الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال: لا غندر، عن ابن جريج، عن عطاء قال: سمعت أبا هريرة يقولُ: إذا صليت فإن ربك أمامك وأنت مُناجيه، فلا تلتفت. قال عطاء: وبلغني أن الرب يقول: "يا ابن آدم، إلى من تلتفتُ؟ أنا خير لك ممن تلتفت إليه".
وحديث عائشة: أخرجه البخاري، والنسائي، وابن أبي شيبة.
* * *
158-بَابُ: النَّظَر في الصلاة
أي: هذا باب في بيان النظر في الصلاة.
888-
ص- نا مسدد: نا أبو معاوية ح، ونا عثمان بن أبي شيبة: نا جرير- وهذا حديثه، وهو أتم-، عن الأعمش، عن المُسيب بن رافع، عن تميم بن طرفة الطائي، عن جابر بن سمرةَ. قال عثمانُ: قال: دخلَ رسولُ الله- عليه السلام المسجدَ فَرَأى فيه نَاساً يُصلونَ رافعي أيديَهُم إلى السَّماء-َ ثم اتفقا- فقال: لينتهِيَن رِجَال يَشخصُون أبصارَهمَ إلى السَماءِ في الصلاةَ أو لا يرجعُ (1) إليهم أبصارُهم " (2) .
ش- أبو معاوية: الضرير، وجرير: ابن عبد الحميد.
قوله: "وهذا حديثه" أي: حديث عثمان، والحال أنه أتم من حديث مسدد.
قوله: "عن الأعمش" يرجع إلى كل واحد من جرير/ وأبي معاوية؛ [2/26 - أ] لأن كلا منهما روى عن الأعمش.
قوله: "ثم اتفقا" أي: مُسدد وعثمان.
(1) في سنن أبي داود: " إلى السماء. قال مسدد: في الصلاة، أو لا ترجع".
(2)
مسلم: كتاب الصلاة، باب: النهي عن رفع البصر إلى السماء في الصلاة رقم4 له 42) ، ابن ماجه: كتاب أقامة الصلاة، باب: الخشوع في الصلاة رقم (1045)
قوله: " يَشْخصُون أبصارهم " من شخص بصرَه فهو شاخص إذا فتح عَيْنيْه وجعل لا يطرف، وهو بفتح العين، وشخُص- بالضم- فهو شخيص أي: جسيم، وهذه الجملة في محل الرفع لأنها وقعت صفةً للرجال.
قوله: " أو لا يرجع إليهم أبصارُهم " والمعنى: إن لم ينتهوا، وأحد الأمرين واقع: إما الانتهاء، أو عدم رجوع أبصارهم إليهم، وفيه النهي الأكيد، والوعيد الشديد، وقد نقل الإجماع في النهي عن ذلك. وقال القاضي عياض: واختلفوا في كراهة رفع البصر إلى السماء في الدعاء في غير الصلاة، فكرهه شريح وآخرون، وجوزه الأكثرون، قالوا: لأن السماء قبلة الدعاء كما أن الكعبة قبلة الصلاة، فلا ينكر رفع الأبصار إليها، كما لا يكره رفع اليد، قال الله تعالى: وَفي السمَاء رزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُون " (1) . والحديث: أخرجه مسلم، والَنسائي، َ وَأخرج ابن ماجه طرفا منه.
ص- نا مسدد: نا يحيي، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة أن أنس بن مالك حدثهم قال: قال رسول الله- عليه السلام: " ما بَالُ أقوامٍ يَرفَعُونَ أبصارَهم في صلاِتهِم؟ " فاشْتَد قولُه في ذلك فقال: "لينتَهِيَن عن ذلك أو لتُخْطَفَن أبصارُهم "(2) .
ش- أي: ما شأن أقوام؟ وذكر الجوهري "البَالَ " في الأجْوف
الواوي، وقال: البال: الحالُ.
