المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌164- باب: التصفيق في الصلاة - شرح سنن أبي داود للعيني - جـ ٤

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌130- باب: من رأى القراءة إذا لم يجهر

- ‌131- باب: ما يجزئ الأمي والأعجمي من القراءة

- ‌132- باب: تمام التكبير

- ‌133- باب: كيف يضع ركبتيه قبل يديه

- ‌134- باب: النهوض في الفرد

- ‌135- باب: الإقعاء بين السجدتين

- ‌136- باب: ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌137- باب: الدعاء بين السجدتين

- ‌138- باب: رفع النساء إذا كُن مع الرجال رءوسهن من السجدة

- ‌139- باب: طول القيام من الركوع وبين السجدتين

- ‌140- باب: صلاة مَن لا يقيم صلبه في الركوع والسجود

- ‌142- باب: تفريع أبواب الركوع والسجود

- ‌143- باب: ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده

- ‌144- باب: في الدعاء في الركوع والسجود

- ‌145- باب: الدعاء في الصلاة

- ‌146- باب: مقدار الركوع والسجود

- ‌147-باب: الرجل يدرك الإمام ساجدا كيف يصنع

- ‌148- بَاب: أعْضَاء السجُود

- ‌149- بَاب: السجُود على الأنف والجبهَةِ

- ‌150- بَاب: صِفَة السُّجُودِ

- ‌151- بَابُ: الرخصَة في ذلك

- ‌152- بَابُ: التَخصُّر والإِقعاء

- ‌153- بَابُ: البُكاء في الصَّلاةِ

- ‌155- بَابُ: الفتح على الإمَام فِي الصَّلاة

- ‌156-بَابُ: النهي عَن التَّلقين

- ‌157- بَابُ: الالتِفات فِي الصَّلاةِ

- ‌158-بَابُ: النَّظَر في الصلاة

- ‌159- بَابُ: الرخصَةِ في ذلك

- ‌160- بَابُ: العَمَل فِي الصَّلاة

- ‌ 161- بَابُ: رَد السَّلام فِي الصلاة

- ‌162- بَاب: تشميت العاطس في الصلاة

- ‌163- بَابُ: التَأمين وَرَاء الإمام

- ‌164- بَابُ: التصْفيق في الصلاة

- ‌165- بَابُ: الإِشارَةِ في الصلاة

- ‌ 166- بَابُ: مَسْح الحَصَى في الصلاة

- ‌ 167-بَابُ: الاخْتِصَارِ فِي الصَّلاةِ

- ‌168- بَابُ: الرّجُل يَعتمدُ في الصَّلاةِ على عَصى

- ‌169- بَابُ: النَّهْى عن الكلام في الصَّلاةِ

- ‌170- بَابٌ: في صَلاةِ القَاعِدِ

- ‌171- بَاب: كيفَ الجُلوُس في التَشَهُّد

- ‌172- بَاب: مَنْ ذكرَ التَّورك في الرابعة

- ‌173- بَابُ: التَّشهُّدِ

- ‌174- بَابُ: الصَّلاة عَلى النَبِي- عليه السلام بَعْد التَّشَهُّدِ

- ‌175- بَابُ: إِخْفاء التَّشهُّدِ

- ‌176- بَابُ: الإشارة في التَّشهُّدِ

- ‌177- بَابُ: كراَهِية الاعْتمادِ على اليَدِ في الصَّلاةِ

- ‌178- باب: في تخفيف القُعُود

- ‌179- بَاب: في السَّلام

- ‌180- بَابُ: الرد على الإِمام

- ‌181- بَابٌ: إذا أحْدَث في صَلاِته يستقبل

- ‌182- بَاب: في الرجل الذي يتطوَعُ فِيمَكانِهِ الذِي صَلى فيه المكتوبة

- ‌183- بَابُ: السهْوِ في السَجْدَتَيْن

- ‌184- بَاب: إذا صَلى خمساً

- ‌185- بَاب: إذا شَكّ في الثنتين والثلاث مَنْ قال: يُلقى الشَكَّ

- ‌186- بَاب: مَنْ قال: يُتمّ عَلَى أكبَر ظنّه

- ‌187- بَاب: مَن قال بَعْد السلام

- ‌188- بَاب: مَنْ قامَ مِن ثنتين ولم يَتَشهد

