المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌209- باب: اتخاذ المنبر - شرح سنن أبي داود للعيني - جـ ٤

[بدر الدين العيني]

فهرس الكتاب

- ‌130- باب: من رأى القراءة إذا لم يجهر

- ‌131- باب: ما يجزئ الأمي والأعجمي من القراءة

- ‌132- باب: تمام التكبير

- ‌133- باب: كيف يضع ركبتيه قبل يديه

- ‌134- باب: النهوض في الفرد

- ‌135- باب: الإقعاء بين السجدتين

- ‌136- باب: ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌137- باب: الدعاء بين السجدتين

- ‌138- باب: رفع النساء إذا كُن مع الرجال رءوسهن من السجدة

- ‌139- باب: طول القيام من الركوع وبين السجدتين

- ‌140- باب: صلاة مَن لا يقيم صلبه في الركوع والسجود

- ‌142- باب: تفريع أبواب الركوع والسجود

- ‌143- باب: ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده

- ‌144- باب: في الدعاء في الركوع والسجود

- ‌145- باب: الدعاء في الصلاة

- ‌146- باب: مقدار الركوع والسجود

- ‌147-باب: الرجل يدرك الإمام ساجدا كيف يصنع

- ‌148- بَاب: أعْضَاء السجُود

- ‌149- بَاب: السجُود على الأنف والجبهَةِ

- ‌150- بَاب: صِفَة السُّجُودِ

- ‌151- بَابُ: الرخصَة في ذلك

- ‌152- بَابُ: التَخصُّر والإِقعاء

- ‌153- بَابُ: البُكاء في الصَّلاةِ

- ‌155- بَابُ: الفتح على الإمَام فِي الصَّلاة

- ‌156-بَابُ: النهي عَن التَّلقين

- ‌157- بَابُ: الالتِفات فِي الصَّلاةِ

- ‌158-بَابُ: النَّظَر في الصلاة

- ‌159- بَابُ: الرخصَةِ في ذلك

- ‌160- بَابُ: العَمَل فِي الصَّلاة

- ‌ 161- بَابُ: رَد السَّلام فِي الصلاة

- ‌162- بَاب: تشميت العاطس في الصلاة

- ‌163- بَابُ: التَأمين وَرَاء الإمام

- ‌164- بَابُ: التصْفيق في الصلاة

- ‌165- بَابُ: الإِشارَةِ في الصلاة

- ‌ 166- بَابُ: مَسْح الحَصَى في الصلاة

- ‌ 167-بَابُ: الاخْتِصَارِ فِي الصَّلاةِ

- ‌168- بَابُ: الرّجُل يَعتمدُ في الصَّلاةِ على عَصى

- ‌169- بَابُ: النَّهْى عن الكلام في الصَّلاةِ

- ‌170- بَابٌ: في صَلاةِ القَاعِدِ

- ‌171- بَاب: كيفَ الجُلوُس في التَشَهُّد

- ‌172- بَاب: مَنْ ذكرَ التَّورك في الرابعة

- ‌173- بَابُ: التَّشهُّدِ

- ‌174- بَابُ: الصَّلاة عَلى النَبِي- عليه السلام بَعْد التَّشَهُّدِ

- ‌175- بَابُ: إِخْفاء التَّشهُّدِ

- ‌176- بَابُ: الإشارة في التَّشهُّدِ

- ‌177- بَابُ: كراَهِية الاعْتمادِ على اليَدِ في الصَّلاةِ

- ‌178- باب: في تخفيف القُعُود

- ‌179- بَاب: في السَّلام

- ‌180- بَابُ: الرد على الإِمام

- ‌181- بَابٌ: إذا أحْدَث في صَلاِته يستقبل

- ‌182- بَاب: في الرجل الذي يتطوَعُ فِيمَكانِهِ الذِي صَلى فيه المكتوبة

- ‌183- بَابُ: السهْوِ في السَجْدَتَيْن

- ‌184- بَاب: إذا صَلى خمساً

- ‌185- بَاب: إذا شَكّ في الثنتين والثلاث مَنْ قال: يُلقى الشَكَّ

- ‌186- بَاب: مَنْ قال: يُتمّ عَلَى أكبَر ظنّه

- ‌187- بَاب: مَن قال بَعْد السلام

- ‌188- بَاب: مَنْ قامَ مِن ثنتين ولم يَتَشهد

- ‌189- بَاب: مَنْ نَسِي أنْ يَتَشَهّدَ وَهْوَ جَالِس

- ‌190- بَابُ: سَجْدتي السهو فيهما تَشهد وَتَسْليم

- ‌191- بَابُ: انصرَافِ النِسَاءِ قَبلَ الرجالِ منذ الصلاة

