الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
148 -
بيان أقوال أهل العلم في مسألة انتقاض الوضوء من مس المرأة
س: هل ملامسة المرأة تنقض الوضوء أم لا؟ (1)
ج: لا شك أن لمس النساء اختلف فيه العلماء، فقال جمع من أهل العلم: إن لمس المرأة من دون ساتر، من دون حجاب ينقض الوضوء مطلقا.
وهو مشهور من مذهب الشافعي رحمه الله وجماعة، وقال آخرون: لا ينقضه مطلقا، وإنما المراد باللمس الجماع، كقوله تعالى:{أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (2)، والمراد هنا الجماع، كما قال ابن عباس وجماعة، وقال آخرون: ينقض الوضوء إن كان بشهوة، ولا ينقض إن كان بغير شهوة.
وهو مشهور من مذهب أحمد رحمه الله وجماعة، والأرجح عندي بعد التأمل هو قول من قال: إنه لا ينقض مطلقا، وإنما الذي ينقض مس الفرج، أما مس المرأة فقط؛ كيدها ورجلها فلا ينقض لعدم الدليل، أما قوله:{أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (3) فالمراد بع الجماع، كما تقدم؛ لقول ابن عباس رضي الله عنهما وجماعة من أهل العلم، أما قول ابن مسعود: المراد به المس فقط.
فليس بظاهر، بل الصواب ما قاله ابن عباس في هذا، وهو أن المراد به الجماع خاصة، والدليل على هذا أنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه قبل بعض نسائه،
(1) السؤال الحادي والعشرون من الشريط رقم (21).
(2)
سورة المائدة الآية 6
(3)
سورة المائدة الآية 6
ثم صلى ولم يتوضأ (1)» ثم أمر آخر وهو أن اللمس أمر واقع من الناس في بيوتهم، والحاجة ماسة إلى بيانه من النبي صلى الله عليه وسلم تبيينا شافيا عاما، حتى يعلمه الناس، فلو كان ينقض الوضوء لبينه النبي صلى الله عليه وسلم تبيانا واضحا كافيا شافيا، ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه ينقض الوضوء، فعلمنا بذلك أن مس المرأة لا ينقض الوضوء مطلقا، سواء كان عن تلذذ وشهوة، أم لم يكن كذلك، بل الذي ينقض هو الجماع وكذلك مس الفرج، هذا هو الذي ينقض، أما مجرد لمس المرأة فقط من غير خروج شيء فإنه لا ينقض، أما لو خرج منه شيء كالمذي فإنه ينتقض الوضوء، إذا مسها بشهوة وخرج المذي انتفض الوضوء، وعليه حينئذ أن يغسل فرجه وأنثييه ويتوضأ للصلاة ونحوها، أما اللمس بدون خروج شيء، مسها ولم يخرج منه شيء فإنه لا ينقض الوضوء على الصحيح، والدليل ما تقدم؛ «أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل بعض نسائه، ثم صلى ولم يتوضأ (2)» وهذا ثابت عنه بإسناد جيد، رواه أحمد وغيره، وله شاهد مرسل عند النسائي، ثم الأصل عدم النقض، هذا هو الأصل، فمن قال بالنقض مطلقا فعليه الدليل، وهكذا من قال بالنقض بالشهوة عليه الدليل، ولا دليل، فالصواب أنه لا ينقض الوضوء، وكثير من إخواننا في الطواف يتحرجون إذا مست يده يد امرأة أو رجله رجل امرأة، فإنه يذهب يتوضأ
(1) أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من القبلة، برقم (170).
(2)
أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من القبلة، برقم (170).
أخذا بقول من قال: إنه ينقض مطلقا.
وهذا فيه حرج كثير بدون دليل، ولا حجة، والصواب إن شاء الله أنه لا ينقض الوضوء مطلقا.
س: البعض يقول: إن لمس المرأة ينقض الوضوء. والبعض منهم يقول: إن كانت صغيرة لا تنقض، أي إذا كانت دون السابعة. فما هو توجيه سماحة الشيخ؟ جزاكم الله خيرا (1)
ج: اختلف العلماء في مس المرأة، هل ينقض الوضوء؟ على أقوال ثلاثة:
أحدها: أنه ينقض مطلقا؛ لعموم قوله جل وعلا: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (2)، وحملوا الملامسة على اللمس باليد.
