المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌204- باب: الجمعة في القرى - شرح سنن أبي داود للعيني - جـ ٤

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌130- باب: من رأى القراءة إذا لم يجهر

- ‌131- باب: ما يجزئ الأمي والأعجمي من القراءة

- ‌132- باب: تمام التكبير

- ‌133- باب: كيف يضع ركبتيه قبل يديه

- ‌134- باب: النهوض في الفرد

- ‌135- باب: الإقعاء بين السجدتين

- ‌136- باب: ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌137- باب: الدعاء بين السجدتين

- ‌138- باب: رفع النساء إذا كُن مع الرجال رءوسهن من السجدة

- ‌139- باب: طول القيام من الركوع وبين السجدتين

- ‌140- باب: صلاة مَن لا يقيم صلبه في الركوع والسجود

- ‌142- باب: تفريع أبواب الركوع والسجود

- ‌143- باب: ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده

- ‌144- باب: في الدعاء في الركوع والسجود

- ‌145- باب: الدعاء في الصلاة

- ‌146- باب: مقدار الركوع والسجود

- ‌147-باب: الرجل يدرك الإمام ساجدا كيف يصنع

- ‌148- بَاب: أعْضَاء السجُود

- ‌149- بَاب: السجُود على الأنف والجبهَةِ

- ‌150- بَاب: صِفَة السُّجُودِ

- ‌151- بَابُ: الرخصَة في ذلك

- ‌152- بَابُ: التَخصُّر والإِقعاء

- ‌153- بَابُ: البُكاء في الصَّلاةِ

- ‌155- بَابُ: الفتح على الإمَام فِي الصَّلاة

- ‌156-بَابُ: النهي عَن التَّلقين

- ‌157- بَابُ: الالتِفات فِي الصَّلاةِ

- ‌158-بَابُ: النَّظَر في الصلاة

- ‌159- بَابُ: الرخصَةِ في ذلك

- ‌160- بَابُ: العَمَل فِي الصَّلاة

- ‌ 161- بَابُ: رَد السَّلام فِي الصلاة

- ‌162- بَاب: تشميت العاطس في الصلاة

- ‌163- بَابُ: التَأمين وَرَاء الإمام

- ‌164- بَابُ: التصْفيق في الصلاة

- ‌165- بَابُ: الإِشارَةِ في الصلاة

- ‌ 166- بَابُ: مَسْح الحَصَى في الصلاة

- ‌ 167-بَابُ: الاخْتِصَارِ فِي الصَّلاةِ

- ‌168- بَابُ: الرّجُل يَعتمدُ في الصَّلاةِ على عَصى

- ‌169- بَابُ: النَّهْى عن الكلام في الصَّلاةِ

- ‌170- بَابٌ: في صَلاةِ القَاعِدِ

- ‌171- بَاب: كيفَ الجُلوُس في التَشَهُّد

- ‌172- بَاب: مَنْ ذكرَ التَّورك في الرابعة

- ‌173- بَابُ: التَّشهُّدِ

- ‌174- بَابُ: الصَّلاة عَلى النَبِي- عليه السلام بَعْد التَّشَهُّدِ

- ‌175- بَابُ: إِخْفاء التَّشهُّدِ

- ‌176- بَابُ: الإشارة في التَّشهُّدِ

- ‌177- بَابُ: كراَهِية الاعْتمادِ على اليَدِ في الصَّلاةِ

- ‌178- باب: في تخفيف القُعُود

- ‌179- بَاب: في السَّلام

- ‌180- بَابُ: الرد على الإِمام

- ‌181- بَابٌ: إذا أحْدَث في صَلاِته يستقبل

- ‌182- بَاب: في الرجل الذي يتطوَعُ فِيمَكانِهِ الذِي صَلى فيه المكتوبة

- ‌183- بَابُ: السهْوِ في السَجْدَتَيْن

- ‌184- بَاب: إذا صَلى خمساً

- ‌185- بَاب: إذا شَكّ في الثنتين والثلاث مَنْ قال: يُلقى الشَكَّ

- ‌186- بَاب: مَنْ قال: يُتمّ عَلَى أكبَر ظنّه

- ‌187- بَاب: مَن قال بَعْد السلام

- ‌188- بَاب: مَنْ قامَ مِن ثنتين ولم يَتَشهد

