الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي هذا الحديث رواية للمصنف ومسلم عن عليّ قال: "ما عندنا شيء نقرؤه إلا كتاب الله وهذه الصحيفة" فإذا فيها "المدينة حرم" .. الحديث. ولمسلم عن أبي الطُّفيل عن علي ما خصنا رسول الله، صلى الله تعالى عليه وسلم، بشيء لم يعم به الناس كافةً، إلا ما في قراب سيفي هذا، وأخرج صحيفة مكتوبًا فيها "لعن الله من ذبح لغير الله" .. الحديث. وللنَّسائيّ من طريق الأشتر وغيره، عن علي "فإذا فيها المؤمنون تتكافأ دماؤهم يسعى بذمتهم أدناهم" .. الحديث. ولأحمد من طريق طارق بن شهاب: فيها فرائض الصدقة.
والجمع بين هذه الأحاديث أن الصحيفة كانت واحدة، وكان جميع ذلك مكتوبًا فيها، فنقل كل واحد من الرواة عنه ما حفظه. وقد بين ذلك قتادةُ في روايته لهذا الحديث عن أبي حَسّان عن عليّ، وبين أيضًا السبب في سؤالهم لعلي، رضي الله تعالى عنه. أخرجه أحمد والبَيْهقِيّ في الدلائل عن أبي حَسّان "أن عليا كان يأمر بالأمر فيقال: قد فعلناه، فيقول: صدق الله ورسوله" فقال له الأشتر: هذا الذي تقول أهو شيء عهده إليك رسول الله صلى الله عليه تعالى عليه وسلم خاصة دون الناس؟ فذكره بطوله.
رجاله سبعة:
الأول محمد بن سَلَام البِيْكَنْدِيّ، مر تعريفه في الحديث الثالث عشر من كتاب الإِيمان، وفي السند سفيان يحتمل أن يكون ابن عُيينة، وقد مر تعريفه في الحديث الأول من بدء الوحي، ويحتمل أن يكون الثَّوْريّ وقد مر في الحديث الثامن والعشرين من كتاب الإِيمان، ومر تعريف الشعبيّ عامر بن شراحيل في الحديث الثالث من كتاب الإِيمان أيضًا، ومرّ تعريف علي، رضي الله عنه، في الحديث السابع والأربعين من كتاب العلم وفي السند مُطَرِّف، وهو مطرف بضم الميم، على وزن اسم الفاعل، ابن طريف بفتح الطاء، أبو بكَر، أو أبو عبد الرحمن، الكوفيّ الحارثيّ، نسبة إلى الحارث بن كعب بن عمرو،
ويقال الخارِفيّ، بالخاء المعجمة وبالفاء، نسبة إلى خارف بن عبد الله روى عن الشعبي وأبي إسحاق السَّبِيعيّ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، والحَكَم بن عُتيبة، وخلق.
وروى عنهُ أبو عُوانة وهُشَيم وأبو جعفر الرازيّ والسفيانان وخلق كثير. وثَّقه أحمد وأبو حاتم، وقال أبو داود: قلت لأحمد: أي أصحاب الشعبيّ أحب إليك؟ قال: ليس عندي فيهم مثل إسماعيل بن أبي خالد. قلت: ثمّ من؟ قال: مُطَرَّف. وقال الشافعي: ما كان ابن عُيينة بأحد أشد إعجابًا منه بمُطرف وقال ابن عُيينة: قال مُطَرِّف: ما يسرني أني كذبت كذبة وأن لي الدنيا وما فيها. وقال داود بن علية: ما أعلم عربيًا ولا عجميًا أفضل من مُطَرِّف بن طَرِيف. وقال: العِجْليّ صالح الكتاب ثقة، ثبت في الحديث، ما يذكر عنه إلا الخير في المذهب. وقال ابن أبي شيبة: ثقة صدوق وليس بثبت. وقال يعقوب بن أبي شيبة: ثقة ثبت. وقال سفيان: حدثنا مُطْرِف، وكان ثقة. وقال أبو داود: بيَان فوق مُطَرِّف، ومُطَرِّف ثقة، وابن أبي السَّفْر دونه. مات سنة ثلاث وثلاثين ومئة. وقيل سنة اثنتين وأربعين.