قوله: "فاشتد قولُه في ذلك" أي: قول النبي- عليه السلام في رفع البصر إلى السماء في الصلاة.
(1)
سورة الذاريات: (22)
(2)
البخاري كتاب الأذان، باب: رفع البصر إلى السماء في الصلاة (750)، النسائي: كتاب السهو، باب: النهي عن رفع البصر إلى السماء (3/ 7) ،
ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: الخشوع في الصلاة (1044) .
قوله: " أو لتخطفن " على صيغة المجهول، والمعنى مثل ما ذكرنا إن لم ينتهوا عن ذلك فأحدُ الأمرين واقع. والحديث: أخرجه البخاري، والنسائي، وابن ماجه. وذكر الواحدي في " أسباب النزول " من حديث ابن علية، عن أيوب، عن محمد، عن أبي هريرة، أن فلانا كان إذا صلى رفع بصرَه إلى السماء فنزلت:"الَّذينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشعُونَ "(1) . وروي عن ابن عباس: كان النبيَ- عليه السلام إذا استفتَح الصلاة لم ينظر إلا إلى موضع سجوده.
وروى أبو بكر قال: نا هشيم، عن ابن عون، عن ابن سيرين قال: كان رسول الله مما يَنظر إلى الشيء في الصلاة، فيرفعِ بصرَه حتى نزلت آية، إنِ لم تكن هذه فلا أدري ما هي "الَّذِين هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُون " قال: فوضع النبي- عليه السلام رأسه.
ونا هشيم، عن حصين، عن إبراهيم، عن عبد الله، أنه رأى رجلاً رافعا بصره إلى السماء، فقال عبد الله: ما يدري هذا لعل بصره سيَلتمع قبل أن يرجع إليه.
فإن قيل: إذا غمض عَيْنيه في الصلاة ما حكمه؟ قلت: قال الطحاوي: كرهه أصحابنا. وقال مالك: لا بأس به في الفريضة والنافلة. وقال النووي: والمختار: أنه لا يكره إذا لم يخف ضررا، لأنه يجمع الخشوع، ويمنع مِن إرسال البصر وتفريق الذهن.
890-
ص- نا عثمان بن أمر شيبة: نا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: صَلّى رسولُ الله- عليه السلام في خَميصة لها أعْلام فقال: " شَغَلَتْنِي أعلامُ هذه، اذهبوا بها إلى أَبي جَهْم بنِ حذيفةَ وائتُوني بأنبجَانيّةٍ "(2) .
(1)
سورة المؤمنون: (2) .
(2)
البخاري: كتاب الأذان، باب: الالتفات في الصلاة (752)، مسلم: كتاب المساجد، باب: كراهية الصلاة في ثوب له أعلام (61/ 556)، النسائي:=
ش- " الخميصة": كساء مُرتع من صوف، وقال ابن حبيب في "شرح الموطأ": الخميصة: كساء صوف أو مِرْعِزي مُعْلم الصَنِفة.
قوله: "شغلتني أعلام هذه " يعني: عن كمال الحضور في الصلاة وتدبر أذكارها وتلاوتها ومقاصدها من الانقياد والخضوع، ففيه الحث على الحضور والتدبر، ومنع النظر من الامتداد إلى ما يُشْغِل، وإزالة ما يخاف اشتغال القلب به، وكراهة تزْويق المحراب وحائط المسجد ونقشه، وغير ذلك من الشاغلات؛ لأنه- عليه السلام جعل العلة في إزالة الخميصة هذا المعنى، وفيه: أن الصلاة تصح وإن حصل فيها فكر، وفيه: صحة الصلاة في ثوب له أعلام، وأن غيره أوْلى.
