الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
291 -
حكم ذكر اسم الله للحائض
س: تسأل الأخت، وتقول: أثناء العادة الشهرية هل يجوز أن أذكر اسم الله تعالى في القلب مثل أن أقول: بسم الله الرحمن الرحيم. أو أستغفر الله، أو أستمع إلى القرآن الكريم، أو أقول بعد كل أذان: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدت. أو أن أدعو الله في قلبي؟ وجهوني جزاكم الله خيرا (1)
ج: الحائض والنفساء يشرع لهما ما يشرع للناس؛ من التسبيح، والتهليل، والتكبير، والذكر، والدعاء، والاستغفار بالقلب واللسان، لا بالقلب وحده، بل حتى باللسان، مشروع لها أن تذكر الله وتسبحه وتعظمه، وتجيب المؤذن والمقيم تجيبهما، وتقول مثل قولهما، وتقول عند: حي على الفلاح: لا حول ولا قوة إلا بالله، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وتصلي على النبي بعد الأذان، عليه الصلاة والسلام، وتقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة. . . إلخ، كل هذا مشروع للجميع؛ الحائض والنفساء وغيرهما، وإنما الخلاف في القرآن: هل تقرأ أو ما تقرأ هذا؟ محل الخلاف، أما الأذكار والدعوات والاستغفار فليس فيها خلاف، وتلبي إذا كانت حاجة، تقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم (108).
شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك. وتسمي عند الأكل وعند الشرب، تحمد الله وتستغفره وتذكره كثيرا، هذا لا شيء فيه عند جميع أهل العلم، وإنما اختلف العلماء رحمة الله عليهم فيما يتعلق بالقرآن: هل تقرأ أو ما تقرأ؟ فذهب جمع من أهل العلم وحكم بعضهم: القول الأكثر أنها لا تقرأ واحتجوا بحديث روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كتب إلى أهل اليمن: «أن لا يمس القرآن إلا طاهر (1)» قالوا: والحائض تدخل في هذا، والجواب أن هذا إنما هو في المس، لا تمسه، وأما القرآن فإنها تقرؤه كما يقرأ المحدث الذي لم يتوضأ، وإنما النهي عن مسه، فهي لا تمسه، كما لا يمسه الجنب والمحدث، ولكن لا مانع من القراءة للمحدث حدثا أصغر غير الجنابة، يقرأ القرآن عن ظهر قلب، فهكذا الحائض تقرؤه عن ظهر قلب، لا بأس، واحتج المانعون أيضا لحديث رواه الترمذي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال:«لا تقرأ حائض ولا جنب شيئا من القرآن (2)» والجواب عن هذا أنه حديث ضعيف؛ لأنه من رواية إسماعيل بن عياش رحمه الله عن الحجازيين، ورواياته عنهم ضعيفة
(1) أخرجه الترمذي في كتاب النداء للصلاة، باب الأمر بالوضوء لمن مس القرآن، برقم (468).
(2)
أخرجه الترمذي في كتاب الطهارة، باب الجنب والحائض لا يقرآن القرآن، برقم (131)، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة، برقم (596).
عند أهل العلم، فالصواب أن الحائض والنفساء لهما القراءة عن ظهر قلب من غير مس المصحف، كالمحدث حدثا أصغر يقرأ ولكن لا يمس المصحف، أما الجنب فلا يقرأ لا عن ظهر قلب، ولا عن مس المصحف حتى يغتسل؛ لأن الجنب مدة قصيرة متى فرغ من حاجته اغتسل، فلهذا كان أمره خاصا، والحجة في ذلك أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أصابته جنابة لا يقرأ القرآن، كما ثبت من حديث علي رضي الله عنه قال:«كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يحجزه شيء عن القرآن إلا الجنابة (1)» . وفي رواية أنه لما خرج من قضاء الحاجة قرأ بعض القرآن، وقال:«هذا لمن ليس جنبا، أما الجنب فلا ولا آية (2)» فدل ذلك على أن الجنب لا يقرأ القرآن حتى يغتسل، والحائض والنفساء لا تقاسان عليه؛ لأن مدتهما تطول، ففي حرمانهما من القرآن مشقة عظيمة، فلهذا الصواب أنهما تقرآن، لكن من دون مس المصحف، ولا يجوز قياسهما على الجنب، فإن دعت الحاجة إلى القراءة من المصحف جازت من وراء حائل، كأن تمسه من وراء قفازين، أو يمسه لها غيرها، تمسكه عليها بنتها، أو أختها الطاهرة، وتقرأ بالنظر إليه من غير أن تمسه، لا بأس بهذا، ولكن مسها له لا يجوز حتى تطهر، كالمحدث وكالجنب أيضا حتى يغتسل، أما هي فإنها تقرؤه عن ظهر قلب كالمحدث حدثا أصغر، هذا
(1) سنن الترمذي الطهارة (146)، سنن النسائي الطهارة (265)، سنن أبو داود الطهارة (229)، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (594)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 124).
(2)
أخرجه أحمد في مسنده، مسند علي بن أبي طالب رضي الله عنه، برقم (872).