الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
123 - باب الاغتِسالِ مِنَ المحَيْضِ
313 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرّازِيُّ، حَدَّثَنا سَلَمَةُ -يَعْنِي: ابن الفَضْلِ- أَخْبَرَنا محَمَّدٌ -يَعْنِي: ابن إِسْحاقَ- عَنْ سُلَيْمانَ بْنِ سُحَيْمٍ، عَنْ أميَّةَ بِنْتِ أبِي الصَّلْتِ، عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي غِفارٍ -قَدْ سَمّاها لِي- قالَتْ: أَرْدَفَنِي رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى حَقِيبَةِ رَحْلِهِ، قالَتْ: فَواللَّهِ لَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الصُّبْح فَأَناخَ، وَنَزَلْتُ عَنْ حَقِيبَةِ رَحْلِهِ، فَإِذا بِها دَمٌ مِنِّي، فَكانَتْ أَوَّلَ حَيْضَةٍ حضْتُها، قالَتْ: فَتَقَبَّضْتُ إِلَى النّاقَةِ واسْتَحْيَيْتُ، فَلَمّا رَأَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ما بِي وَرَأَى الدَّمَ، قالَ:"ما لَكِ، لَعَلَّكِ نُفِسْتِ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ. قالَ: "فَأَصْلِحي مِنْ نَفْسِكِ، ثُمَّ خُذِي إِناءً مِنْ ماءٍ فاطْرَحي فِيهِ مِلْحًا، ثُمَّ اغْسِلِي ما أَصابَ الحَقِيبَةَ مِنَ الدَّمِ، ثُمَّ عُودِي لِمَرْكَبِكِ" قالَتْ: فَلَمّا فَتَحَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ رَضَخَ لَنا مِنَ الفَيْءِ، قالَتْ: وَكانَتْ لا تَطَّهَّرُ مِنْ حَيْضَةٍ إلَّا جَعَلَتْ فِي طَهُورِها مِلْحًا، وَأَوْصَتْ بِهِ أَنْ يُجْعَلَ فِي غسْلِها حينَ ماتَتْ (1).
314 -
حَدَّثَنا عُثْمانُ بْن أبِي شَيْبَةَ، أَخْبَرَنا سَلَّامُ بْن سُلَيْمٍ، عَنْ إِبْراهِيمَ بْنِ مُهاجِرٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: دَخَلَتْ أَسْماء عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقالَتْ: يا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ تَغْتَسِلُ إِحْدانا إِذا طَهُرَتْ مِنَ المَحيضِ؟ قالَ:"تَأْخُذُ سِدْرَها وَماءَها فَتَوَضَّأُ، ثُمَّ تَغْسِلُ رَأْسَها وَتَدْلُكُهُ حَتَّى يَبْلُغَ الماءُ أُصُولَ شَعْرِها، ثُمَّ تُفِيضُ عَلَى جَسَدِها، ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَتَها فَتَطَّهَّرُ بِها" قالَتْ: يا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ أَتَطَهَّرُ بِها؟ قالَتْ عائِشَة: فَعَرَفْتُ الذِي يَكْنِي عَنْهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ففلْتُ لَها: تَتَّبِعِينَ بِها آثارَ الدَّمِ (2).
315 -
حَدَّثَنا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، أَخْبَرَنا أبُو عَوانَةَ، عَنْ إِبْراهِيمَ بْنِ مُهاجِرٍ، عَنْ
(1) رواه أحمد 6/ 380.
وضعف إسناده الألباني في "ضعيف أبي داود"(56).
(2)
رواه بنحوه البخاري (314)، ومسلم (332/ 60). وانظر الحديثين الآتيين.
صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، عَنْ عائِشَةَ أَنَّها ذَكَرَتْ نِساءَ الأنْصارِ، فَأثنَتْ عَلَيْهِنَّ وقالَتْ لَهنَّ مَعْرُوفًا، وقالَتْ: دَخَلَتِ امْرَأَةٌ مِنْهنَّ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ مَعْناهُ، إلَّا أَنَّهُ قالَ:"فِرْصَةً مُمَسَّكَةً"، قالَ مُسَدَّدٌ: كانَ أَبُو عَوانَةَ يَفول: فِرْصَةً، وَكانَ أبُو الأحوَصِ يَقُول: قَرْصَةً (1).