- ‌192- بَابٌ: كيفَ الانصرافُ مِن الصلاة

- ‌193- بَابُ صَلاة الرجل التطوّعَ في بيتِهِ

- ‌194- بَاب: مَنْ صَلى لغيْر القِبْلةِ ثم عَلِمَ

- ‌195- بَابُ: تفْريع أبْواب الجُمعةِ

- ‌196- بَابُ: الإجَابة أية سَاعَةٍ هي في يوْم الجمعة

- ‌197- بابُ: فَضْلِ الجُمْعة

- ‌198- بَابُ: التشْدِيدِ في تَرْك الجُمعةِ

- ‌199- بَابُ: كفّارة مَنْ تركهَا

- ‌200- بَابُ: مَنْ تجبُ عليه الجمعة

- ‌201- بَابُ: الجُمعة في اليَوْم المَطيرِ

- ‌202- بَابُ: التخلفِ عن الجماعةِ في الليْلةِ البَارِدةِ

- ‌203- بَابُ: الجُمعة للمَمْلُوك وَالمرأةِ

- ‌204- بَابُ: الجُمعَةِ في القُرَى

- ‌205- بَابٌ: إذا وَافق يومُ الجُمعةِ يَوْمَ العِيدِ

- ‌206- بَابُ ما يَقْرأ فِي صَلاةِ الصُّبْح يَوْمَ الجُمْعَةِ

- ‌207- بَابُ: اللُّبْس يَوْمَ الجُمعة

- ‌208- بَابُ: التَحلُّقِ يَوْمَ الجُمعَة قبل الصلاة

- ‌209- باب: اتخاذ المنبر

- ‌210- باب: موضع المنبر

- ‌211- باب: الصلاة يوم الجمعة قبل الزوال

- ‌212- باب: وقت الجمعة

- ‌213- بَاب: النداء في يوم الجمعة

- ‌214- باب: الإمام يكلم الرجل في خطبته

- ‌215- باب: الجلوس إذا صعد المنبر

- ‌216- باب: الخطبة قائماً

- ‌217- باب: الرجل يخطب على قوس

- ‌218- باب: رفع اليدين على المنبر

- ‌219- باب: اقتصار الخطب

- ‌220- بَابُ: الدنو من الإمام عند الخطبة

- ‌221- باب: الإمام يقطع الخطبة للأمر يحدث

- ‌222- باب: الاحتباء والإمام يخطب

- ‌223- باب: الكلام والإمام يخطب

- ‌224- بابُ: استئذانِ المُحْدثِ الإمامَ

- ‌225- باب: إذا دخل الرجل والإمام يخطب

- ‌226- باب: تخطي رقاب الناس يوم الجمعة

- ‌228- باب: الإمام يتكلم بعد ما ينزل من المنبر

- ‌229- باب: من أدرك من الجمعة ركعة

- ‌231- باب: الرجل يأتم بالإمام وبينهما جدار

- ‌232- باب: الصلاة بعد الجمعة

- ‌233- باب: صلاة العيدين

- ‌234- باب: وقت الخروج إلى العيد

- ‌235- باب: خروج النساء في العيد

- ‌236- باب: الخطبة في يوم العيد

- ‌237- باب: ترك الأذان في العيد

- ‌238- باب: التكبير في العيدين

- ‌239- باب: ما يُقرأ في الأضحى والفطر

- ‌240- باب: الجلوس للخطبة

- ‌241- باب: الخروج إلى العيد في طريق

- ‌242- باب: إذا لم يخرج الإمام للعيد من يومه يخرج من الغد

- ‌243- باب: الصلاة بعد صلاة العيد

- ‌244- باب: يصلي الناس العيد في المسجد إذا كان يوم مطر

الفصل: ‌209- باب: اتخاذ المنبر

رواية: " نهى عن الحَلَقِ"- بفتح الحاء وفتح اللام- جمع الحلقة- بسكون اللام- مثل هَضْبة وهَضَب. وفي " المحكم ": الحلْقة: كل شيء استدار كحلقة الحديد والفضةَ والذهب، وكذلك هو في الناس، والجمع:"حلاق " على الغالب، و" حلَق " على النادر، و "الحلَق " عند سيبويه: اسم للجمع؛ وليس يجمعُ؛ لأن " فَعْلة" ليست مما يكسر على فَعَلِ. وقد حكى سيبويه/ في الحلقة فتح اللام. وأنكرها ابن السكيت وغيره. وقال اللحياني: حلْقة الباب وحلَقته بإسكان اللام وفتحها. وقال كراع: حَلْقة القوم وحَلَقتهم. وحكى يونس عن أبي عمرو: " حَلَقة" في الواحد بالتحريك، والجمع "حلقات ". وقال الجوهري: الجمع "حلَق " على غير قياس. وقال كراع: الجمع "حَلَق " و"حِلَق" و"حِلاق".

