المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌145- باب: الدعاء في الصلاة - شرح سنن أبي داود للعيني - جـ ٤

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌130- باب: من رأى القراءة إذا لم يجهر

- ‌131- باب: ما يجزئ الأمي والأعجمي من القراءة

- ‌132- باب: تمام التكبير

- ‌133- باب: كيف يضع ركبتيه قبل يديه

- ‌134- باب: النهوض في الفرد

- ‌135- باب: الإقعاء بين السجدتين

- ‌136- باب: ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌137- باب: الدعاء بين السجدتين

- ‌138- باب: رفع النساء إذا كُن مع الرجال رءوسهن من السجدة

- ‌139- باب: طول القيام من الركوع وبين السجدتين

- ‌140- باب: صلاة مَن لا يقيم صلبه في الركوع والسجود

- ‌142- باب: تفريع أبواب الركوع والسجود

- ‌143- باب: ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده

- ‌144- باب: في الدعاء في الركوع والسجود

- ‌145- باب: الدعاء في الصلاة

- ‌146- باب: مقدار الركوع والسجود

- ‌147-باب: الرجل يدرك الإمام ساجدا كيف يصنع

- ‌148- بَاب: أعْضَاء السجُود

- ‌149- بَاب: السجُود على الأنف والجبهَةِ

- ‌150- بَاب: صِفَة السُّجُودِ

- ‌151- بَابُ: الرخصَة في ذلك

- ‌152- بَابُ: التَخصُّر والإِقعاء

- ‌153- بَابُ: البُكاء في الصَّلاةِ

- ‌155- بَابُ: الفتح على الإمَام فِي الصَّلاة

- ‌156-بَابُ: النهي عَن التَّلقين

- ‌157- بَابُ: الالتِفات فِي الصَّلاةِ

- ‌158-بَابُ: النَّظَر في الصلاة

- ‌159- بَابُ: الرخصَةِ في ذلك

- ‌160- بَابُ: العَمَل فِي الصَّلاة

- ‌ 161- بَابُ: رَد السَّلام فِي الصلاة

- ‌162- بَاب: تشميت العاطس في الصلاة

- ‌163- بَابُ: التَأمين وَرَاء الإمام

- ‌164- بَابُ: التصْفيق في الصلاة

- ‌165- بَابُ: الإِشارَةِ في الصلاة

- ‌ 166- بَابُ: مَسْح الحَصَى في الصلاة

- ‌ 167-بَابُ: الاخْتِصَارِ فِي الصَّلاةِ

- ‌168- بَابُ: الرّجُل يَعتمدُ في الصَّلاةِ على عَصى

- ‌169- بَابُ: النَّهْى عن الكلام في الصَّلاةِ

- ‌170- بَابٌ: في صَلاةِ القَاعِدِ

- ‌171- بَاب: كيفَ الجُلوُس في التَشَهُّد

- ‌172- بَاب: مَنْ ذكرَ التَّورك في الرابعة

- ‌173- بَابُ: التَّشهُّدِ

- ‌174- بَابُ: الصَّلاة عَلى النَبِي- عليه السلام بَعْد التَّشَهُّدِ

- ‌175- بَابُ: إِخْفاء التَّشهُّدِ

- ‌176- بَابُ: الإشارة في التَّشهُّدِ

- ‌177- بَابُ: كراَهِية الاعْتمادِ على اليَدِ في الصَّلاةِ

- ‌178- باب: في تخفيف القُعُود

- ‌179- بَاب: في السَّلام

- ‌180- بَابُ: الرد على الإِمام

- ‌181- بَابٌ: إذا أحْدَث في صَلاِته يستقبل