316 -
حَدَّثَنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعاذٍ العَنْبَرِيُّ، أَخْبَرَنِي أبِي، عَنْ شعْبَةَ، عَنْ إِبْراهِيمَ -يَعْنِي: ابن مُهاجِرٍ- عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيبَةَ، عَنْ عائِشَةَ أَنَّ أَسْماءَ سَأَلتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، بِمَعْناهُ، قالَ:"فِرْصَةً مُمَسَّكَةً"، قالَتْ: كَيْفَ أَتَطَهَّرُ بِها؟ قالَ: "سُبْحانَ الله، تَطَهَّرِي بِها واسْتَتِرِي بِثَوْبٍ"، وَزادَ: وَسَأَلتْهُ عَنِ الغسْلِ مِنَ الجَنابَةِ، فَقالَ:"تَأْخُذِينَ ماءَكِ فَتَطَهَّرِينَ أَحْسَنَ الطُّهُورِ وَأَبْلَغَهُ، ثُمَّ تَصُبِّينَ عَلَى رَأْسِكِ الماءَ، ثُمَّ تَدْلُكِينَهُ حَتَّى يَبْلُغَ شُئُونَ رَأْسِكِ، ثُمَّ تُفِيضِينَ عَلَيْكِ الماءَ"، قالَ: وقالَتْ عائِشَة: نِعْمَ النِّساء نِساءُ الأنصارِ لَمْ يَكنْ يَمْنَعُهُنَّ الَحياءُ أَنْ يَسْألنَ عَنِ الدِّينِ وَيتَفَقَّهْنَ فِيهِ (2).
* * *
باب الاغْتِسَالِ مِنَ المحَيْضِ
[313]
(ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو) ابن (3) بكر التميمي العَدَوي أبو غَسان (الرَّازِيُّ) الطيَالسي، شَيخ مُسْلم.
قال (ثَنَا سلمة بْنَ الفَضْلِ) الأبرش الأنصاري مَولاهم الرازي، قاضي الري كانَ جَرير يقولُ: ليسَ من لدن بغدَاد إلى خراسَان أثبت في ابن إسحاق منه.
قالَ محمَّد بن سَعْد: كانَ ثقة صَدوقًا، وهوَ صَاحب مغازي محمد بْن
(1) رواه مسلم (332/ 61). وانظر ما قبله.
(2)
انظر الحديثين السابقين.
(3)
في (م): عن.
إِسْحَاقَ روي عنهُ المبتدأ والمغازي، وكانَ مؤذنًا (1) وكانَ يقال: إنه من أخشع الناس في صلاتهِ (2). روى لهُ الترمذي وابن مَاجَه في التفسير (عن) محَمد (ابْنَ إِسْحَاقَ) بن يسار صاحب "المغازي".
(عَنْ سُلَيمَانَ بْنِ سُحَيمٍ (3) بضَمِّ السِّين وفتح الحاء المهملة مُصغرًا الهَاشمي مولاهم، أخرجَ له مُسلم في مَوَاضِع.
(عَنْ أُمَيَّة (4) بِضَم الهَمزة وتشديد المثناة تحت (بِنْتِ أَبِي الصَّلْتِ) الغفارية، ويقال: آمِنة (5) تابعية.
(عَنِ امْرَأَة مِنْ بَنِي غِفَارٍ قَدْ سَمَّاهَا لِي) فأُنسِيتُها تقدمَ أن الجهل بالصحَابي لا يضر؛ فإنهم كُلهم عدُول.
(قَالَتْ: أَرْدَفَنِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم) فيه جَوَاز إردَاف المرأة خلف الرجل في السَّفر إن كانت مَحرَمًا لهُ أو زوجة أو مِلْكًا، ويجوز أن تكون هذه المرأة أجنَبِية منه صلى الله عليه وسلم لعصمته وعدم التهمة في حَقه بل هو أولى بالجَوَاز من المحَرمِ في الإردَاف وغَيره، وفيه جَوَاز الإردَاف على الدَّابة إذا كانت تطيق.
(على حَقيبة) يحتمل أن يرَاد به: فأردَفَني عَلى مَوضع الحقيبة، والحقيبة بفتح الحَاء الوعَاء الذي يجمَع فيه الرجُل متاعه، ويشد في
(1) في (ص): مؤدبًا. والمثبت من (د، س، ل، م).
(2)
"الطبقات الكبرى" لابن سعد 7/ 381.
(3)
في (ص، ل) سحيمة، وفي (م): شحيم.
(4)
في (ص): أُبَية.
(5)
في (ص): أمية.
مُؤْخِرة الرحل، ويحتمل أن يكون (1) على ظاهِره وهَو الأظهر؛ لقَولهَا بَعد ذلك: نزلت عن حَقِيبَةِ رَحْلِهِ وإذا بهَا دم، وأصل الحقيبة عَجيزة المرأة، ثم سمي به مَا يجمَع فيه القماش ويشد على الدابة خلف الراكب مَجَازًا؛ لأنها محمولة على عَجز الدابة (رَحْلِهِ) والرحل كل (2) شيء يعد للارتحال (3) من مركب للبعير (4) وحلس ووعاء للمتاع ورَسَن ونحو ذلك، ورَحَّلتُ البعَير جَعلتُ عليه رَحْلَه.
