الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
آخر الحروف، وفي آخره عين مهملة- بَطْن من الأرض يُستنقَعُ فيه الماء مُدةً، فإذا نضب الماء أنبتَ الكلأَ، ومنه حديث عمر- رضي الله عنه أنه حَمَى النَقِيع لخيل المسلمين. وقد يُصحِّفُه بعض الناس فيَروونه بالباء، والبَقيعُ بالباء بالمدينة موضع القبور، وهو بقيع الغرقد.
قوله: " يُقال له نقِيع الخضمات " الخضمات: بفتح الخاء وكسر الضاد المعجمتين. قال ابن الأثير: نقيع الخَضِمات موضع بنواحي المدينة. والحديث: أخرجه ابن ماجه، وابن خزيمة، والبَيْهقي، ثم العجبُ من البيهقي صحح هذا الحديث، وفيه ابن إسحاق، فقال: إذا ذكر سماعَه وكان الراوي ثقةً استقام الإسناد، وقال في " باب تحريم قتل ما له روحٌ ": الحُفاظ يتوقون ما يَنفردُ به ابن إسحاق، والحالُ أنه قد تفرد به هاهنا فكيف يكون هذا الإسناد صحيحاً؟ فليت شعري البيهقي ينسَى تعارُضَ كلامه أو يَتغافلُ؟ ولو كان الحديث عليهم كان يجعل إسنادَه أضعفَ الأسانيد، وكان يتكلم في ابن إسحاق بأنواع الكلام.
فإن قيل: قد قال الحاكم: إنه على شرط مسلم.
قلت: هو مردود؛ لأن مداره على ابن إسحاق، ولم يخرج له مسلم إلا متابعةً، ثم إنه ليس في الحديث اشتراط الأربعين، وأن الجمعة لا تجوز بأقل منهم، وإنما وقع الأربعون اتفاقاً. وقال الخطابي: حرة بني بياضة على ميل من المدينة فتكون من توابعها. وعند الحنفية: تجوز الجمعة فيها. قال القدوري في؛ التجريد": عندنا تجوز أن تقام في مصلى المدينة وإن كان بينهما كثر من ميل.
* * *
205- بَابٌ: إذا وَافق يومُ الجُمعةِ يَوْمَ العِيدِ
(1)
أي: هذا باب في بيان ما إذا وافق يوم الجمعة يوم العيد.
1041-
ص- نا محمد بن كثير: أنا إسرائيل: نا عثمان بن المغيرة، عن
(1) في سنن أبي داود: "عيد".
إياس بن أبي رَمْلة الشامي قال: شهدت معاوية بن ألي سفيان وهو يسألُ زَيدَ ابن أرقم قال: شهدت مع رسول الله عيدينِ اجتمعَا في يَوْمٍ؟ قال: نعَمْ قال: فكيفَ صَنَعَ؟ قال: صلي العيدَ ثم رَخص في الجُمعة فقال: " مَنْ شاء أن يُصلي فليُصل "(1) .
ش- إسرائيل: ابن يونس.
وعثمان بن المغيرة: الثقفي، أبو المغيرة الكوفي، مولى ابن عقيل. روى عن: علي بن ربيعة الوالبي، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وغير هم. روى عنه: إسرائيل، والثوري، وشعبة، وغيرهم. قال أحمد: ثقة، وكذا قال ابن معين. روى له الجماعة (2) .
وإياس بن أبي رَمْلة الشامي: سمع: معاوية بن أبي سفيان يسأل هذا الحديث عن زيد (3) . روى عنه: عثمان بن المغيرة. روى له: أبو داود، والنسائي، وابن ماجه (4) .
قوله: " شهدت " أي: هل شهدت؟ وكذا في بعض النسخ: " قال: هل شهدت؟ ". والحديث: رواه أحمد- أيضا ولفظه: " من شاء أن يجمع فليجمّع". وبهذا الحديث استدل أصحاب أحمد أن العيد إذا اتفق يوم الجمعة سقط حضور الجمعة عمن صلى العيد إلا الإمام؛ فإنها لا تسقط عنه، وقيل: فيه روايتان. وفي " المغني ": وممن قال بسقوطها: الشعبي، والنوعي، والأوزاعي، وقيل: هذا مذهب عمر، وعثمان، وعلي، وسعد، وابن عمر، وابن عباس، وابن الزبير. وقالت عامة الفقهاء: تجب الجمعة لعموم الآية والأخبار الدالة على
(1) النسائي: كتاب صلاة العيدين، باب: الرخصة في التخلف عن الجمعة لمن شهد العيد (3/ 194)، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: ما جاء فيما
إذا اجتمع العيدان في يوم (1310) .