- ‌189- بَاب: مَنْ نَسِي أنْ يَتَشَهّدَ وَهْوَ جَالِس

- ‌190- بَابُ: سَجْدتي السهو فيهما تَشهد وَتَسْليم

- ‌191- بَابُ: انصرَافِ النِسَاءِ قَبلَ الرجالِ منذ الصلاة

- ‌192- بَابٌ: كيفَ الانصرافُ مِن الصلاة

- ‌193- بَابُ صَلاة الرجل التطوّعَ في بيتِهِ

- ‌194- بَاب: مَنْ صَلى لغيْر القِبْلةِ ثم عَلِمَ

- ‌195- بَابُ: تفْريع أبْواب الجُمعةِ

- ‌196- بَابُ: الإجَابة أية سَاعَةٍ هي في يوْم الجمعة

- ‌197- بابُ: فَضْلِ الجُمْعة

- ‌198- بَابُ: التشْدِيدِ في تَرْك الجُمعةِ

- ‌199- بَابُ: كفّارة مَنْ تركهَا

- ‌200- بَابُ: مَنْ تجبُ عليه الجمعة

- ‌201- بَابُ: الجُمعة في اليَوْم المَطيرِ

- ‌202- بَابُ: التخلفِ عن الجماعةِ في الليْلةِ البَارِدةِ

- ‌203- بَابُ: الجُمعة للمَمْلُوك وَالمرأةِ

- ‌204- بَابُ: الجُمعَةِ في القُرَى

- ‌205- بَابٌ: إذا وَافق يومُ الجُمعةِ يَوْمَ العِيدِ

- ‌206- بَابُ ما يَقْرأ فِي صَلاةِ الصُّبْح يَوْمَ الجُمْعَةِ

- ‌207- بَابُ: اللُّبْس يَوْمَ الجُمعة

- ‌208- بَابُ: التَحلُّقِ يَوْمَ الجُمعَة قبل الصلاة

- ‌209- باب: اتخاذ المنبر

- ‌210- باب: موضع المنبر

- ‌211- باب: الصلاة يوم الجمعة قبل الزوال

- ‌212- باب: وقت الجمعة

- ‌213- بَاب: النداء في يوم الجمعة

- ‌214- باب: الإمام يكلم الرجل في خطبته

- ‌215- باب: الجلوس إذا صعد المنبر

- ‌216- باب: الخطبة قائماً

- ‌217- باب: الرجل يخطب على قوس

- ‌218- باب: رفع اليدين على المنبر

- ‌219- باب: اقتصار الخطب

- ‌220- بَابُ: الدنو من الإمام عند الخطبة

- ‌221- باب: الإمام يقطع الخطبة للأمر يحدث

- ‌222- باب: الاحتباء والإمام يخطب

- ‌223- باب: الكلام والإمام يخطب

- ‌224- بابُ: استئذانِ المُحْدثِ الإمامَ

- ‌225- باب: إذا دخل الرجل والإمام يخطب

- ‌226- باب: تخطي رقاب الناس يوم الجمعة

- ‌228- باب: الإمام يتكلم بعد ما ينزل من المنبر

- ‌229- باب: من أدرك من الجمعة ركعة

- ‌231- باب: الرجل يأتم بالإمام وبينهما جدار

- ‌232- باب: الصلاة بعد الجمعة

- ‌233- باب: صلاة العيدين

- ‌234- باب: وقت الخروج إلى العيد

- ‌235- باب: خروج النساء في العيد

- ‌236- باب: الخطبة في يوم العيد

- ‌237- باب: ترك الأذان في العيد

- ‌238- باب: التكبير في العيدين

- ‌239- باب: ما يُقرأ في الأضحى والفطر

- ‌240- باب: الجلوس للخطبة

- ‌241- باب: الخروج إلى العيد في طريق

- ‌242- باب: إذا لم يخرج الإمام للعيد من يومه يخرج من الغد

- ‌243- باب: الصلاة بعد صلاة العيد

- ‌244- باب: يصلي الناس العيد في المسجد إذا كان يوم مطر

الفصل: ‌164- باب: التصفيق في الصلاة

به الجنة أو النارُ. وعند البَيْهقي: عن أبي زهير النميري: سمع صلى الله عليه وسلم رجلاً يلح في المسألة، فقال النبي- عليه السلام:" أوجبَ إن ختم " فقال رجل: بأي شيء يختم؟ قال: "بآمين؛ فإنه إن ختم بآمين فقَدْ أوجبَ "، وذكر هذا الحديث لأبي عمر (1) النمري فقال: ليس إسناده بالقائم.

