الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثاني عشر
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كُنَّ يَخْرُجْنَ بِاللَّيْلِ إِذَا تَبَرَّزْنَ إِلَى الْمَنَاصِعِ وَهُوَ صَعِيدٌ أَفْيَحُ، فَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم احْجُبْ نِسَاءَكَ. فَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ، فَخَرَجَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ زَوْجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي عِشَاءً، وَكَانَتِ امْرَأَةً طَوِيلَةً، فَنَادَاهَا عُمَرُ أَلَا قَدْ عَرَفْنَاكِ يَا سَوْدَةُ. حِرْصًا عَلَى أَنْ يَنْزِلَ الْحِجَابُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ الْحِجَابِ.
قوله: "إذا تَبَرَّزْنَ" أي: خرجن إلى البراز للبول أو الغائط.
وقوله: "إلى المناصِع" بالنون وكسر الصاد المهملة بعدها عين مهملة، جمع مَنْصَع بوزن مَقْعَد، وهي أماكن معروفة من ناحية البقيع. قال الداووديُّ: سميت بذلك لأن الإنسان يَنْصَع فيها، أي: يخلُصُ.
وقوله: "وهو صعيدُ أفيح" بالحاء المهملة، أي: المتسع. والظاهر أن التفسير مقول عائشة.
وقوله: "احجب نساءك" أي: امنعهن من الخروج من بيوتهن، بدليل أن عمر بعد نزول آية الحجاب قال لسودة ما قال كما سيأتي قريبًا، ويُحتمل أن يكون أراد أولًا الأمر بستر وجوههن، فلما وقع الأمر بوفق ما أراد أحب أيضًا أن يَحْجُبَ أشخاصهُنَّ مبالغة في التستر، فلم يُجَبْ لأجل الضرورة، وهذا أظهر الاحتمالين، وعلى هذا فقد كان لهنَّ في التستر عند قضاء الحاجة حالات أوَّلها بالظلمة، لأنهن كن يخرجن بالليل دون النهار كما قالت عائشة في هذا
الحديث: "كنَّ يخرجنَ بالليل" وسيأتي في حديث عائشة في الإفك: "فخرجتُ مع أم مِسْطح قِبَلَ المناصِع، وهو مُتَبرَّزُنا، وكنّا لا نخرجُ إلا ليلًا إلى ليل".
ثم نزل الحجاب، فتَستَّرنَ بالثياب، لكن كانت أشخاصهن ربما تتميز، ولهذا قال عمر لسَوْدَة في المرة الثانية بعد بزول الحجاب: أما والله ما تَخْفَيْنَ علينا، ثم اتُّخذت الكنف في البيوت، فتستَّرن بهن كما في حديث عائشة في قصة الإفك أيضًا، فإنه فيها:"وذلك قبلَ أن تُتَّخَذَ الكنُفُ" وكانت قصة الإفك قبل نزول آية الحجاب كما سيأتي.
وقوله: "ألا قد عرفناك" بفتح الهمزة وتخفيف اللام حرف استفتاح، ينبه به على تحقيق ما بعده.
وقوله: "حرصًا" مفعول لأجله معمول لقوله: "فناداها".
وقوله: "على أن يُنَزَّل الحجاب" بضم المثناة مبنيًّا للمفعول، وفي نسخة بفتح المثناة مبنيًا للفاعل، وأن مصدرية، وسقط لفظ "على" للأصيلي.
وقوله: "فأنزل الله الحجاب"، ولغير الأصيلي:"فأنزل الله تعالى آية الحجاب"، أي: حكم الحجاب، وللمستملي:"فأنزل الله آية الحجاب"، وزاد أبو عَوانة في "صحيحه" من طريق التَّرمذي عن ابن شِهاب: "فأنزل الله تعالى آية الحجاب .. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ
…
الآية} [الأحزاب: 53] "، ففسر المراد من آية الحجاب صريحًا.
وسيأتي في تفسير سورة الأحزاب أن سبب نزولها قصة زينب بنت جَحْش لما أو لم عليها، وتأخر الثلاثة النفر في البيت، واستحيا النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أن يأمرهم بالخروج، فنزلت آية الحجاب.
وسيأتي أيضًا حديث عمر: "قلت: يا رسول الله: إن نساءك يدخُلُ عليهنَّ البَرُّ والفاجِر فلو أمرتهُنَّ أن يحتَجِبْن، فنزلت آية الحجاب".
وروى ابن جرير في "تفسيره" عن مجاهد قال: بينما النبي صلى الله تعالى