المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث الرابع والأربعون - كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري - جـ ٤

[محمد الخضر الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌الحديث الثالث والخمسون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الرابع والخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس والخمسون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السادس والخمسون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب العلم والعظة بالليل

- ‌الحديث السابع والخمسون

- ‌رجاله ثمانية:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب السمر في العلم

- ‌الحديث الثامن والخمسون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع والخمسون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب حفظ العلم

- ‌الحديث الستون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الحادي والستون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني والستون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الإنصات للعلماء أي السكوت والاستماع لما يقولونه

- ‌الحديث الثالث والستون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب ما يستحب للعالم إذا سئل أيُّ الناس أعلم فيكل العلم إلى الله تعالى

- ‌الحديث الرابع والستون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من سأل وهو قائم عالمًا جالسًا

- ‌الحديث الخامس والستون

- ‌رجاله خمسة

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب السؤال والفُتيا عند رمي الجمار

- ‌الحديث السادس والستون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب قول الله تعالى وما أوتيتم من العلم إلا قليلًا

- ‌الحديث السابع والستون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من ترك بعض الاختيار مخافة أن يقصر فهم بعض الناس عنه، فيقعوا في أشد منه

- ‌الحديث الثامن والستون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من خص بالعلم قومًا دون قوم كراهية أن لا يفهموا

- ‌الحديث التاسع والستون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السبعون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الحياء في العلم

- ‌الحديث الحادي والسبعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني والسبعون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌باب من استحيا فأمر غيره بالسؤال

- ‌الحديث الثالث والسبعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب ذكر العلم والفتيا في المسجد

- ‌الحديث الرابع والسبعون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من أجاب السائل بكثر مما سأله

- ‌الحديث الخامس والسبعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌خاتمة

- ‌فائدة في الخاتمة

- ‌كتاب الوضوء

- ‌باب لا تُقبلُ صلاة بغير طُهور

- ‌الحديث الأول

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب فضل الوضوء والغرُّ المحجّلون من آثار الوضوء

- ‌الحديث الثاني

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن

- ‌الحديث الثالث

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب التخفيف في الوضوء أي جوازه

- ‌الحديث الرابع

- ‌رجاله خمسة

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب اسباغ الوضوء

- ‌الحديث الخامس

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل الوجه باليدين من غرفة واحدة

- ‌الحديث السادس

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب التسمية على كل حال وعند الوِقاع

- ‌الحديث السابع

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب ما يقول عند الخلاء

- ‌الحديث الثامن

- ‌رجاله أربعة

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب وضع الماء عند الخلاء

- ‌الحديث التاسع

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث العاشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب مَنْ تبرَّزَ على لبنتين

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب خروج النساء إلى البَرَاز

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌رجاله ستة

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب التبرز في البيوت

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الاستنجاء بالماء

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب مَنْ حمل معه الماء لطهوره

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب حمل العنزة مع الماء في الاستنجاء

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب النهي عن الاستنجاء باليمين

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب لا يمسك ذكره بيمينه إذا بال

- ‌الحديث العشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الاستنجاء بالحجارة

- ‌الحديث الحادي والعشرون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب لا يُستنجى بروث

- ‌الحديث الثاني والعشرون

- ‌رجاله سبعة

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الوضوء مرة مرة

- ‌الحديث الثالث والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الوضوء مرتين مرتين

- ‌الحديث الرابع والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الوضوء ثلاثًا ثلاثًا

- ‌الحديث الخامس والعشرون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الاستنثار في الوضوء

- ‌الحديث السادس والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الاستجمار وترًا

- ‌الحديث السابع والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل الرجلين

- ‌الحديث الثامن والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌باب المضمضة في الوضوء

- ‌الحديث التاسع والعشرون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل الأعقاب

- ‌الحديث الثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب غسل الرجلين في النعلين ولا يمسح على النعلين

- ‌الحديث الحادي والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب التيمن في الوضوء والغسل

- ‌الحديث الثاني والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب التماس الوضوء إذا حانت الصلاة

- ‌الحديث الرابع والثلاثون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الماء الذي يغسل به شعر الإنسان

- ‌الحديث الخامس والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السادس والثلاثون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعًا

- ‌الحديث السابع والثلاثون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثامن والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث التاسع والثلاثون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من لم ير الوضوء إلاّ من المخرجين القبلُ والدبر لقوله تعالى: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ}

- ‌الحديث الحادي والأربعون

- ‌رجاله أربعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثاني والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الثالث والأربعون

- ‌رجاله ستة

- ‌الحديث الرابع والأربعون

- ‌رجاله أحد عشر:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث الخامس والأربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب الرجل يوضىء صاحبه