- ‌182- بَاب: في الرجل الذي يتطوَعُ فِيمَكانِهِ الذِي صَلى فيه المكتوبة

- ‌183- بَابُ: السهْوِ في السَجْدَتَيْن

- ‌184- بَاب: إذا صَلى خمساً

- ‌185- بَاب: إذا شَكّ في الثنتين والثلاث مَنْ قال: يُلقى الشَكَّ

- ‌186- بَاب: مَنْ قال: يُتمّ عَلَى أكبَر ظنّه

- ‌187- بَاب: مَن قال بَعْد السلام

- ‌188- بَاب: مَنْ قامَ مِن ثنتين ولم يَتَشهد

- ‌189- بَاب: مَنْ نَسِي أنْ يَتَشَهّدَ وَهْوَ جَالِس

- ‌190- بَابُ: سَجْدتي السهو فيهما تَشهد وَتَسْليم

- ‌191- بَابُ: انصرَافِ النِسَاءِ قَبلَ الرجالِ منذ الصلاة

- ‌192- بَابٌ: كيفَ الانصرافُ مِن الصلاة

- ‌193- بَابُ صَلاة الرجل التطوّعَ في بيتِهِ

- ‌194- بَاب: مَنْ صَلى لغيْر القِبْلةِ ثم عَلِمَ

- ‌195- بَابُ: تفْريع أبْواب الجُمعةِ

- ‌196- بَابُ: الإجَابة أية سَاعَةٍ هي في يوْم الجمعة

- ‌197- بابُ: فَضْلِ الجُمْعة

- ‌198- بَابُ: التشْدِيدِ في تَرْك الجُمعةِ

- ‌199- بَابُ: كفّارة مَنْ تركهَا

- ‌200- بَابُ: مَنْ تجبُ عليه الجمعة

- ‌201- بَابُ: الجُمعة في اليَوْم المَطيرِ

- ‌202- بَابُ: التخلفِ عن الجماعةِ في الليْلةِ البَارِدةِ

- ‌203- بَابُ: الجُمعة للمَمْلُوك وَالمرأةِ

- ‌204- بَابُ: الجُمعَةِ في القُرَى

- ‌205- بَابٌ: إذا وَافق يومُ الجُمعةِ يَوْمَ العِيدِ

- ‌206- بَابُ ما يَقْرأ فِي صَلاةِ الصُّبْح يَوْمَ الجُمْعَةِ

- ‌207- بَابُ: اللُّبْس يَوْمَ الجُمعة

- ‌208- بَابُ: التَحلُّقِ يَوْمَ الجُمعَة قبل الصلاة

- ‌209- باب: اتخاذ المنبر

- ‌210- باب: موضع المنبر

- ‌211- باب: الصلاة يوم الجمعة قبل الزوال

- ‌212- باب: وقت الجمعة

- ‌213- بَاب: النداء في يوم الجمعة

- ‌214- باب: الإمام يكلم الرجل في خطبته

- ‌215- باب: الجلوس إذا صعد المنبر

- ‌216- باب: الخطبة قائماً

- ‌217- باب: الرجل يخطب على قوس

- ‌218- باب: رفع اليدين على المنبر

- ‌219- باب: اقتصار الخطب

- ‌220- بَابُ: الدنو من الإمام عند الخطبة

- ‌221- باب: الإمام يقطع الخطبة للأمر يحدث

- ‌222- باب: الاحتباء والإمام يخطب

- ‌223- باب: الكلام والإمام يخطب

- ‌224- بابُ: استئذانِ المُحْدثِ الإمامَ

- ‌225- باب: إذا دخل الرجل والإمام يخطب

- ‌226- باب: تخطي رقاب الناس يوم الجمعة

- ‌228- باب: الإمام يتكلم بعد ما ينزل من المنبر

- ‌229- باب: من أدرك من الجمعة ركعة

- ‌231- باب: الرجل يأتم بالإمام وبينهما جدار

- ‌232- باب: الصلاة بعد الجمعة

- ‌233- باب: صلاة العيدين

- ‌234- باب: وقت الخروج إلى العيد

- ‌235- باب: خروج النساء في العيد

