المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌183- باب: السهو في السجدتين - شرح سنن أبي داود للعيني - جـ ٤

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌130- باب: من رأى القراءة إذا لم يجهر

- ‌131- باب: ما يجزئ الأمي والأعجمي من القراءة

- ‌132- باب: تمام التكبير

- ‌133- باب: كيف يضع ركبتيه قبل يديه

- ‌134- باب: النهوض في الفرد

- ‌135- باب: الإقعاء بين السجدتين

- ‌136- باب: ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌137- باب: الدعاء بين السجدتين

- ‌138- باب: رفع النساء إذا كُن مع الرجال رءوسهن من السجدة

- ‌139- باب: طول القيام من الركوع وبين السجدتين

- ‌140- باب: صلاة مَن لا يقيم صلبه في الركوع والسجود

- ‌142- باب: تفريع أبواب الركوع والسجود

- ‌143- باب: ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده

- ‌144- باب: في الدعاء في الركوع والسجود

- ‌145- باب: الدعاء في الصلاة

- ‌146- باب: مقدار الركوع والسجود

- ‌147-باب: الرجل يدرك الإمام ساجدا كيف يصنع

- ‌148- بَاب: أعْضَاء السجُود

- ‌149- بَاب: السجُود على الأنف والجبهَةِ

- ‌150- بَاب: صِفَة السُّجُودِ

- ‌151- بَابُ: الرخصَة في ذلك

- ‌152- بَابُ: التَخصُّر والإِقعاء

- ‌153- بَابُ: البُكاء في الصَّلاةِ

- ‌155- بَابُ: الفتح على الإمَام فِي الصَّلاة

- ‌156-بَابُ: النهي عَن التَّلقين

- ‌157- بَابُ: الالتِفات فِي الصَّلاةِ

- ‌158-بَابُ: النَّظَر في الصلاة

- ‌159- بَابُ: الرخصَةِ في ذلك

- ‌160- بَابُ: العَمَل فِي الصَّلاة

- ‌ 161- بَابُ: رَد السَّلام فِي الصلاة

- ‌162- بَاب: تشميت العاطس في الصلاة

- ‌163- بَابُ: التَأمين وَرَاء الإمام

- ‌164- بَابُ: التصْفيق في الصلاة

- ‌165- بَابُ: الإِشارَةِ في الصلاة

- ‌ 166- بَابُ: مَسْح الحَصَى في الصلاة

- ‌ 167-بَابُ: الاخْتِصَارِ فِي الصَّلاةِ

- ‌168- بَابُ: الرّجُل يَعتمدُ في الصَّلاةِ على عَصى

- ‌169- بَابُ: النَّهْى عن الكلام في الصَّلاةِ

- ‌170- بَابٌ: في صَلاةِ القَاعِدِ

- ‌171- بَاب: كيفَ الجُلوُس في التَشَهُّد

- ‌172- بَاب: مَنْ ذكرَ التَّورك في الرابعة

- ‌173- بَابُ: التَّشهُّدِ

- ‌174- بَابُ: الصَّلاة عَلى النَبِي- عليه السلام بَعْد التَّشَهُّدِ

- ‌175- بَابُ: إِخْفاء التَّشهُّدِ

- ‌176- بَابُ: الإشارة في التَّشهُّدِ

- ‌177- بَابُ: كراَهِية الاعْتمادِ على اليَدِ في الصَّلاةِ

- ‌178- باب: في تخفيف القُعُود

- ‌179- بَاب: في السَّلام

- ‌180- بَابُ: الرد على الإِمام

- ‌181- بَابٌ: إذا أحْدَث في صَلاِته يستقبل

- ‌182- بَاب: في الرجل الذي يتطوَعُ فِيمَكانِهِ الذِي صَلى فيه المكتوبة

- ‌183- بَابُ: السهْوِ في السَجْدَتَيْن

- ‌184- بَاب: إذا صَلى خمساً

- ‌185- بَاب: إذا شَكّ في الثنتين والثلاث مَنْ قال: يُلقى الشَكَّ

- ‌186- بَاب: مَنْ قال: يُتمّ عَلَى أكبَر ظنّه

- ‌187- بَاب: مَن قال بَعْد السلام

- ‌188- بَاب: مَنْ قامَ مِن ثنتين ولم يَتَشهد

- ‌189- بَاب: مَنْ نَسِي أنْ يَتَشَهّدَ وَهْوَ جَالِس

- ‌190- بَابُ: سَجْدتي السهو فيهما تَشهد وَتَسْليم

- ‌191- بَابُ: انصرَافِ النِسَاءِ قَبلَ الرجالِ منذ الصلاة

- ‌192- بَابٌ: كيفَ الانصرافُ مِن الصلاة

- ‌193- بَابُ صَلاة الرجل التطوّعَ في بيتِهِ

- ‌194- بَاب: مَنْ صَلى لغيْر القِبْلةِ ثم عَلِمَ

- ‌195- بَابُ: تفْريع أبْواب الجُمعةِ

- ‌196- بَابُ: الإجَابة أية سَاعَةٍ هي في يوْم الجمعة

- ‌197- بابُ: فَضْلِ الجُمْعة

- ‌198- بَابُ: التشْدِيدِ في تَرْك الجُمعةِ

- ‌199- بَابُ: كفّارة مَنْ تركهَا

- ‌200- بَابُ: مَنْ تجبُ عليه الجمعة

- ‌201- بَابُ: الجُمعة في اليَوْم المَطيرِ

- ‌202- بَابُ: التخلفِ عن الجماعةِ في الليْلةِ البَارِدةِ

- ‌203- بَابُ: الجُمعة للمَمْلُوك وَالمرأةِ

- ‌204- بَابُ: الجُمعَةِ في القُرَى

- ‌205- بَابٌ: إذا وَافق يومُ الجُمعةِ يَوْمَ العِيدِ

- ‌206- بَابُ ما يَقْرأ فِي صَلاةِ الصُّبْح يَوْمَ الجُمْعَةِ

- ‌207- بَابُ: اللُّبْس يَوْمَ الجُمعة

- ‌208- بَابُ: التَحلُّقِ يَوْمَ الجُمعَة قبل الصلاة

- ‌209- باب: اتخاذ المنبر

- ‌210- باب: موضع المنبر

- ‌211- باب: الصلاة يوم الجمعة قبل الزوال

- ‌212- باب: وقت الجمعة

- ‌213- بَاب: النداء في يوم الجمعة

- ‌214- باب: الإمام يكلم الرجل في خطبته

- ‌215- باب: الجلوس إذا صعد المنبر

- ‌216- باب: الخطبة قائماً

- ‌217- باب: الرجل يخطب على قوس

- ‌218- باب: رفع اليدين على المنبر

- ‌219- باب: اقتصار الخطب

- ‌220- بَابُ: الدنو من الإمام عند الخطبة

- ‌221- باب: الإمام يقطع الخطبة للأمر يحدث