ص- وهذا لفظُ محمودِ.

ش- أي: هذا الحديث بهذا اللفظ: لفظ محمود بن خالد الدمشقي. ص- وقال أبو داود: والمُقْرَاء قبيلٌ (2) من حِمْيرِ.

ش- أراد به بيان نسْبة أبي مُصَبح المُقْرائي. المُقْرِئ: بضم الميم، وسكون القاف، ويقال: بفتح الميم، وصوبه بعضهم وهي قبيل من حمير؛ والنسبة إليها "مقرائي " بضم الميم وفتحها. وذكر أبو سعيد المروزي أن هذه نسْبة إلى مَقَراء قرية بدمشق، والأولُ أشهرُ. وأبو مُصبح: بضم الميم، وفتح الصاد المهملة، وكسْر الباء الموحدة وتشديدها، وبعدها حاء مهملة.

‌164- بَابُ: التصْفيق في الصلاة

أي: هذا باب في بيان حكم التصفيق في الصلاة، وهو مصدر من

صفق إذا ضَرب يده على يده.

915-

ص- نا قتيبة بن سعيد: نا صفيان، عن الزهري، عن أبي سلمة،

[2/40 - أ]، عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله يكن: " التَسبِيحُ للرجال/ والتَّصْفيقُ للنساء"(3)

(1) في الأصل: " عمرو" خطأ.

(2)

في سنن أي داود: " والمقراء قبيلة".

(3)

البخاري: كتاب العمل في الصلاة، باب: التصفيق للنساء (1203)، مسلم: كتاب الصلاة، باب: تسبح الرجل وتصفيق المرأة (422)، النسائي: كتاب السهو، باب: التصفيق في الصلاة (1206) .

ص: 202

ش- أراد أن السُّنَة لمن نابه شيء في الصلاة كإعْلام من يَسْتأذن عليه، وتنبِيه الإمام ونحو ذلك، أن يُسبح إن كان رجلاً، فيقول: سبحان الله، وأن تصفق إن كانت امرأةً، فتضرب بطن كفها الأيمن على ظهر كفها الأيسر، ولا تضرب بطن كف على بطن كف على وجه اللُّعْب واللهو، فإن فعلت هذا على وجه اللعب بطلت صلاتها لمنافاته الصلاة. وعن هذا قال صاحب، "المحيط": إذا استأذن على المصلي غيره، فسبّح إعلاما أنه في الصلاة لا تفسد، ثم قال: والمرأة تصفق لإعلام، وروى هذا الحديث. والحديث: أخرجه البخاريّ، ومسلم، والنسائي.

916-

ص- نا القعنبي، عن مالك، عن أبي حازم بن دينار، عن سهل ابن سَعْد، أن رسول الله ذهب إلى بني عَمرو بن عوف ليُصلحِ بَيْنهم وحانتْ الصلاةُ، فجاء المؤذنُ إلى أبي بكرٍ فقال: أتُصلي بالناس فأقيم؟ قال: نعم، فصلى أبو بكر، فجاءَ رسولُ اللهِ والناس في الصلاة فتخلص حتى وَقَفَ في الصَف، فصَفقً الناسُ وكان أبو بكر لا يَلتفتُ في الَصلاة، فلمّا أكثَرَ الناسُ التصفيقَ التفتَ، فرأى رسولَ الله، فًأشار إليه رسولُ اللهِ أَن امكُثْ مَكانَكَ، فرفع أبو بكرٍ يديه فحمدَ اللهَ علىَ ما أمرَه به رسولُ الله من ذلك، ثم اسْتأخرَ أبو بكر حتى اسْتَوى فيَ الصف وتقدّمَ رسولُ الله وصلى، فلما انصرفَ قال:" يا أبا بًكر، ما مَنَعَكَ أن تَثبُتَ إذ أمَرْتُكَ؟ " قالَ أبو بكرٍ: ما كان لابنِ أبي قُحافةَ أن يصليَ بين يدَيْ رسولِ الله، فقال رسولُ الله:"ما لي رأيتُكم كْثرْتُم من التصْفِيح؟ مَنْ نابَه شيء؛ في صلاته فليُسبحْ؛ فإنه إذا سبّحَ التُفتَ إليه، فإنما (1) التصفيحُ للنساءِ"(2)

(1) في سنن أبى داود:" وإنما ".