وأما وكيع فهو ابن الجَرَّاح بن مُليَح بن عَدِيّ بن الفَرس بن حُمَحَمة، وقيل غيره. أصله من قرية من قرى نَيْسابور، الرؤاسيّ الكوفيّ من قيس عيلان. روى عن الأعمش وهشام بن عُروة، وجرير بن حازم، وإسماعيل بن أبي خالد، وخلق لا يحصى، وروى عنه أبناؤه سفيان ومُليح وعبيد ومُسْتَمليه محمد بن أبان البَلْخيَّ وشيخه سفيان الثَّوريّ، وعبد الرحمن بن مَهْدِيّ، وأحمد وعلي، ويحيى، وخلق لا يحصى.
قال القَعْنَبِيّ: كنا عند حماد بن زيد، فجاء وكيع فقالوا: هذا راوية سفيان، فقال: حماد؟ ولو شئت قلت: هذا أرجح من سفيان. وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه: ما رأيت أوعى للعلم من وكيع، ولا أحفظ منه. قال: وسمعت أبي يقول: كان مطبوع الحفظ. وكان وكيع حافظًا وكان أحفظ من عبد الرحمن بن مَهْدِيّ كثيرًا كثيرًا. وقال صالح بن أحمد:
قلت لأبي أيهما أثبت عندك وكيع أو يزيد؟ قال: ما منهما، بحمد الله تعالى، إلا ثَبْت، قلت: فأيهما أصلح؟ قال: ما منهما إلا صالح، إلا أن وكيعاً لم يتلطخ بالسلطان، وما رأيت أحدًا أوعى للعلم منه، ولا أشبه بأهل السنة منه.
وقال محمد بن عامر المَصِّيْص: سألت أحمد: وكيع أحب إليك أو يحيى بن سعيد قال: وكيع. قلت: لِمَ؟ قال: كان وكيع صديقًا لحفص ابن غِيَاث، فلما ولي القضاء هجره، وكان يحيى بن سعيد صديقا لمعاذ بن معاذ، فلما ولي القضاء لم يهجره. وقال الدُّوريّ: ذاكرت أحمد بحديث فقال: من حدثك؟ قلت: شبابة. قال: لكن حدثني من لم تر عيناك مثله، وكيع.
وقيل لأحمد: إن أبا قَتادة يتكلم في وكيع. قال: من كذب بأهل الصدق فهو الكذّاب. وقال، أيضًا: ما رأيت مثل وكيع في الحفظ والإِسناد والأبواب، مع خشوع وورع، وقد عرض عليه القضاء فامتنع منه، وكان يذاكر في الفقه فيحسن، ولا يتكلم في أحد، وقال، أيضًا: وكيع أكبر في القلب وابن مهدي إمام، وقال أيضا: كان وكيع إمام المسلمين في وقته، وقال أيضًا حين سئل عن يحيى بن سعيد وابن مَهْدي ووكيع وأبي نعيم فقال: ما رأيت أحفظ من وكيع، وكفاك بعبد الرحمن معرفة وإتقانًا، وما رأيت أوزن لقوم من غير محاباة ولا أشد ثبتًا في الرجال من يحيى. وأبو نعيم أقل الأربعة خطأ. وقال أيضًا: ما رأيت بالبصرة مثل يحيى، وبعده عبد الرحمن، وعبد الرحمن أفقه الرجلين. قيل له: فوكيع وأبو نعيم؟ قال: أبو نعيم أعلم بالشيوخ وأساميهم، ووكيع أفقه. وسئل: إذا اختلف وكيع وعبد الرحمن بمن نأخذ؟ قال: عبد الرحمن موافق، ويسلَّم عليه السلف، ويجتنب شرب النبيذ، وقال: عليكم بمصنفات وكيع. وقال أيضًا: المثبت عندنا بالعراق وكيع ويحيى وعبد الرحمن. وذُكر ذلك لابن مُعين فقال: الثبت عندنا بالعراق وكيع: وقال ابن معين: ما رأيتُ أفضلَ من وكيع. فقيل
له: فابن المبارك؟ قال: قد كان له فضل، ولكن ما رأيت أفضل من وكيع، كان يستقبل القبلة، ويحفظ حديثه، ويقوم الليل، ويسرد الصوم، ويفتي بقول أبي حنيفة. وقال أيضًا: والله ما رأيتُ أحدًا يحدث لله تعالى إلا وكيعًا والقعنبيّ.
