الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سعد: كان ثقة كثير الحديث. وذكره ابن حِبّان في "الثقات".
روى عن: ابن عبّاس، وابن عمر، وابن الزُّبير، وأبي لُبابة بن عبد المنذر، والحسين بن علي بن أبي طالب، وأبيه، أبي يزيد، وغيرهم.
وروى عنه: ابنه محمد، وابن المُنْكَدِر وهو أكبر، وابن جُرَيْج، ووَرْقاء بن عُمر، وحِمّاد بن زَيْد، وسفيان بن عُيَيْنة، وغيرهم.
مات سنة ست وعشرين ومئتين عن ست وسبعين سنة.
وليس في الكتب الستة عُبيد الله بن أبي يزيد غيره، وفي النسائي عُبيد الله بن يزيد الطائفي، روى عن ابن عبّاس أيضًا، وفي رواية الكُشْميهني: عبيد الله بن أبي زائدة، وهو غلط، ولم يُعرف اسم أبي يزيد.
لطائف إسناده:
منها أن فيه التحديث والعنعنة، ورواته ما بين بغدادي وكوفي ومكي، وهو على شرط الستة خلا شيخ البخاري، فإنه من رجاله ورجال الترمذي فقط.
وهذا الحديث من الأحاديث التي صرّح ابن عبّاس فيها بالسماع من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه البخاري هنا، ومسلم في فضائل ابن عبّاس، والنّسائي في المناقب عن أبي بكر بن أبي النَّضْر
باب لا تُسْتَقْبَل القِبلةُ ببولٍ ولا غائط إلا عند البناء جدارٍ أو نحوه.
بضم المثناة الفوقية على البناء للمفعول وبرفع القبلة، وفي غيرها بفتح الياء التحتانية على البناء للفاعل، ونصب القبلة، ولام تستقبل مضمومة على أن لا نافية، ويجوز كسرها على أنها ناهية.
وقوله: "إلا عند البناء جدار أو نحوه" في رواية الكُشْمِيهني: "أو غيره" بدل: "أو نحوه" أي: كالأحجار الكبار والسواري الخشب وغيرها من السواتر.
قال الإسماعيلي: ليس في حديث الباب دِلالة على الاستثناء المذكور، وأجيب بثلاثة أجوبة:
أحدها: أنه تمسك بحقيقة الغائط، لأنه المكان المطمئن من الأرض في الفضاء، وهذه حقيقته اللغوية، وإن كان قد صار يُطلق على كل مكان أعدَّ لذلك مجازًا، فيختصُّ النهي به إذ الأصل في الإِطلاق الحقيقة، وهذا الجواب للإسماعيلي، وهو أقواها. وإذا أريد لفظ الغائط في الحديث لم تحصل دلالة الحديث على الاستثناء المذكور، اللهم إلا أن يُراد أن البخاري تمسك بحقيقة الغائط في الحديث، واستثنى البناء لانتفائه في الفضاء، فيمكن حينئذ.
قلت: كيف يصح أن يُراد بالغائط هنا المكان المطمئن، مع مصاحبته للبول، والنهي عن الاستقبال به، فهذا بعيد جدًّا.
ثانيها: أن استقبال القبلة إنما يتحقق في الفضاء، وأما الجدار والأبنية فإنها إذا استقبلت أضيف إليها الاستقبال عُرفًا، ويتقوى بأن الأمكنة المعدة ليست صالحة لأن يُصَلّى فيها، فلا يكون فيها قبلة بحال، وتُعُقِّب بأنه يلزم منه أن لا تصح صلاة مَنْ بينَه وبين الكعبة مكان لا يصلُحُ للصلاة وهو باطل.
ثالثها: الاستثناء مستفاد من حديث ابن عُمر المذكور في الباب الذي بعد، لأن حديث النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كله كأنه شيء واحد، كما أن القرآن كله كالآية الواحدة قاله ابن بطّال، وارتضاه ابن التّين، لكن مقتضاه أن لا يبقى لتفصيل التراجم معنى. وقيل: إن الحديث عنده عامٌّ مخصوص، فيتجه الاستثناء.
فإن قيل: لم حملتم الغائط على حقيقته ولم تحملوه على ما هو أعم من ذلك ليتناول الفضاء والبنيان، لاسيَّما والصحابي راوي الحديث قد حمله على العموم فيهما. لأنه قال كما سيأتي عند المصنف في باب قبلة أهل المدينة في أوائل الصلاة:"فقدمنا الشام، فوجدنا مراحيضَ بُنِيَت قِبَلَ القبلة، فننحرف ونستغفر"؟
فالجواب: إن أبا أيوب أعمل لفظ الغائط في حقيقته ومجازه، وكأنه لم يبلغه حديث التخصيص، ولولا أن حديث ابن عُمر دل على تخصيص ذلك بالأبنية لقلنا بالتعميم، لكن العمل بالدليلين أولى من إلغاء أحدهما، وقد جاء عن جابر فيما رواه أحمد وأبو داود وابن خُزيمة وغيرهم تأييد ذلك، ولفظ أحمد:"كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ينهانا أن نستدبِرَ القبلة أو نستقبِلَها بفروجنا إذ هَرَقنا الماء. قال: ثم رأيته قبل موته بعام يبول مستقبل القبلة".
والحق أنه ليس بناسخ لحديث النهي، خلافًا لمن زعمه، بل هو محمول على أنه رآه في بناء ونحوه، لأن ذلك هو المعهود من حاله صلى الله تعالى عليه وسلم، لمبالغته في التستر، ورؤية ابن عمر له كانت عن غير قصد كما سيأتي، فكذا رواية جابر.
ودعوى خصوصية ذلك بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم لا دليل عليها، إذ الخصائص لا تثبُتُ بالاحتمال.