(2)

البخاري: كتاب الأذان، باب: من دخل ليؤم الناس فجاء الإمام الأول فتأخر الأول أو لم يتأخر جازت صلاته (684)، مسلم: كتاب الصلاة، باب: تقديم الجماعة من يصلي بهم إذا تأخر الإمام، ولم يخافوا مفسدة بالتقديم (421)، النسائي: كتاب الإمامة، باب: إذا تقدم الرجل من الرعية ثم جاء الوالي هل يتأخر؟ (2/ 77) .

ص: 203

ش- أبو حازم هذا: اسمه: سلمة بن دينار الأعرج، وقد ذكرناه. قوله:" ذهب إلى بني عمرو بن عوف" هم من ولد مالك بن الأوس وكانوا بقُباء.

قوله: " وحانت الصلاة " أي: قربت، وحلت، وكانت صلاة العصر، كما صرح بها في الراوية الأخرى.

قوله: " أتُصلي " الهمزة فيه للاستفْهام.

قوله: " والناسُ في الصلاة " جملة حالية.

قوله: " فتخلص حتى وقف في الصف " معناه: خرق الصفوف وتخلص منها حتى وقف في الصف الأول.

قوله: " أن امكث ""أنْ" هاهنا تفسيرية.

قوله: " فرفع أبو بكر يدَيْه فحمد الله على ما أمَره به رسول الله " قال ابن الجوزيّ: إنما كان إشارة منه إلى السماء لا أنه تكلم. وقال مالك: من أُخبر في صلاته بسُرُور فحمد الله تعالى لا يضر صلاته. وقال ابن القاسم: ومن أخبر بمُصيبة فاسترجع أو أخبر بشيء فقال: الحمد لله على كل حال أو قال: الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات لا تُعجبني وصلاته مجزئة. وقال أشهب: إلا أن يريد بذلك قطع الصلاة. وكذلك عند أبي يوسف من أصحابنا: إذا أخبر المصلي بما يَسُوؤه فاسترجع، أو أخبر بما يَسرة فحمد الله تعالى، لا تبطل صلاته؛ لفِعل أبي بكر- رضي الله عنه وقال أبو حنيفة ومحمد: تفسدُ؛ لأنه خرج مخرج الجواب. ويجاب لهما عن فعل أبي بكر بما قاله ابن الجوزي، وأن أراد بتلك الألفاظ إعلامه أنه في الصلاة لا تفسد بالإجماع.

قوله: "ثم استأخر " بمعنى: تأخر، فإن قيل: لمَ لَمْ يثبت أبو بكر إذْ أشار إليه سيدنا صلى الله عليه وسلم بالثبات؟ وظاهره يقتضي المخالفةَ. قلنا: علم أبو بكر أنها إشارة تكريم لا إشارة إلزام؟ والأمور تُعرف بقرائنها، ويدل على

ص: 204

ذلك: شق رسول الله الصفوف حتى خَلُص إليه، فلولا أنه أراد الإمامة لصلى حيث انتهى.

وقال الشيخ محيي الدين (1) في تقدمه- عليه السلام: يَسْتدلُّ به أصحابنا على جواز اقتداء المصلي بمن يُحرمُ بالصلاة بعد الإمام الأول؛ فإن الصديق- رضي الله عنه أحرم بالصلاة أولا، ثم اقتدى بالنبي عليه السلام حين أحرم بعده. قال: وهو الصحيح من مذهبنا.

وقال ابن الجوزي. ودل هذا الحديث على جواز الصلاة بإمامَيْن؛ وذلك أن النبي- عليه السلام لما وقف عن يَسار أبي بكر علم أبو بكر أنه نوى/ الإمامة، فعندها نوى أبو بكر الائتمام.