(2)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (9 1/ 3864) .
(3)
كذا، والجادة:" يسأل زيدا عن هذا الحديث" كما في تهذيب الكمال.
(4)
المصدر السابق (3/ 589) .
وجوبها؛ ولأنهما صلاتان واجبتان فلم تسقط إحداهما بالأخرى كالظهر
مع العيد.
1042-
ص- نا محمد بن طريف البجلي: نا أسباط، عن الأعمش،
عن عطاء بن أبى رباح قال: صلى بنا ابنُ الزُبير في يَوم عيد في يوم جمعة
أول النهار، ثم رحْنا إلى الجُمعة فلم يَخرجُ إلينا، فصلينا وُحداناً، وكان ابنً
عباس بالطائف فلما قلِم ذكرنا له ذلك فقال: أصابَ السنُةَ (1) .
ش- محمد بن طريف: ابن خليفة، أبو جعفر البجلي الكوفي.
سمع: أبا معاوية، ووكيعاً، والفضل بن صالح (2) ، وغيرهم. روى
عنه: مسلم، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه، وغير هم. قال الخطيب: وكان ثقةً. مات سنة اثنتين وأربعين ومائتين (3) .
وأسباط: ابن محمد الكوفي.
قوله: "وحدانا" أي: متوحدين منفردين.
وقال الخطابي (4) : أما صنع ابن الزبير: فإنه لا يجوز عندي أن يُحملَ [2/78 - ب] / إلا على مذهب من يرى تقديم صلاة الجمعة قبل الزوال، وقد روي ذلك عن ابن مسعود، وروي عن ابن عباس أنه بلغه فعل ابن الزبير فقال:
أصاب السنةَ وقال (5) : كل عيدِ حين يمتد الضحى: الجمعةُ. وحكى
إسحاق بن منصور، عن أحمد بن حنبل أنه قيل له: الجمعة قبل الزوال
أو بعده؟ قال: إن صليت قبل الزوال فلا أعيبه، وكذلك قال
(1) النسائي: كتاب العيدين، باب: الرخصة في التخلف عن الجمعة لمن شهد العيد (3/ 194) .
(2)
قال محقق تهذيب الكمال: جاء في حواشي النسخ من تعقبات المؤلف على صاحب "الكمال" قوله: " كان فيه الفضل بن صالح، وهو خطأ ".
(3)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (25/ 5309) .
(4)
معالم السنن (1/ 212) .
(5)
في " المعالم" أن القائل هو عطاء، ولفظه:" قال عطاء: كل عيد حين يمتد الضحى الجمعة والأضحى والفطر ".
إسحاق، فعلى هذا يُشبهُ أن يكون ابن الزبير صلى الركعتين على أنهما جمعة وجعل العيد في معنى التبع لها.
