الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جزمه حذف حرف العلة من آخره، وهو الياء، والكسرة قبلها دليل عليها، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره نحن، والجملة العلية لا محل لها من الإعراب، سواء اعتبرت الجازم الأمر، أم الشرط المحذوف المقدر، من: حرف جر. ذكرى: اسم مجرور بمن، وعلامة جره كسرة مقدرة على الألف للتعذر، والجار والمجرور متعلقان بالفعل بنك، وذكرى مضاف وحبيب مضاف إليه من إضافة المصدر لمفعوله، وفاعله محذوف، إذ التقدير: من تذكرنا حبيبًا
…
ألخ. الواو: حرف عطف، منزل: معطوف على سابقه مجرور مثله، وهو في التقدير منصوب. بسقط: جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة منزل، أو بالفعل قفا، أو بالفعل نبك، وسقط مضاف واللوى مضاف ليه مجرور، وعلامة جره كسرة مقدرة على الألف للتعذر. بين: ظرف مكان منصوب متعلق بما تعلق به قوله (بسقط) وهذا يعني إبدال الظرف من الجار والمجرور، وإن علقته بمحذوف صفة سقط اللوى، فالمعنى لا يأباه، وبين مضاف والدخول مضاف إليه. فحومل: معطوف على الدخول بالفاء العاطفة، وقد صرف لضرورة الشعر، إذ حقه المنع للعلمية والعجمة.
2 - فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها
…
لما نسجتها من جنوب وشمأل
المفردات: توضح والمقراة: موضعان قريبان من الدخول وحومل، والمقراة في غير هذا الموضع الغدير الذي يجتمع فيه الماء، من قولهم: قريت الماء في الحوض إذا جمعته. لم يعف: لم ينمح أثرها ولم يدرس، بسبب الريحين فقط، بل بتعاور الأمطار لها ومرور الأزمنة عليها. من قولك: عفا المنزل يعفو عفاءً، إذا انمحت آثاره، وذهبت معالمه، ولا تنس إتيانه من العفو والصفح، وهو كثير في القرآن الكريم كثرة لا تعد ولا تحصى، كما يأتي عفا يعفو بمعنى الكثرة، قال تعالى: {ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى
عفوا} أي حتى كثروا ونموا في أنفسهم وأموالهم، من قولهم: عفا النبات وعفا الشحم والوبر إذا كثر كل منهن، والعافي طالب المعروف والإحسان، قال الأعشى:
تطوف العفاة بأبوابه
…
كطوف النصارى ببيت الوثن
فالعفاة جمع عاف، وقال عروة بن الورد:
وأني أمرؤ عافي إنائي شركة
…
وأنت أمرؤ عافي إنائك واحد
الرسم: هو ما لصق بالأرض من آثار الدار، مثل البعر والرماد وغيرهما، وجمعه أرسم ورسوم، كما يقال: أبحر وبحور، في جمع البحر، وقال: رسمها، ولم يقل رسومها اكتفاءً بالواحد عن الجميع كما قال الآخر:
بها جنيف السحرى، فأما عظامها
…
فبيض، وأما جلدها فصليب
والضمير المتصل برسمها ونسخها يعود إلى الأمكنة المذكورة في هذا البيت وسابقه، ونسج الريحين الدار اختلافهما عليها، فهذه تستر آثار الدار بالتراب، والأخرى تزيله عنها، فلا يذهب الأثر. جنوب: أراد ريح الجنوب. شمأل: أراد ريح الشمال، وفي الشمال لغات، يقال: شمال وشمأل وشأمل وشمل وشمل وشمول.
وأذكر أن الرياح الأصول أربع: إحداها الشمال، وتأتي من ناحية الشام، وهي شمال من استقبل مطلع الشمس، وهو بمكة المكرمة، وهذه الريح حارة في الصيف، باردة في الشتاء، والثانية الجنوب مقابلتها، وهي الريح اليمانية، والثالثة الصبا بفتح الصاد، وتأتي من مطلع الشمس، وتسمى القبول أيضًا، والرابعة الدبور، وتأتي من جهة المغرب، قال نبينا صلى الله عليه وسلم:(نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور).