- ‌236- باب: الخطبة في يوم العيد

- ‌237- باب: ترك الأذان في العيد

- ‌238- باب: التكبير في العيدين

- ‌239- باب: ما يُقرأ في الأضحى والفطر

- ‌240- باب: الجلوس للخطبة

- ‌241- باب: الخروج إلى العيد في طريق

- ‌242- باب: إذا لم يخرج الإمام للعيد من يومه يخرج من الغد

- ‌243- باب: الصلاة بعد صلاة العيد

- ‌244- باب: يصلي الناس العيد في المسجد إذا كان يوم مطر

الفصل: ‌145- باب: الدعاء في الصلاة

لطيف وذلك أنه استعاذ بالله، وسأله أن يجيره برضاه من سخطه، وبمعافاته من عقوبته، والرضا والسخط ضدان متقابلان، وكذلك المعافاة والمعاقبة، فلما صار إلى ذكر ما لا ضد له- وهو الله سبحانه وتعالى استعاذ به منه لا غير. ومعناه: الاستغفار من التقصير في بلوغ الواجب في سنن عبادته والثناء عليه".

قوله: "لا أحصي ثناءً عليك " أي: لا أطيقه ولا آتي عليه. وقيل: لا أحيط به. وقال مالك: معناه لا أحصي نعمتك وإحسانك والثناء عليك بها، وإن اجتهدتُ في الثناء عليك.

قوله: " أنت كما أثنيتَ على نفسك" اعتراف بالعجز عن تفصيل الثناء، وأنه لا يقدر على بلوغ حقيقته، ورد ثناءه إلى الجملة دون التفصيل والإحصاء والتعيين، فوكل ذلك إلى الله تعالى، المحيط بكل شيء جملةً وتفصيلاً، وكما أنه لا نهاية لصفاته، لا نهاية للثناء عليه، لأن الثناء نافع للمُثني عليه، فكل ثناء أثني عليه به، وإن كثر، وإن طال، وبولغ فيه، فقدر الله أعظم، وسلطانه أعز، وصفاته كبر وكثر، وفضله وإحسانه أوسع وأسبغ.

وفي هذا الحديث دليل لأهل السنة في جواز إضافة الشر إلى الله تعالى، كما يضاف إليه الخير لقوله:"أعوذ من سخطك ومن عقوبتك ". والحديث أخرجه مسلم، وابن ماجه، والنسائي.

* * *

‌145- باب: الدعاء في الصلاة

أي: هذا باب في بيان الدعاء في الصلاة، وفي بعض النسخ "باب ما جاء في الدعاء في الصلاة".

857-

ع- نا عمرو بن عثمان نا بقية نا شعيب عن الزهري عن عروة أن عائشة أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في صلاته: "اللهم إني أعوذُ بك مِن عَذَابِ القَبْرِ، وأعوذُ بك من فِتنةِ المسيح الدجالِ، وأعوذُ بك من

ص: 90

فتنة المحْيا والمَمَاتِ. اللهم أني أَعوذُ بك من المَأثَم" والمَغْرَم" فقال له قائل: ما

كًثرَ ما تَستعيذُ/ من المغرم؟ فقال: كان الرجلَ إذا غرمَ حَدثَ فكَذَبَ، [2/17 - ب] ووَعدَ فأخْلَفَ " (1) .

ش- بقية بن الوليد، وشعيب بن أبي حمزة.

قوله: " كان يدعو في صلاته " يعني بعد التشهد الأخير قبل السلام. ولهذا قال البخاري: "باب الدعاء قبل السلام"، ثم روى هذا الحديث وغيره.

قوله: "من عذاب القبر" فيه إثبات عذاب القبر وفتنته، وهو مذهب أهل الحق خلافا للمعتزلة.

