الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولده في النمر بن قاسط، وكان كثير الحديث، ولم أرهم يحتجون بحديثه. وقال يحيى بن مَعين: من تابعي أهل المدينة ومحدثيهم. وقال قتادة: إنه كان يصلي مع عثمان، فإذا أخطأ فتح عليه. وحُكي عن المِسور أن عثمان مرض، فكتب العهد إلى عبد الرحمن بن عوف، ولم يطّلع على ذلك إلَاّ حُمران، ثم أفاق عثمان فأطلع حُمران عبد الرحمن على ذلك، فبلغ عُثمان، فغضب عليه ونفاه،
كان كاتب عثمان وحاجبه، وولي نيسابور من الحجاج فاغرمه مئة ألف لأجل الولاية، ثم رد عليه ذلك بشفاعة عبد الملك.
ذكره البخاري في ضعفائه، واحتج به في "صحيحه"، مات سنة خمس وسبعين.
لطائف إسناده:
منها أن فيه التحديث بصيغة الجمع والإفراد، والإخبار بصيغة الإفراد، والعنعنة. ورواته كلهم مدنيون. وفيه ثلاثة من التابعين يروي بعضهم عن بعض: ابن شِهاب، وعطاء، وحُمران.
أخرجه البخاري هنا، وأخرجه في الطهارة والصوم، وأخرجه مسلم وأبو داود والنَّسائي في الطهارة.
وعن إبراهيم قال: قال صالحُ بنُ كَيْسان قال ابن شهاب ولكن عروة يحدث عن حمران فلما توضأ عثمان قال: ألا أحدثكم حديثًا لولا آية ما حدثتكموه سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يتوضأ رجل يحسن وضوءه ويصلي الصلاة إلَاّ غفر له ما بينه وبين الصلاة حتى يصليها" قال عروة الآية {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ} [البقرة: 159].
"إبراهيم" هو ابن سعد السابق أول الباب، وهو معطوف على قوله:"حدثني إبراهيم بن سعد".
وقوله: "لكن عروة يحدث عن حُمران" هذا استدراك من ابن شِهاب، يعني
ان شيخيه اختلفا في روايتهما له عن حُمران عن عثمان رضي الله تعالى عنه، فحدثه عطاء على صفة، وعروة على صفة، وليس ذلك اختلافًا، وإنما هما حديثان متغايران. فأما صفة تحديث عطاء فتقدمت، وأما صفة تحديث عروة عنه فأشار لها بقوله:
"فلما توضأ عثمان" وهو عطف على محذوف تقديره: عن حُمران أنه رأى عثمان دعا بإناء، فأفرغ على كفيه، إلى أن قال: فغسل رجليه إلى الكعبين، فلما توضأ.
وقوله: "ألا أحدثكم"، وفي رواية الأربعة:"لأحدِّثنكم" أي: والله لأحدثنَّكم.
وقوله: "لولا آية"، زاد مسلم "في كتاب الله"، ولأجل هذه الزيادة صحف بعضٌ رواية "آية" فجعلها:"أنه" بالنون المشددة وبهاء الشأن.
وقوله: "ما حدَّثتكموهُ" أي: ما كنت حريصًا على تحديثكم.
وقوله: "لا يتوضأ" في رواية "لا يتوضأنَّ" بنون التوكيد الثقيلة.
وقوله: "رجل يُحسن" في رواية: "فيُحسن وضوءَه" بان يأتي به كاملًا بآدابه وسننه، والفاء في هذه النسخة ليست للتعقيب؛ لأن إحسان الوضوء ليس متأخرًا عنه حتى يُعطف عليه بالفاء التعقيبية، بل هي بمعنى ثم التي هي لبيان المرتبة وشرفها، للدِّلالة على أن الإحسان في الوضوء والإجادة من مراعاة السنن والآداب أفضل وأكمل من أداء ما وجب مطلقًا. ولا شك أن الوضوء المحسن فيه أعلى رتبة من غير المحسن فيه.
وقوله "ويصلي الصلاة" أي: المكتوبة. وفي رواية لمسلم: "فيُصلي هذه الصلوات الخمس".
وقوله: "إلا غُفر له" بالبناء للمفعول.
وقوله: "وبينَ الصلاة" أي: التي تليها كما في "مسلم" من رواية هشام بن عروة.
وقوله: "حتى يصليها" أي: حتى يفرغ منها، فحتى غاية لحصل المقدر بعدما العامل في الظرف الذي هو بين، إذ الغفران لا غاية له.
وقال في "الفتح": "حتى يصليها" أي: حتى يشرع في الصلاة الثانية، واعترضه العيني بأنه حينئذ يكون قوله:"حتى يصليها" لا فائدة فيه، إذ لا زيادة فيه على قوله:"ما بينه وبين الصلاة".
وقوله: "قال عروة: الآية {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا} [البقرة: 160] يعني: الآية التي في البقرة إلى قوله: {اللاعنونَ} كما صرَّح به مسلم. ومراد عثمان رضي الله تعالى عنه أن هذه الآية تحرض على التبليغ، وهي وإن نزلت في أهل الكتاب، لكن العبرة بعموم اللفظ، وقد تقدم نحو ذلك لأبي هُريرة في كتاب العلم. وإنما كان عثمان يرى ترك تبليغهم ذلك لولا الآية المذكورة خشية عليهم من الاغترار.
وقد روى مالك هذا الحديث في "الموطأ" عن هشام بن عُروة، ولم يقع في رواية تعيين الآية، فقال من قِبَل نفسه: "أراه يريد: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114]، وما ذكره عروة راوي الحديث بالجزم أولى.
ثم إن ظاهر الحديث يقتضي أن المغفرة لا تحصُل بما ذكر من إحسان الوضوء، بل حتى تنضاف إليه الصلاة. قال ابن دقيق العيد: الثواب الموعود به يترتب على مجموع الوضوء على النحو المذكور، وصلاة الركعتين بعده به، والمترتب على مجموع أمرين لا يترتب على أحدهما إلاّ بدليل خارج، وقد أدخل قوم هذا الحديث في فضل الوضوء وعليهم في ذلك هذا السؤال.
ويجاب بأن كون الشيء جزءً فيما يترتب عليه الثواب العظيم كاف في كونه ذا فضل، فيحصل المقصود من كون الحديث دليلًا على فضيلة الوضوء.
ويظهر بذلك الفرق بين حصول الثواب المخصوص وحصول مطلق الثواب، فالثواب المخصوص يترتب على مجموع الوضوء على النحو المذكور