الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القيراطين بمن اتّخذها بالمدينة الشريفة خاصة، والقيراط بما عداها. وقيل: يلتحق بالمدينة في ذلك سائر المدن والقرى، ويختص القيراط بأهل البوادي، وهل يلتفت إلى معنى كثرة التأذي وقلته. وكذا من قال: يحتمل أن يكون في نوعين من الكلاب، ففيما لابسه آدمي قيراطان، وفيما دونه قيراط. وجوَّز ابن عبد البر أن يكون القيراط الذي ينقُص أجر إحسانه إليه، لأنه من جملة ذوات الأكباد الرطبة، ولا يَخْفى بُعده.
واختُلف في القيراطين المذكورين هنا، هل هما كالقيراطين المذكورين في الصلاة على الجنازة واتِّباعها، فقيل بالتسوية، وقيل: اللذان في الجنازة من باب الفضل، واللذان هنا من باب العقوبة، وباب الفضل أوسع من غيره.
وفي حديث اقتناء الكلب الحث على تكثير الأعمال الصالحة، والتحذير من العمل بما يُنْقِصها، والتنبيه على أسباب الزيادة فيها والنقص منها لتُجتنب أو ترتكب، وبيان لطف الله تعالى بخلقه في إباحة ما لهم به نفع، وتبليغ نبيهم صلى الله عليه وسلم لهم أمور معاشهم ومعادهم، وفيه ترجيح المصلحة الراجحة على المفسدة لوقوع استثناء ما يُنتفع به مما حرم اتخاذه.
رجاله خمسة:
الأول: حَفْص بن عمر مرَّ في الحديث الثالث والثلاثين من كتاب الوضوء هذا.
الثاني: شُعبة بن الحجاج وقد مر أيضًا في الحديث الثالث من كتاب الإيمان، وكذلك عبد الله بن أبي السَّفَر وعامر الشَّعبي.
والخامس: عديّ بن حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحَشْرج بن امرىء القيس بن عدي الطائي الجواد بن الجواد المشهور أبو طَريف.
أسلم في سنة تسع، وقيل: عشر. وكان نصرانيًّا قبل ذلك، وثبت على إسلامه في الردة، وأحضر صدقة قومه إلى أبي بكر، وشهد فتح العراق، ثم سكن الكوفة، وشهد صفين مع علي.
روى الترمذي من حديثه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد، فقال الناس: هذا عدي بن حاتم. قال: وجئت بغير أمان ولا كتاب، وكان قال قبل ذلك:"إني لأرجو الله أن يجعَلَ يده في يدي"، فقام، فأخذ بيدي، فلقيته امرأة وصبي معها، فقالا: إن لنا إليك حاجة، فقام معهما حتى قضى حاجتهما، ثم أخذ بيدي حتى أتى إلى داره، فألقت إليه الوليدة الوسادة، فجلس عليها وجلست بين يديه، فقال:"هل تعلم من إله سوى الله؟ " قلت: لا. ثم قال: "هل تعلم شيئًا أكبر من الله؟ " قلت: لا. قال: "فإن اليهود مغضوبٌ عليهم، وإن النصارى ضالّون".
وروى أحمد من حديثه قال: لما بُعث النبي صلى الله عليه وسلم كرهته كراهيةً شديدة، فانطلقت حتى كنت في أقصى الأرض مما يلي الروم، فكرهت مكاني أشد من كراهته، فقلت: فلو أتيته، فإن كان كاذبًا لم يَخْفَ عليَّ، وإن كان صادقًا اتَّبعته، فأقبلت، فلما قدمت المدينة استشرفني الناس، فقالوا: عدي بن حاتم، فأتيته، فقال لي:"يا عدي أسلم تسلم". قلت: إن لي دينًا. فقال: "أنا أعلم بدينك منك، ألست ترأس قومك؟ " قلت: بلى. قال: "ألست تأكل المِرباع؟ " قلت: بلى. قال: "فإن ذلك لا يحلُّ في دينك"، ثم قال:"أسلم تسلم قد أظن أنه إنما يمنعُك غضاضةٌ تراها ممن حولي، وإنك ترى الناس علينا إلبًا واحدًا"، قال:"هل أتيت الحيرة؟ "، قلت: لم آتها، وقد علمت مكانها. قال:"يوشك أن تخرجَ الظّعينةُ منها بغير جوار، حتى تطوف بالبيت، ولتُفتحَن علينا كنوز كسرى بن هُرمز" فقلت: كسرى بن هرمز؟! قال: "نعم. وليفيضَنَّ المال حتى يهم الرجلُ من يقبل صدقَتَه". قال عدي: فرأيت الظعينة، وكنت في أول خيل أغارت على كنوز كسرى، وأحلِف بالله لتجيئنَّ الثالثة.
وقال الشَّعبي عن عدي: أتيت عمر في أناس من قومي، فجعل يفرض للرجل ويُعرض عني، فاستقبلته، فقلت: أتعرفني؟ قال: نعم آمنت إذ كفروا، وعَرَفْت إذ أَنكروا، وأوفيت إذ غدروا، وأقبلت إذ أدبروا. إن أول صدقة بيَّضَت وجوه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة طيّىء.
وروى عنه ابن خليفة أنه قال: ما أقيمت الصلاة منذ أسلمت إلا وأنا على وضوء. وقال: ما دخل وقت الصلاة قطُّ إلا وأنا أشتاق إليها.
وروي عنه أنه قال: ما دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم قطُّ إلا وسَّع لي، أو تحرّك لي، وقد دخلت عليه يومًا في بيته وقد امتلأ من أصحابه، فوسّع لي حتى جلست إلى جنبه.
وأتاه الشاعر سلم بن دُارة القطعاني، فقال له: قد مدحتك يا أبا طريف. فقال له عدي: أمسك عليك يا أخي حتى أخبرك بما بي، فتمدحني على حسبه، لي ألف ضائنة، وألف درهم، وثلاثة أعبد، وفرس هذه حبس في سبيل الله عز وجل، فقل، فقال:
تحِنُّ قَلوصي في معدٍّ وإنما
…
تلاقي الرّبيعَ في ديار بني
وأبغي الليالي من عديِّ بن حاتمٍ
…
حسامًا كلونِ الملح سُلّ من الخلَلِ
أبوك جوادٌ ما يُشقُّ غبارُه
…
وأنتَ جوادٌ لست تُعذر بالعلَلِ
فإن تتقوا شرًّا فمثلكم أتّقي
…
وإن تفعلوا خيرًا فمثلكم فعلي
وسأله رجل يومًا مئة درهم، فقال: تسألني مئة درهم وأنا ابن حاتم، والله لا أعطيك.
روي له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة وستون حديثًا، اتفقا على ثلاثة، وانفرد مسلم بحديثين.
قال أبو حاتم: كان متواضعًا، لما أسنَّ إستأذن قومه في وطاء يجلِسُ عليه في ناديهم، كراهته أن يظُن أحدٌ منهم أنه يفعل ذلك تعاظمًا، فأذنوا له.
روى عن: رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر.
وروى عنه: عَمرو بن حُريثن وتميم بن طَرَفة، وبلال بن المنذر، وسعيد بن جُبير.