- ‌189- بَاب: مَنْ نَسِي أنْ يَتَشَهّدَ وَهْوَ جَالِس

- ‌190- بَابُ: سَجْدتي السهو فيهما تَشهد وَتَسْليم

- ‌191- بَابُ: انصرَافِ النِسَاءِ قَبلَ الرجالِ منذ الصلاة

- ‌192- بَابٌ: كيفَ الانصرافُ مِن الصلاة

- ‌193- بَابُ صَلاة الرجل التطوّعَ في بيتِهِ

- ‌194- بَاب: مَنْ صَلى لغيْر القِبْلةِ ثم عَلِمَ

- ‌195- بَابُ: تفْريع أبْواب الجُمعةِ

- ‌196- بَابُ: الإجَابة أية سَاعَةٍ هي في يوْم الجمعة

- ‌197- بابُ: فَضْلِ الجُمْعة

- ‌198- بَابُ: التشْدِيدِ في تَرْك الجُمعةِ

- ‌199- بَابُ: كفّارة مَنْ تركهَا

- ‌200- بَابُ: مَنْ تجبُ عليه الجمعة

- ‌201- بَابُ: الجُمعة في اليَوْم المَطيرِ

- ‌202- بَابُ: التخلفِ عن الجماعةِ في الليْلةِ البَارِدةِ

- ‌203- بَابُ: الجُمعة للمَمْلُوك وَالمرأةِ

- ‌204- بَابُ: الجُمعَةِ في القُرَى

- ‌205- بَابٌ: إذا وَافق يومُ الجُمعةِ يَوْمَ العِيدِ

- ‌206- بَابُ ما يَقْرأ فِي صَلاةِ الصُّبْح يَوْمَ الجُمْعَةِ

- ‌207- بَابُ: اللُّبْس يَوْمَ الجُمعة

- ‌208- بَابُ: التَحلُّقِ يَوْمَ الجُمعَة قبل الصلاة

- ‌209- باب: اتخاذ المنبر

- ‌210- باب: موضع المنبر

- ‌211- باب: الصلاة يوم الجمعة قبل الزوال

- ‌212- باب: وقت الجمعة

- ‌213- بَاب: النداء في يوم الجمعة

- ‌214- باب: الإمام يكلم الرجل في خطبته

- ‌215- باب: الجلوس إذا صعد المنبر

- ‌216- باب: الخطبة قائماً

- ‌217- باب: الرجل يخطب على قوس

- ‌218- باب: رفع اليدين على المنبر

- ‌219- باب: اقتصار الخطب

- ‌220- بَابُ: الدنو من الإمام عند الخطبة

- ‌221- باب: الإمام يقطع الخطبة للأمر يحدث

- ‌222- باب: الاحتباء والإمام يخطب

- ‌223- باب: الكلام والإمام يخطب

- ‌224- بابُ: استئذانِ المُحْدثِ الإمامَ

- ‌225- باب: إذا دخل الرجل والإمام يخطب

- ‌226- باب: تخطي رقاب الناس يوم الجمعة

- ‌228- باب: الإمام يتكلم بعد ما ينزل من المنبر

- ‌229- باب: من أدرك من الجمعة ركعة

- ‌231- باب: الرجل يأتم بالإمام وبينهما جدار

- ‌232- باب: الصلاة بعد الجمعة

- ‌233- باب: صلاة العيدين

- ‌234- باب: وقت الخروج إلى العيد

- ‌235- باب: خروج النساء في العيد

- ‌236- باب: الخطبة في يوم العيد

- ‌237- باب: ترك الأذان في العيد

- ‌238- باب: التكبير في العيدين

- ‌239- باب: ما يُقرأ في الأضحى والفطر

- ‌240- باب: الجلوس للخطبة

- ‌241- باب: الخروج إلى العيد في طريق

- ‌242- باب: إذا لم يخرج الإمام للعيد من يومه يخرج من الغد

- ‌243- باب: الصلاة بعد صلاة العيد

- ‌244- باب: يصلي الناس العيد في المسجد إذا كان يوم مطر

الفصل: ‌204- باب: الجمعة في القرى

أدرك الجاهلية وصحب النبي- عليه السلام، وعقد له المزي في "أطرافه " مُسنداً، وذكر له عدة أحاديث.

وقال أبو بكر بن أبي شيبة: نا حميد بن عبد الرحمن الرقاشي، عن حسن، عن أبيه، عن أبي حازم، عن مولى لآل الزبير قال: قال رسول الله- عليه السلام: " الجمعة واجبة على كل حالم إلا أربعة: الصبي، والعبد، والمرأة، والمريض".