- ‌222- باب: الاحتباء والإمام يخطب

- ‌223- باب: الكلام والإمام يخطب

- ‌224- بابُ: استئذانِ المُحْدثِ الإمامَ

- ‌225- باب: إذا دخل الرجل والإمام يخطب

- ‌226- باب: تخطي رقاب الناس يوم الجمعة

- ‌228- باب: الإمام يتكلم بعد ما ينزل من المنبر

- ‌229- باب: من أدرك من الجمعة ركعة

- ‌231- باب: الرجل يأتم بالإمام وبينهما جدار

- ‌232- باب: الصلاة بعد الجمعة

- ‌233- باب: صلاة العيدين

- ‌234- باب: وقت الخروج إلى العيد

- ‌235- باب: خروج النساء في العيد

- ‌236- باب: الخطبة في يوم العيد

- ‌237- باب: ترك الأذان في العيد

- ‌238- باب: التكبير في العيدين

- ‌239- باب: ما يُقرأ في الأضحى والفطر

- ‌240- باب: الجلوس للخطبة

- ‌241- باب: الخروج إلى العيد في طريق

- ‌242- باب: إذا لم يخرج الإمام للعيد من يومه يخرج من الغد

- ‌243- باب: الصلاة بعد صلاة العيد

- ‌244- باب: يصلي الناس العيد في المسجد إذا كان يوم مطر

الفصل: ‌183- باب: السهو في السجدتين

أبو بكر بن أبي شيبة (1) : حدثنا ابن إدريس، عن حصين، عن عامر قال (2) : لا يتطوع حتى ينهض (3) خطوةَ أو خُطوتين. وقد رخص ذلك

بعضهم.

قال أبو بكر: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي بحر، عن شيخ قال: سئل ابن مسعود عن الرجل يصلي في مكانه الذي صلى فيه الفريضة؟ قال: لا بأس به.

حدثنا ابن علية، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يصلي سُبحته مكانه.

* * *

‌183- بَابُ: السهْوِ في السَجْدَتَيْن

أي: هذا باب في بيان حكم السهو في السَّجْدتين؛ والمراد من السجدتين: الركعتان، يطلق على كل ركعة سجدة بطريق إطلاق اسم الجزء على الكل، لأن السجدة بعْض الركعة. وفي بعض النسخ:"جماع أبواب السهو في الصلاة، باب في سَجْدتي السهو" والصحيح: هو الأول.

979-

ص- نا محمد بن عُبَيد: نا حماد بن زيد، عن أيوب، عن محمد، عن أبي هريرة قال: صلي بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي: الظهر أو العَصْر، قال فصلى بنا ركعتين ثم سلم ثم قام إلى خَشبة في مُقدم المَسْجد فوضع يدَه (4) عليها إحداهما على الأخْرى يُعرفُ فًي وَجهه الغضبُ ثم خرج سَرَعَانُ الناس وهم يَقولون: قصرت الصلاة قصرت الصلاةُ، وفي الناس أبو بكر، وعمر فهاباه أن يُكلماه، فقامَ رجلٌ كان رسولُ الله يُسميه ذا اليدين فقال: يا رسولَ اللهم أنَسِيتَ أم قُصِرَتِ الصلاةُ؟

(1) المصنف (2/ 208) .

(2)

في الأصل: "قالا".

(3)

في الأصل "ينهد" وما أثبتناه من المصنف.

(4)

في سنن أبي داود: "يديه عليهما ".

ص: 293

قال: " لم أنْسَ ولم تَقْصُر الصلاة " قال: بل نسيتَ يا رسولَ الله، فأقبل رسولُ الله على القَوْم فقال: أصَدَقَ ذو اليَديْن فأَوْمئوا أي: نَعمْ، فرجَع رسولُ اللهَ إلى مَقامِه يصلي الركعتَيْن الباقيتَيْن ثم سلّم ثم كبر وسجَد مثل سجوده أو أطول ثم رفَع وكبَّر ثم كبَّر وسجدَ مثل سجُوده أو أطول ثم رفع وكبَّر. قال: فقيل لمحمد: سَلّم في السهْو؟ فقال: لم أحفَظْ (1) من أبي هُريرة؛ لكنْ نبئتُ أنٌّ عمران بن حُصين قال: ثم سلم (2) .

ش- محمد بن عبيد: الغُبْري البصري، وأيوب: السختياني، ومحمد: ابن سيرين.

هذا الحديث من معظم الأحاديث التي تكلمت فيها مُعظم العلماء من كل فنيّ، والكلام فيه من وجوه؛ الأول: فيما يتعلّق بنظمه من وجوه الكلام؛ فقوله: " الظهر أو العَصْر" شكّ من ابن سيرين؛ والدليل عليه: ما جاء في رواية البخاري: " صلى بنا رسول الله إحدى صلاتي العشيّ، قال ابن سيرين: سمّاها أبو هريرة؛ ولكن نسِيتُ أنا. قال: فصلى بنا ركعتين: ثم سلم فقام إلى خشبة مَعْروضة في المسجد، فاتكأ عليها كأنه غضبان، ووضع يده اليمنى على"اليُسْرى، وشبك بين أصابعه، الحديث. وفي رواية أيوب، عن محمد: كبر ظني أنها الظهر، وكذا ذكره البخاري في " الأدب"، وفي " الموطأ":"العَصْر" وأطلق على الظهر أو العَصْر صلاة العَشي؛ لأن العشِي يُطلق على ما بعد الزوال إلى

(1) في سنن أبي داود: "أحفظه".

(2)

البخاري: كتاب السهو، باب: إذا سلم في ركعتين أو ثلاث سجد سجدتين (1227)، مسلم: كتاب المساجد، باب: السهو في الصلاة والسجود له (573)، الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في الرجل يسلم في الركعتين من الظهر والعصر (399)، النسائي: كتاب السهو، باب: ما يفعل من سلم من سنتين أو ثلاثة ساهيا (27/3)، ابن ماجه: كتاب أقامة الصلاة، باب: فيمن سلم من سنتين أو ثلاث ساهيا (1214) .

ص: 294

المغرب، وقيل: العشي من زوال الشمس إلى الصباح، وفي "الصحاح ":

العَشي والعشِية: من صلاة المغرب إلى العتمة.

قلت: الذي قال الجوهري هو أصل الوضع، وفي الاستعمال يُطلقُ

على ما ذكرنا.

قوله: " مقدم المَسْجد " بتشديد الدال المفتوحة.

