الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يراد من المسؤول التوجه إلى الله تعالى به فيه، وسؤاله هو له من الله تعالى، لا أن المخلوق مسؤول منه أن يعطي ما لا قدرة له عليه، ويكفي في جواز السؤال بهذه الصورة صدورها من الصحابة، وإقرار النبيّ صلى الله تعالى عليه وسلم لهم على ذلك، خلافًا للطائفة الزائفة من الخوارج، القائلة إن هذا السؤال كفر أعاذنا الله تعالى مما ابتلاهم به.
وفي الحديث الحث على حفظ العلم، وفيه أن التقلُّل من الدنيا أمكن لحفظه، وفيه فضيلة التكسب لمن له عيال، وفيه جواز إخبار المرء بما فيه من فضيلة إذا اضطر إلى ذلك وأمن من الإِعجاب.
رجاله خمسة:
الأول أحمد بن أبي بكر، واسم أبي بكر القاسم، وقيل زُرارة بن الحارث بن زُرَارة بن مُصْعَب بن عبد الرحمن بن عوف، أبو مُصْعب الزُّهْريّ العوْفي، قاضي المدينة، وعالمها، وهو أحد من حمل الموطأ عن مالَك، وروى عن الدَّراوَرْدِيّ وابن أبي حازم والمغيرة بن عبد الرحمن، وروى عنه الجماعة لكن النَّسائي روى عنه بواسطة خَيّاط السُّنَّة، وبَقيّ بن مَخْلَد وأبو زُرعة وغيرهم. قال الزبير بن بكّار: مات وهو فقيه المدينة غير مدافع، وقال صاحب الميزان: لا أدري ما معنى قول أبي خَيْثَمَة لابنه: لا تكتب عن أبي مصعب، واكتب عمن شئت، فيحتمل أن يكون مراده دخوله في القضاء أو إكثاره من الفتوى بالرأي.
وقال الحاكم: كان فقيهًا متقشفًا عالمًا بمذاهب أهل المدينة، وذكره ابن حبّان في الثقات، وقال ابن حزم: في موطئه زيادة على مئة حديث، وقدمه الدارقطنيّ في الموطأ على يحيى بن بُكَير. مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين، عن اثنتين وتسعين سنة، ولم يرو له مسلم إلا حديث أبي هريرة "السفر قطعة من العذاب". والزهرِيّ في نسبه نسبة إلى زُهْرَة بن كِلاب أبي بطن من قريش، منه أمنا آمنة الزهرية.
الثاني: محمد بن إبراهيم بن دينار المَدنِيّ، أبو عبد الله الجُهني، ويقال الأنصاريّ. يقال: لقبه صَنْدَل. روى عن ابن أبي ذئب، وسلمة بن
وَرْدان، ويزيد بن أبي عبيد، وابن عَجلان، وروى عنه ابن وهب، ويعقوب بن محمد الزُّهّري ويحيى بن إبراهيم بن أبي قَتِيلة وغيرهم. قال البخاريّ: معروف الحديث. وقال أبو حاتم: كان من فقهاء المدينة نحو مالك، وكان ثقة. وذكره ابن حبّان في الثقات. وقال ابن عبد البرّ: كان مدار الفتوى في آخر زمان مالك على المغيرة بن عبد الرحمن ومحمد بن إبراهيم بن دينار وقال في موضع آخر: كان فقيهًا فاضلًا له بالعلم رواية وغاية. وقال الدارقطني: ثقة توفي سنة اثنتين وثمانين ومئة. والجهني في نسبه مرَّ في التاسع عشر من العلم.
الثالث: محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذِيب بكسر الذال المعجمة، القُرشيّ، العامريّ المدنيّ، الثقة، كبير الشأن، يكنى أبا الحارث، روى عن أخيه المغيرة، وخاله الحارث بن عبد الرحمن، وعبد الله بن السائب، وعكرمة مولى ابن عباس، ونافع مولى ابن عمر، والزُّهريّ، وسعيد المَقْبَرِيّ، وخلق. وروى عنه الثّوْرِيّ ومعمر، وهما من أقرانه، وسعد بن إبراهيم والوليد بن مسلم، وعبد الله بن نمير، وابن المبارك وغيرهم.
قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: كان ابن أبي ذِيب يشبَّه بسعيد بن المَسيّب. قيل لأحمد: خلف مثله ببلاده. قال: لا ولا بغيرها. وقال أحمد: ابن أبي ذيب كان يعد صدوقًا أفضل من مالك إلا أن مالكًا أشد تنقية للرجال منه كان ابن أبصب ذيب لا يبالي عمن يحدث عنه، وقال: كان رجلًا صالحًا، يأمر بالمعروف وقيل لأحمد: من أعلم، مالك أو ابن أبي ذيب؟ قال: ابن أبي ذيب أصلح في بدنه، وأورع، وأقوم بالحق من مالك عند السلاطين وقد دخل ابن أبي ذيب على أبي جعفر فلم يهبه أنْ قال له الحق، قال: الظلم فاشٍ ببابك. وأبو جعفر أبو جعفر. قيل له: ما تقول في حديثه. قال: كان ثقة صدوقًا رجلًا صالحًا ورعًا.
وقال الشافعي: ما فاتني أحد فاسفت عليه ما أسفتُ على اللَّيْث وابن
أبي ذيب وقال النّسائيّ: ثقة، وقال ابن مَعين: ابن أبي ذيب ثقة، وكل من روى عنه ثقة إلا أبا جابر البَيّاخي، وكل من روى عنه مالك ثقة، إلا عبد الكريم أبا أميّة. وقال يعقوب بن شَيْبة: ابن أبي ذيب ثقةٌ صدوق، غير أن روايته عن الزُّهرِيّ خاصةً، تكلم فيها بعضهم بالاضطراب، قال: وسمعت أحمد ويحيى يتناظران في ابن أبي ذيب، وعبد الله بن جعفر المخرميّ، فقدم أحمد المخرميَّ على ابن أبي ذيب، فقال يحيى: المخرميُّ شيخٌ وأَيْش روى من الحديث؟ وأطرى ابن أبي ذيب، وقدمه تقديمًا كثيراً. قال: فقلت لعلي بعد، أيهما أحب إليك؟ قال: ابن أبي ذيب. قال: وسألت عليًا عن سماعه من الزهْريّ، فقال: عرضٌ، قلت: وإن كان عرضًا كيف هو؟ قال: مقارب.
وقال الواقديّ: كان ابن أبي ذيب أورع الناس، وأفضلهم وكانوا يرمونه بالقدر، وما كان قدريًا، لقد كان يتقي قولهم. ويعيبه، ولكنه كان رجلًا كريمًا يجلس إليه كل أحد، وكان يصلي الليل أجمع، ويجتهد في العبادة. وأخبرني أخوه أنه كان يصوم يومًا ويفطر يومًا، وكان شديد الحال، وكان من أشد الناس صرامة وقولًا بالحق، وكان يحفظ حديثه، لم يكن له كتاب، وقال أحمد بن عليّ الأبَّار: سألتُ مصعب بن الزبير عن ابن أبي ذيب، وقلت له: حدثوني عن أبي عاصم أنه كان قدريًا، فقال: معاذ الله إنما كان في زمن المهديّ، قد أخذوا أهل القدر، فجاء قوم فجلسوا إليه فاعتصموا به، فقال قوم: إنما جلسوا إليه لأنه يرى القدر. ودخل ابن أبي ذيب على عبد الصمد بن عليّ، فكلمه في شيء فقال له: إني لأحسبك مُرائيًا، فأخذ عودًا من الأرض وقال: من أرائي؟ فوالله للناسُ عندي أهون من هذا، قال: وكان ابن أبي ذيب يفتي بالمدينة، وكان عالمًا ثقة فقيهًا ورعًا عابدًا فاضلًا، وكان يرمى بالقدر
وقال ابن حِبّان في الثقات: كان من فقهاء أهل المدينة وعبّادهم، وكان من أقول أهل زمانه للحق، وعظ المهدي، فقال له: أما إنك أصدق القوم. وكان مع هذا يرى القدر، وكان مالك يهجره من أجله. وقال