المؤذن الإمَام باجتماع (4) الناس للصلاة وهو في غَير داره.
(فَخَرَجْنَا) أي: مع النَّبي صلى الله عليه وسلم (فَمَرَرْنَا بِرَجُل وَبُرْمَتُهُ) بضم الموحدة وهو مرفوع بالابتداء، والواو الداخلة عليه واو الحَال، والبُرمة واحِدَة البِرَام بكسر الباء، وتُجمع أيضًا على برم كغرفة وغرف، وهي القدر مُطلقًا، وهي في الأصل المتخذة من الحجر المعُروف بالحجاز واليَمن (عَلَى النَّارِ) أي: البرمَة تفورُ على النار كما في رواية، فيه جَواز الطبخ على الطرقات، وإظهَار ذلك للمارين، وهذا من شأن ذوي المكارم.
(فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: أَطَابَتْ بُرْمَتُكَ) فيه حَذف المضَاف، والتقدير: أطابَ طَعَام برمتك، والمراد: هَل استَوى، وصَار لحمهُ (5)
(1)"الاستيعاب" 1/ 66.
(2)
سقطت من (ص، س، ل).
(3)
يوجد هنا بعد هذِه الكلمة في (د، ل) بياض، قدر كلمتين أو ثلاثة.
(4)
في (ص، س، ل) بإجماع.
(5)
زاد هنا في (م): صار.
لذيذًا يطيب أكله يُقال: طابَ الشيء يطيبُ طيبًا إذا صَارَ لذيذًا.
(قَالَ: نَعَمْ) وأفديك (بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي فَتَنَاوَلَ) رسول الله صلى الله عليه وسلم (مِنْهَا بَضْعَةً) بفتح البَاء القطعة مِنَ اللحم، وقد تكسَر، وفيه حَذف تقديرهُ: فوضع قطعة اللحم في فيه، وفيه الأكل من طعَام الصَّديق، وإن لم يَأذَن إذنًا صريحًا؛ إذا عَلِم أو ظنَّ طيب نفسه به (فَلَمْ يَزَلْ يَعْلُكُهَا) بضَم اللام أي: يمضغَها بفيه وهو مَاش.
(حَتَى أَحْرَمَ بِالصَّلَاةِ) فيه جَوَاز مضغ اللحم والطعَام الذي في مَعناهُ وهو مَاش، وهذا مخصص للنهي (1) عن الأكل مَاشيًا لما في "صحيح مُسْلم" لما نهى رسُول الله صلى الله عليه وسلم عن الشرب قائمًا (2).
قالَ قتادة: فقلنا، يَعني: لأنس: فالأكل مَاشيًا؟ قال: أشر وأخبث (3). هكذا ثبتتَ في أصُول مُسْلم: أشر. بالهمزة.
والمعرُوف في كتاب الله تَعالى وفي العَربية شَرٌّ بغَير ألف، قال اللهُ تعَالى:{شَرٌّ مَكَانًا} (4).
(وَأَنا أَنْظُرُ إِلَيْهِ) يعني: لم يتوضأ ولا (5) تمضمض مِنَ اللحم، ولا مس ماء. وفيه مراقبة أهل العلم في أفعَالهم وأقوالهم ليقتدوا بهم.
* * *
(1) في (ص): ينتهي.
(2)
"صحيح مسلم"(2024) من حديث أنس، (2025) من حديث أبي سعيد.
(3)
"صحيح مسلم"(2024/ 13).
(4)
الفرقان: 34.
(5)
في (س، ل): ولم.