الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله: " بالعيدين" أي: في العيدين. قوله: " أن نخرج" في محل النصب على المفعولية، أي: أمرنا بأن نخرج، أي: ب"خراج الحُيض، هذا على تقدير نصب " الحُيض " على
أنه مفعول نُخرج، وإذا رفع على أنه فاعل " نُخرج" يكون التقدير:
أمرنا بخروج الحيض.
قوله: "والعُتق " عطف على "الحيض " في الحالين، وهي جمع
عاتق، وهي التي قاربت الإدراك، وقيل: بل هي المدركة، وقيل: هي
التي لم تَبْن من والدتها ولم تزوج، وقد أدركت وشبت، وإنما سميت به
لأنها أكرم ما تكون عند أهلها وأجمل، والعتيق الكريم الرافع من كل
شيء، وقيل: سميت بذلك لأنها عتقت عن خدمة أبويها ولم تملك بعدُ
بنكاح، وقيل: عاتق: شابة. وعن ابن الأعرابي قال: قالت جارية من
الأعراب لأبيها: اشتر لي لُوطاً أغطى به فُرعلى، فإني قد عُتقِتُ، تريد:
قد أدركت، والفرعِل: الشعر، واللوط: الإزارُ.
قوله: " ولا جمعة علينا" ليس بثابت في غالب النسخ.
* * *
236- باب: الخطبة في يوم العيد
أي: هذا باب في بيان الخطبة في يوم العيد 1111- ص- نا محمد بن العلاء، نا أبو معاوية، نا الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري ح، وعن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عن أبي سعيد الخدري قال: أخْرَجَ مَرْوانُ
المنبرَ في يَوم عيد، فَبدأ بالخُطبَة قبلَ الصلاة، فقامَ رجل فقال: يا مَرْوَانُ،
خًالَفْتَ السنةً، أخْرَجْتَ المنبرً في يَوم عيد ولم يكنْ يُخْرجُ فيه، وَبَدأتَ
بالخُطبة قبلَ الصلاة، فقال/ أبو سعيد الخَدًري: مَنْ هَذَا؟ قاَلوَا: فلانُ [2/94 - أ] ابنُ فلَانٍ، فقال: َ أما هَذَا فقد قَضَىً ما عليهِ، سمعتُ رسولَ اللهِ
عليه السلام- يقولُ: (مَنْ رَأى منكم مُنكَراً فاسْتطاعَ أن يُغيرَهُ بيده فليُغيرْهُ بيده، فإن لم يَسْتَطِعْ فبلسَانِهِ، فإن لم يَستطعْ فبقَلبِهِ، وذاك أضعفُ الإِيَمَانِ)(1) .
ش- مروان بن الحكم بن أبي العاص أبو عبد الملك، أو أبو القاسم،
أو أبو الحكم، وفي " صحيح مسلم ": أول من بدأ بالخطبة قبل الصلاة يوم العيد مروان. وقيل: أول من فعل ذلك عمر بن الخطاب لما رأى الناس يذهبون عند تمام الصلاة، ولا ينتظرون الخطبة. وقيل: بل ليدرك الصلاة من تأخر وبَعُدَ منزلُه، ولا يصح عن عمر هذا. وقيل: أول من بدأ بها عثمان، ولا يصح أيضا، وقيل: أول من فعل ذلك معاوية، وقيل: إن زياداً أول من فعله، يعني: بالبصرة، وقيل: أول من فعله مروان، يعني: بالمدينة كما تقدم، وكذا ذكره الترمذي، وذلك كله في أيام معاوية لأنهما من عماله، وفعله ابن الزبير آخر أيامه. وعلل بعضهم فعل بني أمية أنهم لما أحدثوا في الخطبة من سَب من لا يحل سبه، فكان الناس يتفرقون لئلا يسمعوا ذلك، فأخروا الصلاة ليحبسوا الناس، والذي ثبت عن رسول الله، وأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلى- رضي الله عنهم تقديم الصلاة، وعليه جماعة فقهاء الأمصار، وعده بعضهم إجماعاً.
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الملاحم، باب: في خبر ابن الصائد (4340) مختصراَ دون القصة، ومسلم: كتاب الإيمان، باب: بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان وأن الإيمان يزيد وينقص وأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان (78/ 49)، الترمذي: كتاب الفتن، باب: ما جاء في تغير المنكر باليد أو باللسان أو بالقلب (2172)، النسائي: كتاب الإيمان، باب: تفاضل أهل الإيمان (8/ 111، 112)، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: ما جاء في صلاة العيدين (1275) ، وكتاب الفتن، باب: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (4013) .