قوله: " إحداهما على الأخرى " قد فسره في تلك الرواية بقوله:

"وشبك بَيْن أصابعه ".

قوله: " ثم خرج سَرَعَانُ الناسِ "- بفتح السين والراء والعين المهملات-

أي: أخفاءهم والمستعجلون منهم وأوائلُهم، ويلزم الإعراب نونَه في كل

وجه، هذا الوجه هو الصواب الذي ماله الجمهور من أهل الحديث

واللغة، وهكذا ضبطه المتقنون، وقال ابن الأثير: السَّرعَان- بفتح السين

والراء- أوائل الناس الذين يتسارعون إلى الشيء ويقبلون عليه بسُرعة،

ويجوز تسكين لراء.

قلتُ: وكذا نقل القاضي عن بعضهم قال: وضبطه الأصيلي في

البخاري بضم السين وإسكان الراء، ووجهه؛ أنة جمع سريع كقَفيز

وقُفْزان وكَثيب وكُثبان، ومن قال: سِرعان- بكسر السين- فهو خطأَ،

وقيل: يُقَال- أيضا- سِرْعان بكسر السين وسكون الراء؛ وهو جمع

سريع، كرعيل ورِعْلان- وأما قولهم:"سرْعانَ/ ما فعلت" ففيه ثلاث [2/58 - أ] لغاتِ: الضم والكسر والفتح مع إسكان الراء، والنون مفتوحة أبداً.

قوله: " وهم يقولون " جملة اسمية وقعت خالا من "سرعان الناس".

قوله: " قُصرت الصلاةُ" بضم القاف وكسر الصاد، وروي بفتح القاف

وضم الصاد؛ وكلاهما صحيح؛ لكن الأول أشهر وأصح.

قوله: " فقام رجل كان رسول الله يُسَميه ذا اليمين " وفي رواية: "فقام

ذو اليدين" وفي رواية: "رجل من بني سليم، وفي رواية-: "رجل يُقالُ

له: الخِرباقُ وكان في يده طول" وفي رواية: "رجل بَسيط اليدين"،

ص: 295

هذا كله رجل واحد اسمه: الخِرباق بن عَمرو- بكسر الخاء المعجمة، وبالباء الموحدة، وآخره قاف-، ولقبه: ذو اليدين؛ لطول كان في يده، وهو معنى قوله:" بَسيط اليدين". وفي " مصنف ابن أبي شيبة"، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى يوماً فسلّم من ركعتَيْن، فأدركه ذو الشمالين فقال: أنقصت الصلاة أم نسيت؟ الحديث.

وروى- أيضا- بإسناده إلى عكرمة: صلى النبي بالناس ثلاث ركعات ثم انصرف فقال له بعض القوم: حدث في الصلاة شيء، قال:" وماً ذاك؟ " قال: لم تصل إلا ثلاثاً، فقال: أكذاك يا ذا اليَدين؟ وكان يسمى- أيضا- ذا الشمالَيْن قال: نعم، الحديث.

وروى- أيضا-، عن عكرمة أن رسول الله صلى العَصْر ركعتين فسلم ودخل، فدخل عليه رجل من أصحابه يُقال له: ذو الشمالين فقال: أقصرت الصلاة؟ فخرج فقال:" ما يقول ذو اليدين؟ " فقالوا: يا رسول الله! نعم.

قوله: " أنَسيت" الألف فيه للاستفهام.

قوله: " لم أنس ولم تُقصَر الصلاة" وفي رواية مسلم: "كل ذلك لم يكن". وفي رواية أبي داود- أيضا-: "كل ذلك لم أفعل ". قال الشيخ محيي الدين (1) : فيه تأويلان، أحدهما: أن معناه لم يكن المجموع ولا يَنْفي وجود أحدهما، والثاني: وهو الصواب معناه: لم يكن لا ذاك ولا ذا في ظني، بل ظني أني كملتُ الصلاةَ أربعا؛ ويدل على صحة هذا التأويل، وأنه لا يجور غيره: أنه جاء في روايات للبخاري في هذا الحديث أن النبي- عليه السلام قال: "لم تَقصُر ولم أنْسَ".

ويُقال:؛ لم أنسى، يرجعُ إلى السلام، أي: لم أسهُ فيه، إنما سلمتُ قصداً ولم أسهُ في نفس السلام، وأنما سهوتُ عن العدد. قال

(1) شرح صحيح مسلم (69/5) .

ص: 296

القرطبي: وهذا فاسد؛ لأنه حينئذ لا يكون جوابا عَما سُئلَ عنه. ويُقالُ: بين النسيان والسهْو فرق، فقيل: كان النبي- عليه السلام يَسْهُو ولا يَنسى؛ ولذلك نفى عن نفسه النسيان؛ لأن فيه غفلة ولم يَغْفُل، قاله القاضي. وقال القشيري: يَبْعدُ الفرق بينهما في استعمال اللغة، وكأنه يتلوّح من اللفظ، على أن النسيان عدم الذكر لأمر لا يتعلق بالصلاة، والسهو: عدم الذكر لأمر يتعلّق بها، ويكون النسيان: الإعراض عن تفقد أمورها حتى يحصل عدم الذكر، والسهو: عدم الذكر لا لأجل الإعراض. وقال القرطبي: لا نسلم الفرق ولئن سُلم فقد أضافَ- عليه السلام النسيان إلى نفسه في غير ما موضع بقوله: " إنما أنا بشرٌ أنسى كما تَنْسون، فإذا نَسيتُ فذكروني (1) ". وقال القاضي: إنما أنكر- عليه السلام " نَسِيتَ " المُضافة إليه، وهو قد نهى عن هذا بقوله:" بئسما لأحدكم أن يقول: نسيتُ آيةَ كذا؛ ولكنه نُسِّي "، وقد قال- أيضا-:"لا أنسى "- على النفي" ولكن أُنَسَّى " وقد شك بعض الرواة في روايته فقال: " انْس أو أُنَسَّى" وأن "أو" للشك أو للتقسيم، وأن هذا يكون منه مرة من قبل شغله، ومرة يغلب ويخبر عليه، فلما سأله السائل بذلك أنكره، وقال:" كل ذلك لم يكن " وفي الأخرى: " لم أنس ولم تُقْصَرْ " أما القصر: فبين، وكذلك لم أنس حقيقة من قبل نفسي؛ ولكن الله أنساني. ويمكن أن يجاب عما قاله القاضي: إن النهي في الحديث عن إضافة " نسيتُ " إلى الآية الكريمة؛ لأنه يقبح للمؤمن أن يُضيف إلى نفسه نسيان كلَام الله تعالى، ولا يلزم من هذا النهي الخاص" النهيُ عن إضافتهَ إلى كل شيء، فافهم. وذكر بعضهم أن العصمة ثابتة في الإخبار عن الله تعالى، وأما إخباره عن الأمور الوجودية فيجوز فيها/ النسيان. [2/58 - ب] قلت: تحقيق الكلام في هذا المقام أن قوله: " لم أنس ولم تُقْصر الصلاة" مثل قوله: "كل ذلك لم يكن "، والمعنى: كل من القصر

(1) يأتي برقم (991) .