(قَالَتْ فَوَاللَّهِ لنَزل رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِلَى) صَلاة (الصُّبْح فَأَناخَ) لي البعَير (وَنَزَلْتُ عَنْ حَقِيبَةِ رَحْلِهِ) فيه: نزُول الرجل عن الدابة بمفرده وهي واقفة أو سائرَة ولا يحتاج إلى إناخِة البعَير ولا سوق الحمار إلى حجرٍ (5) أو نحوه لينزل عليه؛ لأنه نوَع ترفُّه إلا للمحتَاج إليه بخلاف المرأة؛ فإنه يناخ لهَا البعَير، وإن كانت مُسْتَطيعَة للنزُول وهي واقفة، فإنَّ الإِناخة أستَرُ لهَا وأرفق.
(وِإذَا بِهَا دَمٌ منِّي (6) قلت: فيه أنَّ الرجُلَ إذا وجَدَ على فراشه منيًّا عليه أن يغتسل منه إذا كانَ لا ينَام مَعَهُ في الفراش غَيره.
ونصَّ الشافعي على لزوم الغُسْل (7)، ونَدبَ مَا أمكن كونها بعده،
(1) سقطت من (ص، س، ل).
(2)
في (م): يعد لكل.
(3)
في (ص، س، ل): بعد الارتحال.
(4)
في (ص): مركز للبعير، وفي (م): مركب كالبعير.
(5)
في (م): حجره.
(6)
من (د، م).
(7)
"الأم" 1/ 97.
قالَ الماوردي: هذا إذَا رَأى المنِي في بَاطِن الثوب، فإن رَآهُ في ظاهِره فلا غسْل لاحَتِمال إصابتِه مِن غَيره وأمَّا إذا نامَ مَعَهُ من يمكن كونه منهُ فيندب لهمَا الغسْل ولا تَصِح صَلاته خَلفهِ قبل الغسْل (1).
(وَكَانَتْ) هذِه الحَيْضَة ورؤية دمها (أَوَّلَ حَيضَةٍ حضْتُهَا، قَالَتْ: فَتَقَبَّضْتُ) بفتح القَاف والبَاء المُوحَّدة المشَددَة أي: أنقبَضت وانزويت (إِلَى النَّاقَةِ وَاسْتَحْيَيتُ) بفتح اليَاء الأولى فيه: أنه يُسْتحب للمرأة أن تخفي [ثياب حيضتها](2) التي أصَابها الدم من زوْجهَا وأقاربهَا كما تخفي بَوْلهَا وغائطهَا عَنهُمْ (3)؛ لاستقذَار ذَلك (فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مَا بِي) مِنَ الاستحيَاء (وَرَأَى الدَّمَ) على الحقيبة.
(قَالَ: مَا لَكِ لَعَلَّك نَفِسْتِ) بفتح النون، قالَ الخَطابي: أصْل هذِه الكلمة (4) مِنَ النَّفْس وهوَ الدم إلا أنهمْ فرَّقوا بيْنَ بناء الفِعْل مِنَ الحَيْض والنِّفاس، فقالوا في الحَيض: نَفست بِفتح النون يَعني وكسْر الفاء، وفي الولَادة بضَمِّهَا انتهى (5)، وهذا قَول كثير من أهل اللغَة لكن حكى أبو حَاتمٍ عن الأصمعي يُقال: نُفِسَت المرأة في الحَيض والولادَة بِضَمِّ النون فيهمَا.
(قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: فَأَصْلِحي) بقطع الهَمزة (مِنْ نَفْسِكِ) أيْ مِنْ
(1)"الحاوي الكبير" 1/ 213 - 214.
(2)
في (د): ثياب حيضتها. وفي (م): حيضها.
(3)
ليست في (م).
(4)
من (د، م).
(5)
"معالم السنن" 1/ 96.
شأنك (1) ما تحتاجين (2) إلى إصلاحه (ثُمَّ خُذِي إِنَاءً مِنْ مَاءٍ فَاطَّرِحي) بوَصْل الهمزة وتشديد الطاء.
(فِيهِ مِلْحًا ثُمَّ اغْسِلِي) منه (مَا أَصَابَ الحَقِيبَةَ مِنَ الدَّمِ) قال الخطابي: فيه من الفقه أنه استعمل الملح في غسل الثياب وتنقيتها (3) مِنَ الدَم. والملح مَطْعُوم فعَلى هذا يَجوز غسْل الثَياب بالعَسَل إذا كانَ ثوبًا من إبريسم يفسدهُ الصابون، وبالخل أي وباللبَن (4) الحَامض وماء الليمُون إذا أصَابهَا الحبر ونحوه، ويَجوز عَلى هذا التدَلك بالنخالة وغسْل الأيدي بدَقيق البَاقلاء والبطيخ وغير ذَلك مِنَ الأشياء التي لهَا قوة الجلاء.