قوله: " المسيح الدجال " أما تسميته بالمسيح " (2) فلان الخير مُسحَ منه فهو مسيح الضلالة وقيل سمي به لأن عينه الواحدة ممسوحة، ويقال: رجل ممسوح الوجه ومسيح، وهو أن لا يبقى على أحد شقي وجهه عين ولا حاجب إلا استوى. وقيل: لأنه يمسح الأرض، أي: يقطعها، وقال أبو الهيثم: إن مِسيحَ على وزن سكيت، وأنه الذي مُسح خلقه، أي: شوه، فكأنه هرب من الالتباس بالَمسيح ابن مريم- عليهما السلام ولا التباس، لأن عيسى- عليه السلام إنما سمي مسيحا لأنه كان لا يمسح بيده المباركة ذا عاهةٍ إلا برأ، وقيل: لأنه كان أمسح الرجل لا أخمص له، وقيل: لأنه خرج من بطن أمه ممسوحة بدهن. وقيل المسيح: الصديق، وقيل: هو بالعبرانية: مشيحَا فعرًب، وأما تسميته بالدجال، فلأنه بدل متلبس من الدجل وهو الخلط، ويقال: الطلي والتغطية، ومنه البعير المدجل أي: المهنوء بالقطران، ودجلة: نهر ببغداد، سُميت

(1) البخاري: كتاب الأذان، باب: الدعاء قبل السلام (832)، مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: ما يستعاذ منه في الصلاة (589)، النسائي: كتاب السهو، باب: نوع آخر (3/ 57) .

(2)

انظر: النهاية (4/ 326- 327) .

ص: 91

بذلك لأنها تغطي الأرض بمائها، وهذا المعنى أيضا في الدجال، لأنه يغطي الأرض بكثرة أتباعه، أو يغطي الحق بباطله، وقيل: لأنه مطموس العين من قولهم، دجل الأثر إذا عفي ودرِسَ. وقيل من دجل؛ أي: كذب، والدجال: الكذاب".

قوله: "من فتنة المحيا والممات " كلاهما مصدران ميميان بمعنى الحياة والموت ويحتمل زمان ذلك لأن ما كان معتل العين من الثلاثي فقد يأتي منه المصدر والزمان والمكان بلفظ واحد، أما فتنة الحياة فهي: التي تعرض لإنسان مدة حياته من الافَتتان بالدنيا والشهوات والجهالات، وأشدها وأعظمها- والعياذ بالله- أمر الخاتمة عند الموت، وأما فتنة الموت فاختلفوا فيها، فقيل: فتنة القبر، وقيل: يحتمل أن يراد به الفتنة عند الاحتضار، أضيفت إلى الموت لقربها منه.

فإن قيل: إذا كان المراد من قوله: "وفتنة الممات" وفتنة القبر، يكون هذا مكررَا، لأن قوله:"من عذاب القبر" يدل على هذا، قلت: لا تكرَار، لأن العذاب يزيد على الفتنة، والفتنة سبب له، والسبب غير المسبب. قوله:"من المأثم " أي: الإثم الذي يجر إلى الذم والعقوبة.

قوله: "والمغرم " الدين، يقال: غَرِمَ الرجل- بالكسر- إذا ادان، وقيل الغُرم والمغرم: ما ينوبُ الإنسان في ماله من ضرر لغير جنايةِ منه، وكذلك ما يلزمه أداؤه، ومنه الغرامة، والغريم الذي عليه الدين، والأصل فيه الغَرام وهو الشر الدائم والعذاب.

قوله: "فقال له: قائل " أي: قال للنبي- عليه السلام قائل، سائلا عن وجه الحكمة في كثرة استعاذته من المغرم فقال- عليه السلام:"إن الرجل إذا اغَرِم" يعني: إذا لحقه دين حدثَ فكذب، بأن يحتج بشيء في وفاء ما عليه، ولم يقم به فيصير كاذبَا، ووعد وأخلف، بأن قال لصاحب الدين أوفيك دينك في يوم كذا، أوفي شهر كذا، أو في وقت كذا، ولم يوف فيه فيصير مخالفَا لوعده، والكذب وخلف الوعد من

ص: 92

صفات المنافقين، كما ورد في الحديث المشهور، فلولا هذا الدين عليه لما

ارتكب هذا الإثم العظيم، ولما اتصف بصفات المنافقين

وكلمة " ما" في قوله: " ما أكثر ما تستعيذُ" للتعجب، و " ما "

الثانية: مصدرية، يعني: ما أكثر استعاذتك من المغرم.

فإن قيل: قوله: "فتنة المحيا والممات " يشمل جميع ما ذكر فلأي فائدة

خصص هذه الأشياء بالذكر؟ قلت: لعظم شأنها، وكثرة شرها. ولا

شك/ أن تخصيص معنى ما يشمله الَعام من باب الاعتناء بأمره لشدة [2/18- أ] حكمه، وفي هذا الكلام عطف العام على الخاص أيضا، وذلك لفخامة

أمر المعطوف عليه، وعظمة شأنه، فافهم.

فإن قيل: ما فائدة تعوذه- عليه السلام من فتنة المسيح الدجال، مع

علمه- عليه السلام بأنه متأخر عن ذلك الزمان بكثير؟ قلت: فائدته

أن ينتشر خبره بين الأمة من جيل إلى جيل، وجماعة إلى جماعة، بأنه

كذاب مبطل مفترى، ساع على وجه الأرض بالفساد، مموه ساحر،

حتى لا يلتبس على المؤمنين أمره عند خروجه- عليه اللعنة- ويتحققوا

أمره، ويعرفوا أن جميع دعاويه باطلة، كما أخبر به رسول الله- عليه السلام، ويجوز أن يكون هذا تعليمَا منه لأمته، أو تعوذاً منه لأمته.

فإن قيل: يُعارض التعوذ بالله عن المغرم ما رواه جعفر بن محمد، عن

أبيه، عن عبد الله بن جعفر يرفعه: "إن الله مع الدائن حتى يقضي دينه،

ما لم يكن فيما يكره الله عز وجل " وكان ابن جعفر يقول لخادمه: فاذهب

فخذ لي بدينِ فإني أكره أن أبيت الليلة إلا والله معي"، قال الطبري:

"وكلا الحديثين صحيح ". قلنا: الغرم الذي استعاذ منه، إما أن يكون

في مباح ولكن لا وجه عنده لقضائه، فهو متعرض لهلاك مال أخيه، أو

يستدين وله إلى القضاء سبيل غير أنه يَرى ترك القضاء. وهذا لا يصح إلا

إذا نُزعت كلامه- عليه السلام على التعليم لأمته، أو يستدين من غير

حاجة طمعا في مال أخيه ونحو ذلك، وحديث جعفر "فيمن كان محتاجا

إليه احتياجا شرعيا، فيستدين ونيته القضاء. وإن لم يكن له سبيل إلى

ص: 93

القضاء في ذلك الوقت، لأن "الأعمال بالنيات "، و" نية المؤمن خير من عمله "، ثم اختلف العلماء في الأدعية التي يدعى بها قبل السلام، فالجمهور على أنها مستحبة. وقال ابن حزم بفرضية التعوذ الذي في حديث عائشة، وذكر مسلم أن طاوسَا أمر ابنه بإعادة صلاته التي لم يدع به فيها، وظاهر هذا: أنه حَمل هذا على الوجوب، فأوجب إعادة الصلاة لفواته.

وقال الشيخ محيي الدين (1) : "ولعل طاوسَا أراد- تأديب ولده، وتأكيد هذا الدعاء عنده، لا أنه يعتقد وجوبه " والله أعلم.

واختلفوا أيضا فيما يدعو به الإنسان في صلاته، فعند أبي حنيفة، وأحمد لا يجور الدعاء فيها إلا بالأدعية المأثورة، أو الموافقة للقرآن العظيم. وإليه ذهب إبراهيم، وطاوس، وابن سيرين. وقال الشافعي ومالك، يجوز أن يدعو فيها بكل ما يجوز به الدعاء خارج الصلاة، من أمور الدنيا والدين، مما يشبه كلام الناس، ولا تبطل صلاته بشيء من ذلك عندهما.

