الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على ترك التطوع بين الصلاتين بالمزدلفة، لأنهم اتفقوا على أن السُنّة الجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة، ومن تنفَّلَ بينهما لم يصحِّ أنه جمع بينهما. ويعكر على نقل الاتفاق ما في البخاري في الحج، من أن ابن مسعود صلّى ركعتين بعد المغرب، ودعا بعشائه، وتعشّى.
قلت: يمكن أن يُجاب عنه بأن الاتفاق انعقد بعد فعل ابن مسعود، فلا اعتراض.
رجاله خمسة:
الأول: عبد الله بن مَسْلمة القَعْنَبِيّ، مرَّ في الحديث الثاني عشر من كتاب الإيمان.
ومرَّ تعريف الإِمام مالك في الحديث الثاني من بدء الوحي.
ومرَّ تعريف كُرَيْب في الحديث الذي قبل هذا.
والثالث: موسى بن عُقبة بن أبي عَيّاش التّبان الأسديّ مولى آل الزبير، ويقال: مولى أم خالد بنت سعيد بن العاص زوج الزُّبير.
أدرك ابن عمر وغيره، روى ابن أبي خيثمة عنه أنه قال: لم أُدرك أحدًا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أم خالد. وقال مخلد بن الحُسين: إنه سمعه يقول -وقد قيل له: أرأيت أحدًا من الصحابة؟ -: حججت وابن عمر بمكة عام حج نَجْدة الحروري، ورأيت سهل بن سعد متخطِّيًا علي، فتوكّأ على المنبر، فسارَّ الإِمام بشيء.
ذكره ابن حِبّان في "الثقات". قال ابن سعد: كان ثقة ثبتًا كثير الحديث. وقال في موضع آخر: كان ثقة قليل الحديث.
وكان مالك يقول: عليكم بمغازي موسى بن عُقَبة فإنه ثقة. وفي رواية أخرى عنه: عليكم بمغازي موسى بن عُقْبة فإنها أصح المغازي. وفي رواية عنه: فإنه رجل ثقة، طلبها على كِبر السنن، ولم يُكْثِر كما كثَّر غيره. وفي رواية: مَنْ كان في رواية موسى بن عُقبة قد شهد بدرًا فقد شهدها، ومَنْ لم يكن فيه
لم يشهدها. وقال محمد بن طلحة بن الطويل: لم يكن بالمدينة أعلم بالمغازي منه. قال: وكان شُرحبيل أبو سعد عالمًا بالمغازي، فاتهموه أنه يُدخل فيهم مَنْ لم يشهد بدرًا، وفي من قُتل يوم أُحد مَنْ لم يكن فيهم، وكان قد احتاج، فسقط عند الناس، فسمع بذلك موسى بن عُقبة، فقال: وإن الناس قد اجترؤوا على هذا؟ فدب على كِبر السنن، وقيد مَنْ شهد بدرًا وأُحُدًا، ومَن هاجر إلى الحبشة والمدينة، وكتب ذلك ووثقه أحمد بن حنبل، وابن مَعين، والعِجْلي، والنّسائي.
وقال إبراهيم بن الجُنَيْد عن ابن مَعين: ليس موسى بن عُقبة في نافع مثل مالك وعبيد الله بن عمر. وقال الواقدي: كان لإبراهيم وموسى ومحمد بني عُقبة حلقة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا كلهم فقهاء ومحدثين، وكان موسى يُفتي. وقال مصعب الزُّبَيْري: كان لهم هيئة وعلم. وقال الدُّوري عن ابن مَعين: أقدمهم محمد، ثم إبراهيم، ثم موسى، وكان موسى أكثرهم حديثًا. وقال أبو حاتم: ثقة صالح.
قال القطان: مات قبل أن أدخل المدينة بسنة، سنة إحدى وأربعين ومئة، فتليين ابن مَعين له إنما هو بالنسبة إلى رواية مالك وغيره، لا فيما تفرَّد به. ولذلك قال ابن مَعين: كتاب موسى بن عُقبة عن الزُّهري من أصح الكتب.
روى عن أم خالد المذكورة، وجده لأن أبي حَبيبة مولى الزُّبير، وحمزة وسالم بني عبد الله بن عُمر، وسالم أبي الغَيْث، والأَعْرج، ونافع بن جُبَيْر بن مُطْعِم، ونافع مولى ابن عمر، وكُرَيْب، وعِكْرمة بن الزبير، وخلق.
وروى عنه ابن أخيه إسماعيل بن إبراهيم، وبُكَيْر بن الأشج وهو من أقرانه، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ومالك بن أنس، والسفيانان، وابن المبارك، ومحمد بن فُليح، وخلق.
الخامس: أسامة بن زَيْد بن حارِثة بن شراحيل بن عبد العُزى بن زيد بن امرىء القيس بن عامر بن النُّعمان بن عامر بن عبد ودِّ بن عَوْف بن كنانة بن
بكر بن عوف بن عُذرة بن زيد اللات بن رُفَيدة بن ثور بن كلب بن ويرة الكلبيّ الحِبُّ بن الحِبِّ، يكنى أبا محمد، ويقال: أبو زيد. وأمه أم أيمن حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولاته، واسمها بركة.
ولد بالإِسلام، ومات النبي صلى الله عليه وسلم وله عشرون سنة، وقيل: ثماني عشرة سنة. وأمّره على جيش عظيم، فمات النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يتوجه، فأنفذه أبو بكر الصديق، وكان عمر يُجِلُّه ويكرمه، فرض له في العطاء خمسة آلاف، ولابنه عبد الله ألفين. فقال ابن عمر: فضَّلْت عليَّ أسامة وقد شهدتُ ما لم يشهده؟ فقال: إن أسامة كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك، وأباه أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيك.
وروى هشام بن عُروة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخّر الإِفاضة من عرفة من أجل أسامة بن زيد ينتظره، فجاء غلام أسود أفطس، فقال أهل اليمن: إنما حُبِسْنا من أجل هذا، فكان كفر أهل اليمن -أعني: ردتهم- أيام أبي بكر من أجل هذا.
وروي عن ابن عُمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أحب الناس إلي أسامة ما حاشا فاطمة ولا غيرها".
وروى هشام بن عُروة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن أسامة بن زيد لأحب الناس إِلي، أو من أحبِّ الناس إلي، وأنا أرجو أن يكون من صالحيكم، فاستوصوا به خيرًا".
وروي عن عبيد الله بن عبد الله قال: رأيت أسامة بن زيد يصلي عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فدُعي مروان إِلى جنازة ليصلي عليها، فصلّى عليها، ثم رجع وأسامة يصلي عند باب بيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له مروان: إِنما أردت أن يُرى مكانك، فقد رأينا مكانك، فعل الله بك وفعل قولًا قبيحًا، ثم أدبر. فانصرف أسامة وقال: يا مووان: إِنك آذيتني، وإنك رجل فاحش متفحِّش؛ وإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ الله