قال: وحدثونا عَن يُونس بن عَبد الأعلى، قالَ: دَخلتُ الحمام بمصر فوجَدت الشافعي يتَدلك بالنخالة انتهى (5).
وقد يُؤخذ منهُ أنَّ الماء المتغير بالملح المائي لا يضرُّ التغير به دُون الجَبَلي؛ لأنَّ المائي (6) مُنعقد من عَينِ الماء كالثلج، وهو أصَحُّ الأوجُه عندَ الشافعية (7)؛ ولهذا أمر الشارع بِغَسل الدم بالملح وبِطَرحه في الماء، وقَد يُؤخذ منهُ غسْل المتنجس الذي يَجِلس عليه الآدَمي، وإن كان جَافًّا.
قال ابن قدَامَة: قال محمد بن يحيى: قلتُ لأبي عَبد الله: الإناء يؤكل
(1) في (ص، ل): نصابك.
(2)
في الأصول: تحتاجي، والجادَّةَ ما أثبتناه.
(3)
في (ص، س، ل): وتنفسها.
(4)
في (د، س، ل، م): واللبن.
(5)
"معالم السنن" للخطابي 1/ 96.
(6)
في الأصل، (س، ل): الماء.
(7)
انظر: "المجموع" 1/ 101.
فيه ثم يغسل فيه اليَد. قالَ: لا بأسَ، قلتُ: فما تقول في غسْل اليَد بِالنخالَة. قالَ: لا بأسَ به نحنُ نفعَله (1).
(ثُمَّ عُودِي لِمَرْكَبِكِ) قد يُؤخذ منهُ ركُوب المرأة على البعير بمفردهَا إذا أطَاقت (2) ولم تخش من نفرَة البعير للقيَام قَبل أن تستقر.
(قَالَتْ: فَلَمَّا فَتَحَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ) وَبَقى مِنَ السَنة السَّادسَة شهر وعَشرة أيَّام بَعْدَ رُجُوعه من الحديبية في ذي الحجة.
و(رَضَخَ لَنَا) الرضخ بفتح الراء وسُكون الضاد المعجمة وبَعْدَهَا خاء مُعجمة وهي (3) العَطيَّة التي ليسَت كثيرة وتسمى (4) بالمصدر أو هوَ فِعْلٌ بمَعْنى مَفعُول مثل درهم ضَرب الأمير بمعَنى: مضروبه. والذي رَضخه النَّبي صلى الله عليه وسلم كانَ مِنَ المال الذي لم يقسم بَيْنَ المُسْلمين المعد للرضخ.
(مِنَ الفَيءِ) وهوَ كل مَال أخذَ مِنَ الكُفار بلا إيجاف خيلٍ ولا قتَال وأصْله من فاء إذَا رَجَعَ والمُراد بالرجُوع رُجُوع المال إلى المُسلمين.
[(قالت) أمَيَّة](5)(وَكَانَتْ) المرأة الغفارية (لَا تَطَّهَّرُ مِنْ حيضةٍ)(6) بِفَتح الحَاء.
(إلَّا جَعَلَتْ فِي طَهُورِهَا) بفتح الطاء وهوَ: الماء الذي يتطهَّر به (مِلْحًا
(1)"المغني" 10/ 218 - 219.
(2)
في (س، م): طاقت.
(3)
في (د، م): وهو.
(4)
في (د، م): وسمى.
(5)
في (ص): قال أمته.
(6)
في (ص، س) حيض. وبياض في (ل).
وَأَوْصَتْ بهِ) عندَ مَوتها (أَنْ يُجْعَلَ فِي غُسْلِهَا) بضم الغَين وهوَ الماء الذي يغتَسل (1) به وبالفتح المَصْدَر وبالكسْر: اسم لما يغسَل به من خِطمِيٍّ وغَيره (حينَ مَاتَتْ)(2).
فيه: أنه يُستحب الوَصيَّة بِمَا يُتَبرك به مما يُوضَع في الماء، ومما يوضَع في الكفَن من خِرقة ونحَوهَا، كما أوصَى بَعضهم أن يجعَل في كفَنه مِنْ شعر النبِي صلى الله عليه وسلم.
[314]
(ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيبَةَ، قال: ثنا سَلَّامُ) بتشديد اللام.
(ابْنُ سُلَيْمٍ) بالتصغير أبو الأحوص الحَافظ، له نحو (3) أربَعة آلافِ حَديثِ.
(عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرِ) البجلي الكُوفي، أخرجَ له مُسْلم والأربعة.
(عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيبَةَ) بن عُثمان القرشية الحَجْبية.
(عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: دَخَلَتْ أَسْمَاءُ) بنت شَكَلٍ كما في "صحيح مسلم"(4) وذكر الخَطيب أن المبهمة: أسمَاءُ بنت يزيد (5).
[(فقالت: يا رسول الله](6) كيفَ تَغْتَسِلُ إِحْدَانَا إِذَا طَهُرَتْ مِنَ
(1) في (د): يغسل.
(2)
أخرجه أحمد 6/ 380، والبيهقي في "الكبرى" 2/ 407، وضعفه الألباني في "ضعيف سنن أبي داود"(56) لعنعنة ابن إسحاق، وجهالة أمية.
(3)
من (د، م).
(4)
"صحيح مسلم"(332).
(5)
"الأسماء المبهمة" 1/ 28 - 29.
(6)
تقدمت العبارة في (ص، س) واضطربت.
المَحيضِ، قَالَ: تَأْخُذُ) مُستقبل بمعنى الأمر كقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} (1).
(سِدْرَهَا) السِّدر بِكَسْر السِّين: وَرَق شجر النبق، الوَاحدة من شجره سدرة [رواية مسلم (2):"سدرتها فتتطهر فتحسن الطهور"، (3) (وَمَاءَهَا) أي: السِّدْر الذي يغتسل به والمَاء (فَتَوَضَّأُ) إطلاقه يقتضي كمال الوضوء قبل الغسل (4) وهَو أفضَل عندَ الشافعي (5).
(وتَغْسِلُ)(6) روَاية الخَطيب: "ثُمَّ تَغْسِلُ"(7)(رَأْسَهَا) أيْ: بعد أنْ تخلل أصول الشعر منه، ومن غَيْره، وكذَلكَ الرجُل.
(وَتَدْلُكُهُ)(8) قال القرطبي: فيه حجة لمن رَأى التدَلَّك يعني واجبًا، فإن قيل إنما أمرنا بالتدَلك في الرأس ليعُم جَميع الشعر فيكون بمعنى التخليل.
قال القُرطبي: وكذَاك (9) يقَال: في جَميْع البَدَن، فَإنْ قيلَ: لو كانَ
(1) البقرة: 228.
(2)
"صحيح مسلم"(332)(61).
(3)
من (د). وقد تأخرت في (ص، س، ل، م) فجاءت بعد قوله: وكذلك الرجل بلفظ: (رواية مسلم: سدرتها فتتطهر به فيحسن الطهور) في (ص). وبلفظ "فتحسن الطهور" في (م).
(4)
في (ص، س، ل، م): الوضوء.
(5)
"الأم" 1/ 102 - 103، "المجموع" 2/ 186.
(6)
في (ص، س): تغتسل.
(7)
في (ص، س): تغتسل.
(8)
تكررت في (ص، ل).
(9)
في (م): وكذ أن. وفي (س): وكذلك.
جَميع حكم البَدَن حكم الرأس في هذا لبينه (1) فيه كما بيَّنه في الرأس، قلنَا: لا [يحتاج إلى ذَلِك](2) وقد بَينه في عضو واحد، وقد فهم منهُ أن الأعضَاء كلهَا في حكم العضو الوَاحدِ في عُموم الغسْل فاكتفى بذَلك (3).
(حَتَّى يَبْلُغَ المَاءُ أُصُولَ شَعْرِهَا) أي: الكثيفَة والخفيفة مِنْ شَعر الرأس والهُدب والحاجب بخلاف الوضوء (ثُمَّ تُفِيضُ (4) الماء (عَلَى جَسَدِهَا) قالَ النوَوي: إفاضة الماء عَلى جَميع البَدَن شَعره وبشره واجِبَان بلا خلاف، والمذهَب الصَّحيح أنه يُستحب إفاضة الماء عَلى جَميع البدَن أشَعره وبَشره، (5) ثلاث مَرات (6).
(ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَتَهَا (7) بِكَسْر الفاء، وحكى ابن سيدَه: تثليثها (8) وبإسْكان الرَّاء وإهمال الصَّاد: قطعة مِن صُوف أو قُطن، أو جلدَة عَليهَا صُوف، حَكاهُ أبو عُبيد (9) وغَيره.
(فَتَطَّهَّرُ) بفتح التاء والطاء وتَشْديد الهَاء أي تتطهر، ثم حُذفت إحْدى التاءين (بِهَا) أي تحتملهَا وتمسكها لتقطع الدم وتطيب مَوْضع (10) الدم.
(1) في (س، م): هذه البينة.