- ‌الحديث السادس والأربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌الحديث السابع والاربعون

- ‌رجاله سبعة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب قراءة القرآن بعد الحدث وغيره

- ‌الحديث الثامن والأربعون

- ‌رجاله خمسة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب من لم يتوضأ إلا من الغشي المثقل

- ‌الحديث التاسع والأربعون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

- ‌باب مسح الرأس كله

- ‌الحديث الخمسون

- ‌رجاله ستة:

- ‌لطائف إسناده:

الفصل: ‌الحديث الرابع والأربعون

‌الحديث الرابع والأربعون

حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ أَنْ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِذَا جَامَعَ فَلَمْ يُمْنِ؟ قَالَ عُثْمَانُ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ، وَيَغْسِلُ ذَكَرَهُ. قَالَ عُثْمَانُ: سَمِعْتُهُ مِنْ النّبيّ صلى الله عليه وسلم. فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ عَلِيًّا، وَالزُّبَيْرَ، وَطَلْحَةَ، وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَأَمَرُوهُ بِذَلِكَ.

قوله: "قلت" بتاء المتكلم على سبيل الالتفات من الغيبة إلى التكلم، بقصد حكايته لفظه بعينه، وإلا فكان أسلوب الكلام أن يقول: قال: قلت.

وقوله: "أرايتَ" أي: أخبرني.

وقوله: "إذا جامع" أي الرجل امرأته كما هو صريح الرواية الآتية في الغسل، وكامرأته أمته.

وقوله: "فلم يُمن"، وفي رواية:"ولم يُمن" بضم الياء وسكون الميم وقد يُفتح الأول، وقد يُضم مع فتح الميم وشد النون.

وقوله: "كما يتوضأ للصلاة" أي: الوضوء الشرعي لا اللغوي، وإنما أمره بالوضوء من غير أن يجب الغسل، إما لكون الجماع مِظنة خروج المذي، أو لملامسة المرأة، وبهذا تظهر مناسبة الحديث للترجمة، من حيث دلالته على وجوب الوضوء من الخارج المعتاد لا على الجزء الآخر، وهو عدم الوجوب في غيره. ولا يلزم أن يدل كل حديث في الباب على كل الترجمة، بل تكفي دلالة البعض على البعض.

وقوله: "ويغسِل ذَكره" أي: لتنجيسه برطوبة الفرج، كما تدل عليه ترجمة

ص: 455

البخاري الآتية في الغسل في باب: غسل ما يصيب من رطوبة فرج المرأة. واستدل لذلك بما في الرواية المذكورة هناك من قوله: "بغسل ما مسَّ المرأة منه". فقول القَسْطلاّني: لتنجيسه بالمذي. غير ظاهر لما ذكر.

فإن قيل: غسل الذكر متقدم على الوضوء، فلم آخره؟ أجيب بأن الواو لا تدل على الترتيب، بل على مطلق الجمع، ولهذا جاء في الرواية الآتية التصريح بتأخير الوضوء عن غسل الذكر، حيث قال:"يغسل ما مسَّ المرأة منه. ثم يتوضأ ويصلي" فلا فرق بين أن يغسل الذَكَرَ قبل الوضوء أو بعده على وجه لا ينتقض الوضوء معه.

وقوله: "فأمروه بذلك" فيه التفات، لأن الأصل أن يقول: أمروني أو: هو مقول عطاء بن يسار، فيكون مرسلًا.

وقال الكِرماني: الضمير المرفوع يعود للصحابة، والمنصوب يعود على المجامع الذي في ضمن إذا جامع. وجَزَم بأنه عن عثمان إفتاء ورواية مرفوعة، وعن الباقين إفتاء فقط.

قال في "الفتح": وظاهره أنهم أمروه بما أمره به عثمان، فليس صريحًا في عدم الرفع، لكن في رواية الإسماعيلي:"فقالوا، مثل ذلك"، وهذا ظاهره الرفع، لأن عثمان أفتاه بذلك وحدثه به عن النبي صلى الله عليه وسلم، والمثلية تقضي أنهم أفتوه وحدّثوه أيضًا. وقد صرح الإسماعيلي بالرفع في رواية أخرى له، فقال:"فقالوا مثل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم " لكنه قال: لم يقل ذلك غير يحيى الحِمّاني، وليس هو على شرط هذا الكتاب.

وظاهر الحديث وجوب الوضوء على من جامع ولم ينزل لا الغسل، لكن حكى الأثرم عن أحمد أن حديث الباب معلول، لأنه ثَبَتَ عن هؤلاء الخمسة الفتوى بخلاف ما في هذا الحديث. وحكى يعقوب بن أبي شَيْبة عن ابن المديني أنه شاذٌّ.