قلت: قول الصحابة: " ثم رحنا إلى الجُمعة فلم يخرج إلينا فصلينا وحدانا " يُنافي تأويل الخطابي من قوله: " يُشبه أن يكون " إلى آخره؛ لأنهم لو لم يتحققوا أن الّتي صلاها عيد لما راحُوا إلى الجمعة بَعْدها، ولم يُصلوا الظهر بعدها وُحْدانا، وأيضا حديث زيد بن أرقم يؤيدُ ما قلناه لأن قضية ابن الزبير مثل قضية النبي- عليه السلام بعينها وذكر زيد فيها:" صلي العيدَ " ثم رخصَ في الجُمعة. وأيضا قول ابن عباس: " أصاب السُّنَّة " أراد بها هذه. وقال ابن العربي: اتفق العلماء عن بكرةِ أبيهم على أن الجمعة لا تجب حتى تزول الشمس، ولا تجزىْ قبل الزوال، إلا ما روي عن أحمد أنها تجوز قبل الزوال. ونقله ابن المنذر، عن عطاء " إسحاق، والماوردي عن ابن عباس. وأخرج أبو بكر بن أبي شيبة (1)، عن مصعب بن سعد قال: كان سَعْد يقيل بعد الجمعة. وعن سهل بن سَعْد قال: كنا نتغدى (2) ونقيل بعد الجمعة. وعن سعد الأنصاري: كنا نجمّع مع عثمان بن عفان ثم نرجع فنقيل. وعن أنس: كنا نجمع فنرجع فنقيلُ. وعن ابن عمر قال: كنا نجمع ثم نرجع فنقيل. وعن امرأة قالت: جاورت مع عمر سنةً فكانت القائلة بعد الجمعةَ. وعن الزبرقان قال: كنا نوقع مع أبي وائل ثم نرجع ونقيل. وعن سويد بن الغفلة قال: كنا نصلي الجمعة ثم نَرْجع فنقيل. وعن زيد بن وهب قال: كنا نصلي مع عبد الله الجمعة ثم نرجعَ فنقيل. وعن عبد الله بن سيدان السُّلمي قال: شهدت الجمعة مع أبي بكر الصديق فكانت خطبته وصلاته قبلَ نصف النهار، ثم شهدنا مع عمر فكانت خطبته وصلاته إلى أن أقول: انتصف النهار، ثم شهدنا مع عثمان فكانت صلاته وخطبته إلى أن أقول: زال النهار، فما رأيت أحداً عَابَ ذلك ولا أنكره. وعن عطاء قال: كان مَن
(1) انظره وما بعده في المصنف (106/2- 109) .
(2)
في الأصل:" نتغذى ".
قبلكم يصلون الجمعة وإن ظل الكعبة كما هو. وعن عبد الله بن سلمة قال: صلى بنا عبد الله الجمعة ضُحىً وقال: خشيت عليكم الحر. وعن سعيد بن سُويد قال: صلى بنا معاوية الجمعة ضُحَى. فالجميع أخرجه ابن أبي شيبة في " باب من كان يَقيلُ بعد الجمعة ويقولُ: هي أول النهار ". فهذه الآثار كلها تدل على أن الجمعة تصح قبل الزوال. ثم أخرج
- أيضا- حجة من يقول: وقتها زوال الشمس وقت الظهر، فقال: نا زيد ابن حُباب: نا فُلَيح بن سليمان: أخبرني عثمان بن عبد الرحمن أنه سمع أنس بن مالك يقول: كنا نُصلي مع رسول الله الجمعة إذا مالت الشمس. ونا وكيع، عن يحيى بن الحارث، عن إياس بن سلمة بن الأكوع، عن أبيه قال: كنا نُصلي مع النبي- عليه السلام الجمعة إذا زالت الشمس، ثم نرجع نتتبّعُ الفيء.
ونا وكيع، عن أبي العنبس عمرو بن مروان، عن أبيه قال: كنا نجمع مع علي إذا زالت الشمس.
ويمكن أن يُجابَ عن الآثار التي فيها القيلولة: بأن القيلولة هي الاستراحة نصف النهار وإن لم يكن معها نوم، وكانوا يُجمّعون حين زالت الشمس من غير تأخير، ثم يقيلون بمعنى يَستريحُون. وأما حديث عبد الله بن سيدان: فقد رواه الدارقطني وغيره- أيضا- فهو حديث ضعيف. قال النووي في " الخلاصة": اتفقوا على ضَعْف ابن سيدان- بكسر السن المهملة.
وأما حديثُ عبد الله ومعاوية الذي فيه ما ضُحى، فمعناه: صلي قريبا من الضحى من "كما زالت الشمس" فأطلق الضحى على وقت زوال الشمس باعتبار القرب، كما أطلق العشي على ما بعد الزوال./ وأخرج النسائي من حديث وهب بن كيسان، عن ابن عباس نحو حديث عطاء مختصراً.
1043-
ص- نا يحيي بن خلف: نا أبو عاصم، عن ابن جرير قال:
قال عطاء: اجتمع يومُ الجمعة ويوم فطر على عهد ابن الزُبير فقال: عيدان اجتمعا في يوم واحد فجمعهما جميعاً فصلاهما ركعتين بُكرةً لم يَزدْ عليهما حتى صلّى العَصر (1) .