ص: 297

والنسيان لم يكن، فيكون في معنى لا شيء منهما بكائن على شمول النفي وعمومه لوجهيـ[هما، ذلك](1) أن السؤال عن أحد الأمرين بأم يكون لطلب التعين بعد ثبوت أحدهما عند المتكلم لا علي التعيين، فجوابه: إما بالتعيين أو بنفيهما جميعاً تخطئةً للمُسْتفهم، لا بنفي الجمع بَيْنهما حتى يكون نفي العموم؛ لأنه عارف بأن الكائن أحدهما، والثاني: لما قال- عليه السلام: " كل ذلك لم يكن" قال له ذو اليدين: "قد كان بعض ذلك" ومعلوم أن الثبوت للبعض إنما يُنافي النفي عن كل فرد لا النفي عن المجموع، وقوله:"قد كان بعض ذلك " موجبة جزئية، ونقيضها: السالبة الكلية، ولولا أن ذا اليدين فهم السلب الكلي لما ذكر في مقابلته الإيجاب الجزئيَّ.

وها هنا قاعدة أخرى: أن لفظة" كل " إذا وقعت في حيز النفي كان النفيُ موجهاً خاصةً، وأفادَ بمفهومه ثبوتَ الفعل لبعض الأفراد؛ كقولك:" ما جاء كل القوم "" ولم آخذ كل الدراهم"، وقوله:" ما كلُّ ما يتمنى المرءُ يُدركُه"، وإن وقع النفي في حيزها اقتضى السلبَ عن كل فرد كقوله- عليه السلام:"كل ذلك لم يكن ".

قوله: " فأوْمئوا أي نعم " وفي رواية البخاري: " فقال الناس: نعم " وكثر الأحاديث:" قالوا: نعم، ويمكن أن يجمع بينهما بأن بعضهم أومأ وبعضهم تكلم، ثم إذا كان كلاما لا إشارة كان إجابةً للرسول- عليه السلام؛ وهي واجبة، قال الله تعالى: "اسْتَجيبُوا لله وللرسُول إِذَا دَعَاكُمْ " (2) وقال بعض المالكية: " يلزم أن تكونَ الإجابَة باَلقول وَبل يكفي فيها الإيماء، وعلى تقدير أن تجب بالقول لا يلزم منه الحكم بصحة الصلاة؛ لجواز أن تجب الإجابة ويلزمهم الاستئناف، أو يكون النبي عليه السلام تكلم معتقدا للتمام والصحابة تكلموا مجهزين النسخ. انتهى. ويُضيف هذا: قول ذي اليدين: " قد كان بعض ذلك "،

(1) غير واضح في الإلحاق.

(2)

سورة الأنفال: (24) .

ص: 298

وقولهم: " نعم "، بعد قوله:"اصدق ذو اليدين؟ " فقد تكلموا بعد العلم بعدم النسخ.

فإن قيل: كيف تكلم ذو اليدين والقوم وهم بعدُ في الصلاة؟ قلنا:

قال الشيخ محيي الدين (1) : فجوابه من وجهين؛ الأول: أنهم لم يكونوا على اليقين من البقاء في الصلاة؛ لأنهم كانوا مجوزين لنسخ الصلاة من أربع إلى ركعتين؟ ولهذا قال: أقصرت الصلاة أم نسيت؟ والثاني: أن هذا كان خطابا للنبي- عليه السلام وجوابا، وذلك لا يبطل عندنا ولا عند غيرنا؛ وفي رواية لأبي داود بإسناد صحيح أن الجماعة أومئوا أي: نعم؛ فعلى هذه الرواية لم يتكلموا.

قلت: وفي الجواب الأول نظر- كما ذكرنا الآن.

قوله: " فقيل لمحمد " أي: لمحمد بن سيرين.

قوله: " لكن نبئتُ " أي: أخبِرتُ أن عمران بن حُصَين [قال] : ثم سلّم. وحديث عَمران بن حصين: أخرجه البخاري، ومسلم، عنه أن رسول الله- عليه السلام صلّى العصر فسلم في ثلاث ركعات، ثم دخل منزله، فقام إليه رجل يُقال له: الخِرباق- وكان في يديه طول- فقال: يا رسول اللهم فذكر له صنعه فقال: " أصدقَ هذا؟ " قالوا: نعم، فصلى ركعة ثم سلّم، ثم سجَد سجدتين ثم سلم.

الثاني في الفوائد التي تؤخذ من هذا الحديث: منها: أنه قد احتج به بعضهم على جواز الترجيح بكثرة العدد. قال القرطبي: لا حجة فيه؛ لأنه- عليه السلام إنما استكشف لما وقع له من التوقف في خبره؛ حيث انفرد بالخبر عن ذلك الجمع الكثير وكلهم دواعيها متوفرة، وحاجتهم داعية إلى الاستكشاف عما وقع؛ فوقعت الريبَةُ في خبر المخبِر لهذا، وجوز أن يكون الغلط والسهو منه لا لأنها شهادة.

(1) شرح صحيح مسلم (73/5) .

ص: 299

ومنها: أن فيه إشكالاً على مذهب الشافعي؛ لأن عندهم: إنه لا

يجوز للمصلي الرجوع في قدر صلاته إلى قول غيره إماما كان أو مأموما،

ولا يعمل إلا على يقين نفسه. واعتذر الشيخ محيي الدين عن هذا: بأنه

عليه السلام سألهم ليتذكر، فلما ذكروه تذكر، فعلم السهو فبنى

عليه، لا أنه رجع إلى مجرد قولهم، ولو جار ترك يقين نفسه والرجوع

[2/59 - أ] إلى قول غيره، لرجع ذو اليدين/ حين قال النبي- عليه السلام:"لم تُقْصَر ولم أنْس".

قلتُ: ليس هذا بجواب مُخلّصِ؛ لأنه لايح (1) من الرجوع سواء

كان رجوعه للتذكر الو لغيره، وعدم رجوع ذي اليدين كان لأجل كلام

الرسول لا لأجل يقين نفسه، فافهم. وقال ابن القصار: اختلفت الرواة

عن مالك في هذا؛ فمرةَ قال: يرجع إلى قولهم؛ وهو قول أبي حنيفة

لأنه قال: يَبْني على غالب ظنه، وقال مرةً أخرى: يعمل على يقينه ولا

يرجع إلى قولهم، كقول الشافعي.