وقال الخطابي (1) : وكان بعض مشايخنا يرويه أنه نهى عن الحَلْق

- بسكون اللام- وأخبرني أنه بقي أربعين سنة لا يحلق رأسه قبل الصلاة، فقلت له: إنما هو الحِلق جمع الحلقة. فقال: قد فرجت عني وجزاني خيراَ، وكان من الصالحين. وإنما كره الاجتماع قبل الصلاة للعلم والمذاكرة، وأمر أن يشتغل بالصلاة، وينصت للخطبة والذكر، فإذا فرغ منها كان الاجتماع والتحلق بعد ذلك ". والحديث: أخرجه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه.

* * *

‌209- باب: اتخاذ المنبر

أي: هذا باب في بيان اتخاذ المنبر للخطبة.

1051-

ص- نا قتيبة بن سعيد، نا يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد ابن عبد الله بن عبد القاري القرشي قال: حدثني أبو حازم بن دينار، أن رجالاً أتوا سهلَ بن سعدِ الساعدي، وقد امْتَرُوا في المِنبرِ مم عُوده، فسألُوهُ

(1) معالم السنن (1/ 213) .

ص: 414

عن ذلك، فقال: والله إني لأعرفُ مما هو، ولقد رَأيتُهُ أولَ يوم وُضِعَ، وأوَل يَوم جَلَسَ عليه رسولُ الله، أرسلَ رسولُ الله إلى فُلانة- امرأة قد سماهَا سهلٌ - أنْ مُرِي غُلامَك الَنجَّار أن يَعملَ لي أعَواداً أجْلسُ عليهن إذا كَلَمتُ الناسَ، فأمرتْهُ، فعَمَلَهَا من طَرفاءَ الغابةِ، ثم جَاء بَها، فأرْسَلَتْهُ إلى رسولِ الله- عليه السلام فأمَر بها فوُضعَتْ هاهنا، فرأيْتُ رسولَ اللهِ صلي عليها، وَكبر عليها، ثم رَكَعَ وهو عليهاَ، ثم نَزَلَ القَهْقَرِيَ فسجَدَ في أصل المنبرِ، ثم عَادَ، فلما فَرِغَ أقبلَ على الناسِ فقال:" أيُّهَا الناسُ، إنما صَنَعْت هَذا لتأتَمُّوا بي، ولِتَعْلَمُوا صَلاتِي "(1) .

ش- عَبْد- بالتنوين- والقاري- بالتشديد- وقد ذكرنا ترجمته، وأبو حازم: سلمة بن دينار.

قوله: "وقد امتروا" جملة حالية من الضمير الذي في " أتوا " أي: وقد شكوا في المنبر مم عوده؟ أي: من أيّ شيء كان عوده؟ و" المنبر " من نبرت الشيء أنبره نبراً، رفعته، ومنه سمي المنبر.

وقوله: " مم " أصله: " من ما "، ومنه:"عَمَّ يَتَسَاءَلُون"هو (2) فلما أدغمت الميم في الميم حذفت الألف للتخفيف.

قوله: " أرسل رسول الله إلى فلانة امرأة" وفي رواية جابر في " صحيح البخاري " وغيره: أن المرأة قالت: " يا رسول الله، ألا أجعل لك شيئاَ تقعد عليه؟ فإن لي غلاماً نجاراً "، وهذه الرواية في ظاهرها مخالفة لرواية سهل، والجمع بينهما أن المرأة عرضت هذا أولاً على رسول الله، ثم بعث إليها النبي- عليه السلام يطلب تنجيز ذلك.

قوله: " أن مري " أن " تفسيرية مثل قوله تعالى: "فَأوْحَيْنَا (3) إِلَيْهِ

(1) البخاري: كتاب الجمعة، باب: الخطبة على المنبر (917)، مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: جواز الخطوة والخطوتين في الصلاة (544)، النسائي: كتاب المساجد، باب: الصلاة على المنبر (739) .

(2)

سورة النبأ: (1) .

(3)

في الأصل: " وأوحينا".