والقول الثاني: أنه ينقض إذا كان معه شهوة تلذذ، وإذا كان بغير شهوة فلا ينقض؛ لأنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلمس نساءه، ولا يتوضأ، وكان يلمس قدم عائشة حتى تكفه وهو يصلي، فدل ذلك على أنه إذا كان بغير شهوة لا ينقض.
والقول الثالث: أنه لا ينقض مطلقا، سواء بشهوة أو بغير شهوة،
(1) السؤال السابع من الشريط رقم (339).
(2)
سورة المائدة الآية 6
وهذا هو الراجح والصواب، أن لمس المرأة لا ينقض الوضوء في أرجح أقوال العلماء؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم «كان يقبل بعض نسائه، ثم يصلي ولا يتوضأ (1)» والتقبيل يكون عن تلذذ فالحاصل أن الصواب أن لمس المرأة لا ينقض الوضوء، سواء كان عن تلذذ وشهوة، أو عن أي داع، إلا إذا خرج منه مذي فإنه ينقض الوضوء ويغسل ذكره ويتوضأ، أما إذا مسها بشهوة أو بغير شهوة، ولم يخرج منه شيء فإن وضوءه صحيح،، ولا ينتقض، أما قوله تعالى:{أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (2)، في سورة النساء وسورة المائدة فالمراد بذلك الكناية عن الجماع، (أو لامستم) يعني: جامعتم، ليس المراد: باللمس باليد، المراد الجماع، والله يكني عن الجماع بالملامسة وبالمسيس، هذا هو الصواب.
(1) أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من القبلة، برقم (170).
(2)
سورة المائدة الآية 6
س: هل مصافحة المرأة الأجنبية تنقض الوضوء؟ (1)
ج: اختلف العلماء في ذلك: بعضهم ذهب إلى أن مصافحتها ومسها ينقض الوضوء مطلقا بشهوة وبغير شهوة.
وقال بعضهم: مسها لا ينقض الوضوء مطلقا بشهوة وبغير شهوة.
وقال بعضهم: بالتوسط؛ إن كان بشهوة نقض، وإلا فلا.
والأرجح من أقوال أهل العلم: أن مس المرأة لا ينقض الوضوء مطلقا لعدم الدليل، بل الدليل يدل على أن مسها لا ينقض؛ لأنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ (2)» فلو كان المس ينقض لتوضأ عليه الصلاة والسلام، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان في صلاة الليل إذا أراد أن يسجد غمز عائشة، فكفت رجلها، وإذا رفع مدت رجلها.
فدل ذلك على أن مس المرأة لا ينقض الوضوء، أما قوله سبحانه:{أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (3)، في آية النساء وآية المائدة فالصحيح من معناها أن المراد الجماع، والله يكني عن الجماع بالمسيس واللمس والمباشرة، فقوله جل وعلا:{أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (4) أي: جامعتم النساء، وهكذا قراءة (أو لمستم)، أي جامعتم؛ لأنه ذكر قبل ذلك ما يتعلق بالحدث الأصغر، قال سبحانه:{وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} (5)
(1) السؤال السادس من الشريط رقم (131).
(2)
أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من القبلة، برقم (170).
(3)
سورة المائدة الآية 6
(4)
سورة المائدة الآية 6
(5)
سورة المائدة الآية 6
، هذا يتعلق بالحدث الأصغر {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (1) هذا يتعلق بالحدث الأكبر وهو الجماع، فذكر سبحانه ما يدل على الحدث الأصغر بقول:{أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ} (2) وما يدل على الحدث الأكبر، وهو قوله:{أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (3)، يعني: جامعتم النساء، فهذا هو الصواب الذي قاله ابن عباس وجماعة من أهل العلم، وهو أولى من قول من قال: إن المراد بالمس باليد.
هذا هو الصواب، الصواب أن المراد: الجماع، ولهذا ثبت عنه صلى الله عليه وسلم «أنه قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ (4)» ولأن هذا أمر تعم به البلوى، الإنسان يكون في بيته الزوجة، ويكون في بيته غير الزوجة، فقد يمسها وهو على وضوء، فلو كان هذا ينقض الوضوء لبينه النبي صلى الله عليه وسلم بيانا شافيا، وأوضحه للأمة، فلما لم يبين في ذلك شيئا علم أنه ليس من النواقض، والله المستعان.
(1) سورة المائدة الآية 6
(2)
سورة المائدة الآية 6
(3)
سورة المائدة الآية 6
(4)
أخرجه النسائي في المجتبى في كتاب الطهارة، باب ترك الوضوء من القبلة، برقم (170).