وهذا كله بالنسبة لمكة المكرمة، وما أتى منها من بين تلك الجهات، يقال لها: النكباء، ثم إن خرجت من بين الجنوب والشرق قيل لها: أزيب بفتح الهمزة وسكون الجيم وفتح الياء، وإن خرجت من بين الشمال والغرب قيل لها: جِرْبيا بكسر الجيم وسكون الراء وكسر الباء، وإن خرجت من بين الشمال والشرق، قيل لها: صابية، وإن خرجت من بين الجنوب والغرب، قيل لها: هيف بفتح الهاء، وسكون الياء، وقد جمع النواحي الثمانية بقوله:
صبا ودبور، والجنوب وشمأل
…
بشرقٍ وغربٍ والتيمن والضد
ومن بينها النكباء، أزيب جربيا
…
وصابية، والهيف خاتمة العد
والريح الهواء المسخر بين السماء والأرض، واصله الروح، قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها، والجمع أرواح ورياح، وأصل رياح رواح فعل به كما فعل بأصل الريح، والأكثر في الريح التأنيث، وقد تذكر على معنى الهواء.
ولا تنس أن الريح تأتي بمعنى الدولة والقوة، قال تعالى:{ولا تنازعوا فتفشلوا، وتذهب ريحكم} أي دولتكم وقوتكم، شبهت في نفوذ أمرها وتمشيه بالريح وهبوبها، يقال: هبت ريح بني فلان إذا دالت لهم الدولة، ونفذ أمرهم.
المعنى يقول: لم تنمح آثار تلك الديار، لأنها كلما غطتها رياح الجنوب بالتراب، كشفته رياح الشمال عنها، أو بالعكس، وهكذا دواليك، وقد شبه فعل الريحين المتقابلتين بالنسج، وقيل: بل معناه لم يقتصر سبب محوها على نسج الريحين، بل كان له أسباب أخر منها هذا السبب، وهو مر السنين وتساقط الأمطار وغيرها، وقيل: بل معناه لم يعف رسم حبها من قلبي، وإن تعاقبت عليها الريحان، والمعنيان الأولان أظهر من الثالث، أهـ زوزني.
الإعراب: فتوضح: معطوف على الدخول وحومل في البيت السابق بالفاء العاطفة مجرور مثلهما، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة، لأنه ممنوع من الصر للعلمية والعجمية، وقيل للعلمية والتأنيث، فالمقراة: معطوف على ما قبله بالفاء العاطفة مجرور أيضًا. لم: حرف نفي وقلب وجزم، يعف: فعل مضارع مجزوم بلم، وعلامة جزمه حذف حرف العلة من آخره، وهو الواو، والضمة قبلها دليل عليها. رسمها: فاعله، وها: ضمير متصل في محل جر بالإضافة، والجملة الفعلية (لم يعف رسمها) في محل نصب حال من المقراة والأسماء قبله، لأنها أعلام على أمكنة معروفة، والرابط الضمير فقط، وجاز وقوع الحال من المضاف إليه لأن المضاف جزؤه (لما) اللام: حرف جر وتعليل. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل جر باللام، والجار والمجرور متعلقان بالفعل (يعف) نسجتها: فعل ماض، والتاء للتأنيث، وها: ضمير متصل في محل نصب مفعول به، والفاعل ضمير مستتر فيه تقديره هي يعود إلى (ما) المفسرة بالمؤنث، وهو ريح الجنوب والشمال، وهو العائد، والجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها من الإعراب. ويجوز أن تكون (من) زائد في الإيجاب على قول أبي الحسن الأخفش، وجنوب فاعل مجرور لفظًا مرفوع محلًا، من جنوب: جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من الضمير المستتر في (نسج) ومن بيان وتفسير لما أبهم في ما، وشمأل: معطوف على سابقه بواو العطف، هذا وجوز بعضهم أن تكون (ما) مصرية تؤول مع الفعل نسج بمصدر، التقدير: لنسجها الريح، ثم أتى بمن مفسرة، فقال: من جنوب وشمأل، ففي (نسجت) ذكر الريح، لأنها لما ذكرت المواضع والسم والنسج دلت على الريح، فكنى عنها لدلالة المعنى، قال تعالى:{والنهار إذا جلاها} أراد إذا جلى الظلمة، فكنى عن الظلمة، ولم يتقدم لها ذكر لذلك المعنى، وانظر الشاهد 190، 191 من كتابنا فتح رب البرية تجد ما يسرك، هذا ولم