الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بعض لعابها إلى بعض أجزاء المسجد. وتُعُقَّب بأن طهارة المسجد متيقَّنه، وما ذكر مشكوك فيه، واليقين لا يرتفع بالشك، وبأن دلالته لا تُعارض دلالة منطوق الحديث الوارد في الأمر بالغسل من ولوغه.
قلت: التعقب المذكور متَعَقَّب، لأن حصول لعاب الكلاب وغيرها من بول أو شعر بدوام دخولها المسجد غالب أو متحقق لا مشكوك، ولذلك قال ابن عُمر:"فلم يكونوا يرشون شيئًا من ذلك". فما قال هذا القول إلا لتحقق الحصول.
وقوله: إن دلالته لا تُعارض دلالة منطوق الحديث. يقال فيه: إن الحديث ليس في منطوقه دلالة على الوجوب ولا على أن الغسل للتنجيس، ولأجل هذا أتى البخاري به مع الأحاديث الدالة على طهارة سؤر الكلاب، بل وعلى إباحة أكلها.
واستدل الحنفية بهذا على الحديث على طهارة الأرض إذا أصباتها نجاسة وجفت بالشمس أو الهواء وذهب أثرها، وعليه بوب أبو داود في "سننه" حيث قال: باب طهور الأرض إذا يبست. ووجه الدلالة منه هو أن قوله: "لم يكونوا يرشون" يدل على نفي صب الماء من باب الأولى، فلولا أن الجفاف يفيد تطهير الأرض ما تركوا ذلك. قال في "الفتح" ولا يَخفْى ما فيه.
رجاله ستة:
الأول: أحمد بن شَبيب بن سعيد الحَبَطي -بالتحريك- أبو عبد الله البَصْري.
روى عن: أبيه، ويَزيد بن زُريع، وعبد الله بن رجاء المكّي، وغيرهم.
وروى عنه: أبو زُرعة، وأبو حاتم، وأبو داود، والنسائي بواسطة: أبي الحسن الميمؤني، وروى عنه البخاري أحاديث، بعضها قال فيه: حدثنا، وبعضها قال فيه: قال أحمد بن شَبيب.
ووثقه أبو حاتم الرّازي. وقال ابن عدي: وثقه أهل العراق، وكتب عنه
علي بن المديني. وقال أبو الفَتْح الأزْدي: منكر الحديث غير مَرضي. ولا بيرة بقول الأزدي لأنه ضعيف، فكيف يُعتمد في تضعيف الثقات.
الثاني: أبوه شَبيب بن سعيد بن سعيد التميمي الحَبَطي أبو سعيد البَصْري.
روى عن أبان بن أبي عيّاش، ورَوْحْ بن القاسم، ويونُس بن يزيد الأيْلي.
وروى عنه: ابن وَهْب، ويحيى بن أيوب وابنه أحمد، وزَيْد بن بِشْر الحَضْرَمي.
قال ابن المَديني: ثقة، كان يختلف في تجارة إلى مصر، وكتابه كتاب صحيح. وقال أبو زُرعة: لا بأس به. وقال أبو حاتم: كان عنده كتب يُونس بن يزيد، وهو صالح الحديث، لا بأس به. وقال النَّسائي: ليس به بأس، وقال ابن عَديّ: ولشبيب نسخة عنده عن يونُس عن الزُّهري، أحاديث مستقيمة وذكره ابن حِبّان في "الثقات". وقال الدَّارقُطني: ثقة. وحدث عنه ابن وَهْب بأحاديث مناكير. ونقل ابن خَلْفون توثيقه عن الذُّهلي. وقال ابن عَدي في "الكامل": لعل شبيبًا لما قدم مصر في تجاراته، كتب عنه ابن وَهْب من حفظه، فغلط ووهِم، وأرجو أن لا يتعمد الكذب، وإذا حدث عنه ابنه أحمد فكانه شبيب آخر يجود، وقال الطّبراني في "الأوسط" ثقة.
مات بالبصرة سنة ست وثمانين ومئة.
والحَبَطي في نسبهما نسبة إلى حَبط كَكَتِفَ ويحرك، وهو الحارث بن عمرو بن تَميم، وبنوه الحبطات، والنسبةَ إليهم حَبَطي. قيل: سُمي بذلك، أي: لقب لأنه كان في سفر، فأصابه مثل الحبط الذي يُصيب الماشية. وقيل: إنه أكل طعامًا، فأصابه من هَيضته. وقيل: أكل صمغًا فحَبِط منه.
ومرّ تعريف يونُس بن يزيد الأيْلي، وابن شهاب الزهري في الحديث الثالث من بدء الوحي، ومر تعريف عبد الله بن عمر في أول كتاب الإيمان قبل ذكر حديث منه.