الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكذلك إذا أراد أن يتنفل بعد المكتوبة يستحب له أن يتطوع في يمين القبلة؛ لأن لليمين فضلاً على اليَسار؟ ويمين القبلة: ما بحذاء يَسار المستقبل.
* * *
193- بَابُ صَلاة الرجل التطوّعَ في بيتِهِ
أي: هذا باب في بيان صلاةَ الرجلِ التطوعَ في بيْته، وفي بعض النسخ:"باب التطوع في بَيْته".
1014-
ص- نا أحمد بن حنبل: نا يحيي، عن عبيد الله قال: أخبرني نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله-: واجعلوا من صلاتكم في بيوتكم (1) ولا تتخذوها قبورا " (2) .
ش- يحيي القطان. وعُبيد الله بن عمر بن حرص العمري، روى عن: نافع، وابن أبي صالح، َ وأبي الزبير المكي وغيرهم، روى عنه: يحيي، وأبو بَدْر، وابن قدامه وغيرهم، قال يحيي بن معين: ثقة. روى له الجماعة.
قوله: " اجعلوا منْ صلاتكم في بيوتكم" معناه: صلوا فيها ولا تجعلوها كالقبور مهجورة من الصلاة؟ والمراد به: صلاة النافلة أي: صلوا النوافل في بيوتكم. وقال القاضي عياض: قيل: هذا في الفريضة؛ ومعناه: اجعلوا بعض فرائضهم في بيوتكم ليقتدي بكم مَن لا يخرج إلي المساجد من نسوة وعبيدٍ ومريض ونحوهم. قال: وقال الجمهور: بل هو في
(1) في سنن أبي داود: "اجعلوا في بيوتكم من صلاتكم ".
(2)
البخاري: كتاب التهجد في الليل باب: التطوع (1187)، مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: صلاة النافلة في البيت 208 / 777) ، الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في فضل صلاة التطوع في البيت (451)، النسائي: كتاب قيام الليل، باب: الحث على الصلاة في البيوت، والفضل في ذلك (197/3)، ابن ماجه: كتاب أقامة الصلاة والسنة فيها باب: التسبيح في الركوع والسجود (887) .
النافلة لإخفائها، وللحديث الآخر:" أفضل الصلاة: صلاة المرء في بيْته إلا المكتوبة ".
قلت: فعلى التقدير الأحول تكون "مِنْ" في قوله: "اجعلوا من صلاتكم " زائدةً؛ ويكون التقدير: اجعلوا صلاتكم في بيوتكم ويكون المراد منها النوافل، وعلى التقدير الثاني تكون " مِن " للتبعيض، والمعنى: اجعلوا بعض صلاتكم المكتوبة في بيوتكم. والأحسنُ عندي: أن تكون "من" للتبعيض مطلقا ويكون المراد من الصلاة مطلق الصلاة، ويكون المعنى: اجعلوا بعض صلاتكم وهو النفل من الصلاة المطلقة في بيوتكم، والصلاة المطلقة تشتمل النفل والفرض، على أن الأصح منع مجيء " مِنْ " زائدةً في الكلام المثْبت، ولا يجوز حمل الكلام على الفريضة لا كلها [2/69 - أ] ولا بعضها،/ لأن الحث على النفل في البيت، وذلك لكونه أخفى وأبعد من الرياء، وأصون من المحيطات وليتبرك البيْت بذلك، وتنزل الرحمة فيه والملائكة، وينفر الشيطان منه.
وقوله: " ولا تتخذوها قبورا " من التشبيه البليغ البديع بحذف حرف التشبيه للمبالغة، وهو تشبيه البَيْت الذي لا يُصلَّى فيه بالقبر الذي لا يُمكَنُ الميّت فيه من العبادة. وقد أول جماعة هذا الحديث على منع الصلاة في المقابر، ونسَب السفاقسي هذا التأويل إلى البخاري. وهذا تأويل بعيدة والصحيح ما ذكرناه. وقد روي عن جماعة أنهم كانوا لا يتطوعون في المسجد، منهم: حذيفة، والسائب بن يزيد، والربيع بن خثيم، وسويد بن غفلة. ومن هذا أخذ علماؤنا: أن الأفضل في غير الفرائض: المنزلُ. وقد روى الترمذي، عن زيد بن ثابت، عن النبي- عليه السلام قال:"أفضل صلاتكم في بيوتكم إلا المكتوبة". وحديث ابن عمر: أخر له البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه. وروى الطبري من حديث عبد الرحمن بن سابط، عن أبيه يَرْفعه:"نوْروا بيوتكم بذكر الله، وكثروا فيها تلاوة القرآن، ولا تتخذوها قبورا كما اتخذها اليهود والنصارى".
وروى ابن أبي شيبة بسند جيد، عن زيد بن خالد الجهني يَرْفعُه:"صلُوا في بيوتكم ولا تتخذوها قبورا". ورَوى- أيضا- من حديث جعفر بن إبراهيم من ولد ذي الجناحين: حدثنيِ علي بنُ عمر، عن أبيه، عن علي بن حُسين، عن أبيه، عن جده يرْفعهُ:" لا تتخذوا قبري عيداً، ولا بيوتكم قبوراً".
1015-
ص- نا أحمدُ بن صالح: نا عبدُ لله بن وهب قال: أخبرني سُليمانُ بن بلال، عن إبراهيم بن أبي النَضْر، عن أبيه، عن بُسْر بن سَعيد، عن زيْد بن ثابت أن النبي- عليه السلام قال:" صلاةُ المرْء في بيته أفضلُ من صلاته في مَسْجدي هذا إلا المكتوبة "(1) .
ش- إبراهيم بن سالم بن أبي النضر أبو إسحاق التميمي القرشي، يُلقبُ بَرَدان، روى عن: أبيه، وسعيد بن المسيب، روى عنه: سليمان ابن بلال، وصفوان بن عيسى، قال ابن سعد: كان ثقة له أحاديث. مات سنة ثلاث وخمسين ومائة. روى له: أبو داود (2) .
وأبوه: سالم بن أبي أمية أبو النضر، قد ذكر مَرةً، وبُسْر بن سعيد: بضم الباء وسكون السين المهملة، قد ذكرناه.
والحديث: أخرجه الترمذي، والنسائي بنحوه، وقال الترمذي، حديث حسن، وفيه دلالة [أن الصلاة](3) في البيت أفضل؛ لأن صلاة المرء إذا كا [نت](3) في بيته أفضل من صلاته في مسجد الرسول، (3) عليه السلام كانت في بيته بطريق الأولى أن تكون أفضل من صلاته في مسجد غير الرسول- عليه السلام.
* * *
(1) البخاري: كتاب الآذان، باب: صلاة الليل (731)، مسلم: كتاب صلاة المسافرين، باب: استحباب صلاة النافلة في بيته، وجوارها في المجد
(1 13/78 2، 4 1 2)، الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في فضل صلاة التطوع في البت (450)، النسائي: كتاب قيام الليل، باب: الحث على الصلاة في البيوت (3/197 - 198) .
(2)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (2/ 173) .
(3)
غير واضح في الإلحاق.
23.
شرح سنن أبي داوود 4