(2)
في (د): تحتاج إلى ذلك. وفي (م): يحتاج إلى دَلك.
(3)
"المفهم" للقرطبي 1/ 588.
(4)
في (م): أفيض، وبياض في (ل).
(5)
ليست في (د، س، ل، م).
(6)
"شرح النووي على صحيح مسلم" 3/ 228 - 229، 4/ 9.
(7)
في (م): فرصها.
(8)
"المحكم": (فرص).
(9)
"غريب الحديث": (فرص).
(10)
في (م): من منع.
(قَالَتْ: يَا رَسُولَ الله كَيْفَ أَتَطَهَّرُ بِهَا؟ ) فيه سُؤال المرأة العَالِم عَن حَالها الذي تحتشم مِنهُ؛ ولهذا كانت عَائشة تقول في نِسَاء الأنصَار: لم يَمنعهُن الحَيَاء أن يَتَفقَّهنَ. أخرجه مُسلم في بَعض طرق هذا الحَديث (1).
(قَالَتْ عَائِشَةُ: فَعَرَفْتُ الذِي يَكْنِي) بفتح الياء وسُكون الكاف (عَنْهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم) قالَ في "النهاية": كنَيتُ عن الأمرِ وكنَوتُ عنه إذا وَرَّيتُ عنهُ بِغَيره (2) روَاية مُسْلم: وعرفت مَا أرَادَ النَّبي صلى الله عليه وسلم (فَقُلْتُ لَهَا: تَتَبَّعي (3) بِهَا آثَارَ الدَّمِ) (4) قالَ النوَوي: المراد به (5) عند العُلماء الفَرج (6).
قال المحَاملي: يُستحبُّ لهَا أن تُطَيِّبَ (7) كلَّ موضع أصابه الدم من بدَنها، قال: ولم أره لغيره وظاهر الحَديث حجة له (8) وقد صَرح به في روَاية الإسماعيلي فقال: " [تتبَّعي بها] (9) مواضع الدَم"، وفي هذا الحديث جواز تَفسير كلام العَالم بحضرته لمِنْ خفي عليه إذا عرَفَ أن ذلك يعجبه،
(1)"صحيح مسلم"(332)(61).
(2)
"النهاية"(كنا).
(3)
في (ص): ينبغي. وفي (م): تبتغي، وبياض في (ل). والمثبت من (د، س).
(4)
أخرجه البخاري (314، 315) مختصرًا، ومسلم (332)، والنسائي 1/ 135، 207، وابن ماجه (642) جميعًا من طرق عن صفية بنت شيبة عن عائشة رضي الله عنها.
(5)
ليست في (م).
(6)
"شرح النووي على صحيح مسلم" 4/ 13.
(7)
في (ص، س): تصيب.
(8)
من (د، ل، م). وانظر: "شرح النووي على مسلم" 4/ 13.
(9)
في (ص): ينبغي لها، وفي (م): تبتغي بها.
وفيه الأخذ عن المفضول بحضرة الفاضِل، وفيهِ الرفق بالمتَعلم وإقامَة العُذر لمن لا يفهم، وفيه أن المرءَ مَطْلوبٌ منهُ ستر عيُوبه وإن كانت مما جبل عَليهَا مِنْ جِهَة أمر المرأة بالتطيُّبِ بإزَالة الرائحَة الكريهة.
[315]
(ثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، قَال: ثنا أَبُو عَوَانَةَ)(1) الوضاح بن عبد الله مولى [يزيد بن](2) عطاء اليشكري.
(عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا ذَكَرَتْ نِسَاءَ الأَنْصَارِ فَأَثْنَتْ عَلَيْهِنَّ) أي: كما (3) تقدمَ في روَاية مسلم: نعم النسَاء نسَاء الأنصَار لم يمنَعهن الحَيَاء أن يتفقهن في الدين (وَقَالَتْ لَهُنَّ مَعْرُوفًا) أي: قولًا حَسَنًا.
(وَقَالَتْ: دَخَلَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ) أي: من الأنصَار، وهي: أسْماء بنت شكل كما في مُسْلم. وذكر الخَطيب البغدَادي: أنَّ السَائلة: أسماء بنت يزيد خطيبَة النسَاء (4).
(فَذَكرَ مَعْنَاهُ، إلَّا أنه (5) قَالَ: فرْصَةً) بضم الفاء وسكون الراء وفتح الصَّاد المهملة.
قال ابن مَالك: الفرصَة النهزة (6) يَعْني لأخذ قطعة (مُمَسَّكَةً) قال
(1) كتب فوقها في (د): ع.
(2)
في (ص): ابن ثابت. والمثبت من (د، ر، ل، م).
(3)
في (د، م): بما.