قوله: " إلى أبي جَهْم" واسمه: عامر بن حذيفة بن غانم القرشي العدوي المدني الصحابي، ويقال: عُبيد بن حذيفة، أسلم عام الفتح، وكان مُعظما في قريش وعالما بالنسب، شهد بنيان الكعبة مَرتين، وهو غير أبي جُهيم بالتصغير. وأما بَعثه- عليه السلام بالخميصة إلى أبي جهم وطلب أنبجانيه فهو من باب الإدلال عليه، لعلمه بأنه يؤثر هذا [2/26 - ب] ويفرح به./ ويقال: َ إنما خصه بذلك لأنه كان بعث إلى النبي- عليه السلام خميصة لها أعلام، فلما شغلته في الصلاة قال: ردوها عليه وائتوني بأنبجانية، لئلا يؤثر رَد الهدية في قلبه.
وقال ابن الأثير: اختلفوا في هذه الخميصة؛ فمنهم من قال: إن رسول الله- عليه السلام أتِي بخميصتَيْن سوداوَيْن فلبس إحديهما وبعث بالأخرى إلى أبي جَهْم، فلما ألهتَه بعثها إلى أبي جَهْم، وطلب التي كانت عند أبي جهْم بعد أن لبسها لبْساتِ.
قوله: " وائتوني بأنبجانية" قال القاضي عياض: رويناه بفتح الهمزة وكسرها، وبفتح الباء وكسْرها في غيرْ مسلم بالوجهين ذكرها ثعلب،
= كتاب القبْلة، باب: الرخصة في الصلاة في خميصة لها أعلام (770)، ابن ماجه: ككتاب اللباس، باب: لباس رسول الله- عليه السلام (3550) .
قال: ورويناه بتشديد الياء في آخره وبتخفيفها معا في غير مسلم؛ إذ هو في رواية مسلم: "بأنبجانية" مشدد مكسور على الإضافة إلى أبي جهم، وعلى التذكير كما قال في الرواية الأخرى كساء له أنبجانيا. وفي "مختصر السنن": الأنبجانية- بفتح الهمزة، وسكون النون، وكسر الباء الموحدة، وبعد الألف نون مكسورة، وياء آخر الحروف مشددة، وتاء تأنيث-: هو ما كثُف والتف، وقيل: إذا كان الكساء ذا علَمين فهو الخميصة، وإن لم يكن له علم فهو الأنبجانية، وقيل: هو منسوب إلى "منبِج " المدينة المشهورة؛ وهي بكسر الباء كما قالوا في النسبة إلى سلمة: سلمي وغير ذلك.
وقال في " الصحاح": إذا نسبت إلى " منبج" فتحت الباء، قلت: كساء منبجاني، أخرجوه مخرج مخبراني ومنظراني، قلت: يكون منسوبا على غير قياس، وقيل: نسبة إلى موضع يُقال له: أنبجان، وقال ثعلب: يقال: كبش أنبجاني- بكسر الباء وفتحها- إذا كان ملتفا كثير الصوف، وكساء أنبجاني كذلك. قال ابن القصار في "تعريب المدارك": من زعم أنه منسوب إلى منبج فقد وهم.
وفي " شرح الموطأ": هي كساء غليظ يُشبه الشملة، يكون سداه: قطنا غليظا، أو كتانا غليظا، ولحمته: صوف ليس بالمُبرم في فتله لين غليظ، يلتحف بها في الفراش، وقد يُشتمل بها في شدة البرد.
وفي كتاب " المغيث": المحفوظ: كسر باء الإنبجانية. وعند السفاقسي: رأيت هذا الحرف في بعض الكتب بالخاء المعجمة، قال: وسماعي بالجيم. وقال الأصمعي: هو كساء من صوف أو خز مُعلم بسُودٍ. وقال غيرُه: كساء رقيق أصفر أو أحمر أو أسود، ويجمع على خمائص؛ وسُميت خميصة للينها ورقتها وصغر حجمها إذا طُوِيت. والحديث: أخرجه البخاري، ومسلم، والنسائي، وابن ماجه، ومالك في " الموطأ"، والطحاوي- أيضا- بسند صحيح، عن المزني، عن الشافعي: حدثنا مالك، عن القمة بن أبي القمة، عن أمه، عن