نا هشيم، عن ليث، عن محمد بن كعب القرظي قال: قال رسول الله- عليه السلام:" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة يوم الجمعة إلا على امرأة أو صبي أو مملوك أو مريض ". وأخرج عن مجاهد: ليس على العبد جمعة. وكذا عن الحسن.

* * *

‌204- بَابُ: الجُمعَةِ في القُرَى

أي: هذا باب في بيان إقامة الجمعة في القرى جمع قريةِ.

[1/76 - أ] / 1039- ص- نا عثمان بن أبي شيبة، ومحمد بن عبد الله المخرمي لفظُه قالا: نا وكيع، عن إبراهيم بن دهمان، عن أبي جَمْرة، عن ابن عباس قال: إن أؤل جمعة جُمعت في الإسلام بعد جُمعة جُمعت في مسجد رسول الله بالمدينة لجمعة جمّعت بجُواثَا قرية من قُرَى البحْرين. قال عثمان: قرية من قُرى عبد القيس (1) .

ش- أبو جَمْرة- بالجيم- نَصْر بن عمران بن عاصم بن واسع الضبعي البصري. سمع: ابن عباس، وابن عمر، وجارية بن قديمة، وغيرهم. وروى عن: أنس بن مالك. روى عنه: أيوب، وإبراهيم بن طهمان، وهشام بن حسان، وشعبة، وغيرهم. قال ابن معين وابن

(1) البخاري: كتاب الجمعة، باب: الجمعة في القرى والمدن (892) .

ص: 388

حنبل وأبو زرعة: ثقة. توفي سنة ثمان وعشرين ومائة. روى له الجماعة (1) .

قوله: " لجمعة" بلام التأكيد خبر " إن".

قوله: " بجواثا " أي: في جواثا- بضم الجيم وواو مخففة، ومنهم مَن يَهمزها.

قوله: " قرية " بالجرّ على أنها بدل من قوله: " بجواثا". وقال الزمخشري: جواثا: حصْن بالبحرَيْن. وقال البكري: هو بضم أوله على وزن فُعالى مَدينة بالبَحرين لعَبْد القيس؛ قال امرئ القيس:

ورحنا كأنا في جُواثا عشية

يُعَالى النعاج بين عِدْلٍ ومُحقَب

يُريد كأنا من تُجّار جُواثا لكثرة ما معهم من الصيْد، وأراد كثرة أمتعة تجار جُواثا. وهو معنى قوله:" قال عثمان " أي: عثمان بن أبي شيبة: قريةٍ من قرى عَبْد القيس.

وبهذا الحديث استدلت الشافعية أن الجمعة تقامُ في القرية إذا كان فيها أربعون رجلاً أحراراً مقيمين، حتى قال البَيْهقي:" باب العدد الذين إذا كانوا في قرية وجبت عليهم " ثم ذكر فيه إقامة الجمعة بجُواثا.

قلنا: لا نُسلم أنها قريةٌ؛ بل هي مدينةٌ كما قال البكري، حتى قيل: كان يَسكنُ فيها فوق أربعة آلاف نفس، والقرية لا تكون كذلك، والقرية - أيضا تطلق على المدينة، قال تعالى:"عَلَى رَجُلٍ منَ القَرْيَتَيْنِ "(2) وهما: مكة والطائف، وتسمى مكة أم القرى، ولئن سلمنا أنها قريةٌ فليس في الحديث أنه- عليه السلام اطلع على ذلك وأقرّهم عليه. والحديث: أخرجه البخاري.

وقد اختلف العلماء في الموضع الذي تقام فيه الجمعة؛ فقال مالك:

(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (6408/29) .

(2)

سورة الزخرف: (31) .