ص: 415

أنِ اصْنَع الفُلكَ " (1) و"مُرِي " أصله اءمري، وقد عرف في موضعه،

ووزن " مُري " عُلي، واختلف في اسم النجار، فقيل: باقول. قال ابن

الأثير: كان روميَا غلاما لسعيد بن العاص، مات في حياة النبي- عليه

السلام- ويقال: باقوم، وذكر أبو إسحاق الطليطلي في كتاب " الصحابة"

أن اسمه قبيصة المخزومي، قال: ويقال: ميمون. قال: وقيل: صُبَاح

غلام العباس بن عبد المطلب. زاد ابن بشكوال، وقيل: ميناء، وقيل:

إبراهيم. قوله: " من طرفاء الغابة "" الطرفاء "- بفتح الطاء، وسكون الراء

المهملتين- وهي ممدودة: شجر من شجر البادية، واحدها طرفة- بفتح

الراء- مثل قصبة وقصباء. وقال سيبويه: الطرفاء واحد وجمع. وفي

رواية: " من أثل الغابة". وقال أبو زياد: من العضاه أثل، وهو طوال

في السماء سلب، ليس له ورق ينبت، مستقيم الخشب، وخشبه جيد،

يحمل إلى القرى فتبنى عليه بيوت المدر، وورقه هدب دقاق، وليس له

شوك، ومنه تصنع القصاع والأواني الصغار والكبار والمكاييل والأبواب [2/81 - ب] وهو النضار، وقال أبو عمرو: هو أجود الخشب/ للآنية، وأجود النضار الورسي لصفرته، ومنبر رسول الله نضار، وفي "الواعي ":

الأثلة خمصة مثل الأشنان ولها حب مثل حب التنوم، ولا ورق لها،

وأنما هي أشنانة يغسل بها القصارون، غير أنها ألين من الأشنان. وقال

القزاز: هو ضرب من الشجر يشبه الطرفاء وليس به، وهو أجود منه

عوداً، ومنه تصنع قداح المَيْسر.

وقال الخطابي: هو شجر الطرفاء.

وقال ابن سيده: يشبه الطرفان إلا أنه أعظم منه، و "الغابة "- بغير

معجمة وباء موحدة-: أرض على تسعة أميال من المدينة، كانت إبل

النبي- عليه السلام مقيمة بها للمرعى، وبها وقعت قصة

(1) سورة المؤمنون: (27) .

ص: 416

العرنيين الذين أغاروا على سرحه. وقال ياقوت: بينها وبين المدينة أربعة أميال.

وقال البكري في "معجم ما استعجم": هما غابتان عليا وسفلى. وزعم محمد بن سهل الأحول أن الغابة من (1) أعراض البحرين، وهي غير المذكورتين. وقال الزمخشري: الغابة بريد من المدينة من طريق الشام. قال الواقدي: ومنها صنع المنبر. وقال محمد بن الضحاك، عن أبيه قال: كان عباس بن عبد المطلب يقف على سَلع فينادي غلمانه وهم بالغابة فيُسمِعُهم، وذلك من آخر الليل، وبين الغابة وبين سلع ثمانية أميال، وفي "الجامع": كل شجر ملتف فهو غابة، وفي "المحكم ": الغابة: الأجمة التي طالت ولها أطراف مرتفعة باسقة. وقال أبو حنيفة: هي أجَمةُ القصب، قال: وقد جعلت جماعة الشجر غاباً مأخوذ من الغيابة، والجمع غابات وغاب.

قوله: " ثم نزل القهقري " وهو الرجوع إلى خلف، وذلك لئلا يولي ظهره إلى القِبْلة. قال العلماء: كان المنبر ثلاث درجات كما صرح به مسلم في روايته: "فنزل النبي- عليه السلام بخطوتين إلى أصل المنبر، ثم سجد في جنبه "، وفيه دليل على أن الصلاة لا تبطل بالخطوتين ولا بالخطوة؛ ولكن الأولى تركه إلا لحاجة، فإن كان لحاجة فلا كراهة فيه كما فعل النبي- عليه السلام، وفيه دليل أيضا أن الفعل الكثير بالخطوات وغيرها إذا تفرق لا تبطل؛ لأن النزول عن المنبر والصعود تكرر وجملته كثيرة، ولكن أفراده المتفرقة كل واحد منها قليل، وفي والإكليل، للحاكم عن يزيد بن رومان: كان المنبر ثلاث درجات، فزاد فيه معاوية لعلة، قال: جعله ست درجات، وحوله عن مكانه، فكسفت الشمس يومئذ. قال الحاكم: وقد أحرق المنبر الذي عمله معاوية، ورد منبر النبي عليه السلام إلى المكان الذي وضعه فيه. وفي "الطبقات": كان

(1) مكررة في الأصل.

27.

