الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال القرافي: ما ذهب إليه مالك أرجح، لأنه احتاط للصلاة، وهي مقصد، وألغى الشك في السبب المبرىء، وغيره احتاط للطهارة وهي وسيلة، وألغى الشك في الحدث الناقض لها، والاحتياط للمقاصد أولى من الاحتياط للوسائل.
قال في "الفتح": وجوابه أن ذلك من حيث النظر قويٌّ، لكنه مغاير لمدلول الحديث؛ لأنه أمر بعدم الانصراف إلى أن يتحقق.
قلت: يُجاب عنه بما مرَّ من أنه مشهور مذهب مالك من التفصيل بين الشك العارض في الصلاة والشك في غيرها، فيُخَصُّ عنده النقض بالشك في الحدث في غير الصلاة لما مرَّ من الحديث، وقد قال ابن حجر نفسه في "تلخيص الحبير": حديث أبي داود حجة لمالك كما مرَّ، وعند المالكية لو تيقن الحدث والطهر، وشك في السابق منهما، انتقض طهره. وفيه تفصيل عند الشافعية.
وقال الخطابي: يستدل بالحديث لمن أوجب الحد على مَنْ وُجِدَ منه ريح الخمر، لأنه اعتبر وجدان الريح ورتب عليه الحكم، ويكمن الفرق بأن الحدود تدرأ بالشبهات، والشبهة هنا قائمة، بخلاف الأول، فإنه متحقق، واستدل به بعضهم على أن لمس الدُّبر لاينقُضُ الوضوء، ورُدَّ بأن الصورة تحمل على لمس ما قاربه لا عينه.
رجاله ستة:
الأول: علي بن عبد الله المعروف بابن المدينيّ، وقد مرّ تعريفه في الحديث الرابع عشر من كتاب العلم.
الثاني: سفيان بن عُيينة مرَّ في الحديث الأول من بَدْء الوحي.
ومرَّ تعريف الزُّهري في الحديث الثالث منه أيضًا.
ومرَّ تعريف سعيد بن المسيِّب في الحديث التاسع عشر من كتاب الإيمان.
الخامس: عَبّاد -بفتح العين المهملة، وتشديد الباء- ابن تميم بن زيد بن
عاصم الأنصاري المدني.
روى عن: عمه عبد الله بن زيد، وجدته أم عمارة، وأبي قتادة الأنصاريّ، وأبي سعيد الخُدْرِيّ، وعُوَيْمر بن أشقر.
وروى عنه: عمر بن يحيى بن عُمارة، وأبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وابناه محمد وعبد الله، والزُّهري، وخلق.
قال محمد بن إسحاق، والنسائي: ثقة. وذكره ابن حِبّان في "الثقات"، وقال العِجْلي: مدنيٌّ تابعيٌّ ثقة، رُوي عن موسى بن عقبة أنه قال -يعني عباد بن تميم-: أعي يوم الخندق وأنا ابن خمس سنين. وقال ابن الأثير وغيره: إنه تابعيٌّ لا صحابي، وهذا هو المشهور.
وعبّاد يشتبه بعُباد -بالضم-، وهو والد قيس وغيره. وبعِباذ -بكسر العين وتخفيف الباء- وبعِياذ -بكسر العين، وتخفيف الياء. آخر الحروف، والذال المعجمة- وبعنِاد -بكسر العين وتخفيف النون وبالدال المهملة.
والأنصاري في نسبه مرَّ في الأول من بدء الوحي.
السادس: عم عباد المذكور، وهو عبد الله بن زَيْد بن عاصم بن كَعب بن عَمرو بن عَوْف بن مبذول بن عمرو بن غُنْم بن مازن الأنصاري المازِني من بني مازن بن النجار، يُعرف بابن أم عمارة، أمه أم عُمارة واسمها نسيبة بنت كعب بن عمرو بن عوف، وهي أم أخويه حبيب وتميم ابنا زيد.
شهد عبد الله بن زيد هذا أحدًا ولم يشهد بدرًا، وهو الذي قتل مُسيلمة الكذّاب أوشارك وحشيَّ بن حرب في قتله، وكان مُسليمة قد قتل أخاه حبيب بن زيد وقطَّعه عضوًا عضوًا، رماه وحشيُّ بالحربة، وضربه عبد الله بن زيد بالسيف.
وروى عبّاد بن تميم: لما كان يوم الحَرِّة أتى آتٍ إلى عبد الله بن زيد هذا. فقال له: إن ابن حنظلة يبايع الناس على الموت، فقال: لا أبايع أحدًا على الموت بعد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم.