الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من أخلاق العرب، وغاية ما في ذلك أن الأب إذا مات استولى على امرأته أكبر أولاده من غيرها، فإن شاء تزوجها من غير صداق، اكتفاءً بصداق أبيه، وإن شاء زوجها من غيره، وأخذ صداقها، وإن شاء منعها من الزواج حتى تفدي نفسها بمال، وقد حرم الله تبارك وتعالى ذلك، فقال جل ذكره:{يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهًا، ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن} وقال جل شأنه: {ولا تنكحوا ما نكح أباؤكم من النساء إلا ما قد سلف، إنه كان فاحشة، ومقتًا، وساء سبيلًا} .
مقتل حجر والد أمرئ القيس:
وكان من حديثه أن الحارث الملك جده، كان قد فرق ولده في قبائل العرب، وملكهم عليهم، فجعل حجرًا وهو أبو أمرئ القيس على بني أسد وغطفان، وجعل شرحبيل على بني بكر بن وائل، وهو قتيل الكلاب الأول، وعلى بني حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، وجعل معد يكرب، وهو غلفاء -وإنما سمي غلفاء لأنه كان يغلف رأسه- على بني تغلب، والنمر بن قاسط، وسعد بن زيد مناة، وطوائف من بني دارم بن حنظلة والصنائع، وجعل عبد الله على عبد القيس، وسلمة على قيس، فلما هلك الحارث أو قتل، وقد اختلف في ذلك، تفرق أمر ولده وتشتت، واختلفت كلمتهم، ووثب بنو أسد على حجر والد امرئ القيس فقتلوه.
خبر أمرئ القيس بعد مقتل أبيه:
قيل: إن حجرًا والد امرئ القيس لما قتله بنو أسد في قصة طويلة، وكان قد طعنه علباء بن الحارث أحد بني كاهل، ولم يجهز عليه، أوصى ودفع وصيته إلى رجل، وقال له: انطلق إلى ابني نافع، وكان أكبر ولده،
فإن بكى وجزع، فاله عنه، واستقرهم واحدًا واحدًا حتى تأتي امرأ القيس، وكان أصغرهم فأيهم لهم يجزع، فادفع إليه سلاحي وخيلي وقدوري ووصيتي، وكان قد بين في وصيته من قتله، وكيف كان خبره، فانطلق الرجل بوصيته إلى نافع ابنه، فأخذ التراب، فوضعه على رأسه، ثم استقرأهم واحدًا واحدًا، فلكهم فعل ذلك حتى أتى امرأ القيس، فوجده مع نديم له يشرب الخمر، ويلاعبه بالنرد، فقال له: قتل حجر، فلم يلتفت إلى قوله، وأمسك نديمه، فقال له أمرؤ القيس: اضرب، فضرب حتى إذا فرغ، قال: ما كنت لأفسد عليك دستك، ثم سأل الرسول عن أمر أبيه فأخبره، فقال: الخمر والنساء علي حرم حتى أقتل من بني أسد مائة، وأجز نواصي مائة، ويروى أنه قال: ضيعني صغيرًا، وحملني ثأره كبيرًا، لا صحو اليوم، ولا سكر غدًا، اليوم خمر وغدًا أمرٌ، فذهب كلمته هذه مثلا، أي يشغلنا اليوم خمر، وغدًا يشغلنا أمر، يعني أمر الحرب، ثم شرب سبعة أيام، ثم قال:
أتأني، وأصحابي على رأس صليع
…
حديث أطار النوم عني وأنعما
وقلت لعجلي بعيد ما به
…
تبين، وبين لي الحديث المجمجما
فقال: أبيت اللعن عمرو وكاهلٌ
…
أبا حواحمى حجر، فأصبح مسلمًا
وأراد بقوله العجلي رجلا من بني عجل، يقال له عامر الأعور، فهو الذي نقل له الخبر، وله في ذلك أشعار كثيرة منها:
والله لا يذهب شيخي باطلًا
…
حتى أبير مالكًا وكاهلًا
القاتلين الملك الحلاحلا
…
خير معد حسبًأ ونائلًا