ومنها: أن الذي عليه السهو إذا ذهب من مقامه ثم عاد وقضى ما عليه

هل تصح؟ فظاهر الحديث يدل على أنه تصح؛ لأنه قال: فرجع

رسول الله إلى مقامه فصلى الركعتين الباقيتَيْن. ولكن الفقهاء اختلفوا في

هذه المسألة؛ فعند الشافعية: فيها وجهان؛ أصحّهما: أنه تصح بهذا

الحديث؛ لأنه ثبت في مُسلم أنه- عليه السلام مشى إلى الجذعْ وخرج السرعان، وفي رواية: دخل منزله، وفي رواية: دخَل الحُجرة ثم خرج

ورجع الناسُ، وبنى على صلاته، والوجه الثاني وهو المشهور عندهم-:

أن الصلاة تبطل بذلك. وقال الشيخ محيي الدين: وهذا مشكل،

وتأويل الحديث صعبٌ على مَن أبْطلها، ونقل عن مالك: أنه ما لم

ينتفض وضوؤه يجور له ذلك وإن طال الزمنُ، وكذا رُوي عن ربيعة

مُستدلينَ بهذا الحديث. ومذهب أبي حنيفة في هذه المسألة: إنه

(1) كذا، ولعلها بمعنى " لا يخرج ".

ص: 300

إذا سلم ساهياً على الركعتين وهو في مكانه لم يصرف وجهه عن القبلة، ولم يتكلم، يَعُود إلى قضاء ما عليه، ولو اقتدى به رجل يصح اقتداؤه،

أما إذا صرف وجهه عن القبلة: فإن كان في المسجد ولم يتكلم فكذلك؛ لأن المسجد كله في حكم مكان واحد؛ لأنه مكان الصلاة، وإن كان خرج من المسجد ثم تذكر لا يعودُ وتفسد صلاته، وأما إذا كان في الصحراء: فإن تذكر قبل أن يُجاوز الصفوف من خلفه أو من قبل اليمين أو اليسار، عاد إلى قضاء ما عليه وإلا فلا، وإن مَشى أمامه: لم يذكره في الكتاب، وقيل: إن مشى قدر الصفوف التي خلفه تفسد وإلا فلا؛ وهو مَرْوي عن أبي يوسف اعتبار لأحد الجانبين بالآخر. وقيل: إذا جاوز موضع سجوده

لا يعود؛ وهو الأصح، وهذا إذا لم يكن بين يديْه سُتْرة، فإن كان يعود

ما لم يجاوزها؛ لأن داخل السترة في حكم المسْجد، والله أعلم. والجواب عن الحديث: أنه منسوخ- كما استوفينا الكلام فيه في: " باب رد السلام في الصلاة ".

ومنها: فيه حجة لأصحابنا أن لسَجْدتي السهو بعد السلام؛ لقوله: "وصلى الركعتين الباقيتَيْن ثم سلم "، وقال الشافعي: قبل السلام.

ومنها: فيه دليلٌ على أن سجود السَهْو سَجْدتان.

ومنها: فيه دليل على أنه في آخر الصلاة.

ومنها: فيه دليل على أن سجود السهو يتداخل؛ وهو مذهب الجمهور، وقيل: يتعدّدُ بتعَدُّد السَهْو.

الثالث: أن هذا الحديث أخرجه الأئمة الستة، ورواه ابن حبان في "صحيحه" في النوع السابع عشر من القسم الخامس ولفظه: قال: صلى رسول الله الظهر أو العَصْر فسلم في الركعتين فقال ذو الشمالين بن عبد عمرو حَليف لبني زهرة: أخُففت الصلاة أم نسيتَ يا رسول الله؟ فقال- عليه السلام: " ما يقول ذو اليدين؟ " قالوا: يا نبي الله صدق، قال: فأتم بهم الركعتين اللتين نقصهما ثم سلم.

ص: 301

ورواه مالك في، الموطأ" (1) : مالك (2) ، عن ابن شهاب الزهري (3)، عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة (4) قال: بلغني أن رسول الله ركع ركعتين من إحدى صلاتي النهار الظهر أو العصر فسلّم من اثنتين فقال له ذو الشمالين رجل من بني زهرة بن كلاب: أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟ فقال رسول الله: "ما قصرت الصلاة وما نسيتُ " فقال له ذو الشمالين: قد كان بعض ذلك يا رسول الله، فأقبل رسول الله على الناس فقال:"أصدق ذو اليدين؟ " قالوا: نعم، وأتم رسول الله ما بقي من الصلاة ثم سلم. انتهى.

وقال ابن عبد البر في "التقصِي ": هذا مُرسل، إلا أنه يَتصلُ من

وجوه صحاح.

فإن قيل: ما تقول فيما رواه ابن عدي في " الكامل"(5) : أخبرنا

أبو يعلى: حدثنا ابن معين: حدثنا سعيد بن أبي مريم: حدثنا ليث وابن

[2/59 - ب] وهب،/ عن عبد الله العمري، عن نافع، عن ابن عمر أن رسول الله عليه السلام لم يَسْجد يوم ذي اليدين سجدتي السهْو، قال أبو عمر: وكان ابن شهاب يقول: إذا عرف الرجل ما نسي من صلاته فأتمها ليس عليه سجدتا السهو لهذا الحديث.

قلنا: قال مسلم في "التمييز": قول ابن شهاب: إنه لم يسجد يوم

ذي اليدين خطأ وغلط؛ وقد ثبت أنه سجد سجدتي السهو في روايات الثقات.

الرابع: فيما تكلم فيه العلماء، وأجاب أصحابنا عما قالوه، وقد ذكرناه كما ينبغي فلا حاجة إلى إعادته.

(1) كتاب الصلاة، باب ما يفعل من سلم من ركعتين ساهيا (64) .

(2)

كذا.

(3)

في الأصل: "عن ابن شهاب عن الزهري" خطأ.

(4)

في الأصل: " خيثمة " خطأ.

(5)

(235/5) ترجمة عبد الله بن عمر.

ص: 302

980-

ص- نا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن أيوب، عن محمد بإسناده، وحديث حماد أتم قال: ثم صلى رسولُ الله لم يَقُل بِنا ولم يَقُل: "فأومئوا "، قال: فقال الناس: نعم، قال: ثم رفع ولم يَقُل: " وكبر " ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع، وتم حديثُه لم يذكر ما بعده، ولم يذكر " فأوْمئوا " إلا حماد بن زَيْد (1)(2) .

