المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌163- باب: التأمين وراء الإمام - شرح سنن أبي داود للعيني - جـ ٤

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌130- باب: من رأى القراءة إذا لم يجهر

- ‌131- باب: ما يجزئ الأمي والأعجمي من القراءة

- ‌132- باب: تمام التكبير

- ‌133- باب: كيف يضع ركبتيه قبل يديه

- ‌134- باب: النهوض في الفرد

- ‌135- باب: الإقعاء بين السجدتين

- ‌136- باب: ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌137- باب: الدعاء بين السجدتين

- ‌138- باب: رفع النساء إذا كُن مع الرجال رءوسهن من السجدة

- ‌139- باب: طول القيام من الركوع وبين السجدتين

- ‌140- باب: صلاة مَن لا يقيم صلبه في الركوع والسجود

- ‌142- باب: تفريع أبواب الركوع والسجود

- ‌143- باب: ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده

- ‌144- باب: في الدعاء في الركوع والسجود

- ‌145- باب: الدعاء في الصلاة

- ‌146- باب: مقدار الركوع والسجود

- ‌147-باب: الرجل يدرك الإمام ساجدا كيف يصنع

- ‌148- بَاب: أعْضَاء السجُود

- ‌149- بَاب: السجُود على الأنف والجبهَةِ

- ‌150- بَاب: صِفَة السُّجُودِ

- ‌151- بَابُ: الرخصَة في ذلك

- ‌152- بَابُ: التَخصُّر والإِقعاء

- ‌153- بَابُ: البُكاء في الصَّلاةِ

- ‌155- بَابُ: الفتح على الإمَام فِي الصَّلاة

- ‌156-بَابُ: النهي عَن التَّلقين

- ‌157- بَابُ: الالتِفات فِي الصَّلاةِ

- ‌158-بَابُ: النَّظَر في الصلاة

- ‌159- بَابُ: الرخصَةِ في ذلك

- ‌160- بَابُ: العَمَل فِي الصَّلاة

- ‌ 161- بَابُ: رَد السَّلام فِي الصلاة

- ‌162- بَاب: تشميت العاطس في الصلاة

- ‌163- بَابُ: التَأمين وَرَاء الإمام

- ‌164- بَابُ: التصْفيق في الصلاة

- ‌165- بَابُ: الإِشارَةِ في الصلاة

- ‌ 166- بَابُ: مَسْح الحَصَى في الصلاة

- ‌ 167-بَابُ: الاخْتِصَارِ فِي الصَّلاةِ

- ‌168- بَابُ: الرّجُل يَعتمدُ في الصَّلاةِ على عَصى

- ‌169- بَابُ: النَّهْى عن الكلام في الصَّلاةِ

- ‌170- بَابٌ: في صَلاةِ القَاعِدِ

- ‌171- بَاب: كيفَ الجُلوُس في التَشَهُّد

- ‌172- بَاب: مَنْ ذكرَ التَّورك في الرابعة

- ‌173- بَابُ: التَّشهُّدِ

- ‌174- بَابُ: الصَّلاة عَلى النَبِي- عليه السلام بَعْد التَّشَهُّدِ

- ‌175- بَابُ: إِخْفاء التَّشهُّدِ

- ‌176- بَابُ: الإشارة في التَّشهُّدِ

- ‌177- بَابُ: كراَهِية الاعْتمادِ على اليَدِ في الصَّلاةِ

- ‌178- باب: في تخفيف القُعُود

- ‌179- بَاب: في السَّلام

- ‌180- بَابُ: الرد على الإِمام

- ‌181- بَابٌ: إذا أحْدَث في صَلاِته يستقبل

- ‌182- بَاب: في الرجل الذي يتطوَعُ فِيمَكانِهِ الذِي صَلى فيه المكتوبة

- ‌183- بَابُ: السهْوِ في السَجْدَتَيْن

- ‌184- بَاب: إذا صَلى خمساً

- ‌185- بَاب: إذا شَكّ في الثنتين والثلاث مَنْ قال: يُلقى الشَكَّ

- ‌186- بَاب: مَنْ قال: يُتمّ عَلَى أكبَر ظنّه

- ‌187- بَاب: مَن قال بَعْد السلام

- ‌188- بَاب: مَنْ قامَ مِن ثنتين ولم يَتَشهد

- ‌189- بَاب: مَنْ نَسِي أنْ يَتَشَهّدَ وَهْوَ جَالِس

- ‌190- بَابُ: سَجْدتي السهو فيهما تَشهد وَتَسْليم

- ‌191- بَابُ: انصرَافِ النِسَاءِ قَبلَ الرجالِ منذ الصلاة

- ‌192- بَابٌ: كيفَ الانصرافُ مِن الصلاة

- ‌193- بَابُ صَلاة الرجل التطوّعَ في بيتِهِ

- ‌194- بَاب: مَنْ صَلى لغيْر القِبْلةِ ثم عَلِمَ

- ‌195- بَابُ: تفْريع أبْواب الجُمعةِ

- ‌196- بَابُ: الإجَابة أية سَاعَةٍ هي في يوْم الجمعة

- ‌197- بابُ: فَضْلِ الجُمْعة

- ‌198- بَابُ: التشْدِيدِ في تَرْك الجُمعةِ

- ‌199- بَابُ: كفّارة مَنْ تركهَا

- ‌200- بَابُ: مَنْ تجبُ عليه الجمعة

- ‌201- بَابُ: الجُمعة في اليَوْم المَطيرِ

- ‌202- بَابُ: التخلفِ عن الجماعةِ في الليْلةِ البَارِدةِ

- ‌203- بَابُ: الجُمعة للمَمْلُوك وَالمرأةِ

- ‌204- بَابُ: الجُمعَةِ في القُرَى

- ‌205- بَابٌ: إذا وَافق يومُ الجُمعةِ يَوْمَ العِيدِ

- ‌206- بَابُ ما يَقْرأ فِي صَلاةِ الصُّبْح يَوْمَ الجُمْعَةِ

- ‌207- بَابُ: اللُّبْس يَوْمَ الجُمعة

- ‌208- بَابُ: التَحلُّقِ يَوْمَ الجُمعَة قبل الصلاة

- ‌209- باب: اتخاذ المنبر

- ‌210- باب: موضع المنبر

- ‌211- باب: الصلاة يوم الجمعة قبل الزوال

- ‌212- باب: وقت الجمعة

- ‌213- بَاب: النداء في يوم الجمعة

- ‌214- باب: الإمام يكلم الرجل في خطبته

- ‌215- باب: الجلوس إذا صعد المنبر

- ‌216- باب: الخطبة قائماً

- ‌217- باب: الرجل يخطب على قوس

- ‌218- باب: رفع اليدين على المنبر

- ‌219- باب: اقتصار الخطب

- ‌220- بَابُ: الدنو من الإمام عند الخطبة

- ‌221- باب: الإمام يقطع الخطبة للأمر يحدث

- ‌222- باب: الاحتباء والإمام يخطب

- ‌223- باب: الكلام والإمام يخطب

- ‌224- بابُ: استئذانِ المُحْدثِ الإمامَ

- ‌225- باب: إذا دخل الرجل والإمام يخطب

- ‌226- باب: تخطي رقاب الناس يوم الجمعة

- ‌228- باب: الإمام يتكلم بعد ما ينزل من المنبر

- ‌229- باب: من أدرك من الجمعة ركعة

- ‌231- باب: الرجل يأتم بالإمام وبينهما جدار

- ‌232- باب: الصلاة بعد الجمعة

- ‌233- باب: صلاة العيدين

- ‌234- باب: وقت الخروج إلى العيد

- ‌235- باب: خروج النساء في العيد

- ‌236- باب: الخطبة في يوم العيد

- ‌237- باب: ترك الأذان في العيد

- ‌238- باب: التكبير في العيدين

- ‌239- باب: ما يُقرأ في الأضحى والفطر

- ‌240- باب: الجلوس للخطبة

- ‌241- باب: الخروج إلى العيد في طريق

- ‌242- باب: إذا لم يخرج الإمام للعيد من يومه يخرج من الغد

- ‌243- باب: الصلاة بعد صلاة العيد

- ‌244- باب: يصلي الناس العيد في المسجد إذا كان يوم مطر

الفصل: ‌163- باب: التأمين وراء الإمام

يَنْهره، ولم يغضب عليه على ما فَعل من الفعل المحرم في الصلاة، وهذا من كمال خلقه الحسن، ولطافة ذاته الكريمة صلى الله عليه وسلم.

* * *

‌163- بَابُ: التَأمين وَرَاء الإمام

أي: هذا باب في بيان حكم التأمين وراء الإمام.

908-

ص- لا محمد بن كثير: نا سفيان، عن سلمة بن كهَيل، عن حُجر أبي العَنْبَس الحَضرمي، عن وائل بن حُجر قال: كان رَسولُ الله- عليه السلام إذا قَرَأ "ولا الضالِينَ" قال: "آمين "، "رفعَ بها صَوتَه (1) . ش- حُجر- بضم الحاء المهملة، وسكون الجيم-: ابن العنبس الحضرمي، أبو العنبس الكوفي، أدرك الجاهلية ولم يلق النبي- عليه السلام. سمع: علي بن أبي طالب، ووائل بن حُجر. روى عنه: سلمة بن كهيل، وموسى بن قيس الحضرمي، والمغيرة بن أبي الحر الكندي. قال ابن معين: شيخ كوفي ثقة ومشهور. روى له: أبو داود، والترمذي (2) .

الكلام في "آمين" من وجوه: الأول في لفظه ومعناه، فلفظه صوت سُمي به الفعل، الذي هو استجب، كما أن رويد وحيهل وهلم أصوات سُميت بها الأفعال التي هي: أمْهل، وأسرِعْ، وأقبل.

فإن قيل: الصوت: لفظ حكي به صوت، أو صُوت به للبهائم وهو ليس من القسمين. قلت: إن الصوت ربما يطلق على اللفظ لأنه صَوت يعتمدُ على مخرج الحَرف، وهو المراد هاهنا، وفيه لغتان مد الهمزة وقصرها، وفي حركاته أوجه أصحها: فتح النون؛ وهي القراءة الظاهرة.

(1) الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في التأمين (248) " ابن ماء: كتاب إقامة الصلاة والسمعة فيها، باب: الجهر بأمين (855) .

(2)

انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (5/ 1135) .

ص: 189

لأن أصله: يا أميناه، فحذفت الهاء والألف تخفيفا، فبقيت النون على

الفتحة، ويكون محله الرفع لأنه نداء ندبة، ويقال: إنه مبني على الفتح

ككيف، وأين، وقد تكسر- أيضا-؛ لأن الأصل في البناء: السكون،

فإذا حُركَ حُركَ بالكسْر، وقد يُرفع ظاهره- أيضا- على تأويل من جعله

اسما لله تَعالى فكأنه قال: يا أمينُ، وبالإمالة لغة وقراءة- أيضا- ولو

قرأها بالتشديد فهو خطأ قيل: تفسد به الصلاة. وذكر شمس الأئمة

الحلواني أنه لا تفسد تصحيحا لصلاة العامة؛ لأن له نظيرا، وهو قوله

تعالى: "وَلا آمينَ البَيْتَ الحَرَامَ "(1) ومعناه: ندعو قاصدين، وأما

معناه: فذكر ابن بُزَيزة في " شرح الأحكام" أن ابن عباس سأل رسول الله

عن معنى آمين، فقال:" كذلك يكون ". وعن هلال بن يَساف ومجاهد

وحكيم بن جابر: هي اسم من أسماء الله. وقال عطية العَوْفي: هي

كلمة عبْرانية أو سريانية. وقال عَبْد الرحمن بن زيد بن أسلم: هي كنز

من كنوز العرش لا يعلمه إلا الله تعالى. وقيل: هي خاتم رب العالمين

على عباده المؤمنين. وفي "بسيط " الواحدي، عن جعفر بن محمد:

معناه: قصدي إليك، وأنت كرم من أن تخيب قاصدا. وفي "الزاهر"

لابن الأنباري: اللهم استجب. وقال ابن قتيبة: معناها: يا أمن أي:

يا الله، وأضمر في نفسك استجب لي. وقال ابن عباس: معناه: اللهم

[2/ 37 - ب] افعل/. وقال الضحاك: هي حروف من أسماء الله عَر وجَل، تختم به قراءة أهل الجنة والنار. وقال وهب: يخلق بكل حرف منه ملك يقول:

اللهم اغفر لمن (2) قال: آمين. وقال أبو علي: وزنه: فعال، والمس

لإشباع؛ لأنه مشى في الكلام أفعال ولا فاعيل ولا فيعيل. وقال

الأخفش: مثلها في العجمية شاهد.

الثاني: هي من القرآن أم لا؟ قال الزمخشري: وليْس من القرآن،

بدليل أنه لم تثبت في المصاحف. وقال ابن الأثير: لا خلاف بين أهل

الإسلام أنها ليست من القرآن العظيم، ولم يكتبها أحد في المصحف.

(1) سورة المائدة: (2) .

(2)

في الأصل: "اللهم اغفر لي لمن ".

ص: 190

الثالث: مَن يَقُولها في الصلاة وكيف يقولها؟ قال أصحابنا: وإذا قال الإمام: "ولا الضالين" قال: "آمين" ويَقولُها المؤتم. وروى الحسن عن أبي حنيفة: لا يقولها الإمام لأنه دل والمستمع المأموم، وإنما يؤمن المستمع دون الداعي كما في سائر الأدعية خارج الصلاة.

فإن قيل: ما يقولُ في قوله- عليه السلام: "إذا أمّن الإمام فأمنوا"؟ قلنا: سُمِّي الإمامُ مُؤمنا باعتبار التسبيب، والمُسببُ يجوز أن يسمى باسم المُباشِر كما يُقال: بَنَى الأميرُ داره، وبمثل هذه الرواية في "المدونة" عن مالك، وفي (العارضة) عنه: لا يؤمن الإمام في صلاة الجهر. وقال ابن حبيب: يُؤمِّن. وقال يحيي بن بكير: هو بالخيار. وقال السفاقسي: وزعمت طائفة من المبتدعة أن لا فضيلة فيها، وعن بعضهم: أنها تفسد الصلاة. وقال ابن حزم: يقولها الإمام سُنَةَ والمأموم فرضا.

وأما كيفية قولها: فقال أصحابنا: الإمام والجماعة يخفونها. وقال الشافعي: يجهر بها الإمام في الصلاة التي يجهر فيها بالقراءة، والمأموم يخافت؛ هكذا ذكر المزني في "مختصره". وفي (الخلاصة) للغزالي: ومن سنن الصلاة: أن يجهر بالتأمين في الجهرية. وقال في (شرح البخاري) : ويجهر بها المأموم عند أحمد وإسحاق وداود. وقال جماعة: يخفيها؛ وهو قول أبي حنيفة والكوفيين، وأحد قولي مالك والشافعي في "الجديد"، وفي "القديم ": يجهر. وعن القاضي حسين عكسُه. قال النووي: وهو غلط؛ ولعله من الناسخ. وقال ابن الأثير: لو قال: "آمين رب العالمين"، وغير ذلك من ذكر الله كان حسناً ثم الشافعي ومن معه تمسكوا في الجهر بالتأمين بهذا الحديث وأمثاله. واحتج أصحابنا بأخبار وآثار؛ منها:((1) ما روى أحمد، وأبُو داود الطيالسي، وأبُو يعلى الموْصلي في "مسانيدهم"، والطبراني في "معجمه"، والدارقطني في

(1) انظر: نصب الراية (1/ 369) .

ص: 191

" سننه "، والحاكم في "المستدرك " من حديث شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن حجر أبي العنبس، عن علقمة بن وائل، عن أبيه أنه صلى خلف النبي- عليه السلام، فلما بلغ " غير المغضوب عليهم ولا الضالين" قال:"آمين "، وأخفى بها صوته. أخرجه الحاكم في كتاب " القراءة" ولفظه: وخفض بها صوته. وقال: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وقال الدارقطني: هكذا قال شعبة: "وأخفى بها صوته " ويُقالُ: إنه وهِم فيه شعْبة؛ لأن سفيان الثوري ومحمد بن سلمة بن كهيل وغيرهما رووه عن سلمة فقالوا: "ورفع بها صوته"؛ وهو الصواب. وطعن صاحب "التنقيح، في حديث شعبة هذا بأنه قد روي عنه خلافه؟ كما أخرجه البيهقي في " سننه" عن أبي الوليد الطيالسي: نا شعبة، عن سلمه بن كهيل: سمعت حجرا أبا عنبس يُحدثُ عن وائل الحضرمي أنه صلى خلف النبي- عليه السلام فلما قال: "ولا الضالين" قال: "آمين " رافعا بها صوته. قال: فهذه الرواية توافق رواية سفيان. وقال البيهقي في " المعرفة": إسناد هذه الرواية صحيح، وكان شعبة يقول: سفيان أحفظ. وقال يحيى القطان ويحيى بن معين: إذا خالف شعبةُ سفيانَ (1)، فالقولُ: قول سفيان- قال: وقد أجمع الحفاظ- البخاري وغيره- أن شعبة أخطأ، وقد روي من أوجه: فجهر بها. انتهى.

قلنا: يكفي لصحة الحديث تصحيح الحاكم وقول الدارقطني، ويقال: إنه وَهم فيه شعبة يدلُ على قلة اعتنائه بكلام/ هذا القائل- وأيضاً قولهم في مثل شعبة: " إنه وهم" لكونه غير معصوم موجود في سفيان، فربما يكون هو وهم، ويمكن أن يكون كلا الإسنادين صحيحاً وقد قال بعض العلماء: والصوابُ أن الخبرين بالجهر بها والمخافتة صحيحان، وعمل بكل منهما جماعة من العلماء، وإن كنتُ مختارا خفضَ الصوت بها؛ إذ كانت الصحابةُ والتابعون على ذلك.

(1) في الأصل: "إذا خالف شعبة يقول سفيان" كذا، وما أثبتناه من نصب الراية.

ص: 192

فإن قيل: (1) قال ابن القطان في كتابه: هذا الحديث فيه أربعة أمور؛ أحدها: اختلاف سفيان وشعبة؛ فشُعبةُ يقولُ:" خَفضَ "، وسفيانُ يقول:" رَفعَ "؛ الثائي: اختلافهما في حُجْر؛ فَشعبةُ يقولُ: حُجر أبو العَنْبس، والثوريُّ يقولُ: حُجر بن عَنْبَسْ، وصوب البخاري وأبو زرعة قولَ الثوري، ولا أَدْري لمَ لم يُصَوبْ قولُهما جميعاً حتى يكون حُجرُ بن عنبس أبا العَنْبس، اللهَم إلا أن يكونا قد علما أنه له كنيةً أخرى، الثالث: أن حُجراً لا يُعرفُ حالُه، والرابع: اختلافُهما - أيضا-؛ فجعَلَه الثوري من رواية حُجْر، عن وائل، وجعَله شعبةُ من رواية حُجر، عن علقمة بن وائل، عن وائل.

قلنا: أما الجوابُ عن الأول: فيُقال: لا يَضر اختلاف سفيان وشعبة؛ لان كلا منهما إمامٌ عظيمٌ في هذا الباب، فلا يُسقطُ رواية أحدهما برواية الآخر، فكل ما يُقالُ في أحدهما من الوَهْم ونحوه يَصدُقُ على الآخر، فلا تحصل بهذا فائدة- كما قررنا آنفا.

والجواب عن الثاني: أن هذا ليس باختلاف؛ لأن حُجراً يجوز أن تكون كنيته: أبا العنبس، ويكونَ هو ابن العَنْبس، فذكره شعبة بكُنْيته والثوريُّ بنَسَبه. وقوله:" اللهم إلا أن يكونا قد عَلما أن له كنيةً أخرى" لا يَضرّنا هذا؛ لأن الشخصَ يجوز أن يكون له كنيتان أو كثر، وكذلك قال الترمذي في " العلل الكبير": سمعتُ محمد بن إسماعيل يَقولُ: حَديثُ الثوري، عن سلمة في هذا الباب أصحُّ من حديث شعبة، وشعبةُ اخطأ في هذا الحديث في مواضع قال: عن سلمة بن حُجر أبي العَنْبس؛ وإنما هو ابن عنبس وكنيتُه: أبو السَّكن. وهذا- أيضا- بَعيدٌ من البخاري، فكيف يُخطئ مثلَ شعبة بمثل هذا الكلام؟ لأنه لمَ لا يجوز ابن يكون حُجر مكنى بكُنيتَين بأبي العنبر وبأبي السَّكن، فذكَره شعبةُ بكُنيته التي عَرفه بها، وغيرهُ ذكره بكُنْيته الأخرى، فهذا ليس بمستحيل ولا مُستَبْعدِ حتى يُخطَّأ شُعْبةُ بمثل هذا.

(1) انظر: نصب الراية (1/ 369- 0 37) .

31.

شرح سنن أبي داود 4

ص: 193

والجواب عن الثالث: أن قوله: " إن حجرا لا يُعرفُ حاله " ممنوع وكيف لا يُعرفُ حاله؟ وقد ذكره أبو القاسم البغويُّ وأبو الفرج البغدادي وابنُ الأثير وغيرهم في جملة الصحابة، ولئن نزلناه عن رُتبة الصحابة إلى التابعين فقد وجَدنْا جماعة أثنَوْا عليه ووثقوه؟ منهم: الخطيبُ أبو بكر البغدادي، قال: سار مَعَ علي إلى النَهْروان، وورَد المدائنَ في صحبته

وهو ثقة، احتج بحديثه غيرُ واحد من الأئمة، وذكره ابن حبان في

"الثقات ". وقال ابن معين: كوفي ثقة مشهورٌ.

والجواب عن الرابع: أن دخول علقمة في الوسط ليس بعَيْب؛ لأنه

سمعه من علقمة أولا بنُزولي ثم رواه عن وائل بعلُوّ؛ بينَ ذلكَ الكجي في

"سُنَنه الكبير".

ومنها: ما روى محمدُ بن الحسن في كتاب "الَاثار": حدثنا

أبو حنيفة: نا حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم النخعي قال: أربع

يُخفيهن الإمامُ: التَعوذُ، وبسم الله الرحمن الرحيم، وسبحانك اللهم،

وآميَن. ورواه عبد الرزاق في " مُصنفه": أخبرنا معمر، عن حماد به،

فذكره إلا أنه قال عوض قوله:"سبحانك اللهم ": " اللهم ربنا لك الحمد"، ثم قال: أخبرنا الثوري، عن منصور، عن إبراهيم قال:

خمسٌ يخفيهن الإمامُ، فذكرها، وزاد: سبحانك اللهم وبحمدك.

ومنها: ما روى الطبري في " تهذيب الَاثار": نا أبو بكر بن عياش،

عن أبي سعيد، عن أبي وائل قال: لم يكن عمرُ وعلي يجهران ببسم الله

الرحمن الرحيم ولا بآمين.

وحديثُ وائل: أخرجه الترمذي- أيضا-، وابن ماجه؛ ولفظ [2/38 - ب] الترمذي: (ومَدَّ بها صوتَه " / وقال: وفي الباب عن عليه وأبي هريرة. قال أبو عيسى: حديث وائل بن حجر حديث حسن، وبه يقول غير

واحد من أهل العلم من أصحاب النبي- عليه السلام والتابعين ومَن بعدهم، يَرَوْن أن الرجل يرفع صوته بالتأمين ولا يخفيها، وبه يقول

الشافعي وأحمد وإسحاق.

ص: 194

909-

ص- نا مخلد (1) بن خالد الشعيري: نا ابنُ نمير: نا علي بن صالح، عن سَلمة بن كُهيل، عن حُجر بنِ عنْبَس، عن وائل بن حُجر أنه صَلَّي خلفَ النبيٍّ عليه السلام فجهَر بآمينَ وسلّم عن يمينه وعن شمَاله حتى رَأيتُ بياض خَدهِ (2) .ًً ش- مخلد (3) بن خالد 00. (4) ، والشعِيري: بفتح الشين المعجمة وكسر العين المهملة، وابن نُمير: هو عبد الله بن نُمير.

وعلي بن صالح: ابن حي الهمداني أبو محمد، ويقال: أبو الحسن الكوفي أخو الحَسن؛ وهما توأمان. روى عن: أبيه، وإبراهيم بن مهاجر، وسلمة بن كُهيل وغيرهم. روى عنه: أخوه: الحسن، ووكيع، وأبو الزبير، وغيرهم. قال أحمد وابن معين: ثقة. روى له: الجماعة إلا البخاري (5) .

واستدلّ أشرف الدين بن مجيب الكاساني صاحب " البدائع" لأبي حنيفة في إخفاء آمين بقوله- عليه السلام: "إذا قال الإمام: ولا الضالين فقولوا: آمين،، فإن الإمام يَقولُها، ولو كان مسموعا لكانوا علموا بقولها؛ ولأنه من باب الدعاء؛ لأن معناه: اللهم أجبْ أو ليكن كذلك قال الله تعالى: "قَدْ أجيبَت دعوَتُكُمَا" (6) ومُوسى كان يدعو وهارون كان يؤمن، والسُّنَّة فيه الدعاء: الإِخفاء. وحديث وائل طعن فيه إبراهيم النوعي وقال: أشهِد وائل وغابَ عبدُ الله؟ على أنه- عليه السلام جهر مرةً للتعليم.

(1) في الأصل: "محمد" خطأ.

(2)

الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاه في التأمين (249) .

(3)

في الأصل: "محمد".

(4)

بيض له المصنف قدر ثلاثة أرباع السطر، وهو مترجم في تهذيب الكمال (27/ 5834) ، وكأن المصنف- رحمه الله لما ذكره بمحمد لم يجد له ترجمة فبيض له لذلك.

(5)

انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (20/ 4084) .

(6)

سورة يونس: (89) .

ص: 195

910-

ص- نا نصر بن علي: نا صفوان بن عيسى، عن بشْر بن رافع، عن أبي عبد الله ابن عم أبي هريرةَ، عن أبي هريرةَ قال: كان رسولُ اللهِ إِذا تَلا: "غير المَغْضُوب عليهم ولا الضالينَ " قال: آمين حتى يُسْمِعَ منْ يليه من الصف الأولِ (1) .

ش- نَصْر بن علي: الجهضمي البصري، وصفوان بن عيسى: القرشي البصري.

وبشْر بن رافع: النجراني- بالنون والجيم- أبو الأسباط الحارثي إمام أهل نجران ومفتيهم. سمع: أبا عبد الله ابن عم أبي هريرة، وعبد الله ابن سليمان بن جنادة، ويحيى بن أبي كثير. روى عنه: يحيي بن أبي كثير، وعبد الرزاق بن همام، وصفوان بن عيسى. وقال البخاري: لا يتابع في حديثه. وقال النسائي: هو ضعيف. وقال الحاكم أبو أحمد: ليس بالقوي عندهم. وقال أبو حاتم: ضعيف منكر الحديث. وقال ابن عدي: هو مقارب الحديث، لا بأس بأخباره، ولم أجد له حديثا منكراً وعند البخاري: إن بشر بن رافع هذا أبو الأسباط الحارثي. وعند يحيى ابن معين: إن أبا الأسباط شيخ كوفي ثقة. ولكن ذكر يوسف بن سلمان، عن حاتم، عن أبي أسْباط الحارثي اليمامة (2) . وعند النسائي: أن بشْر بن رافع غير أبي الأسباط. وما قاله كل واحد منهم محتمل، والله العلم، وإن كانا اثني فكأن أحاديث بشر بن رافع أنكر من أحاديث أبي الأسْباط. روى له: أبو داود، والترمذي، وابن ماجه (3) .

وأبو عبد الله الدولي ابن عم أبي هريرة: قال ابن أبي حاتم في كتاب

" الكنى ": اسمُه: عبد الرحمن بن هضاض، ويقال: هضهاض، والصحيح: هضاض. روى عن: أبي هريرة. روى له: أبو داود، وابن ماجه (4) .

(1) ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: الجهر بأمين (853) .

(2)

في تهذيب الكمال: " اليماني ".

(3)

انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (4/687) .

(4)

المصدر السابق (34/ 7473) .

ص: 196

قوله: " حتى يُسمع" منْ أسمع يُسمع إسْماعاً. والحديث: أخرجه ابن ماجه- أيضا- بسند ضعيف.

911-

ص- نا القعنبي، عن مالك، عن سمي مولى أبي بكر، عنْ أبي صالح السمان، عن أبي هريرةَ، أن النبي- عليه السلام قال:، إذا قال الإمامُ:"غَيرِ المغضُوب عَلَيهم ولا الضالينَ " فقولوا: آمين فإنه مَن وافَق قولُه قَولَ الملائكة غفِرَ له ما تقدمًّ من ذنبِه " (1) .

ش- أي: من الصَغائر وما لا يكاد ينفك عنه في الغالب من اللمَم. والحديث: أخرجه البخاري، والنسائي، وعبد الرزاق في "مصنفه " وابْنُ حبان في " صحيحه"، (2) وزاد فيه البخاري في كتاب "الدعوات ":"فإن الملائكة تؤمن، فمَنْ وافق تأمينه" الحديث. وقال

ابن حبان في "صحيحه": "فإن الملائكة تقولُ: َ آمين، ثم قال: يُريدُ

أنه إذا أمن كتأمين الملائكة/ من غير إعجاب ولا سُمْعة ولا رياء، خالصا [2/39- أ] لله تعالى؛ فإنه حينئذ يغفر له.

قلت: هذا التفسيرُ يندفع بما في "الصحيحين " عن مالك، عن

أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي- عليه السلام:

"إذا قال أحدكم: آمين، وقالت الملائكة في السماء:[آمين] ، ووافقت

إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه،. انتهى. وزاد فيه مسلم:

"إذا قال أحدكم في الصلاة " ولم يقلها البخاري وغيره؛ وهي زيادة

حسنة، نبه عليها عبد الحق في الجمع بين الصحيحين،، وفي هذا اللفظ

فائدة أخرى وهي: اندراج المنفرد فيه، وغير هذا اللفظ إنما هو في الإمام

وفي المأموم أو فيهما، والله أعلم.

