الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
92 - باب في الجُنُبِ يَقْرأُ القُرْآنَ
229 -
حَدَّثَنا حَفْص بْن عُمَرَ، حَدَّثَنا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلِمَةَ، قالَ: دَخَلْث عَلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنا وَرَجُلانِ، رجلٌ مِنّا وَرَجلٌ مِنْ بَنِي أَسَد -أَحْسب- فَبَعَثَهُما عَلِيٌّ رضي الله عنه وَجْهًا، وقالَ: إِنَّكُما عِلْجانِ فَعالِجا عَنْ دِينِكُما، ثُمَّ قامَ فَدَخَلَ المَخْرَجَ، ثُمَّ خَرَجَ فَدَعا بِماءٍ فَأَخَذَ مِنْهُ حَفْنَةً فَتَمَسَّحَ بِها، ثُمَّ جَعَلَ يَقْرَأ القرآن فَأَنْكَروا ذَلِكَ، فَقالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كانَ يَخْرجُ مِنَ الخَلاءِ فَيُقْرِئُنا القرآن وَيَأكلُ مَعَنا اللَّحْمَ، وَلَمْ يَكُنْ يحجبهُ -أَوْ قالَ: يحجزُهُ- عَنِ القُرْآنِ شَيءٌ لَيْسَ الجَنابَةَ (1).
* * *
باب في الجنب يقرأ القرآن
[229]
(ثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ) الحوضي، (قال: ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو [بْنِ مُرَّةَ)](2) الجَملي بفتح الجيم والميم، أحَد الأئمة الأعلام العَاملين.
(عَنْ عَبْدِ الله (3) بْنِ سَلِمَةَ) بكسر اللَّام المرادي الكوفي وثقهُ أحمدُ العِجلي (4) وغيره.
(قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيٍّ) بن أبي طَالب رضي الله عنه (أَنا وَرَجُلَانِ رَجُلٌ) بالرفع.
(1) رواه الترمذي (146)، والنسائي 1/ 144، وابن ماجه (594)، وأحمد 1/ 83، 84، وابن خزيمة (208)، وابن حبان (799).
وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود"(31).
(2)
في (س): بريدة.
(3)
في (د): عبيد الله. وكتب فوقها: الأربعة.
(4)
"تاريخ الثقات"(819).
(مِنَّا) أي: من مراد (وَرَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ) وهي قبيلة مِن مُضَر.
(أحْسِبُ) قال (فَبَعَثَهُمَا عَلِيٌّ رضي الله عنه وَجْهًا) الوَجْه ما يتوجَّه إليه الإنسَان من عمل ونحوه.
(وَقَالَ: إِنَّكُمَا عِلْجَانِ) العِلج: بِكسْر العَين الرجُل القَوي الضخم وبَعض العَرب يطلق العِلج عَلى الكافِر مُطلقًا، وأصل العِلج حِمَار الوَحشِ الغَليظ.
(فَعَالِجَا) أي: دَافعَا (عَنْ دِينِكُمَا) واشتدا وجاهِدا وجَالدا عنه.
(فَدَخَلَ) رواية الخَطيب: ثم دَخَل (الْمَخْرَجَ) بفتح الميم والخاء يعني: الخلاء سُمي بذَلك؛ لأنه المكان الذَّي يخرج من الإنسَان فيه البَول والغَائط. (ثُمَّ خَرَجَ) منهُ (فَدَعَا بِمَاءٍ فَأَخَذَ مِنْهُ حَفْنَةً) بفتح الحَاء وهي ملء الكفَّين.
(فَتَمَسّح (1) بِهَا) أي: مَسَح بها وجهه ويدَيه اللذَين هما عضوا التيمم والظاهِر: أنَّ عليًّا لم يكن يقرأ القرآن إلا متوضئًا لكن فعَل هذا بيانًا للجَواز. (ثم جَعَلَ يَقْرَأُ القُرْآنَ) أي: من القرآن.
(فَأَنْكَرُوا) عليه (ذَلِكَ) فيه (2) الإنكار على أهل العِلم إذا فعَلوا ما لم يظهر لهم جوازه حتى يبينُوا لهم جواز ذلك.
(فَقَالَ لهم: إِن رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَخْرُجُ مِنَ الخَلَاءِ فَيقْرِئُنَا القرآن) أي: يُعلمنا القرآن يُقال: أَقرأَنا إذا عَلَّمنَا. فيه جَواز إقرَاءِ القُرآن والفتح على القارئ للمُحْدِثِ لما رَوَى الطبراني في "الكبير" بإسْنَاد رجَاله
(1) في (ص، س): فيمسح.