ص: 389

كل قرية فيها مسجد أو سوق فالجمعة واجبة على أهلها، ولا تجب على أهل العمود وإن كثروا؛ لأنهم في حكم المسافرين. وقال الشافعي، وأحمد: كل قرية فيها أربعون رجلاً أحراراً بالغين عقلاء مقيمين بها، لا يظعنون عنها صيفا ولا شتاء إلا ظعن حاجة، فالجمعة واجبة عليهم، وسواء كان البناء من حجر أو خشب أو طين أو قصب أو غيرها، بشرط أن تكون الأبنية مجتمعة، فإن كانت متفرقة لم تصح، وأما أهل الخيام فإن كانوا ينتقلون من موضعهم شتاء أو صيفاً لم تصح الجمعة بلا خلاف، وإن كانوا دائمين فيها شتاء وصيفاً وهي مجتمعة بعضها إلى بعض، ففيه قولان أصحهما: لا تجب عليهم الجمعة ولا تصح منهم؛ وبه قال مالك، والثاني: تجب عليهم وتصح منهم؛ وبه قال أحمد، وداود. ومذهب أبي حنيفة: لا تصح الجمعة إلا في مِصرٍ جامع، أو في مصلى المصر، ولا تجوز في القرى، وتجوز في منَى إذا كان الأمير أمير الحاج، أَو كان الخليفة مسافراً. وقال محمد: لَا جمعة بمنَى، ولا تصح بعرفات في قولهم جميعاً وقال أبو بكر الرازي في كتاَبه" الأحكام ": اتفق فقهاء الأمْصار على أن الجمعة مخصوصة بموضع لا يجوز فعلها في غيره؛ لأنهم مجتمعون على أنها لا تجوز في البوادي ومناهل الأعراب. وذكر ابن المنذر عن ابن عمر أنه كان يرى على أهل المناهل والمياه أنهم يجمعون.

ثم اختلف أصحابنا في المصر الذي تجوز فيه الجمعة؛ فعن أبي يوسف: هو كل موضع يكون فيه كل محترف، ويوجد فيه جميع ما يحتاج الناس إليه في معايشهم عادةً، وبه قاضٍ يقيم الحدود. وقيل: إذا بلغ سكانه عشرة آلاف، وقيل: عشرة آلاف مقاتل، وقيل: بحيث أن لو قصدهم عدو لأمكنهم دفعُه، وقيل: كل موضع فيه منبر وقاضٍ يقيم الحدود، وقيل: أن لو اجتمعوا إلى أكبر مساجدهم لم يَسعهم، وقيل: أن يكون [2/ 76 -ب] بحال يَعيش/ فيها كل محترف بحرفته من سنة إلى سنة من غير أن يشتغل بحرفة أخرى. وعن محمد: كل موضع مَضره الإمامً فهو مصر، حتى إنه لو بعث إلى قرية نائبا لإقامة الحدود والقصاص يَصير مصرا، فإذا عزله

ص: 390

ودعاه يُلحق بالقرى، ثم استدل أبو حنيفة على أنها لا تجوز في القرى بما رواه عبد الرزاق في " مصنفه ": أخبرنا معمر، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن عليّ- رضي الله عنه قال: لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع. ورواه ابن أبي شيبة في "مصنفه": ثنا عباد بن العوام، عن حجاج، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي قال: لا جمعة ولا تشريق، ولا صلاة فطر، ولا أضحى إلا في مصر جامع، أو مدينة عظيمة.

وروى- أيضا- بسند صحيح: نا جرير، عن منصور، عن طلحة، عن سعد بن عَبيدة، عن أبي عبد الرحمن قال: قال علي: لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع.

ولا التفاتَ إلى قول النووي: حديث علي ضعيف متفق على ضعفه، وهو موقوف عليه بسند ضعيف منقطع، فكأنَّه عثَر على حديث عليّ من طريق حجاج بن أرطأة، ولم يَعثر على طريق جرير، عن منصور؛ فإنه سند صحيح، ولو اطلع عليه ما ادعى هذه الدعوى. وأما قوله:" متفق على ضعفه " فزيادة من عنده، ولا يُدْرى من سلَفُه في ذلك، على أن أبا زَيْد زعم في" الا"سْرار " أن محمد بن الحسن قال: رواه مرفوعا: معاذ، وسراقةُ بن مالك. وروى أبو بكر بن أبي شيبة، عن ابن فضيل، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عَمرو ابنه كان يشهد الجمعة في الطائف وهو في قرية يُقال لها: الوَهْطُ على رأس ثلاثة أميال. وروى عن عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري أنهم كانوا يشهدون الجمعة مع النبي- عليه السلام من ذي الحليفة.

وعن وكيع، عن أبي البُحْتري قال: رأيتُ أنسا شهدَ الجمعةَ مِنَ الزاوية؛ وهي فرسخان من البصرة.

وعن أزهر، عن ابن عون قال: كان أبو المليح عاملاً على الأبلة، فكان إذا أتت الجمعة جمّع منْها.

ص: 391

وجه الدلالة من هذه الآثار: أن الجمعة لو أقيمت في القرى لما احتاجوا أن يأتوا إليها من مسيرة أميال.