قوله: "أما هذا فقد قضى ما عليه " أي: ما عليه من الواجب من الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر؛ لأن قدرته كانت هذا المقدار، وقول أبي سعيد هذا بمحضر من الصحابة، والجمع العظيم دليل على استقرار السنة عندهم على خلاف ما فعله مروان، ويثبته أيضا احتجاجه بقوله:"سمعت رسول الله- عليه السلام يقول" الحديث. وفي هذا دليل على أنه لم يعمل به خليفة قبل مروان، وأن ما حُكي عن عمر وعثمان ومعاوية لا يصح.
فإن قيل: كيف تأخر أبو سعيد عن إنكار هذا المنكر حتى سبقه إليه هذا الرجل؟ قلنا: يحتمل أن أبا سعيد لم يكن حاضراً أول ما شرع مروان في أسباب تقديم الخطبة، فأنكر عليه الرجل، ثم دخل أبو سعيد وهُمَا في الكلام. ويحتمل أن أبا سعيد كان حاضراً من الأول لكن خاف على نفسه أو غيره حصول فتنة بسبب إنكاره، فسقط عنه الإنكار، ولم يخف ذلك الرجل شيئاً لاعتضاده بظهور عشيرته أو غير ذلك، أو أنه ما خاف وخاطر بنفسه، وذلك جائز في مثل هذا، بل مستحب، ويحتمل أن أبا سعيد هَم بالإنكار فبدره الرجل فعضده أبو سعيد، ثم إنه جاء في الحديث الآخر الذي اتفق البخاري ومسلم على إخراجه في "باب صلاة العيد " أن أبا سعيد هو الذي جبذ بيد مروان حين راَه يصعد المنبر، وكانا جاءا معاً، فرد عليه مروان بمثل ما رد هنا على الرجل، فيحتمل أنهما قضيتان: إحديهما لأبي سعيد، والأخرى للرجل بحضرة أبي سعيد، والله أعلم. وقوله:"فقد قضى [ما] ، عليه" تصريح بالإنكار أيضا من أبي سعيد. قوله: " فليغيره بيده " هذا أمر إيجاب بإجماع الأمة، ولم يخالف في ذلك إلا بعض الرافضة، ولا يعتد بخلافهم، فإن قيل: قال الله تعالى: "عَلَيكُمْ أنفُسكُمْ لا يَضُركم مَّا ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ "(1) قلنا: هذا لا
(1) سورة المائدة: (105) .
يخالف ما ذكرناه؛ لأن المعنى: أنكم إذا فعلتم ما كلفتم به فلا يضركم تقصير غيركم، مثل قوله تعالى:"وَلا تَزِرُ وَازِرَة وِزْرَ أخْرَى"(1) ، وإذا كان كذلك فمما كلف به الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإذا فعله ولم يمتثل المخاطب فلا عتب بعد ذلك على الفاعل، لكونه أدى ما عليه، فإنما عليه الأمر والنهي لا القبول، ثم إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية، إذا قام به البعض سقط عن الباقين، وإذا ترك (2) الجميع أثم كل من تمكن منه بلا عذر ولا خوف، ولا يشترط فيه أن يكون كامل الحال، ممتثلاً ما يأمر به، مجتنباً ما ينهى عنه، فإنه يجب عليه شيئان:[2/94 - ب] أن يأمر نفسه وينهاها/، ويأمر غيره وينهاه، فإذا أخل بأحدهما كيف يباح له الإخلال بالآخر؟ ولا يختص أيضا بأصحاب الولايات، بل ذلك ثابت لآحاد المسلمين.
قوله: "فليغيره بيده، فإن [لم] يستطع " إلى آخره، إشارة إلى مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
قوله: "فبقلبه " أي: فليكرهه بقلبه، وليس ذلك بإزالة وتغيير منه للمنكر، لكنه هو الذي في وسعه.
قوله: " وذاك أضعف الإيمان " معناه: أقله ثمرة. والحديث أخرجه: مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
1112-
ص- نا أحمد بن حنبل، نا عبد الرزاق، ومحمد بن بكر قالا: أنا ابن جريج قال: أخبرني عطاء، عن جابر بن عبد الله قال: سمعته يقول: إن النبي- عليه السلام قام يومَ الفطرِ فَصلي، فَبَدَأ بالصلاة قبلَ الخُطبة، عبر خَطَبَ الناسَ، فلما فَرغَ نبي اللهِ- عليه السلام نَزَلَ، فَأتَىَ النساءَ فَذَكرَهُن
(1) سورة الإسراء: (15) .