وقال أحمد بن سيّار: قدم وكيع مكة، فانجفل الناس إليه، وحج تلك السنة غير واحد من العلماء، وكان ممن قدم عبد الرّزاق، فخرج ونظر إلى مجلسه، فلم ير أحدا، فاغتم، ثم خرج فلقي رجلًا فقال: ما للناس؟ قال له: قدم وكيع. قال: الحمد لله تعالى. وقال: ظننت أن الناس تركوا حديثي. وأما أبو أسامة، فلما خرج ولم ير أحدًا وسمع بوكيع، قال: هوِ التِّنِّين لا يقع مكانًا إلا أحرق ما حوله. وقال ابن مُعين أيضًا: ما رأيت أحداً يحدث لله تعالى غير وكيع، وما رأيت أحفظ منه ووكيع في زمانه كالأوزاعي في زمانه. وقال أيضًا: ما رأيت من يحدث لله تعالى إلا ستة أو سبعة ديّانة: ابن المبارك، وحسين الجُعْفيّ، ووكيع، وسعيد بن عامر، وأبو داود الحفريّ، والقعنبيّ. وقال أيضًا: وكيع أثبت من عبد الرحمن بن مهديّ في سفيان. قال: ورأيت يحيى يميل إلى وكيع ميلًا شديدًا، فقلت له: إذا اختلف وكيع وأبو معاوية في الأعمش؟ قال: يكون موقوفًا حتى يجىء من يتابع أحدهما، قلت: فحفص؟ قال: من يحدث عنه؟ قلت: ابنه، فكأنه لم يقنع بهذا، وقال: إنما كانت الرحلة إلى وكيع في زمانه. وقال أيضًا: ثقات الناس أربعة وكيع ويعلي بن عُبيد والقَعْنبيّ وأحمد بن حنبل. وقال أيضًا: ما رأيت أحفظ من وكيع. قيل له: ولا هُشيم؟ قال: وأين يقع حديث هُشيم من حديث وكيع؟ وقال: قلت لابن مَعين: أبو معاوية أحب إليك في الأعمش أو وكيع؟ قال: أبو معاوية أعلم به، ووكيع ثقة. قال: وقلت له: عبد الرحمن أحب إليك في سفيان أم وكيع؟ قال: وكيع. قلت: فأبو نعيم؟ قال: وكيع. قلت: فابن المبارك أم وكيع؟ فلم يفضل، وقال أيضًا: رأيت عند مروان لوحًا مكتوبًا فيه أسماء شيوخ فلان كذا، وفلان كذا، ووكيع
رافضيّ. قال يحيى: قلت له: وكيع خيرٌ منك. قال: مني؟ قلت: نعم، فسكت.
وقال ابن سعد: كان ثقة مأمونًا عاليًا رفيع القدر كثير الحديث حجة، وقال العَجْلي: كوفيُّ ثقةٌ عابدٌ صالح أديب، من حفاظ الحديث، وكان يفتي، وقال ابن حبان في الثقات: كان حافظًا متقنًا. وقال يحيى بن يحيى: لم أر من الرجال أحفظ منه. وقال ابن نُميَر: وكيع أعلم بالحديث من ابن إدريس، ولكن ليس هو مثله، وكانوا إذا رأوا وكيعًا سكتوا. وقال ابن عمار ما كان بالكوفة في زمان وكيع أفقه منه، ولا أعلم بالحديث. كان جهبذًا.