فإن قيل: إنها لم تُقَم في قرى المدينة لينالوا فضيلة الصلاة معه- عليه السلام. قيل له: كان يأمر بها في القرَى النائية عن المدينة؛ لأنه يشق عليهم الحضور، ويتعذر عليهم إدراك الفضيلة، فلما لم يأمر بها دل على عدم الجواز؛ إذ لو جاز لأمر بها كما أمر بإقامة الجماعة في مساجد المدينة مع فوات فضيلة الصلاة معه؛ وإلى هذا القول ذهب سحنون.

فان قيل: " في سنن سعيد بن منصور " عن أبي هريرة أنهم كتبوا إلى عمر بن الخطاب من البحرين يسألونه عن الجمعة؟ فكتب إليهم: اجمعوا حيث ما كنتم. وذكره ابن أبي شيبة بسند صحيح بلفظ: جمّعوا. وفي "المعرفة": أن أبا هريرة هو السائل، وحسن سنده.

وروى الدارقطني بإسناده عن أم عبد الله الدوسيّة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" الجمعة واجبة على أهل كل قرية فيها إمام وإن لم يكونوا إلا أربعة ". زاد أبو أحمد الجرجاني: حتى ذكر النبي- عليه السلام ثلاثةً.

وفي " المصنف" عن مالك: كان أصحاب النبي- عليه السلام في هذه المياه بين مكة والمدينة يجمّعون.

وفي " صحيح ابن خزيمة " عن ابن كعب بن مالك، عن أبيه أنه كان إذا لمجمع الأذان للجمعة صلى على أبي أسامة أسْعد بن زرارة فسألته فقال: أي بُني كان أول مَنْ جمع بنا بالمدينة في هَزْم النَّبيت من حرّة بني بياضة يُقال له: نَقيع الخَضمَات، قلتُ: وكم كنتم يومئذ؟ قال: أربعون رجلاً. وعند البيهقي: قبل مقدم النبي- عليه السلام.

وفي " المعرفة ": قال الزهري: " بعث النبي- عليه السلام مُصْعب بن عمير إلى المدينة ليقرئهم القرآن جمع بهم، وهما اثنا عشر رجلاً، فكان مُصعب أول مَن جمع الجمعة بالمدينة بالمسلمين قبل أن يقدمها

ص: 392

رسول الله- عليه السلام. قال البيهقي: يُريدُ: الاثني عشر النقباء الذين خرجوا به إلى المدينة/ وكانوا له ظَهراً. وفي حديث كعْب: جمَّع [2/77 - أ] بهم اسْعدُ وهم أربعون، وهو يُريد جميع مَنْ صلى معه ممن أسلم من أهل المدينة مع النقباء. وعن جعفر بن برقان قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن عدي: أما أهل قرية ليسوا بأهل عَمود ينتقلُون فأمِّرْ عليهم أميرا يُجمع بهم؛ رواه البيهقي.

قلنا: أما الجواب عن الأوّل: فمعناه: جَمعوا حيث ما كنتم من الأمصار، ألا ترى أنها لا تجوز في البراري.

وعن الثاني: أن رواته كلهم عن الزهري متروكون، ولا يصح سماع الزهري من الدوسية. وقال عبد الحق في " أحكامه ": لا يصح في عدد الجمعة شيء.

وعن الثالث: إنه ليس فيه دليل على وجوب الجمعة على أهل القُرى.

وعن الرابع: نذكره الآن؛ لان أبا داود رواه مثل ما روى ابن خزيمة. وعن الخامس: أن النبي- عليه (1) السلام- لم يأمرهم بذلك ولا أقرهم عليه.

وعن السادس: أن رأي عمر بن عبد العزيز ليْس بحجةٍ، ولئن سلمنا فليْس فيه ذكر عددِ.

وأما قول ابن حزم مستدلا لمذهبه: " ومن أعظم البرهان: أن النبي

عليه السلام أتى المدينة، وإنما هي قرى صغار متفرقة، فبنى مسجده في بني مالك بن النجار، وجمع فيه في قرية ليست بالكبيرة ولا مصر هناك فغير جيد من وجوه؛ الأول: هو قد صحح قول علي بن أبي طالب - كرم الله وجهه (2) - الذي هو من أعلم الناس بأمر المدينة " لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع "، الثاني: الإمام أيّ موضع حل جمع، الثالث: التمصير هو للإمام، فأقي مَوضع مَصره مصر.

(1) في الأصل: " عليهم".

(2)

تقدم التعليق على خطأ هذه الكلمة (1/ 182) .