والحديث أخرجه البخاري، ومسلم، والنسائي.

858-

ص- نا مسدد، نا عبد الله بن داود، عن ابن أبي ليلى، عن ثابت البناني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه قال: صليتُ إلى جَنْب رَسول الله في صلاة تَطَوع فسمعته يقولُ: أعوذُ بالله من النار، ويَل لأهلِ النارِ" (2) .

ش- عبد الله بن داود الخُرَيبْي البصري، وابن أبي ليلى اسمه محمد بن عبد الرحمن وهو: ضعيف الحديث وقد ذكرناه، وأبو ليلى له صحبة لقبه االأيسر " واختُلف في اسمه فقيل: "يسار، وقيل: داود وقيل: أوس،

(1) شرح صحيح مسلم (5/89) .

(2)

ا"بن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: ما جاء في القراءة في صلاة الليل (1352)

ص: 94

وقيل: بلال، وقيل بلال أخوه. وفي الكمال: يسار؛ أبو ليلى الأنصاري والد عبد الرحمن بن أبي ليلى، وقال مسلم وابن نُمير: اسمه

يَسار، وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: اسم أبي ليلى داود بن بلال بن

بليل بن أحيحة بن الجُلاح بن جحجبي بن كَلْفة الأنصاري، من الأوس.

روى عنه: ابنه عبد الرحمن، قُتل بصفين مع علي بن أبي طالب. روى

له: الترمذي، وابن ماجه، وأبو داود (1) .

قوله:" ويل لأهل النار " أي: شدة عذاب، قاله ابن عباس، وقال

الأصمعي: تقبيح، وقال الفضل: حزن، وقال أبو سعيد الخدري: واد

في جهنم، وقال ابن بريدة: جبل فيها، وقال ابن كيسان: كلمة كل مكروب، وقال الزجاج: كل واقع في الهلكة، ويقال/ معناه: خزي [2/ 18- ب] لأهل النار، ويقال: عويلْ وصياح. ويقال: دعاء بالثبور، وارتفاعه

على الابتداء، وخبره [" لأهل النار"] ، (2) وأخرجه ابن ماجه.

859-

ص- نا أحمد بن صالح، نا عبد الله بن وهب قال: أخبرني

يونس، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أن أبا هريرة قال:

"قَامَ رسولُ اللهِ إلى الصلاةِ وقُمْنَا معه، فقال أعرابي في الصَّلاة "اللهم

ارْحَمْنِي ومُحمدا ولا تَرْحَمْ معنا أحدَا. فلما سَلَّمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي: "لقد تَحَجَّرْتَ وَاسِعَا"- يُريدُ رحمةَ اللهِ- (3) .

ش- يونس بن يزيد.

قوله: "لقد تحجرتَ واسعا" أي: ضيقتَ ما وسعه الله، وخصصت

(1) انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (4/ 170) ، أسد الغابة (6/ 269) ، الإصابة (4/ 169) .

(2)

غير واضح في الأصل.

(3)

البخاري: كتاب الوضوء، باب الأعرابي الذي بال في المسجد، النسائي: كتاب الطهارة، باب التوقيت في الماء (1/ 47)، وكتاب: السهو، باب: الكلام في الصلاة (3/ 14) .

ص: 95

به نفسك دون غيرك، وفيه أن تخصيص الرجل نفسه بالدعاء مكروه، بل يُعمم الدعاء فإنه أقربُ إلى القبول، لأن رحمة الله واسعة، والحديث أخرجه البخاري، والنسائي.

860-

ص- نا زهير بن حرب، نا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أن النبي- عليه السلام كَانَ إذا قَرَأ (سبح اسْمَ ربكَ الأعْلَى " (1) قال:"سبحانَ ربي الأعْلى "(2) .