قال السفاقسي: وفيه دليل على جواز استخلاف الإمام إذا أصابه ما يوجبُ ذلك، وهو قول مالك وأبي حنيفة وأحد قولي الشافعي، وبه قال عمر، وعلي، والحسن، وعلقمة، وعطاء، والنخعي، والثوري. وعن الشافعي وأهل الظاهر: لا يستخلف الإمام. وقال بعض المالكية: تأخرُ أبي بكر وتقدّمه- عليه السلام من خواص النبي- عليه السلام؛ لأنهم كانوا تقدموا النبي- عليه السلام بالإحرام، ولا يفعل ذلك بعد النبي- عليه السلام.

قلت: هذا الحديث حُجَّة على الشافعي في منعه صحة الاستخلاف، وأصحابنا جوزوا الاستخلاف بهذا الحديث وبحديث عائشة: لما مرض النبي- عليه السلام مرضه الذي مات فيه فحضرت الصلاة فأذن فقال: " مروا أبا بكر فليصل بالناس" الحديث.

فإن قيل: أنتم ما يجوزون الاستخلاف إلا فيمن سبقه الحدثُ، حتى لو تعقد ذلك أو قهقه أو تكلم لا يجوز الاستخلاف، فكيف تستدلون بالحديث؟ قلت: لأن الذي سبقه الحدث عاجز عن المضيف في الصلاة، فيجوز له الاستخلاف، كما أن أبا بكر عجز عن المضي فيها لكون المضي

(1) شرح صحيح مسلم (146/4) .

ص: 205

من باب التقدم على رسول الله، وقد قال الله تعالى:"يَا أيُّهَا الَّذينَ اَمَنُوا لا تُقَدمُوا بَيْنَ يَدَي اللهِ ورَسُوله "(1) ، فصار هذا أصلاً في سنن كَل إمام عجز عن الإتمام أنَ يتأخر ويَسْتَخَلف غيره.

وقال الطبري: وفي هذا دلالة راجحة على أن من سبق إمامه بتكبيرة الإحرام، ثم ائتم به في صلاته، أن صلاته تامة، وبيان فساد قول من زعم أن صلاته لا تجزئه؛ وذلك أن أبا بكر كان قد صلى بهم بعض الصلاة وقد كانوا كبروا الإحرام معه، فلما أحرم رسول الله لنفسه للصلاة بتكبيرة الإحرام، ولم يستقبل القوم صلاتهم، بل بنوا عليها مُؤتمن به، وقد كان تقدم تكبيرهم للإحرام تكبيرَه. والجواب عن هذا: أن إمامهم كان أبا بكر أولا ولم يسبق تكبيرهم على تكبيره، ثم إن النبي- عليه السلام أتم صلاة أبي بكر ولم يَبتدئها من أولها حتى يلزم ما ذكره، وهذا ظاهر لمن يتكلم بالتأمل.

وقال ابن بطال: لا أعلم مَنْ يقول: إن من كبر قبل إمامه فصلاته تامة إلا الشافعي؛ بناء على مذهبه وهو: أن صلاة المأموم غير مرتبطة بصلاة الإِمام، وسائر الفقهاء لا يجيزون صلاة من كبر قبل إمامه.

قوله:" لابن أبي قحافة " أبو قحافة: اسمه: عثمان، أسلم يوم الفتح، وتوفي في المحرم سنة أربع عشرة وهو ابن سبع وتسعين سنةً، وكانت وفاة الصديق قبله، فورث منه السدسَ فرده على ولد أبي بكر، والصديقُ خليفةٌ ورثه أبُوه.

قوله: " من التصْفيح " التصفيح: هو التصفيق؟ يقال: صفح بيده وصفق، وقيل: الذي بالحاء: الضربُ بظاهر اليد إحديهما على باطن الأخرى، وقيل: بإصْبعين من إحديهما على صفحة الأخرى، وهو الإنذار والتَنْبيهُ، والذي بالقاف: ضرب إحدى الصفحتَيْن على الأخرى؛ وهو لِلهو واللعب. قال للداودي: في بعض الروايات: " فصفح القومُ "

(1) سورة الحجرات: (1) .

ص: 206

فيحتمل أنهم ضربوا بأكفهم على أفخاذهم. وقال السفاقسي: احتج به جماعة من الحذاق على أبي حنيفة في قوله: "إن سبح الرجل لغير إمامه لم تجزه صلاتُه ". ومذهب مالك والشافعي: إذا سبح لأعمى خوفَ أن يقع في بئرٍ، أو من دابة أو حيةٍ أنه جائر.