والجواب عن ذلك أن الحديث ثابت من جهة اتصال إسناده وحفظ رواته،

ص: 456

وقد روى ابن عُيينة عن عطاء بن يسار نحو رواية أبي سلمة عنه، كما أخرجه ابن أبي شَيْبة وغيره، فليس هو فردًا، وأما كونهم أفتَوْا بخلافه فلا يقدح في صحته، لاحتمال أنهم ثبت عندهم ناسخه، فذهبوا إليه، وكم من حديث منسوخ وهو صحيح من حيث الصناعة الحديثية.

وقد ذهب الجمهور إلى أن ما دل عليه حديث الباب من الاكتفاء بالوضوء إذا لم يُنزل المجامع منسوخ بما دلَّ عليه حديث أبي هريرة عند المصنف: "إذا جَلَس بين شُعبها الأربع وجَهَدَها، وجب الغسل" يقال: جَهَد وأجهد أي: بلغ المشقة، قيل: معناه كدَّها بحركته، أو بلغ جهده في العمل بها. وفي رواية أبي داود وألزَقَ الخِتان بالختان" بدل قوله:"ثم جهدها" وهذا يدل على أن الجهد هنا كناية عن معالجة الايلاج.

قال النووي: معنى الحديث أن إيجاب الغسل لا يتوقف على الإنزال. وتعُقِّب بأنه يُحتمل أن يراد بالجهد الإنزال لأنه هو الغاية في الأمر، فلا يكون فيه دليل. والجواب أن التصريح بعدم التوقف على الانزال قد ورد في بعض طرق الحديث المذكور، فانتفى الاحتمال. ففي رواية مسلم عن الحسن في آخر هذا الحديث:"وإن لم يُنْزل"، وفي رواية قَتادة أيضًا عن أبي خيثمة في "تاريخه":"أنزل أو لم يُنزل"، وكذا رواه الدّارقطني وصححه، وأبو داود الطَّيالسي. وبحديث عائشة أيضًا عند البيهقي:"إذا التقى الختان فقد وجب الغسل"، ورواه ابن ماجه عن عائشة، ورواه مسلم عنها بلفظ:"ومسَّ الختان الختان".

والمراد بالمس والالتقاء المحاذاة، ويدل عليه رواية الترمذي بلفظ:"إذا جاوز"، وليس المراد بالمس حقيقته لأنه لا يُتصور عند غيبة الحشفة، لأن ختانها في أعلى الفرج فوق مخرج البول الذي هو فوق مدخل الذكر، ولا يمسُّه الذكر في الجماع، فالمراد تغييب حشفة الذكر، ولو حصل المسُّ قبل الإِيلاج لم يجب الغسل بالاجماع.

ص: 457

ومن الدليل على النسخ صريحًا ما أخرجه أحمد وغيره عن الزُّهري عن سهل بن سعد، قال: حدثني أُبي بن كعب أن الفُتيا التي كانوا يقولون: "الماء من الماء". رخصة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص بها في أول الإِسلام، ثم أمر بالاغتسال بعد. صححه ابن خُزيمة وابن حِبّان، وقال الإسماعيلي هو صحيح على شرط البخاري، إلا أنهم اختلفوا في كون الزُّهري سمعه من سعد، نعم، أخرجه أبو داود، وابن خُزيمة أيضًا من طريق أبي حازم عن سهل، وهو حديث صريح في النسخ، على أن حديث:"الغسل وإن لم ينزل" أرجح من حديث: "الماء من الماء"، لأنه بالمنطوق، وترك الغسل من حديث "الماء من الماء" بالمفهوم أو بالمنطوق أيضًا، لكن ذاك أصرح منه.

وحديث: "إنما الماء من الماء" أخرجه مسلم مطولًا عن أبي سعيد الخُدري، وفيه قصة عُتبان بن مالك، واقتصر البخاري على القصة دون قوله:"الماء من الماء". ورواه أبو داود، وابن خُزيمة، وابن حِبّان، والنسائي، وابن ماجه، وغيرهم.

وروى ابن أبي شَيْبة وغيره عن ابن عباس أنه حمل حديث: "الماء من الماء" على صورة مخصوصة، وهي ما يقع في المنام من رؤبة الجماع، وهو تأويل يجمع بين الحديثين من غير تعارض.

وفي قوله: "الماء من الماء" جناس تام، والمراد بالماء الأول ماء الغسل، وبالثاني المني.

وذكر الشافعي أن كلام العرب يقتضي أن الجنابة تُطلق بالحقيقة على الجماع، وإن لم يكن معه إنزال، فإن كل من خوطب بأن فلانًا أجنب من فلانة، علم بأنه أصابها وإن لم ينزل. قال: ولم يُخْتَلَف أن الزنى الذي يجب به الجلد هو الجماع ولو لم يكن معه إنزال.

وقال ابن العربي: إيجاب الغسل بالايلاج بالنسبة إلى الإنزال، تطير

ص: 458