(2)
في (ظ، م): هذا.
ثقات، عن إبراهيم، أنَّ ابن مسعود رضي الله عنه كانَ يقرئ رجلًا فلما انتهى إلى شاطئ الفرات بالَ وكفَّ عنه الرجُل فقال مَا لك؟ قال: أحدثتَ [قال اقرأ](1) فجعَل يقرأ وجعَل يفتح عليه (2).
(وَيَأْكُلُ مَعَنَا) فيه جَوَاز أكل المحدث وشربه بلا خلاف سَوَاءٌ كانَ المأكول (اللَّحْمَ) أو غيره مِنَ الطعَام.
(وَلَمْ يَكُنْ يَحْجُبُهُ أَوْ قال (3): يَحْجُزُهُ) شكٌّ من الراوي أن عليًّا قال: لا يحجبهُ، أو قالَ: لا يحجزه. والحجب والحجز: المَنْع (عَن) قراءة (الْقُرْآنِ شَيءٌ) مِنَ الأشياء (لَيسَ) بمعنى إلا أي: إلا (الْجَنَابَةَ) منصوب على الاستثناء كما ينتَصب زَيد في قولك: قام القَوم ليسَ زيدًا فيضمر اسمها وينتصب خبرها بهَا.
ورواهُ الترمذي. وقالَ: حسَن صحيح، ولفظه: كان رسُول الله صلى الله عليه وسلم يُقرئنا القُرآن ما لم يكن جُنبًا (4).
وقالَ المنذري: ليس بمعنى غَير، أي لم يمنعهُ من القراءة غَير الجنَابة، يعني: أو ما في معناها من النفاس والحيض.
قال النووي: خالف الترمذي الأكثَرون فضعفوا هذا الحَديث (5).
وتخصيصه الترمذي بتصحيحه فذَلك دليل على أنهُ لم ير تصحيحه لغَيره، وقد صَححه ابن السَّكن وعَبد الحق والبغَوي في "شَرح
(1) من (د، ظ، م).
(2)
أخرجه الطبراني في "الكبير" 9/ 145 (8724).
قال الهيثمي في "المجمع" 1/ 276: رجاله ثقات.
(3)
من (د).
(4)
الترمذي (146).
(5)
نقله عنه ابن الملقن في "البدر المنير" 2/ 556.
السُّنَّة" (1) وروى ابن خزيمة بإسنَاده، عن شعبة قالَ: هذا الحَديث ثلث (2) رَأس مالي (3).
وقال الدارقطني: قالَ شعبة: ما أحدث بحَديث أحسَن منهُ (4)، ورواه أيضًا أحمد وابن خزيمة وابن حبَّان، والحَاكم والبزار والدارقطني والبيهقي من طريق شعبة [عن عمرو] (5) بن مرة (6) ورَوَى الدارقطني عن علي موقوفًا: اقرؤوا القرآن ما لم يُصب أحَدكم جنَابة، فإن أصَابته فلا ولا حرفًا (7). وهذا يعضد حَديث عَبد الله بن سَلمة، لكن قالَ ابن خزيمة: لا حجة في هذا الحَديث لمن مَنَعَ الجنُب مِنَ القراءة؛ لأنه ليس فيه نَهي وإنما هو حكاية فعل ولم يبين النبي صلى الله عليه وسلم أنهُ إنما امتنع من ذلك لأجل الجنَابة (8).
وقالَ الشافعي في "سُنن حَرملة": إن كانَ هذا الحَديث ثابتًا ففيه دلالة على تحريم القرآن على الجنب (9).
* * *
(1)"شرح السنة" للبغوي 2/ 42. وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(2)
في (ص): يكن. وفي (س): من.
(3)
"صحيح ابن خزيمة" 1/ 104.
(4)
"سنن الدارقطني" 1/ 119.
(5)
في (ص): عنه عرف.
(6)
أحمد 1/ 84، ابن خزيمة (208)، ابن حبان (799)، والحاكم 4/ 107، والبزار في "مسنده"(708)، والبيهقي في "الكبرى" 1/ 88.
(7)
"سنن الدارقطني" 1/ 88.
(8)
"صحيح ابن خزيمة" 1/ 104.
(9)
"المجموع" للنووي 2/ 159.