912-

ص- لا المعنى، عن مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن

(1) البخاري: كتاب الدعوات، باب: التامين (6402)، النسائي: كتاب الافتتاح، باب: جهر الإمام بأمين (2/ 144) .

(2)

انظر: نصب الراية (1/368) .

ص: 197

المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن أنهما أخبراه عن أبي هريرةَ، أن رسول الله- عليه السلام قال:" إذا أَمَّنَ الإمامُ فأمَنوا، فإنه مَنْ وَافقَ تأمِينُه تَأمنَ الملائكة غُفِرَ له ما تقلَّمَ مِنْ ذنبه"(1) .

ش- الأَمر فيه للاستحباب بإجماع العلماء، خلافا لابن حَزْم، فإنه فرض التأمين على المأموم، كما ذكرناه.

والحديث: أخرجه الستةُ في كتبهم؛ ولفظ النسائي، وابن ماجه:" إذا أمن القارئ ". ورواه البيهقي؛ ولفظه: " إذا قال القارئ: غير المغضوب عليهم ولا الضالين، فقال من خلفه: آمين، ووافق ذلك قول أهل السماء: آمين، غفر له ما تقدمّ من ذنبه ". ورواه أبو محمد الدارمي في "مسنده ".

ص- قال ابن شهاب: وكان رسولُ الله يقولُ: آمين.

ش- أي: قال محمد بن مسلم الزهري: كان رسول الله- أيضا- يقولُ: آمين. وقال البخاري- أيضا: قال ابن شهاب.. إلى آخره. قال السَّفاقُسي: هذا مُرسل ولمِ يُسنده، ولو أسنده لم يكن فيه دليل للمتعلّق، لأنه لم يَقل أنه كان يقولُه في صلاة الجهر، ولعله قاله فيما صلى سرا.

913-

ص- نا إسحاق بن إبراهيم بن راهويه: نا وكيع، عن سفيان، عن عاصم، عن أبي عثمان، عن بلال أنه قال: يا رسولَ اللهِ، لا تسبقْنِي بآمين (2) .

(1) البخاري: كتاب الأذان، باب: جهر الإمام بالتأمين (780)، مسلم: كتاب الصلاة، باب: التسميع والتحميد والتأمين (410)، الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في فضل التأمين (250)، النسائي: كتاب الافتتاح، باب: جهر الإمام باسمين (2/ 143، 144) ، وله عنده ألفاظ أحدها مثل لفظ الباب، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: الجهر بأمين (852) .

(2)

تفرد به أبو داود.

ص: 198

ش- إسحاق بن إبراهيم: ابن مخلد بن إبراهيم بن عبد الله بن مطر أبو يَعْقوب المروزي المعروف بابن رَاهويه، سكن نيسابور، وسمع: عبدة ابن سليمان، وأبا عامر العَقدي، وإسماعيل ابن عليّة، ووكيعا، وابن المبارك، وجماعة آخرين كثيرة. روى عنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، والترمذي، وأحمد بن حنبل، وابن معين، وجماعة آخرون كثيرةٌ. وقال أحمد: إسحاق عندنا إمام من أئمة المسلمين. وقال أبو داود الخفاف: أملى علينا إسحاق بن راهويه أحد عشر ألف حديث من حفظه، ثم قرأها عليه، فما زاد حرفا ولا نقص حرفا. وعن محمد بن يحيى بن خالد: سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: أعرف مكان مائة ألف حديث كأني أنظر إليها، وأحفظ سبعين ألف حديث عن ظهر قلبي، وأحفظ أربعة آلاف حديث مُزوّرة، فقيل له: ما معنى المزورة؟ قال: إذا مر بي منها حديث في الأحاديث الصحيحة قلبتُه منها قلبا. وقال أحمد بن سلمة: سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: قال لي عبد الله بن طاهر: لم قيل لك ابن راهَوَيْه؟ وما معنى هذا؟ وهل تكره أن يُقال لك هذا؟ قال: اعلم أيها الأميرُ: أن أبي ولد في طريق مكة، فقال المراوزة: راهوَيْ؛ لأنه وُلد في الطريق، وكان أبي يكره هذا، وأما أنا فلستُ كرَهُه. وتوفي إسحاق بن راهويه ليلة النصف من شعبان، سنة سبع أو ثمان وثلاثين ومائتين، وهو ابن سبْع وسبعين سنة (1) .

وعاصم: الأحول، وأبو عثمان: عبد الرحمن بن مَل النهدي، وبلال: ابن رباح (2) رضي الله عنه.

قوله: " لا تسبقني بآمين" أوّلُوه على وجهين؛ الأول: أن بلالا كان يقرأ الفاتحة في السكتة الأولى من سكوتي الإمام، فربما يبقى عليه شيء منها ورسول الله- عليه السلام قد فرغ من قراءتها، فاستمهله بلال في

(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (2/ 332) .

