الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الرابع والثلاثون
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَحَانَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ، فَالْتَمَسَ النَّاسُ الْوَضُوءَ فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِوَضُوءٍ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ الإِنَاءِ يَدَهُ، وَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَتَوَضَّئُوا مِنْهُ. قَالَ فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ تَحْتِ أَصَابِعِهِ حَتَّى تَوَضَّئُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ.
قوله: "وحانت صلاة العصر" الواو للحال بتقدير قد.
وقوله: "الوَضوء" بفتح الواو، أي: الماء الذي يُتَوَضّأ به.
وقوله: "فلم يجدوا"، وللكُشميهني:"فلم يجدوه" بزيادة الضمير.
وقوله: "فأُتِي" بالضم على البناء للمفعول، وبين المصنف في رواية قتادة في علامات النبوة أن ذلك كان بالزَّوراء، وهو سوق بالمدينة.
وقوله: "بوَضوء" بالفتح، أي: بإناء فيه ماء ليُتَوَضّأ به، وفي رواية ابن المبارك:"فجاء رجل بقدح فيه ماء يَسيرٌ، فصَغُر أن يبسطَ صلى الله عليه وسلم فيه كله، فضم أصابعه" ونحوه في رواية حُميد الآتية في باب الوضوء من المخضب. وروى المهلب أنه كان مقدار وضوء رجل واحد.
وقوله: "يَنبُعُ" بفتح أوله وضم الموحدة، ويجوز كسرها وفتحها.
وقوله: "حتى توضؤوا من عند آخرهم" أي: توضأ الناس ابتداء من أولهم حتى انتهوا إلى آخرهم، والشخص الذي هو آخرهم داخل في هذا الحكم، لأن السياق يقتضي العموم والمبالغة، لأن عندها تُجعل لمطلق الظرفية حتى تكون
بمعنى في، كأنه قال: حتى توضأ الذين هم في آخرهم. وأنس داخل فيهم إذا قلنا: يدخل المخاطِب -بكسر الطاء- في عموم خطابه أمرًا أو نهيًا أو خبرًا، وهو مذهب الجمهور.
وقال النووي: "من" هنا بمعنى إلى، وهي لغة، وإن كانت شاذة، وعليه يمكن أن يقال عند زائدة.
وقد قال ابن بطّال: إن حديث نبع الماء هذا شهده جمع من الصحابة، إلا أنه لم يُرو إلا عن أنس، وذلك لطول عمره، ولطلب الناس علو السند.
وقال القاضي عياص: هذه القصة رواها العدد الكثير من الثقات، عن الجم الغفير، عن الكافة متصلًا، عن جملة من الصحابة، بل لم يُؤثر عن أحد منهم إنكار ذلك، فهو ملتحق بالقطعي من معجزاته، فبين كلاميهما تفاوت كبير.
وأخرج مسلم في أواخر الكتاب في حديث طويل فيه: "إن الماء الذي أحضروه له كان قطرة في إناء من جلد، لو أفرغها لشربها يابس الإِناء، وإنه لم يجد في الركب قطرة ماء غيرها، قال: فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم، فتكلم وغمز بيده. ثم قال: نادِ بجَفْنَة الركب، فجيء بها، فقال بيده في الجفنة، فبسطها، ثم فرق أصابعه، ووضع تلك القطرة في قعر الجفنة، فقال: خذ يا جابر، فصُبَّ عليَّ وقُل بسم الله، ففعلت، قال: فرأيت الماء يفور من بين أصابعه، ثم فارت الجفنة، ودارت حتى امتلأت، فأتى الناس، فاستقوا حتى رووا، فرفع يده من الجفنة وهي ملأى" وهذه القصة أبلغ من جميع الروايات، لاشتمالها على قلة الماء وعلى كثرة من استقى منه.
وفي رواية لقتادة: "قلت لأنس: كم كنتم؟ قال: ثلاث مئة أو زُهاء ثلاث مئة وعند الإسماعيلي "ثلاث مئة" بالجزم بدون زهاء.
وفي الحديث دلالة على أن المواساة مشروعة عند الضرورة لمن كان في مائه فضل عن وضوئه. وفيه أن اغتراف المتوضىء من الماء القليل لا يصيّر الماء