قلت: لا نسلم أن يكون هذا حجة على أبي حنيفة؛ لأن الذي في الحديث: " فصفق الناس " وهو غير التسبيح.

وأما قولُه- عليه السلام: " مَنْ نابه شيء في الصلاة فليُسبّح فأبو حنيفة- أيضا- يعمل به كما بينا- ولئن سلمنا ذلك فمرادُ أبي حنيفة من قوله: " إذا سبح الرجل لغيْر إمامه لم يجزه " إذا كان على وجه الجواب مثل ما أخْبر الرجل لمنْ في الصلاة بخبرٍ يُعجبه وقال: سبحان الله، وأما إذا كان لا على وجه الجواب لا تُفْسد صلاته، كما في المسألة المذكورة؛ لعموم قوله- عليه السلام: " من نابه شيء" الحديث. ويُستفاد من الحديث فوائد أخرى؛ الأولى: "(1) أن الإمام إذا تأخر عن الصلاة يُقدم غيرُه/ إذا لم يخف فتنه ولا إنكارا، [1] الإمام. الثانية: ينبغي أن يكون المقدمَ نيابة عن الإمام أفضل القوم وأصلحهم لذلك الأمر، وأقومهم به.

الثالثة: أن المؤذن وغيرهُ يَعرض التقدم على الفاضل، وأن الفاضل

يُوافقه.

الرابعة: أن الفعل القليل لا يبطل الصلاة لقوله: "وصفق الناس". الخامسة: جواز الالتفات في الصلاة للحاجة.

السادسة: استحباب حمد الله لمن تجددت له نعمة.

السابعة: جواز رفع اليدين بالدعاء.

الثامنة: جواز المشي في الصلاة خطوة أو خطوتين.

(1) انظر: شرح صحيح مسلم (145/4- 146) .

ص: 207

التاسعة: أن التابع إذا أمره المتبوع بشيء، وفهم منه الإِكرام، وعدم الإلزام، وترك الامتثال لا يكون مخالفةً للأمر.

العاشرة: استحباب ملازمة الآداب مع الكبار.

الحادية عشَر: أن السُّنَة لمنْ نابه شيء في الصلاة أن يسبح إن كان رجلاً، وتصفق إن كانت امرأة.

الثانية عشر: فيه بيان فضيلة أبي بكر الصديق على سائر الصحابة.

الثالثة عشر: أن الإقامة لا تصح إلا عند إرادة الدخول في الصلاة. الرابعة عشر: جواز خرق الإمام الصفوف ليصل إلى موضعه إذا احتاج لخرقها؛ لخروجه إلى طهارة أو لرعاف ونحوهما ورجوعه، وكذا من احتاج إلى الخروج من المأمومين لعذْر، وكذا خرقها في الدخول إذا رأى قدامهم فرجة؛ فإنهم مُقصّرون بتركها. وقال الشيخ محيي الدين: وفيه: أن المؤذن هو الذي يقيم الصلاة فهذا هو السُّنَّة، ولو أقام غيره كان خلاف السُّنة؛ ولكن يعتد بإقامته عندنا.

قلنا: لا يلزم من ذلك أن غيره إذا أقام أن يكون خلاف السنة، وليس هاهنا دلالة على هذه الدعوى، وقد بينا الكلام فيه في " كتاب الأذان " مستوفى.

وقال- أيضا-: وفيه تقديم الصلاة لأول وقتها.

قلنا: هذا- أيضا- لا يدل على فضيلة التقديم؛ لأنهم ربما كانوا استعجلوا بها خوفا على فواتها بصَبْرهم، وانتظارهم إلى حضور رسول الله؛ لأنه- عليه السلام قد كان ذهب إلى قباء وهي بعيدة من المدينة، وفي مثل هذا نحنُ- أيضا- نقولُ بالتقديم. والحديث: أخرجه البخاري، ومسلم، والنسائي.

ص- قال أبو داود: هذا في الفريضة.

ش- يعني: قوله- عليه السلام: من نابَه شيءْ في صلاته" الحديث في الصلاة الفريضة، فإذا كان هذا الحكم في الفَريضة ففي التطوع أولى.

ص: 208