ش- حديث حماد بن زيد، عن أيوب، عن محمد، عن أبي هريرة أتم من حديث مالك بن أنس، عن أيوب، عن محمد، عن أبي هريرة قال: ثم صلى رسول الله ركعتين، ولم يَقُل: صلى بنا رسول الله ركعتين - كما هو في رواية حمّاد-، وكذا لم يَقُل مالك في روايته:"فأوْمئوا " كما قال حماد: " فأومئوا أي نعم " وكذا في رواية حماد " ثم رفع وكبر، ثم كبر وسجد " ولم يَقُل مالك إلا " ثم رفع ثم كبر وسجَد ".

قوله: " ولم يذكر " فأومئوا " إلا حمادُ بن زيد " يعني: غيره لم يذكر

إلا القول باللسان كما ذكر مالك في روايته " فقال الناسُ: نعم " وفي رواية أخرى: "قالوا: صَدق " وفي رواية: " قالوا: يا نبي الله، صدق " ولذا قال الدارقطني في " العلل ": وفي رواية حماد بن زيد وحده، عن أيوب:" فأومئوا أي نعم".

981-

ص- نا مُسدّد: نا بشر- يعني: ابن المفضل-: نا سلمة- يعني: ابن علقمة-، عن محمد، عن أبي هريرة قال: صلى بنا رسولُ الله، بمَعْنى حماد كُله إلى آخر قوله: نُبئتُ أن عمران بن حُصين قال: ثم سَلّم، قال: قلتُ: فالتَشهدُ؟ قال: لم أَسمَعْ في التشهد، وأحب إليّ أن يَتشهدَ، ولم يذكر " كان يُسمّيه ذا اليدين" ولا ذكر " فأوْمئُوا " ولا ذكر الغضبَ (3) .

(1) جاء في سنن أبي داود بعد هذا الحديث: " قال أبو داود: وكل من روى هذا الحديث لم يقل "فكبر، ولا ذكر "رجع ".

(2)

انظر: التخريج المتقدم.

(3)

انظر: تخريج الحديث قبل السابق.

ص: 303

ش- سلمة: ابن علقمة أبو بشر التميمي البصري، من ولد عامر بن عُبيد بن الحارث بن عمرو بن كعب بن سَعد بن زيد مناة بن تميم، سمع: نافعا مولى ابن عمر، ومحمد بن سيرين، روى عنه: الجمادان، وبشر ابن المفضل، وابن علية وغيرهم، قال أحمد حين سئل عنه: بخ ثقة، وقال ابن معين: ثبت، وقال أبو حاتم: صالح الحديث ثقة. روى له: الجماعة إلا الترمذي (1) .

قوله: " بمعنى حماد" أي: بمعنى حديث حماد بن زيد المذكور أولا؛ ولكن زاد فيه السؤال عن التشهد، ونقص ذكر ثلاثة أشياء: تَسمية ذي اليدين، وذكر " فأومئوا" وذكر " يُعرفُ في وجهه الغَضبُ".

ص- وحديثُ أيوبَ أتم (2) .

ش- أي: من حديث سلمة بن علقمة، وفي بعض النسخ:"وحديث حماد أتم " أي: حديث حماد بن زيد، عن أيوب، عن محمد أتم من حديث سلمة بن علقمة، عن محمد.

982-

ص- نا علي بن نصر: نا سليمان بن حرْب: نا حماد بن زيد، عن أيوب، وهشام، ويحي بن عتيق، وابن عون، عن محمد، عن أبي هريرة، عن النبي- عليه السلام في قصة ذي اليدين أنه كبّر وسجد، وقال هشام- يعني: ابن حَسان-: كبر ثم كبر وسجَد (3) .

ش- هشام: ابن حسان البصري.

ويحيى بن عتيق: البصري، سمع: الحسن البصري، ومحمد بن سيرين، روى عنه: ابن علية، وحماد بن زيد، وهمام بن يحيى، قال

(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (11/ 2461) .

(2)

في سنن أبي داود: "وحديث حماد عن أيوب أتم "، وذكر المصنف أنها نسخة.

(3)

انظر الحديث السابق.

ص: 304

أحمد وأبو حاتم وابن سعد: هو ثقة. روى له: البخاري، ومسلم،

وأبو داود، والنسائي (1) .

وابن عون: عبد الله بن عون البصري.

والحاصل: أن أيّوب ويحيى وابن عون- كلهم- رووا عن محمد بن

سيرين في حديث ذي اليدين أنه كبّر وسجد، وأن هشام بن حسان روى

عنه "كبّر ثم كبر وسجَد" والمعنى: أنه رفع رأسه وكبّر ثم كبر وسجَد.

ص- قال أبو داود: روى هذا الحديث- أيضا- عن محمد (2) : حبيب

ابن الشهيد، وحُميدٌ، ويونس، وعاصم الأحول/ عن محمد، عن [2/60- أ] أبي هريرة، لم يذكر أحدٌ منهم ما ذكر حماد بن زيد، عن هشام أنه كبر ثم

كبّر (3) . وروى حمادُ بن سلمي، وأبو بكر بن العياش هذا الحديث عن

هشام؛ لم يذكرا عنه هذا الذي ذكر حماد بن زيد أنه كبر ثم كبّر.

ش- أي: روى الحديث المذكور- أيضا- حبيب بن شهيد البصري،

عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، وكذا رواه حُميد الطويلُ،

ويونس بن عُبَيد البصري، وعاصم الأحولُ؛ ولكن لم يذكر أحد من

هؤلاء ما ذكر حماد بن زَيْد، عن هشام بن حسان من قوله: "إنه كبر ثم

كبّر وسجَد " وكذلك روى حماد بن سلمة، وأبو بكر بن العياش هذا

الحديث عن هشام بن حسان، لم يذكر واحد منهما هذا الذي ذكر حماد

ابن زيد أنه كبر ثم كبر وسجَد.

وأبو بكر بن العياش: ابن سالم الأسدي الحناط- بالحاء المهملة

والنون- مولى واصل بن حيان، وجدته: مولاة لسمرة بن جندب الصحابي، قيل: اسمه: محمد، وقيل: عبد الله، وقيل: سالم،

(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (31/6881) .

(2)

قوله: " عن محمد " غير موجود في سنن أبي داود.

(3)

في سنن أبي داود: "ثم كبر، ثم سجد ".

20.

شرح سنن أبي داود 4

ص: 305

وقيل: شعبة، وقيل: رؤبة، وقيل: مُسلم، وقيل: خداش، وقيل: مُطرف، وقيل: حماد، وقيل: حبيب، وقيل: اسمه كنيته، سمع: أبا إسحاق السبيعي، والأعمش، وأبا إسحاق الشيباني ونجيرهم، روى عنه: الثوري، وابن المبارك، وأبو داود الطيالسي وغيرهم، وقال ابن معين: ثقة. مات سنة ثلاث وتسعين ومائة. روى له الجماعة (1) .