ش- إسرائيل بن أبي إسحاق، وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي الكوفي، ومسلم بن عمران، ويقال: ابن أبي عمران، ويقال: ابن أبي عبد الله البطين، أبو عبد الله الكوفي. روى عن سعيد [بن جبير] ، (3) ، وإبراهيم التيمي، ومجاهد وغيرهم. روى عنه الأعمش 0001، (3) والمسعودي، وغيرهم. قال أحمد وابن معين: ثقة. روى له [الجماعة](3) إلا النسائي (4) . وإنما كان يقول- عليه السلام سبحان ربي الأعلى لأنه أمر به، حيث قال له ربه "سبح اسْمَ ربكَ الأعْلَى" والخطاب للنبي- عليه السلام. وقد روي هذا موقوفاً

ص- قال (5) أحمد: يعجبني في الفريضةِ أن يَدْعُو بما في القرآن.

ش- أي: قال أحمد بن حنبل، وأشار به إلى أن المصلي يدعو في الفرض بقوله: فسبحان ربي الأعلى في السجود (6) وسبحان ربي العظيم في الركوع.

ص- قال أبو داود: خُولفَ وكيع في هذا الحديث. رواه أبو وكيع وشعبةُ عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس موقوفَا.

(1) سورة الأعلى: (1) .

(2)

تفرد به أبو داود.

(3)

غير واضح في الإلحاق.

(4)

انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (27/ 936 5) .

(5)

هذا القول ذكر في سنن أبي داود عقب الحديث الآتي.

(6)

في الأصل: " الركوع ".

ص: 96

ش- أشار أبو داود بهذا إلى أن الحديث المذكور. رواه غير وكيع موقوفَا على ابن عباس، وهو أبو وكيع الجراح بن مليح بن عدي بن فرس ابن جمحة بن سفيان بن الحارث بن عمرو بن عبيد بن رُؤَاس واسمه الحارث بن كلاب بن عامر بن صعصعة بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار الرُّؤَاسي الكوفي، والد وكيع ولي بيت المال ببغداد في زمن هارون الرشيد، وكان على دار الضرب بالري، وأصله من قرية من قرى نيسابور، يقال لها أُسْتُوا، يقال كنيته أبو وكيع. روى عن أبي إسحاق السبيعي، والأعمش، وعاصم الأحول وغيرهم. روى عنه: ابنه وكيع، وأبو الوليد الطيالسي، ومسدد وغيرهم. قال أبو حاتم: يكتبُ حديثه، ولا يحتج به. وقال ابن معين: ضعيف، وقال في رواية عباس: ثقة، وفي رواية عثمان: ليس به بأس، وقال أبو الوليد الطيالسي: هو ثقة، وقال أبو داود: ثقة، وقال الدارقطني: ليس بشيء، لا يُعتبر به، وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة، وروايات مستقيمة، وحديثه لا بأس به. وهو صدوق، ولم أجد في حديثه منكرَا، وعامة ما رواه عنه ابنه وكيع، وقد حدَّث عنه غير وكيع. والثقات من الناس، مات سنة ست وسبعين ومائة. روى له مسلم، والترمذي (1) .

861-

ص- نا محمد بن المثنى قال: حدثني محمد بن جعفر، نا شعبة عن مُوسى بن أبي عائشة قال: كان رجلٌ يُصلِّي فوق بيته، فكانَ إذا قَرَأ، "أليس ذَلكَ بقَادر عَلَى أن يحيي المَوْتَى"(2) . قالَ. س"بحَانَكَ فَبَلَى، فَسَألُوهُ عن ذلكَ فقَاَل: سمعتُه من رسول الله صلى الله عليه وسلم (3) .

ش- محمد بن جعفر البصري المعروف بغُندر، وموسى بن أبي عائشة أبو الحسن الكوفي الهمداني.

(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (4/ 910) .

(2)

سورة القيامة: (40) .

(3)

تفرد به أبو داود.

7.

شرح سنن أبي داوود 4

ص: 97