(2)
كذا.
وهو يَتوكأ، على يد بلالٍ، وبلال بَاسط ثوبَه يُلقينَ (1) فيه النساءُ الصَدَقةَ، قال: تُلقِي المرأةُ فَتَخًهًا، ويُلقِيَنَ ويُلقِينً، وقال ابنَ بكر: فَتَختهَا (2) .
ش- عبد الرزاق بن همام.
ومحمد بن بكر بن عثمان البُرْساني- بضم الباء الموحدة- أبو عثمان،
أو أبو عبد الله، وبُرْسان من الأزد، البصري. سمع ابن جريج، وشعبة، وهشام بن حسان، وغيرهم. روى عنه: أحمد بن حنبل، وعليه بن المديني، وابن بشار، وابن المثنى، وغيرهم. وقال ابن معين وأبو داود: ثقة. وقال أحمد: هو صالح الحديث. مات بالبصرة في ذي الحجة سنة ثلاث ومائتين. روى له الجماعة (3) .
وعطاء بن أبي رباح.
قوله:" فذكرهن" بتشديد الكاف أي: وعظهن.
قوله: "ويُلقين (4) فيه النساء " من قبيل كلوني البراغيث.
قوله:" فتخها"" ا"فتخ": بفتح الفاء والتاء المثناة من فوق، وفي آخره خاء معجمة، جمع فَتَخَة- بالتحريك- وهي حلقة من فضة لا فص لها، فإذا كان فيها فص فهو الخاتم، وقيل: هو الخواتيم الكبار، وقيل: الفتخة حلقة من ذهب أو فضة لا فص لها، وربما اتخذ لها فص كالخاتم، وقيل: جلجل لا جرس له. قال ابن السكيت: تلبس في أصابع اليد. وقال ثعلب: قد تكون في أصابع الرجل.
(1) في سنن أبي داود: " تلقي".
(2)
البخاري: كتاب العيدين، باب: موعظة الإمام النساء يوم العيد (978)، مسلم: كتاب صلاة العيدين (5 88/ 3) .
(3)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (24/ 5092) .
(4)
كذا بالواو، وفي المتن "يلقين" بدون الواو.
قوله: " ويلقين ويلقين " بالتكرير، أي: ويلقين كذا، ويلقين كذا، وفيه جواز صدقة المرأة من مالها بغير إذن زوجها، ولا يتوقف على ثلث مالها، هذا مذهب الجمهور. وقال مالك: لا تجوز الزيادة على ثلث مالها إلا برضا زوجها. وفيه دليل أن الصدقات العامة إنما يصرفها في مصارفها الإمام، وكان النبي- عليه السلام يفرقها على المحتاجين كما كانت عادته في الصدقات المتطوع بها.
قوله: " وقال ابن بكر " أي: قال محمد بن بكر في روايته: " فَتَخَتهَا"بالإفراد، وفي رواية عبد الرزاق:"فَتَخَها" بالجمع. والحديث: أخرجه النسائي.
1113-
ص- نا حفص بن عمر، نا شعبة ح، ولا محمد بن كثير، أنا شعبة، أنا أيوب، عن عطاء قال: أشهدُ على ابنِ عَباس، وشَهِدَ ابنُ عَباس على رَسول الله، أنه خَرَجَ يَومَ فطر فَصَلَّى، ثم خَطَبَ، ثم أتَى النساءَ ومعه بلال. قال اَبنُ كثير: أكْبَرُ عِلم شُعبةَ: فَأمَرَهُنَّ بالصدقَةِ، فَجَعَلنَ يُلقِين" (1) . ش- أيوب السختياني، وعطاء بن أبي رباح.
قوله:" قال ابن كثير " أي: محمد بن كثير.
قوله: "يُلقين " أي: الصدقة في ثوب بلال، وفيه من الاستحباب: للإمام أن يأتيهن بعد الفراغ من خطبة العيد، ويعظهن ويذكرهن إذا لم يترتب عليه مفسدة.
قلت: بعيد في هذا الزمان عدم ترتب الفساد، لعموم الفتنة والفساد، وقلة الخير في النساء، ولا سيما في نساء مصر.