3 ما- ص- نا محمد بن يحيى بن فارس: نا محمد بن كثير، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة، وعُبيد الله بن عَبْد الله، عن أبي هريرة بهذه القصة قال: ولم يَسْجد سجدتي السهو حتى يقنه الله ذلك (2) .

ش- وفي بعض النسخ: لا حتى لَقنه الله ذلك" وفي بعضها: "حين يَقنَهُ الله ذلك " 000 (3) .

4 ما- ص- ثنا حجاج بن أبي يعقوب: نا يعقوب- يعني: ابن إبراهيمِ-: نا أبي، عن صالح، عن ابن شهاب أن أبا بكر بن سليمان بن أبي حثْمة أخبره أنه بلَغه أَن رسولَ الله بهذا الخبر، قال: ولم يَسْجد السجدتين اللتين تُسْجدان إذا شك حينَ لقاه الناسُ (4) .

ش- حجاج بن أبي يعقوب: روى عن: حجين بن المثنى، ويَعْقوب ابن إبراهيم بن سَعْد، روى عنه: أبو داود، والترمذي. وإبراهيم: ابن سَعْد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف المدني، وصالح: ابن كَيْسان. وأبو بكر بن سُلَيْمان بن أبي حَثْمة، واسم أبي حكمة: عبد الله بن حذيفة، وقيل: عدي بن كعب بن حذيفة بن غانم بن عبد الله بن عَوِيج ابن عدي بن كعب القرشي العدوي، روى عن: سعيد بن زيد بن

(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (33/ 2 5 72) .

(2)

تفرد به أبو داود.

(3)

بياض في الأصل قدر سطرين.

(4)

النسائي: كتاب السهو، باب: ذكر الاختلاف على أبي هريرة في السجدتين.

ص: 306

عمرو، وسمع: عبد الله بن عمر، وأبا هريرة، روى عنه: الزهري، وإسماعيل بن محمد بن سَعْد، وصالح بن كيْسان. روى له: الجماعة إلا ابن ماجه (1) . وحثمة: بفتح الحاء المهملة وسكون الثاء المثلثة. قوله: " بهذا الخبر " أي: الخبر المذكور.

قوله: " قال " أي: قال أبو بكر بن سليمان.

قوله: " حين لقاه الناسُ" بتشديد القاف. . . (2) والحديث مُرسل. وأخرجه النسائَي.

ص- قال ابن شهاب: وأخبرني هذا الخبر سعيدُ بن المُسيب، عن أبي هريرة. قال: وأخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، وأبو بكر بن الحارث ابن هشام، وعُبيد الله بن عبد الله (3) .

ش- أي: قال الزهري: وأخبرني هذا الخبر المذكور: سعيد بن المسيب، وأبو بكر: هو ابن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام؛ وقد ذكر مرةً. وعُبَيْد الله بن عبد الله الأول مُصَغر والثاني مكبّرة وهو عبيد الله ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهُذلي.

ص- قال أبو داود: رواه الزبيدي، عن الزهري، عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حَثمة، عن النبي- عليه السلام قال فيه: ولم يَسْجد سَجْدتي السهو.

ش- أي: رواه محمد بن الوليد الزبيدي؛ وهذا- أيضا- مُرسل.

(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (33/ 7234) .

(2)

بياض في الأصل قدر سطر ونصف.

(3)

جاء في سنن أبي داود عقب هذا النص: " قال أبو داود: رواه يحيى بن أبي كثير وعمران بن أبي أنس، عن أبي سلمه بن عبد الرحمن [والعلاء بن

عبد الرحمن، عن أبيه- جميعا-] عن أبي هريرة بهذه القصة، ولم يذكر

أنه سجد السجدتين اهـ. وقد ذكره المصنف عقب الحديث الآتي بدون ما بين المعقوفتين.

ص: 307

985-

ص- نا ابن معاذ: نا أبي: نا شعبة، عن سعد سمع أبا سلمةَ بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، عن النبي- عليه السلام أنه صلّى الظهر- يعني: النبي- عليه السلام فسلّم في الركعتين/ فقيل له: نقصت الصلاةَ، فَصلّى ركعتَيْن ثم سجَد سَجْدتين (1) .

ش- سَعْد: هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عَوْف.

فيه دليل على وجوب سجدتي السَّهْو، وأن السلام سهوا لا يخرجه عن الصلاة. والحديث: أخرجه البخاري، والنسائي، وقال النسائي: لا أعلم أحدا ذكر في هذا الحديث لا ثم سجَد سَجدتين " غيرُ سَعْد. ص- قال أبو داود: رواه يحيي بن أبي كثير، وعمران بن أبي أنس، عن أبي سلمه بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة هذه القصة؛ لم يذكر أنه سجد السجدتَيْن.

ش- أي: روى هذا الحديث: يحيى بن أبي كثير، وعمران بن أبي أنس المِصْري العامري.

ص- قال (2) أبو داود: ورواه داود بن الحُسين، عن أبي سفيان مولى أبي أحمد، عن أبي هريرة، عن النبي- عليه السلام بهذه القصة قال: ثم سجد سجدتين وهو جالس بعد التسليم.

ش- داود بن الحُسن: المدني أبو سليمان الأموي مولى عمرو بن عثمان بن عفان، روى عن: عبد الرحمن الأعرج، وعكرمة مولى ابن عباس، وأبي سفيان مولى أبي أحمد، روى عنه: مالك بن أنس، ومحمد بن إسحاق، وإسماعيل بن إبراهيم بن أبي حبيبة (3) وغيرهم،

(1) البخاري: كتاب الأذان، باب: هل يأخذ الإمام إذا شك بقول الناس؟ (715)، النسائي: كتاب السهو، باب: ما يفعل من سلم من ركعتين ناسيا وتكلم (20/3) .

(2)

هذا النص ذكر في سنن أبي داود عقب الحديث بعد التالي.

(3)

كذا، وفي تهذيب الكمال "إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة " وقال محققه: جاء في حواشي النسخ من قول المؤلف وهو يتعقب صاحب " الكمال": "كان فيه إسماعيل بن إبراهيم بن أبي حبيبة، وهو وهم".

ص: 308

قال ابن المديني: ما روى داود عن عكرمة منكر، وقال ابن عيينة: كنا نتقي حديث داود بن الحصين، وقال ابن معين: ثقة، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، ولولا أن مالكا روى حديثه لترك حديثه. مات سنة خمس وثلاثين ومائة وهو ابن ست وسبعين سنةً. روى له الجماعة (1) .