(4)
"الأسماء المبهمة" 1/ 28 - 29.
(5)
من (د، م).
(6)
"إكمال الإعلام" 2/ 479.
القرطبي: روَايتنا فيهَا بِضَم الميم الأولى وفتح الثانية وتشديد السِّين المُهملة (1) مَعناهُ مُطيَبة بالمسك مُبَالغة في نفي ما يكره مِن ريح الدم (2).
قالَ القتيبي (3): مَعني مُمَسّكَة أي: محتملة (4) تحشى بهَا، أي: خذي قطعة مِن صُوف أو قطن واحْتمليهَا وامْسكيهَا؛ ليْدفع الدم قال: وأظنه إنما قالهَا مُمْسَكة بِضَم الميم (5) الأولى، وتسكين الثانية وتخفيف السِّين مفتوحة، وقيلَ: فيهَا ممسكة بِكسْر السِّين اسْم فاعِل من أمسَك كما قَالَ في الحَديث المتقدم: "انعت (6) لك الكرسف فإنه يذهب الدم"(7).
(قَالَ مُسَدَّدٌ: كان (8) أَبُو عَوَانَةَ يَقُولُ: فُرْصَةً) بِضَم الفاء كما تقدم.
(وَكَانَ أَبُو الأَحْوَصِ) سَلام بن سليم (يَقُولُ: قَرْصَةً) بفتح القاف والصَّاد المهملة، ووجهه المنذري فقال (9): يَعْني: شيئًا يَسيرًا مثل القرصة بطَرف الإصبعين (10).
قال ابن حجر: ووهم مَن عزى هذِه الروَاية للبخاري، وقال ابن قتيبة: هي بفَتح القَاف والضاد المعجمة أي: قطعَة (11).
[316]
(ثَنَا [عُبَيْدُ الله] (12) بْنُ مُعَاذٍ، قال: ثنا أبي) معَاذ بن معَاذ
(1) سقط من (د، س، ل، م).
(2)
"المفهم" 1/ 589.
(3)
انظر: شرح السنة" للبغوي 2/ 20، "النهاية في غريب الحديث والأثر" 4/ 330.
(4)
في (ص، س) زاد كلمة مقحمة وهي: له.
(5)
زاد في (د): في.
(6)
في (ص، س، ل): سأبعث.
(7)
تقدم.
(8)
في (ص، س، ل): قال.
(9)
في (ص، ل): يقال.
(10)
انظر: "فتح الباري" 1/ 495.
(11)
"فتح الباري" 1/ 495.
(12)
في (ص، س، ل): عبد الله.
العَنْبَرِيُّ (قال: ثنا شُعْبَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُهَاجِرٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ أَسْمَاءَ) بنت شكل بفتح الشين المُعجمة والكاف كما تقدم.
(سَأَلَتِ النَّبي صلى الله عليه وسلم بِمَعْنَاهُ) و (قَالَ: فِرْصَةً) بِكَسْر الفاء كما تقَدم (مُمَسَّكَةً) بضَم الميم الأولى، وفَتح الثانية، والسِّين المهملة، أي: قطعَة مِن قُطن أو صوف أو خرقة مُطيبَة بالمسك.
قال الزمخشري: الممَسكة: الخلق التي أمسَكت كثيرًا، كأنهُ أرَادَ أن لا تستعمل الجَديد مِنَ القطن والصوف للارتفاق (1) به للغزل وغَيره؛ ولأن الخَلِقَ أصلح (2) لذَلكَ وأوفق (3).
قال في "النهاية": وهذِه الأقوال أكثرهَا متكلفة، والذي عَليه الفقهاء أن الحَائض عندَ الاغتسَال منَ الحَيْض يُسْتحب لهَا أن تَأخُذ شَيئًا يَسيرًا مِنَ المِسْك تتطيب به أو فرصة (4) مُطيبَة بالمسك (5) انتهى (6)، ويكون ذَلك بعدَ الغسْل عَلَى المَذهَب، وقيل: قبله، وهو سُنة مُؤكدة يكرَه تركها بلَا عُذر، والصَّحيح أن المقصود بالمسْك تطييبُ المحَلِّ، وَدَفع الرائحة الكَريهة، لا تَعجيْل العُلوق فيستحب للِبكر والخليَّة وضدهما، وإن لم تجد مسْكًا أو لم تمسح به فنَحوه مما يُطيِّبُ المحَل، ويستثنى منَ المسك ونحوه المحدَّة والمحرِمة بَل يستعملان شيئًا يَسيرًا من قُسْطٍ أو أظفار. وكلام الرافعي والنوَوي في العِدد يشعر بتحريم المسْك.
(1) في (د، س، م): للانفاق.
(2)
في (ص): أصح.