(1) البخاري: كتاب العلم، باب: عظة الإمام النساء وتعليمهن (98)، مسلم: كتاب صلاة العيدين، باب: أول الكتاب (2/ 884)، النسائي: كتاب العيدين، باب: الخطبة في العيدين بعد ما جاء الصلاة (1568)، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: ما جاء في صلاة العيدين (1273) .
1114-
ص- نا مسدد، وأبو معمر عبد الله بن عمرو قالا: نا عبد الوارث،
عن أيوب، عن عطاء، عن ابن عباس بمعناه قال: فَظَن أنه لم يُسْمِع النساء،
فَمَشى إِليهن ومعه بِلال (1) فَوَعَظَهُن وَأَمَرَهُن بالصدقَة، فكانت المرأةُ تُلقي
القُرْطَ والخَاتَمَ في ثَوبِ بِلال (2) .
ش- مسدد بن مسرهد، وعبد الله بن عمرو المقعد البصري، وعبد الوارث بن سعيد.
قوله: "بمعناه " أي: بمعنى الحديث المذكور.
قوله:" فظن أنه " أي: ظن رسول الله أنه لم يسمع النساء خطبته، فمشى إلى جهتهن.
قوله:" تُلقِي القُرط/ والخاتم " القُرْط- بضم القاف، وسكون الراء- 2/95 - أ]
ما علق في شحمة الأذن من ذهب كان أو غيره. قال ابن دريد: كل ما علق في شحمة الأذن فهو قرط، سواء كان من ذهب أو خرز، ويجمع على قِراط كرمح ورماح، وقِرَطه كخُرجْ وخِرَجة، وأقرطة جمع جمع، أي: جمع أقراط جمع قُرْط. والخاتم فيه أربع لغات: فتح التاء، وكسر ها، وخاتام، وخَيْتام.
1115-
ص- نا محمد بن عبيد، نا حماد بن زيد، عن أيوب، عن
عطاء، عن ابن عباس في هذا الحديث قال: فَجَعَلَتِ المرأةُ تُعْطي القُرْطَ والخَاتَمَ، وجَعَلَ بلال جعَلُهُ في كسًائه، قال: فَقَسَمَهُ علَى فُقَرَاء المسلمين (3) .
ش- لأنها صدقة ومَصرفها الفقراء. والحديث: أخرجه البخاري،
ومسلم، والنسائي، وابن ماجه بنحوه.
(1) في سنن أبي داود: "وبلال معه ".
(2)
انظر الحديث السابق.
(3)
انظر الحديث السابق.
32 * شرح سنن أبى داوود 4
1116-
ص- نا (1) الحسن بن علي، نا عبد الرزاق، أنا ابن عيينة، عن أي جَنَاب، عن يزيد بن البراء، عن أبيه، أنً النبي- عليه السلام نُووِلَ يومَ العِيدِ قَوْساً فَخَطَبَ عليه (2) .
ش- عبد الرزاق بن همام، وسفيان بن عيينة، وأبو جناب- بفتح الجيم والنون- الكلبي، اسمه: يحيي بن أبي حية- بالياء آخر الحروف- واسمه: حي، وقد ذكرنا ترجمته مستوفى، والله أعلم بالصواب. ويزيد ابن البراء بن عازب الأنصاري الحارثي. روى عن: أبيه. روى عنه: عدي بن ثابت، وأبو جناب. روى له: أبو داود، والنسائي.
قوله: " نُووِلَ" من المناولة، أي: أعطي قوساً فخطب وهو متوكئ عليه.
وليس هذا الحديث بثابت في بعض النسخ، وفي بعضها عقيب هذا الحديث " (3) باب يصلي الناس العيد في المسجد إذا كان يوم مطر ".
نا هشام بن عمار، نا الوليد. ونا الربيع بن سليمان، نا عبد الله بن يوسف، نا الوليد بن مسلم، نا رجل من القرويين (4) - وسماه الربيع في حديثه عيسى بن عبد الأعلى بن أبي فروة- سمع أبا يحيي عبيد الله التيمي، يحدث عن أبي هريرة، أنه أصابهم مطر في يوم عيد، فصلى بهم النبي- عليه السلام صلاة العيد في المسجد، ولم يثبت هذا الباب في غالب النسخ في هذا الموضع، فكأنه هاهنا في نسخة اللؤلؤي.
* * *
(1) جاء هذا الحديث في سنن أبي داود تحت: "باب يخطب على قوس ".
(2)
تفرد به أبو داود.
(3)
يأتي برقم (244) ، نص/ 512) .
(4)
في الأصل: "العدويين " خطأ.