الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحدَّثنا الثقفي، عن خالد، عن حميد بن هلال أنه إنما كره التخصر في الصلاة؛ لأن إبليس اهْبط متخصرا.
ويُقالُ: الاختصارُ: أن يُصلي وبيده عَصًى يَتوكأ عليها، مأخوذ من المِخْصرة وهي العَصا، ويقرب من ذلك إذا صلى وهو يَعتمدُ على الحائط. وقال أبو بكر بن أبي شيبة: نا عباد بن العوام، عن هشام، عن الحسن أنه كان يكره أن يَعتمد الرجل على الحائط في الصلاة المكتوبة إلا من علة، ولم يَرَ به في التطوع بأسا.
حدَّثنا أبو الأحوص، عن مغيرة، عن إبراهيم أنه كان يكره أن يتساند الرجل على الحائط في الصلاة، وكان يكره رفع رجليه إلا من علةٍ، وقال: وكان ابن سيرين يكرهه أي: الاستناد على الحائط في الفريضة والتطوع. ويقال: الاختصار: أن لا يتم ركوع الصلاة ولا سجودها كأنه يختصرها، ويقال: أن يقرأ فيها من آخر السورة آيةً أو آيتين ولا يتم السورة في فرضه، ومنه: اختصار السجدة وهو أن يقرأ السورة، فإذا انتهى إلى السجدة جاوزها، وقيل: يختصر الآيات التي فيها السجدة في الصلاة فيَسْجد فيها.
* * *
168- بَابُ: الرّجُل يَعتمدُ في الصَّلاةِ على عَصى
أي: هذا باب في بيان الرجل الذي يعتمد على عصًى في الصلاة.
924-
ص- نا عبد السلام بن عبد الرحمن الوابِصِي: نا أبي، عن شَيْبان، عن حُصَين بن عبد الرحمن، عن هلال بن يَسَاف قال: قَدمْتُ الرقةَ فقال لي بعضُ أصحابي: هل لك في رجل من أصحاب النبَي- عليه السلام؟ قال: قلتُ: غنَيْمَة، فدُفعْنَا إلى وَابصَةَ فقلتُ (1) لَصاحِبِي: نَبدأ فننظُرَ إلى دله، فإذا عليه قَلَنْسُوة لَاطئَة ذاتُ أذنينِ، وبُرنسُ خَز أغبر، وإذا هو مُعتمِدٌ على عصا في صلاِتهِ، فَقلنا بعد أن سلمْنَا، فقال: حدثتني
(1) في سنن أبي داود: "قال".
أم؟ قيس بنْتُ محصن أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ألا أسَن وحَمَلَ اللحْمَ اتخذَ عموداً في مُصلاهُ يعْتمِدُ عليه (3) .
ش- عبد السلام بن عبد الرحمن: ابن صَخر بن عبد الرحمن بن وابصة بن مَعبد الأسدي أبو الفضل الرَّقّي قاضي الرقة وحران وحلب، وولي القضاء ببغداد في أيام المتوكل. سمع: أباه. روى عنه: أبو حاتم الرازي، وأبو عروبة الحراني، وأبو داود، سئل عنه أحمد بن حنبل فأحسن القول فيه وقال: ما بلغني عنه إلا خير. مات سنة سبع وأربعين ومائتين (2) .
وأبوه: عبد الرحمن بن صخر. روى عن: شيبان، وجعفر بن برقان، وطلحة بن زيد، وغيرهم. روى عنه: ابنه عبد السلام. روى له: أبو داود (3) .
وشيبان: ابن/ عبد الرحمن النحوي البصري المؤدب. وهلال بن يَسَاف: بكسر الياء آخر الحروف وفتحها، ويقال: إِساف- بكسر الهمزة- وقد ذكر مرةً.
قوله: " قدمتُ الرقةَ " الرقة- بفتح الراء والقاف- ويُقال لها: الرافقة، بلدة بالَثغور الجزرية. وقال ابن سعيد: هي مدينة كبيرة خراب، وكان لها سور، وهي على جانب الفرات من الجانب الشمالي الشرقي، واسمُها: البيضاء، وهي قاعدة ديار مُضر في الجزيرة. وقال ابن حوقل: الرقةُ أكبر مدن ديار بكر. وقال في "المشترك ": الرافقةُ مدينة على الفرات وهي الرقةُ.
قوله: غنيمة" خبر مبتدأ محذوف أي: هو غنيمة، والغنيمة: ما يتغنم به الشخصُ.
قوله: " إلى وابصة" وهو وابصةُ بن مَعْبد بن عُتبة بن الحارث الأسدي؛ وقد ذكرناه.
(1) تفرد به أبو داود.
(2)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (18/ 3423) . (3) المصدر السابق (17/ 3853) .
قوله: " فَننظر إلى دله" الدَلُّ- بفتح الدال، وتَشديد اللام- والهَدْيُ والسَّمْتُ كلها بمعنى واحد، وهي الحالة التي يكون عليها الإنسان من السكينة والوقار، وحُسْن السيرة والطريقة، واسْتقامة المنظر والهيأة. قوله:" فإذا عليه " الفاء فيه فاء المفاجأة، و" القلنسوة" معروفة، وقد ذكرنا فيها وُجوها.
قوله: " لاطئة " أي: مُنبسطة على رأسه، وليست بعالية إلى فوق.
قوله: " ذات أذنيْن " صفة للقلنسوة.
قوله: " وبُرْنس خَز " البرنس: كل ثوب رأسه منه مُلتزق به من درَّاعة
أو جُبَّة أو مِمْطرِ أو غيره. وقال الجوهري: هو قلنسوة طويلة كان النُّساك يلبسونها في صدْر الإسْلام، وهو من البِرْس- بكسر الباء-: القطن، والنون زائدة، وقيلَ: إنه غير عربي. والخز: ما خلط من الحرير والوَبر وشبهه، وأصله من وبر الأرنب. ويُسمى ذكر الأرانب: الخُزَزُ فسُمي به، وإن خُلط بكل وبر جزء من أجْل خلطه. والأغبرُ من الألوان: ما هو شبيه بالغبار.
قوله: "أم قيس " وهي بنْت مُحصنِ بن حَرثان الأسَدية، وقد ذكرت مرةَ.
وبهذا الحديث قال أصحابنا: إن الضعيفَ أو الشيخ الكبير إذا كان قادر على القيام مُتكئا على شيء، يُصلي قائما مُتكئا ولا يَقعدُ. وذكر في "الخُلاصة": ولو كان قادرا على القيام مُتكئا يُصلي قائما مُتكئا، ولا يجور غير ذلك، وكذا لو قدر على أن يَعْتمد على عَصًى أو كان له خادم لو اتكأ عليه قدر على القيام، فإنه يقوم ويتكئ. انتهى. ولو صلى الرجل معتمدا على العَصَى من غير علة هل يكره أم لا؟ فقيل: يكره مطلقاً وقيل: لا يكره في التطوع لمَا روى أبُو بكْر بن أبي شيبة: حدثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم قَال: كان عمرو بن ميمون أوتدَ له وتد في حائط المسجد، وكان إذا سئم من القيام في الصلاة أو شق عليه أمْسك بالوتد يعتمد عليه.