(2)

في الأصل: " ابن أبي رباح".

ص: 199

التأمين بقدر ما يتم فيه قراءة بقية السورة، حتى ينال بركة على بركة موافقته

في التأمين له، الثاني: أن بلالا كان يقيم في الموضع الذي يؤذن فيه من

وراء الصفوف فإذا قال: قد قامت الصلاة كبّر النبي- عليه السلام، [2/39 - ب] فربما سبقه ببعض ما يقرأه، فاستمهله بلال قدر ما يلحق/ القراءة والتأمينَ.

قلت: هذا الحديث مُرسل، وقال الحاكم في "الأحكام ": قيل: إن

أبا عثمان لم يُدرك بلالا. وقال أبو حاتم الرازي: رفعه خطأ، ورواية

الثقات عن عاصم، عن أبي عثمان مُرسلاً. وقال البيهقي: وقيل:- عن

أبي عثمان، عن سلمان قال: قال بلال؛ وهو ضعيف ليس بشيء.

914-

ص- نا الوليد بن عُتبة الدمشقي، ومحمودُ بن خالد قالا: نا

الفريابي، عن صَبِيح بن مُحْرز الحمْصي قال: حدَّثني أبو مُصبِّح المُقْرائي

قالَ: كنا نجلسُ إلى أبي زُهَيْر النُمَيْرَي- وكان من الصحابة- فنَتحدّثُ (1)

أحسنَ الحديث، فإذا دَعَى الرجلُ منا بدُعاء قال: اختِمْه بَآمين؛ فإن آمينَ

مِثلَ الطَّابَع على الصَّحيفة. قال أبو زهير: أخبرُكُم عن ذلكَ؟ خَرجْنَا مع

رسول اللهِ ذاتَ ليلة فأَتَيْناَ على رجل قد ألغ في المسألة، فوقفَ النبيُّ- عليه السلام يَسْتمعُ منهَ، فقال النبي- عليه السلام:" أَوْجَبَ إن خَتَم " فقال

رجل من القوم: بأي شيء يختمُ؟ قال: " بآمين؛ فإنه إن ختم بآمينَ فقد

أوْجبَ" فانْصرفَ الرجلُ الّذي سألَ النبي- عليه السلام فأتَى الرجَلَ فقال

له (2) : اختِم يا فلانُ بآمين وأبشِرْ (3) .

ش- الوليد بن عتبة: أبو العباس الدمشقي الأشجعي. روى عن:

الوليد بن مسلم، وبقية بن الوليد، والفريابي، وغيرهم. روى عنه:

أبو زمعة الدمشقي، والرازي، وأبو داود، وجماعة آخرون. وقال

(1) في سنن أبي داود: "فيتحدث ".

(2)

كلمة "له" غير موجودة في سن أبي داود.

(3)

تفرد به أبو داود.

ص: 200

البخاري: معروف الحديث. مات في جمادى الأولى سنة أربعين ومائتين، وولد سنة ست وسبعين ومائة، ويقال: مات بصُور (1) . ومحمود بن خالد: أبو علي الدمشقي، والفرْيابي: هو محمد بن يوسف بن واقد الفِريابي.

وصبيح بن مُحْرز- بفتح الصاد، وكسْر الباء-: الحِمصي. روى عن: أبي مُصبح. روى عنه: الفِريابي. روى له: أبو داود (2) .

وأبو مُصبح المُقْرائي: الأوزاعي الحمْصي، ذكر ابن أبي حاتم أنه دمشقي؛ والصحيح: أنه حِمصيّ. روى عن: أبي زهير النُّميري، وجابر بن عبد الله، وثوبان مولى رسول الله، وشرحبيل بن السًّمْط، وكعب الأحْبار. روى عنه: ابن جابر، وحصين بن حرْملة، وأمية بن يزيد. سئل عنه أبو زرعة فقال: ثقة، لا أعرف اسمه. روى له: أبو داود (3) .

وأبو زُهير: قيل: اسمه: فلان بن شرحبيل، وقال أبو حاتم الرازي:

إنه غير معروف بكنيته فكيف نعرف اسمَه؟. وفي " الكمال": قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: قيل لأبي: إن رجلاً سماه يحيى بن نُفير فلم يَعْرفه، وقال: إنه غير معروف بكنيته فكيف نَعرف اسمه. كان يسكن الشام. روى له: أبو داود (4) .

قوله: " مثل الطابع " الطابَع- بفتح الباء-: الختم؛ يريد أنه يختم عليها ويُرفع كما يفعل الرجل بما يعْسر عليه، والطابع بكسر الباء لغة فيه؛ والطبعْ: الختم؛ وهو التأثير في الطين ونحوه.

قوله: " أوْجَبَ إن ختم " يقال: أوْجب الرجل إذا فعل فعلا وجبت له

(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (31/ 6720) .

(2)

المصدر السابق (13/ 2849) .

(3)

المصدر السابق (34/ 0 763) .

(4)

انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (79/4) ، وأسد الغابة (6/ 126) ، والإصابة (4/ كلام.

ص: 201