ص: 393

1040-

ص- نا قتيبة بن سعيد: نا ابن إدريس، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي أمامة بن سَهْل، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك- وكان قائد أبيه بعد ما ذهَب بصرُه-، عن أبيه كعب بن مالك (1) أنه كان إذا سمعَ النداء يوم الجمعة ترحم لأسْعد بن زرارة فقلت له: إذا سمعت النداء ترَحمتَ لأسعد بن زرارة؟ قال: لأنه أول مَنْ جمّع بنَا في هَزْم النَبيت من حَرّة بني بياضة في نقيع يقال له: نقيع الخَضِمَات، قَلتُ: كم أنتمَ يومئذ؟ قال: أربعون (2) .

ش- ابن إدريس: عبد الله بن إدريس الكوفي.

ومحمد بن أبي أمامة: أسعد بن سَهْل بن حُنيف الأنصاري الأوسي. روى عن: أبيه. روى عنه: محمد بن إسحاق بن يَسار. روى له: أبو داود، وابن ماجه (3) .

وأسعد بن سَهْل: الصحابي الأنصاري.

وعبد الرحمن بن كعب بن مالك: الأنصاري السلمي المدني أبو الخطاب. سمع: أباه، وجابر بن عبد الله. روى عنه: أبو عامر صالح بن رستم، والزهري، وإسحاق بن يسار- والد محمد. توفي في خلافة سليمان بن عبد الملك. وقال الواقدي: في خلافة هشام (4) . روى له الجماعة (5) . وكعب بن مالك: ابن أبي كعب- واسمه: عمرو- ابن القين بن كعْب، أبو عبد الرحمن، أو أبو محمد، أو أبو بشير، وهو أحد

(1) في الأصل: "عن أبيه، عن كعب بن مالك" خطأ.

(2)

ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: في فرض الجمعة (1082) .

(3)

انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (24/ 5080) .

(4)

قال ابن حجر في تهذيب التهذيب (259/6) : إنما قال ذلك الواقدي في عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب المتقدم، وأما هذا فقال ابن سعد: توفي في خلافة سليمان، وكذا ذكر خليفة ويعقوب بن سفيان وغير واحد.

(5)

المصدر السابق (17/ 3941) .

ص: 394

الثلاثة الذين تاب الله عليهم وأنزل فيهم: "وَعَلَى الثَّلاثَة الذينَ خُلفُواً"(1) ، روي له عن رسول الله ثمانون حديثاً؛ اتفقا علىَ ثلَاثة أحاديث، وللبخاري حديث واحد، ولمسلم حديثان، شهد العقبة مع السبعين، والأصح أنه لم يشهد بدراً. روى عنه: بنوه: عبد الله،

وعبيد الله، وعبد الرحمن، ومحمد بنو كعب، وعبد الله بن عباس،

وأبو أمامة الباهلي، وغيرهم. مات بالمدينة قبل الأربعين، وقيل: سنة خمسين. روى له: أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه (2) .

وأسعد بن زرارة: كُنيته أبو أمامة، وكان عقبيا نقيبا، وقيل: إنه أول

مَنْ بايع النبي- عليه السلام ليلة العقبة ومات قبل بدر، ودفن بالبقيع،

وهو أول مدفون به، وقيل: عثمان بن مظعون، وقيل: توفي أسعد في

شوال من السنة الأولى، وقيل: مات قبل قدوم النبي- عليه السلام

المدينة؟ والصحيح: الأول (3) .

قوله: " في هَزْم النَبيت " الهَزْم- بفتح الهاء، وسكون الزاي، وبعدها

ميم-: موضع بالمديَنة؛ والنَبيت- بفتح النون، وكسْرِ الباءِ المُوحدة،

وبعدها ياء آخر الحروف ساكنةَ، وبعدها تاء ثالث الحروف-: حي من

اليمن.

قوله: " من حَرّة بني بياضة "- بالحاء المهملة- هي قرية على ميل من

المدينة، وبنو بياضة/ بطن من الأنصار منهم: سلمي بن صَخْر البياضي، [2/77 - ب] له صحبة.

قوله: " في نَقيع " النقيع- بفتح النون، وكسر القاف، وسكون الياء

(1) سورة التوبة: (118) .

(2)

انظر ترجمته في: الاستيعاب (3/ 286) ، وأسد الغابة (4/ 487) ، والإصابة (302/3) .

(3)

انظر ترجمته في: الاستيعاب (1/ 82) ، وأسد الغابة (1/86) ، والإصابة (1/ 34) .

ص: 395