وأبو سفيان: اسمُه: قُزْمان، وقيل: وهب، وقيل: عطاء، ويقال فيه: مولى أبي أحمد، ومولى ابن أبي أحمد، واحتج البخاري ومسلم بحديثه. وقال في "الكمال": مولى عبد الله بن أبي أحمد بن جحش الأسدي، وقال ابن سَعْد: هو مولى لبني عبد الأشهل، وكان له انقطاع إلى أبي أحمد بن جحش فنُسب إلى ولائه، روى عن: أبي سعيد الخدري، روى عنه: داود بن الحصين، كان يَؤم بني عبد الأشهل وفيهم ناس من أصحاب النبي- عليه السلام، منهم: محمد بن مسلمة، وسلمة بن سلامة بن وقش، ويُصلي بهم وهو مكاتب. قال ابن سَعْد: وكان ثقة قليل الحديث. روى له: البخاري، ومسلم، وابن ماجه (2) . ثم هذا الحديث الذي علقه أبو داود أخرجه مسلم، والنسائي، عن قتيبة بن سعيد، عن مالك بن أنس، عن داود بن الحصين.

986-

ص- نا (3) هارون بن عبد الله: نا هاشم بن القاسم: نا عكرمة ابن عمار، عن ضمام بن جَوْس الهِفّاني قال: حدثني أبو هريرة بهذا الخبر، قال: ثم سجد سجدتي السهوً بَعْدما سلم (4) .

ش- ضمضم: بضادين معجمتين، وجوه: بفتح الجيم وسكون الواو وبالسين لمهملة، قد ذكرناه، والهِفَّاني: نسبة إلى هدفان- بكسر الهاء، وتشديد الفاء، وبعد الألف نون- وهو في حنيفة. والحديث: أخرجه النسائيّ.

(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (8/1753) .

(2)

المصدر السابق (33/ 3 0 74) .

(3)

جاء هذا الحديث في سنن أبي داود عقب الحديث الآتي.

(4)

النسائي: كتاب السهو، باب: السلام بعد سجدتي السهو (3/ 66) .

ص: 309

987-

ص- نا إسماعيل بن أسَد: نا شبابة: نا ابن أبي ذئب، عن سعيد ابن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة أن النبي- عليه السلام انصرف من الركعتين من صلاة مكتوبة فقال له رجل: أقصرت الصلاةُ يا رسول الله أو (1) نسيتَ؟ قال: "كل ذلك لمَ أفعل" فقالَ الناسُ: قد فعلتَ ذلك يا رسول الله، فركَع ركعتَيْن أخرايَيْن (2) ثم انصرف ولم يَسْجد سَجْدتي السهْو (3) . ش- إسماعيل بن أسَد: هو ابن أبي الحارث بن شاهين البغدادي أبو إسحاق، روى عن: شبابة بن سوار، والحسن بن موسى الأشيب، وكثير بن هشام وغيرهم، روى عنه: أبو داود، وابن ماجه، وأبو بكر ابن أبي الدنيا وغيرهم. قال الدارقطني: بغدادي ثقة صدوق، ورع فاضل. مات يوم الجمعة في جمادى الأولى سنة ثمان وخمسين ومائتين (4) .

وابن أبي ذئب: محمد بن عبد الرحمن.

قوله: " كل ذلك لم أفْعل " بنَصْب " كلَّ " على إضمار عامله بشرط التفسير، تقديره: لم أفعل كل ذلك، ويجوز رفعُه على الابتداء، وخبره:" لم أفعل " أي: كل واحد من الأمْرين لم أفْعَلْهُ.

قوله: " ولم يسجد سجدتي السهو" وهذا- كما ترى- اختلفت الرُّواة في سجدة النبي- عليه السلام للسهْو. وهذا الحديث يدل على أن الكلام حينئذ كان مُباحا، حيث لم يسجد- عليه السلام سجدتي السهو ثم نسخ؛ وقد قررنا الكلام فيه مرة.

[2/61 - أ] 988 - ص - نا أحمد بن محمد بن ثابت:/ نا أبو أسامة ح ونا محمد ابن العلاء: أنا أبو أسامة قال: أخبرني عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر

(1) في سنن أبي داود: "أم ".

(2)

كذا، وفي سنن أبي داود:" أخريين ".

(3)

تفرد به أبو داود.

(4)

انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (3/ 425) .

ص: 310

قال: صلى رسول الله- عليه السلام فسلم في ركعتين، فذكر نحو حديث ابن سيرين، عن أبي هريرة قال: ثم سلم ثم سجد سَجْدتي السهو (1) . ش- أحمد المذكور هو ابن شَبّويَه، وأبو أسامة: حماد بن أسامة، وعبيد الله: ابن عُمر العُمري. وهذا الحديث فيه إثبات سجدتي السهو، وأخرجه ابن ماجه- أيضا.

989-

ص- نا مسدد: نا مسلمة بن مُحمد أح وحدثنا مسدد: حدثنا يزيد بن زريع، (2) قالا: نا خالد الحذاء: نا أبو قلابة، عن أبي المُهلب، عن عمران بن الحُصَيْن قال: سلم رسولُ الله- عليه السلام في ثلاث ركعات من العصر ثم دخل- قال عن مسلمة- الحُجَر، فقام إليه رجل يُقال له الخرْباقُ- وكان طويل اليدَيْن- فقال: أَقصرت الصلاةُ يا رسول الله؟ فخرج مُغضباً يَجر رداءه فقال: " أصدَق؟ " قالوا: نعم، فصلى تلك الركعة ثم سلم ثم سجد سجدتيها ثم سلم (3) .

ش- مسلمة بن محمد: الثقفي، فيه مقال، وقد ذكرناه، وأبو قلابة: عبد الله بن زيد الجرمي، وأبو المهلب: اسمُه: عبد الرحمن بن عمرو، وقيل: معاوية بن عمرو، وقيل: عمرو بن معاوية، ذكر هذه الأقوال الثلاثة في اسمه البخاري في " تاريخه " وقيل: اسمه: النضر بن عمرو الجرمي الأزدي البصري التابعي الكبير، روى عن: عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وأبي بن كعب، وعمران بن حصين، وهو عم أبي قلابة الراوي عنه هنا.

(1) ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: فيمن سلم من اثنتين أو ثلاث ساهياً (1213) .

(2)

ساقط من الأصل، وأثبتناه من سنن أبي داود.

(3)

مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: السهو في الصلاة والسجود له (102/ 574)، النسائي: كتاب السهو، باب: ذكر الاختلاف على أبي هريرة في السجدتين (3/ 26)، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: فيمن سلم من اثنتين أو ثلاث ساهيا (1215) .

ص: 311