قال ابن عمار: قلت له: عدوا عليك أربعة أحاديث بالبصرة غلطت فيها. قال: حدثتهم بعبادان بنحو من ألف وخمس مئة وأربعة ليس بكثير في ألف وخمس مئة. وقال ابن عمّار: قال لنا أبو نعيم: ما دام هذا يعني وكيعًا حيًا لا يفلح أحد معه وقال ابن عمّار أيضًا: كان سفيان يدعو وكيعًا وهو غلام، فيقول له: أي شيء سمعته؟ فيقول: حدثني فلان كذا، قال وسفيان يتبسم ويتعجب من حفظه. وقال الغلاني: كنا بعبادان فقال لي حماد بن سَعْدة أحب أن تجيء معي إلى وكيع، فجئناه، فلما خرجنا، قال لي حماد: قد رأيت الثَّوري، فما كان مثل هذا. وقال: أتيت الأعمش فقلت له: حدثني، فقال: ما اسمك؟ قلت: وكيع، قال: اسم نبيلٌ ما أحسبه إلَاّ يكون له نبأ.
والرؤاسيّ في نسبه نسبة إلى رُؤاس أبي حَيّ من عامر بن صعْصَعة، واسمه رؤاس الحارث، وعَقِبه ثلاثة: بجاد وبجيد وعبيد، أولاده لصلبه، ومنهم حُميد بن عبد الرحمن بن حُميد الرؤاسيون، محدثون. وقال أبو هشام الرفاعيّ: دخلت المسجد الحرام، فإذا عُبيد الله بن موسى يحدث، والناس حوله كثير، قال: فطفت أسبوعًا، ثم جئت، فإذا عبيد الله قاعد وحده، فقلت: ما هذا؟ قال: قدم التِّنِّين فأخذهم، يعني وكيعًا.
وقال نوح بن حبيب القَوْمَسيّ: رأيت الثَّوريّ ومعمرًا ومالكًا، فما رأت عيناي مثل وكيع. وقال علي بن خَشْرم: رأيت وكيعًا وما رأيت بيده كتابًا قط، إنما هو يحفظ، فسألته عن دواء الحفظ، فقال: ترك المعاصي ما جربت مثله للحفظ، وقال هارون الحمّال: ما رأيت أخشع من وكيع، وكذا قال مروان بن محمد، وزاد: وما وصف لي أحد إلا رأيته دون الصفة، إلا وكيع فإني رأيته فوق ما وصف لي.
وقال ابن عمار: أخبرت عن شريك أن رجلًا ادعى عنده على آخر بمئة ألف دينار، فأقر، فقال: أما إنه لو أنكر لم أقبل عليه شهادة أحد بالكوفة إلا شهادة وكيع وعبد الله بن نُمير، وقال جرير: جاءني ابن المبارك فقلت له: من دخل الكوفة اليوم؟ قال: رجَلُ المصرين وكيع. وقال يحيى بن أكتم: صحبت وكيعًا في الحضر والسفر، فكان يصوم الدهر، ويختم كل ليلة، وقال سلَم بن جُنَادة: جالست وكيعًا سبع سنين، فما رأيته بَزَق ولا مَسَّ حصاةً، ولا تحرك من مجلسه إلا مستقبل القبلة، وما رأيته يحلف بالله العظيم. وقال معاوية الهَمْدانِيّ: كان وكيع يؤتى بطعامه ولباسه، ولا يسأل عن شيء، ولا يطلب شيئًا.
وقال إبراهيم بن شَمّاس: كنت أتمنى عقل ابن المبارك، وورعه وزهد فُضيل ورقته وعبادة وكيع وحفظه وخشوع عيسى بن يونس، وصبر حُسين بن علي الجُعْفيّ. وقال إسحاق بن راهَوية: كان حفظه طبعًا، وحفظنا تكلفًا. وقال أبو داود كان أبوه على بيت المال، فكان إذا روى عنه قرنه بآخر، ومناقبه أكثر من أن تحصى، مات سنة ست وتسعين في طريق الحج.
وأما أبو جُحيْفَة، بالجيم مصغرًا، فهو وهْب بن عبد الله السُّوائِي، سماه عليّ، رضي الله عنه، وهب الخير، وكان يكرمه ويحبه ويثق به، وجعله على بيت المال بالكوفة، وشهد معه مشاهده كلها، ونزل الكوفة وتوفي بها سنة اثنتين وسبعين. روى له الجماعة، وكان من صغار