ش- أبو عاصم: الضحاك بن مخلد، وابن جريج: عبدُ الملك، وعطاء: ابن أبي رباح.
ومقتضى هذا: الاكتفاءُ بالعيد في هذا اليوم وسقوط فَرضيّة الجمعة؛ وهو مذهب عطاء، ولم يقُلْ به أحدٌ من الجُمهور؛ لأن الفَرضَ لا يَسْقط بالسُّنًة، وأطلق العيدين على العيد والجمعة بطريق أن أحدهما عيد حقيقة، والجمعة- أيضا- في معنى العيد؛ لاجتماع الناس فيه، أو لأنها تعود كل شهر مرات، وقال محمد في " الجامع الصغير ": عيدان اجتمعا في يوم واحد، فالأول سُنَّة، والثاني فريضة، ولا يُتركُ واحد منهما. 1044- ص- نا محمد بن المُصفَى، وعُمر بن حَفْص الوَصَابِي المعنى قالا: نا بقية: نا شعبة، عن المغيرة الضبيّ، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شَميه أنه قال:" قد اجتمع في يومكم هذا عيدان فمن شاء أجزأت من الجمعة وَإنا مُجمعُون "(2) .
ش- محمد بن المصفى: ابن بهلول الحمصي.
وعُمر بن حَفْص: ابن عمر بن سَعْد بن مالك الحمْيري الوَصَّابي، روى عن: بقية بن الوليد، ومحمد بن حمير، وسليمان بن عدي. روى عنه: أبو حاتم، وأبو داود (3) . والوَصَابي: نسبة إلى وَصَاب- بفتح الواو والصاد المهملة المشددة، وفي آخره باء موحدة- وهي قبيلة من حمير.
(1) تفرد به أبو داود.
(2)
ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: ما جاء فيما إذا اجتمع العيدان في يوم (1312) .
(3)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (21/ 4216) .
26* شرح سنن أبى داوود 4
والمغيرة: ابن مِقْسم أبو هشام الضبيّ الكوفي.
وعبد العزيز بن رفيع: الأسدي أبو عبد الله المكي. سمع: عبد الله ابن عباس، وابن الزبير، وأنس بن مالك، وعامر بن واثلة، وغيرهم. روى عنه: عمرو بن دينار، ومغيرة بن مقسم الضبي، والأعمش، وغيرهم. قال ابن معين وأحمد: ثقة. مات سنة ثلاثين ومائة، وقد أتى عليه نيف وتسعون سنة. روى له: الجماعة (1) .
وأبو صالح: ذكوان الزيات. وقال الخطابي (2) : في إسناد أبي هريرة مقال، ويُشبه أن يكون معناه- لو صح- أن يكون المراد بقوله:" فمن شاء أجزأه من الجمعة " أي: عن حضور الجمعة ولا يَسْقط عنه الظهرُ. قلت: كأن قوله: " فيه مقال" من جهة بقية؛ لأن فيه مقالاً. والحديث: أخرجه ابن ماجه.
ص- قال عُمر: عن شعبة.
ش- أي: قال عُمر بن حفص في روايته: عن شعبة بن الحجاج، وأسقط بقية بن الوليد (3) ؛ فعلى روايته الحديث صحيح، ولا يكون في إسناده ما زعمه الخطابي.
ومعنى قوله: " فمن شاء أجزأه " أي: كفاه عن حضور الجمعة. وهذا كانت رخصةٌ في سنن أهل التوالي في أوّل الأمْر، ثم تقرر الأمرُ: أن إقامة صلاة العيد لا تجزئ عن صلاة الجمعة، حتى إذا صلى العيدَ ولم يحضر الجمعة مع الإمام صلى الظهر أربعاً.
* * *
(1) المصدر السابق (18/ 3446) .
(2)
معالم السنن (1/ 212) .
(3)
في "عون المعبود"(223/6) : " أي: قال عمر بن حفص أحد شيخي المصنف في روايته: عن شعبة بالعنعنة، بخلاف محمد بن المصفى، فإنه قال
في روايته: حدثنا شعبة".