(3)
"الفائق في غريب الحديث" 1/ 262.
(4)
في (ص، ل) فرضه.
(5)
في (ص، س، ل) بالسك.
(6)
"النهاية في غريب الحديث والأثر"(مسك).
(قَالَتْ: كَيفَ أَتَطَهَّرُ بِهَا؟ ) فيه مُرَاجَعَة المفتي إذا لم يَتَّضح لهَا الحُكم.
(قَالَ: سُبْحَانَ الله) فيه التسبيح عند التعَجب، وكذَا لا إله إلا الله، وفي رِوَاية البخاري (1) قال:"سُبحَان الله" اسْتحيَا وأعرض (2).
وللإسمَاعيلي: فلما رَأيتُه يَسْتحيي علَّمتُها. زاد الدَارمي: وهو يسْمع فلا ينكر (3). وفيه حسن خلقه صلى الله عليه وسلم وعظم حلمه وحَيَائه.
(تَطَهَّرِي بِهَا) وفي روَاية للبُخاري: "توضئي"(4) أي: تنظفي.
(وَاسْتَتر بِثَوْبٍ) استحياء منها، وفيه اسْتحبَاب الاستتار عندَ الكَلام بما يُستحيَا منهُ؛ بأن يغطى رَأسه أو يدخله في جَيبه أو يلتفت بوجهه ونَحو ذلك.
(وَزَادَ) على الروَاية المتقدمَة (وَسَأَلَتْهُ عَنِ الغُسْلِ مِنَ الجَنَابَةِ فَقَالَ: تَأْخُذِينَ) سدرتك و (مَاءَكِ فَتَطَهَّرِينَ) بفتح الهَاء المُشددة بِهَا (أَحْسَنَ الطُّهُورِ) بِضَم الطاء على المختار. قاله النووي: والمرادُ به الفعْل (5).
(وَأَبْلَغَهُ) أي أكملهُ وأتمه (ثُمَّ تَصُبِّينَ عَلَى رَأْسِكِ المَاءَ) أي: ثَلَاث مَرات (ثُمَّ تَدْلُكِينَهُ) زَادَ مُسْلم: "دَلكًا شَديدًا"(6)، ويشبهُ أن يرَادَ بالدَّلك هُنَا دَلك الشعر، وهو تَخللهُ باليَد والماء
(1) في (د، م): للبخاري.
(2)
"صحيح البخاري"(315).
(3)
في (س): يتكرر. وهو خطأ. وانظر: "سنن الدارمي"(773).
(4)
"صحيح البخاري"(315).
(5)
"شرح النووي على مسلم" 4/ 13.
(6)
"صحيح مسلم"(332)(61).
(حَتَى يَبْلُغَ شؤون رَأْسِكِ) أي: أصول شعر الرأس وأصْل الشؤون (1): المخطوط التي في عظم الجمجمة كما في الروَاية الأخرى، وظَاهِر الحَديث أن التخلل يَكونُ بعَدَ إفاضَة الماء، والذي قاله (2) أصْحَابنا وغَيرهم أنهُ يَكون قَبل الإفَاضة؛ لأنه أقرب بوصُول الماء إلى الأصول، ولو خَللهُ حَالَة الإفاضَة كفى.
(ثُمَّ تُفِيضِينَ عَلَيْكِ) أي: على سَائر بَدَنك (الْمَاءَ) فتبدَأ بالشق الأيمَن ثم الأيسر؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يحُب التيمن في الطهَارة، وفي شأنه كله.
(قَالَتْ عَائِشَةُ: نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأَنْصَارِ لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ الحَيَاءُ أَنْ يَسْأَلْنَ عَنِ الدِّينِ) وفيه فضيلة ذهَاب المرأة إلى بَيت العَالم وَسُؤاله بنَفسِهَا عن الأحوَال التِي تحتشم منها بَعض النسَاء، وَمُراجعته فيما لا تفهمه، وهذا يَدُل على شدة الاحتراص على الدين بخلاف زَمَاننا هذا الذي (3) لا يسْأل فيه الرجَال خُصُوصًا عن النسَاء مَعَ كثرة اجتماعهم بأهل العلم، فنَسأل الله التوفيق.
(وَيَتَفَقَّهْنَ فِيهِ)(4) والتفقه أخذ الفقه شَيئًا فشَيئًا، والفقه لغة (5): الفهَم، وقيلَ فهم الأشياء (6) الدقيقة.
* * *
(1) في (ص): الشئوب.
(2)
في (م): قال به.
(3)
من (د، م).
(4)
تقدم التخريج من هذا الطريق، وصححه الألباني على شرط مسلم. انظر "صحيح أبي داود"(334).
(5)
في (ص، ل): فقه.
(6)
في (س): الأسانيد.