شرح سنن أبي داود 4

ص: 417

بينه وبين الحائط ممر الشاة. وقال ابن التين: وهو أول منبر عمل في الإسلام. وذكر ابن سعد وغيره: أن المنبر عمل سنة سبع. ويقال: سنة ثمان. ولما قام النبي- عليه السلام عليه حن الجذع الذي كان يخطب عليه كالعُشارِ؛ لأنه- عليه السلام كان يخطب إليه قائماً قبل أن يتخذ المنبر. وعن عائشة- رضي الله عنها: " وضع النبي- عليه السلام يده على الجذع وسكنه، غار الجذع فذهب. وعن الطفيل بن أُبي بن كعب، عن أبيه قال: كان النبي- عليه السلام يصلي إلى الجذع إذ كان المسجد عريشاً، وكان يخطب إلى ذلك الجذع فقال رجل من أصحابه: يا رسول الله، هل لك أن نجعل لك منبراً تقوم عليه يوم الجمعة، وتسمع الناس يوم الجمعة خطبتك؟ قال: " نعم "، فصنع له ثلاث درجات هي على المنبر، فلما صنع المنبر وضع موضعه الذي وضعه فيه رسول الله، وبدأ الرسول أن يقوم (1) فيخطب عليه، فمر إليه فلما جاز الجذع الذي كان يخطب إليه غار حتى تصدع وانشق، فنزل النبي- عليه السلام لما سمع صوت الجذع فمسحه بيده، ثم رجع إلى المنبر، فلما هُدم المسجد أخذ ذلك أبيُّ بن كعب، فكان عنده إلى أن بَلِيَ وأكلته الأرضة، فعادَ رُفَاتاً، رواه الشافعي، وأحمد، وابن ماجه.

قوله: "ولتعلموا صلاتي" بفتح العين، واللام المشددة، أي: ولتتعلموا، فحذفت إحدى التائين للتخفيف، فبين- عليه السلام أن [2/82 - أ] صعوده/ المنبر وصلاته عليه إنما كان للتعليم، ليرى جميعُهم أفعاله- عليه السلام، بخلاف ما إذا كان على الأرض، فإنه لا يراه إلا بعضهم ممن قرب منه- عليه السلام. وقال ابن حزم: وبكيفية هذه الصلاة قال أحمد، والشافعي، والليث، وأهل الظاهر. ومالك، وأبو حنيفة: لا يجيز إنه.

قلت: ذكر صاحب "المحيط" أن المشي في الصلاة خطوة لا يبطلها،

(1) كذا، ولعلها:"وبدا للرسول أن يقوم".

ص: 418

وخطوتين وأكثر تبطلها، فعلى هذا ينبغي أن تفسد الصلاة على هذه الكيفية، ولكنا نقول: إذا كان ذلك لمصلحة ينبغي أن لا تفسد صلاته، ولا تكره أيضا عند أبي حنيفة كما هو مذهب الشافعي، كما في مسألة من انفرد خلف الصف وحده، فإن له أن يجذب واحداً من الصف إليه ويصطفان، فإن المجذوب لا تبطل صلاته، ولو مشى خطوة أو خطوتين، وبه صرح أصحابنا في الفقه.

والحديث: أخرجه البخاري، ومسلم، والنسائي، وابن ماجه. فالبخاري أخرجه في باب الصلاة على المنبر، ومسلم في باب جواز الخطوة والخطوتين في الصلاة.

1052-

ص- نا الحسن بن على، نا أبو عاصم، عن ابن أبي رواد، عن نافع، عن ابن عمر: أن النبي- عليه السلام لما بدَنَ قال له تميمٌ الداريُ: ألا اتَخذُ لك منبراً يا رسولَ الله يَجْمَعُ- أو يَحملُ- عظَامَكَ؟ قال: "بلى. " فاتَخَذَ لَه مِنبراً مِرْقَاتيَنِ (1) .

ش- أبو عاصم الضحاك بن مخلد البصري، وابن أبي رواد عبد العزيز، واسم أبي رواد: ميمون المكي.

قوله: " لما بدن" بتشديد الدال أي: كبر وأسن.

قوله: "مرقاتين " المرقاة: الدرجة، أي: اتخذ له منبراً درجتين، ونصبها على أنها بدل من المنبر، وهي من رَقيتُ في السلم- بالكسر- رقياً ورقياً إذا صعدت، وارتقيت مثله. قال الجوهري: والمرقاة - بالفتح-: الدرجة، فمن كسرها شبهها بالآلة يعمل بها، ومن فتح قال: هذا موضع يفعل فيه، فيجعله بفتح الميم مخالفاً.

فإن قيل: ما التوفيق بين الحديثين؟ فإن في حديث مسلم كما ذكرنا

(1) تفرد به أبو داود.

ص: 419